لبنان يتلقى بـ«قلق» تصريحات نتنياهو: أعادت مهمة برّاك إلى الصفر

التي ربط فيها الانسحاب من لبنان بنزع سلاح «حزب الله»

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً المبعوث الأميركي توم براك والوفد المرافق في القصر الرئاسي الأسبوع الماضي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً المبعوث الأميركي توم براك والوفد المرافق في القصر الرئاسي الأسبوع الماضي (الرئاسة اللبنانية)
TT

لبنان يتلقى بـ«قلق» تصريحات نتنياهو: أعادت مهمة برّاك إلى الصفر

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً المبعوث الأميركي توم براك والوفد المرافق في القصر الرئاسي الأسبوع الماضي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً المبعوث الأميركي توم براك والوفد المرافق في القصر الرئاسي الأسبوع الماضي (الرئاسة اللبنانية)

تلقّت السلطات اللبنانية تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي ربط فيها الانسحاب من لبنان بنزع سلاح «حزب الله»، بـ«قلق»، معتبرة، وفق ما أفادت به مصادر وزارية، «أنها إشارة سلبية» ستكون لها تداعياتها على مفاوضات المبعوث الأميركي توم براك، الذي وصل إلى بيروت آتياً من تل أبيب، مساء الاثنين، على أن يلتقي المسؤولين اللبنانيين يوم الثلاثاء.

وفيما دعت المصادر إلى انتظار ما سيحمله المبعوث الأميركي، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن كلام نتنياهو «لا يطمئن، لا سيما أن حزب الله يربط بدوره أي خطوة من قبله، بالانسحاب الإسرائيلي من لبنان»، معتبرة أن هذه الشروط «أفشلت مهمة براك وأعادتها إلى نقطة الصفر»، محذرة بذلك من رد فعل «حزب الله» الذي بدأ يلوّح بالشارع.

المبعوث الأميركي توم براك قبيل لقائه رئيس الحكومة نواف سلاح خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

من جهتها، وضعت مصادر نيابية في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، تصريحات نتنياهو في خانة «التشويش والإرباك»، قبيل وصول الموفد الأميركي إلى بيروت للقاء المسؤولين، متوقفة في الوقت عينه، عند ردّ فعل الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس التي سترافق براك في لقاءاته، وقد سبقته في الوصول إلى بيروت، والتي أعادت نشر كلام رئيس الحكومة الإسرائيلي عبر منصة «إكس»، مرفقة إياها بكلمة «شكراً».

ورأت المصادر أنه يفترض «أن يصدر موقف لبناني جامع وموحد رداً على تصريحات نتنياهو».

وكانت الحكومة اللبنانية قد كلّفت في 5 أغسطس (آب) الجيش اللبناني، وضع خطة لنزع سلاح «حزب الله»، على أن يتم تطبيقها قبل نهاية العام، وهو ما لم يلقَ قبولاً من «حزب الله» الذي أطلق تهديدات ولوّح بالنزول إلى الشارع اعتراضاً.

رئيس الجمهورية

ومن جهته، أكد رئيس الجمهورية جوزيف عون أن «الحكومة اتخذت قرارات لم يسبق أن اتخذت من قبل»، وقال: «مجلس الوزراء هو منصّة لتبادل الآراء واتخاذ القرارات بعد النقاش، وهذا ما يحصل بالفعل».

وشدد الرئيس عون على «وجوب أن نلقى الاهتمام العربي والدولي بلبنان عبر تعزيز خطوات استعادة الثقة»، مشيراً خلال لقائه وفداً من «اتحاد رجال الأعمال للدعم والتطوير» (جمعية إرادة)، إلى أن «لبنان أمامه كثير من الفرص التي يجب أن نحسن استثمارها من خلال الخروج من الزواريب الطائفية والمذهبية والحزبية، باتجاه حزب واحد هو لبنان، وطائفة واحدة هي الطائفة اللبنانية، والالتفاف تحت راية علم واحد. فلبنان الطوائف لا يصنع دولة، بل الدولة هي التي تحمي جميع الطوائف وتصون الوطن».

سلام: لضرورة الانسحاب الإسرائيلي

وبدوره، شدّد رئيس الحكومة نواف سلام على «ضرورة احترام إسرائيل سيادة لبنان وانسحابها من الأراضي التي ما زالت تحتلها، بما يمكّن الجيش من استكمال انتشاره في الجنوب، ووقف أعمالها العدائية والإفراج عن الأسرى، تمهيداً لبدء مسار إعادة الإعمار والتعافي». كما أكّد أنّ «الجيش اللبناني هو جيش لكل اللبنانيين، وأن دعمه وتزويده بالقدرات اللازمة يشكّلان ركيزة أساسية لتعزيز الأمن والاستقرار».

وأتى موقف سلام خلال استقباله عضوي الكونغرس الأميركي؛ النائب دارين لحود، والنائب ستيف كوهن، والوفد المرافق.

ونوّه النائب الأميركي لحود بدوره، «بما قامت به الحكومة اللبنانية حتى الآن من إجراءات لبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحصر السلاح بيدها، بالإضافة إلى الإصلاحات القضائية والمالية الجارية»، معتبراً أنّ «هذه الخطوات تسهم في استعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان».

وأكد أنّ «الجيش اللبناني يقوم بدور أساسي في تعزيز الأمن والاستقرار»، مشدداً على «سعيه المتواصل داخل الكونغرس الأميركي لضمان استمرار دعم الجيش». كما جرى التطرّق خلال اللقاء، إلى أهمية تجديد ولاية قوات «اليونيفيل» في هذه المرحلة لمساندة الجيش اللبناني في تعزيز انتشاره بالجنوب.

نتنياهو...

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وصف الاثنين، قرار الحكومة اللبنانية نزع سلاح «حزب الله» بأنه «بالغ الأهمية»، معرباً عن استعداد بلاده لخفض وجودها في جنوب لبنان «في حال اتخاذ خطوات لتطبيق القرار».

وجاء في بيان صادر عن مكتب نتنياهو: «تأخذ إسرائيل علماً بالخطوة المهمة التي اتخذتها السلطات اللبنانية بقيادة الرئيس جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام. إن هذا القرار بالغ الأهمية، وفي ضوء هذا التطوّر المهم، تبقى إسرائيل مستعدّة لدعم لبنان في جهوده لنزع سلاح (حزب الله) والعمل معاً من أجل مستقبل أكثر أمناً واستقراراً للبلدين».

نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس (أ.ب)

وأوضح بيان مكتب نتنياهو أنه «في حال اتخذ الجيش اللبناني الخطوات اللازمة لتنفيذ عملية نزع سلاح (حزب الله)، ستبادر إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات موازية تشمل خفضاً تدريجياً لوجود الجيش الإسرائيلي بالتنسيق مع الآلية الأمنية التي تقودها الولايات المتحدة».

وجاء هذا البيان بعد محادثات في تل أبيب، أجراها الموفد الأميركي براك الذي يقود وساطة بين لبنان وإسرائيل.

وكان باراك اعتبر في 18 أغسطس، أن الحكومة اللبنانية قامت بـ«الخطوة الأولى» عبر إقرارها نزع سلاح «حزب الله»، وحضّ إسرائيل على القيام بـ«خطوة موازية» في إطار وقف إطلاق النار الذي بدأ تطبيقه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد حرب مدمّرة بين الطرفين، على خلفية حرب غزة، استمرّت أكثر من عام.

ونصّ الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بوساطة أميركية، على ابتعاد «حزب الله» عن الحدود، وعلى حصر السلاح في لبنان بيد القوى الشرعية اللبنانية، وانسحاب إسرائيل من نقاط توغّلت إليها خلال النزاع. إلا أن الدولة العبرية أبقت قواتها في 5 مرتفعات استراتيجية، وتواصل شنّ ضربات بشكل شبه يومي على مناطق مختلفة في لبنان، معلنة أنها «تستهدف مستودعات أسلحة لـ(حزب الله) وقياديين فيه».

وقال براك خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت: «هناك دوماً نهج خطوة بخطوة. أعتقد أن الحكومة اللبنانية قامت بدورها. لقد خطت الخطوة الأولى. ما نحتاجه الآن هو أن تلتزم إسرائيل بخطوة موازية». وردّاً على سؤال حول إمكانية انسحاب إسرائيل ووقف خروقاتها في المرحلة المقبلة، أجاب: «هذه هي الخطوة التالية بالضبط».

أرشيفية لغارة إسرائيلية على جنوب لبنان (رويترز)

ويأتي ذلك فيما لم تتوقف الانتهاكات الإسرائيلية في جنوب لبنان، حيث قتل شخص في غارة من مسيرة إسرائيلية استهدفت سيارة «رابيد» على طريق عين المزراب في بلدة تبنين، قضاء بنت جبيل، بحسب ما أفادت وزارة الصحة اللبنانية.

كذلك، نفذت مسيرة إسرائيلية غارة بصاروخ موجه مستهدفة سيارة على طريق بلدة صربين، إلا أن الصاروخ لم يُصِب السيارة واستقر وسط الطريق، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام».

وكان سجّل مساء الأحد، «دخول قوة معادية إلى معمل حرب الواقع على طريق مركبا - عديسة، حيث فتّشته بدقة، ووضعت تحذيراً لصاحب المعمل على الباب»، بحسب ما أفادت به «الوكالة الوطنية».


مقالات ذات صلة

قضية الأسير عماد أمهز تلقي الضوء على أنشطة «حزب الله» البحرية

تحليل إخباري الأسير عماد أمهز في صورة نشرها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على حسابه على «إكس» play-circle 03:20

قضية الأسير عماد أمهز تلقي الضوء على أنشطة «حزب الله» البحرية

أعاد إعلان الجيش الإسرائيلي عن عملية نفذتها وحدة الكوماندوز البحري في بلدة البترون، شمال لبنان، وما رافقه من نشر تسجيلات مصوّرة مرتبطة بعماد أمهز.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس جوزيف عون ملتقياً السفير سيمون كرم بعد مشاركته في اجتماع «الميكانيزم» (الرئاسة اللبنانية)

عودة السكان إلى منازلهم تطغى على اجتماع الـ«ميكانيزم» في الناقورة

عقدت لجنة الـ«ميكانيزم» (اللجنة التقنية العسكرية) اجتماعها الخامس عشر في الناقورة

«الشرق الأوسط»
المشرق العربي صورة من مقر قيادة «يونيفيل» في الناقورة جنوب لبنان... عُقد الاجتماع اللبناني الإسرائيلي في هذا المقر وفق ما أوردته السفارة الأميركية في بيروت (رويترز) play-circle

اجتماع ممثلين مدنيين وعسكريين من لبنان وإسرائيل في إطار لجنة وقف النار

عقد ممثلون عن لبنان وإسرائيل، الجمعة، اجتماعاً في إطار اللجنة المكلفة بمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار الساري منذ عام، وفق ما أفادت السفارة الأميركية في بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام (رويترز)

خاص «الشرق الأوسط» تنشر الخطوط العريضة لخطة الحكومة اللبنانية لإعادة أموال المودعين

اطلعت «الشرق الأوسط» على الخطوط العريضة للخطة المعروفة باسم «مشروع قانون الفجوة المالية» التي ستُوزَّع على الوزراء بعد ظهر الجمعة

ثائر عباس (بيروت)
المشرق العربي النواب اللبنانيون يقفون دقيقة صمت في مستهل الجلسة التشريعية بالبرلمان (الوكالة الوطنية)

البرلمان اللبناني يقرّ قرض إعادة الإعمار بمقاطعة «القوات» و«الكتائب» ومستقلين

لم تحل مقاطعة حزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» ونواب مستقلين وتغييريين للجلسة التشريعية دون اكتمال نصاب الجلسة بعد انفراط عقدها لمرتين متتاليتين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

بطريرك القدس للاتين يصل إلى غزة بمناسبة «عيد الميلاد»

البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا (أ.ف.ب)
البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا (أ.ف.ب)
TT

بطريرك القدس للاتين يصل إلى غزة بمناسبة «عيد الميلاد»

البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا (أ.ف.ب)
البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا (أ.ف.ب)

وصل البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، اليوم (الجمعة)، إلى غزة في الزيارة الرعوية الميلادية السنوية إلى كنيسة العائلة المقدسة، إيذاناً ببدء احتفالات عيد الميلاد، وفق ما جاء في بيان على موقع البطريركية.

وخلال زيارته التي يقضي الغرض منها «تأكيد الروابط الأصيلة بين رعية العائلة المقدسة في غزة وأبرشية القدس»، يتفقد البطريرك الأوضاع الحالية للرعية، بما في ذلك الجهود الإنسانية والإغاثية، ومبادرات إعادة التأهيل القائمة حالياً، والتطلعات المستقبلية، وفق البيان.

ويترأس البطريرك يوم الأحد قداس عيد الميلاد في كنيسة العائلة المقدسة في غزة، بحسب البيان الذي أكد أن «هذه الزيارة تشكّل بداية احتفالات عيد الميلاد في مجتمع عاش ولا يزال يعيش أوقاتاً عصيبة».

والجمعة، أعلنت الأمم المتحدة أن المجاعة في غزة انتهت، لكن السواد الأعظم من سكان القطاع ما زالوا يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي.

وتعدّ كنيسة العائلة المقدسة الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في غزة حيث يقدّر عدد المسيحيين بنحو ألف، أغلبيتهم من الأرثوذكس، من أصل 2.2 مليون نسمة.

وتحصي البطريركية اللاتينية في القدس نحو 135 كاثوليكياً في القطاع لجأوا إلى مجمّع كنيسة العائلة المقدسة في مدينة غزة في الأيّام الأولى من الحرب بين إسرائيل و«حماس» قبل أن ينضمّ إليهم عدد من الأرثوذكس.

وساعد الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا خلال زيارته السابقة إلى غزة في يوليو (تموز) في إيصال 500 طنّ من المساعدات الغذائية لسكان القطاع.

وكان بطريرك القدس للاتين قد زار مع بطريرك الروم الأرثوذكس ثيوفيلوس الثالث غزة في يوليو غداة ضربة إسرائيلية على كنيسة العائلة المقدسة أودت بحياة ثلاثة أشخاص.


قضية الأسير عماد أمهز تلقي الضوء على أنشطة «حزب الله» البحرية

TT

قضية الأسير عماد أمهز تلقي الضوء على أنشطة «حزب الله» البحرية

الأسير عماد أمهز في صورة نشرها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على حسابه على «إكس»
الأسير عماد أمهز في صورة نشرها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على حسابه على «إكس»

أعاد إعلان الجيش الإسرائيلي عن عملية نفذتها وحدة الكوماندوز البحري في بلدة البترون، شمال لبنان، وما رافقه من نشر تسجيلات مصوّرة مرتبطة بعماد أمهز، تسليط الضوء على ملف يتداخل فيه الأمني بالسياسي والقانوني، في توقيت يتزامن مع مسار وقف إطلاق النار، واجتماعات لجنة «الميكانيزم»، والجهود الجارية لمعالجة ملف الأسرى والمفقودين.

الإعلان الإسرائيلي والسردية الأمنية

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إن قوات إسرائيلية نفّذت قبل نحو عام عملية في بلدة البترون، الواقعة على مسافة بعيدة عن الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، أسفرت عن نقل عماد أمهز إلى إسرائيل للتحقيق. ووفق الرواية الإسرائيلية، فإن أمهز مرتبطٌ بالملف البحري السري التابع لـ«حزب الله»، وبوحدة الصواريخ الساحلية، وتلقى تدريبات عسكرية داخل لبنان وخارجه، واكتسب خبرات بحرية مرتبطة بمهام عملانية.

https://x.com/AvichayAdraee/status/2001942099672101005?s=20

وأشار أدرعي إلى أنّ التحقيق مع أمهز أتاح، حسب ما أعلن، الحصول على معلومات تتعلق بأنشطة بحرية منظّمة تُدار ضمن إطار سري وباستخدام واجهات مدنية، معتبراً أنّ هذه المعلومات أسهمت في عرقلة تقدّم هذا الملف في مرحلة وصفها بالحساسة. كما تحدث عن دعم إيراني لهذه الأنشطة.

وفي هذا السياق، نشر الجيش الإسرائيلي مقاطع مصوّرة قال إنها تتضمن اعترافات لأمهز، إلى جانب مشاهد مرتبطة بعملية نقله.

سياق سياسي وأمني أوسع

في قراءة تحليلية، قال الباحث في شؤون الأمن والدفاع رياض قهوجي لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «قضية عماد أمهز وتوقيت نشر الفيديو المرتبط بها لا يمكن فصلهما عن السياق السياسي والأمني الأوسع، لا سيما اجتماع لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار (الميكانيزم) والمفاوضات الجارية»، لافتاً إلى أنّ «إسرائيل تحاول من خلال هذا التوقيت تبرير عدم انسحابها من النقاط الخمس، عبر القول إنّ «حزب الله» لا يزال موجوداً ويمارس نشاطاً عسكرياً.

وأشار قهوجي إلى أنّ «الرسائل الإسرائيلية تهدف أيضاً إلى إظهار أنّ دور (حزب الله) أكبر بكثير مما يُتصوَّر داخل لبنان»، معتبراً أنّ «الحزب لم يعد مجرّد تنظيم محلي، بل باتت جزءاً من مشروع إقليمي واسع تقوده إيران».

وأوضح أنّ «المسألة لا تتصل بخندق أو موقعين عسكريين، بل ببنية متكاملة تشمل قدرات بحرية وبنى تحتية وتحضيرات استراتيجية»، مشيراً إلى أنّ «إيران استثمرت عشرات ملايين الدولارات في هذا المشروع»، معرباً عن اعتقاده بأنّ «ما تكشفه إسرائيل يهدف إلى إبراز حجم الاستثمار العسكري الذي جرى في بلد يرزح شعبه تحت ضغوط داخلية كبيرة».

وتابع قهوجي أنّ «الملف المطروح يتجاوز جنوب الليطاني»، لافتاً إلى أنّ «القضية لا تقتصر على هذه المنطقة، بل تشمل البعد البحري ومناطق أخرى، خصوصاً أنّ أمهز كان وقت العملية في البترون شمال لبنان».

وقال إنّ «إسرائيل تتحدث عن أنفاق ومخازن أسلحة وعتاد، في محاولة لإظهار تناقض بين ما تعلنه الدولة اللبنانية عن مسار نزع السلاح، وما تعتبره استمراراً لنشاط (حزب الله) العسكري وتسليحه».

ورأى أنّ «محاولة نفي الصفة المدنية عن عماد أمهز تندرج في هذا السياق»، موضحاً أنّ «إسرائيل تحاول منذ البداية تقديمه على أنّه مرتبط بما تسميه السلاح البحري لـ(حزب الله)»، ومضيفاً أنّ «الدولة اللبنانية تؤكد في المقابل أنّ جوهر المشكلة يكمن في استمرار الاحتلال الإسرائيلي للنقاط الخمس، فيما تردّ إسرائيل بأنّ السبب الأساسي هو أنّ (حزب الله) لم يُوقف تسليح نفسه وأنّ التهديد لا يزال قائماً».

الموقف اللبناني والبعد القانوني

في المقابل، قال عضو هيئة ممثلي الأسرى والمحررين من السجون الإسرائيلية نبيه عواضة لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «قضية عماد أمهز تُعد، من وجهة نظر قانونية، قضية مدني خُطف من منطقة لبنانية بعيدة عن الحدود»، مشيراً إلى أنّ «احتجازه لا يندرج في إطار الاعتقال العسكري».

ولفت إلى أنّ «هذا الأمر ينطبق أيضاً على حالات أخرى موثّقة»، مشدداً على أنّ «الملف يُتابَع مع الجهات الرسمية اللبنانية ومع اللجنة الدولية للصليب الأحمر».

وأضاف أنّ الدولة اللبنانية تتعامل مع عماد أمهز على أساس أنّه مدني، وتعتبر أنّ «مكان توقيفه وظروفه وطبيعة احتجازه لا تندرج ضمن أي اشتباك عسكري أو عمل قتالي»، مشيراً إلى أنّ «هذا التوصيف هو الذي تعتمد عليه الدولة في مقاربتها للملف أمام الجهات الدولية».

تحرّك رئاسي في ملف الأسرى

وأوضح عواضة أنّ «هذا الملف بكامل تفاصيله طُرح خلال اللقاء مع رئيس الجمهورية، الذي أبدى قناعة تامة بأن أولوية المرحلة الحالية هي الإفراج عن الأسرى اللبنانيين»، مشيراً إلى أنّ «الرئيس شدد على ضرورة البدء على الأقل بالمدنيين الذين اعتُقلوا بعد الحرب، باعتبار أنّ الأعمال القتالية توقفت، ولم يعد هناك أي مبرر قانوني لاحتجازهم». ولفت إلى أنّ «رئيس الجمهورية تحرّك على هذا الأساس عبر التواصل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى جانب جهات دولية وأميركية».

موقف عائلة أمهز

في موازاة المواقف الرسمية، قالت أوساط عائلة عماد أمهز لـ«الشرق الأوسط»، إنّها تنفي علمها بأي نشاط عسكري منسوب إليه، مؤكدة أنّ «أمهز كان يمارس حياته المدنية بشكل طبيعي»، وأنّ العائلة «لم تُبلَّغ في أي وقت بوجود ارتباط له بأي عمل عسكري أو أمني». وأضافت أنّ «ما نُشر من تسجيلات أو معطيات لا يعبّر عن رواية العائلة».

أرقام الأسرى والمفقودين

وفي ما يتصل بتفاصيل الأرقام، قال عواضة «إنّ الملف المرفوع إلى رئيس الجمهورية يتضمّن 20 أسيراً لبنانياً، مؤكَّد وجودهم في السجون الإسرائيلية، نصفهم اعتُقلوا خلال الحرب ونصفهم بعدها». وأوضح أنّ «بين معتقلي الحرب سبعة مقاتلين وثلاثة مدنيين، من بينهم عماد أمهز الذي يُعدّ مدنياً، فيما المعتقلون بعد وقف النار جميعهم مدنيون، إضافة إلى ثلاثة مفقودين قبل الحرب ونحو 40 مفقوداً منذها.


عودة السكان إلى منازلهم تطغى على اجتماع الـ«ميكانيزم» في الناقورة

الرئيس جوزيف عون ملتقياً السفير سيمون كرم بعد مشاركته في اجتماع «الميكانيزم» (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس جوزيف عون ملتقياً السفير سيمون كرم بعد مشاركته في اجتماع «الميكانيزم» (الرئاسة اللبنانية)
TT

عودة السكان إلى منازلهم تطغى على اجتماع الـ«ميكانيزم» في الناقورة

الرئيس جوزيف عون ملتقياً السفير سيمون كرم بعد مشاركته في اجتماع «الميكانيزم» (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس جوزيف عون ملتقياً السفير سيمون كرم بعد مشاركته في اجتماع «الميكانيزم» (الرئاسة اللبنانية)

عقدت اللجنة التقنية العسكرية المكلفة مراقبة وقف النار بين إسرائيل ولبنان المعروفة بالـ«ميكانيزم» اجتماعها الخامس عشر، والثاني بمشاركة مدنيين. وكان لافتاً حديث البيان الصادر عنها حول «أهمية عودة السكان على جانبي الحدود إلى منازلهم»، وكان تأكيد من ممثلي لبنان وإسرائيل على مواصلة الجهود دعماً للاستقرار والتوصّل إلى وقف دائم للأعمال العدائية، بحسب البيان الصادر عن السفارة الأميركية في بيروت.

وكان قد انضم في أول محادثات مباشرة بين البلدين منذ عقود، مندوبان مدنيان لبناني وإسرائيلي، الشهر الحالي، إلى اجتماعات اللجنة التي تقودها الولايات المتحدة، ويشارك فيها ممثلون عن فرنسا وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل)

عون: عودة السكان مدخل للبحث بالتفاصيل

التقى الـرئيس اللبناني جوزيف عون مع رئيس الوفد اللبناني سيمون كرم، بعد الانتهاء من مشاركته في الاجتماع، حيث أكد عون «أولوية عودة سكان القرى الحدودية إلى قراهم ومنازلهم وأرضهم كمدخل للبحث بكل التفاصيل الأخرى، كما جرى خلال الاجتماع عرض مفصل لما أنجزه الجيش اللبناني بشكل موثق، وتم الاتفاق على السابع من يناير (كانون الثاني) 2026 موعداً للاجتماع المقبل.

مكتب نتنياهو: بحث تعزيز المشاريع الاقتصادية

بينما أشار بيان السفارة الأميركية إلى أن المشاركين ركزوا على تعزيز التعاون العسكري بين الجانبين، أعلن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن نائب رئيس مجلس الأمن القومي مثّل تل أبيب في اجتماع الناقورة للبحث في نزع سلاح «حزب الله»، لافتاً إلى أنه تم البحث في سبل تعزيز المشاريع الاقتصادية لإظهار المصلحة المشتركة في إزالة تهديد (حزب الله)، وضمان الأمن المستدام لسكان جانبي الحدود.

السفارة الأميركية: تأكيد على أن التقدم السياسي والاقتصادي ضروري

وفي بيان لها قالت السفارة الأميركية في بيروت، إن المشاركين العسكريين في اجتماع الـ«ميكانيزم» قدموا في الاجتماع «آخر المستجدات العملياتية، وركّزوا على تعزيز التعاون العسكري بين الجانبين من خلال إيجاد سبل لزيادة التنسيق. وأجمع المشاركون على أن تعزيز قدرات الجيش اللبناني، الضامن للأمن في قطاع جنوب الليطاني، أمر أساسي للنجاح».

وفي موازاة ذلك، ركّز المشاركون المدنيون، بحسب بيان السفارة، «على تهيئة الظروف للعودة الآمنة للسكان إلى منازلهم، ودفع جهود إعادة الإعمار، ومعالجة الأولويات الاقتصادية. وأكّدوا أن التقدّم السياسي والاقتصادي المستدام ضروري لتعزيز المكاسب الأمنية، وترسيخ سلام دائم».

ولفتت السفارة أيضاً، إلى تأكيد المشاركين مجدداً «أن التقدّم في المسارين الأمني والسياسي يظل متكاملاً، ويُعد أمراً ضرورياً لضمان الاستقرار والازدهار على المدى الطويل للطرفين، وهم يتطلَعون إلى الجولة المقبلة من الاجتماعات الدورية المقررة في عام 2026».

الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس وأعضاء وفد مجلس الأمن قُبيل لقائهم رئيس البرلمان نبيه بري بداية الشهر الحالي (إ.ب.أ)

وكانت السلطات اللبنانية قد وافقت، مطلع الشهر الحالي، على تسمية السفير السابق سيمون كرم ممثلاً مدنياً في اجتماعات اللجنة، في سياق «إبعاد شبح حرب ثانية» عن لبنان على ضوء تهديدات إسرائيل ومواصلتها شن غارات تقول إنها تطول أهدافاً تابعة لـ«حزب الله». وأكدت السلطات على الطابع التقني للتفاوض مع إسرائيل، بهدف وقف هجماتها، وسحب قواتها من مناطق تقدمت إليها خلال الحرب الأخيرة. ووصف «حزب الله» حينها تسمية مدني بأنها «سقطة» تضاف إلى «خطيئة» قرار الحكومة نزع سلاحه، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار. ويواجه لبنان ضغوطاً متصاعدة من الولايات المتحدة وإسرائيل لتسريع نزع سلاح «حزب الله»، بموجب خطة أقرتها الحكومة تطبيقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، ومن المفترض أن ينهي الجيش تطبيق المرحلة الأولى منها في المنطقة الحدودية الواقعة جنوب نهر الليطاني بحلول نهاية العام.