توقعات بأن تتجاوز سوق التأمين السعودية 34.4 مليار دولار

«بوبا»: القطاع يشهد طفرة غير مسبوقة خلال الأعوام المقبلة

أحد مستشفيات الرعاية الصحية بالسعودية (الشرق الأوسط)
أحد مستشفيات الرعاية الصحية بالسعودية (الشرق الأوسط)
TT

توقعات بأن تتجاوز سوق التأمين السعودية 34.4 مليار دولار

أحد مستشفيات الرعاية الصحية بالسعودية (الشرق الأوسط)
أحد مستشفيات الرعاية الصحية بالسعودية (الشرق الأوسط)

توقّع تقرير متخصص أن يشهد قطاع التأمين السعودي طفرة غير مسبوقة، خلال الأعوام المقبلة، مع ارتفاع إجمالي الأقساط المكتتبة من 75.9 مليار ريال (20.2 مليار دولار) في 2024، إلى أكثر من 129 مليار ريال (34.4 مليار دولار) بحلول 2030، مدفوعاً بعدة محركات اقتصادية وتنظيمية؛ أبرزها التوسع في التأمين الصحي، والذي يستحوذ حالياً على 55 في المائة، وسط تقديرات بأن تتضاعف أقساطه من 42 مليار ريال (11.2 مليار دولار) إلى 83 مليار ريال (221 مليار دولار).

ويرى التقرير أن هذا النمو يعكس تحولات جوهرية يعيشها القطاع في ظل برامج «رؤية 2030»، والإصلاحات التنظيمية، والتوسع في البنية التحتية الصحية، إلى جانب تسارع التحول الرقمي وزيادة أعداد المؤمَّن عليهم، فضلاً عن تطبيق أنظمة رقابية أكثر صرامة مثل مبادرات الإنفورسمِنت.

تسارع تأميني

ووفقاً لتقرير «مراجعة قطاع التأمين في المملكة 2024»، الصادر عن «بوبا العربية للتأمين التعاوني»، فقد تضاعف حجم السوق المحلية بأكثر من ثلاث مرات، خلال العقد الماضي، مرتفعاً من 21.3 مليار ريال في 2012 إلى 75.9 مليار ريال في 2024.

إلا أن التحول الأبرز جاء عقب جائحة «كوفيد-19»، التي دفعت الشركات إلى تبنّي منصات رقمية وحلول تنظيمية جديدة، مثل InsurTech Sandbox، و«نفيس»، و«المستشفى الافتراضي»، ما مكّن القطاع من تجاوز تداعيات الأزمة، وتحقيق معدل نمو سنوي مركب وصل إلى 22 في المائة. وفق التقرير.

وأشار إلى أن مستقبل القطاع يستند إلى عدة محركات رئيسية، في مقدمتها «رؤية 2030» التي تضخّ استثمارات تتجاوز التريليون ريال في الصحة والبنية التحتية والتحول الرقمي، ما يفتح آفاقاً واسعة أمام قطاع التأمين ويمكّنه من تنويع خدماته، كما يبرز الطب الاتصالي بصفته أحد أعمدة هذا التحول، إذ يسهم في توسيع نطاق الرعاية الصحية، وخفض التكاليف، وتحسين تجربة المريض عبر حلول، مثل التطبيب عن بُعد، ومعالجة المطالبات آلياً، والبوابات الرقمية المتقدمة.

أما على المستوى التنظيمي، فقد أسهمت التشريعات والرقابة في توسيع مظلة الإلزام لتشمل شرائح جديدة مثل العمالة المنزلية والعاملين، بما قد يضيف ما يصل إلى 9.4 مليار ريال للأقساط المكتتبة.

إيرادات سياحية

كما يُضاف إلى ذلك البُعد السياحي، الذي يُتوقع أن يُولّد إيرادات تأمينية إضافية تصل إلى 4.5 مليار ريال، مع استهداف المملكة استقبال 150 مليون سائح سنوياً بحلول 2030، بعدما تجاوز عدد الزوار 100 مليون في عام 2023.

في السياق نفسه، تُسهم الطفرة العمرانية التي تشهدها الرياض، عبر المشاريع الكبرى مثل «مول السعودية»، و«المكعب الجديد»، ومدينة الملك سلمان للطاقة، في تعزيز الطلب على منتجات وخدمات التأمين، لتتحول العاصمة إلى مركز الثقل الجديد لنمو القطاع.

تحديات طبية

ورغم الصورة الإيجابية، حذّر التقرير من تحديات قد تعرقل استدامة النمو في سوق التأمين الصحي؛ أبرزها التضخم الطبي الذي يفوق المعدلات العالمية نتيجة التوسع في المزايا الصحية والاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة، ما يرفع تكلفة الخدمات ويضغط على قدرة القطاع في ضبط النفقات.

كما نوّه بوجود فجوات في الالتزام باللوائح، حيث لا يزال جزء من العاملين في القطاع الخاص وأُسرهم خارج مظلة التأمين الصحي، بينما تواجه الشركات الصغيرة صعوبة في مواكبة التحول الرقمي والامتثال التنظيمي، ما قد يعزز نفوذ الشركات الكبرى على حساب بقية السوق.

تعافي السوق

ومع ذلك، أظهرت السوق مرونة ملحوظة، رغم الضغوط الناتجة عن تطبيق ضريبة القيمة المضافة ورسوم المرافقين خلال 2020-2021، إذ تمكّن من التعافي ليصل إلى مستوى تاريخي بلغ 12.1 مليون مؤمَّن عليه في 2023، ثم سجل ارتفاعاً إضافياً بواقع 1.2 مليون ليصل إلى 13.2 مليون مؤمَّن عليه في 2024.

كما أن التوسع في قاعدة التغطية لتشمل العمالة المنزلية والسياح والعاملين يمثل فرصة مهمة لدعم نمو السوق وتعزيز شموليتها في السنوات المقبلة.

ويخلص التقرير إلى أن السنوات المقبلة ستشهد نضجاً متزايداً في سوق التأمين السعودية، مدفوعاً بالتحولات الرقمية، وتوسيع نطاق الطب الاتصالي، واعتماد نماذج رعاية قائمة على القيمة، إضافة إلى تكامل القطاعين العام والخاص في تطوير البنية الصحية.

قاعدة صلبة

وتعليقاً على نتائج التقرير، قال مدير أبحاث السوق والعملاء في «بوبا العربية»، نديم شهزاد: «تشهد سوق التأمين الصحي توسعاً كبيراً مدفوعة بـ(رؤية المملكة) التي أرست قاعدة صلبة للنمو، فالجمع بين التشريعات الصارمة والرقابة الفعّالة يضمن توجيه هذا الزخم إلى نمو مستدام، في حين يفتح التحول الرقمي آفاقاً واسعة لابتكار حلول جديدة تعزز الخدمات المقدَّمة للعملاء».

وأضاف شهزاد: «البيانات الطبية أصبحت العُملة الجديدة لعصر الرعاية الصحية، فهي الأساس لتطوير خدمات أكثر دقة وفاعلية، وتبقى الرعاية القائمة على القيمة السبيل المثلى لمواجهة تحديات التضخم الطبي والارتقاء بجودة الخدمات، بما يضمن استدامة القطاع وتعظيم أثره في الاقتصاد الوطني».


مقالات ذات صلة

السعودية تعزِّز حضورها في سوق الذهب العالمية بدفع استثماري وتشريعي

الاقتصاد داخل أحد متاجر الذهب في السعودية (تصوير: تركي العقيلي)

السعودية تعزِّز حضورها في سوق الذهب العالمية بدفع استثماري وتشريعي

تُرسِّخ السعودية موقعها بوصفها لاعباً صاعداً في سوق الذهب العالمية، مستندة إلى ثروات معدنية تُقدَّر بأكثر من 9.4 تريليون ريال (2.5 تريليون دولار).

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد رسم تخيلي لمخطط «إكسبو 2030 الرياض» (الشرق الأوسط)

«إكسبو 2030 الرياض» ترسّي العقد الرئيسي للبنية التحتية على «نسما وشركاهم»

أعلنت شركة «إكسبو 2030 الرياض» ترسية العقد الرئيسي لأعمال البنية التحتية والمرافق الأساسية في موقع المشروع على مجموعة «نسما وشركاهم».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

الإيرادات التشغيلية لقطاع التقنية في السعودية يسجل 66.6 مليار دولار

حققت إيرادات قطاع التقنية التشغيلية لمنظومة تقنية المعلومات والاتصالات بالسعودية قفزة نوعية لتبلغ 249.8 مليار ريال (66.6 مليار دولار) خلال عام 2024.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة (واس)

صادرات الخدمات السعودية تجلب 15.5 مليار دولار بدعم من السفر والنقل

كشفت الهيئة العامة للإحصاء، الأربعاء، عن بلوغ قيمة صادرات الخدمات من السعودية، للربع الثالث من العام الحالي، 58.2 مليار ريال (15.5 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية يرتفع 34.5 % بالربع الثالث

أظهرت نتائج الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية، خلال الربع الثالث من عام 2025، أن قيمة صافي التدفقات بلغت 24.9 مليار ريال (6.6 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)

طلبات إعانة البطالة الأميركية تهبط إلى أدنى مستوى في شهر

اصطفاف المئات خارج مركز كيرير في كنتاكي طلباً للمساعدة في إعانات البطالة (أرشيفية - رويترز)
اصطفاف المئات خارج مركز كيرير في كنتاكي طلباً للمساعدة في إعانات البطالة (أرشيفية - رويترز)
TT

طلبات إعانة البطالة الأميركية تهبط إلى أدنى مستوى في شهر

اصطفاف المئات خارج مركز كيرير في كنتاكي طلباً للمساعدة في إعانات البطالة (أرشيفية - رويترز)
اصطفاف المئات خارج مركز كيرير في كنتاكي طلباً للمساعدة في إعانات البطالة (أرشيفية - رويترز)

سجّل عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة انخفاضاً غير متوقع خلال الأسبوع الماضي، ليصل إلى أدنى مستوى له في شهر، في مؤشر يعكس متانة نسبية في سوق العمل، رغم التوقعات بأن يظل معدل البطالة مرتفعاً خلال ديسمبر (كانون الأول) مع تباطؤ وتيرة التوظيف.

وأفادت وزارة العمل الأميركية، يوم الأربعاء، بأن الطلبات الأولية لإعانات البطالة الحكومية تراجعت بمقدار 16 ألف طلب، لتبلغ 199 ألف طلب بعد التعديل الموسمي، خلال الأسبوع المنتهي في 27 ديسمبر. وجاءت القراءة دون توقعات الاقتصاديين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم، والبالغة 220 ألف طلب للأسبوع الأخير من الشهر. ونُشر التقرير قبل يوم من موعده المعتاد بسبب عطلة رأس السنة الميلادية.

وشهدت طلبات إعانة البطالة تقلبات ملحوظة خلال الأسابيع الأخيرة، في ظل صعوبات تتعلق بالتعديلات الموسمية المرتبطة بموسم العطلات، في حين لا تزال سوق العمل عالقة فيما يصفه اقتصاديون وصناع سياسات بـ«حالة الجمود الوظيفي»؛ حيث لا تشهد توسعاً في التوظيف ولا موجات تسريح واسعة.

ورغم استمرار متانة الاقتصاد الأميركي، مع تسجيل الناتج المحلي الإجمالي أسرع وتيرة نمو له في عامين خلال الربع الثالث، فإن سوق العمل يبدو شبه متوقف. ويشير اقتصاديون إلى أن كلاً من العرض والطلب على العمالة تأثرا بعوامل عدة؛ أبرزها الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات وتشديد سياسات الهجرة.

كما أظهر التقرير تراجع عدد المستفيدين من إعانات البطالة المستمرة — وهو مؤشر يعكس فرص إعادة التوظيف — بمقدار 47 ألف شخص، ليصل إلى 1.866 مليون شخص بعد التعديل الموسمي، خلال الأسبوع المنتهي في 20 ديسمبر.

ورغم انخفاضها عن ذروتها الأخيرة، لا تزال طلبات الإعانة المستمرة أعلى من مستوياتها المسجلة في الفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما يتماشى مع نتائج استطلاع حديث أجراه مجلس المؤتمرات، أظهر تراجع نظرة المستهلكين إلى أوضاع سوق العمل خلال ديسمبر إلى أدنى مستوياتها منذ أوائل عام 2021.

وارتفع معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى له في 4 سنوات، مسجّلاً 4.6 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، ويُعزى جزء من هذا الارتفاع إلى عوامل فنية مرتبطة بإغلاق حكومي استمر 43 يوماً. كما أشار مؤشر معدل البطالة الصادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو إلى استقرار المعدل عند 4.6 في المائة خلال ديسمبر، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من 4 سنوات.

ومن المقرر أن تنشر وزارة العمل الأميركية تقرير التوظيف لشهر ديسمبر في 9 يناير (كانون الثاني). وكان الإغلاق الحكومي المطول قد حال دون جمع بيانات معدل البطالة لشهر أكتوبر (تشرين الأول).

وفي السياق نفسه، خفّض مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا الشهر سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة بمقدار 25 نقطة أساس إضافية، ليصل إلى نطاق يتراوح بين 3.50 و3.75 في المائة، إلا أنه أشار إلى أن تكاليف الاقتراض من غير المرجح أن تشهد مزيداً من الانخفاض في الأجل القريب، في ظل ترقب صناع السياسات لمزيد من الوضوح بشأن مسار سوق العمل واتجاهات التضخم.


شي: الصين تبني سياسات اقتصادية استباقية وستحقق هدف النمو

صينيون يقفون أمام شاشة عملاقة في أحد شوارع العاصمة بكين لمشاهدة خطاب الرئيس شي جينبينغ بمناسبة العام الجديد (أ.ف.ب)
صينيون يقفون أمام شاشة عملاقة في أحد شوارع العاصمة بكين لمشاهدة خطاب الرئيس شي جينبينغ بمناسبة العام الجديد (أ.ف.ب)
TT

شي: الصين تبني سياسات اقتصادية استباقية وستحقق هدف النمو

صينيون يقفون أمام شاشة عملاقة في أحد شوارع العاصمة بكين لمشاهدة خطاب الرئيس شي جينبينغ بمناسبة العام الجديد (أ.ف.ب)
صينيون يقفون أمام شاشة عملاقة في أحد شوارع العاصمة بكين لمشاهدة خطاب الرئيس شي جينبينغ بمناسبة العام الجديد (أ.ف.ب)

قال الرئيس الصيني شي جينبينغ، الأربعاء، إنه من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة «نحو 5 في المائة» في عام 2025، على الرغم من «الضغوط» التي واجهها خلال عام وصفه بأنه «استثنائي للغاية»، وذلك وفقاً لما ذكرته وسائل الإعلام الرسمية... ومؤكداً أن الصين ستنفذ سياسات أكثر استباقية في عام 2026 تهدف إلى دعم النمو طويل الأجل.

جاء هذا الإعلان في خطاب شي بمناسبة رأس السنة الجديدة أمام هيئة استشارية سياسية رفيعة المستوى، والذي نقلته وكالة أنباء «شينخوا» الرسمية. ويتوافق هذا النمو السنوي مع الهدف الحكومي الرسمي، ويُعادل نسبة النمو البالغة 5 في المائة المسجلة في عام 2024.

وقد تعرَّض ثاني أكبر اقتصاد في العالم لضغوط متزايدة في السنوات الأخيرة، حيث لم يتعافَ المستهلكون حتى الآن من التراجع الحاد الذي سببته جائحة «كوفيد - 19». كما أسهمت أزمة الديون المستمرة في قطاع العقارات، وفائض الطاقة الإنتاجية الصناعية، وتصاعد النزاع التجاري مع واشنطن، في تفاقم الوضع الاقتصادي.

وقال شي، في كلمته أمام المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، وفقاً لوكالة أنباء «شينخوا»: «واجهنا التحديات بشجاعة وسعينا بجدّ، ونجحنا في تحقيق الأهداف الرئيسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية». وأضاف: «من المتوقع أن يصل معدل النمو إلى نحو 5 في المائة».

ويتوقع الخبراء على نطاق واسع أن تعلن بكين عن هدف مماثل للنمو الاقتصادي لعام 2026 خلال اجتماع سياسي سنوي مهم في أوائل مارس (آذار) المقبل. وفي خطاب لاحق متلفز للأمة، قال شي إن الصين «تغلبت على الكثير من الصعوبات والتحديات» في السنوات الأخيرة، لكن قدراتها الاقتصادية والتكنولوجية والدفاعية قد تحسنت.

وأضاف، وفقاً لوكالة أنباء «شينخوا»: «تتنافس الكثير من نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة في سباق محموم نحو القمة، وقد تحققت إنجازات كبيرة في مجال البحث والتطوير لرقائقنا الخاصة». وأكد على ضرورة أن «تركز الصين على أهدافها ومهامها، وأن تعزز ثقتها بنفسها، وأن تبني زخماً للمضي قدماً» في العام المقبل.

وأضاف شي أن البلاد ستعمل على تعزيز التحسين النوعي الفعال والنمو الكمي المعقول في الاقتصاد، مع الحفاظ على الانسجام والاستقرار الاجتماعيين. وتؤكد رسالة شي جينبينغ تعهدات الحكومة الأخيرة بتنفيذ إجراءات لتعزيز دخل الأفراد ودعم الاستهلاك والاستثمار لدفع عجلة النمو. وقد خصصت الحكومة المركزية 62.5 مليار يوان من عائدات سندات الخزانة الخاصة للحكومات المحلية لتمويل برنامج استبدال السلع الاستهلاكية في العام المقبل، مؤكدةً بذلك أن بكين ستواصل تحفيز الطلب الأسري من خلال هذا البرنامج. كما أصدرت هيئة التخطيط الحكومية الصينية خططاً استثمارية مبكرة لعام 2026، تتضمن مشروعين إنشائيين رئيسيين، بتمويل من الميزانية المركزية يبلغ نحو 295 مليار يوان، وذلك في أحدث مساعيها لتعزيز الاستثمار ودعم النمو الاقتصادي.

وقدّمت البيانات الصادرة يوم الأربعاء مؤشراً إيجابياً لصناع السياسات، حيث بدأ النشاط الصناعي في ديسمبر (كانون الأول) بالتوسع تدريجياً، منهياً بذلك سلسلة من الانكماش استمرت ثمانية أشهر.

من جانبها، وافقت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في الصين، الأربعاء، على مشروعات كبرى وخطط استثمار لميزانية الحكومة المركزية لعام 2026 تقارب قيمتها 295 مليار يوان (42.21 مليار دولار)، وهي أحدث خطوة في محاولة تعزيز الاستثمار ودعم النمو الاقتصادي.

وقال لي تشاو، المتحدث باسم اللجنة، ⁠وهي هيئة التخطيط الرسمية للدولة، إن الحكومة خصصت نحو 220 مليار يوان لتمويل 281 مشروعاً ضمن الخطط الاستراتيجية الوطنية والأمنية الكبرى، مثل مد خطوط أنابيب تحت الأرض.

وبالإضافة إلى ذلك، خصصت ⁠الحكومة أكثر من 75 مليار ‌يوان لتمويل 673 مشروعاً تغطي مجالات مثل الحماية البيئية والحد من الانبعاثات الكربونية. وأضاف لي في بكين أن هذه المشروعات «ستعزز من تحسين نظام البنية التحتية الحديثة في الصين وتوفر دعماً قوياً لبداية سلسة للخطة الخمسية الخامسة عشرة (2026 - 2030)».

وخصص ⁠ثاني أكبر اقتصاد في العالم 800 مليار يوان في 2025 لبرامج تركز على المشروعات الوطنية الكبرى وبناء القدرات المتعلقة بالأمن؛ إذ تعمل الحكومة الصينية على تحقيق الاستقرار في النمو وتعزيز البنية التحتية والطاقة وأمن الموارد وسط مصاعب اقتصادية.


الصين تفرض قيوداً على واردات لحوم الأبقار لحماية الصناعة المحلية

لحوم مجمدة مستوردة من الولايات المتحدة بأحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
لحوم مجمدة مستوردة من الولايات المتحدة بأحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

الصين تفرض قيوداً على واردات لحوم الأبقار لحماية الصناعة المحلية

لحوم مجمدة مستوردة من الولايات المتحدة بأحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
لحوم مجمدة مستوردة من الولايات المتحدة بأحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)

قررت الصين فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 55 في المائة على واردات لحوم الأبقار التي تتجاوز مستويات الحصص من الدول المورِّدة الرئيسية، بما في ذلك البرازيل وأستراليا والولايات المتحدة، في خطوة لحماية صناعة الماشية المحلية التي بدأت تتعافى تدريجياً من فائض العرض. وأعلنت وزارة التجارة الصينية، يوم الأربعاء، أن إجمالي حصة الاستيراد لعام 2026 للدول المشمولة بإجراءاتها الوقائية الجديدة يبلغ 2.7 مليون طن متري، وهو ما يتماشى تقريباً مع الرقم القياسي البالغ 2.87 مليون طن الذي استوردته الصين إجمالاً في عام 2024. وقالت الوزارة، في بيانها الذي جاء عقب تحقيقٍ أُعلن عنه في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2024، إن «زيادة كمية لحوم الأبقار المستوردة ألحقت ضرراً بالغاً بالصناعة المحلية في الصين». ويسري هذا الإجراء ابتداءً من 1 يناير (كانون الثاني)، ولمدة ثلاث سنوات، مع زيادة إجمالي الحصة سنوياً. وقد انخفضت واردات لحوم الأبقار إلى الصين بنسبة 0.3 في المائة، خلال الأشهر الـ11 الأولى من عام 2025، لتصل إلى 2.59 مليون طن. وقال هونغ تشي شو، كبير المحللين بشركة بكين أورينت للاستشارات الزراعية: «إن انخفاض واردات الصين من لحوم الأبقار في عام 2026 أمر لا مفر منه. تربية الأبقار في الصين ليست قادرة على المنافسة، مقارنة بدول مثل البرازيل والأرجنتين. ولا يمكن تغيير هذا الوضع على المدى القصير، من خلال التقدم التكنولوجي أو الإصلاحات المؤسسية، لذلك من الضروري فرض مثل هذه الإجراءات التقييدية على المنتجات المستوردة». وفي عام 2024، استوردت الصين 1.34 مليون طن من لحوم البقر من البرازيل، و594567 طناً من الأرجنتين، و216050 طناً من أستراليا، و243662 طناً من أوروغواي، و150514 طناً من نيوزيلندا، و138112 طناً من الولايات المتحدة. إلا أن الشحنات الأسترالية إلى الصين شهدت، في عام 2025، ارتفاعاً ملحوظاً، مستحوذةً على حصة سوقية على حساب لحوم الأبقار الأميركية، وذلك بعد أن سمحت بكين، في مارس (آذار) الماضي، بانتهاء صلاحية تصاريح مئات من منشآت اللحوم الأميركية، وفي ظلّ شنّ الرئيس دونالد ترمب حرباً تجارية متبادلة. وبلغت صادرات لحوم الأبقار الأسترالية إلى الصين 294957 طناً في الأشهر الأحد عشر الأولى من 2025، وفقاً لبيانات الجمارك الصينية، وهو رقم يتجاوز بكثير مستويات الحصص المحددة للسنوات الثلاث المقبلة. وفيما يتعلق بالحماية المحلية، أعلنت الصين، يوم الأربعاء، هذه الإجراءات بعد تمديدين لتحقيقها في واردات لحوم الأبقار الذي بدأ في ديسمبر 2024، والذي يقول المسؤولون إنه لا يستهدف أي دولة بعينها. وقال زينغيونغ تشو، الباحث بمعهد علوم الحيوان، التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية، إن الرسوم الجمركية ستساعد في الحد من انخفاض مخزون الأبقار الحلوب بالصين، وستمنح شركات لحوم الأبقار المحلية وقتاً لإجراء تعديلات وتحسينات.