تركيا: مغادرة السوريين تضرب قطاعات مهمة يتصدرها النسيج

القطاع يعاني ضغوط تضخم تحدث فجوة كبيرة في القوة العاملة

سارع آلاف السوريين للعودة إلى ديارهم فور سقوط نظام بشار الأسد (إ.ب.أ)
سارع آلاف السوريين للعودة إلى ديارهم فور سقوط نظام بشار الأسد (إ.ب.أ)
TT

تركيا: مغادرة السوريين تضرب قطاعات مهمة يتصدرها النسيج

سارع آلاف السوريين للعودة إلى ديارهم فور سقوط نظام بشار الأسد (إ.ب.أ)
سارع آلاف السوريين للعودة إلى ديارهم فور سقوط نظام بشار الأسد (إ.ب.أ)

تنتهي العطلة الصيفية للمدارس في تركيا خلال أيام قليلة، بينما لم تتحقق التوقعات بعودة كبيرة للاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم.

وعلى الرغم من ذلك، بدا أن هناك بعض القطاعات تأثرت إلى حد بعيد باختيار آلاف السوريين العودة إلى ديارهم بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ إذ عاد أكثر من 450 ألف سوري من أصل أكثر من 3.7 مليون في تركيا إلى ديارهم. وبحسب آخر الإحصائيات التي أعلنها وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، يوم الجمعة الماضي، بلغ عدد السوريين العائدين إلى ديارهم 450 ألفاً و169 سورياً، قياساً إلى نحو 250 ألفاً في مايو (أيار) الماضي.

توقعات رسمية متفائلة

أصدر مسؤولون أتراك تصريحات متفائلة عن عودة السوريين متوقعين رحيل نحو مليون ونصف المليون منهم حتى انتهاء عطلة المدارس في سبتمبر (أيلول) الحالي، لكن الإحصائيات الرسمية تؤكد أن العودة سارت أبطأ مما كان متوقعاً.

وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا (من حسابه في إكس)

قال يرلي كايا إن عدد السوريين المشمولين بالحماية المؤقتة في تركيا تراجع إلى مليونين و506 آلاف و740 سورياً، اعتباراً من أغسطس 2025، بينما كانت بيانات إدارة الهجرة في 22 مايو الماضي قدرت الأعداد بمليونين و723 ألفاً و421 سورياً.

وأشار يرلي كايا إلى أن مليوناً و190 ألفاً و172 سورياً عادوا طوعاً إلى بلادهم منذ تدفقهم على تركيا وحتى الآن، متوقعاً أن تتزايد العودة الطوعية مع استقرار الوضع في سوريا.

يُعرّف المسؤولون الأتراك العودة بأنها «طوعية وآمنة وكريمة»، لكن منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية المختلفة تحدثت عن وجود انتهاكات لحقوق الإنسان، مثل إجبارهم على توقيع وثائق العودة الطوعية.

معاناة بقطاع النسيج

تثور تساؤلات كثيرة حول تأثير عودة السوريين إلى بلادهم على الاقتصاد التركي. وتظهر إحصائيات وزارة العمل والضمان الاجتماعي التركية أن نحو 100 ألف سوري يملكون تصاريح عمل، وتشير تقديرات بعض الخبراء إلى أن نحو مليون سوري ينشطون في الاقتصاد التركي، غالبيتهم بشكل غير رسمي من دون الحصول على حقوقهم أو التأمينات الصحية والاجتماعية أو الأجور على قدم المساواة مع الأتراك، معظمهم في مجالات مثل البناء والصناعة والنسيج.

وفي قطاع النسيج، على وجه التحديد، بدأت عودة السوريين إلى بلادهم تُحدِث فجوة كبيرة في القوة العاملة في القطاع الذي يعاني ضغوط التضخم وارتفاع التكاليف.

عودة السوريين إلى ديارهم أثرت سلباً على قطاع النسيج في تركيا (إعلام تركي)

وعبّر أصحاب المصانع وورش النسيج عن قلقهم بسبب تزايد أعداد السوريين العائدين إلى بلادهم، وفي منطقة باغجيلار في إسطنبول، التي تحتضن أكبر عدد من السوريين ويبلغ عددهم في المدينة نحو 500 ألف، بدأت شكاوى أصحاب ورش ومصانع النسيج من نقص العمالة السورية التي كانت تتسم بأنها عمالة رخيصة.

وأكد عمر أوز، أحد أصحاب المصانع، أن الإنتاج بدأ يشهد تراجعاً كبيراً وأن مصنعه أصبح عاجزاً عن تسليم الطلبات للعملاء في موعدها، وبدورهم لا يمكنهم تسليمها إلى المحلات في الوقت المحدد، ما تسبب في مشكلة في سلسلة الإنتاج والتوزيع، متوقعاً أن يزداد الوضع سوءاً حال عودة السوريين بأعداد كبيرة.

وفي غازي عنتاب، وهي المدينة الثانية من حيث عدد السوريين الموجودين بها بعد إسطنبول، قال أحمد جوكتشه، إن مصنعه للنسيج يعتمد على العمالة السورية بنسبة 70 في المائة، وإذا غادروا جميعاً فسيواجه مشكلة في استمرار الإنتاج من المصنع.

لا تأثيرات على السكن

أما الأثر الاقتصادي الشائع للاجئين السوريين في جميع المدن التركية فهو ارتفاع إيجارات المساكن، أو هكذا يتصور المواطنون الأتراك، حيث يسود اعتقاد بأن رحيل السوريين سيؤدي إلى توافر المساكن وانخفاض الإيجارات.

لكن خبراء في مجال العقارات رأوا عكس ذلك تماماً، وأكدوا أن رحيل السوريين، حتى وإن حدث بالكامل، لن يُحدث اضطراباً أو تغييراً ملموساً في قطاع الإسكان، وأن أسعار الإيجارات لن تتغير.

سلمان أوزغون، رئيس إحدى الشركات القابضة في مجال الإسكان، لفت إلى أنه من المعروف أن احتياجات السكن السنوية في تركيا تبلغ نحو 800 ألف وحدة، وحتى لو غادر جميع السوريين، فلن يكون بالإمكان تلبية الاحتياجات السكنية لمدة عام، كما أنه من المستبعد تماماً أن تنخفض أسعار المساكن لأن السوريين غير مسموح لهم بتملك العقارات في تركيا.

خبراء العقارات استبعدوا تأثير رحيل السوريين على قطاع السكن (رويترز)

بدوره، رأى خلوق سرت، رئيس إحدى الشركات العقارية، أنه من غير المرجح أن يعود عدد كبير من السوريين في وقت قصير، وأن تكون العودة تدريجية ومرتبطة بعوامل كثيرة، منها إعادة إعمار سوريا، وإحلال السلام في المنطقة، وتشكيل حكومة ديمقراطية تمثل الجميع، وإنعاش الاقتصاد، وتوفير فرص العمل، وتنفيذ مشاريع البنية التحتية والفوقية، وإعادة بناء المساكن المهدمة. وذهب إلى أن هذا قد يسرع بوتيرة عودة السوريين، لكنه أشار إلى أنه لا يتوقع عودة أكثر من 50 في المائة من اللاجئين في تركيا إلى بلادهم.


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يُحدِّث إرشادات اللجوء للسوريين بعد عام من سقوط الأسد

أوروبا  سوريون يتابعون من جانب الطريق سيارات وزارة الداخلية خلال الإطلاق الرسمي لهويتها البصرية الجديدة في دمشق (أ.ب)

الاتحاد الأوروبي يُحدِّث إرشادات اللجوء للسوريين بعد عام من سقوط الأسد

أصدر الاتحاد الأوروبي، اليوم الأربعاء، توجيهات مُحدّثة لطلبات اللجوء المُقدّمة من المواطنين السوريين، تعكس الأوضاع الجديدة في سوريا بعد عام من سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (برشلونة (إسبانيا))
شمال افريقيا الطرابلسي يستعرض في المؤتمر الصحافي نتائج «البرنامج الوطني» لترحيل المهاجرين غير النظاميين (أ.ف.ب)

سلطات طرابلس تلوّح لأوروبا بورقة الـ«3 ملايين مهاجر»

قال الطرابلسي وزير داخلية حكومة الوحدة الليبية إن جهود ترحيل المهاجرين غير النظاميين من بلده تعد «أحد أهم الإجراءات لمواجهة محاولات التوطين»

جمال جوهر (القاهرة)
العالم العربي الصومالي عبد الله عمر مع زوجته وأطفاله في حي البساتين في عدن (أ.ف.ب)

لاجئون صوماليون يفضلون العودة لبلدهم هربا من «الفقر والبطالة» في اليمن

يعيش آلاف الصوماليين مع أطفالهم في فقر مدقع في حي البساتين في عدن، ما دفع كثيرين منهم إلى اتخاذ قرار العودة الى بلادهم.

«الشرق الأوسط» (عدن)
شمال افريقيا أطفال سودانيون يتامى من الفاشر يتشاركون وجبة معكرونة ولحم من مشروع إطعام خيري (رويترز)

الفارون من رمضاء العنف في السودان يكتوون بنار شح المساعدات على حدود تشاد

لا تجد العائلات السودانية اللاجئة التي تصل إلى بلدة الطينة على الحدود مع تشاد سوى قليل من المساعدات الإنسانية الدولية في ظل الأزمة السودانية المستمرة.

«الشرق الأوسط» (الطينة (تشاد))
شمال افريقيا مهاجرون على متن أحد «قوارب الموت» أُنقذوا من قبل خفر السواحل الإسباني (أ.ف.ب)

خفر السواحل الموريتاني ينقذ 101 أفريقي من رحلات «قوارب الموت»

أعلن خفر السواحل الموريتاني، الخميس، إنقاذ زورق على متنه 101 من المهاجرين غير النظاميين الأفارقة، كان في طريقه إلى إسبانيا.

«الشرق الأوسط» (نواكشوط)

في خطوة قد تثير غضب واشنطن... الاتحاد الأوروبي يغرم «إكس» 140 مليون دولار

نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
TT

في خطوة قد تثير غضب واشنطن... الاتحاد الأوروبي يغرم «إكس» 140 مليون دولار

نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

فرض الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، غرامة قدرها 120 مليون يورو (140 مليون دولار) على منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، المملوكة لإيلون ماسك، لخرقها قواعد المحتوى الرقمي، في أول تطبيق لعقوبة بموجب تشريع رقمي تاريخي قد يثير غضب الحكومة الأميركية.

وتجنبت شركة «تيك توك» العقوبة نفسها من خلال تقديم تنازلات لتعزيز الشفافية، وفق «رويترز».

واعتبرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن حملة أوروبا الصارمة على شركات التكنولوجيا الكبرى تميّز الشركات الأميركية وتستهدف الأميركيين، بينما أكدت المفوضية الأوروبية أن قوانينها لا تميّز على أساس الجنسية، وتهدف فقط لحماية المعايير الرقمية والديمقراطية التي غالباً ما تُصبح معياراً عالمياً.

وأشار رئيس قسم التكنولوجيا في الاتحاد الأوروبي إلى أن الغرامة متناسبة مع المخالفات، ولا تمثل شكلاً من أشكال الرقابة، لافتاً إلى أن العقوبة جاءت بعد تحقيق استمر عامين بموجب قانون الخدمات الرقمية، الذي يُلزم المنصات بتحمل مسؤولية أكبر في معالجة المحتوى غير القانوني والضار.

وأوضح تحقيق الاتحاد الأوروبي في منصة «تيك توك»، التابعة لشركة «بايت دانس»، أن الشركة انتهكت شروط القانون من خلال مستودع الإعلانات الذي يسمح للباحثين والمستخدمين باكتشاف الإعلانات الاحتيالية. وقالت هينا فيركونين، رئيسة قسم التكنولوجيا في المفوضية الأوروبية، إن الغرامة المفروضة على «إكس» محسوبة بعناية وفق طبيعة المخالفات وعدد المستخدمين المتأثرين ومدتها، مؤكدةً أن الهدف هو إنفاذ التشريعات الرقمية وليس فرض أعلى الغرامات.

وأضافت فيركونين أن القرارات المستقبلية بشأن الشركات المتهمة بانتهاكات قانون الخدمات الرقمية ستصدر في وقت أقصر مقارنة بالعامين اللذين استغرقتهما قضية «إكس». من جهته، أكد نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، أن الاتحاد الأوروبي لا ينبغي أن يهاجم الشركات الأميركية، محذراً من أن الغرامة لا ينبغي أن تُستخدم أداةً للرقابة على المحتوى.

وحثّت «تيك توك»، التي تعهدت بإصلاح مكتبة إعلاناتها لزيادة الشفافية، الجهات التنظيمية على تطبيق القانون بشكل متساوٍ على جميع المنصات. وأوضحت الهيئات الأوروبية أن انتهاكات «إكس» شملت التصميم المُضلّل للعلامة الزرقاء للحسابات الموثقة، وانعدام الشفافية في مستودع الإعلانات، وعدم تمكين الباحثين من الوصول إلى البيانات العامة.

وأكدت المفوضية استمرار التحقيق في محتوى غير قانوني على «إكس»، والإجراءات المتخذة لمكافحة التلاعب بالمعلومات، بالإضافة إلى تحقيق منفصل في نظام «تيك توك» الخوارزمي والتزامه بحماية الأطفال. وتصل الغرامات المقررة بموجب قانون الخدمات الرقمية إلى 6 في المائة من الإيرادات العالمية السنوية للشركة.


دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
TT

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس»، أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

واستطلعت الدراسة آراء أكثر من 400 شركة قبل وبعد موافقة سويسرا الشهر الماضي، على اتفاق لخفض الرسوم الجمركية الأميركية من 39 في المائة إلى 15 في المائة، حيث حدد نحو ربع الشركات بالفعل خطوات ملموسة ستتخذها، وفق «رويترز».

وأشارت الدراسة إلى أن ما يقرب من ثلث هذه الشركات قررت زيادة استثماراتها خارج سويسرا، ونقل إنتاجها وعملياتها إلى الخارج. وأفاد نحو 16 في المائة من الشركات بأنها ستنقل عملياتها إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، فيما ستتجه 10 في المائة إلى الولايات المتحدة، و5 في المائة أخرى نحو الاتحاد الأوروبي.

وشملت الخيارات الأخرى البحث عن أسواق جديدة، ورفع الأسعار، وحتى تعليق الصادرات إلى الولايات المتحدة.

وقال رودولف مينش، كبير الاقتصاديين في «إيكونومي سويس»، إن نقل العمليات والاستثمار في الخارج لم يضر بسويسرا، التي تظل وجهةً تجارية جاذبة، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الوظائف التي تتطلب مهارات عالية وأنشطة البحث والتطوير.

وكجزء من الاتفاق، تعهدت برن أيضاً باستثمارات بقيمة 200 مليار دولار من شركاتها في الولايات المتحدة، ما أثار مخاوف بشأن التأثير الاقتصادي المحتمل على المدى الطويل.

وأشار بنك «يو بي إس» إلى أنه في حال نقل صناعة الأدوية - أكبر قطاع تصدير في سويسرا - جميع إنتاجها المتجه إلى الولايات المتحدة إلى هناك، فإن النمو الاقتصادي التراكمي السويسري على مدى 5 سنوات سينخفض من 10 في المائة إلى 7.7 في المائة.

وأضاف مينش أن سويسرا أصغر من أن تستوعب مبلغ 200 مليار دولار، لكنها تمتلك تاريخاً طويلاً في الاستثمار بالخارج، وقد ساعدت هذه الاستثمارات أيضاً في تأمين فرص عمل داخل البلاد.


حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
TT

حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

أكّد وزراء في الحكومة اليابانية، يوم الجمعة، أن تحديد أدوات السياسة النقدية يظل من اختصاص بنك اليابان بالكامل، وذلك وسط توقعات متزايدة بأن يقدم البنك على رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه في ديسمبر (كانون الأول) الجاري. وقال وزير إنعاش الاقتصاد مينورو كيووتشي إن الحكومة «تأمل أن يواصل بنك اليابان إدارة السياسة النقدية بالشكل المناسب لتحقيق استقرار التضخم عند 2 في المائة، بالتعاون الوثيق مع الحكومة»، مضيفاً أن قرار رفع الفائدة وآلياته أمر يعود للبنك المركزي وحده.

وفي مؤتمر منفصل، أعرب كبير أمناء مجلس الوزراء مينورو كيّهارا عن قلق طوكيو من التحركات السريعة من جانب واحد في سوق العملات، خصوصاً مع تراجع الين لمستويات قرب 155 للدولار. وقال كيّهارا: «نراقب السوق عن كثب، ومستعدون لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد التحركات المفرطة أو غير المنتظمة، بما في ذلك سلوكيات المضاربة». وتأتي تلك التصريحات في حين يقترب بنك اليابان من إنهاء مرحلة أسعار الفائدة شديدة الانخفاض بعد عقود من السياسات التيسيرية.

وفي تحليل نشرته «رويترز»، أفاد مسؤولون بأن رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي بدأت تنتهج خطاباً أكثر حذراً تجاه الأسواق بعد ارتفاع حاد في عوائد السندات اليابانية طويلة الأجل إلى أعلى مستوياتها منذ 2007. وخلال اجتماع مع فريقها الاقتصادي في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عرضت وزيرة المالية ساتسوكي كاتاياما على تاكايتشي مخططاً يوضح تسارع عمليات بيع السندات وارتفاع تكلفة الاقتراض، وهو ما جعل تعبيرات رئيسة الوزراء «أكثر جدية»، وفق مصدر مطّلع. وتاكايتشي، التي تُعد من ورثة «أبينوميكس»، تواجه تحدياً كبيراً في تمويل خطتها التحفيزية البالغة 137 مليار دولار، والمعتمدة في جزء كبير منها على إصدار ديون جديدة. وتحاول رئيسة الوزراء تهدئة الأسواق، نافية أن تواجه اليابان سيناريو مشابهاً لـ«صدمة تراس» في بريطانيا عام 2022، التي شهدت انهيار السندات والإطاحة بالحكومة على خلفية تمويل خطط إنفاق غير ممولة.

وتكشف التحليلات أن تراجع مشتريات بنك اليابان وشركات التأمين المحلية يضع عبئاً كبيراً على سوق السندات؛ إذ تشير تقديرات بنك أوف أميركا إلى أن صافي المعروض سيرتفع بـ11 تريليون ين إضافية في 2026. وقال مدير محافظ في طوكيو: «خطة تاكايتشي تعتمد على نمو اقتصادي قوي... لكن إذا لم يتحقق هذا النمو، فلن يبقى إلا جبل الديون». كما بدأ بعض المستثمرين بالرهان على مزيد من انخفاض الين وارتفاع عوائد السندات، بسبب التوقعات برفع الفائدة قريباً.

من جانبه، قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا إن هناك «عدم يقين» بشأن المستوى المناسب لرفع الفائدة مستقبلاً، لافتاً إلى أن المعدل الطبيعي (الحيادي) في اليابان يتراوح بين 1 في المائة و2.5 في المائة. ومن المتوقع أن يصبح مؤتمر أويدا الصحافي في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحدث الأكثر أهمية للأسواق، مع محاولة المستثمرين استشراف مسار التشديد النقدي في 2026.