أعاد إجراء السلطات المصرية بإزالة الحواجز الأمنية أمام السفارة البريطانية في ضاحية جاردن سيتي بالقاهرة، الحديث عن تاريخ سفارة المملكة المتحدة بالقاهرة، التي تعد من أقدم البعثات الدبلوماسية. ويرى مراقبون أن «تاريخ السفارة البريطانية يشهد تعاوناً عميقاً و(اضطرابات) خلال فترات سابقة».
وقامت مصر، الأحد، بإزالة الحواجز الأمنية من أمام سفارة المملكة المتحدة بالقاهرة، وهو ما تبعه إعلان السفارة البريطانية إغلاق المبنى مؤقتاً.
وتشهد العلاقات المصرية - البريطانية تعاوناً عميقاً في العديد من المجالات. بينها الاتفاقيات الأمنية، ومكافحة الإرهاب، والشراكة الاقتصادية. في مقابل ذلك، شهدت العلاقات بين البلدين توترات دبلوماسية محدودة خلال العقود الماضية تم تجاوزها سريعاً، أبرزها المظاهرات التي انطلقت من ميدان التحرير «وسط العاصمة» احتجاجاً على الغزو الأميركي للعراق عام 2003، ووصلت إلى محيط السفارة البريطانية، وهو ما دفع السلطات المصرية إلى وضع «الحواجز الإسمنية والحديدية» بمحيط السفارتين البريطانية والأميركية، وإغلاق الشوارع المحيطة أمام المركبات والمارة.
كما اضطرت المملكة المتحدة عام 2014 إلى إغلاق سفارتها بمصر، عقب قيام متظاهرين مناصرين لجماعة «الإخوان» بمحاصرة المبنى، خلال فترة التوتر الأمني التي أعقبت ثورة 30 يونيو (حزيران) عام 2013، وعزل «الإخوان» من الحكم.
أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، الدكتور محمد عفيفي، يرى أن «بعض المصريين ينظرون للسفارة البريطانية باعتبارها رمزاً للاستعمار، وهي نظرة تستدعي تاريخ بريطانيا الاستعماري في البلاد، وتسببت الحواجز الأمنية المبالغ فيها حول محيط السفارة في زيادة غضب المصريين خلال السنوات الماضية». وقال عفيفي لـ«الشرق الأوسط» إن «إزالة الحواجز الأمنية سوف يقلل نظرة العداء تجاه مبنى السفارة البريطانية في القاهرة».

ووفق عفيفي، شهد الوجود البريطاني في مصر تغيرات عدة في وصف «الممثل البريطاني»، بدءاً من المصطلحات الاستعمارية «المندوب السامي البريطاني»، و«المعتمد البريطاني»، وغيرهما، إلى أن تم اعتماد مصطلح «السفير البريطاني» في أول تمثيل دبلوماسي للمملكة المتحدة بمصر عقب معاهدة 1936.
«شهد مبنى السفارة البريطانية بالقاهرة تغيرات جذرية عقب ثورة يوليو (تموز) 1953»، بحسب مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «قبل ثورة 1952 كان مبنى السفارة البريطانية يطل مباشرة على النيل، ولم يكن يوجد طريق لكورنيش النيل في الجزء المارّ أمام حي جاردن سيتي، إلى أن تولى أحد قيادات مجلس قيادة الثورة ويدعى عبد اللطيف البغدادي تنفيذ مشروع مدّ طريق الكورنيش وتوسعته، وقوبل ذلك حينها باعتراضات بريطانية، لكن تم تجاوز الأزمة».
وأشار بيومي إلى «عمق العلاقات المصرية - البريطانية في مجالات عدة، سياسية واقتصادية»، لافتاً إلى أن «المصالح المشتركة لن يتأثر بإجراءات إزالة الحواجز».
مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتور أيمن عبد الوهاب، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه «يمكن النظر إلى إجراء إزالة الحواجز من محيط السفارة البريطانية عبر عدة مستويات سياسية، أبرزها تفعيل مبدأ المعاملة بالمثل، وهو مبدأ دبلوماسي قائم، وأيضاً فكرة أن إزالة الحواجز هي عودة للوضع الطبيعي والقواعد المنظمة لتأمين السفارات، إذ الفترة التي تطلبت مزيداً من الإجراءات الأمنية انتهت، وطالما لا توجد تهديدات أمنية حقيقية، لا يوجد مبرر للمبالغة في الإجراءات الأمنية».



