السودان: رئيس حكومة «الدعم السريع» قدم برنامجه وسط جدل حول المصداقية

طالب بتصنيف «الإسلاميين» وواجهاتهم حركات إرهابية

محمد الحسن التعايشي رئيس حكومة تحالف «تأسيس» التابعة لـ«قوات الدعم السريع» (متداولة)
محمد الحسن التعايشي رئيس حكومة تحالف «تأسيس» التابعة لـ«قوات الدعم السريع» (متداولة)
TT

السودان: رئيس حكومة «الدعم السريع» قدم برنامجه وسط جدل حول المصداقية

محمد الحسن التعايشي رئيس حكومة تحالف «تأسيس» التابعة لـ«قوات الدعم السريع» (متداولة)
محمد الحسن التعايشي رئيس حكومة تحالف «تأسيس» التابعة لـ«قوات الدعم السريع» (متداولة)

دعا رئيس وزراء «حكومة السلام والوحدة» الموالية لـ«قوات الدعم السريع» في السودان وعضو مجلس السيادة الانتقالي السابق، محمد الحسن التعايشي، إلى تصنيف الحركة الإسلامية وكتائبها وواجهاتها المختلفة بأنها تنظيمات إرهابية، والعمل على تفكيكها بكل الوسائل، مؤكداً التزام حكومته بالتعاون مع المجتمعين الإقليمي والدولي في محاربة الإرهاب.

وجاءت الدعوة في خطاب مطول ألقاه بمدينة نيالا في جنوب دارفور، مساء السبت، قدّمه بصفته «الخطاب التأسيسي» لحكومته التي أُعلن عن تشكيلها أواخر أغسطس (آب)، تحت قيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي»، ونائبه عبد العزيز الحلو، استناداً إلى ميثاق تحالف «تأسيس» تم توقيعه في نيروبي مطلع العام.

وأكد الخطاب على مرجعيات تقوم على الوحدة الطوعية، والعلمانية، والفيدرالية، وبناء جيش وطني جديد بعقيدة مختلفة، وتحقيق العدالة الانتقالية وعدم الإفلات من العقاب.

وحدد التعايشي أولويات عاجلة تشمل حماية المدنيين، وتوفير الأمن والمساعدات الإنسانية، ومعالجة أوضاع النازحين واللاجئين، وتقديم الخدمات الأساسية، إلى جانب إطلاق خطة للاستثمار في الموارد الاقتصادية، وتمكين الشباب والنساء.

لكن التعايشي شنّ هجوماً عنيفاً على الحكومة السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان، متهماً إياها بالتحالف مع الإسلاميين، وبتحويل السودان إلى «حاضنة للإرهاب».

انقسام عميق

أعضاء المجلس الرئاسي لحكومة «تأسيس» يؤدون اليمين الدستورية في 30 أغسطس 2025 (المجلس الرئاسي لـ«تأسيس»)

ويرى مراقبون أن الخطاب يعكس تعمق الانقسام في البلاد، ما يكرّس واقع «حكومتين»، ويزيد من تعقيد مسارات التسوية ويهدد وحدة البلاد. وعلى الصعيد الخارجي، يُرجح أن يثير الإعلان انقساماً في المواقف بين دول قد تضطر للتعامل مع الحكومة الموازية في القضايا الإنسانية أو الأمنية، وأخرى تتمسك بالاعتراف بحكومة البرهان.

قال المحلل السياسي محمد لطيف إن الخطاب قدّم قراءة تاريخية مهمة للأزمة السودانية، لكنه ظل في الإطار النظري. وأوضح أن الحكومة تواجه تحديات كبرى، أبرزها فقدان السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد، وتفاقم الأزمات الأمنية والإنسانية حتى في المناطق الخاضعة لها.

وأضاف أن انتماء الحكومة إلى منظومة عسكرية ارتبطت بانتهاكات واسعة خلال الحرب، وخاصة ممارسات «قوات الدعم السريع» ضد المدنيين، يضعها أمام ضرورة الاعتذار، والبحث عن آليات لتعويض الضحايا، إذا ما أرادت كسب المصداقية، مؤكداً أن وحدة السودانيين لن تتحقق إلا عبر آليات عملية، لا بالشعارات.

تحول جذري

أرشيفية لعناصر من «قوات الدعم السريع» في الفاشر عاصمة شمال دارفور (تلغرام)

في المقابل، اعتبر المحامي والقيادي في تحالف «تأسيس»، حاتم إلياس، أن الخطاب لا يعكس صراعاً تقليدياً بين سلطتين على الشرعية، بل يمثل تحولاً جذرياً في التفكير السياسي السوداني.

وأوضح إلياس أن التعايشي تناول قضايا شائكة عطلت المشهد السياسي لعقود، وفي مقدمتها قضية العلاقة بين الدين والدولة التي حُسمت في ميثاق «تأسيس» وأكدها الخطاب، معتبراً أن ذلك يشكل انقطاعاً واسع المدى عن الموروث السياسي التقليدي، ويفتح المجال أمام استقطاب فاعلين سياسيين جدد.

ورغم الطابع التأسيسي للخطاب وما حمله من وعود بالسلام والعدالة، فإن ارتباط حكومة التعايشي بتحالفات عسكرية، وعلى رأسها «قوات الدعم السريع»، المتهمة بارتكاب انتهاكات واسعة، يثير تساؤلات حول مدى واقعية ومصداقية التعهدات.

ويتفق المحللون على أن اختبار جدية الحكومة يكمن في اتخاذ خطوات عملية مثل وقف الانتهاكات، وضمان وصول المساعدات، والتعاون مع آليات المساءلة الدولية.

وبينما يعتبره البعض بداية لمشروع سياسي جديد، يراه آخرون مجرد خطاب دعائي في صراع سلطوي وعسكري معقد، ويبقى خطاب التعايشي مفتوحاً للنقاش بانتظار الأفعال على الأرض، وما إن كانت حكومته قادرة على الالتزام بتعهداته، وبالحفاظ على وحدة البلاد، فضلاً عن ردود الفعل الداخلية والإقليمية والدولية.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية الأميركي يبحث مع نظيره الفرنسي الحاجة المُلحة لوقف إطلاق النار في السودان

الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (د.ب.أ)

وزير الخارجية الأميركي يبحث مع نظيره الفرنسي الحاجة المُلحة لوقف إطلاق النار في السودان

ذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن الوزير ماركو روبيو أجرى، اليوم (الثلاثاء)، اتصالاً هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو بحثا خلاله العديد من القضايا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا رئيس وزراء السودان كامل إدريس (إ.ب.أ)

رئيس الوزراء السوداني يطرح «مبادرة سلام» أمام مجلس الأمن

قال رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس أمام مجلس الأمن الدولي الليلة الماضية إن السودان يواجه «أزمة وجودية» بسبب الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا جنود تابعون للجيش السوداني في شوارع مدينة القضارف شرق السودان في 14 أغسطس 2025 احتفالاً بالذكرى الحادية والسبعين لتأسيس الجيش (أ.ف.ب)

السودان: نزوح من كادوقلي جراء تصاعد العمليات العسكرية

نزحت عشرات العائلات السودانية، من مدن كادوقلي والدلنج في ولاية جنوب كردفان، مع تمدد «قوات الدعم السريع» وسيطرتها على البلدات المجاورة.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
خاص روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب) play-circle 00:57

خاص 10 أيام فاصلة... ما ملامح خطة أميركا لوقف حرب السودان؟

وضعت واشنطن مدى زمنياً من 10 أيام لتثبيت هدنة إنسانية في السودان، مع بداية العام المقبل وقال وزير خارجيتها مارك روبيو إن 99% من التركيزالآن لتحقيق هذا الغرض

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا خبراء يقولون إن الأسلحة عالية التقنية التي تستخدمها قوات الدعم السريع تحتاج إلى مساعدة خارجية لتشغيلها (أ.ف.ب) play-circle

تقرير: شركات في بريطانيا تجنّد مرتزقة كولومبيين لصالح «الدعم السريع»

كشف تحقيق حصري لصحيفة «الغارديان» عن وجود شركات مسجلة في بريطانيا أسسها أشخاص خاضعون لعقوبات أميركية، يُشتبه في تورطها بتجنيد مقاتلين لصالح «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (لندن)

مقتل رئيس أركان الجيش الليبي و4 آخرين بسقوط طائرته في تركيا

TT

مقتل رئيس أركان الجيش الليبي و4 آخرين بسقوط طائرته في تركيا

الفريق محمد الحداد رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الدبيبة خلال اجتماعه مع وزير الدفاع التركي في أنقرة (وزارة الدفاع التركية)
الفريق محمد الحداد رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الدبيبة خلال اجتماعه مع وزير الدفاع التركي في أنقرة (وزارة الدفاع التركية)

أعلن رئيس ‌حكومة ‌الوحدة ‌الوطنية ⁠عبد الحميد الدبيبة «وفاة ⁠رئيس ‌أركان ‍الجيش ‍الليبي ‍بعد ​فقدان الاتصال ⁠بطائرته ‌فوق ‌أنقرة».

وكذلك نعى الدبيبة مرافقي الحداد «رئيس أركان القوات البرية الفريق ركن الفيتوري غريبيل، ومدير جهاز التصنيع العسكري العميد محمود القطيوي، ومستشار رئيس الأركان العامة للجيش الليبي الأستاذ محمد العصاوي دياب، والمصور بمكتب إعلام رئيس الأركان العامة الأستاذ محمد عمر أحمد محجوب، إثر فاجعة وحادث أليم أثناء عودتهم من رحلة رسمية من مدينة أنقرة التركية».

وأضاف أن «هذا المصاب الجلل خسارة كبيرة للوطن وللمؤسسة العسكرية ولجميع أبناء الشعب إذ فقدنا رجالا خدموا بلادهم بإخلاص وتفانٍ وكانوا مثالاً في الانضباط والمسؤولية والالتزام الوطني».

وكان وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا قد أعلن فقدان الاتصال، مساء الثلاثاء، بالطائرة التي كانت تقلّ رئيس أركان الجيش الليبي، بعد وقت قصير من إقلاعها من أنقرة.

وقال الوزير عبر منصة إكس إنّ «الاتصال فُقد عند الساعة 20:52 (17:52 ت غ) هذا المساء مع الطائرة الخاصة من طراز فالكون 50، وتحمل الرقم 9H-DFJ، والتي أقلعت من مطار أنقرة إيسنبوغا عند الساعة 20:10 متجهة إلى طرابلس».

وأضاف أنّ «طلب هبوط اضطراري ورد من محيط منطقة هايمانا، لكن لم يتم التمكن من الاتصال بالطائرة بعد ذلك»، موضحا أنّ «الطائرة كانت تقلّ خمسة أشخاص، بينهم رئيس أركان القوات المسلحة الليبية، الفريق محمد علي أحمد الحداد».

وأضاف في وقت لاحق أنه أمكن الوصول إلى حطام الطائرة.

وقال الوزير إنّ «حطام الطائرة التي أقلعت من مطار أنقرة-أسنبوغا متوجّهة إلى طرابلس، عثرت عليه قوات الدرك على بُعد كيلومترين جنوب قرية كسيكَفاك، في قضاء هايمانا» الواقع على مسافة نحو خمسين كيلومترا إلى جنوب شرق العاصمة التركية.

ونقلت وسائل إعلام ليبية عن وزير الدولة للاتصال قوله: «ننتظر النتائج من الجانب التركي والترجيح أن الطارة سقطت».

من جهته أعلن وزير العدل التركي فتح النيابة العامة في أنقرة تحقيقا بشأن سقوط الطائرة.

حفتر ينعي

ونعى قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر وفاة الحداد والوفد المرافق له في تحطم طائرتهم.

وأوضح حفتر في بيان أن القوات المسلحة الليبية فقدت أحد رجالاتها الذين أدوا واجبهم العسكري بكل تفانٍ ومسؤولية، موضحا أن الفريق الحداد تحمل الأمانة في مراحل دقيقة من تاريخ الوطن وأعلى مواقفه المنحازة للقيم الوطنية على أي مصلحة أخرى.

وتقدم حفتر بالتعزية إلى اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 في فقدانها الفريق الفيتوري جريبيل أحد أعضاء اللجنة الذي لقي حتفه في هذا الحادث الأليم.

ووفقاً لـ«رويترز»، كانت ‍وزارة الدفاع التركية أعلنت في وقت سابق من ​هذا الأسبوع عن زيارة رئيس الأركان الليبي ⁠إلى أنقرة، مشيرة إلى أنه التقى بنظيره التركي وعدد من القادة العسكريين.

وزير الدفاع التركي يشار غولر رفقة الفريق محمد الحداد رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الدبيبة، محاطين بأعضاء الوفد، في أنقرة، تركيا، بتاريخ 23 ديسمبر/كانون الأول 2025. (وزارة الدفاع التركية)

وقد أغلق المجال الجوي لأنقرة أمام حركة الطيران، وأفادت التقارير بسماع دوي انفجار في المنطقة. وبثت قنوات تلفزيونية صورا لانفجار ضخم وقع في محيط المطار عقب إقلاع الطائرة.

الفريق محمد الحداد رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الدبيبة رفقة رئيس الأركان العامة التركي، الجنرال سلجوق بيرقتار أوغلو (وزارة الدفاع التركية)

واليوم استقبل وزير الدفاع التركي يشار غولر الفريق محمد علي الحداد. كما استقبل رئيس الأركان العامة الجنرال سلجوق بيرقدار أوغلو رسمياً الجنرال الحداد، في حضور قائد القوات البرية متين توكال.

يشار إلى أن الفريق أول محمد الحداد، المنحدر من مدينة مصراتة (غرب ليبيا)، كان قد عُيّن في هذا المنصب في شهر آب/أغسطس 2020 من قبل رئيس حكومة الوفاق الوطني السابق فايز السراج.


الحكومة السودانية تقدم مبادرة لإنهاء «حرب الألف يوم»

TT

الحكومة السودانية تقدم مبادرة لإنهاء «حرب الألف يوم»

رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (صور الأمم المتحدة)
رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (صور الأمم المتحدة)

وسط تحذيرات الأمم المتحدة من «معاناة هائلة لا تُوصَف»، قدَّم رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس، أمام أعضاء مجلس الأمن، مبادرة سلام شاملة لإنهاء الحرب المتواصلة منذ ألف يوم في بلاده، بينما حضّت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب كلاً من الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب «حميدتي»، على قبول دعوتها إلى هدنة إنسانية فورية.

ولم يتضح على الفور ما إذا كان البرهان و«حميدتي» يمكن أن يقبلا مثل هذه الاقتراحات، علماً بأن «الدعم السريع» وافق، في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على هدنة إنسانية.

وكان إدريس يتحدث في جلسةٍ عقدها مجلس الأمن في نيويورك، مساء الاثنين، إذ قال إن «السودان يواجه أزمة وجودية بسبب الحرب». وتحدَّث عن المبادرة التي «لا تنبع من وهم، بل من ضرورة، ولا تنبع من نصر، بل من مسؤولية»، وهي تدعو إلى وقف نار، بإشراف الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، وانسحاب «قوات الدعم السريع» من كل المناطق التي تسيطر عليها، ونقلها إلى معسكرات، ونزع سلاحها.

ليس مفروضاً

مجلس الأمن في نيويورك (صور الأمم المتحدة)

وفي إشارةٍ غير مباشرة إلى الهدنة التي يدعمها «التحالف الرباعي»، المؤلَّف من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، أكد إدريس أن مقترح الحكومة «مُعَدّ محلياً، وليس مفروضاً علينا» من الخارج. وقال إنه ما لم يجرِ حصر قوات «الدعم السريع» في معسكرات، فإن الهدنة «لا فرصة لها للنجاح»، داعياً أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر إلى دعم مقترحه. وقال إنه «يمكن لهذه المبادرة أن تُشكل لحظة يتراجع فيها السودان عن حافة الهاوية، ويقف فيها المجتمع الدولي - أنتم! أنتم! - في الجانب الصحيح من التاريخ». وأضاف أن المجلس يجب أن «يُذكر لا كشاهد على الانهيار، بل كشريك في التعافي».

في المقابل، قال نائب المندوب الأميركي جيفري بارتوس، لأعضاء المجلس، قبل إدريس، إن إدارة ترمب عرَضَت هدنة إنسانية كسبيل للمُضي قدماً، مضيفاً: «نحض الطرفين المتحاربين على قبول هذه الخطة فوراً دون شروط مسبقة». وأضاف أن إدارة ترمب تُدين بشدةٍ العنف المروّع في دارفور ومنطقة كردفان، والفظائع التي ارتكبها كل من القوات المسلّحة السودانية و«قوات الدعم السريع»، والتي يجب المحاسبة عليها.

كان ذلك بمثابة تذكير بتصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الجمعة الماضي، عندما قال إن العام الجديد يمثل فرصة لهدنة إنسانية في السودان. وأكد أن «99 في المائة من تركيزنا ينصبّ على هذه الهدنة الإنسانية والتوصل إليها في أسرع وقت ممكن»، مضيفاً: «نعتقد أن العام الجديد والأعياد المقبلة تمثل فرصة عظيمة لكلا الجانبين للاتفاق على ذلك، ونحن نبذل قصارى جهدنا في هذا الصدد». وشدد على أن «ما يحدث هناك مروّع، إنه فظيع».

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال مؤتمر صحافي في واشنطن (أ.ف.ب)

وعن إمدادات الأسلحة، أمل روبيو أن «نتمكن من إحراز بعض التقدم في هذا الشأن، لكننا نعلم أنه من أجل إحراز تقدم، سيتطلب الأمر من الجهات الفاعلة الخارجية استخدام نفوذها».

إمدادات الأسلحة

وعبَّر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية خالد خياري عن القلق المتزايد إزاء الحرب في السودان، والتي تُغذيها الإمدادات المستمرة من الأسلحة المتطورة. وانتقد دولاً - لم يُسمِّها - ترفض وقف إمداد الأسلحة. كما انتقد القوات الحكومية وشِبه العسكرية؛ لعدم رغبتها في التوصل إلى حلول وسط أو خفض التصعيد.

وقال إنه «بينما تمكنت هذه الدول من وقف القتال للحفاظ على عائدات النفط، فإنها فشلت حتى الآن في فعل الشيء نفسه لحماية سكانها»، مضيفاً أنه «يجب على داعمي كلا الجانبين استخدام نفوذهم للمساعدة في وقف المذبحة، لا التسبب في مزيد من الدمار».

وحذَّر من أن التطورات الأخيرة تعكس «الطبيعة المتزايدة التعقيد للصراع وأبعاده الإقليمية المتوسعة»، وأنه «إذا لم يجرِ التصدي لهذه التطورات، فقد ينخرط جيران السودان في صراع إقليمي داخل السودان وحوله». ونبّه خياري كذلك إلى أنه من السمات المُقلقة بشكل خاص للصراع الاستخدام المتزايد للمُسيرات في شن غارات عشوائية من الطرفين، مما يتسبب في سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين. وأشار إلى أن استمرار تدفق الأسلحة، التي أصبحت أكثر تطوراً وفتكاً، لا يزال محركاً رئيسياً للصراع، مضيفاً أن «الدعوات لوقف هذه التدفقات قُوبلت بالتجاهل، ولم تجرِ محاسبة أحد».

وشدد على أن منع مزيد من تدهور الوضع والحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه، يتطلبان «تحركاً سريعاً ومنسقاً».

وأفاد بأن المبعوث الشخصي للأمين العام للسودان رمضان لعمامرة يتواصل مع طرفي النزاع لتشجيعهما على الانخراط في مناقشات حول تدابير ملموسة وقابلة للتنفيذ لتهدئة العنف وتعزيز حماية المدنيين في السودان. ولفت الى أن التركيز ينصبّ حالياً على دعم حوار سوداني شامل بقيادة الاتحاد الأفريقي، مِن شأنه أن يمهد الطريق لانتقال سياسي موثوق وشامل بقيادة مدنية.

وقالت مديرة قسم العمليات والمناصرة بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إديم وسورنو إن «وحشية هذا الصراع لا تعرف حدوداً»، مشيرة إلى بروز ولاية كردفان بوصفها مركزاً جديداً للعنف والمعاناة. وأشارت إلى أن الأمم المتحدة لا تزال تتلقى تقارير جديدة عن انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني ارتُكبت أثناء وبعد سيطرة «قوات الدعم السريع» على الفاشر، بما في ذلك عمليات قتل جماعي وعنف جنسي.

موقف الإمارات

وقال المندوب الإماراتي الدائم محمد أبو شهاب إن هناك فرصة فورية لتنفيذ الهدنة الإنسانية وإيصال المساعدات إلى المدنيين السودانيين الذين هم في أمسّ الحاجة إليها. وأكد أن «دروس التاريخ والواقع الحالي توضح أن الجهود الأحادية من جانب أي من الطرفين المتحاربين غير مستدامة ولن تؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب». وأضاف أن الهدنة الإنسانية يجب أن يتبعها وقف دائم لإطلاق النار، «ومسار نحو حكم مدني مستقل عن الأطراف المتحاربة».


ليبيا: «مفوضية الانتخابات» تعتمد نتائج «مجالس بلدية»

مركز العد والإحصاء بمفوضية الانتخابات (مكتب المفوضية)
مركز العد والإحصاء بمفوضية الانتخابات (مكتب المفوضية)
TT

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» تعتمد نتائج «مجالس بلدية»

مركز العد والإحصاء بمفوضية الانتخابات (مكتب المفوضية)
مركز العد والإحصاء بمفوضية الانتخابات (مكتب المفوضية)

أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا اعتماد نتائج المرحلة الثالثة من انتخابات المجالس البلدية، التي شملت 9 بلديات، كما ألغت نتائج بعضها بعد ثبوت «خروقات ومخالفات».

وقالت المفوضية في بيانين منفصلين، الثلاثاء، إنها اعتمدت نتائج 9 بلديات يقع معظمها في شرق البلاد (طبرق، وقصر الجدي، وبنغازي، وتوكرة، وقمينس، وسلوق، والأبيار)، بينما تقع «سرت» في الوسط، و«سبها» في الجنوب الغربي، وهي مناطق تخضع فعلياً لسيطرة «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، وحكومة أسامة حماد.

وأوضحت المفوضية أن هذا القرار جاء بعد استكمال مركز العد والإحصاء إدخال استمارات النتائج كافة، الواردة من مكاتب الإدارة الانتخابية، وفق أعلى معايير الشفافية والدقة، وبعد فصل المحاكم الجزئية في الأحكام المتعلقة بالطعون الانتخابية.

كما قررت المفوضية إلغاء النتائج في 4 مراكز اقتراع ببلدية سرت، ومركز اقتراع واحد ببلدية الأبيار، استناداً إلى المادة (34) من اللائحة التنفيذية، بعد ثبوت خروقات ومخالفات في تلك المحطات؛ مؤكدة أن هذا الإجراء يستهدف حماية إرادة الناخبين، وضمان الشفافية وتكافؤ الفرص، مع بقاء نتائج المحطات الأخرى سارية.

في شأن مختلف، أعلنت وزارة العدل بحكومة «الوحدة» المؤقتة أنها بصدد دراسة إغلاق ودمج بعض السجون، في إطار حرصها على متابعة ملف حقوق الإنسان، وترسيخ مبدأ سيادة القانون، ووفقاً لما نصَّ عليه القانون الخاص بمؤسسات الإصلاح والتأهيل.

وأكدت الوزارة في بيان مقتضب، مساء الاثنين، أن هذه الخطوة تأتي ضمن مراجعة أوضاع السجون، وتحسين آليات العمل، بها بما ينسجم مع التشريعات النافذة.

من حملة الانتخابات البلدية (المفوضية)

وعدَّت «المؤسسة الليبية لحقوق الإنسان»، في بيان الثلاثاء، أن هذا البيان «لا يعدو كونه شكلياً». وقالت: «إن المؤسسات الحقوقية تُمنع من إجراء زيارات دورية تفقدية إلى السجون».

وتواجه أوضاع السجون في ليبيا تحديات كبيرة، مثل الاكتظاظ، والانتهاكات الموثقة دولياً، مع سيطرة لوزارة العدل على مرافق عدة تتجاوز 20 سجناً رسمياً وشبه رسمي، إضافة إلى مراكز احتجاز غير رسمية. وتعكس هذه الخطوة استجابة حكومة «الوحدة» للضغوط الدولية، وتتقاطع مع ما ورد في إحاطة المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، أمام مجلس الأمن الدولي مؤخراً، التي شدَّدت فيها على أن إصلاح قطاع العدالة ومعالجة الاحتجاز التعسفي يمثلان ركيزتين أساسيَّتين لبناء الثقة والاستقرار.

في غضون ذلك، أعلنت «قوة حماية طرابلس»، أحد التشكيلات المسلحة البارزة في العاصمة، دعمها الكامل لـ«الحراك الشعبي»، الذي انطلق من مدينة مصراتة، ووصفته بـ«الانتفاضة ضد السنين العجاف من الفساد المستشري والمحسوبية والظلم». وحذَّرت «القوة» من أي محاولات لقمع الانتفاضة، مؤكدة أنها ستكون «السد المنيع» لحماية إرادة الشعب.

وتعدّ «قوة حماية طرابلس» تحالفاً مسلحاً تَشكَّل نهاية عام 2018، ورغم غيابها النسبي عن المشهد مؤخراً، فإنها تسعى عبر هذا البيان لإعادة التموضع، وتنشيط دورها في التوازنات الأمنية بالعاصمة.

صورة وزَّعها مجلس النواب لاجتماع لجنته التشريعية لبحث زيادة رواتب «الجيش الوطني» بشرق ليبيا

وفي شأن يتعلق بالمؤسسة العسكرية، ناقشت اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، في اجتماع بمدينة بنغازي، مشروع قانون زيادة رواتب منتسبي «الجيش الوطني» لدعم المؤسسة العسكرية وتحسين أوضاع أفرادها.

وطبقاً لوسائل إعلام محلية، أحال رئيس المجلس، عقيلة صالح، مشروع قانون تعديل مرتبات وعلاوات منتسبي الجيش إلى اللجان المالية والتشريعية والتخطيط؛ لإدراجه بجدول الأعمال في أقرب جلسة نظراً لأهميته.