مِن شهود على الحرب إلى ضحاياها... كيف يعمل الصحافيون في غزة؟

بلا كهرباء ولا إنترنت... ومع الجوع والعطش والاستهداف

الصحافية الفلسطينية مريم أبو دقة خلال عملها على تغطية الحرب في خان يونس (أ.ب)
الصحافية الفلسطينية مريم أبو دقة خلال عملها على تغطية الحرب في خان يونس (أ.ب)
TT

مِن شهود على الحرب إلى ضحاياها... كيف يعمل الصحافيون في غزة؟

الصحافية الفلسطينية مريم أبو دقة خلال عملها على تغطية الحرب في خان يونس (أ.ب)
الصحافية الفلسطينية مريم أبو دقة خلال عملها على تغطية الحرب في خان يونس (أ.ب)

وسط ظروف قاسية، ومخاطر جمة، يعمل الصحافيون في قطاع غزة بلا كلل، حاملين رسالة كشف الحقيقة وسبر أغوار الأحداث، ونقل الصورة وتوضيح المشهد، غير آبهين بخطر الموت أو الإصابة في قصف هنا أو تفجير هناك.

وهم يواجهون، مثلهم مثل باقي سكان القطاع، أزمات عديدة تعرقل سير عملهم، منها انقطاع كامل للتيار الكهربائي، مع الاعتماد على ما يتوفر من طاقة شمسية تعمدت إسرائيل في أحيان استهدافها وتدميرها، إلى جانب انقطاع الإنترنت لفترات طويلة خصوصاً في مناطق شمال القطاع، وكل هذا يضع العراقيل أمام جهودهم لنقل جانب كبير من الصور الدامية في غزة وما تشهده من أهوال وفظائع.

وفي حالات عديدة، لم تقف الشارات والسترات التي تحمل كلمة «صحافة» حائلاً دون استهداف أصحابها. فعلى مدار فترة الحرب المتواصلة منذ نحو عامين، قُتل في قطاع غزة 246 صحافياً، وأصيب عدد آخر في غارات مختلفة، ومن بينهم من بُترت أطرافه، أو من يواجه خطر الشلل النصفي أو الكامل وبحاجة ماسة للعلاج في مستشفيات بالخارج مع انهيار منظومة الخدمات الطبية في الداخل.

ولا يجد القائم بأعمال مؤسسة بيت الصحافة، حكمت يوسف، أدنى شك في أن صحافيي غزة باتوا هدفاً للجيش الإسرائيلي، وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «الصحافيون في غزة يدفعون ثمناً باهظاً من أجل نقل الواقع، والمخاطر التي يواجهونها، وهذه ليست مجرد صدفة».

وأكد أن الجيش الإسرائيلي يتعمد استهداف الصحافيين خلال تغطيتهم للأحداث، مشيراً إلى أن كثيراً من حالات الاستهداف تلك كانت في أثناء تأدية العمل الميداني في تغطية الوقائع على الأرض. وتابع أنه على الرغم من أن السلطات الإسرائيلية تنفي تعمد استهدافهم، فإن الأدلة والشهادات الميدانية تشير إلى عكس ذلك.

واستطرد قائلاً: «العمل في غزة تحت الاستهداف المتكرر للصحافيين يتطلب يقظة دائمة. وأنا شخصياً أحرص بشكل يومي على متابعة التطورات الميدانية، ومحاولة تحديد مكامن الخطر، وأين ممكن أن أتحرك لتفادي أي استهداف إسرائيلي، خصوصاً أن الصحافيين باتوا هدفاً مفضلاً للاحتلال».

الصعوبات والمعوقات

لا تقتصر العراقيل على العمل في بيئة حرب خطيرة، فهناك صعوبات جمة أخرى، ناهيك بالضغوط النفسية والمعنوية، مما يجعل العمل الصحافي في القطاع تحدياً مستمراً.

تقول المراسلة الصحافية أمل الوادية إن الصعوبات لا تُعد ولا تحصى، ومنها على سبيل المثال لا الحصر انقطاع الإنترنت والاتصالات والكهرباء، مؤكدةً أن الجانب الإسرائيلي يتعمد هذا «للتغطية على جرائمه المرتكبة بحق الفلسطينيين، وحتى لا يسمع العالم أخبار غزة. وهذا يعوق بشكل كبير استمرار عملنا كصحافيين، إلى جانب انعدام المواصلات للذهاب إلى مكان الاستهداف أو أي حدث، وكذلك صعوبة الوصول إلى أي مكان لإعداد تقارير إخبارية».

وإلى جانب كل هذا، تحدثت الصحافية عن قلة الأدوات والمعدات اللازمة وعدم توفر قطع غيار بعضها أو الأجهزة الإلكترونية؛ مثل أجهزة الكمبيوتر وغيرها.

وضربت مثالاً على تعمد قتل الصحافيين بمقتل مريم أبو دقة في أثناء تغطيتها استهداف زملاء آخرين في مجمع ناصر الطبي في خان يونس.

مندوب الجزائر بالأمم المتحدة عمار بن جامع يرفع صورة مريم أبو دقة التي قُتلت مع 4 صحافيين آخرين خلال حديثه بمقر المنظمة في نيويورك يوم الأربعاء (رويترز)

وعنها قالت: «لم يكن بيدها سلاح أو غيره، وكانت تحمل فقط كاميرا توثق من خلالها الجرائم الإسرائيلية. لكن الاحتلال لا يريد للصورة أن تخرج، ولا يريد أن يسمع العالم بجرائمه بحق المستشفيات والمدنيين، لأنه على يقين أن الصورة هي الأساس في كشف جرائمه».

كان قصف إسرائيلي قد استهدف مجمع ناصر الطبي في خان يونس بجنوب قطاع غزة يوم الاثنين الماضي، ولدى توجه الصحافيين وطواقم الإسعاف لتفقد الأضرار والإصابات، وقعت ضربة ثانية أوقعت 22 قتيلاً بينهم 5 صحافيين يعملون لدى جهات إعلامية مختلفة، ومن بينهم مريم أبو دقة.

وعن العمل وسط كل هذه المخاطر قالت أمل الوادية: «أعمل وأنا تحت تهديد الخطر في أي وقت. وخلال العمل الميداني أعلم أنه يمكن استهدافي في أي لحظة، لكنني مثل أي زميل صحافي، ملزمون بإيصال رسالتنا وفضح جرائم الاحتلال».

أناس يصعدون الدرج لتفقد الأضرار والإصابات الناجمة عن ضربة إسرائيلية استهدفت مجمع ناصر الطبي في خان يونس يوم الاثنين الماضي قبل دقائق من ضربة ثانية أوقعت 22 قتيلاً بينهم 5 صحافيين (أ.ب)

وأضافت: «إذا أنا كصحافية أوقفت التغطية، وكل زميل فعل نفس الشيء بسبب الشعور بالخطر، فلن يكمل أحد.، لكن في النهاية كل واحد فينا مكتوب قدره ونصيبه وكل شيء بيد ربنا».

وقال حكمت يوسف: «رغم المخاطر، يبقى دورنا في نقل الحقيقة أساساً لا غنى عنه، وهو ما يدفعنا للاستمرار في العمل».

«الفاتورة الكبرى»

ومع منع إسرائيل الصحافيين الأجانب من دخول القطاع، تقع مسؤولية مضاعَفة على الصحافيين المحليين الذين باتوا ملزمين بتكثيف العمل لإبراز معاناة القطاع.

وتؤكد مؤسسات محلية وعربية ودولية تتابع شؤون الصحافيين الفلسطينيين أن إسرائيل ترتكب انتهاكات ممنهجة بحق صحافيي غزة، وأن الهجوم الأخير الذي سقط فيه الصحافيون الخمسة في مجمع ناصر الطبي يمثل جريمة حرب، وانتهاكاً للقانون الدولي الإنساني الذي ينص على حظر استهداف المنشآت الطبية والطواقم الصحافية والإغاثية.

وقفة في واشنطن العاصمة يوم الأربعاء تكريماً للصحافيين والمسعفين الذين قُتلوا بهجوم إسرائيلي على مجمع ناصر الطبي بخان يونس هذا الأسبوع (رويترز)

ويقول المراسل الصحافي أشرف أبو عمرة إن إسرائيل تسعى حثيثاً لمنع إخراج الصورة الحقيقية من داخل غزة إلى العالم، مضيفاً أنه على الرغم من الاستهداف المتكرر للصحافيين الفلسطينيين وصعوبة عملهم فإنهم ما زالوا يحاولون بالأدوات المتاحة «نقل مشاهد قتل الناس وإبادتهم عبر الهواء مباشرةً ليرى العالم بشاعة المشاهد».

ويضيف: «منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لم يرُق للاحتلال وجود صحافيين فلسطينيين يكشفون حقيقة جرائمه»، مشيراً إلى أن تعاون وكالات دولية وأجنبية وعربية مع صحافيين محليين أثار غضب إسرائيل بعدما منعت الصحافة الأجنبية من دخول القطاع، مما دفعها إلى استهداف عدد كبير ممن يغطون مجريات الحرب لصالح تلك الوكالات.

ومضى قائلاً: «منظومة الصحافة في غزة دفعت الفاتورة الكبرى من القتل والاستهداف، ويسعى الاحتلال باستمرار لإيقاع أكبر عدد ممكن من الصحافيين، وهذا كان واضحاً وجلياً في الاستهداف المزدوج للصحافيين في مجمع ناصر الطبي، مما أدى إلى استشهاد 5 منهم. وسبق ذلك بأيام أن قُتل 6 منهم في مجمع الشفاء الطبي».

وأكد أن إسرائيل «تريد قتل الصورة ومَن يُخرجها». وطالب بتدخل دولي عاجل لحماية الصحافيين، والعمل على نقل الجرحى منهم الذين يعانون من إصابات خطيرة للعلاج في الخارج إنقاذاً لحياتهم.

صورة التُقطت من الجانب الإسرائيلي من الحدود يوم الأربعاء تُظهر مباني مدمرة في قطاع غزة (أ.ف.ب)

أما التجويع، فسلاحٌ آخر تُشهره إسرائيل ولم يسلم منه الصحافيون أيضاً.

وقال أبو عمرة: «أنا كصحافي مجوَّع، ولا أستطيع توفير الطعام لي ولعائلتي، ولا حتى توفير المياه إلا بصعوبات بالغة. نحن مثل أي إنسان في غزة، نعيش ظروفاً استثنائية، وعلينا عبء كبير وصعوبات، وفي بعض الأحيان لا نستطيع إكمال التغطية لساعات طويلة كما كنا نفعل من قبل، لأننا نشعر بالجوع أو لأننا نفتقر إلى المياه الصالحة للشرب».

الحرب الأكثر دموية

وأمام مقتل نحو 250 صحافياً خلال الحرب الجارية في غزة منذ أكتوبر 2023، تشير تقارير لمؤسسات صحافية، منها لجنة حماية الصحافيين، ومنتدى الحرية، إلى أن عددهم يتجاوز عدد من قُتلوا في الحرب العالمية الثانية، وحرب فيتنام، والحرب الكورية.

متضامنون مع الصحافيين الذين قُتلوا في قطاع غزة خلال وقفة أمام نقابة الصحافيين بمدينة غزة الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)

ووفقاً لتلك التقارير، فإن 69 صحافياً فقدوا حياتهم خلال 6 سنوات في الحرب العالمية الثانية التي أدت إلى مصرع عشرات الملايين، وتعد الحرب الأكثر دموية في التاريخ الحديث، وفقد 63 صحافياً حياتهم خلال الاحتلال الأميركي لفيتنام الذي استمر نحو 20 عاماً، وأودت الحرب الكورية التي استمرت 3 سنوات بحياة 17 صحافياً، فيما فقد 17 صحافياً حياتهم خلال الحرب الروسية - الأوكرانية منذ فبراير (شباط) 2022.


مقالات ذات صلة

مبعوثو ترمب إلى الشرق الأوسط... تغريد خارج سرب البيروقراطية

الولايات المتحدة​ ويتكوف في برلين في 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

مبعوثو ترمب إلى الشرق الأوسط... تغريد خارج سرب البيروقراطية

لم يدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في عهده الثاني برتابة الرؤساء السابقين الذين التزموا بالسياسات الأميركية التقليدية والأعراف الدولية.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد انفجارات نفذها الجيش الإسرائيلي داخل الخط الأخضر شمال شرقي بيت لاهيا بغزة (أ.ف.ب) play-circle

الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيين اثنين في غزة

كشف الجيش الإسرائيلي اليوم (الجمعة) أنه قتل فلسطينيين اثنين في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول (د.ب.أ)

ألمانيا لن تشارك في قوة استقرار بغزة «في المستقبل المنظور»

أعلن وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أن ألمانيا لن تشارك في المستقبل المنظور في قوة دولية للاستقرار في غزة ضمن خطة السلام الخاصة بالقطاع.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان اليوم الخميس إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي جنود من الجيش الإسرائيلي يقفون فوق برج دبابة متمركزة في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

تقرير: إسرائيل تصدر أوامر إخلاء جديدة في شرق حي التفاح بمدينة غزة

أصدر الجيش الإسرائيلي، مساء اليوم (الخميس)، «أوامر إخلاء» جديدة للمواطنين في شرق حي التفاح بمدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة )

الحكومة اللبنانية تقرّ مشروع قانون «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رويترز)
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رويترز)
TT

الحكومة اللبنانية تقرّ مشروع قانون «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رويترز)
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رويترز)

أقرت الحكومة اللبنانية، الجمعة، مشروع قانون استرداد الودائع المالية المجمدة في المصارف منذ عام 2019، وسط انقسام بالتصويت داخل مجلس الوزراء، ما يقدم صورة مسبقة عن الصعوبات التي تحيط بإقرار القانون في البرلمان، حيث صوتت كتل سياسية أساسية تمتلك نفوذاً واسعاً في مجلس النواب، ضدّ المشروع الذي مرره تأييد وزراء «الحزب التقدمي الاشتراكي» والمحسوبون على رئيس الحكومة نواف سلام.

وبدا أن الحكومة رمت بكرة اللهب إلى ملعب البرلمان، حيث سيخضع مشروع القانون لدراسة معمقة في لجنة المال والموازنة واللجان المشتركة، قبل إحالته إلى الهيئة العامة لمجلس النواب. ومهّدت الاعتراضات السياسية بعد الإعلان عن إقراره، لشكل الاعتراض عليه قانونياً في البرلمان، مما يهدد بإطالة البحث فيه، أو إخضاعه لتعديلات جوهرية قبل إقراره.

وبعد أربع جلسات حكومية، عُقدت على مدى ثلاثة أيام، وناقشت مشروع القانون المعروف باسم «قانون الفجوة المالية»، أقرت الحكومة مشروع القانون بأكثرية 13 صوتاً، مقابل اعتراض 9 وزراء. وكانت النقاشات بدأت في جلسة، الاثنين، في القصر الرئاسي، ثم استُكملت النقاشات، الثلاثاء والجمعة، في السراي الحكومي، وغاب عن الجلسة الأخيرة حاكم مصرف لبنان كريم سعيد الذي كان قدم كل الملاحظات للحكومة في الجلستين الماضيتين، وانتقد المشروع في بيان، الثلاثاء الماضي. كما غاب وزير الثقافة غسان سلامة.

مساءلة ومحاسبة

وقال سلام بعد الجلسة: «للمرة الأولى، يتضمن قانون الفجوة مساءلة ومحاسبة»، نافياً ما يُقال إنه يتضمن «إعفاء عما مضى»، وقال: «أدخلنا عليه ضرورة استكمال التدقيق الجنائي والمحاسبة». ولفت سلام إلى أن «الكلام الذي يقال يهدف للتشويش على المودعين، لا سيما صغار المودعين». وطمأن إلى أن الانتقادات «تأتي في سياق ذرّ الرماد في العيون»، ودعا لعدم مزايدة أحد عليه.

وأعلن سلام أن «قانون الفجوة الماليّة ليس مثالياً، وفيه نواقص، ولا يحقق تطلعات الجميع، لكنه خطوة واقعيّة ومنصفة على طريق استعادة الحقوق ووقف الانهيار الذي يعاني منه البلد وإعادة العافية للقطاع المصرفي».

وأكد سلام «أن 85 في المائة من المودعين سيحصلون على أموالهم كاملة»، في إشارة إلى صغار المودعين الذين لا تتخطى قيمة ودائعهم المائة ألف دولار، معلناً أن «السندات ليست وعوداً على ورق، بل هي مدعومة بـ50 ملياراً من موجودات المصرف المركزي»، في إشارة إلى السندات السيادية التي سيحملها المودعون الذين تتخطى قيمة ودائعهم المائة ألف دولار، وتستحق على فترات تمتد إلى 15 عاماً.

وأكد سلام «أننا لا نبيع الذهب ولا نرهنه، ومنعاً لأي استغلال، حصنّا بمشروع القانون حماية الذهب». وقال: «سنستكمل التدقيق الجنائي والمحاسبة».

وأوضح سلام «أن إقرار مشروع قانون الفجوة الماليّة يفترض أن يفتح لنا باب التفاهم مع صندوق النقد ومع دول مانحة، ويساعد على جلب الاستثمارات، مع التحسن الاقتصادي الذي أراهن عليه».

رئيس الحكومة يتحدث مع وزير المال ياسين جابر ووزير الصناعة جو عيسى الخوري في جلسة الثلاثاء الماضي (رويترز)

توازنات البرلمان

وعكس التصويت في مجلس الوزراء، صورة متوقعة عن صعوبات إقرار المشروع في البرلمان، بالنظر إلى أن توازنات مجلس النواب مختلفة عن التوازنات داخل الحكومة. فقد عارض مشروع القانون معظم الوزراء المحسوبين على «حركة أمل» (ما عدا وزير المال ياسين جابر الذي أيّد المشروع)، و«حزب الله»، و«القوات اللبنانية»، والوزير المحسوب على «الكتائب اللبنانية»، والوزيرة المحسوبة على حزب «الطاشناق».

وسينضم هؤلاء إلى لائحة أحزاب أخرى تعترض على مشروع القانون في البرلمان، وهي قوى غير ممثلة في الحكومة، بينهم «التيار الوطني الحر» ومستقلّون... ويمتلك هؤلاء المعترضون أغلبية في البرلمان، مما يعني أن القانون لن يمرّ كما هو، وسيخضع لتعديلات كبيرة في اللجان النيابية قبل إحالته إلى الهيئة العامة لمجلس النواب.

اعتراضات سياسية واقتصادية

ومهدت قوى سياسية للنقاشات المقبلة؛ إذ قال وزير العدل عادل نصار إنه صوّت ضد مشروع قانون الفجوة المالية «بسبب غياب وضوح في الأرقام، وفي القدرة على الإيفاء بالالتزامات».

وأعرب وزير الإعلام بول مرقص عن «تحفظه على مشروع قانون الفجوة المالية»، مشدداً على «ضرورة تحصيل مزيد من حقوق المودعين، والعمل على النهوض بالقطاع المصرفي، وإعادة تشغيله من جديد»، مشيراً إلى «غياب الأرقام الواضحة والكافية في المشروع».

كما أشار النائب غسان حاصباني إلى أن وزراء «‫القوات اللبنانية»، «صوتوا ضد قانون (تعميق الفجوة) الذي لا يعيد الودائع ولا يرضي صندوق النقد، ويعفي من طيّر أموال الناس عما مضى».

وإلى جانب القوى السياسية، قال الأمين العام للهيئات الاقتصاديّة نقولا شمّاس: «قانون الفجوة المالية سيّئ وسيأخذنا إلى الفوضى المالية، ولم أفهم كيف يمكن خلال 20 ساعة البتّ بأخطر قانون شهد عليه لبنان».


إدانات واسعة للهجوم الإرهابي على مسجد في حمص السورية

آثار الانفجار في مسجد علي بن أبي طالب بحمص (د.ب.أ)
آثار الانفجار في مسجد علي بن أبي طالب بحمص (د.ب.أ)
TT

إدانات واسعة للهجوم الإرهابي على مسجد في حمص السورية

آثار الانفجار في مسجد علي بن أبي طالب بحمص (د.ب.أ)
آثار الانفجار في مسجد علي بن أبي طالب بحمص (د.ب.أ)

أدانت السعودية والعراق وتركيا والأردن ولبنان وقطر ومجلس التعاون الخليجي، اليوم الجمعة، الهجوم «الإرهابي» على مسجد في حي وادي الذهب بمدينة حمص السورية الذي أسفر عن مقتل 8 أشخاص وإصابة 18.

وتبنّت مجموعة «سرايا أنصار السنّة» المتطرفة تفجير المسجد، وفق بيان لها.

وشددت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، على رفض المملكة القاطع «للإرهاب والتطرف» واستهداف المساجد ودُور العبادة وترويع الآمنين، مؤكدة التضامن مع سوريا ودعمها جهود الحكومة السورية لإرساء الأمن والاستقرار.

وأدانت تركيا الهجوم، وشددت على وقوفها إلى جانب سوريا في مساعيها لدعم الاستقرار والأمن والوحدة «رغم كل الاستفزازات».

وعبّرت وزارة الخارجية العراقية، في بيان، عن الإدانة الشديدة «للاعتداء الإرهابي الآثم» على مسجد الإمام علي بن أبي طالب.

وشدد العراق على إدانته جميع أشكال الإرهاب والعنف والتطرف، «أياً كانت دوافعها ومصادرها التي تستهدف المدنيين ودُور العبادة وتُزعزع الاستقرار والأمن وتبث الفتنة في المجتمعات».

وأكد البيان دعم العراق الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى القضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه.

واستنكرت «الخارجية» الأردنية الهجوم الإرهابي على المسجد، وعبّرت عن دعمها الكامل لسوريا في عملية إعادة البناء على الأسس التي تضمن وحدة أراضيها وسيادتها وأمنها واستقرارها، وتخلّصها من الإرهاب، وتحفظ حقوق السوريين كافّة.

وفي بيروت، أدان الرئيس اللبناني جوزيف عون الاعتداء على المسجد في مدينة حمص السورية، مشدداً على دعم بلاده لسوريا في حربها ضد الإرهاب.

ونقلت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام عن عون تعبيره عن صادق تعازيه وأعمق مشاعر التضامن مع سوريا، مشدداً على إدانته «خطاب الكراهية وظواهر تكفير الآخر وإقصائه عن الحياة الوطنية والعامة».

واستنكرت قطر الهجوم على المسجد، وأكدت تضامنها التام مع الحكومة السورية في كل ما تتخذه من إجراءات تهدف لحفظ الأمن.

وشددت قطر، في بيان لوزارة الخارجية، على رفضها العنف والإرهاب واستهداف دُور العبادة وترويع الآمنين.

واتخذ مجلس التعاون الخليجي موقفاً مماثلاً، مؤكداً، في بيان، رفضه التام ونبذه كل أشكال العنف والإرهاب.

وعبّرت إلهام أحمد، المسؤولة البارزة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، عن الإدانة «بأشدّ العبارات» للتفجير في حمص، وألقت اللوم على «جهات مخرِّبة تستثمر في الانقسام والفوضى»، مطالِبة بحماية المدنيين ومساءلة الفاعلين.


جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية

جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية
جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية
TT

جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية

جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية
جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية

قال الجيش الإسرائيلي إن أحد جنود ​الاحتياط دهس بسيارته فلسطينياً بينما كان يصلي على جانب طريق في الضفة الغربية المحتلة، أمس الخميس، بعد أن أطلق النار، في وقت سابق في المنطقة.

وقال الجيش، في بيان: «تلقينا مقطعاً مصوراً لشخص مسلّح يدهس فلسطينياً»، مضيفاً أن الشخص جندي ‌احتياط، وخدمته العسكرية ‌انتهت.

وأضاف الجيش أن ‌الجندي ⁠تصرّف ​في «‌مخالفة خطيرة للقواعد العسكرية»، وجرت مصادرة سلاحه.

وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه محتجَز قيد الإقامة الجبرية.

ونُقل الفلسطيني إلى المستشفى؛ لإجراء الفحوصات بعد الهجوم، لكنه لم يُصَب بأذى وهو الآن ⁠في منزله.

ويظهر في المقطع المصوَّر الذي بثه التلفزيون ‌الفلسطيني، وتسنّى لـ«رويترز» التحقق من صحته، ‍رجلٌ يرتدي ملابس ‍مدنية ويحمل سلاحاً على كتفه وهو يقود ‍سيارة رباعية الدفع ليصدم رجلاً يصلي على جانب الطريق. ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، كان العام الحالي هو الأعنف من حيث الهجمات المسجلة التي ​نفّذها مدنيون إسرائيليون على الفلسطينيين في الضفة الغربية، والتي أسفرت عن أكثر من ⁠750 إصابة.

وذكرت «الأمم المتحدة» أن أكثر من ألف فلسطيني قُتلوا في الضفة الغربية بين السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 و17 أكتوبر 2025، معظمهم في عمليات نفّذتها قوات الأمن، وبعضهم جراء عنف المستوطنين. وفي الفترة نفسها، قُتل 57 إسرائيلياً في هجمات فلسطينية.

من ناحية أخرى، قالت الشرطة الإسرائيلية، اليوم، إن مهاجماً فلسطينياً قتل رجلاً وامرأة ‌في شمال إسرائيل.