اعتادت الفنانة التشكيلية فاليري غصيني تنظيم معارض فنية في أميركا وأوروبا يعود ريعها إلى الأعمال الخيرية. فاليري، وهي رسامة أميركية متزوجة باللبناني نزار غصيني، تعيش منذ أعوام طويلة خارج لبنان، وآثرت أن تنظّم معرضها هذه المرة في بيروت. بدعم وتشجيع من زوجها، حملت لوحاتها وقررت عرضها في غاليري «وادي 99» بمنطقة ستاركو، معلنة أن كامل الريع سيذهب إلى جمعية «تشانس» التي تُعنى بالأطفال مرضى السرطان. وقد افتتحت المعرض تحت عنوان: «الفتيات يردن الاستمتاع بالحياة (Girls Just Want to Have Fun)».

يوضح نزار غصيني سبب اختيارهما التبرع بريع المعرض، قائلاً: «لقد اعتدنا أن نقدّم ريع أي معرض نقيمه في أوروبا أو أميركا للأعمال الخيرية. جميع المبيعات تذهب لهذا الهدف. نزور لبنان باستمرار، لكننا رغبنا هذه المرة أن تحمل زيارتنا طابعاً إنسانياً. إنها أول
مرة تنظّم فيها فاليري معرضاً لها في لبنان».
يتضمّن المعرض أكثر من 30 لوحة زيتية، جميعها تتمحور حول وجوه نسائية يافعة وأخرى متقدمة في السن، حيث تروي كل لوحة قصة من حياة فاليري. وتقول في حديثها إلى «الشرق الأوسط»: «إنه شريط حياتي يمر أمام عيني على طريقتي الخاصة. أردت من خلال هذه اللوحات توثيق لحظات جميلة عشتها مع صديقاتي وعائلتي. ركّزت على المرأة لأنها عنصر أساسي في مجتمعاتنا، وحمّلتها رسائل بسيطة مليئة بالعفوية».

ومن عناوين اللوحات، يستطيع الزائر أن يكوّن فكرة واضحة عن شخصياتها، مثل «فتيات فلوريدا»، و«أيام على البحر»، و«القبلة». جميعها تحكي محطات من حياة فاليري. وتقول: «انظري إلى هذه اللوحة، أقف فيها مع صديقاتي في فلوريدا. تجمعني بهن علاقة صداقة تمتد إلى أكثر من 20 أو 30 عاماً. وهناك لوحة أخرى مع ابنتي، وهي من أعز اللوحات على قلبي. الرسالة الأساسية التي رغبت في إيصالها هي الدور الذي تلعبه المرأة، والذي يمكن أن تتضاعف نتائجه الإيجابية على المجتمع حين نكوّن مجموعات. الاتحاد يولّد القوة، وعندما تجتمع امرأتان، فيمكنهما تحقيق كثير من النجاح».
تصطحبنا لوحات فاليري في رحلة بين محطات عاشتها مع صديقاتها متنقّلة بين ألمانيا وفرنسا وفلوريدا... وغيرها. وتضيف: «إنها لحظات من حياتي أعتز بها، وقد وثّقتها بريشتي الزيتية. وعندما أرسلت صوراً من هذه المجموعة إلى صديقاتي شعرن بسعادة كبيرة. فالصداقة كنز لا يُقدّر بثمن، وهي تمنحنا مساحة للتواصل والتعبير عن أفكارنا وآرائنا. منذ صغري بنيت صداقات طويلة الأمد ما زلت أحبّها وأحافظ عليها».
في أحد أركان المعرض، تبرز مجموعة لوحات بخلفيتين سوداء وصفراء، تتضمّن كل منها ملامح وجهين لامرأتين. نصف الوجه مثلاً لأنجلينا جولي والنصف الآخر للناشطة السياسية أونغ سان سو كي، التي لعبت دوراً بارزاً في ميانمار. ومن بين اللوحات المزدوجة أيضاً: جينا لولو بريجيدا وصوفيا لورين، ومادونا مع ليدي غاغا، وكارلا بروني مع كارلي سيمون، وكذلك الملكة الراحلة إليزابيث وإلين جونسون سيرليف. وتعلّق فاليري: «اخترت هؤلاء النساء بسبب الدور الاجتماعي البارز الذي لعبنه في تمكين المرأة. لقد واجهن تحديات كثيرة وتغلّبن عليها، ولم يستسلمن أمام المصاعب، بل جاهدن للوصول إلى أهدافهن وتركْن أثراً عميقاً لدى النساء عامة».

وعن النساء اللاتي يلفتنها في الشرق، تقول: «رسمت لوحة تجمع بين فريدا كاهلو وجاينا شابلن، لكنني احتفظت بها في منزلي لأنها من أحبّ أعمالي».
كما لم تُغفل فاليري أن تحاكي بروح أعمالها وطن الأرز، فخصّت لبنان بلوحة عن الفينيقيين، موضحة: «كان من الضروري أن أقدّم للبنان لوحة ترمز إليه مباشرة، فاخترت الفينيقيين لأنهم يمثلون حقبة تاريخية ملهمة».


