4 كلاسيكيات مصرية في «متروبوليس» تُشعل الذاكرة

سعاد حسني تختم ليالي أغسطس الاحتفالية بسينما تمنح ملاذاً للروح

من القاهرة إلى بيروت... السينما المصرية لا تزال تُضيء وجداننا (الشرق الأوسط)
من القاهرة إلى بيروت... السينما المصرية لا تزال تُضيء وجداننا (الشرق الأوسط)
TT

4 كلاسيكيات مصرية في «متروبوليس» تُشعل الذاكرة

من القاهرة إلى بيروت... السينما المصرية لا تزال تُضيء وجداننا (الشرق الأوسط)
من القاهرة إلى بيروت... السينما المصرية لا تزال تُضيء وجداننا (الشرق الأوسط)

تحوّلت الحديقة الخارجية لسينما «متروبوليس» في بيروت، كلَّ ثلاثاء من أغسطس (آب) الحالي، إلى مسرح لإحياء الذاكرة، حيث عُرضت 4 من كلاسيكيات السينما المصرية في الهواء الطلق. في البدايات، أثقل الحرّ الهواء، وفي منتصف الشهر ازداد ثقلاً حتى اضطرّت إدارة السينما إلى نقل عرض فيلم «العيش والملح» إلى الصالة الداخلية، لتعذُّر احتمال الحرارة. ثم أرسلت نسائم الأسبوع الثالث إشارة خفيفة إلى تغيُّر المواسم، لتكتمل المفارقة في الأسبوع الرابع حين امتلأت المقاعد في الخارج والداخل معاً، والجميع يترقَّب صعود سعاد حسني إلى الشاشة وهي تتمايل وتُغنّي «يا واد يا تقيل» و«خلّي بالك من زوزو»، فتحوّلت الأمسية إلى احتفال جماعي بالذاكرة والسينما.

ليالي أغسطس على شاشة بيروت... الذاكرة تستيقظ بنجوم مصر (متروبوليس)

سعاد حسني على الشاشة... أيقونة تكتب تمرّد جيل كامل (متروبوليس)

سمَّت «متروبوليس» البرمجة عروضاً صيفية، لكنها كانت مبادرة ثقافية استثنائية أعادت ربط بيروت بجذورها السينمائية. ففي مدينة أرهقتها المِحن، يصبح حضور 4 أفلام مصرية مُرمَّمة حدثاً يُذكّرنا بأنّ السينما لا تُختَزل بما تعرضه الصالات التجارية، وإنما أيضاً بما يحيا في الذاكرة ويُعيد تشكيل الذوق. «متروبوليس»؛ هذه المساحة اللبنانية الفريدة بهويتها، أثبتت أنها سينما لا تُشبه غيرها، قادرة أن تُحلِّق بنا بين الآفاق، وتُذكّرنا بأنّ الأفكار الخلّاقة تصون وهج العروض، وتمنحنا أفلاماً نادرة لا تتيحها الصالات المُعتادة.

واقعية «العيش والملح» تؤكد أنّ لقمة الخبز معركة يومية (متروبوليس)

«عفريت مراتي» كوميديا تكشف جدّية صراع المرأة مع السلطة الذكورية (متروبوليس)

لم يكن ترتيب الأفلام اعتباطياً، فقد بدا مثل رحلة عبر التاريخ الاجتماعي والثقافي للمنطقة. من «انتصار الشباب» (1941) مع أسمهان وفريد الأطرش، حيث الحلم بالمجد الفنّي يعلو فوق قسوة الفقر، نطلُّ على مرحلة السينما الغنائية التي بشَّرت بجيل يرى في الفنّ خلاصاً. ثم «العيش والملح» (1952)، حيث الواقعية الاجتماعية تسود، والسينما تتخلَّى عن رومانسية الأربعينات، لتلتقط وجع الشارع وصوت الطبقة العاملة وصراعها مع اللقمة. هنا لمسنا تحوّل السينما المصرية إلى محاكاة سياسية واجتماعية تُعبّر عن مصر جديدة تبحث عن هوية وذات فاعلة في زمن التحولات الكبرى. وفي «عفريت مراتي» (1968) نجد الكوميديا وقد تحوّلت إلى أداة لمُساءلة المجتمع الذكوري. فصلاح أبو سيف يضع شادية وصلاح ذو الفقار في مواجهة منزلية ساخرة، لكنه في الحقيقة يفضح التوتّر الدائم بين رغبة الرجل في السيطرة وإصرار المرأة على أن تكون كائناً مستقلاً. وبين الضحك والمفارقة، شكَّل الفيلم صرخة مُبطّنة ضدّ سلطة ذكورية تُحوّل المرأة إلى «عفريت» إن لم تخضع.

«انتصار الشباب»... بداية الحلم حين كان الفنّ خلاصاً من الفقر (متروبوليس)

القمّة كانت مع «خلّي بالك من زوزو» (1972). هنا بلغت العلاقة بين الشاشة والجمهور ذروتها. أمام حكاية تجاوزت كونها عن طالبة جامعية ترقص في الأفراح الشعبية لتأمين معيشتها، لتتحوّل إلى رمز جماعي للتمرُّد، أصبح التماهي حتمياً. سعاد حسني في شخصية «زوزو» أيقونة لشباب أراد أن يعيش على طريقته. عيناها المليئتان بالحياة، رقصتها المُشاغبة، صوتها وهي تُغنّي «يا واد يا تقيل»، جعلت الجمهور يذوب في التجربة كأنه يلمح نفسه في «زوزو». الفيلم فكَّك مفارقات المجتمع المصري آنذاك: يُغريه الرقص في الخفاء، لكنه يُدينه في العلن؛ يرفع الأنثى المطيعة إلى مرتبة المثال، ثم يجلدها إنْ كسرت القالب المفروض عليها. «زوزو» صارت صوتاً للحقيقة العارية من الأقنعة، ورمزاً لمجتمع يُمارس الازدواجية على جسد المرأة وروحها.

من «انتصار الشباب» إلى «زوزو»... رحلة أجيال على شاشة بيروت (متروبوليس)

«عفريت مراتي» يضحكنا لكنه يُعرّي هيمنة المجتمع على المرأة (متروبوليس)

في بيروت، بعد نصف قرن تقريباً، ظلّ سحر «زوزو» حاضراً. الجمهور الذي ملأ المقاعد في الداخل والخارج لم يأتِ فقط ليشاهد فيلماً قديماً، وإنما جاء ليستعيد مرحلة من ذاكرته. بين جيل عاش زمن سعاد حسني، وجيل جديد يسمع عنها أكثر مما شاهدها، تجسَّدت لحظة جماعية نادرة يُمثّلها اللقاء بين شاشة من السبعينات وحديقة بيروتية في 2025. كان ثمة رابط عاطفي يتشكّل لا تمنحه سوى السينما المصرية بما لها من حضور في الوجدان العربي. فهي التي رافقت أفراحنا وأحزاننا، وغنَّت لقصصنا الصغيرة والكبيرة. وما بين أسمهان وفريد الأطرش وشادية وسعاد حسني، ندرك أنها كانت بعضاً من تكويننا العاطفي؛ واكبت بدايات وعينا السينمائي، وعلّمتنا أن نُحبّ ونتمرّد ونحلُم.

«خلي بالك من زوزو»... أيقونة التمرّد الشعبي في السبعينات (متروبوليس)

«العيش والملح»... صرخة البسطاء في وجه قسوة الحياة (متروبوليس)

هيّأت «متروبوليس»، فيما تعرض الأفلام، مساحة لقاء بين الفنّ والذاكرة. بين مصر وبيروت. بين الأجيال المختلفة التي اجتمعت تحت سماء واحدة. في الأمسيات الأربع، شعرنا أنّ السينما لا تزال قادرة على أن تكون بيتاً للروح وملاذاً من الضجيج اليومي. ومع كلّ نسمة عَبَرت الحديقة، ومع كلّ ضحكة أو تنهيدة تسرَّبت من الجمهور، تأكّدنا أنّ الأفلام القديمة حاضرٌ حيّ في كلّ مُشاهدة. وهكذا تظلّ السينما مُشبَّعة بالحياة، ما دامت هناك صالة تفتح أبوابها، وجمهور يملأ مقاعدها، وصوتٌ مثل صوت سعاد حسني يجعلنا نُغادر ونحن نغنّي: «خلّي بالك من زوزو»... «زوزو».


مقالات ذات صلة

«إميلي» تعثَّرت في روما فمدَّت لها باريس حبل الإنقاذ

يوميات الشرق إميلي تتنقّل بين روما وباريس في الموسم الخامس من المسلسل (نتفليكس)

«إميلي» تعثَّرت في روما فمدَّت لها باريس حبل الإنقاذ

في الموسم الخامس من مسلسل «Emily in Paris»، الأزياء المزركشة والإعلانات التجارية تحتلُّ المساحة الكبرى.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)

خيرية نظمي لـ«الشرق الأوسط»: حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين

تعود خيرية نظمي إلى فكرة السلام الداخلي، مؤكدةً أنها تعيش حالة رضا وتصالح مع الذات...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق الممثلان معتصم النهار وأندريا طايع، بطلا مسلسل «مش مهم الإسم» (شركة الصبّاح)

«مش مهم الاسم»... مُخرجة المسلسل تتحدّث عن الكواليس والممثلين

مخرجة «مش مهم الاسم» ليال م. راجحة تشاركنا تفاصيل التحضير للمسلسل والتعاون مع الثنائي معتصم النهار وأندريا طايع.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق جويل إدجرتون وفيليسيتي جونز... الثنائي الآتي من زمنٍ آخر (نتفليكس)

«أحلام القطار»... فيلم غير عادي عن حياةٍ عادية

«أحلام القطار» يحصد إجماع النقّاد والجمهور قبل الرحلة الكبيرة إلى «الأوسكار».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق علي الكلثمي شارك تفاصيل منهجه الإخراجي ورحلته داخل الصناعة السعودية (البحر الأحمر)

علي الكلثمي... المخرج السعودي الذي صاغ من السخرية رؤية سينمائية

حملت الجلسة كثيراً من الجدّية في التفاصيل التي قدَّمها علي الكلثمي عن عمله مع الممثلين...

إيمان الخطاف (جدة)

المخرج النرويجي داغ هاغيرود: «أحلام» يعالج العلاقة المعقّدة بين الرغبة والحب

شارك الفيلم بالعديد من المهرجانات السينمائية (الشركة المنتجة)
شارك الفيلم بالعديد من المهرجانات السينمائية (الشركة المنتجة)
TT

المخرج النرويجي داغ هاغيرود: «أحلام» يعالج العلاقة المعقّدة بين الرغبة والحب

شارك الفيلم بالعديد من المهرجانات السينمائية (الشركة المنتجة)
شارك الفيلم بالعديد من المهرجانات السينمائية (الشركة المنتجة)

منذ اللحظة الأولى التي يتحدث فيها المخرج النرويجي داغ يوهان هاغيرود عن فيلمه الجديد «أحلام، جنس حب»، تشعر أن الرجل لا يقترب من السينما بوصفها صنعة فنية فحسب، بل بوصفها وسيلة للبحث الداخلي، ومحاولة لاستكشاف مناطق لا يتحدث عنها الكثيرون.

يتحدث المخرج النرويجي لـ«الشرق الأوسط» ببطء محسوب، يحمل في نبرته شيئاً من التأمل، كأنه يمشي داخل ذاكرة لا يريد أن تهدمها الكلمات، فبالنسبة له، لم يكن الفيلم مشروعاً يُبنى على واقعة أو وثيقة، بل رغبة في الاقتراب من جوهر إنساني ينساب خلف السطور، حيث تتداخل الرغبة بالخوف، والحقيقة بالهروب منها.

الفيلم الذي حصد «جائزة الدب الذهبي» بالنسخة الماضية من «مهرجان برلين السينمائي»، ونال «جائزة الفيبرسي» من المهرجان نفسه، تدور أحداثه حول فتاة مراهقة تختبر شغف الحب الأول في حكاية ممتدة عبر 3 أجيال، وعُرض بالقاهرة ضمن فعاليات «بانوراما الفيلم الأوروبي» خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بعد عرضه في النسخة الماضية من مهرجان «الجونة السينمائي».

يؤكد هاغيرود أن الفيلم رغم جذوره المستوحاة من قصة حقيقية، لا يتبنى من الواقع سوى تلك الشرارة الأولى التي دفعته للكتابة، وعدّ «الحقيقة التي يقدمها الشريط السينمائي ليست ملزمة بتقديم الواقع كما هو دون تغيير، بل بما يقدر على أن يوقظ داخل المشاهد صوته الداخلي، ذلك الصوت الذي لا يتحدث عن الحدث، بل عن أثره»، ولهذا اختار ألا يجعل الفيلم إعادة سرد لما كان، بل محاولة لتخيل ما شعر به أولئك الذين عاشوا التجربة بصمت، وما تركته فيهم من ارتباك ودهشة وانكسار.

يناقش المخرج قضية اجتماعية بلغة مغايرة (الشركة المنتجة)

وأضاف أنه «مع مرور الوقت، تحولت الفكرة من مجرد معالجة سينمائية إلى رحلة بحث طويلة، لم أكن أبحث عن شهود يروون ما حدث، بل عن أشخاص يملكون القدرة على وصف الإحساس نفسه»، مؤكداً أنه أراد أن يفهم «كيف يتشكل الخوف داخل الإنسان، وكيف تتسلل الرغبة إلى مناطق لا نرغب بالاقتراب منها، وكيف يتصارع القلب مع ذاكرة غير مكتملة، ولم تكن تلك الرحلة سهلة، لأنها لم تعتمد على الوقائع بقدر ما اعتمدت على الإنصات لتجارب متكسّرة، وحكايات غير مكتملة، ومشاعر تخشى الظهور»، على حد تعبيره.

وأشار المخرج النرويجي إلى أن الفيلم بدأ تتضح ملامحه خلال الكتابة، فهو ليس وثيقة، ولا اعتراف، ولا رواية عن حادثة بعينها، بل عمل يضع الإنسان في قلب المشهد، بكل تناقضاته وأحلامه وأخطائه الصغيرة، عمل سينمائي عن تلك اللحظات التي يتوقف فيها الزمن قليلاً، ويتحوّل فيها الجسد إلى سؤال، والعلاقة إلى مساحة رمادية يصعب فهمها أو الهروب منها.

وأكد أنه كان يريد عملاً يقترب من هشاشة البشر، لا من صلابة القصة، مشيراً إلى أنه حمل هذا الأمر للممثلين مع بدء التصوير، فكان يتعامل معهم وكأنه يدعوهم إلى تجربة نفسية لا فنية فقط، فلم يكن يطلب منهم أن يعيدوا تمثيل مشاهد محددة، بل أن يسمحوا لحواسهم بأن تأخذهم إلى أماكن تخشى الكاميرا الوصول إليها، كما ترك لهم مساحة واسعة للخطأ، والتردد، وللصمت الطويل الذي يسبق الاعتراف، وفق قوله.

المخرج النرويجي حاملاً جائزة مهرجان برلين (إدارة المهرجان)

ويصف المخرج التجربة بأنها «مواجهة مع الذات»، أكثر من كونها مواجهة مع موضوع الفيلم، فحين تحاول أن تفهم علاقة معقدة بين الرغبة والحب والخوف، تجد نفسك مضطراً إلى النظر إلى داخلك أولاً، ولهذا يشعر أن «أحلام، جنس حُب» هو عمل تشكّل داخل تلك المنطقة الحساسة التي تجمع بين الضعف والقوة، بين القدرة على الاعتراف، والرغبة في الاحتماء بالصمت، وأراد من الفيلم أن يطرح سؤالاً قديماً بصياغة جديدة، ماذا يبقى في داخل الإنسان عندما ينتهي كل شيء؟ أي أثر يظل عالقاً؟ وكيف تتحوّل المشاعر المكبوتة إلى أحلام قد تبدو غريبة، أو مربكة، أو حتى جارحة؟

ويرى هاغيرود أن «جمال السينما يكمن في قدرتها على ملامسة تلك المساحات التي يتعذر على اللغة أحياناً وصفها، فالصورة بالنسبة لي ليست مجرد نقل لما يحدث، بل محاولة لالتقاط ما لا يُقال، ولهذا جاء الفيلم محمّلاً باللقطات التي تقترب من الوجوه ببطء، وتترك للمشاهد فرصةً لالتقاط أنفاسه، كما لو أنه متورط في التجربة نفسها».

حصد الفيلم جائزتين في النسخة الماضية من مهرجان برلين (الشركة المنتجة)

وأشار إلى أنه لم يرد أن يُشعر المتلقي بأنه يشاهد من بعيد، بل أن يجلس على حافة اللحظة، يراقب ما يُقال وما يُخفى في آن واحد، لافتاً إلى أن «الفيلم يتحرك داخل مساحة الحقيقة الشعورية، حيث يبدو الخيال وسيلة لتقريب الواقع، لا للهرب منه»، على حد تعبيره.

واعتبر أن فيلمه يوازن بين رغبة الإنسان في الفهم، وحقه في أن يظل غامضاً قليلاً أمام نفسه، مع التأكيد على أن الأثر الأعمق للفيلم في تلك الطريقة التي يجعل بها المشاهد يعيد التفكير في علاقاته ومشاعره، فهو لا يقدم قصةً جاهزةً يمكن تصنيفها ضمن خانة معينة، بل تجربة مفتوحة على التأويل، تترك أثرها في النفس، كما لو أنها تلامس منطقة شخصية لدى كل من يشاهدها. ولهذا ربما يشعر هاغيرود بأن الفيلم أقرب إلى «مرآة مشروخة»، حسب وصفه، يرى فيها الإنسان جزءاً من صورته، بينما يبقى الجزء الآخر غامضاً، لا يمكن القبض عليه ولا تجاهله.


تانيا قسيس تحتفل بالميلاد في «بيروت هول» بحضور السفير الفرنسي

ديكورات تنسجم مع المناسبة حضرت على الخشبة (الشرق الأوسط)
ديكورات تنسجم مع المناسبة حضرت على الخشبة (الشرق الأوسط)
TT

تانيا قسيس تحتفل بالميلاد في «بيروت هول» بحضور السفير الفرنسي

ديكورات تنسجم مع المناسبة حضرت على الخشبة (الشرق الأوسط)
ديكورات تنسجم مع المناسبة حضرت على الخشبة (الشرق الأوسط)

«لبنان جوهرة ونرفض أن يسرقها منّا أحد»؛ بهذه العبارة استهلّت الفنانة تانيا قسيس حفلها الميلادي الذي أحيته في «بيروت هول»، بحضور السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو. وافتتحت قسيس الأمسية بكلمة مقتضبة توجّهت فيها إلى الحضور مؤكدة أن لبنان يستحق الفرح والاحتفال، وسيبقى بلداً استثنائياً بشهادة المغتربين الذين مهما تنقّلوا بين الدول يعودون إلى وطنهم بشوق وحنين.

ودّعت تانيا قسيس جمهورها بالأبيض وبأغنيات ميلادية (الشرق الأوسط)

ويأتي حفل تانيا قسيس ضمن سلسلة احتفالات ميلادية تشهدها بيروت في موسم الأعياد، وكان «بيروت هول» قد احتضن أيضاً حفلاً للفنانة كارول سماحة في 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وامتدت الأجواء الميلادية إلى مناطق لبنانية أخرى، لا سيما البترون، حيث نُظّم ريسيتال بعنوان «نجمة الميلاد» أحيته الفنانة كريستيان نجار في كاتدرائية مار اسطفان.

كما تشهد ساحة الشهداء في وسط العاصمة حفلات ومهرجانات ميلادية متتالية. وتحت عنوان «بيروت روح الميلاد»، يعيش الزوار أجواء من الفرح والأمل، ما أعاد إلى العاصمة شيئاً من حيويتها بعد سنوات من الغياب القسري للاحتفالات.

وبالعودة إلى حفل تانيا قسيس، فقد اتّسم بطابع ميلادي، سواء من خلال ديكورات المسرح أو إطلالات الفنانة التي حملت رموز العيد. ورافقها على الخشبة فريق كورال مؤلّف من طلابها في «أكاديمية تانيا قسيس للموسيقى»، إضافة إلى لوحات راقصة مدعومة بخلفيات بصرية انسجمت مع أجواء الميلاد.

وقدّمت تانيا باقةً من الأغنيات الميلادية العربية والأجنبية، فشاركها الجمهور الغناء، وتفاعل معها بحماسة.

وخلال الأمسية، كشفت قسيس أن الحفل تطلّب منها تحضيرات مكثّفة، فشكرت كل من ساهم في إنجازه، ووجّهت تحية خاصة للجمهور الذي حضر رغم الطقس العاصف.

أحيت تانيا قسيس حفلاً ميلادياً في مركز «بيروت هول» في سن الفيل (الشرق الأوسط)

كما خصّصت وصلة غنائية للوطن، استهلّتها بموقف حصل معها أثناء التمارين، حين سألها أحد الموسيقيين عمّا إذا كان الغناء للبنان مجرّد فقرة في البرنامج، أم تعبير عن مشاعر حقيقية تجاه الوطن، فأجابت: «لا أعرف ما يشعر به الآخرون، لكنني أغنّي للبنان من قلبي».

بعدها أدّت أغنيتها «وطني حبيبي»، ثم تبعتها بأغنيتها الشهيرة «آفي ماريا»، التي سبق أن قدّمتها على مسارح عالمية عدة، من بينها حفل المؤسسة الأميركية - الكويتية في واشنطن عام 2017، بحضور الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب.

وقبل أدائها الأغنية، دعت قسيس اللبنانيين إلى الاتحاد والصلاة من أجل تعافي لبنان وعودة السلام إلى ربوعه.

وبدت الفنانة مفعمةً بالفرح خلال لقائها جمهورها، متوجّهة إليهم بالشكر، لا سيما أولئك الذين قدموا من كندا والولايات المتحدة ودول عربية للاحتفال بعيد الميلاد في لبنان، وقالت: «يسعدني أنكم اخترتم مشاركة هذه المناسبة معي»، مضيفة: «فلنقف معاً لنصلّي من أجل لبنان، ومن أجل كل من اضطر إلى مغادرة وطنه».

رافقها غناء طلاب «أكاديمية تانيا قسيس للموسيقى» (الشرق الأوسط)

وقسّمت قسيس برنامجها الغنائي إلى 3 أقسام: ضمّ الأول أغنيات ميلادية عربية وأجنبية، وأضافت إليه لمسة رومانسية من خلال أغنيتها «ليلة ورا ليلة»، أما القسم الثاني فخُصّص للبنان والدعاء له، فيما اختُتمت الأمسية بقسم ثالث ارتدت خلاله الأبيض، وقدّمت مجموعةً من الأغنيات الميلادية التي شكَّلت مسك الختام لحفل غلبت عليه أجواء الفرح وروح العيد.

رافقت قسيس على المسرح فرقة موسيقية حيّة، إلى جانب عازفين على البيانو والقانون والفلوت، ما أضفى على الحفل حضوراً موسيقياً غنياً.


طرد مُعلم بريطاني من مدرسة لعرضه مقاطع فيديو لترمب على الطلاب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
TT

طرد مُعلم بريطاني من مدرسة لعرضه مقاطع فيديو لترمب على الطلاب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

اتُّهم مُدرّس في مدرسة بريطانية بتعريض الأطفال للخطر، وأُحيل إلى برنامج مكافحة الإرهاب الحكومي بعد عرضه مقاطع فيديو للرئيس الأميركي دونالد ترمب على طلابه في حصة السياسة الأميركية.

وصرح المُدرّس، وهو في الخمسينيات من عمره، لصحيفة «التلغراف» بأنه «شُبّه بالإرهابي» بعد عرضه مقاطع الفيديو، بما فيها مقطع من حفل تنصيب ترمب، على طلاب المرحلة الثانوية.

وقد أبلغت كلية هينلي، وهي مدرسة ثانوية في هينلي أون تيمز، أوكسفوردشاير، تضم أكثر من ألفي طالب، عن مُحاضر العلوم السياسية وأحيل إلى هيئة حماية الطفل المحلية، التي خلصت إلى أن إحالة الأمر إلى برنامج مكافحة الإرهاب الحكومي تُعدّ «أولوية».

اتُّهم المعلم بالتسبب في «أذى نفسي» لطلابه في المرحلة الثانوية، الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و18 عاماً. وفي وثيقة اطلعت عليها صحيفة «التلغراف»، أشار مسؤولون محليون معنيون بحماية الطفل إلى أن عرض مقاطع الفيديو قد يرقى إلى مستوى «جريمة كراهية».

دفعت هذه الادعاءات الغريبة المعلم، الذي حصل على شهادته في منتصف التسعينيات، إلى رفع دعوى قضائية ضد الكلية. وفي تسوية تفاوضية، حصل الرجل على تعويض قدره ألفا جنيه إسترليني (ألفين و697 دولاراً) بعد أن أجبرته فعلياً على الاستقالة من وظيفته التي كان يتقاضى عنها 44 ألف جنيه إسترليني سنوياً - أي نحو 59 ألف دولار.

ويعتقد اتحاد حرية التعبير أن القوانين التي تهدف إلى حماية الأطفال من القتلة والمغتصبين تُستخدم بشكل خاطئ لملاحقة البالغين ذوي الآراء غير الرائجة. وقال الاتحاد إن قضية المعلم مثال واضح على «استغلال بروتوكولات حماية الطفل كسلاح لإسكات شخص ما لأسباب سياسية».

وقال المعلم، الذي فضل عدم الكشف عن هويته: «لقد شبهوني بالإرهابي. كان الأمر صادماً للغاية. إنه أشبه بكابوس، كأنه مشهد من رواية...».

تُظهر وثائق اطلعت عليها صحيفة «التلغراف» كيف بدأت كلية هينلي تحقيقاتها في يناير (كانون الثاني) 2025 بعد أن تقدم اثنان من طلاب المحاضر بشكاوى. وقد اتُّهم المحاضر بالتدريس «المتحيز» و«غير ذي الصلة بالموضوع».

ذكرت الكلية في رسالة بريد إلكتروني رسمية بتاريخ 28 يناير أنه زُعم أنه «عرض على طلابه مقاطع فيديو لدونالد ترمب وحملته الانتخابية ودعايته، بالإضافة إلى مقاطع فيديو أخرى لا صلة لها بما يُدرَّس».

ثم أفادت الكلية بأن أحد مقاطع الفيديو «أثار انزعاجاً شديداً لدى أحد الطلاب».

قال المعلم: «كان الأمر مرعباً، لا يُصدق. كنا نناقش الانتخابات الأميركية، وكان ترمب قد فاز للتو، وعرضتُ مقطعي فيديو من حملة ترمب. وفجأة، اتُّهمتُ بالتحيز. قال أحد الطلاب إنه شعر باضطراب نفسي، وادعى أنه عانى من كوابيس».

وعندما سُئل عما إذا كان متطرفاً يمينياً، أجاب المعلم، وهو مؤيد للحزب الجمهوري لكنه يُصر على أن آراءه معتدلة: «لستُ متطرفاً».