أنباء تجميد صفقة الغاز المصرية - الإسرائيلية تطرح تساؤلات حول حجم «التوترات»

إعلام عبري يتحدث عن غضب نتنياهو من الانتشار العسكري في سيناء

السيسي خلال لقاء نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة 2017 (رويترز)
السيسي خلال لقاء نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة 2017 (رويترز)
TT

أنباء تجميد صفقة الغاز المصرية - الإسرائيلية تطرح تساؤلات حول حجم «التوترات»

السيسي خلال لقاء نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة 2017 (رويترز)
السيسي خلال لقاء نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة 2017 (رويترز)

سَرَت تسريبات إسرائيلية بشأن توجيه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بعدم المضي في تمديد اتفاق الغاز الضخم مع القاهرة دون مراجعته، في ظل مزاعم بإسرائيل عن خروقات مصرية لاتفاقية السلام عبر تعزيزات عسكرية في سيناء.

ويرى خبراء أن تلك التسريبات، التي لم تتأكد بعد، محاولة لإعادة الضغوط على مصر في ظل موقفها الصلب الرافض لتهجير الفلسطينيين.

ولفت الخبراء إلى أن إسرائيل «تعلم جيداً أنها ستخسر حال التراجع، لأن الاتفاقيات مرتبطة بشروط جزائية، كما أن مصر تواصل تأمين الطاقة لديها، وقادرة على حفظ أمنها ولن تنجر لتلك المعارك الكلامية أو التوتر الذي تشعله التصريحات والمواقف الإسرائيلية».

وذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم»، الثلاثاء، أن نتنياهو أصدر توجيهات «بعدم المضي في اتفاق الغاز الضخم مع مصر من دون موافقته الشخصية»، على أن يبحث مع وزير الطاقة وعضو مجلس الوزراء السياسي والأمني المصغر (الكابينت) إيلي كوهين، «ما إذا كان ينبغي المضي في الاتفاق، وكيفية القيام بذلك»، قبل أن يتخذ قراراً نهائياً بهذا الشأن، في ضوء «عدم التزام مصر بتعهداتها بموجب اتفاقية السلام». وعدَّت الصحيفة القرار «ضغطاً اقتصادياً على مصر في ظل حاجتها للغاز الإسرائيلي».

يأتي ذلك الموقف بعد نحو أسبوعين من حديث رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في مؤتمر صحافي بأن تمديد الاتفاقية السارية من 2019 إلى 2040 «لن يؤثر على موقف مصر القوي الواضح منذ وقوع الأزمة في غزة»، ورفضها كل محاولات «تصفية القضية الفلسطينية، أو تهجير أشقائنا الفلسطينيين من أراضيهم».

فلسطينيون يتفقدون أنقاض مبنى دمرته غارة إسرائيلية في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

وآنذاك، نقلت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أن شركة «نيو ميد إنرجي» التابعة لمجموعة «ديليك» التي يملكها رجل الأعمال الإسرائيلي إسحاق تشوفا «أعلنت توقيع اتفاقية جديدة لتصدير الغاز إلى مصر من حقل ليفياثان بقيمة غير مسبوقة تبلغ نحو 35 مليار دولار»، فيما وصف وزير الطاقة الإسرائيلي تلك الصفقة، حينها، بأنها «الكبرى في تاريخ» إسرائيل.

ولم تعلق مصر على التسريبات الجديدة.

من المتضرر؟

رئيس «المجلس المصري للشؤون الخارجية» وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد العرابي، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن نتنياهو يحاول أن يرمي حجراً في ظل إصراره على «توتير» العلاقات مع الجميع، وليس مصر، ليستكشف ردود الفعل؛ مستبعداً أن يقدم على أمور كهذه ترتبط بعقود وشروط جزائية.

وهو يرى أن «التسريبات الإسرائيلية لا تعني بطبيعة الحال الحقيقة، خاصة أن إسرائيل تدرك أن أفعالها لها سقف، خاصة في علاقاتها بمصر، وأن مساعيها المستمرة لتوتير العلاقات لن يغير من موقف مصر الصلب في الدفاع عن القضية الفلسطينية ورفض التهجير».

أسرة نازحة تنصب خيمة في مخيم البريج بوسط قطاع غزة يوم الأربعاء (أ.ف.ب)

وأكد وزير البترول المصري الأسبق، أسامة كمال، لـ«الشرق الأوسط»، أن التسريبات الإسرائيلية تشير إلى أن نتنياهو يحاول «إحداث فرقعة سياسية وتوجيه رسائل للداخل لديه، وزيادة حجم الضغوط على مصر».

وأضاف: «ولكن هذا ليس في مصلحته، والضغوط ستزيد عليه هو، لا على مصر التي تواصل تأمين نفسها بمسارات وبدائل لدعم واستقرار الطاقة لديها، ونجحت في تحسين استهلاك الوقود وتقليل الفاقد وإدخال إنتاج للطاقة المتجددة للخدمة بخلاف خطوط ربط مع قبرص جارٍ العمل عليها».

وأشار وزير البترول الأسبق إلى أن مصر تحتاج إلى 6.5 مليار متر مكعب من الغاز، وما تنتجه 4 مليارات، والفارق استطاعت تدبيره بخلاف خط الغاز الإسرائيلي؛ و«لو أرادت إسرائيل إيقافه فلتوقفه... هي الخاسرة».

اتفاقية السلام

الخبير العسكري الاستراتيجي، اللواء سمير فرج، يرى أن مصر لم تنتهك اتفاقية السلام؛ بل إن إسرائيل هي من تنتهكها بوجودها في «ممر فيلادلفيا» الحدودي مع مصر.

وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «نتنياهو منذ حرب غزة لا يكل عن المزاعم والأكاذيب بشأن القاهرة، التي زادت مع موقف مصر الرافض لجرائمه».

وأشار إلى أن هناك لجنة لمراقبة تنفيذ اتفاقية السلام «ولا يبدو أنه قدم شكوى أو أن هناك تحقيقاً في مزاعمه، غير أنه يريد فقط إثارة قضايا فرعية غير حقيقية وإشعال الموقف لا أكثر».

جنود إسرائيليون يقودون دبابة وسط الدمار داخل قطاع غزة يوم الأربعاء (أ.ب)

ومنذ اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل في عام 1979 لم تشهد العلاقات بين البلدين توتراً مثل الحادث حالياً بسبب الحرب في غزة، وخاصة بعد احتلال إسرائيل محور «فيلادلفيا» المحاذي للحدود المصرية بالمخالفة لمعاهدة السلام، ثم نقضها اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في يناير (كانون الثاني) الماضي بوساطة القاهرة، واستمرار إسرائيل في الحرب والتجويع لأهل غزة، ثم احتلالها محور «موراغ»، والترتيب لبناء مدينة خيام للغزيين قرب حدود مصر، فضلاً عن احتلال القوات الإسرائيلية معبر رفح من الجانب الفلسطيني وحصار القطاع.

وفي الشهر الماضي، وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لأول مرة، ما يحدث في غزة من حرب تجويع بأنه «إبادة ممنهجة بغرض تصفية القضية الفلسطينية»، وهو الوصف الذي كرره وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكثر من مرة لاحقاً.

وذكر المدون والإعلامي المصري لؤي الخطيب عبر منصة «إكس»، الأربعاء، أنه لو صح تقرير «يسرائيل هيوم»، فإن بنود الصفقة ستكون قد أزعجت مستويات عليا في إسرائيل، خصوصاً في ضوء إفشال مصر مشروع التهجير القسري، وملاحقتها لمحاولات الاتفاق على الهجرة الطوعية مع أي دولة، ودفع الدول الأوروبية للاعتراف بالدولة الفلسطينية.

العرابي أكد من جانبه أن العلاقات المصرية - الإسرائيلية «بالتأكيد تشهد توترات منذ حرب غزة. ومواقف إسرائيل تمس اتفاقية السلام وتحاول تأزيم الأمور مع القاهرة»، مضيفاً: «لكن مصر مواقفها مسؤولة، وحريصة على دعم القضية الفلسطينية وحفظ أمنها القومي واستقرار المنطقة، وتدرك أن تلك التسريبات الإسرائيلية وغيرها ستذهب وسيبقى الموقف المصري صلباً وقادراً على حفظ أمنه القومي».

وقال الوزير الأسبق كمال إن نتنياهو يعتقد أنه سيضغط بورقة الغاز على مصر؛ لكنها «مستعدة لمثل هذه الأمور، رغم كل التوترات المحيطة بحدودها شرقاً وجنوباً وغرباً، والضغوط الأميركية والإسرائيلية، وستظل غير مستجيبة لأي دعوة أو مناقشة في تهجير الفلسطينيين».

فيما توقع فرج أن يستمر التوتر بين مصر وإسرائيل «في ضوء ما نراه من نتنياهو أو تصعيده في غزة المتاخمة للحدود المصرية»، مضيفاً أن التصريحات والمواقف الإسرائيلية «تشعل الموقف، ومصر دولة قادرة على حفظ أمنها القومي، ولن تنجر لتلك المعارك الكلامية».


مقالات ذات صلة

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

تحليل إخباري فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

تتواصل جهود الوسطاء للدفع بالمرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مخاوف وتحذيرات مصرية

محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي مركبات للشرطة الإسرائيلية تعمل أثناء مداهمة في الضفة الغربية... 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

الشرطة الإسرائيلية: مقتل شخصين في هجوم شنه فلسطيني 

قالت السلطات الإسرائيلية ​اليوم الجمعة إن شخصين قتلا في هجوم نفذه فلسطيني بالطعن والدهس في ‌شمال ‌إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي مستوطنة إسرائيلية بالضفة الغربية (رويترز) play-circle

إسرائيل تعتبر إدانة قرارها إنشاء مستوطنات جديدة في الضفة «خطأ أخلاقياً»

رفضت إسرائيل إدانة صادرة عن 14 دولة لقرارها إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية المحتلة، ووصفت الانتقادات بأنها تنطوي على «تمييز ضد اليهود».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب) play-circle

14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية

ندّدت 14 دولة من بينها فرنسا وبريطانيا، الأربعاء، بإقرار إسرائيل الأخير إنشاء مستوطنات يهودية في الضفة الغربية المحتلة داعية الحكومة الإسرائيلية إلى التراجع عنه

«الشرق الأوسط» (باريس)

مصر تعزز علاقاتها الاقتصادية بجيبوتي بالتوازي مع تطور توافقهما السياسي

كامل الوزير بمحطة الطاقة الشمسية بقرية عمر كجع في منطقة عرتا بجيبوتي (مجلس الوزراء المصري)
كامل الوزير بمحطة الطاقة الشمسية بقرية عمر كجع في منطقة عرتا بجيبوتي (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تعزز علاقاتها الاقتصادية بجيبوتي بالتوازي مع تطور توافقهما السياسي

كامل الوزير بمحطة الطاقة الشمسية بقرية عمر كجع في منطقة عرتا بجيبوتي (مجلس الوزراء المصري)
كامل الوزير بمحطة الطاقة الشمسية بقرية عمر كجع في منطقة عرتا بجيبوتي (مجلس الوزراء المصري)

تُعزز مصر علاقتها الاقتصادية مع جيبوتي، وذلك بالتوازي مع توافق البلدين السياسي في ملفات مختلفة بينها «أمن البحر الأحمر»، وأخيراً الموقف الموحد تجاه إدانة إعلان إسرائيل الاعتراف بإقليم «أرض الصومال» دولة مستقلة.

ويقوم نائب رئيس الوزراء المصري، وزير الصناعة والنقل، كامل الوزير بزيارة إلى جيبوتي لـ«تعزيز التعاون في مجالي الصناعة والنقل»، وأكد، السبت، أن «زيارته تأتي في إطار عمق العلاقات بين البلدين».

وأكدت مصر وجيبوتي والصومال وتركيا، في بيان، مساء الجمعة، «الدعم الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية»، وأشارت تلك الدول إلى أن «الاعتراف باستقلال أجزاء من أراضي الدول يُعد سابقة خطيرة وتهديداً للسلم والأمن الدوليين».

مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية السابق، السفيرة منى عمر، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن زيارة نائب رئيس الوزراء المصري «تأتي في توقيت بالغ الأهمية ولديها مدلول قوي؛ إذ إن جيبوتي بموقعها الاستراتيجي من أهم الموانئ الموجودة عند مدخل البحر الأحمر، ومن ثم هناك ضرورة للتوافق بين الدولتين في المواقف لمواجهة خرق سيادة الصومال، وإنهاك القانون الدولي باعتراف إسرائيل بأحد الأقاليم الصومالية على أساس أنه دولة مستقلة».

نقطة انطلاق

وبحسب إفادة لـ«مجلس الوزراء المصري»، السبت، أكد كامل الوزير «استعداد الشركات المصرية لتنفيذ مشروعات بجيبوتي في الطرق والنقل البحري والسكك الحديدية والمناطق الصناعية، فضلاً عن التعاون الاقتصادي».

وافتتح الوزير المصري محطة الطاقة الشمسية بقرية «عمر كجع» في منطقة «عرتا» بجيبوتي في حضور وزير الطاقة والموارد الطبيعية الجيبوتي، يونس علي جيدي، ووزير البنية التحتية والتجهيزات، حسن حمد إبراهيم، وعدد من المسؤولين.

وقال إن «افتتاح المحطة ترجمة عملية لمخرجات الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جيبوتي في أبريل (نيسان) الماضي، والتي شكلت نقطة انطلاق جديدة لمسار التعاون بين البلدين، خصوصاً في قطاعات الطاقة، والبنية التحتية، والتنمية الصناعية»، مضيفاً أن «تلك الزيارة الرئاسية أكدت أن التعاون المصري - الجيبوتي يقوم على رؤية استراتيجية شاملة تستهدف دعم مسارات التنمية المستدامة في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، انطلاقاً من إيمان راسخ بأن أمن واستقرار وتنمية هذه المنطقة تمثل مصلحة استراتيجية مشتركة».

وتُعد منطقة القرن الأفريقي جزءاً ممتداً غرب البحر الأحمر وخليج عدن، وتشمل 4 دول رئيسة هي «الصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا»، بينما تتسع المنطقة من زوايا سياسية واقتصادية لتشمل كينيا والسودان وجنوب السودان وأوغندا.

السيسي خلال زيارته إلى جيبوتي ولقائه غيله في أبريل الماضي (الرئاسة المصرية)

علاقات تاريخية

السفيرة منى عمر قالت إن «العلاقات بين مصر وجيبوتي تاريخية، ومتطورة جداً على المستوى الاقتصادي والتدريب وبناء القدرات»، لافتة إلى أن اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال» يرفع «علامة الخطر بالنسبة للدول المشاطئة للبحر الأحمر ودول القرن الأفريقي التي لن تسكت إزاء هذا الانتهاك».

وشدد السيسي خلال زيارته إلى جيبوتي ولقاء نظيره الجيبوتي إسماعيل عمر غيله، في أبريل الماضي، على «رفض أي ممارسات تؤثر في حرية الملاحة البحرية». وأكدت المحادثات بين السيسي وغيله حينها «رفض تهديد أمن وحرية الملاحة في البحر الأحمر»، بوصفه شرياناً تجارياً دولياً حيوياً.

ودعت القاهرة وجيبوتي حينها إلى «أهمية تفعيل (مجلس الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر) ليضطلع بمسؤولياته الأصلية، في تعزيز التنسيق بين الدول المشاطئة للبحر الأحمر، وخليج عدن».

ويضم «مجلس الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر»، الذي تأسس عام 2020، 8 دول عربية وأفريقية، هي «المملكة العربية السعودية، ومصر، واليمن، والأردن، والسودان، والصومال، وجيبوتي، وإريتريا»، ويستهدف «تعزيز الأمن والتنمية بين أعضائه».

نائب رئيس الوزراء المصري يؤكد تعزيز التعاون مع جيبوتي في مجالي الصناعة والنقل (مجلس الوزراء المصري)

تنسيق مكثف

ووفق وزير الصناعة والنقل المصري، السبت، فإن محطة الطاقة الشمسية الجديدة نقطة انطلاق حقيقية لمسار أوسع من التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة، ويسهم في خلق فرص عمل مستدامة، ونقل الخبرات والتكنولوجيا، ورفع كفاءة الكوادر الوطنية، إلى جانب تعزيز التكامل الاقتصادي والتنموي».

ومحطة الطاقة الشمسية في قرية «عمر كجع» تهدف إلى «توفير كهرباء نظيفة ومستدامة، ضمن إطار تعزيز التعاون الثنائي في قطاع الطاقة»، وسبق أن تم الإعلان عن المشروع في يونيو (حزيران) الماضي.

وزير الطاقة والموارد الطبيعية الجيبوتي، قال من جانبه إن «المحطة تُعد نموذجاً حياً وشهادة صادقة على متانة وعمق علاقات الصداقة والتعاون القائمة مع مصر، والمحطة ثمرة شراكة استراتيجية مستدامة، ستسهم بلا شك وبشكل ملموس في تعزيز العلاقات والتعاون الاقتصادي».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وجيبوتي نحو 122.4 مليون دولار خلال عام 2024 مقابل 161.9 مليـون دولار في 2023، بحسب «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر في أبريل الماضي. وأشار «المركزي» إلى أن قيمة الصـادرات المصرية لجيبوتي بلغت 108.6 مليــون دولار خـلال 2024 مقابل 152.3 مليون دولار في 2023، بينما بلغت قيمة الواردات المصرية من جيبوتي 13.8 مليون دولار في 2024 مقابل 9.6 مليون دولار خلال 2023.

جانب من زيارة كامل الوزير إلى جيبوتي (مجلس الوزراء المصري)

وتوقعت مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية السابق أن «يحدث مزيد من التكثيف في العلاقات السياسية والاقتصادية بين مصر وجيبوتي خلال الفترة المقبلة؛ لأن جيبوتي من الدول الصديقة التي تحتاج لكثير من الاستثمار»، موضحة أن «مصر سوف تكثف التنسيق القائم بالفعل مع دول القرن الأفريقي كافة والدول المشاطئة للبحر الأحمر، من أجل مواجهة القرار الإسرائيلي»، لافتة إلى «ضرورة خلق رأي عام قاري ودولي لمواجهة هذا الخرق الإسرائيلي للقانون».


هل يقلل «رفض ترمب» جدوى قرار الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال»؟

شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)
شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)
TT

هل يقلل «رفض ترمب» جدوى قرار الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال»؟

شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)
شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)

طوفان ردود فعل اجتاح موقف الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم الانفصالي «أرض الصومال»، وبخلاف الرفض العربي، كان تفاعل الرئيس الأميركي دونالد ترمب بـ«السخرية من ذلك الإقليم»، وعدم الانضمام لمسار الموافقين.

ذلك الرفض الأميركي، يراه خبراء «لم يكن حاسماً؛ حيث لم يُدِن موقف إسرائيل، وينتظر رؤية حجم الموقف العربي لإعطاء موقف واضح ومباشر؛ لكنه سيمنع أي تحرك دولي يدعم حكومة بنيامين نتنياهو في هذا الاعتراف»، ولفتوا إلى أن «الصومال عليه واجب أكبر في تعزيز الجهود العربية والسعي لنيل دعم دولي رافض لهذا الاعتراف».

وأعلن ترمب رفضه الاعتراف باستقلال «أرض الصومال»، وذلك عقب اعتراف إسرائيل رسمياً بالجمهورية المعلنة من طرف واحد والمنفصلة عن الصومال.

وأجاب ترمب بـ«لا» عندما سُئل في مقابلة مع صحيفة «نيويورك بوست»، نشرت الجمعة، إن كان سيحذو حذو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويعترف بها، متسائلاً: «هل يعرف أحد ما هي أرض الصومال، حقاً؟»، من دون أن يدين موقف إسرائيل. فيما قال نتنياهو إنَّ الإعلان «يتماشى مع روح (اتفاقيات إبراهيم) التي وقعت بمبادرة من الرئيس ترمب».

وبشأن عرض «أرض الصومال» استضافة قاعدة بحرية أميركية قرب مدخل البحر الأحمر، قلّل ترمب من أهمية المقترح، قائلاً: «أمر غير مهم... كل شيء قيد الدراسة، سوف ندرس الأمر... أنا أدرس الكثير من الأشياء وأتخذ دائماً قرارات عظيمة وتتبين صحتها لاحقاً».

ورغم امتناع الولايات المتحدة عن إعلان موقف رسمي داعم للاعتراف الإسرائيلي، فإن ذلك لا يعني غيابها عن المشهد، بل يعكس سياسة ترقب وحساب دقيق لردود الفعل الدولية، وخاصة في العالمين العربي والإسلامي، وفق تقديرات الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور علي محمود كلني. وقال لـ«الشرق الأوسط» يُلاحظ أن غياب موقف أميركي حاسم قد يُضعف زخم الاعتراف، لكنه في الوقت ذاته لا يوقف بالضرورة المسار الذي رسمته الدول الداعمة لهذا التوجه.

ويعتقد المحلل السياسي في الشؤون الأميركية، الدكتور سعيد صادق، أن حديث ترمب، ليس صريحاً ويحمل اعترافاً ضمنياً، خاصة أنه جاء ضمن اتفاقات التطبيع التي تسعى لها واشنطن سراً وعلناً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن ترمب لم يتجه لتأييد صريح لعدم التصادم مع الموقفين العربي والإسلامي.

منظر عام لمدينة هرجيسا عاصمة وأكبر مدينة في «أرض الصومال» (أ.ف.ب)

وهذا الموقف الأميركي السريع جاء بعد ساعات من توالي المواقف العربية والإسلامية الرافضة لتلك الخطوة. ورفضت السعودية وقطر ومصر والأردن وجيبوتي وتركيا ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، تلك الخطوة الإسرائيلية، معتبرين إياها تجاوزاً خطيراً لمبادئ القانون الدولي وسيادة ووحدة الصومال، وفق بيانات منفصلة صادرة عن وزارات الخارجية، الجمعة.

وعادت مصر، السبت، للتأكيد على دعمها الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية، مشددة على رفضها للاعتراف بأي كيانات موازية أو انفصال بطرق غير شرعية وغير قانونية.

ويرى كلني أن الاعتراف بـ«أرض الصومال» أثار حراكاً واسعاً على المستويين العربي والدولي، باعتباره تطوراً خطيراً يمس وحدة وسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية، ويكشف عن تحولات أعمق في توازنات القوى داخل منطقة القرن الأفريقي، وفي ظل تنافس دولي محموم على النفوذ في القرن الأفريقي، وسعي قوى إقليمية ودولية لإعادة رسم خرائط التأثير في الممرات البحرية والمواقع الاستراتيجية.

ولا يعتقد صادق أن الرفض الدولي المتوقع بعد نظيره العربي، ليس ارتباطاً بموقف ترمب، لكن رفضاً لمخالفة القانون الدولي الذي يرفض الانفصال، مثلما يرفض الغرب أي مواقف للانفصال بالنسبة لأوكرانيا.

وداخلياً، تعهّدت حركة «الشباب» الصومالية المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، في بيان السبت، مواجهة أي محاولة من جانب إسرائيل «للمطالبة بأجزاء من أرض الصومال أو استخدامها»، مضيفة: «لن نقبل بذلك، وسنحاربه».

وهذا الحراك الصومالي، وفق كلني، «يأتي في ظل إدراك أن هذا الاعتراف تهديد مباشر لوحدة الصومال وسيادته، كما يفتح الباب أمام تدخلات خارجية أوسع في الشأن الداخلي الصومالي»، لافتاً إلى أن «الموقع الاستراتيجي للصومال، المطل على أهم الممرات البحرية العالمية، يعد عاملاً رئيسياً في استهدافه ضمن صراعات النفوذ الإقليمي والدولي».

وقال: «ستظل قدرة الصومال على مواجهة هذه التحديات مرهونة بمدى تماسك جبهته الداخلية، ووحدة موقفه الوطني، وقدرته على تعبئة دعم إقليمي ودولي فعّال»، وأكد أنه بينما تتراجع فاعلية التضامن في العالم الإسلامي، تبقى مسؤولية الدفاع عن السيادة الوطنية الصومالية مسؤولية مشتركة بين الداخل الصومالي وحلفائه الحقيقيين على الساحة الدولية، فيما أشار صادق إلى أن نجاح الموقف الصومالي سيبقىل مرتبطاً بتطورات الاعتراف وتداعياته.


تجدد المطالب في غرب ليبيا برحيل الدبيبة وإجراء انتخابات رئاسية

شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)
شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)
TT

تجدد المطالب في غرب ليبيا برحيل الدبيبة وإجراء انتخابات رئاسية

شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)
شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)

شهدت مدن غرب ليبيا، مساء الجمعة، موجة احتجاجات شعبية واسعة، تنديداً بتردي الأوضاع المعيشية والأمنية، وللمطالبة برحيل حكومة الدبيبة، والإسراع بإجراء الانتخابات المؤجلة.

وشهدت العاصمة طرابلس تحركات احتجاجية في مناطق متفرقة، حيث أغلق المتظاهرون بعض الطرق، وأشعلوا الإطارات في بلدية سوق الجمعة شرق المدينة، ومنطقتَي الظهرة ووسط المدينة، إضافة إلى احتجاجات عند إشارة فشلوم المرورية. كما رفع المحتجون لافتات تنتقد فشل الحكومة في تحسين الأوضاع المعيشية والأمنية، محمّلين إياها مسؤولية الانفلات الأمني واستمرار الأزمات الخدمية.

ورصدت وسائل إعلام محلية، عبر لقطات مصورة، إشعال الإطارات وإغلاق الطريق بجزيرة القادسية في طرابلس، كما عبّر متظاهرون في ميدان الجزائر وسط العاصمة عن رفضهم «حكم العائلة» و«حكم العسكر»، مطالبين بالاستفتاء على الدستور وإنهاء المرحلة الانتقالية.

كما شهدت مدينة مصراتة مظاهرة شعبية للتنديد بتردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار وتراجع الخدمات، تزامناً مع احتجاجات مماثلة عند بوابة الصمود، المدخل الشرقي لمدينة الزاوية، حيث ركّز المشاركون على تدهور الأوضاع الأمنية إلى جانب الضغوط المعيشية، مؤكدين أن المواطن بات يدفع ثمن الصراعات السياسية واستمرار الحكومات المؤقتة.

في سياق متصل، أصدر أهالي ومكونات بلدية صبراتة بياناً أعربوا فيه عن رفضهم قرار حكومة الدبيبة، القاضي بتخصيص مقر إذاعة اليتيم لصالح جهة مسلحة، معتبرين القرار مساساً بالمؤسسات المدنية والإعلامية، ومؤشراً على تغوّل التشكيلات المسلحة على حساب الدولة.

والأسبوع الماضي، دعا حراك ما يُعرف بـ«انتفاضة شعب» كل الليبيين إلى المشاركة في اعتصام شعبي مفتوح بـ«ميدان الشهداء»، وسط العاصمة طرابلس، وذلك للمطالبة بإسقاط حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة.

وسبق أن خرجت مظاهرات في مناطق عدة بالعاصمة تطالب بإسقاط حكومة الدبيبة ومحاسبتها، الأمر الذي دفع حينها عدداً من وزرائها إلى تقديم استقالاتهم انحيازاً لمطالب المحتجّين.

وجدَّد حراك «انتفاضة شعب»، الذي ينطلق من مدينة مصراتة، والذي يقوده عدد من النشطاء، في بيانه، دعوته «جميع الليبيين شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً» إلى تنظيم اعتصام سلميّ لحين تنفيذ مطالب الشعب، المتمثلة في رحيل الحكومة.

وحضّ الحراك جميع أطياف الليبيين على «المشاركة في «الاعتصام ورفع سقف المطالب في مظاهرات يحميها الشعب والقانون، بعيداً عن الحزبية والجِهوية والقبلية». وقال إن المشاركة في هذا الاعتصام «واجب وطني»، مؤكداً أن «السلمية قوة الأحرار، ووحدة الصف سلاح إسقاط الفساد».

ورأى الحراك أن «الوطن يقف اليوم على حافة الضياع، وما يُدار باسمه في الغرف المغلقة ليس حلاً، بل مؤامرة مكرّرة لإطالة عمر الفشل، وتمديد الأجسام البالية المنتهية الصلاحية». وذهب إلى أن «تغيير العناوين، وتسويق مسرحيات سياسية جديدة، لن يغيّرا الحقيقة؛ فالشعب يريد قراره، لا وصاية عليه، ولا تسويفاً بعد اليوم».