الطائرات المسيّرة الأوكرانية تثير شهية العالم... لكن كييف ترفض البيع

إلى جانب التحديات القانونية ثمة خشية من أن تقع التكنولوجيا في أيدٍ غير مرغوب بها

جندي أوكراني خلال تدريبات بالطائرات المسيّرة قبل التوجه إلى خط الجبهة في منطقة زابوريجيا (إ.ب.أ)
جندي أوكراني خلال تدريبات بالطائرات المسيّرة قبل التوجه إلى خط الجبهة في منطقة زابوريجيا (إ.ب.أ)
TT

الطائرات المسيّرة الأوكرانية تثير شهية العالم... لكن كييف ترفض البيع

جندي أوكراني خلال تدريبات بالطائرات المسيّرة قبل التوجه إلى خط الجبهة في منطقة زابوريجيا (إ.ب.أ)
جندي أوكراني خلال تدريبات بالطائرات المسيّرة قبل التوجه إلى خط الجبهة في منطقة زابوريجيا (إ.ب.أ)

مع تصاعد الحرب المستمرة بين أوكرانيا وروسيا، تحوّلت الطائرات المسيّرة الأوكرانية إلى واحدة من أكثر أدوات القتال تقدماً وفاعلية في ساحات المعارك الحديثة. أداؤها اللافت، لا سيما في مواجهة أنظمة الحرب الإلكترونية الروسية، جعل منها هدفاً مرغوباً للدول الغربية، ولكن العقبة الأساسية تبقى أن كييف لا تعرضها للبيع بعد.

ورغم الطوابير الطويلة من الشركات الأجنبية التي تسعى لدخول سوق الطائرات المسيّرة الأوكرانية، تصطدم الطموحات بعقبات بيروقراطية وتشريعية، إلى جانب حاجة أوكرانيا الملحّة لكل قطعة سلاح تُنتجها. فبالنسبة لدولة تخوض حرباً يومية، لا يمكن التفريط بأي قدر من قدراتها الدفاعية، حسبما يقول المسؤولون الأوكرانيون.

جنديان أوكرانيان يطلقان طائرة استطلاع مسيّرة قرب الجبهة في دونيتسك (رويترز)

الحرب التي اقتربت من إنهاء عامها الثالث، شكّلت بيئة اختبار غير مسبوقة للطائرات المسيّرة، حيث تسارعت وتيرة الابتكار في هذا القطاع بشكل كبير.

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن أحد الدبلوماسيين الأوروبيين قوله: «إنها دورة مدتها ستة أسابيع، ثم تصبح التكنولوجيا قديمة»، مشيراً إلى أن سوق الطائرات المسيّرة الأوكرانية باتت «كمصدر ماء في صحراء الجميع يتقاطرون إليه».

ومن أبرز الطرازات المطلوبة عالمياً: الطائرات الهجومية البعيدة المدى، والطائرات البحرية، والمسيّرات المزوّدة بقدرات متقدمة في الحرب الإلكترونية، وهي مجالات أثبت فيها الأوكرانيون تفوقاً على الشركات الغربية التي لم تواجه بعد ظروفاً مشابهة لساحات القتال في أوكرانيا.

رغم أن القوانين الأوكرانية تتيح نظرياً تصدير هذه التقنيات، فإن الواقع يفرض قيوداً صارمة. ويقول صانعو الطائرات المسيّرة المحليون – البالغ عددهم نحو 500 شركة، معظمها ناشئة – إنهم بحاجة ماسة إلى الإيرادات الأجنبية لتوسيع الإنتاج وتلبية الطلب المتزايد من الجبهة.

النيران تشتعل في منزل بمنطقة زابوريجيا بعد قصف روسي (الإدارة العسكرية لزابوريجيا - إ.ب.أ)

المنافسة مع روسيا، التي تمتلك قاعدة صناعية أكبر وأضخم وتنتج مئات الطائرات المسيّرة في كل هجوم، تتطلب استثمارات أوكرانية مضاعفة. وبفضل مشروع إنتاج مشترك مع إيران، ترسل روسيا الآن ما بين 500 و600 طائرة دون طيار في كل هجوم. وتشير التقديرات إلى أنها قد تستخدم قريباً ما يصل إلى 1000 طائرة مسيّرة في ضربة واحدة، وسط مخاوف من بلوغ الرقم 2000 بحلول نهاية العام، وفق تقرير صدر في يوليو (تموز) لمعهد دراسات الحرب، ومقره واشنطن.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أعلن مؤخراً عن خطط لتوقيع اتفاقيات لإنتاج مشترك للطائرات المسيّرة في أوروبا، ضمن برنامج «البناء مع أوكرانيا». وأكد أن الإنتاج سيُقسم بين الاحتياجات المحلية والأسواق الخارجية، مشيراً إلى مشاريع في بريطانيا والدنمارك. وفي أغسطس (آب) تحدث زيلينسكي أيضاً عن مقترح مُقدّم للولايات المتحدة بشأن صفقة «واسعة النطاق» لإنتاج طائرات دون طيار لمدة خمس سنوات «بقيمة 50 مليار دولار»، لكنه أضاف أن هذا لن يحدث على الأرجح إلا بعد انتهاء الحرب.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)

كما صادق البرلمان الأوكراني على قانون يُمهّد لإنشاء «مدينة الدفاع»، التي تُتيح للشركات الدفاعية العمل في شراكات دولية وتوسيع الإنتاج، مع حوافز ضريبية وإجرائية. لكن القانون لا يزال بانتظار توقيع زيلينسكي، وما زالت قواعد التصدير الفعلية بيد مجلس الوزراء.

ورغم دعم زيلينسكي، تظهر تباينات داخل إدارته. فوزير الدفاع دينيس شميهال أعلن في يوليو أن «التصدير المباشر غير ممكن»، مفضلاً مشاريع الشراكة التي تبقي الإنتاج داخل مستودعات شركاء أوكرانيا. وقال إن «القوات المسلحة يجب أن تحصل أولاً على أكثر من 100 في المائة من احتياجاتها».

وأثار تصريحه قلق المصنعين، الذين عدّوا أن الوزير «هدم ما بناه زيلينسكي»، في وقت يعتمدون فيه على تمويل خارجي لتوسيع الطاقة الإنتاجية، وتوظيف عمال، وتحسين البنية التحتية التي تتعرض لقصف روسي دائم.

تم عرض طائرة مسيّرة Iron Drone Raider Interceptor في مؤتمر صحافي حول سلامة الطائرات من دون طيار في مقر وزارة النقل يوم 5 أغسطس (أ.ف.ب)

إلى جانب التحديات القانونية، ثمة خشية من أن تقع التكنولوجيا الأوكرانية في أيدٍ غير مرغوب بها. وتنقل «واشنطن بوست» عن ياروسلاف أزنيوك، الرئيس التنفيذي لشركة «فورث لو» المختصة في الذكاء الاصطناعي للطائرات المسيّرة، قوله إن «ضوابط التصدير ليست قضية اقتصادية فقط، بل سياسية أيضاً».

أما أوليكساندر خومياك، مدير شركة ناشئة في المجال الدفاعي، فيحذر من أن فتح باب التصدير على مصراعيه قد يؤدي إلى نتائج عكسية، خاصة في مناطق النزاع في آسيا وأفريقيا. وقال إن «هناك استفسارات مشبوهة نتلقاها أسبوعياً، كأشخاص يدّعون أنهم تجار في فرنسا يريدون شحن طائرات إلى الكونغو».

رغم الحماسة العالمية، يبدو أن أوكرانيا لن تُفرّط بسهولة في سلاح أثبت فاعليته، إلا إذا ضمنت شراكات تُعزّز من قدراتها الدفاعية، لا تضعفها. فالطائرات المسيّرة لم تعد مجرد أداة حربية، بل أصبحت رمزاً للتفوّق التكنولوجي، والدفاع الذكي، وسط صراع وجودي. وبين تطلّع العالم واحتياجات الجبهة، تبقى الطائرات المسيّرة الأوكرانية في موقع بالغ الحساسية، وأقرب إلى أن تكون سلاحاً غير قابل للبيع... حتى إشعار آخر.


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يقرض أوكرانيا 90 مليار يورو

أوروبا رئيسة المفوضية مع رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة وزراء الدنمارك (إ.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي يقرض أوكرانيا 90 مليار يورو

بعد شهور من النقاش والجدل، توصَّل قادة الاتحاد الأوروبي في قمتهم ببروكسل، إلى حلّ وسط في الساعات الأولى أمس، بشأن تمويل أوكرانيا على مدار العامين المقبلين، من.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا صورة نشرها جهاز الأمن الأوكراني للحظة استهداف ناقلة في البحر الأسود (أ.ف.ب)

كييف تنقل معركة المسيرات إلى البحر المتوسط وتستهدف ناقلة للنفط الروسي

كييف تنقل معركة المسيرات إلى البحر المتوسط وتستهدف ناقلة للنفط الروسي، وتركيا تحذر روسيا وأوكرانيا بعد إسقاط مسيرة روسية دخلت مجالها الجوي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)

أوكرانيا تقصف بالمُسيرات ناقلة نفط روسية للمرة الأولى في البحر المتوسط

أعلن مسؤول بجهاز الأمن الأوكراني، اليوم الجمعة، أن أوكرانيا قصفت بالطائرات المُسيرة ناقلة نفط ضمن ما يسمى أسطول الظل الروسي في البحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية مجموعة من الأشخاص يقفون بجوار طائرة مسيرة يعتقد أنها روسية من نوع «أورلان - 10» سقطت في قوجه إيلي بشمال غرب تركيا (وكالة الأنباء التركية - أ.ف.ب) play-circle

السلطات التركية تحقق في تحطم مسيرة بعد أيام من إسقاط أخرى

قالت وزارة الداخلية التركية، اليوم الجمعة، إنها ‌عثرت ‌على ‌طائرة مسيرة روسية ​المنشأ ‌من طراز «أورلان-10» في مدينة قوجه إيلي بشمال غرب ‌البلاد.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يترأس اجتماعاً مع كبار مسؤولي الأمن والدفاع الروس في مقر إقامة الدولة نوفو - أوغاريوفو خارج موسكو 12 أغسطس 2024 (أ.ب) play-circle

بوتين: قدمنا تنازلات مهمة والكرة في ملعب الأطراف الأخرى

بوتين: موسكو لم ترفض خطة السلام التي اقترحها الرئيس الأميركي وقدمت «تنازلات مهمة»، متهماً الأوروبيين بعرقلة مسار السلام، عادّاً أن «الكرة باتت في ملعبهم».

رائد جبر (موسكو)

الاتحاد الأوروبي يقرض أوكرانيا 90 مليار يورو

رئيسة المفوضية مع رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة وزراء الدنمارك (إ.ب.أ)
رئيسة المفوضية مع رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة وزراء الدنمارك (إ.ب.أ)
TT

الاتحاد الأوروبي يقرض أوكرانيا 90 مليار يورو

رئيسة المفوضية مع رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة وزراء الدنمارك (إ.ب.أ)
رئيسة المفوضية مع رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة وزراء الدنمارك (إ.ب.أ)

بعد شهور من النقاش والجدل، توصَّل قادة الاتحاد الأوروبي في قمتهم ببروكسل، إلى حلّ وسط في الساعات الأولى أمس، بشأن تمويل أوكرانيا على مدار العامين المقبلين، من دون أخذ الخطوة المثيرة للجدل المتمثلة في استخدام الأصول الروسية المجمدة لدى الاتحاد الأوروبي، على الفور. وبموجب الاتفاق، سوف تحصل أوكرانيا على قرض بقيمة 90 مليار يورو (105.5 مليار دولار).

ووجَّه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الشكرَ لقادة التكتل، عقب موافقتهم على زيادة التمويل لبلاده ومنحها قرضاً كانت بأمسِّ الحاجة إليه. بينما ردَّت روسيا بشكل إيجابي على تسوية توصلت إليها الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي دون اللجوء إلى استخدام الأصول الروسية المجمدة في بنوك الاتحاد.

بدوره، كتب كبير المفاوضين الروس، كيريل ديميتريف، على منصة «تلغرام»: «لقد ساد القانون والمنطق السليم الآن».


كييف تنقل معركة المسيرات إلى البحر المتوسط وتستهدف ناقلة للنفط الروسي

صورة نشرها جهاز الأمن الأوكراني للحظة استهداف ناقلة في البحر الأسود (أ.ف.ب)
صورة نشرها جهاز الأمن الأوكراني للحظة استهداف ناقلة في البحر الأسود (أ.ف.ب)
TT

كييف تنقل معركة المسيرات إلى البحر المتوسط وتستهدف ناقلة للنفط الروسي

صورة نشرها جهاز الأمن الأوكراني للحظة استهداف ناقلة في البحر الأسود (أ.ف.ب)
صورة نشرها جهاز الأمن الأوكراني للحظة استهداف ناقلة في البحر الأسود (أ.ف.ب)

في ضربة هي الأولى من نوعها، نقلت كييف معركة المسيرات إلى «المياه المحايدة» في البحر الأبيض المتوسط. وأفاد مصدر أوكراني أن «جهاز الأمن استخدم طائرات مسيرة لاستهداف ناقلة نفط تابعة لما يُسمى الأسطول الشبح الروسي، هي الناقلة قنديل». وأكد أن «روسيا كانت تستخدم هذه الناقلة للالتفاف على العقوبات» وتمويل «حربها ضد أوكرانيا».

وأعلن المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لـ«فرانس برس»، أن «عملية جديدة خاصة لا سابق لها» نفّذت على مسافة نحو ألفي كيلومتر من أوكرانيا. ولم يقدّم أيّ تفاصيل إضافية بشأن الموقع الذي نفّذت منه العملية والبلدان التي حلّقت فوقها المسيرات.

مجموعة من الأشخاص يقفون بجوار طائرة مسيرة يعتقد أنها روسية من نوع «أورلان 10» سقطت في قوجه إيلي بشمال غربي تركيا (وكالة الأنباء التركية - أ.ف.ب)

وانطلقت هذه السفينة، التي ترفع علم سلطنة عمان، من سيكا في الهند باتّجاه أوست - لوغا في روسيا، بحسب بيانات «بلومبرغ». ويشير مسارها الذي يتطابق وصور الأقمار الاصطناعية التي اطلعت عليها وكالة «فرانس برس» إلى أنها التفت لتعود أدراجها، ليل الخميس - الجمعة، عندما كانت على مسافة أكثر من 250 كيلومتراً من السواحل اليونانية والليبية. وصباح الجمعة، بدا أن السفينة كانت تتّجه شرقاً. وكانت السفينة فارغة وقت الضربة، التي لم تشكّل أيّ تهديد للبيئة، بحسب المصدر الذي أشار إلى تعرّضها «لأضرار جسيمة» حالت دون «مواصلتها أهدافها».

النيران تتصاعد من ناقلة نفط بعد أن هزت انفجارات سفينتين من أسطول الظل الروسي في البحر الأسود بالقرب من مضيق البوسفور التركي (رويترز)

وقال المصدر: «ينبغي للعدوّ أن يفهم أن أوكرانيا لن تتوقّف، وستوجّه إليه الضربات أينما كان في العالم». وأضاف مسؤول في ‌جهاز الأمن ‌الأوكراني، ⁠الجمعة، ​إن ‌طائرات مسيرة وجّهت ضربة أخرى لمنصة نفط روسية ⁠مملوكة ‌لشركة «لوك أويل» في بحر قزوين. وقال إن هذه ​ثالث منصة نفطية ⁠تهاجمها أوكرانيا في بحر قزوين خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وكانت تركيا قد حذّرت روسيا وأوكرانيا بضرورة توخي مزيد من الحذر بشأن أمن البحر الأسود، بعدما أسقطت قواتها الجوية مسيرة دخلت المجال الجوي التركي، بحسب ما أعلنته وزارة الدفاع التركية، الخميس. ودفعت هذه الهجمات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى التحذير الأسبوع الماضي، من تحول البحر الأسود إلى «منطقة مواجهة».

وذكرت تقارير إعلامية أن السلطات التركية فتحت تحقيقاً الجمعة بشأن طائرة غير مأهولة تحطمت شمال غربي تركيا بعد أيام من إسقاط البلاد لمسيرة أخرى دخلت المجال الجوي من البحر الأسود. وأوضحت قناة «إن تي في» الإخبارية أن سكان ولاية قوجه إيلي اكتشفوا طائرة غير مأهولة في أحد الحقول، ما دفع إلى فتح تحقيق رسمي بشأن الحطام. وما زال مصدر المسيرة غير واضح إلا أن بعض التقارير الإعلامية أشارت إلى أنها روسية الصنع.

وأكدت وزارة الداخلية التركية، الجمعة، أنها ‌عثرت ‌على ‌طائرة مسيرة ⁠روسية ​المنشأ ‌من طراز «أورلان-10» في ولاية قوجه ⁠إيلي، بشمال غربي ‌البلاد. وذكرت الوزارة أن التقييمات ‍الأولية تشير إلى أن الطائرة المسيرة ​كانت تستخدم لأغراض الاستطلاع والمراقبة، ⁠مضيفة أن التحقيق في الواقعة لا يزال جارياً.

وجاء هذا الإسقاط عقب سلسلة من الضربات الأوكرانية ضد ناقلات «أسطول الظل» الروسي قبالة الساحل التركي، ما زاد من المخاوف في تركيا بشأن خطر امتداد الحرب في أوكرانيا إلى المنطقة.

ناقلة نفط روسية تابعة لشركة «روسنفت» تعبر مضيق البوسفور في إسطنبول (أرشيفية - رويترز)

وتم إرسال طائرات مقاتلة من طراز «إف-16»، يوم الاثنين الماضي، بعدما اقتربت مسيرة «خارجة عن السيطرة» آتية من البحر الأسود، من المجال الجوي التركي. وأفاد مسؤولون بإسقاط المسيرة في منطقة آمنة لحماية المدنيين وحركة الطيران. وحضّت الحكومة التركية بعد ذلك روسيا وأوكرانيا على الالتزام بأكبر قدر من الحذر فوق البحر الأسود.

ويأتي الحادث في أعقاب غارات شنّتها أوكرانيا مؤخراً على ناقلات تابعة لـ«أسطول الظل» الروسي قبالة السواحل التركية، إلى جانب تحذيرات من مسؤولين أتراك بشأن خطر وصول حرب أوكرانيا إلى المنطقة. وقالت وزارة الدفاع التركية: «نظراً للحرب القائمة بين أوكرانيا وروسيا، تم تحذير نظرائنا بضرورة توخي مزيد من الحذر من الجانبين، بشأن الوقائع التي قد تؤثر سلباً على أمن البحر الأسود». ولم تكشف السلطات التركية عن مصدر المسيرة.

وفي الأسابيع الأخيرة، أعلنت أوكرانيا مسؤوليتها عن هجمات بمسيّرات بحرية ضد ناقلات نفط مرتبطة بروسيا في البحر الأسود. كما هاجمت مواني روسية، بما فيها نوفوروسييسك، ما أجبر محطة نفطية رئيسية تقع قربه على تعليق عملياتها في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني). من جهتها، تقصف روسيا بانتظام ميناء أوديسا الأوكراني حيث تضررت سفن نقل تركية في الأيام الأخيرة.


أوكرانيا تقصف بالمُسيرات ناقلة نفط روسية للمرة الأولى في البحر المتوسط

يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)
يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)
TT

أوكرانيا تقصف بالمُسيرات ناقلة نفط روسية للمرة الأولى في البحر المتوسط

يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)
يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)

أعلن مسؤول في جهاز الأمن الأوكراني، اليوم الجمعة، أن أوكرانيا قصفت بالطائرات المُسيرة ناقلة نفط ضِمن ما يسمى ​أسطول الظل الروسي في البحر المتوسط، وذلك في أول هجوم من نوعه، مما يعكس ازدياد حدة هجمات كييف على شحنات النفط الروسية.

وقال المسؤول، في بيان، إن الناقلة (قنديل) لم تكن محملة بالنفط عندما أصابتها طائرات مُسيرة في المياه المحايدة على بُعد أكثر من 2000 ‌كيلومتر من أوكرانيا، ‌وأن الهجوم ألحق بها ‌أضراراً جسيمة.

وأظهرت ⁠بيانات ​موقع ‌«مارين ترافيك» رصد ناقلة النفط قبالة الساحل الليبي، الساعة 13:30 بتوقيت غرينتش. ولم يفصح المسؤول الأوكراني، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، عن الموقع الدقيق للناقلة عند الهجوم أو توقيته.

وأظهرت لقطات من أعلى قدَّمها المصدر انفجاراً صغيراً على سطح الناقلة. وتحققت «رويترز» ⁠من أن السفينة التي ظهرت في المقطع المصوَّر هي الناقلة ‌قنديل، لكن لم يتسنّ بعدُ التحقق من توقيت أو موقع الهجوم.

ودأبت أوكرانيا على مهاجمة مصافي النفط الروسية على مدى عاميْ 2024 و2025، لكنها وسّعت حملتها، بشكل واضح، في الأسابيع القليلة الماضية، إذ قصفت منصات نفط في بحر قزوين، وأعلنت مسؤوليتها عن هجمات بطائرات ​مُسيرة على ثلاث ناقلات نفط في البحر الأسود.

وتلك الناقلات، بالإضافة إلى الناقلة قنديل ⁠التي ترفع عَلم سلطنة عمان، من بين ما يسمى أسطول الظل الروسي، وهي سفن غير خاضعة للرقابة تقول كييف إنها تساعد موسكو على تصدير كميات كبيرة من النفط وتمويل حربها في أوكرانيا رغم العقوبات الغربية.

وشهدت موانٍ روسية سلسلة من الانفجارات الغامضة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2024.

ولم تؤكد أوكرانيا أو تنفِ تورطها في هذه الانفجارات، لكن مصادر أمنية بحرية تشتبه في وقوف كييف وراءها. وجرى تنفيذ بعض ‌الهجمات باستخدام ألغام لاصقة على متن سفن في البحر المتوسط.