بالذكاء الاصطناعي… غراء لاصق فائق القوة يثبت فاعليته تحت الماء

يَعِد بتطبيقات طبية وصناعية كثيرة

المادة الهلامية المستوحاة من البرنقيل تجسّد تحولاً في ابتكار المواد بفضل الذكاء الاصطناعي (Hao Guo, Hongguang Liao and Hailong Fan)
المادة الهلامية المستوحاة من البرنقيل تجسّد تحولاً في ابتكار المواد بفضل الذكاء الاصطناعي (Hao Guo, Hongguang Liao and Hailong Fan)
TT

بالذكاء الاصطناعي… غراء لاصق فائق القوة يثبت فاعليته تحت الماء

المادة الهلامية المستوحاة من البرنقيل تجسّد تحولاً في ابتكار المواد بفضل الذكاء الاصطناعي (Hao Guo, Hongguang Liao and Hailong Fan)
المادة الهلامية المستوحاة من البرنقيل تجسّد تحولاً في ابتكار المواد بفضل الذكاء الاصطناعي (Hao Guo, Hongguang Liao and Hailong Fan)

يُعَدّ ابتكار مواد لاصقة قادرة على العمل بكفاءة تحت الماء واحداً من أعقد التحديات في علم المواد. فالمواد اللاصقة التقليدية تفقد قوتها سريعاً عند التعرض للرطوبة. وحتى المواد الهلامية المائية (Hydrogels) المتقدمة المعروفة بمرونتها وتوافقها الحيوي، تواجه صعوبة في الالتصاق بالأسطح الرطبة أو غير المستوية. ومع ذلك، قد يمثل إنجاز بحثي جديد من فريق ياباني – صيني مشترك نقطة تحول مهمة، بعدما استعان العلماء بالذكاء الاصطناعي لتطوير مادة هلامية مائية قادرة على الالتصاق بفاعلية غير مسبوقة تحت الماء.

فريق البحث من معهد طوكيو للتكنولوجيا وجامعة جنوب الصين للتكنولوجيا اعتمد على التعلم العميق في تصميم مادة هلامية تستلهم قوة التصاق البرنقيل (الكائنات البحرية الصغيرة التي تلتصق بالسفن والصخور والأرصفة بقوة مذهلة حتى في أقسى الظروف البحرية). محاكاة هذه القدرة الطبيعية وتحويلها مادة صناعية قابلة للاستخدام كان حلماً للعلماء منذ عقود.

الذكاء الاصطناعي يرسم الخريطة الجزيئية

الدراسة المنشورة في مجلة «Nature Communications» أوضحت كيف استخدم الفريق منصة تعلم آلي لاختبار أكثر من ألف تركيبة مختلفة للهلام المائي؛ بهدف تحديد البُنى الجزيئية الأكثر قدرة على تحقيق توازن بين الالتصاق القوي والمرونة والمتانة. الطرق التقليدية كانت ستتطلب سنوات من التجارب، بينما تمكّن الذكاء الاصطناعي من تقليص الزمن واختيار أفضل المرشحين بسرعة ودقة.

التركيبة الفائزة تضمنت مكونات موجبة وسالبة الشحنة تسمح بإنشاء روابط كهربائية قوية مع الأسطح الرطبة. هذه الخاصية لا تعزز الالتصاق فحسب، بل تمنح المادة مقاومة عالية ضد التدهور عند التعرض المتكرر للجفاف وإعادة البلل.

تقليد عبقرية البرنقيل

البرنقيل يلتصق عبر إفرازات غنية بالبروتينات والدهون تشكّل مصفوفة مقاومة للماء. المادة الهلامية المطورة تحاكي هذه العملية الطبيعية عبر تشكيل روابط متشابكة بين سلاسل البوليمرات؛ ما يمنحها قدرة عالية على الالتصاق حتى في المياه المالحة أو البيئات المضطربة. التجارب المخبرية أثبتت أن قوة التصاق هذه المادة تضاهي، وفي بعض الحالات تتفوق، على المواد اللاصقة التجارية المستخدمة في البيئات البحرية، كما أنها احتفظت بأدائها بعد الاستخدام المتكرر.

ووصف الفريق البحثي النتيجة بأنها «خطوة تقربنا أكثر من المواد اللاصقة المستوحاة من الطبيعة، القادرة على حل مشكلات حقيقية لطالما عجزت التكنولوجيا التقليدية عن معالجتها».

تطبيقات واسعة النطاق

تفتح هذه التقنية الباب أمام استخدامات متعددة. ففي المجال الطبي، يمكن أن تسهم في تطوير مواد لاصقة جراحية تعمل بكفاءة داخل بيئات غنية بالسوائل، مثل القلب أو الجهاز الهضمي. أما صناعياً، فقد تُستخدم لإصلاح السفن والمنشآت البحرية تحت الماء دون الحاجة إلى إيقاف التشغيل أو إخراجها من الخدمة. وفي الهندسة المدنية، يمكن أن تُستعمل لسد الشقوق في السدود أو الأنفاق أو أنابيب المياه، حيث يصعب تجفيف البيئة. كما أن توافقها الحيوي ومرونتها قد يجعلها مثالية لأجهزة طبية قابلة للارتداء تلتصق بالبشرة الرطبة لفترات طويلة، مثل الحساسات أو لاصقات توصيل الدواء.

كفاءة واستدامة

ما يميز هذا الإنجاز ليس المادة فحسب، بل الطريقة التي جرى اكتشافها بها. فقد أظهر البحث كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعمل «شريكَ تصميم»، يوجه التجارب نحو نتائج مستدامة وأكثر دقة؛ ما يقلل من الهدر ويُسرّع الابتكار.

هذا التوجه يعكس تياراً متنامياً في علوم المواد، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي أداة رئيسية لتطوير بطاريات الجيل الجديد، والمحفزات، والبوليمرات وغيرها، في وقت تحتاج فيه الصناعات إلى حلول أسرع وأكثر كفاءة لمواجهة التحديات العالمية.

التحديات المقبلة

رغم النتائج الواعدة، لا تزال المادة الهلامية في مراحلها المبكرة. فالتصنيع على نطاق واسع، وضمان الاستقرار طويل الأمد، والجدوى الاقتصادية كلها مسائل يجب اختبارها قبل طرحها تجارياً. كما أن التطبيقات الطبية ستتطلب سنوات من التجارب السريرية والتنظيمية للتأكد من أمانها وفاعليتها.

هناك أيضاً تحديات بيئية في الاستخدامات البحرية، مثل مقاومة البكتيريا والكائنات الدقيقة والضغط العالي في أعماق المحيط. تجاوز هذه العقبات سيكون حاسماً لتحويل النجاح المخبري منتجاً عملياً.

تُبرز هذه الدراسة كيف يمكن للتقاطع بين الطبيعة والذكاء الاصطناعي أن يفتح آفاقاً جديدة. فبينما كان تطوير مواد لاصقة تعمل تحت الماء حلماً بعيد المنال، أثبتت الخوارزميات أنه بالإمكان اختصار سنوات من المحاولات عبر محاكاة وفهم التفاعلات الجزيئية.


مقالات ذات صلة

خبراء يحذرون: الذكاء الاصطناعي قد ينفذ هجمات إلكترونية بمفرده

تكنولوجيا صورة مركبة عن الذكاء الاصطناعي (رويترز)

خبراء يحذرون: الذكاء الاصطناعي قد ينفذ هجمات إلكترونية بمفرده

حذرت مجموعة من الخبراء من قيام نماذج الذكاء الاصطناعي بتحسين مهاراتها في الاختراق، مشيرين إلى أن تنفيذها هجمات إلكترونية بمفردها يبدو أنه «أمر لا مفر منه».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا ستبقى شركة «أوبن إيه آي» اليافعة من سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة رمزاً للعبقرية التي أطلقت الذكاء الاصطناعي التوليدي وأتاحته على أوسع نطاق (رويترز)

هيمنة شركة «أوبن إيه آي» على سوق الذكاء الاصطناعي تهتز بعد 3 سنوات صدارة

بعد ثلاث سنوات من الصدارة، باتت منصة شركة «أوبن إيه آي» للذكاء الاصطناعي - تطبيق «تشات جي بي تي» - مهددة بفعل اشتداد المنافسة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شهدت الدورة الحالية للمسابقة تقديم أكثر من 10 آلاف مشروع مبتكر تعتمد كلها على تقنيات الذكاء الاصطناعي (الشرق الأوسط)

السعودية تتوّج بالمركز الأول في أضخم مسابقة دولية في الذكاء الاصطناعي

تُوِّجت السعودية بالمركز الأول عالمياً في مسابقة الذكاء الاصطناعي العالمية للشباب (WAICY 2025)، بعد تحقيقها 26 جائزة في المسابقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج المهندس أحمد الصويان وأنطونيو غوتيريش يبحثان الموضوعات المشتركة وسُبل التعاون (هيئة الحكومة الرقمية)

غوتيريش يشيد بتقدم السعودية النوعي في الحكومة الرقمية

أشاد أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، بما حققته السعودية من تقدم نوعي في مجال الحكومة الرقمية، عادّاً ما وصلت إليه نموذجاً دولياً رائداً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا تكشف البيانات أن المستخدمين يلجأون للمساعد لطرح أسئلة صحية وعاطفية وفلسفية وليس فقط لحلول تقنية أو عملية (شاترستوك)

كيف يتحول «مايكروسوفت كوبايلوت» من أداة عمل إلى رفيق يومي للمستخدمين؟

يكشف التقرير أن «كوبايلوت» لم يعد مجرد أداة إنتاجية بل أصبح شريكاً رقمياً يلجأ إليه المستخدمون للعمل والقرارات اليومية بما يطرح تحديات ثقة ومسؤولية للمطوّرين.

نسيم رمضان (لندن)

ماذا نعرف عن «الاقتران الخفي» أحدث طرق الاحتيال عبر «واتساب»؟

تبدأ العملية الاحتيالية برسالة من جهة اتصال موثوقة (رويترز)
تبدأ العملية الاحتيالية برسالة من جهة اتصال موثوقة (رويترز)
TT

ماذا نعرف عن «الاقتران الخفي» أحدث طرق الاحتيال عبر «واتساب»؟

تبدأ العملية الاحتيالية برسالة من جهة اتصال موثوقة (رويترز)
تبدأ العملية الاحتيالية برسالة من جهة اتصال موثوقة (رويترز)

تنتشر حالياً عملية احتيال جديدة ومتطورة تستهدف مستخدمي تطبيق «واتساب»، وتُعرف هذه العملية باسم «الاقتران الخفي» أو (Ghost Pairing)، وهي حيلة تُمكّن المُحتال من السيطرة على حساب «واتساب» الخاص بالضحية دون الحاجة إلى اختراق كلمة المرور أو اعتراض الرسائل.

بدلاً من ذلك، تعتمد هذه العملية على أساليب «الهندسة الاجتماعية»، حيث يتم خداع المستخدمين لحملهم على منح الوصول إلى حساباتهم للمحتالين. ويُحذّر خبراء الأمن السيبراني من مخاطر هذه العملية، التي تنتشر عبر جهات الاتصال الموثوقة، مما يجعلها «خبيثة للغاية»، وفق ما ذكره موقع «صوت المراقب» أو (observer voice).

فهم عملية «الاقتران الخفي»

تبدأ العملية عادةً برسالة تبدو بريئة من جهة اتصال موثوقة. قد يتلقى الضحايا رسالة نصية تقول: «مرحباً، هل هذا أنت في هذه الصورة؟» أو «لقد وجدت صورتك للتو»، مصحوبة برابط يبدو أنه يؤدي إلى منشور مألوف على وسائل التواصل الاجتماعي.

عند النقر على الرابط، يتم توجيه المستخدمين إلى صفحة ويب زائفة مصممة لتقليد موقع شرعي. تطلب هذه الصفحة منهم «التحقق» من هويتهم لعرض المحتوى، مما يُفعّل بدء عملية الاقتران أو الربط مع الجهاز المُستخدم من خلاله تطبيق «واتساب».

وخلال هذه العملية، يُطلب من المستخدمين إدخال رقم جوالهم، يلي ذلك توليد رمز رقمي للربط. ثم تُوجّه الصفحة الاحتيالية الضحية لإدخال هذا الرمز في واتساب، مُخفيةً إياه كأنه «إجراء أمني».

بذلك، تربط الضحية دون علمها جهاز المُهاجِم بحسابها. وبمجرد الربط، يحصل المُهاجم على وصول كامل إلى حساب «واتساب» الخاص بالضحية، مما يسمح له بقراءة الرسائل، وتنزيل الوسائط، وإرسال الرسائل دون علم الضحية.

الانتشار السريع للعملية الاحتيالية

يُعدّ الاحتيال عبر «الاقتران الخفي» خطيراً للغاية نظراً لاعتماده على الثقة. فبمجرد اختراق حساب، يستطيع المهاجمون استخدامه لإرسال روابط خبيثة إلى جهات اتصال الضحية ومجموعات الدردشة.

ولأن هذه الرسائل تأتي من مصادر مألوفة، يزداد احتمال نقر المستلمين عليها، مما يُسهّل انتشار عملية الاحتيال بسرعة دون الحاجة إلى رسائل بريد إلكتروني عشوائية أو علامات تحذيرية واضحة.

ووفق موقع «صوت المراقب»، فقد رُصدت هذه العملية في البداية في أجزاء من أوروبا، لكن الخبراء يُحذّرون من أنها لا تقتصر على منطقة مُحدّدة، بل يُمكن أن تستهدف أي مُستخدم لتطبيق «واتساب» في العالم.

ويُعزّز جانب «الهندسة الاجتماعية» في العملية من فاعليتها. إذ يستغل المحتالون ثقة المستخدمين في جهات اتصالهم وشعورهم بالأمان تجاههم، وهو ما يُشجّع الضحايا على التفاعل أكثر مع عملية الاحتيال.

وتتميز عملية الاحتيال عبر «الاقتران الخفي» عن غيرها من عمليات الاحتيال بأنها لا تعتمد على استغلال ثغرات التطبيقات أو إضعاف التشفير. وتُسلط العملية الضوء على اتجاه مُقلق في التهديدات الرقمية، حيث يُركز المُهاجمون على استغلال السلوك البشري بدلاً من نقاط الضعف التقنية.

كيف تحمي نفسك؟

للحماية من عملية «الاقتران الخفي»، يجب على المستخدمين إعطاء الأولوية للوعي بالحلول التقنية. ويُعدّ التحقق المنتظم من قائمة «الأجهزة المرتبطة» في «واتساب» أمراً بالغ الأهمية، حيث يُمكّن المستخدمين من تحديد أي أجهزة غير مألوفة وإزالتها، كما يجب التعامل بحذر مع أي طلبات لإدخال رموز اقتران أو التحقق من الهوية عبر مواقع ويب خارجية.

ويُمكن أن يُوفّر تفعيل «التحقق بخطوتين» أو (Two-step verification) طبقة إضافية من الأمان. كما يجب على المستخدمين توخي الحذر من الرسائل غير المتوقعة، حتى من جهات الاتصال المعروفة، والتحقق من صحتها قبل النقر على أي روابط.


«تسلا» تعرض الروبوت الشبيه بالبشر «أوبتيموس» في برلين

 «أوبتيموس» (أ.ب)
«أوبتيموس» (أ.ب)
TT

«تسلا» تعرض الروبوت الشبيه بالبشر «أوبتيموس» في برلين

 «أوبتيموس» (أ.ب)
«أوبتيموس» (أ.ب)

كشفت شركة «تسلا»، السبت، عن روبوتها الشبيه بالبشر المُسمى «أوبتيموس» أمام الجمهور في العاصمة الألمانية برلين.

وقام الروبوت بتوزيع الفشار في سوق لعيد الميلاد بمركز التسوق «إل بي 12»، المعروف أيضاً باسم «مول برلين»؛ حيث كان يلتقط علب الفشار الصغيرة ويملؤها، ثم يقدمها للزوار.

وتشكل طابور طويل أمام المنصة. وكما الحال في عروض مماثلة أخرى قدمتها «تسلا»، ظل من غير الواضح إلى أي مدى كان «أوبتيموس» يعمل بشكل ذاتي، أو ما إذا كان خاضعاً للتحكم عن بُعد جزئياً على الأقل.

«أوبتيموس» (أ.ب)

وفي الوقت الذي يتوقع فيه أن تتراجع مبيعات سيارات «تسلا» الكهربائية مرة أخرى هذا العام، أعلن الرئيس التنفيذي للشركة إيلون ماسك أن مستقبل «تسلا» يكمن في سيارات الأجرة ذاتية القيادة «الروبوتاكسي»، والروبوتات الشبيهة بالبشر.

كما توقّع ماسك أن يفوق عدد الروبوتات عدد البشر في العالم مستقبلاً، مشيراً إلى أن السيارات ذاتية القيادة والروبوتات ستفضي إلى «عالم بلا فقر»، يتمتع فيه الجميع بإمكانية الوصول إلى أفضل رعاية طبية. وأضاف قائلاً: «سيكون (أوبتيموس) جراحاً مذهلًا».

وأوضح ماسك أنه يأمل في بدء إنتاج هذه الروبوتات بحلول نهاية العام المقبل.

وحسب تقارير إعلامية، يتم التحكم في بعض هذه الروبوتات عن بُعد خلال مثل هذه العروض. وأثار مقطع فيديو ضجة على الإنترنت مؤخراً، يظهر فيه روبوت «أوبتيموس» وهو يسقط إلى الخلف مثل لوح مسطح خلال فعالية في مدينة ميامي.

وقبل أن يسقط يرفع الروبوت ذراعيه الاثنتين إلى رأسه، في حركة توحي بأن الشخص الذي كان يتحكم فيه عن بُعد قد نزع نظارة ثلاثية الأبعاد. ولم تعلق «تسلا» على ذلك.


خبراء يحذِّرون: الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يقلل من نشاط الدماغ

يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)
يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)
TT

خبراء يحذِّرون: الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يقلل من نشاط الدماغ

يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)
يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)

أفاد تقرير بأن تفويض بعض المهام إلى الذكاء الاصطناعي يقلل من نشاط الدماغ؛ بل وقد يضر بمهارات التفكير النقدي وحل المشكلات.

في وقت سابق من هذا العام، نشر «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» (MIT) دراسة أظهرت أن الأشخاص الذين استخدموا برنامج «شات جي بي تي» لكتابة المقالات أظهروا نشاطاً أقل في شبكات الدماغ المرتبطة بالمعالجة المعرفية في أثناء قيامهم بذلك.

لم يتمكن هؤلاء الأشخاص أيضاً من الاستشهاد بمقالاتهم بسهولة، كما فعل المشاركون في الدراسة الذين لم يستخدموا روبوت محادثة يعمل بالذكاء الاصطناعي. وقال الباحثون إن دراستهم أظهرت «أهمية استكشاف احتمال انخفاض مهارات التعلم».

تم اختيار جميع المشاركين الـ54 من «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» (MIT) والجامعات المجاورة. وسُجِّل نشاط أدمغتهم باستخدام تخطيط كهربية الدماغ (EEG)، الذي يتضمن وضع أقطاب كهربائية على فروة الرأس.

وتضمنت بعض التوجيهات التي استخدمها المشاركون طلب المساعدة من الذكاء الاصطناعي لتلخيص أسئلة المقالات، والبحث عن المصادر، وتحسين القواعد والأسلوب.

كما استُخدم الذكاء الاصطناعي لتوليد الأفكار والتعبير عنها، ولكن بعض المستخدمين شعروا بأنه لم يكن بارعاً في ذلك.

انخفاض التفكير النقدي

وفي دراسة منفصلة، ​​وجدت جامعة «كارنيجي ميلون» و«مايكروسوفت» التي تُشغّل برنامج «Copilot»، أن مهارات حل المشكلات لدى الأفراد قد تتضاءل إذا ما اعتمدوا بشكل مفرط على الذكاء الاصطناعي.

واستطلعت الدراسة آراء 319 موظفاً من ذوي الياقات البيضاء ممن يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي في وظائفهم مرة واحدة على الأقل أسبوعياً، حول كيفية تطبيقهم للتفكير النقدي عند استخدامها.

ودرس الباحثون 900 مثال لمهام مُسندة إلى الذكاء الاصطناعي، تتراوح بين تحليل البيانات لاستخلاص رؤى جديدة والتحقق من استيفاء العمل لقواعد مُحددة.

وخلصت الدراسة إلى أن ارتفاع مستوى الثقة في قدرة الأداة على أداء مهمة ما يرتبط بـ«انخفاض مستوى التفكير النقدي»، وذكرت الدراسة أن «مع أن الذكاء الاصطناعي من الجيل الجديد يُمكن أن يُحسِّن كفاءة العاملين، فإنه قد يُعيق التفاعل النقدي مع العمل، وقد يُؤدي إلى اعتماد مُفرط طويل الأمد على الأداة، وتراجع مهارات حل المشكلات بشكل مستقل».

كما أُجري استطلاع رأي مماثل على طلاب المدارس في المملكة المتحدة، نُشر في أكتوبر (تشرين الأول) من قِبل مطبعة جامعة أكسفورد. وأظهر أن 6 من كل 10 أشخاص شعروا بأن الذكاء الاصطناعي قد أثر سلباً على مهاراتهم الدراسية.

وقد وجدت دراسة أجرتها كلية الطب بجامعة هارفارد ونُشرت العام الماضي، أن مساعدة الذكاء الاصطناعي حسَّنت أداء بعض الأطباء، ولكنها أضرَّت بأداء آخرين لأسباب لم يفهمها الباحثون تماماً.

معلم خصوصي لا مقدم للإجابات

تقول جاينا ديفاني التي تقود التعليم الدولي في شركة «أوبن إيه آي» -الشركة التي تمتلك «شات جي بي تي»- والتي ساعدت في تأمين الدراسة مع جامعة أكسفورد، إن الشركة «تدرك تماماً هذا النقاش في الوقت الحالي».

وتقول لـ«بي بي سي»: «لا نعتقد قطعاً أن على الطلاب استخدام (شات جي بي تي) لتفويض المهام الدراسية». وترى أنه من الأفضل استخدامه كمعلمٍ خصوصي لا مجرد مُقدّمٍ للإجابات.