بعد «البكالوريا»... تدريس «الذكاء الاصطناعي» يثير اهتماماً في مصر

الحكومة توافق على إدخال منصة يابانية لتعليم البرمجة بالمرحلة الثانوية

وزير التعليم المصري خلال زيارته إحدى المدارس الثانوية في وقت سابق (وزارة التربية والتعليم)
وزير التعليم المصري خلال زيارته إحدى المدارس الثانوية في وقت سابق (وزارة التربية والتعليم)
TT

بعد «البكالوريا»... تدريس «الذكاء الاصطناعي» يثير اهتماماً في مصر

وزير التعليم المصري خلال زيارته إحدى المدارس الثانوية في وقت سابق (وزارة التربية والتعليم)
وزير التعليم المصري خلال زيارته إحدى المدارس الثانوية في وقت سابق (وزارة التربية والتعليم)

أثار قرار الحكومة المصرية تدريس مادة «الذكاء الاصطناعي» لطلاب الصف الأول الثانوي، خلال العام الدراسي الجديد، اهتماماً؛ لكونه من أحدث القرارات المرتبطة بتطوير منظومة التعليم في البلاد، والتي شهدت تعديلات جذرية خلال الشهور الماضية، كان مِن بينها تطبيق نظام «البكالوريا» بديلاً لـ«الثانوية العامة».

وأعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الأربعاء، تنفيذ توأمة مع أكبر منصة تعليمية يابانية لإدراج مادة الذكاء الاصطناعي، وتدريسها بالصف الأول الثانوي، مشيراً إلى أن التوافق على تدريس هذه المادة جاء بوصفه أحد مُخرجات نتائج زيارة وزير التعليم والتعليم الفني محمد عبد اللطيف الأخيرة إلى اليابان.

ووافقت الحكومة على تعاقد وزارة التربية والتعليم مع شركة sprix inc اليابانية لتوفير منصة (QUREO) للبرمجة والذكاء الاصطناعي للمرحلة الثانوية، وذلك «ضمن العمل على اعتماد أفضل الأُطر العلمية لتعليم البرمجة والذكاء الاصطناعي»، وفق بيان مجلس الوزراء المصري.

ويشهد العام الدراسي الجديد، الذي ينطلق الشهر المقبل، بدء تطبيق نظام «البكالوريا» بشكل اختياري على طلاب المرحلة الثانوية، وهو النظام الذي جرى اعتماده أخيراً من مجلس النواب (البرلمان)، ويسمح للطالب بفرصة أخرى في الامتحانات مقابل رسوم. ورغم الانتقادات التي طالت «البكالوريا» وشكاوى بعض الطلاب من إجبارهم على اختيار النظام الجديد، لكن وزارة التعليم نفت، في وقت سابق، «إجبار الطلاب على (البكالوريا)».

وسيجري تدريس مادة «الذكاء الاصطناعي» للطلبة، دون أن تُحتسب في المجموع الكلي، لكى تؤهل الطالب، تبعاً لمعايير المؤسسة اليابانية، لاكتساب مهارات العمل في هذا المجال من خلال شهادة مؤهلة، وفقاً لرئيس الوزراء المصري، الذي أكد أن «بلاده لديها رؤية بأن الذكاء الاصطناعي هو المستقبل، الأمر الذي يجب أن يتعلمه الشباب لمساعدتهم في حياتهم المهنية».

الحكومة المصرية تُوسع التعاون مع اليابان بمجال التعليم (وزارة التربية والتعليم)

ووفق مصدر مسؤول بوزارة التربية والتعليم المصرية، فإن «كل التفاصيل حول المحتوى الدراسي الذي سيجري تدريسه، ستتم بالتنسيق مع الجانب الياباني، على أن يتم نقله للمعلمين في أقرب وقت»، مشيراً إلى «وجود خطة لتدريس مادة الذكاء الاصطناعي بداية العام الدراسي الجديد».

وأضاف المصدر، لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم ذكر اسمه، أن «البنية التحتية في المدارس بها مَعامل حاسبات سيجري استخدامها لتدريس المادة التي لن تقتصر على الجانب النظري»، مشيراً إلى أن اعتبارها مادة «نجاح ورسوب» أمر سيجعلها غير مؤثرة في تقديرات الطلاب النهائية؛ لكنها ستؤثر معهم على المستوى العملي، وهو الأمر الذي تستهدفه وزارة التعليم من تدريسها.

واهتمت وسائل إعلام محلية، عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، الخميس، بتصريحات رئيس الوزراء المصري بإدراج «الذكاء الاصطناعي» بصفته مادة دراسية، بالصف الأول الثانوي، وسط تأكيد اعتبارها مادة «رسوب ونجاح» للطلاب.

عضو لجنة «التعليم» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، سكينة سلامة قالت، لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار تدريس الذكاء الاصطناعي «يأتي اتساقاً مع سعي الحكومة لتطوير منظومة التعليم والتخلص من (الجمود) في المحتوى الذي اتسمت به الدراسة، خلال الفترات السابقة»، لافتة إلى أن «المناهج التعليمية أصبحت بحاجة لعمليات تطوير دائم؛ ليس فحسب في المحتوى الذي يجري تدريسه؛ ولكن أيضاً في المواد التي تجري دراستها بما يتناسب مع كل مرحلة».

وأضافت سكينة سلامة أن جميع الخطوات التي تُتخذ من جانب وزارة التعليم تجري متابعتها عبر البرلمان؛ لبيان مدى تحقيق أوجه الاستفادة منها على أرض الواقع وطريقة التعامل مع التحديات التي تُواجه تنفيذها، خصوصاً المواد المستحدَثة، لافتة إلى أن «المخاوف التي تنتاب البعض تكون مشروعة، لكن في النهاية العبرة بما يتحقق على أرض الواقع».

طالبات داخل إحدى لجان الثانوية العامة عام 2024 (وزارة التربية والتعليم)

في حين عدّ الخبير التربوي في مصر، عاصم حجازي، القرار «خطوة جيدة لطلاب المرحلة الثانوية؛ لكونه يُكسبهم خبرات مبكرة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وبما يتسق مع التوسع في دراسته بالجامعات». وأضاف حجازي، لـ«الشرق الأوسط»، أن تطبيق القرار بشكل فوري من العام الدراسي المقبل «سيكون مرتكزاً على الجانب التطبيقي في المقام الأول، ولن تكون هناك صعوبة فيه من الناحية التقنية؛ لوجود معامل تكنولوجية متطورة بالمدارس الثانوية المختلفة، فضلاً عن وجود مواد البرمجة من ضمن المقررات التي سيجري تدريسها في نظام (البكالوريا)»، مشيراً إلى أن إعلان التطبيق من العام الدراسي المقبل «يعني بدء وزارة التعليم، على الفور، في تأهيل المعلمين عبر التدريبات، وتوفير المواد العلمية بالتنسيق مع الجانب الياباني».


مقالات ذات صلة

مصر تعزز علاقاتها الاقتصادية بجيبوتي بالتوازي مع تطور توافقهما السياسي

شمال افريقيا كامل الوزير بمحطة الطاقة الشمسية بقرية عمر كجع في منطقة عرتا بجيبوتي (مجلس الوزراء المصري)

مصر تعزز علاقاتها الاقتصادية بجيبوتي بالتوازي مع تطور توافقهما السياسي

تُعزز مصر علاقتها الاقتصادية مع جيبوتي، وذلك بالتوازي مع توافق البلدين السياسي في ملفات مختلفة بينها «أمن البحر الأحمر».

وليد عبد الرحمن (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان في القاهرة الشهر الحالي (الرئاسة المصرية)

مصر تشدد على توفير «ملاذات آمنة» وممرات إنسانية في السودان

شددت مصر على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته الإنسانية لضمان توفير «ملاذات آمنة» وممرات إنسانية كافية في السودان لإيصال وصول المساعدات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج داوود عبد السيد (أرشيفية - أ.ف.ب)

رحيل داوود عبد السيد مخرج «الكيت كات» عن 79 عاماً

أعلنت الصحافية والكاتبة كريمة كمال زوجة المخرج داوود عبد السيد، وفاة زوجها اليوم (السبت)، بعد صراع مع المرض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أرشيفية - د.ب.أ)

مصر: اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال» يزعزع استقرار القرن الأفريقي

أكد وزير الخارجية المصري، اليوم (السبت)، على دعم مصر الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية ومؤسساته الشرعية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء سابق مع رئيس المجلس الرئاسي اليمني بالقاهرة في نوفمبر 2024 (الرئاسة المصرية)

مصر تعوّل على الجهود الإقليمية لدعم مسارات التهدئة في اليمن

تعوّل مصر على الجهود الإقليمية لدعم مسارات التهدئة وخفض التصعيد في اليمن، بما يحافظ على وحدة وسلامة أراضيه

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

استنفار عربي لمواجهة اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
TT

استنفار عربي لمواجهة اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)

يعوّل الصومال على دعم عربي وإسلامي لمواجهة اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» دولةً مستقلةً، وقد استجابت جامعة الدول العربية لطلبه بعقد اجتماع طارئ على مستوى المندوبين، اليوم.

وأكَّد السفير الصومالي في القاهرة والمندوب الدائم لدى الجامعة، علي عبدي أواري، لـ«الشرق الأوسط» أنَّ «بلاده تتحرَّك على المستويين العربي والإسلامي، لرفض ما أعلنت عنه تل أبيب، والدفاع عن السيادة الصومالية»، وقال: «من بين التحركات طلب اجتماع للجامعة العربية بشكل عاجل». وأشار إلى أنَّ «بلاده تدعو لاجتماع قمة عربية إسلامية قريباً، ضمن تحركاتها الدبلوماسية».

وحرّك الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم الانفصالي «أرض الصومال»، تحذيراتٍ من السلطة الفلسطينية و«حماس» ومقديشو، من أنَّه يحمل احتمالاً لأن يكون هذا الإقليم موطناً جديداً لاستقبال الفلسطينيين ضمن مخطط تهجير سعت إليه إسرائيلُ منذ بداية الحرب قبل نحو عامين.

وأشار خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إلى مخاوفَ من أنَّ الخطوة الإسرائيلية ستُعيد ملف التهجير للواجهة بقوة، وستعمل تل أبيب على زيادة الضغوط على الضفة وغزة لدفعهم قسراً لذلك، وسط غياب خطط تنفيذية للإعمار والاستقرار.

وسط طوفان ردود فعل على الخطوة الإسرائيلية، وبخلاف الرفض العربي، جاء موقف لافت من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إذ طغى عليه «السخرية من ذلك الإقليم». فقد أعلن ترمب عن رفضه الاعترافَ باستقلال «أرض الصومال»، متسائلاً: «هل يعرف أحدٌ ما هي أرض الصومال، حقّاً؟».


بعثة إنسانية تدخل الفاشر للمرة الأولى

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

بعثة إنسانية تدخل الفاشر للمرة الأولى

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

دخلت بعثة إنسانية أممية إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وذلك للمرة الأولى منذ سيطرة «قوات الدعم السريع» عليها، بعد حصار طويل استمرَّ لأكثر من عام، خلّف أوضاعاً إنسانية كارثية.

وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أنَّ بعثة تقييم وصلت إلى مدينة الفاشر، عادّاً هذه الخطوة «مؤشراً على انفراجة محدودة» في ملف إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة، مضيفاً أنَّ البعثة تضمُّ وفداً من «برنامج الأغذية العالمي»، وفريقاً من منظمة الصحة العالمية.

من جهته، رحَّب كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، بوصول بعثة التقييم إلى الفاشر، وقال في تغريدة على منصة «إكس»، إن هذا الوصول جاء عبر مسار يسَّرتْه الولايات المتحدة.


بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
TT

بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)

كشفت الأمم المتحدة عن وصول بعثة إنسانية أممية إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في أول دخول إنساني للمدينة منذ سيطرة «قوات الدعم السريع» عليها، بعد حصار طويل استمرَّ لأكثر من عام، خلّف أوضاعاً إنسانية كارثية. في غضون ذلك دانت قيادة الجيش التشادي، السبت، هجوماً شنَّته «قوات الدعم السريع» السودانية على بلدة حدودية داخل الأراضي التشادية؛ ما أسفر عن مقتل جنديَّين تشاديَّين وإصابة ثالث، ووصفت الهجوم بأنه «عدوان غير مُبرَّر» على سيادة تشاد.

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أحكمت «قوات الدعم السريع» سيطرتها على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، بعد حصار استمرَّ لأكثر من 18 شهراً، تخللته معارك عنيفة، وسط تقارير وأدلة على وقوع عمليات قتل جماعي، واختطاف، واغتصاب بحق المدنيين.

وفي هذا السياق، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن بعثة تقييم أممية وصلت إلى مدينة الفاشر بعد مفاوضات إنسانية مطولة، عادّاً هذه الخطوة «مؤشراً على انفراجة محدودة» في ملف إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة التي عانت حصاراً خانقاً. وأوضح المكتب أن البعثة ضمَّت وفداً من «برنامج الأغذية العالمي»؛ لتقييم الاحتياجات الغذائية العاجلة، وفريقاً من منظمة الصحة العالمية؛ لتقييم الأضرار التي لحقت بالمرافق الصحية واحتياجاتها الطارئة، إضافة إلى فريق من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مختص بتقييم أوضاع الأطفال، والاحتياجات الإنسانية الملحّة.

ترحيب أميركي

من جهته، رحَّب كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، بوصول بعثة التقييم إلى الفاشر، عادّاً ذلك دليلاً على إسهام الدبلوماسية الأميركية في «إنقاذ الأرواح». وقال بولس، في تغريدة على منصة «إكس»، إن هذا الوصول الحاسم جاء بعد أشهر من المفاوضات عبر مسار يسَّرته الولايات المتحدة، وبجهود مشتركة مع «أوتشا»، وشركاء إنسانيين على الأرض.

مسعد بولس مستشار الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)

ودعا بولس، الذي يشارك في جهود الوساطة الرامية إلى وقف الحرب في السودان، إلى إعلان هدنة إنسانية شاملة، مطالباً طرفَي النزاع بقبولها وتنفيذها فوراً «دون شروط»، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع مناطق السودان، كما حثّ المجتمع الدولي على زيادة التمويل لدعم استجابة «أوتشا». ويُعد وصول البعثة التقييمية الأممية إلى الفاشر أول دخول إنساني إلى المدينة منذ مايو (أيار) 2024.

وفي المقابل، أعلنت قوات «حكومة تأسيس» الموالية لـ«قوات الدعم السريع»، والتي تسيطر على إقليم دارفور، في بيان صدر أمس (السبت)، استعدادها الكامل لتأمين وتسهيل العمل الإنساني في إقليمَي دارفور وكردفان. وأفادت بأن زيارة وفد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) ودائرة الأمم المتحدة للسلامة والأمن (UNDSS) شملت مراكز النزوح، والمقار الأممية، وعدداً من المرافق الحيوية داخل مدينة الفاشر.

ووفقاً لبيان «تأسيس»، أكملت البعثة الأممية زيارتها للفاشر، ووصلت بسلام إلى محلية طويلة، دون صدور أي تعليق رسمي من الجيش السوداني بشأن دخول البعثة.

آلاف اللاجئين من دارفور يعيشون حالياً بمخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

يُذكر أن الجيش السوداني ظل يرفض، لفترات طويلة، السماح بدخول المنظمات الإنسانية والمساعدات، عبر معبر إدري الحدودي مع تشاد، ما فاقم من الأزمة الإنسانية داخل المدينة، حيث واجه السكان نقصاً حاداً في الغذاء والدواء والخدمات الصحية. وكانت صحيفة «الشرق الأوسط» قد نقلت في وقت سابق عن مدير «برنامج الأغذية العالمي» أن الأمم المتحدة اضطرت إلى تقييد عمليات الإغاثة عبر تشاد باتجاه دارفور.

تهديد تشادي

في سياق ثانٍ، نفَّذت طائرة مسيّرة تابعة لـ«قوات الدعم السريع»، التي تخوض حرباً مفتوحة مع الجيش السوداني منذ أبريل (نيسان) 2023، هجوماً استهدف بلدة الطينة الواقعة على الحدود التشادية. وقال ضابط رفيع في الجيش التشادي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، إن هذه الحادثة تمثل المرة الأولى التي يتكبَّد فيها الجيش التشادي خسائر بشرية مباشرة منذ اندلاع الحرب في السودان.

وعدّت هيئة الأركان العامة التشادية الهجوم «متعمَداً ومقصوداً»، ويمثل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، محذّرة جميع أطراف النزاع السوداني من أي تجاوز أو مساس بسيادة الأراضي التشادية. وأكد الجيش التشادي، في بيان رسمي، احتفاظه بـ«حق الرد بجميع الوسائل القانونية»، وبممارسة حق الدفاع المشروع عن النفس في حال تكرار أي اعتداء، استناداً إلى المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة.

وتسيطر «قوات الدعم السريع» على معظم مناطق شمال وغرب إقليم دارفور، باستثناء جيوب محدودة تخضع لسيطرة جماعات قبلية محايدة. وكانت القوات قد أعلنت، الأربعاء الماضي، سيطرتها على بلدتَي أبو قمرة وأم برو في شمال دارفور، وهما منطقتان تقعان على الطريق المؤدي إلى بلدة الطينة التشادية.