أحد عشر مقتنى متحفياً، اختارتها هيئة المتاحف في السعودية، لبدء جولة بين مناطق المملكة، للتعريف بمشروع المتاحف الإقليمية التي تنوي السعودية إطلاقها في عدد من مدنها الرئيسة، وذلك خلال الأعوام القريبة القادمة، لتشارك هذه المتاحف الأحد عشر في حكاية الإرث الثقافي والحضاري للمناطق السعودية، على أن ينفرد كل متحف منها بجزء من هذه الرواية التاريخية الوطنية.
وتحت شعار «روايتنا السعودية: نافذة على المتاحف»، أطلقت هيئة المتاحف المرحلة الأولى من معرض تفاعلي يتنقّل بين مدن السعودية، وانطلقت التجربة الأولى من نوعها من منطقة القصيم، مقدّمة للجمهور رحلة حسية وبصرية وسمعية غير تقليدية من خلال عرض مقتنيات المتاحف الإقليمية السعودية بلغة تقنية حديثة.
وتقدم التجربة مزيجاً يجمع بين الأصالة والابتكار، حيث تُعرض الإحدى عشرة قطعة أثرية، المختارة من مقتنيات المتاحف السعودية بعد إعادة صياغتها رقمياً، عبر تقنيات التصميم الحركي، والمؤثرات الصوتية، في فضاء يتيح للزائر التفاعل المباشر مع التراث الوطني.

11 مقتنى متحفي ثمين
ومن المقتنيات المتحفية المقدمة في المعرض المرقمن «قَفّ العسل»، وهو وعاء تقليدي يُستخدم لحفظ العسل، ومصنوع من مواد طبيعية مثل الفخار، من «متحف الباحة لتربية النحل». و«إسطرلاب» من النحاس الأصفر، وهو آلة فلكية لقياس الزوايا، وتحديد شكل وحجم وارتفاع ومسار الأجرام السماوية، من «متحف قصر الزاهر» في مكة المكرمة.
و«مبخرة» يعود تاريخها إلى فترة صدر الإسلام (ما بين 1500و 1800م) مصنوعة من النحاس الأحمر المطروق، من «متحف جازان للنباتات العطرية والبخور». ومن المقتنيات المعروضة: تمثال يجسد رأس حصان يعود إلى العصر الحجري الحديث، نحو 6800 قبل الميلاد، من «متحف عسير للفن»، و «نقيرة» وهي أداة تقليدية مصنوعة من الحجر، كانت تُستخدم قديماً لطحن المواد الغذائية، أو الأعشاب الطبية، من «متحف تبوك للرحّالة».
كما يتيح المعرض تمثال جمل يحمل 5 جرار من الطين الفخاري يعود إلى قرية الفاو في القرن الثالث ق.م، من «متحف الجوف للإبل»، وعقد بشكل نوط يتدلى منه حجر جَزع من مقبرة تاج في القرن الأول بعد الميلاد، من «متحف الدّمام للؤلؤ والأحجار الكريمة»، وتمثال لشكل آدمي يعود تاريخه إلى الألفية الرابعة ق.م، اكتشف بالقرب من العلا، من «متحف حائل للرسوم والنقوش الصخرية».

ومن المعروضات لوحة من كتاب النساء للفنانة تغريد البقشى 2024، من «متحف القصيم للنخيل والتمور»، ووجه رجل من المرمر، يحمل على السطح نقشاً بخط المسند، يعود إلى نجران فى الفترة ما بين القرنين الثالث والأول ق.م، من «متحف نجران للعمارة الطينية»، إضافة إلى الخريطة الأصلية لمحطة خط الأنابيب عبر الجزيرة العربية (التابلاين) برفحاء، وهي توضح مسار خط أنابيب التابلاين من القيصومة إلى الأردن، من «متحف الحدود الشمالية-التابلاين»، بالإضافة إلى «خوخة قصر المصمك» وهي البوابة الصغيرة في باب قصر المصمك بالرياض.

4 أعوام على استراتيجية المتاحف السعودية
يتزامن إطلاق المعرض المتجول مع مرور 4 أعوام على إعلان هيئة المتاحف في سبتمبر 2021 عن إطلاق استراتيجيتها التي ستعمل على ضوئها في تطوير قطاع المتاحف في السعودية بجميع مكوناته ومساراته التنظيمية والتشغيلية، ودعم وتمكين الممارسين والمستثمرين فيه، وذلك لتحقيق أهداف وزارة الثقافة، ومستهدفات رؤية السعودية 2030، في جوانبها الثقافية.
ويأتي على رأس أهداف الاستراتيجية جعل المتاحف فضاءات ديناميكية فاعلة في الحراك الثقافي والاجتماعي، وتعزيز إسهامها في التنمية الوطنية، فيما يعكس المعرض توجه الهيئة إلى دعم الابتكار في طرق العرض، وربط الموروث الوطني بمنصات تقنية حديثة، تسهّل وصوله إلى كل فئات المجتمع، وتوسّع من قاعدة التفاعل مع التراث المادي والمعنوي.
ومن المقرر أن يتنقّل المعرض بعد محطته الأولى في القصيم إلى كل من الرياض، ونجران، ثم جدة، حاملاً في كل محطة صياغة جديدة للتجربة، تراعي خصوصية المكان وتنوّع المقتنيات، لعكس تجدد رواية التاريخ السعودي، وقابليته لإعادة الاكتشاف عبر أدوات معاصرة، تمدّ جسراً يصل الماضي بالحاضر والمستقبل، من خلال تجربة تفاعلية تعيد تعريف دور المتاحف الوطنية باعتبارها منصات حية لا تقتصر على العرض التقليدي، بل تنفتح على آفاق جديدة من التفاعل الحسي والمعرفي.




