في ظل استمرار أجواء التوتر الأمني في العاصمة الليبية طرابلس، جدّدت «الأمم المتحدة» و«الجامعة العربية» تحذيراتهما من مخاطر الانزلاق نحو صراع جديد، وذلك تزامناً مع هجوم إرهابي استهدف معسكر «اللواء 444 قتال» في بني وليد، من دون وقوع خسائر بشرية.

وسُمعت في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، وساعة مبكرة من صباح الأربعاء، أصوات أسلحة متوسطة ومتقطعة في محيط طريق الشط، بالتزامن مع انتشار كثيف لطيران مسيّر في عدة مناطق من طرابلس. وأرجعت وسائل إعلام محلية أصوات الرماية التي سُمعت في منطقة بوسليم إلى محاولات استهداف طائرة مُسيّرة. ونقلت عن مسؤول بالخطوط الليبية مطالبته كل الجهات المسلحة بوقف الرماية في أجواء طرابلس، بهدف ضمان هبوط الطائرات القادمة من بنغازي بأمان.

وأعربت رئيسة بعثة الأمم المتحدة، هانا تيتيه، عن قلقها العميق إزاء الأوضاع الأمنية المتوترة في طرابلس، وقالت إن الاجتماع الذي عقدته، مساء الثلاثاء، بحضور نائبتها للشؤون السياسية، ستيفاني خوري، مع لجان تواصل وأعيان من مدن ومناطق في الغرب الليبي، «عكس مخاوف واضحة من استمرار التوتر داخل طرابلس».
وبعدما أكّدت دعمها لجهود المجلس الرئاسي للتوصل إلى تسوية تُفضي إلى حل سلمي في طرابلس، لفتت إلى إمكانية إبرام اتفاق إيجابي، دون إطلاق رصاصة واحدة أو إراقة قطرة دم ليبية، لكنها اشترطت لنجاح هذه المساعي توفر النيات الحسنة، وتغليب المصلحة الوطنية على أي اعتبارات أخرى.
من جهته، أكّد المتحدث باسم البعثة الأممية، محمد الأسعدي، وجود نقاط عالقة -لم يُحددها- تحول دون التوصل إلى اتفاق، مشيراً في تصريحات متلفزة إلى تلقي البعثة ما وصفه برسائل مطمئنة، في ظل استمرار الوساطات المحلية لتجنب الحرب.
بدوره، دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، كل الأطراف للانخراط بجدية في مسارات التفاوض، مؤكداً استعداده لمواصلة دفع الحوار الليبي-الليبي، بالشكل الذي يُسهم في تعزيز الاستقرار، بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين.
وأعرب أبو الغيط في بيان، مساء الثلاثاء، عن بالغ القلق إزاء تصاعد التوتر في غرب ليبيا، بما في ذلك حشد قوات عسكرية بالقرب من العاصمة طرابلس، مؤكداً أن «الجامعة» تتابع من كثب مجريات الأوضاع. وأوضح أن «استمرار هذا النهج قد يُعرض ليبيا لخطر الانزلاق مجدداً في دوامة الصراع، بما له تداعيات على أمن ليبيا ووحدتها».
في غضون ذلك، أكّد رئيس «حكومة الوحدة (المؤقتة)»، عبد الحميد الدبيبة، خلال اجتماعه مع كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الأوسط، إدوارد أهلغرين، بحضور سفير بريطانيا، مارتن لونغدن، أهمية تعزيز الشراكة مع المملكة المتحدة في المجال العسكري، بما يُسهم في رفع كفاءة المؤسسات العسكرية الليبية.
ونقل عن أهلغرين استعداد بلاده لتعزيز التعاون في مجالات التدريب والتأهيل العسكري، بما يُحقق الاستقرار، ويُسهم في بناء مؤسسات فاعلة، مشيراً إلى بحث تعزيز التعاون العسكري، ودعم وبناء القدرات العسكرية الليبية، والتعاون في مجالات التدريب والتطوير.

وكان رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، قد ثمّن في لقائه مع وفد بريطانيا موقفها الداعم لمساعي الاستقرار، مؤكداً حرصه على تطوير التعاون مع الشركاء الدوليين، بما يضمن وحدة ليبيا وسيادتها، ويخدم الأمن الإقليمي والدولي، مشيراً إلى بحث سُبل ترسيخ الشراكة الاستراتيجية في مجالات الأمن والدفاع، إلى جانب مناقشة القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها جهود مكافحة الإرهاب، والتصدي لظاهرة «الهجرة غير المشروعة»، وتعزيز قدرات المؤسسة العسكرية الليبية.
في شأن آخر، أعلن «اللواء 444 قتال»، التابع لحكومة «الوحدة»، عن تعرض محيط معسكره في مدينة بني وليد، الواقع على بُعد نحو 180 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة طرابلس، لهجوم إرهابي باستخدام سيارة مفخخة، بعدما فجّر انتحاريّ نفسه داخلها أمام المعسكر، لكن دون تسجيل أي خروقات أو خسائر.
وأوضح «اللواء» أن التحقيقات بدأت فور حدوث التفجير، لافتاً إلى أن قواته سيطرت على الموقف في لحظاته الأولى، وأشار إلى مواصلة المعسكر مهامه بكامل الجاهزية. عادّاً أن هذه «الأعمال الدنيئة، التي تم تنفيذها بأيدٍ إرهابية، لا تزيدنا إلا إصراراً على مطاردة أوكار الإرهاب، حتى يتم استئصالها واقتلاعها من جذورها».
وأكد مدير جهاز الإسعاف والطوارئ في بني وليد، محمد أبو النيران، أن الانفجار لم يُسفر عن خسائر بشرية، باستثناء إصابة وحيدة بحروق بسيطة غادرت المستشفى. كما وصفت بلدية بني وليد الحادثة بأنها عمل إرهابي خطير يُهدد أمن واستقرار البلاد، ودعت الجهات الأمنية إلى تكثيف جهودها لكشف ملابساتها، مشددة على ضرورة تعزيز الاستقرار وحماية المواطنين والعسكريين من مثل هذه التهديدات.
وطالب المجلس الاجتماعي للنواحي الأربع، الذي أدان التفجير، بملاحقة الجناة وعدم إفلاتهم من العقاب، مجدداً دعمه الكامل لجهود «اللواء» في حماية الأمن والاستقرار وتعزيز هيبة الدولة.

إلى ذلك، أشاد نائب قائد الجيش الوطني، الفريق صدام حفتر، لدى لقائه، بمدينة بنغازي، رئيس هيئة أمن المرافق والمنشآت، اللواء أكرم المسماري، بجهود الهيئة، مؤكداً أهمية مواصلة العمل بالوتيرة نفسها لتأمين وحماية مؤسسات الدولة.




