مصر تُسرع وتيرة التنقيب بعد أزمة الغاز الإسرائيلي

وقعت 4 اتفاقيات مع شركات عالمية للاستكشاف في «المتوسط» و«الدلتا»

الإعلان عن اكتشاف آبار غاز جديدة في مصر (وزارة البترول)
الإعلان عن اكتشاف آبار غاز جديدة في مصر (وزارة البترول)
TT

مصر تُسرع وتيرة التنقيب بعد أزمة الغاز الإسرائيلي

الإعلان عن اكتشاف آبار غاز جديدة في مصر (وزارة البترول)
الإعلان عن اكتشاف آبار غاز جديدة في مصر (وزارة البترول)

نشّطت وزارة البترول المصرية جهود التنقيب عن مصادر الطاقة وفي مقدمتها الغاز الطبيعي والبترول، وعملت على توسيع دائرة الشركات العالمية المتعاونة معها، في محاولة لتوفير إمدادات الطاقة عبر إنتاج محلي، مع زيادة تكلفة الاستيراد من الخارج مؤخراً، خاصة الاستيراد من إسرائيل.

وارتفعت فاتورة صافي واردات الطاقة المصرية أكثر من الضعف خلال العام الماضي لتبلغ 11.3 مليار دولار، وفقاً لأرقام رسمية، ما يضع مزيداً من الضغوط على احتياطيات النقد الأجنبي، في وقت أثار فيه تعديل صفقة استيراد الغاز الإسرائيلي بمقدار 130 مليار متر مكعب، مطلع الشهر الحالي جدلاً سياسياً وشعبياَ واسعاً.

وتضمنت خطة وزارة البترول المصرية لجذب الشركات الأجنبية، تقديم حوافز جديدة للشركات، وأتاحت تصدير حصة معينة من الإنتاج الجديد، بحيث تستخدم عائداتها في سداد المستحقات المطلوبة وضمان عدم تكرار مشكلات تأخر سدادها، بالإضافة لرفع سعر حصة هذه الشركات من الإنتاج الجديد من الغاز، وفقاً لبيان سابق صادر عن الوزارة.

ولعل ذلك ما ساهم في إعلان وزارة البترول، السبت، توقيع 4 اتفاقيات مع شركات عالمية بقيمة تزيد على 340 مليون دولار لاستكشاف الغاز والنفط في البحر المتوسط ودلتا النيل.

مصر تنوع شراكتها مع شركات أجنبية للتنقيب عن الغاز والبترول (وزارة البترول)

وذكرت الوزارة أن الصفقة الأولى بقيمة 120 مليون دولار مع شركة «شل» العالمية تشمل حفر 3 آبار في منطقة «ميرنيث» البحرية بالبحر المتوسط، ووقعت «إيني» الإيطالية صفقة بقيمة 100 مليون دولار لحفر 3 آبار في منطقة شرق بورسعيد البحرية بالبحر المتوسط.

وجرى توقيع اتفاقية ثالثة بقيمة 109 ملايين دولار مع شركة «أركيوس إنرجي» العالمية، وهي مشروع مشترك مملوك بنسبة 51 في المائة لشركة «بي بي»، و49 في المائة لشركة «إكس آر جي» الذراع الاستثمارية لشركة أبوظبي الوطنية للطاقة (أدنوك)، وتستهدف العمل في منطقة شمال دمياط البحرية.

وأعلنت الوزارة أيضاً عن اتفاقية مع شركة «زاروبيج نفط» الروسية باستثمارات تصل إلى 14 مليون دولار تتعلق بمنطقة شمال الخطاطبة الأرضية بدلتا النيل لحفر 4 آبار.

واستطاعت مصر تجاوز أزمة تأخر سداد مستحقات شركات التنقيب العالمية، وهو ما سهّل مهمة جذب شركات أجنبية عديدة مرة أخرى لمناطق في البحر المتوسط والدلتا والبحر الأحمر، بحسب ما أكده نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، صلاح حافظ.

وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «حجم الاستثمارات الأولية المعلن عنها منطقي، والأهم هو كسب ثقة شركات تنقيب عالمية للعمل بشكل طبيعي مرة أخرى، ومن ثمّ من المتوقع الإعلان عن مزيد من صفقات التنقيب خلال الأشهر المقبلة تنفيذاً لخطة حكومية تستهدف حفر عشرات الآبار قبل نهاية العام الحالي».

وتعتزم وزارة البترول المصرية حفر 133 بئراً نفطية وغازية جديدة خلال العام المالي 2025 - 2026 في عدد من الأحواض الرسوبية، وفقاً لتصريحات سابقة لمسؤولين بوزارة البترول المصرية.

وكشف وزير البترول المصري كريم بدوي، خلال لقائه برؤساء شركات البترول، مؤخراً، عن توفير 3.6 مليار دولار من الفاتورة الاستيرادية للوقود، التي كانت ستتحملها الدولة خلال العام المالي 2024 - 2025، بفضل تحسين معدلات الإنتاج وخطط حفر وتنمية الآبار النفطية والغازية الفترة الماضية.

غير أن صلاح حافظ يرى أن ضمان نجاح الخطط الحكومية يتمثل في إقناع الشركات الأجنبية بأن الاستثمار في التنقيب عن البترول والغاز ليس مورداً ناضباً، ويتحقق ذلك عبر سداد المستحقات بشكل دوري دون انقطاع، بما يسهم في حفر عدد أكبر من الآبار، ومن ثم زيادة ضخ كميات أكبر من الإنتاج المحلي.

استثمارات جديدة بقيمة 340 مليون دولار للتنقيب عن الغاز والبترول في مصر (وزارة البترول)

وتحتاج كثير من الحقول المكتشفة بالفعل إلى عمليات حفر آبار جديدة لتحقيق زيادة الإنتاج، وفقاً لحافظ، ويبرهن على ذلك بأن حقل ظُهر شهد تراجعاً في عوائده، قبل ضخ استثمارات جديدة بلغت 569 مليون دولار لحفر بئر «ظُهر-6»، مما أضاف 65 مليون قدم مكعبة من الغاز يومياً للإنتاج.

وسددت الحكومة المصرية مليار دولار من المستحقات المتأخرة لشركات النفط الأجنبية خلال الأسبوع الأول من شهر يوليو (تموز) الماضي، وفقاً لتصريحات إعلامية أدلى بها مسؤولون بوزارة البترول، ليرفع إجمالي مدفوعات مصر من المتأخرات لشركات النفط الأجنبية العاملة إلى 8.5 مليار دولار منذ يونيو (حزيران) الماضي 2024.

وأكد خبير الطاقة الدولي، رمضان أبو العلا، أن «الحكومة المصرية بدأت الاستفادة من أخطائها السابقة مع اعتمادها على شركة واحدة أو شركتين في أعمال التنقيب، واتجهت نحو توسيع دائرة شراكاتها العالمية، وهو ما يخلق منافسة بين تلك الشركات تصب لصالح الدولة».

وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تحقيق عوائد الاستثمارات الجديدة لن يكون قبل 3 أو 4 سنوات وفق حالة كل بئر وطبيعة المياه في تلك الحقول، كما أن الإنتاج المحلي أمامه مزيد من الوقت للوصول إلى سابق عهده في عام 2022 مع تناقصه بنسبة 40 في المائة تقريباً، ما يتطلب تسريع وتيرة الاكتشافات الجديدة شرط أن تكون مؤثرة لتعويض ما تم تصديره واستهلاكه».

وتعتمد مصر بشكل متزايد على الاستيراد لتلبية الطلب المحلي المرتفع مع انخفاض إنتاج الحقول القديمة وتأخر الاستثمار في الحقول الجديدة.

وتبلغ احتياجات مصر اليومية من الغاز 6.2 مليار قدم مكعبة يومياً، فيما يصل إنتاجها اليومي لنحو 4 مليارات قدم مكعبة، وتستهدف الحكومة زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بنهاية العام الحالي لنحو 5 مليارات قدم مكعبة يومياً.

وكانت قيمة الصفقة المعلن عنها مع إسرائيل وتصل إلى 35 مليار دولار، مسار تساؤلات عديدة في مصر، خاصة مع زيادة فترة التوريد حتى عام 2040، ما يشير إلى طول أمد الاعتماد على الغاز الإسرائيلي.

وحاول رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي التخفيف من حدة الجدل بتأكيده قبل أسابيع، أن ذلك «لن يؤثر على موقف بلاده الداعم لفلسطين»، موضحاً أن «الاتفاقية موجودة منذ 2019، وأن الاتفاق على مد أجلها مع توقعاتهم بأن يكون هناك زيادة في الإنتاج، ولذا يطلبون أن تدخل هذه الزيادة في منظومة الغاز بمصر، بعدّ الدولة المصرية مركزاً إقليمياً للطاقة».


مقالات ذات صلة

مصر: الربط الكهربائي مع السعودية يتم تجهيزه لبدء المرحلة الأولى

الاقتصاد رئيس الوزراء المصري خلال لقائه وزير الكهرباء (رئاسة مجلس الوزراء)

مصر: الربط الكهربائي مع السعودية يتم تجهيزه لبدء المرحلة الأولى

قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري إن مشروع الربط الكهربائي المصري السعودي يتم تجهيزه في صورته النهائية لبدء تشغيل المرحلة الأولى في القريب العاجل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد محطة تعبئة الهيدروجين للشاحنات والسيارات في برلين (رويترز)

ألمانيا تنجز أول 500 كيلومتر من خطوط شبكة أنابيب الهيدروجين

أكدت رابطة صناعة الغاز الألمانية «إف إن بي غاز»، الانتهاء من إنشاء أول 500 كيلومتر من شبكة أنابيب الهيدروجين بين الأقاليم في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد مصفاة نفط في كواساكي قرب طوكيو (رويترز)

تطوير طريق من آسيا لأوروبا دون المرور بروسيا لضمان إمدادات الطاقة

اتفقت اليابان وخمس دول من آسيا الوسطى، السبت، على تطوير طريق نقل يربط المنطقة بأوروبا دون المرور عبر روسيا، بهدف ضمان إمدادات مستقرة من المعادن والطاقة الحيوية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد غروب الشمس على شاطئ بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

اليابان تعزز حضورها الطاقي في أميركا بصفقة تبلغ 1.3 مليار دولار

أعلنت «جابكس» اليابانية عن قرارها الاستحواذ الكامل على شركة «في آر آي إتش» الأميركية، في صفقة تبلغ قيمتها نحو 1.3 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (طوكيو - واشنطن)
الاقتصاد رسم بياني لمؤشر الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرانكفورت (رويترز)

الأسواق الأوروبية تتأرجح بين صعود الطاقة وهبوط الرعاية الصحية

شهدت الأسهم الأوروبية، اليوم (الخميس)، تحركات محدودة، حيث تبنى المتعاملون موقفاً حذراً قبل صدور سلسلة من قرارات البنوك المركزية في المنطقة وبيانات تضخم أميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
TT

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، يوم الأحد، الشركاء في المجلس الانتقالي الجنوبي إلى «تغليب الحكمة ولغة الحوار».

وأوضح مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية أن العليمي دعا كذلك إلى «تجنيب الشعب اليمني والأمن الإقليمي والدولي، تهديدات غير مسبوقة، وعدم التفريط بالمكاسب المحققة خلال السنوات الماضية بدعم من تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، وفي المقدمة مكاسب القضية الجنوبية العادلة».

وقال المصدر إن رئيس مجلس القيادة الرئاسي وجّه «باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية بحق أي تجاوزات تمس وحدة القرار، أو تحاول فرض أي سياسات خارج الأطر الدستورية، ومرجعيات المرحلة الانتقالية».

وشدّد على أن «القيادة السياسية الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي هي الجهة الوحيدة المخولة بتحديد المواقف السياسية العليا للدولة، وبالتالي فإن استغلال السلطة، واستخدام الصفة الوظيفية، أو المنصب الرسمي لتحقيق مكاسب سياسية، يعد خرقاً جسيماً للدستور والقانون».

كما نقل المصدر عن العليمي دعوته «كافة المكونات السياسية، وأبناء الشعب اليمني، الالتفاف حول مشروع الدولة الوطنية، وحشد كافة الطاقات نحو معركة استعادة مؤسسات الدولة، وإسقاط انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وإنهاء المعاناة الإنسانية».


وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن بلاده لن تتساهل أو تتسامح مع أي مساس أو إضرار بمياه نهر النيل «الذي تعتمد عليه مصر اعتماداً كاملاً».

وأضاف عبد العاطي في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية جنوب السودان مونداي سيمايا كومبا أن مصر ليست لديها أي مشكلات مع دول حوض النيل «باستثناء دولة واحدة في حوض النيل الشرقي»، في إشارة إلى إثيوبيا.

وافتتحت إثيوبيا في سبتمبر (أيلول) الماضي «سد النهضة» الضخم على نهر النيل الذي بدأت تشييده في 2011، وهو مشروع بلغت تكلفته مليارات الدولارات، وتعدّه مصر تهديداً لحقوقها التاريخية في مياه أطول أنهار أفريقيا.

من جانب آخر، قال وزير الخارجية المصري إنه ناقش مع نظيره في جنوب السودان أهمية الوصول إلى تهدئة في السودان، والتوصل لهدنة إنسانية وإطلاق عملية سياسية شاملة.

ويخوض الجيش السوداني حرباً ضد «قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) 2023 أشعلها صراع على السلطة خلال مرحلة انتقالية كان من المفترض أن تفضي إلى إجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني.


مصر: ارتفاع قياسي لتحويلات المغتربين لا يردم فجوة العملة الصعبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
TT

مصر: ارتفاع قياسي لتحويلات المغتربين لا يردم فجوة العملة الصعبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)

سجَّلت تحويلات المصريين في الخارج «رقماً قياسياً» جديداً خلال الأشهر الـ10 السابقة، مقتربة من الـ34 مليار دولار (الدولار نحو 48 جنيهاً)، بنسبة زيادة 42.8 في المائة عن الفترة نفسها من عام 2024، وبينما تحتفي الحكومة والبنك المركزي، بزيادة التحويلات التي تعدّ أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في البلاد، يرى خبراء أنها «تظل غير كافية لسد احتياجات الدولة من النقد الأجنبي».

ووجَّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الحكومة والبنك المركزي إلى زيادة الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة خلال الفترة المقبلة، خلال اجتماع مع رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله، ووزير المالية أحمد كجوك، الأحد.

ووفق عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب محمود الصعيدي، فإن «أي زيادة في تحويلات المصريين بالخارج تعني زيادة موارد الدولة من العملة الصعبة، ما يمكِّنها من زيادة احتياطاتها من النقد الأجنبي، الذي وصل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى 50.215 مليار دولار».

وأشار الصعيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «مصادر النقد الأجنبي الأخرى وهي السياحة، وقناة السويس، والاستثمار، والتصدير تشهد تحسناً هي الأخرى».

مؤتمر مصري يستعرض جهود الدولة في رعاية أبنائها بالخارج... أغسطس الماضي (وزارة الخارجية المصرية)

ووفق البنك المركزي، حقَّقت تحويلات المصريين العاملين بالخارج «تدفقات قياسية خلال الأشهر الـ10 الأولى من عام 2025، خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، لتسجِّل نحو 33.9 مليار دولار، مقابل نحو 23.7 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق».

وأضاف البنك المركزي، في بيان الأحد، «على المستوى الشهري، ارتفعت التحويلات خلال شهر أكتوبر 2025 بمعدل 26.2 في المائة، لتسجل نحو 3.7 مليار دولار، مقابل نحو 2.9 مليار دولار خلال شهر أكتوبر 2024».

وبينما يعدّ النائب البرلماني زيادة تحويلات المغتربين إنجازاً يُحسب للحكومة، التي «استطاعت القضاء على السوق السوداء، وأصبحت تحويلات المصريين بالخارج تتدفق عبر القنوات الرسمية»، يشكك خبيرا الاقتصاد خالد الشافعي ووائل النحاس في «قدرة هذه التحويلات على سد احتياجات الدولة من العملة الصعبة».

واتخذت الحكومة في مارس (آذار) 2024، قراراً بتعويم الجنيه، ارتفع بموجبه سعر الدولار رسمياً في البنوك إلى 50 جنيهاً بعدما كان يسجل نحو 30 جنيهاً، وانعكس ذلك على تحجيم السوق السوداء للعملة الصعبة.

ويرى الشافعي أن زيادة تحويلات المصريين تظل دون المأمول، وغير قادرة هي أو المصادر الأخرى للدولار على سد احتياجات مصر من العملة الصعبة، «ما دام هناك دين على الدولة، وعجز في الموازنة العامة، فذلك يعني أن الأزمة ما زالت قائمة».

وارتفع الدين الخارجي لمصر بنحو 6 مليارات دولار منذ بداية 2025، ليصل إلى 161.2 مليار دولار في نهاية الرُّبع الثاني من العام، أي يونيو (حزيران) الماضي، وفق بيانات رسمية.

وزير العمل المصري يلتقي الجالية المصرية في إيطاليا خلال زيارته... ديسمبر 2025 (وزارة العمل المصرية)

يتفق معه الخبير الاقتصادي وائل النحاس، قائلاً إن «تحويلات المصريين في الخارج تحقق نوعاً من الوفرة في المعروض النقدي بالسوق المصرية، تكفي لسد فوائد الدين، لكن لا تكفي لسد أصل الدين، أو تقلل حجم الأزمة الاقتصادية، التي تحتاج إلى زيادة موارد الدولة الدولارية التي تقوم بالأساس على نشاط خاص بها مثل عوائد قناة السويس، أو تصدير معادن وغيرها، أو نتاج صناعة وطنية».

وعدّ النحاس أن «البيانات الرسمية مرة تتحدث عن التحويلات بالسنة المالية، وأخرى بالسنة الميلادية، في محاولة للتركيز على هذه الزيادات بوصفها إنجازاً».

ويتساءل النحاس: «بالنظر إلى عدد المصريين العاملين في الخارج لو قدرناه بـ10 ملايين مصري، فيعني أن متوسط التحويل من كل مصري شهرياً نحو 300 دولار، والتي يحولها عادة لأهله في الداخل، فأين ادخارات هؤلاء؟»، مشيراً إلى أن «حجم التحويلات مقارنة بأعداد المصريين يكشف عن أن جزءاً منهم ما زال يفضِّل قنوات أخرى لادخار أمواله».

ويوجد أكثر من 11 مليون مصري في الخارج حتى عام 2022، وفق الجهاز المركزي للإحصاء.

أما الشافعي، فيرى أن الحكومة تحتاج إلى العناية بملف المغتربين بصورة أكبر، سواء من خلال طرح أوعية ادخارية واستثمارية لاجتذابهم بعوائد مرتفعة، أو تقديم تسهيلات على الاستثمار وفتح مشروعات متوسطة وصغيرة، بالإضافة إلى العمل على زيادة أعدادهم ومعها زيادة الموارد الدولارية.

وظهرت توجهات حكومية لافتة خلال الشهور الماضية لفتح أسواق عمل للعمالة المصرية، حيث زار وزير العمل المصري محمد جبران قبل يومين إيطاليا «لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات التشغيل، والتدريب المهني، ونقل العمالة»، وفق بيان للوزارة. ويرى الشافعي أن هذا التوجه «جاء متأخراً».

وزير الخارجية المصري خلال اجتماع مع وفد للجالية المصرية في اليونان (وزارة الخارجية)

ويقول الشافعي: «غالبية المصريين في الخارج سافروا بجهودهم الشخصية، ولم تعمل الحكومة سابقاً بشكل فعال في هذا الملف»، مطالباً بإنشاء مراكز تأهيل للمصريين الذين يرغبون في العمل بالخارج بداية من العامل، وحتى رئيس مجلس الإدارة، والعلماء، وفتح أسواق لهذه العمالة. وعلق: «وقتها ستقفز التحويلات إلى 100 مليار دولار وأكثر وليس فقط 39».

ويتخوف النحاس من أن «زيادة تحويلات المغتربين وموارد السياحة وكلها موارد رغم أهميتها في تحقيق وفرة دولارية في السوق، لكنها تظل غير متينة، وقابلة لأن تشهد هزات في أي وقت، ومعها عودة أزمة العملة الصعبة».

بالتزامن، وجَّه الرئيس المصري الحكومة، الأحد، إلى «تسريع مسار الاستدامة المالية، وتعزيز الانضباط المالي، وتحسين هيكل المديونية، والتركيز على زيادة مستويات الاحتياطي من النقد الأجنبي».