«هدنة غزة» عالقة بين التصعيد الإسرائيلي ودعوات إنهاء الحرب

وسط ترقب لرد «الكابينت» على المقترح المصري - القطري

فلسطيني يحمل كيساً من المساعدات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل كيساً من المساعدات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة» عالقة بين التصعيد الإسرائيلي ودعوات إنهاء الحرب

فلسطيني يحمل كيساً من المساعدات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل كيساً من المساعدات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تصاعدت دعوات إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والمطالبات بضغوط دولية في هذا الصدد، تزامناً مع تصعيد إسرائيلي أسفرت إحدى هجماته على مستشفى ناصر الطبي الاثنين، عن استشهاد 20 شخصاً على الأقل، بينهم صحافيون.

ذلك المشهد الذي يأتي وسط ترقب نتائج اجتماع لـ«الكابينت» الثلاثاء، للنظر في المقترح المصري - القطري بشأن وقف جزئي لإطلاق النار لمدة 60 يوماً، والذي قبلته «حماس» قبل نحو أسبوع، ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن مساعي الهدنة ستبقى بين هذين المسارين؛ سواء بتحركات التصعيد أو مطالب التهدئة، مؤكدين أن الأمر سيبقى هكذا حتى نرى ضغطاً أميركياً جاداً على حكومة بنيامين نتنياهو لوقف الحرب.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان الاثنين، تنفيذه غارة جوية في محيط مستشفى ناصر بخان يونس في قطاع غزة، وفتح تحقيق في الحادث الذي أسفر بحسب مسؤولين بقطاع الصحة الفلسطيني عن استشهاد 20 شخصاً، من بينهم 5 صحافيين.

وجاء ذلك التصعيد غداة تعهد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عبر منصة «إكس»، بالمضي قدماً في احتلال كامل قطاع غزة، وتأكيد صحيفة «معاريف» الإسرائيلية الأحد، أن «الانطباع السائد هو أن نتنياهو مُصرّ على العملية حتى النهاية».

ومتمسكاً بالمسارين العسكري والتفاوضي، أعلن نتنياهو، خلال تفقُّده وحدات عسكرية تُقاتل في غزة، الجمعة، أنه صادَقَ على خطط الجيش للسيطرة على مدينة غزة، و«هزيمة» حركة «حماس»، ووجّه ببدء مفاوضات فورية لإطلاق سراح جميع المحتجَزين، وإنهاء الحرب «بشروط مقبولة من إسرائيل»، في إشارة إلى الشروط الخمسة؛ وأبرزها نزع سلاح «حماس» وهو ما ترفضه الحركة عادة.

فلسطيني يسير بين أكوام الأنقاض في غرب جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن الهدنة ستبقى عالقة بين تصعيد إسرائيلي مستمر ودعوات تتكرر بإنهاء الحرب دون أفق لحل قريب، مؤكداً أن حكومة بنيامين نتنياهو تنفذ استراتيجية للتصعيد في المديين القريب والبعيد، بينما الآخرون مشغولون بتكتيكات مرحلية مرتبطة بالتفاوض.

ويعتقد هريدي أن «حماس» حالياً ليست في موقف تستطيع من خلاله إملاء شروط لها، والدليل قبولها مقترحاً سبق أن وضعت عليه ملاحظات، بعدما فقدت كل أوراقها وأصبحت ورقة الرهائن أيضاً عبئاً عليها.

ويرى السفير الفلسطيني السابق بالقاهرة بركات الفرا، أن التصعيد الإسرائيلي يأتي نتيجة ضوء أخضر أميركي، وحرصاً من نتنياهو ذاته على إطالة أمد الحرب، لإدراكه جيداً أنه سيسقط سياسياً بأي انتخابات وسيحاكم على اتهاماته بالفساد حال وقف إطلاق النار.

وشدد على أن «حماس» أيضاً لا يعتقد أن تستسلم وتلقى سلاحها، وبالتالي ستبقى مساعي الهدنة بين هذا التصعيد والتأخير في حسم ملف التفاوض والدعوات العربية والدولية لإنهاء الحرب، عالقة.

وعقب استهداف مستشفى ناصر، قالت «حماس» في بيان الاثنين، إنه «أمام هذه الجريمة المروّعة، فإنّ المجتمع الدولي وكل الأطراف المعنيّة مطالبون بالتحرّك الفوري والجاد لوقف الإبادة الممنهجة في غزّة»، داعية «قادة الدول العربية والإسلامية إلى الضغط على الإدارة الأميركية والدول الداعمة للاحتلال، لوقف الحرب فوراً».

فيما أكد الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة «التعاون الإسلامي» في قرار ختامي الاثنين، أن «استمرار إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، في هذا النهج التصعيدي يقوّض فرص التوصل إلى تسوية عاجلة، ويعرّض أمن واستقرار المنطقة لمزيد من المخاطر»، داعياً المجتمع الدولي إلى «إلزام إسرائيل بالاستجابة لمقترحات الوسطاء التي تعاطت مع ما سبق أن طرحته إسرائيل ذاتها».

وأعرب الاجتماع الذي عقد في مدينة جدة السعودية الاثنين، عن «دعم الجهود الرامية إلى تحقيق وقف إطلاق نار فوري وشامل، التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة، للتوصل إلى اتفاق تبادل الأسرى»، مستنكراً رفض إسرائيل «الاستجابة للمقترح الأخير للوسطاء، رغم أن المقترح حظي بموافقة الجانب الفلسطيني، ومن شأنه أن يفضي إلى صفقة مهمة ومحورية».

وقال وزير خارجية مصر، بدر عبد العاطي، في الاجتماع ذاته، إنه «يدين بأشد العبارات توسيع إسرائيل العمليات العسكرية في غزة»، داعياً المجتمع الدولي إلى «ممارسة كل أشكال الضغط على إسرائيل، وإلزامها بقبول الصفقة المطروحة حالياً»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية الاثنين.

وعلى هامش الاجتماع بجدة، شهدت لقاءات وزير خارجية مصر مع نظرائه: السعودي الأمير فيصل بن فرحان، والتركي هاكان فيدان، والتونسي محمد الفنطي، والجزائري أحمد عطاف، والباكستاني محمد إسحاق دار، التأكيد على رفض للعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وبحث الجهود التي تضطلع بها مصر بالتنسيق مع قطر، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وفق بيانات منفصلة لـ«الخارجية» المصرية.

وتأتي تلك المطالبات بوقف الحرب ودعم مسار الوساطة، عشية «انعقاد المجلس الوزاري السياسي الأمني المصغر» يوم الثلاثاء، بشأن المفاوضات والرهائن، وفق ما نقلته قناة «آي نيوز 24» الإسرائيلية مساء الأحد.

وطالب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، الأحد، من نتنياهو، «اغتنام الفرصة المتاحة حالياً لإبرام صفقة تقضي بتحرير الرهائن المحتجزين في قطاع غزة»، مؤكداً أن «خطوة نحو احتلال غزة بشكل كامل ستعرّض حياة الرهائن لخطر بالغ»، وفق إعلام إسرائيلي.

ولا يعتقد السفير هريدي أن إسرائيل ستستجيب للضغوط العربية والدولية في ظل ضوء أخضر أميركي داعم لها، أو أن نتنياهو سيستجيب لمطالب التهدئة، مؤكداً أن «الكابينت» إن قرر إرسال وفد للتفاوض حول المقترح الجديد للهدنة من باب التكتيك وإشغال الرأي العام، فإنه ماضٍ في تنفيذ استراتيجيته في التصعيد.

ويؤكد الفرا أن الضغوط العربية والدولية ستتواصل ضد إسرائيل، لكن الفيصل أن تتحرك واشنطن وتقلل من انحيازاتها لإسرائيل وتوقف تلك الحرب فوراً، لافتاً إلى أن «الكابينت» قد يضع ملاحظات على المقترح الجديد، ويوجه بالاستمرار في تصعيده العسكري، وقد يلجأ للمفاوضات من باب المماطلة لا أكثر.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تخنق المنظمات الإنسانية في غزة والضفة

المشرق العربي فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ) play-circle

إسرائيل تخنق المنظمات الإنسانية في غزة والضفة

بدأت الحكومة الإسرائيلية سحب تصاريح منظمات إنسانية دولية تعمل في قطاع غزة والضفة الغربية، بحجة عدم استكمال إجراءات التسجيل المطلوبة لممارسة أي نشاط.

«الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب)
تحليل إخباري طفل يقف وسط ملاجئ مؤقتة للنازحين الفلسطينيين في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «اتفاق غزة»: موعد محتمل للمرحلة الثانية يجابه «فجوات»

حديث عن موعد محتمل لبدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، ضمن النتائج البارزة للقاء الرئيس دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

محمد محمود (القاهرة)
العالم ​تدهور ‌الوضع الإنساني في غزة (أ.ف.ب)

10 دول تحذر من استمرار الوضع الإنساني «الكارثي» في غزة

عبرت بريطانيا وكندا وفرنسا ودول أخرى في بيان مشترك، ‌الثلاثاء، ‌عن ‌قلقها البالغ ⁠إزاء ​تدهور ‌الوضع الإنساني في غزة، ودعت إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات ⁠عاجلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا شعار شركة «إيرباص» (رويترز)

إسبانيا تستثني «إيرباص» من حظر استخدام التكنولوجيا الإسرائيلية

منحت إسبانيا شركة «إيرباص» إذناً استثنائياً لإنتاج طائرات وطائرات مسيرة باستخدام التكنولوجيا الإسرائيلية في مصانعها الإسبانية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
المشرق العربي لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب و رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فلوريدا الاثنين (أ.ف.ب) play-circle

كيف قرأ الإسرائيليون لقاء ترمب - نتنياهو؟

أظهرت تقييمات إسرائيلية أن قمة فلوريدا بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، منحت الأخير فرصة للحفاظ على شروطه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة)

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
TT

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

دعا محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، جميع أبناء المحافظة المنخرطين مع المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الدعم الأمني، إلى العودة صوب منازلهم، أو الالتحاق بإخوتهم في «درع الوطن»، متعهداً باستيعابهم واستقبالهم وترتيب أوضاعهم.

وكشف الخنبشي -في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»- أن القوات التابعة للإمارات بدأت فعلياً الانسحاب من جميع المواقع التي كانت تتمركز فيها، سواء في حضرموت أو شبوة.

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

وأوضح أن صفارات الإنذار دوَّت، مساء الثلاثاء، بمطار الريان، تمهيداً لسحب القوات الإماراتية الموجودة هناك، لافتاً إلى أن قوات أخرى انسحبت أيضاً من بلحاف في شبوة.

وأوضح المحافظ أن للإمارات وجوداً محدوداً في منطقتي الربوة والضبة بحضرموت بأعداد قليلة، ويقتصر على خبراء وقادة يتولون الإشراف على قوات الدعم الأمني التابعة للمجلس الانتقالي.

وأفادت مصادر متطابقة بأن القوات الإماراتية في محافظة شبوة، وتحديداً في معسكر مُرَّة، بدأت يوم الثلاثاء فعلياً تفكيك أجهزة الاتصالات، في إطار استعدادها لمغادرة البلاد، بناءً على طلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي.

وشدَّد محافظ حضرموت على أن الحلَّ الوحيد لإنهاء الأزمة الحالية يتمثَّل في انسحاب جميع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة، بشكلٍ سلمي. وقال إن «الباب ما زال مفتوحاً، ونتمنى أن يستغل الإخوة في (الانتقالي) هذه الفرصة، لتجنيب أنفسهم وحضرموت وكل البلاد أي اقتتال أو مواجهة عسكرية، وأن يعودوا من حيث أتوا، بعدها يمكن الدخول في حوار سياسي حول أي تشكيل مستقبلي، ولكن من دون فرض أمر واقع بالقوة».

ولفت الخنبشي إلى جهوزية قوات «درع الوطن» التي يشرف عليها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، واستعدادها للانتشار في حضرموت والمهرة، وفقاً لإعلان حالة الطوارئ الذي أصدره الرئيس العليمي.

وأضاف أن هناك أيضاً قوات من أبناء حضرموت تُقدَّر بنحو 3 آلاف عنصر، كانوا يخدمون في المنطقة العسكرية الأولى، وهم جاهزون لمساندة إخوانهم في «درع الوطن».

وأوضح محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، أن مستوى التنسيق مع السعودية في أعلى مستوياته. وأضاف أن المملكة «تنظر إلى حضرموت والمهرة بوصفهما عمقها الأمني الاستراتيجي؛ إذ تجمعنا حدود تتجاوز 700 كيلومتر، ومن هنا فإن أمن واستقرار حضرموت والمهرة يُعدَّان جزءاً من الأمن الاستراتيجي للمملكة»؛ مشيراً إلى أنهما «يمثلان أيضاً عمقاً بشرياً وتاريخياً وإنسانياً، وتجمعنا أواصر القربى والأخوة»، مؤكداً الحرص على «ألا تتحول حضرموت والمهرة إلى بؤرة خطر تهدد أمن المملكة».

ووفقاً للخنبشي، فإن القرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي ومجلس الدفاع الوطني جاءت في توقيتٍ مناسب، بهدف تفويت الفرصة على كل من سعى إلى استغلال الوضع، على حدِّ تعبيره.


مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية، وذلك من خلال الاتصالات المكثفة التي تجريها على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة مع الأطراف المعنية كافة.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد ثقتها التامة في حرص الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على التعامل بحكمة مع التطورات الحالية في اليمن، وذلك في إطار إعلاء قيم الأخوة بين البلدين الشقيقين، وصون وحدة الصف والمصير العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق والمنطقة.

وتعرب جمهورية مصر العربية في هذا السياق عن تقديرها البالغ لحكمة القيادتين السعودية والإماراتية في التعامل البنّاء مع تطورات الأوضاع في اليمن، والحرص على تحقيق الاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ومصالح شعبه الشقيق.

وتؤكد جمهورية مصر العربية أنها لن تألو جهداً في مواصلة اتصالاتها المستمرة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومع الجانب اليمني، وباقي الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للعمل على خفض التصعيد، وبما يمهد إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن، تحقق طموحات وتطلعات الشعب اليمني الشقيق المشروعة في مستقبل آمن ومزدهر وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.


العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
TT

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

حذّر الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من خطورة التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية، مؤكداً أنها تُمثل تهديداً مباشراً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية الذي يرفضه المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال لقائه، الثلاثاء، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، حيث خُصص اللقاء لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، الأمر الذي استدعى اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، حمايةً لأمن المواطنين، وصوناً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه.

وفي مستهل اللقاء، رحّب الرئيس بالسفراء، مثمّناً وحدة مواقف دولهم الداعمة للشعب اليمني في أصعب مراحله، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ومؤكداً أن ما تشهده المحافظات الشرقية لا يندرج في إطار خلاف سياسي داخلي، بل يُشكّل مساساً خطيراً بأسس الدولة ووحدة مؤسساتها.

وأوضح الرئيس العليمي أن القيادة اليمنية بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً مكثفة للتهدئة وخفض التصعيد، واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة تحالف دعم الشرعية، غير أن هذه المساعي قوبلت - حسب تعبيره - بالتعطيل والإصرار على فرض الأمر الواقع.

وأشار إلى أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وتمت الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات «درع الوطن» من ثلاث مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل. كما كشف عن تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، إلا أن تلك الجهود لم تلقَ استجابة.

وشدّد الرئيس العليمي على أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلها المتعمد، مفنداً في الوقت ذاته ما وصفها بالسرديات المضللة التي تحاول تبرير فرض الأمر الواقع بالقوة تحت لافتة مكافحة الإرهاب. وقال إن مكافحة الإرهاب «قرار دولة ومؤسسات شرعية، وليست ذريعة سياسية»، مذكّراً بالإنجازات التي حققتها المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية، بدعم شركائها، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية.

وفي ملف القضية الجنوبية، جدّد الرئيس العليمي التأكيد على الموقف المبدئي والثابت من معالجتها، وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض قاطع لفرض أي حلول بقوة السلاح أو الأمر الواقع.

وعدّ أن اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها ويقوّض فرص الحل السياسي المستدام، ويلحق الضرر بأبناء الجنوب قبل غيرهم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يتطابق مع ما أكدته المملكة العربية السعودية من أن القضية الجنوبية لا تُحل إلا عبر الحوار وفي إطار تسوية سياسية شاملة.

وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة يعرّض أولويات المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة للخطر، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار والعيش الكريم.

وأكد أن أي اضطراب في حضرموت والمهرة سينعكس مباشرة على تصدير النفط، ودفع المرتبات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويقوّض الثقة مع مجتمع المانحين.

وتطرق الرئيس العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة، مؤكداً أن اليمن لا ينكر ما قدمته دولة الإمارات من أدوار ومساهمات في مراحل سابقة، لكنه شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحاً كاملاً، والنأي بالنفس عن دعم أي مكون خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية. وقال إن أي ضغوط لدفع قوات محلية إلى تحركات عسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، وتتعارض مع الأسس التي قام عليها التحالف.

وأضاف أن المطالبة بمغادرة القوات التي خرجت عن تلك الأسس «مطلب سيادي طبيعي»، لا يستهدف العلاقات الثنائية ولا ينكر التاريخ، بل يهدف إلى حماية فكرة التحالف ذاتها.

وفي ختام اللقاء، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدول الراعية للعملية السياسية إلى موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مع ممارسة ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة سلطاتها الحصرية، وترجمة ذلك داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية وفق القانون الدولي.

وختم الرئيس العليمي بالتأكيد على أن سقوط منطق الدولة في اليمن يعني غياب أي استقرار يمكن البناء عليه أو الاستثمار فيه، محذراً من تحويل اليمن إلى نموذج جديد لتفكك الدول، ومشدداً على أن الشعب اليمني يستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة.