كيف حطّم البريميرليغ حاجز الـ3 مليارات جنيه إسترليني في سوق الانتقالات؟

ديناميكيات مالية جعلت أفضل لاعبي العالم أهدافاً مشروعة حتى لأندية وسط الجدول

إيزاك كان هدفاً رئيسياً في البريميرليغ (نادي ليفربول)
إيزاك كان هدفاً رئيسياً في البريميرليغ (نادي ليفربول)
TT

كيف حطّم البريميرليغ حاجز الـ3 مليارات جنيه إسترليني في سوق الانتقالات؟

إيزاك كان هدفاً رئيسياً في البريميرليغ (نادي ليفربول)
إيزاك كان هدفاً رئيسياً في البريميرليغ (نادي ليفربول)

قبل أن تُحسم قضية انتقال ألكسندر إيزاك، كان الدوري الإنجليزي الممتاز قد دوّن التاريخ هذا الصيف. ففي يوم 21 أغسطس (آب)، وقبل عشرة أيام من إغلاق سوق الانتقالات، تجاوزت نفقات أندية الدوري سقف 2.5 مليار جنيه إسترليني، وهو رقم قياسي غير مسبوق. ومع إسدال الستار على النافذة الصيفية، ارتفع المجموع إلى 3.1 مليار جنيه إسترليني، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «تلغراف» البريطانية.

لطالما كان من المضلل الجمع بين ما يُعرف بـ«الدوريات الخمسة الكبرى» في أوروبا - إنجلترا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا - في سلة واحدة. فالقمة الحقيقية للقدرة الشرائية لم تعد تضم سوى الدوري الإنجليزي الممتاز، مع بعض الأندية العملاقة في القارة. فمع نهاية فترة الانتقالات، أنفقت أندية البريميرليغ أكثر من مجمل ما أنفقته الأندية مجتمعة في الدوريات الأربعة الأخرى.

صورة ضوئية لترتيب الأندية الإنجليزية في إنفاق هذا الصيف (ترانسفير ماركت)

هذا التحول المالي يعني أن أفضل اللاعبين في القارة باستثناء أندية النخبة الكبرى باتوا أهدافاً مشروعة حتى لفرق وسط الجدول في إنجلترا.

على سبيل المثال، ثيرنو باري الذي سجل 11 هدفاً مع فياريال ليقوده إلى المركز الخامس في الليغا، انتقل إلى إيفرتون الذي أنهى الموسم الماضي في المركز الثالث عشر، مقابل 27 مليون جنيه إسترليني. أما ليدز يونايتد الصاعد حديثاً، فقد ضم لاعبين من هوفنهايم وليل وليون وحتى ميلان.

وفي صفقة أخرى، دفع سندرلاند وهو فريق صاعد أيضاً 30 مليون جنيه لستراسبورغ الذي أنهى الموسم سابعاً في الدوري الفرنسي مقابل التعاقد مع لاعب الوسط حبيب ديارا، بينما حصل على خدمات غرانيت تشاكا من باير ليفركوزن وصيف البوندسليغا مقابل 17 مليون جنيه.

تشير هذه الصفقات إلى حقيقة بسيطة: حتى أندية النصف السفلي من جدول الدوري الإنجليزي قادرة على إنفاق مبالغ تفوق الجميع باستثناء الأندية العملاقة.

ووفقاً لتقرير «ديلويت فوتبول موني ليغ 2025»، فإن 14 نادياً من أصل 30 نادياً الأعلى إيراداً في العالم تنتمي إلى البريميرليغ. ولإيضاح الفجوة، فإن ساوثهامبتون صاحب المركز الأخير في الدوري الموسم الماضي حصل على 109 ملايين جنيه من المدفوعات المركزية للدوري، وهو مبلغ يفوق ما حصل عليه أي بطل دوري آخر في أوروبا، حتى برشلونة أو بايرن ميونخ.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فزيادة عدد المقاعد الإنجليزية في البطولات الأوروبية عززت من قوة الأندية مالياً.

ففي هذا الموسم، يشارك ستة أندية إنجليزية في دوري أبطال أوروبا، وهو رقم قياسي. وكل نادٍ من هذه الأندية الستة سيحصل على ما بين 40 و200 مليون جنيه إضافية من البطولة، بحسب كيران ماغواير، مؤلف كتاب «سعر كرة القدم». كما أن مانشستر سيتي وتشيلسي نالا مكاسب إضافية 40 مليونا للأول و80 مليونا للثاني من النسخة الافتتاحية لكأس العالم للأندية. ولم يكن غريباً أن ينفق تشيلسي هذا الصيف 29 مليون جنيه أو أكثر على خمسة لاعبين مختلفين.

وبالنظر إلى دورة حقوق البث الجديدة، عادة ما يزداد الإنفاق مع بدايتها. فمن هذا الموسم، تتقاسم أندية البريميرليغ 1.69 مليار جنيه سنوياً من حقوق البث داخل المملكة المتحدة، وهو ارتفاع طفيف مقارنة بالعقد السابق، في حين ارتفعت قيمة حزمة الحقوق الخارجية بنسبة 27 في المائة عن الدورة السابقة.

إيزاك (نادي ليفربول)

النتيجة أن الأندية لديها سيولة أكبر في المجمل، حتى مع انخفاض القيمة الحقيقية لحقوق البث المحلية عند احتساب التضخم. ومع بيع حقوق البث للفترة 2025-2029، باتت الأندية تملك وضوحاً حول إيراداتها للسنوات الأربع المقبلة.

وبالتوازي، صارت الأندية أكثر جرأة في تعظيم إيراداتها من يوم المباراة. فإيفرتون انتقل إلى ملعب جديد. ثلاثة عشر نادياً من أصل عشرين في الدوري رفعوا أسعار التذاكر الموسمية هذا العام، حيث قفزت أسعار ليدز مثلاً بنسبة 14 في المائة بعد الصعود.

أما أندية مثل سيتي وتشيلسي وفولهام، فزادت من عدد مقاعد الضيافة المخصصة لكبار الشخصيات، بينما اتجهت أندية أخرى إلى تقليص عدد التذاكر الموسمية مقابل تعظيم العوائد من مبيعات التذاكر الفردية، خاصة من «السياح الكرويين» القادمين من الخارج.

قضية إيزاك كانت تجسيداً لأحد محاور السوق الرئيسية هذا الصيف: البحث المحموم عن المهاجمين. فقد أنفق مانشستر يونايتد وحده 207 ملايين جنيه لتجديد خط هجومه بالكامل عبر التعاقد مع ماتيوس كونيا وبرايان مبويمو وبنجامين سيسكو.

وتشير بيانات وكالة «توينتي فيرست غروب» المتخصصة في التحليل الرياضي، التي يقدمها عمر شودهوري، إلى أن 60 في المائة من إنفاق البريميرليغ هذا الصيف ذهب نحو المهاجمين والأجنحة ولاعبي الوسط الهجومي، مقابل 45 في المائة فقط في المواسم الأربعة السابقة. كون المهاجمين هم عادة الأغلى سعراً في السوق جعل الإنفاق الكلي أعلى مما كان سيحدث لو انصب التركيز على لاعبي الوسط أو الدفاع كما في سنوات مضت.

لكن قواعد «الربحية والاستدامة» التي تحدد سقف إنفاق الأندية نسبة إلى دخلها لعبت دوراً في تحطيم الأرقام القياسية. ومع تشديد هذه القواعد، اضطرت الأندية أكثر لبيع لاعبين من أجل الالتزام، ما أوجد سيولة أكبر في السوق. وبما أن الأندية الإنجليزية الأكثر قدرة مالياً، فقد صارت هي الوجهة الأولى لشراء هؤلاء اللاعبين.

تشيلسي على سبيل المثال أدرك مبكراً أن الوفاء بمتطلبات قواعد الربحية والاستدامة يعتمد على تدفقات مالية منتظمة. هذا الفهم شكّل أساس استراتيجيته المتمثلة في ضم عدد كبير من اللاعبين الشباب، حتى لو لم يكن لهم فرصة فعلية في الفريق الأول، ليُباعوا لاحقاً بأرباح كبيرة. وفعلياً، حقق النادي هذا الصيف 275 مليون جنيه من مبيعات اللاعبين، وهو ما موّل تقريباً كامل صفقاته.

ومن المفارقات أن الأندية باتت مضطرة لبيع اللاعبين الذين كانت تتمسك بهم في الماضي، أي النجوم المحليين خريجي الأكاديميات. إذ إن بيع لاعب ناشئ مقابل 30 مليون جنيه مثلاً يُسجل كربح صافٍ في الدفاتر، بينما بيع لاعب آخر بنفس القيمة قد لا يوفر المرونة ذاتها. وهنا يعلّق ماغواير قائلاً: «الأكاديميات باتت تُعامل كمراكز ربحية، واللاعبون الناشئون مجرد مخزون».

تفسر ديناميكيات قواعد الربحية أيضاً سبب حذر بعض الأندية هذا الصيف. ثمانية أندية سجلت إنفاقاً صافياً لا يتجاوز 10 ملايين جنيه، وهو أمر لم يحدث منذ 2015. كثير من هذه الأندية أنفقت فعلياً، لكنها موّلت صفقاتها من مبيعات سابقة وليس من استثمارات جديدة. أستون فيلا كان أبرز هذه الأمثلة، حيث اضطر لتقنين مصروفاته بسبب واقع مالي ضاغط، فالنادي أنفق العام الماضي 91 في المائة من دخله على الرواتب وحدها، مقارنة بمتوسط 66 في المائة لبقية أندية الدوري. هذا الصيف، اكتفى فيلا بإنفاق 26 مليون جنيه (حيث انضم هارفي إيليوت على سبيل الإعارة مع خيار الشراء لاحقاً)، لكنه في المقابل سجّل ربحاً قدره 21 مليوناً.

ومع ذلك، ورغم القلق من قواعد الاستدامة، لا يزال عدد قليل من الملاك يهتم بتحقيق أرباح سنوية مباشرة من أنديتهم. فالكثيرون يرون أن امتلاك نادٍ كروي مشروع شغف، ويقبلون بخسائر مالية محدودة على غرار النموذج التقليدي عندما كان رجال الأعمال المحليون يشترون الأندية بدافع الحب. أما شركات الأسهم الخاصة، فهي تنظر إلى النجاح السريع كوسيلة لرفع قيمة النادي قبل إعادة بيعه.

الفجوة بين البريميرليغ والدرجة الأولى (تشامبيونشيب) لم تكن يوماً أكبر مما هي عليه الآن: في العامين الماضيين، هبطت الأندية الستة الصاعدة مباشرة بعد موسمها الأول. هذا الواقع دفع الثلاثي الصاعد هذا الموسم - بيرنلي وليدز وسندرلاند - إلى إنفاق ضخم بلغ 350 مليون جنيه مجتمعة. وبدورها، وجدت أندية الوسط نفسها مضطرة لمجاراة هذه الوتيرة خشية السقوط إلى الخلف.

ويعلق البروفسور روب ويلسون من «جامعة كامبوس لإدارة كرة القدم» قائلاً: «نحن نشهد سباق تسلح حقيقياً. الأندية تنفق بكثافة لأن تكلفة الفشل سواء ضياع فرصة المشاركة أوروبياً أو الهبوط باتت عالية جداً. كل صفقة قياسية تعيد ضبط السوق من جديد».

ومع أن القواعد التنظيمية ومخاوف سوق البث قد تحدان من استمرار النمو بلا نهاية، فإن أندية الدوري الإنجليزي الممتاز أثبتت مع الأيام الأولى من سبتمبر تفوقها الساحق على منافسيها الأوروبيين... لكن هذه المرة خارج المستطيل الأخضر.


مقالات ذات صلة

لامبارد يعتذر بعد تسببه في مشاجرة بين لاعبي كوفنتري وساوثهامبتون

رياضة عالمية فرانك لامبارد (رويترز)

لامبارد يعتذر بعد تسببه في مشاجرة بين لاعبي كوفنتري وساوثهامبتون

قال فرانك لامبارد مدرب كوفنتري سيتي إنه ​تجاوز حدوده بعدما أشعل مواجهة بين لاعبي فريقه ولاعبي مضيفه ساوثهامبتون بإشاراته المتكررة نحو جماهير صاحب الأرض.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية سلوت يرى أن أداء ليفربول بدا في التحسن (رويترز)

سلوت: أحاول أن أكون متفائلاً أمام إصابة إيزاك الخطيرة

قال سلوت مدرب ليفربول إن فريقه أظهر علامات تحسن في فوزه 2-1 على توتنهام هوتسبير بالدوري الإنجليزي، لكنه أعرب عن أسفه للإصابة التي تعرض لها ألكسندر إيزاك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية فيكتور يوكيريس سجل هدف الفوز لأرسنال (إ.ب.أ)

الدوري الإنجليزي: أرسنال يستعيد الصدارة من شباك إيفرتون

حافظ أرسنال على صدارة الدوري الإنجليزي قبل حلول فترة الأعياد، بانتصاره على مضيفه إيفرتون 1-0 السبت ضمن المرحلة السابعة عشرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوارديولا يحيي جماهير السيتي بعد الفوز (رويترز)

غوارديولا للاعبيه بعد الفوز على وست هام: هذا ليس كافياً

حافظ بيب غوارديولا على التوازن بين تهنئة لاعبي مانشستر سيتي وتحذيرهم عقب الفوز 3 - صفر على وست هام يونايتد، السبت.

«الشرق الأوسط» (لندن )
رياضة عالمية فرحة لاعبي ليفربول بالهدف الثاني (أ.ب)

الدوري الإنجليزي: ليفربول يسقط توتنهام بثنائية بين جماهيره

واصل فريق توتنهام هوتسبير نتائجه المخيبة في الدوري الإنجليزي الممتاز بالخسارة على ملعبه ووسط جماهيره أمام ليفربول بنتيجة 1-2.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لامبارد يعتذر بعد تسببه في مشاجرة بين لاعبي كوفنتري وساوثهامبتون

فرانك لامبارد (رويترز)
فرانك لامبارد (رويترز)
TT

لامبارد يعتذر بعد تسببه في مشاجرة بين لاعبي كوفنتري وساوثهامبتون

فرانك لامبارد (رويترز)
فرانك لامبارد (رويترز)

قال فرانك لامبارد مدرب كوفنتري سيتي إنه ​تجاوز حدوده بعدما أشعل مواجهة بين لاعبي فريقه ولاعبي مضيفه ساوثهامبتون بإشاراته المتكررة نحو جماهير صاحب الأرض بعد المباراة التي انتهت بالتعادل 1-1 في دوري الدرجة ‌الثانية الإنجليزي لكرة ‌القدم أمس ‌السبت.

وكان ⁠لامبارد ​هدفاً ‌لهتافات جماهير ساوثهامبتون في المراحل الأخيرة من المباراة، ونزل نجم إنجلترا وتشيلسي السابق إلى أرض الملعب بعد صفارة النهاية «ليرد لهم الصاع صاعين».

وقال لامبارد للصحافيين: «⁠تأثرت عاطفياً على الأرجح».

وأضاف: «كان ‌الأمر غير مقبول تماماً، لكنني لم أكن سأستمر في هذه اللعبة لفترة طويلة لو لم أكن أحيانا عاطفيا داخل الملعب، ولست شخصاً سيئاً خارجه».

وتابع: «لا يمكننا أن ​نتصافح ونبتسم في كل مباراة. نحن نعيش من أجل أن ⁠تكون هذه اللعبة مليئة بالمشاعر».

وتقدم كوفنتري عن طريق إفرون ميسون-كلارك قبل نهاية الشوط الأول، لكن ناثان وود أدرك التعادل لساوثهامبتون في الشوط الثاني.

ويتصدر كوفنتري سيتي ترتيب دوري الدرجة الثانية بفارق ست نقاط عن أقرب ملاحقيه، ويستضيف ‌سوانزي سيتي يوم 26 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.


أمم أفريقيا: الميدالية المفقودة في سجل النجم المتوج صلاح

صلاح من تدريبات المنتخب الأخيرة (المنتخب المصري - إكس)
صلاح من تدريبات المنتخب الأخيرة (المنتخب المصري - إكس)
TT

أمم أفريقيا: الميدالية المفقودة في سجل النجم المتوج صلاح

صلاح من تدريبات المنتخب الأخيرة (المنتخب المصري - إكس)
صلاح من تدريبات المنتخب الأخيرة (المنتخب المصري - إكس)

يُعد أيقونة كرة القدم المصرية محمد صلاح جامعاً متسلسلاً للميداليات، إذ ساهم في فوز فريقه ليفربول الإنجليزي لكرة القدم بالبطولات المحلية الثلاث، ودوري أبطال أوروبا، والكأس السوبر الأوروبية، إضافة إلى كأس العالم للأندية.

لكن هناك ميداليةً ثمينةً ما زالت غائبة عن مجموعته، وسيحصل على الفرصة الخامسة لنيلها في كأس الأمم الأفريقية 2025 بالمغرب، التي تنطلق الأحد حتى 18 يناير (كانون الثاني) المقبل.

اقترب صلاح من تحقيق اللقب مرتين، وفي مناسبتين أخريين شاهد منتخب بلاده، صاحب الرقم القياسي بسبعة ألقاب، يودع البطولة من الدور الأول. ففي نهائي 2017 أمام الكاميرون في الغابون، صنع صلاح الهدف الذي منح مصر التقدم، لكنَّ هدفاً متأخراً منح «الأسود غير المروضة» الفوز 2-1.

وكان المنتخب المصري المضيف مرشحاً للفوز بعد عامين، لكنه تعرض لخسارة مفاجئة في ثمن النهائي أمام جنوب أفريقيا في القاهرة.

وشق صلاح وزملاؤه طريقهم إلى نهائي نسخة 2022 في الكاميرون، لكن بعد 120 دقيقة بلا أهداف أمام السنغال، خسر «الفراعنة» بركلات الترجيح.

وفي ساحل العاج العام الماضي، سجل صلاح ركلة جزاء متأخرة أدرك بها التعادل في المباراة الافتتاحية أمام موزمبيق، قبل أن يتعرض إلى إصابة ضد غانا ويُستبعد من البطولة، عائداً إلى ليفربول للعلاج، فيما خسرت مصر مرة أخرى بركلات الترجيح، وهذه المرة أمام جمهورية الكونغو الديمقراطية في ثمن النهائي.

بعد أربعة إخفاقات متتالية، يملك صلاح كل الأسباب ليتساءل إن كان سيوشح عنقه يوماً بميدالية بطل كأس الأمم الأفريقية. لكن التشاؤم ليس جزءاً من شخصية الهداف الأسطوري البالغ 33 عاماً، الذي يلقبه مشجعو ليفربول بـ«الملك المصري»، وقال مراراً للصحافيين: «أنا واثق أنني سأكون يوماً ضمن منتخب مصري يفوز بكأس الأمم الأفريقية».

لكن في حين كانت مصر في السابق المنتخب الذي يخشاه الجميع في البطولة، تواجه الآن منافسة متزايدة القوة، ولم تعد سوى واحدة من منتخبات مرشحة عدة في نسخة المغرب، حيث يُعد المنتخب المضيف الأوفر حظاً.

وتبدأ مصر مشوارها بمواجهة زمبابوي أولاً في المجموعة الثانية، الاثنين، ثم تنتظرها مباراتان أصعب أمام جنوب أفريقيا وأنغولا، بالتالي فهي مطالبة بكسب النقاط الثلاث لمباراة الاثنين كي تضمن على الأقل وبنسبة كبيرة مرورها إلى الدور الثاني كأحد أفضل أربعة منتخبات تنهي الدور الأول في المركز الثالث. وتميل كفة المواجهات المباشرة إلى الفراعنة الذين فازوا 8 مرات في 13 مباراة حتى الآن (4 تعادلات وخسارة واحدة) بينها مواجهتان حتى الآن في أمم أفريقيا في 2004 و2019 بنتيجتي 2-1 و1-0 توالياً.

وفي حال تأهل «الفراعنة» إلى الأدوار الإقصائية، سيتعين عليهم الفوز بأربع مباريات للتتويج باللقب لأول مرة منذ انتصارهم على غانا في نهائي نسخة 2010 بأنغولا. ويعتبر مدربها وهدافها السابق حسام حسن، المتوج باللقب ثلاث مرات أعوام 1986 و1998 و2006، أن صلاح ليس سوى واحد من بين العديد من خياراته الهجومية المثيرة. ومن بين هؤلاء عمر مرموش، جناح مانشستر سيتي الإنجليزي، ومصطفى محمد مهاجم نانت الفرنسي، إضافة إلى نجمَي الأهلي، بطل دوري أبطال أفريقيا 12 مرة، محمود حسن «تريزيغيه» وأحمد سيد «زيزو».

لكن ما قد يقلق حسن هو مستوى حارس مرمى الأهلي المخضرم محمد الشناوي الذي كان في وقت من الأوقات الأفضل بلا منازع في أفريقيا، لكنه أصبح عرضة للأخطاء.

ووصل صلاح إلى مدينة أغادير الساحلية، جنوب المغرب، حيث سيخوض المنتخب المصري مبارياته الثلاث في الدور الأول، بعد أسبوع من الجدل حول مستقبله مع ليفربول، غاضباً من جلوسه على مقاعد البدلاء في ثلاث مباريات متتالية.

قال صلاح بتأثر للصحافيين بعد التعادل مع ليدز يونايتد إنه «تمت التضحية بي»، ويعتقد أيضاً أن علاقته الجيدة سابقاً مع مدربه الهولندي أرني سلوت قد تدهورت، وأنه أصبح كبش فداء لسلسلة النتائج المخيبة لليفربول في الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا.

وسط تكهنات حول إمكانية رحيله عن «أنفيلد» خلال فترة الانتقالات الشتوية وانتقاله إلى الدوري السعودي المربح، شارك صلاح بديلاً في نهاية الأسبوع الماضي خلال الفوز على برايتون 2-0، وأكد سلوت بعد الفوز الذي كان في أمسّ الحاجة إليه أنه «لا توجد مشكلة بحاجة إلى حل» مع نجمه الهجومي الذي يخوض موسمه الأول في عقد جديد مدته عامان.

وساهم صلاح في الهدف الثاني لليفربول الذي سجله هوغو إيكيتيكيه، فتجاوز نجم مانشستر يونايتد السابق واين روني وأصبح اللاعب الأكثر مساهمة في الأهداف مع نادٍ واحدٍ في تاريخ الدوري الإنجليزي، بعدما وصل إلى 277 مساهمة.

ويعاني صلاح من قلة الأهداف مع «الريدز» هذا الموسم، ويأمل أن يساعده تغيير الأجواء من ليفربول إلى أغادير في استعادة شهيته التهديفية الحاسمة، وستكون الفرصة متاحة أمامه ضد زمبابوي التي دكَّ شباكها بثلاثية (هاتريك) عندما فازت مصر 4-2 في تصفيات مونديال 2014 في التاسع من يونيو (حزيران) 2013 في هراري.


الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يعتزم إطلاق دوري أمم القارة

الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يعتزم إطلاق دوري أمم القارة (رويترز)
الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يعتزم إطلاق دوري أمم القارة (رويترز)
TT

الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يعتزم إطلاق دوري أمم القارة

الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يعتزم إطلاق دوري أمم القارة (رويترز)
الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يعتزم إطلاق دوري أمم القارة (رويترز)

جدَّد الاتحاد الآسيوي لكرة القدم التزامه بتطوير كرة القدم على صعيد المنتخبات الوطنية في مختلف أنحاء القارة، من خلال خطط لإطلاق دوري أمم آسيا في الفترة المقبلة، وذلك ضمن جهوده المستمرة لتعزيز فرص التطوير للاتحادات الأعضاء، وإرساء إطار أكثر تنظيماً واستدامةً للمباريات الدولية.

وتماشياً مع الإصلاحات الناجحة الأخيرة التي شهدتها منظومة بطولات الأندية التابعة للاتحاد الآسيوي، يواصل الاتحاد السعي إلى مبادرات استراتيجية تدعم النمو المستدام، وتحقق التوازن التنافسي، وتوفّر مباريات ذات قيمة فنية حقيقية، إلى جانب تحسين وضوح واستقرار الروزنامة الخاصة بالمنتخبات الوطنية.

ولا يزال الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يركّز على توفير مسارات تطوير عالية الجودة ومتسقة للاتحادات الأعضاء، بما يتماشى مع رؤيته طويلة الأمد الرامية إلى الارتقاء بكرة القدم في آسيا. حيث إنّ الاستفادة الفعّالة من نوافذ المباريات الدولية المعتمدة من الاتحاد الدولي لكرة القدم باتت تواجه تحديات متزايدة، نتيجة محدودية توفر المنافسين، وارتفاع التكاليف التشغيلية، وتعقيدات الجوانب اللوجستية، وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تقليص القيمة الرياضية للمباريات الدولية.

وقد أبرزت هذه التحديات الحاجة إلى إطار منافسات أكثر تنظيماً وقابلية للتنبؤ والاستدامة على مستوى المنتخبات الوطنية. وبعد إجراء مراجعة داخلية شاملة وعملية تشاور موسعة، قرر الاتحاد الآسيوي لكرة القدم من حيث المبدأ إطلاق دوري أمم آسيوي. وتهدف البطولة المقترحة إلى ضمان إقامة مباريات دولية منتظمة وذات قيمة خلال نوافذ المباريات الدولية، وتعزيز التوازن التنافسي من خلال مواجهات قائمة على المستويات، وتحسين كفاءة التكاليف عبر تنسيق مركزي، إلى جانب توفير مسارات تقدم أوضح للمنتخبات الوطنية.

وفي تعليقه على هذه المبادرة، قال داتوك سري ويندسور جون أمين عام الاتحاد الآسيوي لكرة القدم: «يمثل دوري الأمم الآسيوي خطوةً مهمةً إلى الأمام ضمن التزامنا المستمر بدعم تطوير الاتحادات الأعضاء البالغ عددها 47 اتحاداً. ومن خلال تقديم منصة تنافسية منظمة خلال نوافذ المباريات الدولية، مع قدر أكبر من الاستقرار في الروزنامة وحوافز رياضية واضحة، نهدف إلى ضمان وصول منتظم إلى مباريات عالية الجودة، مع معالجة التحديات اللوجستية والمتعلقة بالتكاليف التي تواجهها المنتخبات الوطنية».

وأضاف: «إلى جانب الفوائد الرياضية، شهدنا أيضاً اهتماماً قوياً وطلباً متزايداً من شركائنا التجاريين على بطولة بنظام دوري الأمم، ما يعكس جاذبيتها لدى الجماهير ووسائل الإعلام وأصحاب المصلحة على حد سواء، وقدرتها على تقديم منتج كروي دولي أكثر تشويقاً وقابلية للتسويق».

وسوف يتم مناقشة المزيد من التفاصيل المتعلقة بنظام البطولة، والجدول الزمني، وآليات التطبيق، عبر اللجان المختصة في الاتحاد ومشاورات الأطراف المختلفة، على أن يتم الإعلان عنها في الوقت المناسب.