ماكرون: تهديدات إسرائيل لن تثنينا عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية

الدولة العبرية تلوّح بضم الضفة الغربية أو ممتلكات تابعة لباريس

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يكرّم الجمعة في ساحة قصر الأنفاليد بوسط باريس رئيس الأركان السابق تييري بوركهارد بمناسبة انتهاء مهمته على رأس الجيوش الفرنسية (أ.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يكرّم الجمعة في ساحة قصر الأنفاليد بوسط باريس رئيس الأركان السابق تييري بوركهارد بمناسبة انتهاء مهمته على رأس الجيوش الفرنسية (أ.ب)
TT

ماكرون: تهديدات إسرائيل لن تثنينا عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يكرّم الجمعة في ساحة قصر الأنفاليد بوسط باريس رئيس الأركان السابق تييري بوركهارد بمناسبة انتهاء مهمته على رأس الجيوش الفرنسية (أ.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يكرّم الجمعة في ساحة قصر الأنفاليد بوسط باريس رئيس الأركان السابق تييري بوركهارد بمناسبة انتهاء مهمته على رأس الجيوش الفرنسية (أ.ب)

مع اقتراب موعد 22 سبتمبر (أيلول) الحالي، الذي سيشهد في الأمم المتحدة، على هامش أعمال الجمعية العامة، قمة لإحياء حل الدولتين (فلسطين وإسرائيل) كسبيل وحيد لوضع حد للنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، ولاعتراف مجموعة من الدول، على رأسها فرنسا، بالدولة الفلسطينية، يحمى وطيس الجدل بين باريس وتل أبيب، أو بالأحرى بين الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وآخر مستجداته تهديد الحكومة الإسرائيلية بإغلاق القنصلية الفرنسية في القدس أو حتى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية أو على أراض فيها، بالتوازي مع الهجمات على غزة والتهديد بمزيد من التشريد لسكانها أو حتى الترحيل وإعادة الاستيطان في القطاع.

وقالت شارين هاسكل، نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي، الخميس، إن إغلاق القنصلية الفرنسية «موضوع مطروح على طاولة رئيس الوزراء»، مضيفة أنها «تأمل» حصول هذا الأمر، مذكّرة بأن إسرائيل «فعلت الشيء نفسه مع النرويج وآيرلندا، ويمكننا التفكير في فعل ذلك مع دول أخرى». واتهمت هاسكل ماكرون بأنه «يدمر سنوات من الدبلوماسية بين إسرائيل وفرنسا». ومن الأفكار المتداولة إسرائيلياً، وفق مصادر واسعة الاطلاع في باريس، وضع إسرائيل اليد على أربعة مواقع دينية منها موقع «قبر الملوك» الواقع في القدس الشرقية، وهو موقع أثري يعود لفرنسا.

ماركو روبيو

ما يشد أزر إسرائيل تضامن الولايات المتحدة المطلق معها. وجديده تصريحات وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، الخميس، من كيتو، عاصمة الإكوادور، حيث قال: «لقد أبلغنا كل زعماء هذه الدول (العازمة على الاعتراف بفلسطين) قبل أن يعلنوا قرارهم أنه لن تكون هناك دولة فلسطين؛ لأن هذه ليست الطريقة التي ستنشأ بها دولة فلسطين» مضيفاً: «لقد أخبرناهم بأن ذلك سيؤدي إلى إجراءات مماثلة، وسيجعل وقف إطلاق النار (في غزة) أكثر صعوبة».

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في حديث مع رئيس الحكومة فرنسوا بايرو بعد اجتماع مجلس الوزراء الأربعاء في قصر الإليزيه (رويترز)

ويندرج في إطار الضغوط الأميركية رفض واشنطن منح تأشيرات للوفد الفلسطيني (وعلى رأسه الرئيس محمود عباس) لمنعه من المشاركة في القمة. وسبق لوزارة الخارجية الأميركية أن أرسلت، في شهر يونيو (حزيران) الماضي، رسالة إلى كافة سفاراتها عبر العالم، تدعوها لثني الدول العازمة على الاعتراف بالدولة الفلسطينية عن قرارها، بل عن المشاركة في القمة التي كانت مقررة، أساساً، في الشهر المذكور. إلا أنها أجلت للشهر الحالي بسبب حرب الـ12 يوماً بين إسرائيل وإيران، والتي انضمت إليها الولايات المتحدة لاحقاً.

تكمن مشكلة إسرائيل في أن إعلان ماكرون، رسمياً، عزمه على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أطلق دينامية سياسية واسعة، حيث إن مجموعة من الدول التحقت بفرنسا، ومن بينها كندا وبريطانيا وأستراليا والنرويج وبلجيكا والبرتغال وفنلندا وآيسلندا، علماً بأن بعضها ربطه بشروط والآخر من غير شروط.

ولم يوفر نتنياهو أي وسيلة للإعراب عن غيظه، بل ذهب إلى حد التهديد باللجوء إلى تدابير انتقامية بحق فرنسا. ومنذ أن ظهر بوضوح أن ماكرون لن يتراجع عن قرار الاعتراف، عمدت إسرائيل إلى تحفيز الإعلام والأحزاب السياسية الموالية لها ومجموعات الضغط لمهاجمة الرئيس الفرنسي وتبني السردية الإسرائيلية التي تعتبر أن الاعتراف بمثابة «مكافأة» لـ«حماس»، وتشجيع على الإرهاب والمقامرة بأمن إسرائيل واستنهاض معاداة السامية.

وبالمقابل، فإن الرد الرسمي الفرنسي يشدد على أن «حل الدولتين» يسدي خدمة لإسرائيل بإخراجها من دوامة العنف وتسهيل انخراطها في بيئتها الإقليمية، ويعد بداية «ضربة» لـ«حماس» ولآيديولوجيتها.

رسائل نارية بين ماكرون ونتنياهو

تضم الرسالة التي وجهها نتنياهو إلى ماكرون، في 18 الشهر الماضي، إشارة إلى كافة الاتهامات الإسرائيلية لباريس. وجاء في فقرات منها: «إن دعوتكم إلى إقامة دولة فلسطينية تغذي نار معاداة السامية». ومنها أيضاً: «منذ تصريحاتكم العلنية التي هاجمت إسرائيل وأعلنت الاعتراف بدولة فلسطينية، ازدادت معاداة السامية قوة»، مضيفاً أن ماكرون يكافئ إرهاب «حماس»، ويعزز رفضها إطلاق سراح الرهائن، ويشجع أولئك الذين يهددون اليهود الفرنسيين، ويشجع كراهية اليهود في شوارع فرنسا.

ورد الإليزيه بأن ما جاء في هذه الرسالة «تحليل مقيت وخاطئ». وبعد أسبوع، رد ماكرون بنفسه رسمياً من خلال رسالة مطولة (نحو ألفي كلمة) نشرت في صحيفة «لوموند» يوم 26 أغسطس (آب). وتضمن رد ماكرون تفنيداً ممنهجاً لمزاعم نتنياهو، معتبراً أنها «غير مقبولة وتشكل إهانة لفرنسا» من حيث تأكيدها أنها لا تحارب معاداة السامية.

واتهم ماكرون نتنياهو باستخدام معاداة السامية «ورقة سياسية أو أداة ضغط»، معدّداً ما قامت به باريس التي تعتبر حماية اليهود «أولوية مطلقة منذ اليوم الأول» لرئاسته. ودافع ماكرون عن تمسكه بحل الدولتين الذي «لا يستهدف الإساءة (لإسرائيل) بل يرسخ أمنها، ونجاح السلام يُعدّ أساساً لاستقرارها واندماجها» الإقليمي.

وهاجم ماكرون مجدداً ما تقوم به إسرائيل في غزة، وهي «أعمال لا يمكن تبرريها بأي شكل من الأشكال»، مضيفاً أن «التهجير الجماعي لسكان غزة بسبب المجاعة والعنف، بالإضافة إلى كونه أمراً غير أخلاقي، ستكون له آثار مباشرة ودائمة على الأمن الإقليمي والدولي، بما في ذلك أمن إسرائيل وأوروبا».

صورة مأخوذة من مقطع فيديو يظهر مجموعة أشخاص يحاولون سحب جثة من الدرج الخارجي لمستشفى ناصر بعد وقت قصير من غارة إسرائيلية على خان يونس يوم 25 أغسطس (رويترز عبر وكالة أ.ب)

ليّ ذراع

في ظل هذه الأجواء، أثار الاتصال الذي جرى بين وزيري خارجية فرنسا وإسرائيل، جان نويل بارو وجدعون ساعر، الأربعاء، الكثير من التساؤلات، بل العجب؛ لأن مضمونه تناول زيارة محتملة لماكرون إلى إسرائيل في أجواء من التصعيد بين الطرفين.

ونقل عن ساعر قوله لبارو إن فرنسا «اتخذت في الآونة الأخيرة سلسلة من الخطوات والمواقف المعادية لإسرائيل»، وإنه ما دامت باريس ماضية في مبادرتها وجهودها التي تضر بمصالح إسرائيل، فلا مجال لزيارة ماكرون إلى إسرائيل. ولذا، فشرط إتمام الزيارة مرتبط بتراجع باريس عن مبادرتها، وهو ما ترفضه فرنسا بشكل مطلق.

بيد أن ماكرون حرص، إزاء الهجمة الإسرائيلية المتواصلة على فرنسا وعلى الدول التي تحذو حذوها، على تأكيد ثوابت بلاده في تغريدة على منصة «إكس»، جاء فيها: «لن يوقف أي هجوم أو محاولة ضم أو تهجير للسكان الدينامية» التي تم إطلاقها بخصوص الاعتراف بالدولة الفلسطينية والتي انضم إليها بالفعل «العديد من الشركاء».

وانتقد ماكرون القرار الأميركي بعدم منح تأشيرات دخول للمسؤولين الفلسطينيين، معتبراً ذلك «أمراً غير مقبول»، مضيفاً: «ندعو إلى التراجع عن هذا الإجراء، والسماح بتمثيل فلسطيني وفقاً لاتفاق المقر (مقر الأمم المتحدة في نيويورك)».

ما يحصل بين باريس وتل أبيب مفتوح على كثير من التطورات. بيد أن باريس لا تنوي التراجع ولا الخضوع لمطالب نتنياهو، بحسب ما تشير تصريحات مسؤوليها، رغم أن ما تنوي الدولة القيام به يواجه معارضة من اليمين التقليدي واليمين المتطرف في فرنسا، وكذلك من دول في الاتحاد الأوروبي على غرار ألمانيا والمجر والنمسا.


مقالات ذات صلة

نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ) play-circle

نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، ‌إن تل أبيب على ​علم ‌بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

نتنياهو: إسرائيل وافقت على تعزيز التعاون الدفاعي مع اليونان وقبرص

​قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الاثنين، إن إسرائيل وافقت على ‌تعزيز ‌التعاون الأمني ​​مع ‌اليونان ⁠وقبرص.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (د.ب.أ)

لماذا أغلقت حكومة نتنياهو إذاعة الجيش الإسرائيلي؟

صادقت الحكومة الإسرائيلية، الاثنين، على اقتراح قدمه وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، بشأن إغلاق محطة إذاعة الجيش الإسرائيلي «غالي تساهال»، لتنهي مهامها في مارس (آذار)

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (د.ب.أ)

الحكومة الإسرائيلية تصدّق على قرار إغلاق الإذاعة العسكرية

أقرت الحكومة الإسرائيلية، الاثنين، إغلاق الإذاعة العسكرية «غالي تساحال»، رغم معارضة المستشارة القضائية التي أعربت عن خشيتها من «التدخّل السياسي».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صاروخ باليستي إيراني يُعرَض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز) play-circle 01:12

«أكسيوس»: تحركات صاروخية إيرانية تثير مخاوف إسرائيل

حذرت إسرائيل إدارة الرئيس دونالد ترمب من أن إيران ربما تستخدم مناورة صاروخية للحرس الثوري الإيراني غطاء لشن ضربة على إسرائيل.


نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

TT

نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ)

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، ‌إن تل أبيب على ​علم ‌بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة.

وأضاف نتنياهو، وفقاً لوكالة «رويترز»، ‌أن ‍أنشطة طهران النووية ستخضع للنقاش مع الرئيس الأميركي دونالد ​ترمب خلال زيارته في وقت لاحق من هذا الشهر.

و أضاف نتنياهو في بيان مشترك مع نظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس «نحن نراقب الوضع ونتخذ الاستعدادات اللازمة. أود أن أوضح لإيران أن أي عمل ضد إسرائيل سيقابل برد قاس للغاية»، بحسب صحيفة«يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية في موقعها الإلكتروني (واي نت).

ولم يدل نتنياهو بمزيد من المعلومات عن إشارته إلى التدريبات الإيرانية.

تأتي تصريحات نتنياهو في سياق تصاعد التحذيرات الأميركية – الإسرائيلية من عودة إيران إلى إعادة بناء قدراتها الصاروخية والنووية، بعد الحرب التي اندلعت بين الطرفين في يونيو (حزيران) الماضي.

ويتزايد القلق في إسرائيل، من أن التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة قد لا تكون مجرد تدريبات اعتيادية، بل جزءاً من جهود أوسع لإعادة بناء الترسانة الباليستية التي تضررت خلال الحرب.

ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤولين إسرائيليين أمس، أن هامش تحمل المخاطر بات أقل من السابق، في ظل تجربة الهجوم الذي نفذته حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وما أعقبه من حرب متعددة الجبهات.

ورغم أن التقديرات الاستخباراتية لا تشير إلى هجوم إيراني وشيك، فإن المخاوف تتركز على احتمال سوء تقدير متبادل قد يقود إلى مواجهة غير مقصودة.

وتقول تقديرات أمنية غربية إن الضربات التي استهدفت منشآت إيرانية حساسة خلال تلك الحرب لم تُنه التهديد بالكامل، بل دفعت طهران، وفق هذه التقديرات، إلى السعي لإعادة ترميم قدراتها بأساليب أكثر تحصيناً.

وقال قائد الجيش الإيراني، أمير حاتمي أن القوات المسلحة تراقب «بدقة» تحركات خصومها، وستتعامل «بحزم» مع أي أعمال عدائية.

تباينت وسائل إعلام رسمية في إيران بشأن تقارير عن بدء اختبار صاروخي في عدة محافظات من البلاد، في وقت تتصاعد فيه التوترات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، ويتواصل الخلاف مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»، عن مشاهدات ميدانية وتقارير واردة من مواطنين وقوع اختبار صاروخي في نقاط مختلفة من إيران.

وفي وقت لاحق، نفى حساب التلفزيون الرسمي في بيان مقتضب على «تلغرام» إجراء أي مناورات صاروخية.


نتنياهو: إسرائيل وافقت على تعزيز التعاون الدفاعي مع اليونان وقبرص

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو: إسرائيل وافقت على تعزيز التعاون الدفاعي مع اليونان وقبرص

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

​قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الاثنين، إن إسرائيل وافقت على ‌تعزيز ‌التعاون الأمني ​​مع ‌اليونان ⁠وقبرص.

وجاءت ​تعليقات ‌نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ⁠ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي ‌نيكوس ‍خريستودوليديس في ‍القدس.

وقال نتنياهو أيضاً ‍إن الدول الثلاث تعتزم المضي قدماً ​في مشروع الممر الاقتصادي بين الهند ⁠والشرق الأوسط وأوروبا، وهو مبادرة لربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط بحراً وبراً.


مخاوف أميركية - إسرائيلية من إعادة بناء القدرات الإيرانية

TT

مخاوف أميركية - إسرائيلية من إعادة بناء القدرات الإيرانية

صورة نشرها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة «إكس» من محادثاته مع السيناتور ليندسي غراهام
صورة نشرها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة «إكس» من محادثاته مع السيناتور ليندسي غراهام

تتصاعد التحذيرات الأميركية والإسرائيلية من عودة إيران إلى بناء قدراتها الصاروخية والنووية، في وقت تشير فيه تقديرات أمنية إلى أن الضربات التي استهدفت منشآت إيرانية خلال حرب يونيو (حزيران) لم تنه التهديد بالكامل.

وبينما تؤكد واشنطن أن طهران «لم تستوعب الرسالة كاملة» بعد قصف منشأة فوردو، تتحدث تل أبيب عن نافذة زمنية تضيق، وخيارات عسكرية تعود إلى الطاولة، وسط مخاوف من سوء تقدير قد يقود إلى مواجهة جديدة غير مقصودة.

وقال السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، إن إيران «لم تستوعب الرسالة كاملة» عقب القصف الأميركي لمنشأتها النووية بواسطة قاذفات الشبح «بي 2» خلال الحرب الإسرائيلية - الإيرانية في يونيو، وذلك وسط تقارير تشير إلى محاولات طهران إعادة ترميم قدراتها النووية والصاروخية.

وأضاف هاكابي، في مقابلة أُجريت على هامش مؤتمر لمعهد دراسات الأمن القومي، أنه «لا يعتقد أن إيران أخذت الرئيس الأميركي دونالد ترمب على محمل الجد إلى أن جاءت الليلة التي توجهت فيها قاذفات الشبح إلى فوردو»، وفق ما أوردت وسائل إعلام إسرائيلية.

ورداً على سؤال بشأن التقارير المتداولة حول مساعي طهران لإعادة ترميم المنشأة، قال: «آمل أنهم فهموا الرسالة، لكن يبدو أنهم لم يفهموها كاملة؛ لأنهم يحاولون إعادة تشكيل الموقع وإيجاد طرق جديدة لتعميق التحصينات وجعلها أكثر أمناً».

حركة المرور أمام جدارية دعائية تصور رأساً حربياً لصاروخ إيراني يحمل شعاراً بالفارسية يقول: «سقط الصاروخ بين العفاریت» في أحد شوارع طهران يوليو الماضي (إ.ب.أ)

وتعرب الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون عن قلق متزايد إزاء تقدم برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، متهمين طهران بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما مع وقوع إسرائيل ضمن مدى هذه الصواريخ.

وحسب شبكة «إن بي سي» الأميركية، يتخوف مسؤولون أميركيون بصورة متزايدة من توسع البرنامج الصاروخي الإيراني، ونقلت الشبكة عن مصادر لم تسمّها، السبت، أن مسؤولين يستعدون لإطلاع الرئيس الأميركي على «الخيارات المتاحة» للتعامل مع هذا التهديد، بما في ذلك سيناريوهات عسكرية محتملة.

ومن المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترمب في 29 ديسمبر (كانون الأول) في ميامي، حيث يعتزم، وفق مصادر إسرائيلية، بحث مساعي إيران لإعادة بناء قدراتها الصاروخية الباليستية، إضافة إلى احتمال توجيه ضربة أخرى لإيران في عام 2026. وكانت قناة «إن بي سي نيوز» قد كشفت سابقاً عن نية نتنياهو عرض هذا الملف على ترمب، في إطار ما تصفه إسرائيل بأنه تهديد آخذ في التصاعد.

وعند سؤاله عما إذا كانت الولايات المتحدة قد تمنح الضوء الأخضر لهجوم إسرائيلي جديد على إيران في حال رأت إسرائيل أن ذلك ضروري، أجاب هاكابي: «كل ما يمكنني فعله هو التذكير بما قاله الرئيس ترمب مراراً، وهو أن إيران لن يُسمح لها بتخصيب اليورانيوم أبداً، ولن تمتلك سلاحاً نووياً». وأضاف أن استئناف إيران لقدراتها في مجال الصواريخ الباليستية والبرنامج النووي لا يشكل تهديداً لإسرائيل والولايات المتحدة فحسب، بل «يمثل تهديداً حقيقياً لأوروبا بأكملها»، متابعاً بنبرة حادة أن الأوروبيين «إن لم يفهموا ذلك، فهم أكثر غباءً مما أعتقد أحياناً»، مع الإشارة إلى أن أوروبا أعادت تفعيل عقوبات «سناب باك» ضد إيران.

واشنطن على الخط

وفي السياق ذاته، قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إنه «يؤيد شن هجوم على إيران»، محذّراً من أن مساعي طهران لإعادة بناء قدراتها الصاروخية الباليستية باتت تشكل تهديداً لا يقل خطورة عن برنامجها النووي.

وجاءت تصريحات غراهام خلال زيارة يجريها حالياً إلى إسرائيل، التقى خلالها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولين كباراً في الجيش الإسرائيلي، من بينهم رئيس شعبة العمليات ووزير الأمن يسرائيل كاتس. وقال غراهام في مقابلة مع محطة «آي 24 نيوز» الإسرائيلية إن إيران «تحاول استعادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم»، معتبراً أن ذلك، إلى جانب تطوير الصواريخ الباليستية، يمثل «تهديداً حقيقياً لإسرائيل».

وأضاف السيناتور الجمهوري أن «أي شيء يضعف إسرائيل يضعف الولايات المتحدة أيضاً»، داعياً إلى استهداف القدرات الصاروخية الإيرانية في أي ضربة مقبلة. وفي مقابلة منفصلة مع صحيفة «جيروزاليم بوست»، قال غراهام إن الصواريخ الباليستية الإيرانية قد «تغرق القبة الحديدية»، مؤكداً أنه «لا يمكن السماح لإيران بإنتاجها». وأوضح أنه لا يؤيد غزواً أميركياً لإيران، لكنه يدعم «توجيه ضربة عسكرية» في حال ظهرت مؤشرات على استئناف البرنامج النووي أو برنامج الصواريخ.

قلق إسرائيلي متصاعد

بالتوازي، أفاد تقرير لموقع «أكسيوس» بأن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا إدارة ترمب، خلال عطلة نهاية الأسبوع، أن التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة تثير قلقاً متزايداً، رغم أن المعلومات الاستخباراتية المتوافرة لا تظهر حتى الآن سوى تحركات قوات داخل إيران.

أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب (أ.ب)

وأشار التقرير إلى أن هامش تحمل المخاطر لدى الجيش الإسرائيلي بات أدنى بكثير مما كان عليه في السابق، بعد تداعيات هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ونقل «أكسيوس» عن مصدر إسرائيلي قوله إن «احتمالات الهجوم الإيراني تقل عن 50 في المائة، لكن لا أحد مستعد لتحمّل المخاطرة والاكتفاء بالقول إنها مجرد مناورة». في المقابل، أكد مصدر أميركي أن الاستخبارات الأميركية لا تملك حالياً مؤشرات على هجوم إيراني وشيك.

ونبّهت مصادر إسرائيلية وأميركية إلى أن سوء تقدير متبادل قد يقود إلى حرب غير مقصودة، إذا اعتقد كل طرف أن الآخر يستعد للهجوم وسعى إلى استباقه. وفي هذا السياق، أجرى رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الفريق أول إيال زامير، اتصالاً مع قائد القيادة المركزية الأميركية، الأدميرال براد كوبر، أبلغه خلاله بقلق إسرائيل من المناورة الصاروخية التي بدأها «الحرس الثوري».

وأشار زامير إلى أن تحركات الصواريخ الإيرانية وخطوات تشغيلية أخرى قد تكون غطاءً لهجوم مفاجئ، داعياً إلى تنسيق دفاعي وثيق بين القوات الأميركية والإسرائيلية.

تلميحات بحرب جديدة

وترافق القلق الاستخباراتي مع تصعيد في الخطاب العلني. وحذر زامير، خلال مراسم تسليم مهام رئيس مديرية التخطيط في الجيش الإسرائيلي في تل أبيب، من أن الجيش سيضرب أعداء إسرائيل «حيثما يتطلب الأمر، على الجبهات القريبة والبعيدة على حد سواء»، في تلميح واضح إلى احتمال استهداف إيران مجدداً.

وقال زامير إن «في صميم أطول وأعقد حرب في تاريخ إسرائيل تقف الحملة ضد إيران»، معتبراً أن طهران هي التي «مولت وسلّحت حلقة الخنق حول إسرائيل»، في إشارة إلى الحرب متعددة الجبهات التي اندلعت منذ أكتوبر 2023.

تهديد مُلح

وترى الاستخبارات الإسرائيلية مؤشرات مبكرة على استئناف إيران بناء قدراتها الصاروخية بزخم متسارع مقارنة بفترة ما بعد حرب الأيام الاثني عشر في يونيو. وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن إيران خرجت من تلك الحرب وهي تمتلك نحو 1500 صاروخ، مقارنة بنحو 3000 صاروخ قبلها، إضافة إلى 200 منصة إطلاق من أصل 400 كانت بحوزتها.

وتؤكد المصادر أن طهران بدأت بالفعل خطوات لإعادة بناء قواتها الصاروخية، لكنها لم تعد بعد إلى مستويات ما قبل الحرب. ولا ترى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ولا جهاز «الموساد» أن وتيرة هذه الخطوات تفرض تحركاً عسكرياً عاجلاً خلال الشهرين أو الثلاثة المقبلة، إلا أنها قد تتحول إلى مسألة أكثر إلحاحاً لاحقاً هذا العام.

طفل يجلس فوق رأس حربي لصاروخ باليستي في المعرض الدائم التابع لـ«الحرس الثوري» بضواحي طهران نوفمبر الماضي (أ.ب)

وفي هذا الإطار، يتركز القلق الإسرائيلي بشكل متزايد على الصواريخ الباليستية بوصفها تهديداً أكثر إلحاحاً من البرنامج النووي نفسه، رغم وصف إسرائيل العلني للنووي الإيراني بأنه تهديد وجودي؛ إذ يرى مسؤولون إسرائيليون أن الصواريخ تمثل الخطر الفوري الأكبر، خصوصاً بعد التجربة الأخيرة التي لم تتمكن فيها الدفاعات الإسرائيلية من اعتراض جميع الهجمات.