الذهب يقترب من أفضل أداء أسبوعي في 3 أشهر

بدعم رهانات خفض الفائدة وترقب بيانات الوظائف الأميركية

صائغ يزن أساور ذهبية داخل صالة عرض في أحمد آباد الهند (رويترز)
صائغ يزن أساور ذهبية داخل صالة عرض في أحمد آباد الهند (رويترز)
TT

الذهب يقترب من أفضل أداء أسبوعي في 3 أشهر

صائغ يزن أساور ذهبية داخل صالة عرض في أحمد آباد الهند (رويترز)
صائغ يزن أساور ذهبية داخل صالة عرض في أحمد آباد الهند (رويترز)

واصل الذهب ارتفاعه يوم الجمعة متجهاً لتسجيل أفضل أداء أسبوعي له منذ ثلاثة أشهر، مدعوماً بتزايد الرهانات على خفض مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» لأسعار الفائدة هذا الشهر، فيما تتجه الأنظار إلى بيانات الوظائف غير الزراعية الأميركية المنتظر صدورها في وقت لاحق اليوم.

وارتفع الذهب الفوري بنسبة 0.4 في المائة إلى 3557.99 دولار للأونصة بحلول الساعة 05:00 بتوقيت غرينتش، مقترباً من أعلى مستوى تاريخي عند 3578.50 دولار الذي بلغه يوم الأربعاء. وبذلك تكون أسعار المعدن النفيس قد صعدت بنحو 3.2 في المائة منذ بداية الأسبوع، وفق «رويترز».

وزادت عقود الذهب الأميركية الآجلة تسليم ديسمبر (كانون الأول) 0.3 في المائة لتسجل 3616.70 دولار.

وقال تيم ووترر، كبير محللي السوق لدى «كيه سي إم تريد»: «يشهد الذهب صعوداً تدريجياً اليوم، إذ يتجنب المتعاملون دفع الأسعار إلى مستويات أعلى قبل صدور بيانات الوظائف غير الزراعية».

ولا تزال العوامل الأساسية تميل لصالح الذهب، في ظل توقعات خفض الفائدة، ومحاولات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب دفع «الاحتياطي الفيدرالي» إلى نهج أكثر تيسيراً، إلى جانب استمرار الحرب الروسية الأوكرانية.

وكانت طلبات إعانة البطالة الجديدة في الولايات المتحدة قد ارتفعت بأكثر من المتوقع الأسبوع الماضي، مما يعكس بعض التراجع في متانة سوق العمل. كما أظهر تقرير التوظيف الوطني الصادر عن مؤسسة «إيه دي بي» أن نمو الوظائف في القطاع الخاص الأميركي جاء دون التوقعات في أغسطس (آب).

وأعاد عدد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» هذا الأسبوع تأكيد قناعتهم بأن أوضاع سوق العمل تدعم الحاجة إلى تيسير السياسة النقدية. وقال كريستوفر والر، عضو مجلس محافظي «الفيدرالي»، إنه يرى ضرورة خفض الفائدة في الاجتماع المقبل للبنك المركزي.

وبحسب أداة «فيدووتش»، يسعّر المتعاملون حالياً احتمالية تقارب 100 في المائة لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في ختام اجتماع «الفيدرالي» يوم 17 سبتمبر (أيلول).

ويُعرف الذهب، كونه أصلاً لا يدر عائداً، بأدائه القوي في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة. ومن المنتظر أن تمنح بيانات الوظائف الأميركية التي تصدر في الساعة 12:30 بتوقيت غرينتش، إشارات أوضح بشأن المسار المقبل للسياسة النقدية.

وفي المعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة الفورية 0.5 في المائة إلى 40.85 دولار للأونصة متجهة إلى تسجيل ثالث مكاسبها الأسبوعية على التوالي. وزاد البلاتين 1.1 في المائة ليسجل 1382.33 دولار، بينما استقر البلاديوم عند 1127.01 دولار.


مقالات ذات صلة

المعادن... مستويات قياسية شبه يومية

الاقتصاد سبائك ذهبية وفضية مكدسة في غرفة صناديق الودائع في متجر للذهب في ميونيخ (رويترز)

المعادن... مستويات قياسية شبه يومية

لفتت المعادن أنظار المتعاملين في الأسواق بشكل جعلها تسجل بشكل شبه يومي مستويات قياسية جديدة، قبل نهاية العام الحالي، نتيجة مخاوف العام الجديد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد بائعة ترتب مجوهرات ذهبية معروضة للبيع في متجر بمدينة ليانيونغانغ بمقاطعة جيانغسو شرق الصين (أ.ف.ب)

الذهب يكسر حاجز الـ4500 دولار للمرة الأولى في تاريخه

تجاوز سعر الذهب حاجز 4500 دولار للأونصة، للمرة الأولى يوم الأربعاء، في حين سجلت الفضة والبلاتين مستويات قياسية جديدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي ارتفاعات قياسية جديدة سجَّلها المعدن الأصفر في مصر (أرشيفية - رويترز)

حمّى اقتناء المصريين للذهب لا تتراجع رغم ارتفاع أسعاره

شهدت أسواق الذهب ارتفاعات قياسية جديدة، بعدما سجَّلت أوقية الذهب أعلى مستوى في تاريخها، ورغم ذلك، فإن إقبال المصريين على شرائه زاد.

محمد عجم (القاهرة)
الاقتصاد يتعامل أحد المتداولين على أرضية بورصة نيويورك (رويترز)

حصاد 2025: «تقلبات ترمب» تتصدر المشهد... والذهب والفضة تتألقان

كان معظم المستثمرين يدركون أن عام 2025 سيكون مختلفاً مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى السلطة في أكبر اقتصاد بالعالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد تُعرض قلائد ذهبية داخل صالة عرض مجوهرات في كلكتا - الهند (رويترز)

الذهب يكسر الأرقام القياسية والفضة عند ذروة تاريخية

سجّل الذهب مستوى قياسياً جديداً يوم الثلاثاء، مقترباً من حاجز 4500 دولار للأونصة، مع تزايد إقبال المستثمرين على المعدن النفيس باعتبار أنه ملاذ آمن.

«الشرق الأوسط» (لندن)

وزير الصناعة السعودي: ولي العهد سرّع إلغاء المقابل المالي لتعزيز تنافسية القطاع عالمياً

وزير الصناعة متحدثاً للحضور في مجلس صناعيي الرياض الثامن (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة متحدثاً للحضور في مجلس صناعيي الرياض الثامن (الشرق الأوسط)
TT

وزير الصناعة السعودي: ولي العهد سرّع إلغاء المقابل المالي لتعزيز تنافسية القطاع عالمياً

وزير الصناعة متحدثاً للحضور في مجلس صناعيي الرياض الثامن (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة متحدثاً للحضور في مجلس صناعيي الرياض الثامن (الشرق الأوسط)

كشف وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر الخريف، عن كواليس ما قبل إصدار قرار مجلس الوزراء، الأخير، المتمثل في إلغاء المقابل المالي عن القطاع الصناعي، مبيناً أن ولي العهد قاد اجتماعاً كان مدافعاً عن المنظومة، وهو مَن اتخذ القرار بهذه السرعة، في خطوة الهدف منها تعزيز تنافسية الصناعة السعودية على مستوى العالم.

يأتي ذلك بعد أيام من قرار مجلس الوزراء، بإلغاء المقابل المالي المقرر على العمالة الوافدة في المنشآت الصناعية، في خطوة ستسهم في تعزيز تنافسية الصناعة السعودية عالمياً، وزيادة وصول الصادرات غير النفطية وانتشارها في مختلف الأسواق العالمية.

وجاء كلام وزير الصناعة والثروة المعدنية، خلال «مجلس صناعيي الرياض الثامن»، بتنظيم غرفة الرياض، يوم الخميس، مؤكداً أن قرار إلغاء المقابل المالي، يعكس وضوح «رؤية 2030» والحكومة تجاه هذه المنظومة وأهميتها في تنويع القاعدة الاقتصادية وزيادة الصادرات وخلق الفرص الاستثمارية لنمو القطاع غير النفطي.

استقرار السياسات

واستطرد الخريف: «علينا مسؤولية جماعياً أن نثبت أن هذا القرار صحيح ويخلق تنافسية عالية للقطاع الصناعي ويجعل هذه المنظومة منافسة دون قيود ودون ترقب».

جانب من لقاء وزير الصناعة والثروة المعدنية في مجلس صناعيي الرياض الثامن (الشرق الأوسط)

وأبدى تفاؤله بأن القرار سيكون عاملاً مهماً لخلق الاستقرار للسياسات المرتبطة بالاستثمار الصناعي، وتمكين المستثمرين لاتخاذ القرارات المناسبة، مطالباً في الوقت ذاته من المنشآت ضرورة الاستفادة من كل الممكنات لخدمة المنظومة.

من جانبه، أشار رئيس مجلس إدارة غرفة الرياض، المهندس عبد الله العبيكان، في كلمته على هامش الحدث، إلى الدور المحوري الذي تقدمه الوزارة في قيادة التحول الصناعي، وتعزيز تنافسية القطاع، وتمكين الاستثمارات النوعية التي تشكل ركيزة أساسية في بناء مستقبل الصناعة الوطنية، والتي تحظى بدعم غير مسبوق من الحكومة، الأمر الذي حوَّل الصناعة إلى محرك حقيقي للنمو، وركيزة أساسية في تحقيق مستهدفات «رؤية 2030».

التحول الرقمي

وقال إن محورَي المجلس هذا العام يتركزان على التحول الرقمي وربط البيانات، وتعزيز المحتوى المحلي ورفع الأثر الاقتصادي، ويمثلان حجر الأساس لأي نهضة صناعية حديثة، وأن الرقمنة ليست مجرد أداة تطوير، بل ركيزة استراتيجية تعيد تشكيل سلاسل الإمداد، وتحسين كفاءة التشغيل، وترفع جودة القرار.

المهندس عبد الله العبيكان في كلمته خلال مجلس صناعيي الرياض الثامن (الشرق الأوسط)

وأكد العبيكان أن المحتوى المحلي ليس مجرد نسبة تقاس، بل قيمة تُبنى واستثمار يعاد ضخه في الاقتصاد الوطني، وفرص عمل تُخلق، وأثر اقتصادي يتسع ويتجذر.

وحسب العبيكان، فإن غرفة الرياض تؤمن بأن دورها يتجاوز تنظيم الفعاليات إلى صناعة الحوار، ودفع البيئة الصناعية نحو التطور، وهذا المجلس، بما يحمله من خبرات ورؤى، يمثل مساحة خصبة لتوليد أفكار عملية وبناءه، والخروج بتوصيات قادرة على المساهمة في تعزيز مسار الصناعة الوطنية.


انفتاح الأسواق الأميركية... عهد جديد للأصول البديلة في 2026

أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)
أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)
TT

انفتاح الأسواق الأميركية... عهد جديد للأصول البديلة في 2026

أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)
أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)

تشهد الأسواق المالية في الولايات المتحدة مرحلة من التحول، والتطور، مع اتساع نطاق الخيارات الاستثمارية المتاحة للمستثمرين الأفراد. وفي هذا السياق، يبرز التحدي في موازنة الاستفادة من الفرص الجديدة مع إدارة المخاطر المحتملة، لا سيما لأولئك الذين يفتقرون إلى الخبرة، أو الدعم الاستشاري المستمر. ومع اقتراب هذه الأدوات المعقدة من متناول الجميع، يطرح السؤال المحوري: هل تمثل هذه الخيارات فرصة حقيقية لتعزيز العوائد، أم إنها تحمل مخاطر لم يعتد عليها المستثمر العادي في خططه التقاعدية التقليدية؟

وفي هذا الإطار، قد يُتاح قريباً للمستثمرين الأميركيين الوصول إلى مجموعة أوسع من المنتجات المرتبطة بفئات الأصول، مثل الائتمان الخاص، والعملات الرقمية، في إطار جهود إدارة الرئيس ترمب، وهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية لفتح الأسواق. ويرى بعض مستشاري الاستثمار أن هذا التوسع قد يضع عبئاً إضافياً على الأفراد لتحمل مسؤولية حماية أنفسهم مالياً.

واعتمد كل من البيت الأبيض وهيئة الأوراق المالية والبورصات، برئاسة بول أتكينز، منح المستثمرين خيارات أوسع للاستفادة من بعض فئات الأصول التي قد تحقق عوائد مرتفعة. ومع ذلك، يحذر بعض المستشارين الماليين عملاءهم المعتادين على الاستثمار في الأسهم والسندات من أنهم قد لا يكونون مستعدين تماماً لتدفق هذه العروض الجديدة، التي يتوقع محللو السوق ازديادها في 2026، وفق «رويترز».

يقول مارك ستانكاتو، مؤسس شركة «في آي بي ويلث آدفايزرس» في ديكاتور، جورجيا: «سيحدث شيء سلبي، وسيقول الناس: لحظة، لم أدرك المخاطر التي كنت أتعرض لها». ويضيف أن المستثمرين قد يجدون صعوبة في اتخاذ قرارات مدروسة، لا سيما عند تقييم أصولهم التقاعدية.

وأكدت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، والبيت الأبيض استمرار تركيزهما على حماية المستثمرين. وقالت تايلور روجرز، المتحدثة باسم البيت الأبيض: «يلتزم رئيس الهيئة، أتكينز، بضمان أسواق عادلة، ومنظمة، وفعّالة، مع حماية المستثمرين الأفراد». وأضافت أن الولايات المتحدة تظل «المكان الأفضل، والأكثر أماناً للاستثمار».

وأشار متحدث باسم الهيئة إلى أن تركيزها ينصب على ضمان حصول المستثمرين على «معلومات موثوقة لاتخاذ قرارات مدروسة» بشأن جميع المنتجات الجديدة. وكان أتكينز قد صرّح في سبتمبر (أيلول) بأن إتاحة الوصول إلى الأصول الخاصة تستلزم وضع ضوابط مناسبة. كما قالت وزارة العمل إنها ستضع قواعد وإرشادات لأفضل الممارسات عند تقديم الأصول الخاصة، وغيرها من البدائل لمستثمري التقاعد.

ويُثار التساؤل حول ما إذا كانت هذه الخطوات توفر مزيداً من العوائد للمستثمرين، أو تزيد المخاطر على صغار المستثمرين. فقد أعلنت إدارة ترمب في أغسطس (آب) عن خطط لتسهيل وصول المستثمرين الأفراد إلى أصول مثل الائتمان الخاص، والأسهم الخاصة، وطلب من وزير العمل، المسؤول عن خطط التقاعد، التشاور مع جهات أخرى، بما فيها هيئة الأوراق المالية والبورصات، خلال ستة أشهر. وكان أتكينز قد صرّح في نوفمبر (تشرين الثاني) بأن أدوات التقاعد التقليدية، مثل صناديق التاريخ المستهدف، تتجنب الاستثمار في هذه الأصول، ما يضر بالمستثمرين.

حالياً، تتيح خطط التقاعد، مثل 401(k)، الاستثمار في الأصول المتداولة علناً، كالأسهم، والسندات، عبر صناديق الاستثمار المشتركة، أو صناديق المؤشرات المتداولة. وفتح الاستثمار في الأسهم الخاصة، أو الائتمان الخاص قد يوفر فوائد من حيث التنويع، لكنه يثير تساؤلات حول كيفية تقييم هذه الأصول، وسيولتها، وجودة الخيارات المتاحة للمستثمرين الأفراد.

كما تعمل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية على تسهيل وصول المستثمرين إلى العملات المشفرة من خلال تسريع إطلاق صناديق المؤشرات المتداولة الجديدة، عبر اعتماد معايير الإدراج العامة في سبتمبر، ما أزال عقبة أمام إطلاق صناديق المؤشرات المتداولة الفورية المرتبطة بالعملات المشفرة.

وقال روبرت بيرسيكيت، المخطط المالي في شركة «ديلاجيف فايناشال» بارفادا، كولورادو إن العروض الجديدة قد تزيد المخاطر على المستثمرين الأفراد، الذين يعتبرهم الأكثر عرضة للخطر، والأقل خبرة في تقييم مخاطر المنتجات الجديدة، أو المعقدة، مضيفاً: «المستثمر العادي... لا يملك فريقاً من المستشارين لدعمه».

ومنذ تطبيق معايير الإدراج العامة في سبتمبر، شهدت صناديق المؤشرات المتداولة للعملات المشفرة نمواً ملحوظاً، وفقاً لبيانات «مورنينغ ستار»، فيما توقعت شركة «بايتوايز» لإدارة الأصول ظهور نحو مائة صندوق أخرى خلال عام 2026. كما ازداد الاهتمام بصناديق الفترات، وهي صناديق مغلقة تستثمر في الأصول الخاصة، نتيجة استفادتها من توسيع نطاق خطط التقاعد.

وقال برايان أرمور، المحلل في «مورنينغ ستار»: «أتوقع تدفقاً كبيراً للصناديق التي تستثمر في الأصول الخاصة في عام 2026».


كيف تواجه أسواق الخليج الديون المتعثرة دون صدمات؟

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)
TT

كيف تواجه أسواق الخليج الديون المتعثرة دون صدمات؟

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)

في وقتٍ تحافظ فيه اقتصادات الخليج على مستويات مرتفعة من السيولة والقدرة على امتصاص الصدمات، يبرز ملف الديون المتعثرة وإعادة الهيكلة بوصفه أحد المؤشرات الدقيقة على متانة النظام المالي من جهة، وقدرته على التكيّف مع المتغيرات العالمية من جهة أخرى. فبينما لا تزال نسب التعثر عند مستويات محدودة تاريخياً، تفرض بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، وضغوط تنفيذ المشاريع الكبرى، وتحديات رأس المال العامل، واقعاً جديداً يدفع الشركات والمقرضين إلى البحث عن حلول أكثر مرونة وانتقائية.

وفي هذا السياق، ترصد «الشرق الأوسط» ملامح المشهد الراهن والمستقبلي لإدارة الديون المتعثرة في منطقة الخليج، ولا سيما في السعودية، من خلال لقاء خاص مع خبراء شركة «ألفاريز آند مارسال» العالمية.

وفرة السيولة

ويرى المدير الإداري ورئيس قسم استشارات الديون لدى «ألفاريز آند مارسال» الشرق الأوسط، كيرت ديفيس، أن الوضع المالي المتعثر في منطقة الخليج العربي لا يزال دون المستويات الحادة، مشيراً إلى أن وفرة السيولة في الأسواق تتيح حلولاً بديلة للعديد من التحديات، من خلال إعادة التمويل، ودعم المساهمين، وبيع الأصول، بدلاً من اللجوء إلى إجراءات إعادة الهيكلة الرسمية. ويوضح أن هذا الواقع أسهم في احتواء الضغوط ومنع انتقالها إلى موجات تعثر واسعة النطاق.

وعلى مستوى السعودية، يشير ديفيس إلى ظهور بعض مؤشرات التعثر، لا سيما في قطاعات العقارات والإنشاءات، إضافة إلى الشركات المتوسطة ذات المديونية المرتفعة. ويعزو ذلك إلى أسباب ثانوية تتعلق بضعف الطلب في بعض الأنشطة، وأسباب جوهرية تتمثل في ارتفاع أسعار الفائدة، ومخاطر تنفيذ المشاريع، والصعوبات التي تواجه رأس المال العامل في تغطية الالتزامات التشغيلية.

وبالنظر إلى المرحلة المقبلة، يتوقع ديفيس استمرار اللجوء إلى حلول مرنة لإدارة الضغوط المالية، تشمل تعديل شروط القروض، وتمديد مواعيد استحقاقها، وزيادة عمليات تحويل الأصول إلى سيولة، إلى جانب الاعتماد على حلول ثنائية خاصة بين الأطراف المعنية. ويؤكد أن إجراءات إعادة الهيكلة تحت إشراف القضاء ستبقى ضمن نطاق ضيق، ومحصورة بالحالات التي تستدعي ذلك.

إعادة الهيكلة

أما عن تطور نهج الجهات المقرضة في دول الخليج خلال العامين الماضيين، فيشير ديفيس إلى أن التعامل مع الديون المتعثرة بات أكثر انتقائية وتنظيماً، مع توقع استمرار عمليات إعادة الهيكلة والإجراءات الخاصة خلال عام 2026، ولكن ضمن إطار محدود. ويرتبط هذا التوجه، حسب قوله، بعدة عوامل رئيسية، أبرزها استمرار ارتفاع أسعار الفائدة لفترات أطول، واقتراب مواعيد استحقاق جزء كبير من الديون، إضافة إلى مخاطر تنفيذ المشاريع في القطاعات كثيفة الاستثمار.

وأشار ديفيس إلى الدور المحوري الذي تلعبه آليات الدعم المقدمة من الحكومات والبنوك والجهات الراعية في ضبط وتيرة هذه الأنشطة، إلى جانب تأثير معدلات تحويل الأصول إلى سيولة، سواء عبر بيع الأصول غير الأساسية، أو حتى الأساسية، أو من خلال الطروحات العامة الأولية. ويرجّح أن تظل عمليات إعادة الهيكلة محصورة في حالات التعثر الخاصة بكل شركة، وغير الناتجة عن انكماش اقتصادي واسع النطاق.

وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه الشركات عند الدخول في مسارات إعادة الهيكلة، يوضح ديفيس أن الشركات تواجه نقص السيولة، وندرة خيارات إعادة التمويل، وتعقيد المفاوضات مع أطراف متعددة، تشمل البنوك والدائنين والجهات المعنية. وتزداد هذه التحديات عند وجود ثغرات في البيانات، أو عدم جاهزية أنظمة الحوكمة، أو الحاجة إلى إصلاحات تشغيلية حقيقية تتجاوز الحلول المالية البحتة.

كما يشدد على أن إدارة المخاطر المرتبطة بسمعة الشركة، والحفاظ على ثقة الموردين والعملاء، تمثل عاملاً حاسماً في نجاح أي عملية إعادة هيكلة. ويؤكد أن طبيعة التحديات تختلف باختلاف القطاعات؛ ففي قطاعي الإنشاءات والمقاولات، تبرز مخاطر الالتزامات المرتبطة بالمشاريع وضبط توقيت التدفقات النقدية، بينما يخضع القطاع العقاري لتقلبات الأسعار ودورات السوق. أما قطاعا التجزئة والصناعة، فيواجهان ضغوطاً أكبر على رأس المال العامل وارتفاع التكاليف التشغيلية.

البنية التشغيلية

من جانبه، يؤكد رئيس قسم إعادة الهيكلة والرئيس المشارك لدى «ألفاريز آند مارسال» الشرق الأوسط، بول غيلبرت، أن السوق تضم عدداً كبيراً من الشركات المثقلة بالديون التي تحتاج إلى عمليات إعادة هيكلة مالية، مرجحاً استمرار هذا الوضع خلال الفترة المقبلة. ويوضح أن الشركات قد تُجبر على اتخاذ خطوات عملية لمعالجة أوضاعها المالية نتيجة أحداث طارئة في السيولة، أو عوامل خارجية تؤثر على الإيرادات أو ترفع التكاليف.

ويضيف غيلبرت أن الحاجة لا تقتصر على إعادة الهيكلة المالية فحسب، بل تمتد إلى إعادة النظر في البنية التشغيلية للشركات، مؤكداً أن هذا المسار يجب أن يُنظر إليه بوصفه فرصةً لتعزيز الأداء وتحسين الكفاءة. ويرى أن هذا النهج ينطبق على الشركات المزدهرة، كما على تلك التي تواجه تحديات مالية أو ديوناً متعثرة.

وبينما تمضي اقتصادات الخليج في تنفيذ برامج تنموية واستثمارية طموحة، يبقى ملف إعادة الهيكلة مؤشراً مهماً على قدرة الشركات على التكيّف مع التحولات، وعلى نضج الأطر التنظيمية والتمويلية في المنطقة.