«جلسات القبة»... حكاية فنّ يوقظ المكان والذاكرة

فراس الحلاق يختبر الصوت ووسيم ناغي يرسم أفقاً معمارياً جديداً

«جلسات القبة»… الصدى جسر بين الماضي والحاضر (الصور من فراس الحلاق)
«جلسات القبة»… الصدى جسر بين الماضي والحاضر (الصور من فراس الحلاق)
TT

«جلسات القبة»... حكاية فنّ يوقظ المكان والذاكرة

«جلسات القبة»… الصدى جسر بين الماضي والحاضر (الصور من فراس الحلاق)
«جلسات القبة»… الصدى جسر بين الماضي والحاضر (الصور من فراس الحلاق)

في أمسية أثقلتها حرارة الصيف، تحوّل «مركز بيروت للفن» إلى فسحة للتأمُّل والإنصات العميق، حيث استضاف مشروع «جلسات القبة» القائم على اختبار العلاقة بين الصوت والحيّز، مُستلهماً الخصائص الفريدة لقبة «معرض رشيد كرامي» في طرابلس الشمالية؛ ذلك المبنى الضخم الذي لم يكتمل يوماً وظلّ لعقود رمزاً للفراغ المؤجَّل.

إصغاء إلى تجربة سمعية تستحضر ذاكرة القبة (الصور من فراس الحلاق)

القبة التي صمَّمها المعماري البرازيلي أوسكار نيماير عام 1962 ضمن خطة طَموحة لتنمية المدينة، لم تدخل في أيّ استخدام حقيقي. ومع اشتعال الحرب الأهلية، توقّفت أعمال بنائها، تاركة فضاء إسمنتياً عارياً من أيّ تجهيزات، لكنه منح نفسه صوتيّاً خاصية نادرة: صدى غامر يُضاعف أيّ همسة ويُحوّلها إلى حدث سمعي هائل.

منذ عام 2010، قرَّر الفنان والقيّم فراس الحلاق أن يجعل من هذه القبة المُهمَلة مختبراً فنّياً وذاكرة حيّة للمدينة. البداية كانت تجربة شخصية قوامها الفضول، سرعان ما تحوَّلت إلى مساحة مفتوحة للفنانين والموسيقيين والباحثين، فصار كلّ عمل يتشكل وفق خصائص المكان وصدى جدرانه. الجلسات التي توالت هناك اختزلت لقاء بين زمنين: الماضي المعلَّق والحاضر الباحث عن معنى، وجعلت من الفضاء المنسيّ ساحة لإعادة قراءة تراث معماري لم يكتمل ومساحة للتعاون والإبداع الجماعي.

الحلاق من اليمين يناقش مع وسيم ناغي إمكانات إحياء القبة فضاء ثقافياً (الصور من فراس الحلاق)

في بيروت، حيث أقيمت الجلسات الأخيرة، تواطأ الضوء الخافت والصمت على خلق مناخ من الترقُّب والحميمية. الغرباء الذين اجتمعوا في القاعة صاروا جزءاً من دائرة واحدة من الإنصات، بينما تتدفّق الأصوات بتبايُن: تارة هادئة مثل مرور نسائمي، وتارة مشوَّشة مثل ارتجاج بعيد؛ تستحضر في مخيّلة الحضور صدى القبة الطرابلسية، وإنْ غابت عن المكان. بين الفقرات الصوتية، دار نقاش بين الحلاق والمعماري وسيم ناغي حول مصير القبة وإمكان أن تُبعث من جديد مركزاً ثقافياً وفنّياً، من دون أن تفقد خصوصيتها المعمارية أو تغترب عن حياة المدينة.

عند انتهاء التجربة وعودة الأضواء، بقي الجمهور مأخوذاً بالأجواء، كأنهم تردّدوا في مغادرة اللحظة. الكلمات التي تبادلوها قليلة، أحياناً اكتفوا بالصمت، لكنّ الإحساس المشترك كان واضحاً: أنّ الإصغاء حين يُقرن بالمكان والذاكرة يصبح شكلاً من أشكال الاجتماع الإنساني العابر، لكنه العميق، رابطاً ما بين أفراد لم تجمعهم معرفة سابقة.

القبة التي لم تكتمل معمارياً... تكتمل بالصوت والذاكرة (الصور من فراس الحلاق)

يصف فراس الحلاق الدافع الأول، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «القبة غريبة في تناقضها؛ فهي غير مُكتملة معمارياً، لكنها مُكتملة من الناحية الصوتية. أيّ صوت فيها يتحوّل إلى تجربة حسّية مضخَّمة، وهذا التوتّر بين النقص العمراني والاكتمال السمعي هو ما جعلني مفتوناً بها». ويستعيد لحظة وقوفه تحتها للمرة الأولى: «أطلقتُ صوتاً قصيراً فارتدّ مُضاعَفاً بشكل مدهش، كأنه انفصل عني وصار مُلك الفضاء. تلك اللحظة بدَّلت نظرتي للفنّ. لم يعد الصوت مجرَّد أداة للتعبير، وإنما جسر وصل بيني وبين المعمار والتاريخ».

انطلقت «جلسات القبة» بمحاولات فردية متفرّقة، لكنها مع الوقت تحوّلت إلى عمل جماعي يُشارك فيه فنانون وباحثون، ليصبح المشروع مُختبراً لتبادل التجارب. في كلّ مرة، يتقاطع الصوت مع المكان ومع ذاكرة طرابلس المُعلّقة بين وعود لم تتحقّق وواقع يصرّ على البقاء. فالقبة رمز لمرحلة حداثية انكسرت، وكلّ تجربة تحتها تُحيي هذه الذاكرة، سواء تلك المعلنة في الخطاب الرسمي أو الكامنة في وجدان المدينة.

أصوات متدفّقة تحوّل الفضاء إلى موجة مشتركة من الإصغاء (الصور من فراس الحلاق)

التعاون مع وسيم ناغي و«مؤسّسة أوسكار نيماير» أضاف بُعداً آخر، إذ فتح المجال لرؤية القبة بكونها إمكانية مستقبلية وليست أثراً ميتاً. الفنّ هنا يتحالف مع المعمار ليُعيد تخيُّل فضاء عام حيّ، يمكن أن يدمج بين الأصوات والناس، بين الذاكرة والترميم، وبين الحلم والواقع.

القبة إمكانية مستقبلية وليست أثراً ميتاً (الصور من فراس الحلاق)

هكذا، تتجاوز «جلسات القبة» حصرها بتجربة فنّية عابرة، لتصبح مشروعاً يُعيد تعريف الصلة بين الصوت والمكان، ويحوِّل الإهمال إلى معنى جديد. إنها محاولة لإحياء فضاء عالق بين الماضي والحاضر، ومنحه حياة تُبنى على الإصغاء المُشترك، وعلى يقين بأنّ الفن قادر على أن يحوّل الصمت إلى مجتمع، والمبنى الناقص إلى ذاكرة متجدّدة.


مقالات ذات صلة

«أسبوع الرياض الموسيقي» يحتفي بالمواهب الإبداعية في الفضاءات العامة

يوميات الشرق يُقدم «أسبوع الرياض الموسيقي» سلسلة فعاليات وعروضاً موسيقية متنوعة في الفضاءات العامة (الشرق الأوسط)

«أسبوع الرياض الموسيقي» يحتفي بالمواهب الإبداعية في الفضاءات العامة

يُقدم «أسبوع الرياض الموسيقي» سلسلة فعاليات Fringe وعروضاً موسيقية متنوعة في الفضاءات العامة خلال الفترة من 7 إلى 10 ديسمبر

يوميات الشرق شعار مسابقة الأغنية الأوروبية 2025 يظهر على لافتة (د.ب.أ)

مع التصويت على مشاركة إسرائيل... مسابقة «يوروفيجن» تواجه اختباراً كبيراً

تواجه مسابقة الأغنية الأوروبية «لحظة فاصلة» يوم الخميس عندما يصوت أعضاء الهيئة المنظمة للمسابقة على ما إذا كان بإمكان إسرائيل المنافسة في نسخة العام المقبل.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (جنيف)
«ذا فويس 6» والمدرّبون ناصيف زيتون وأحمد سعد ورحمة رياض (إنستغرام)

مدرّبو «ذا فويس»: الموسم السادس يحمل مواهب استثنائية

كانت لـ«الشرق الأوسط» لقاءات مع المدرّبين الثلاثة خلال تسجيل إحدى حلقات الموسم السادس، فأبدوا رأيهم في التجربة التي يخوضونها...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق فكرة عقد المؤتمر جاءت استجابة لاحتياجات المشهدين الفني والبحثي في العالم العربي (هيئة الترفيه)

أول مؤتمر للموسيقى العربية في الرياض يوصي بتوثيق وصون التراث الشرقي

أوصى أول مؤتمر للموسيقى العربية عُقد في الرياض بأهمية تنفيذ مشروع عربي شامل، لتوثيق المقامات والإيقاعات والآلات الموسيقية، وفق منهجيات علمية دقيقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الوتر السادس مصطفى الجارحي: أغنياتي مُحمّلة بطاقات شعرية لا تخضع لحسابات السوق

مصطفى الجارحي: أغنياتي مُحمّلة بطاقات شعرية لا تخضع لحسابات السوق

كان لأغنيات الشاعر مصطفى الجارحي التي لحنها وغناها الفنان مصطفى رزق، مطرب الجاز المصري، حضور كبير في النسيج الدرامي لمسلسل «ولاد الشمس».

حمدي عابدين (القاهرة)

مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
TT

مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)

شهدت مدينة منيابوليس، كبرى مدن ولاية مينيسوتا الأميركية، انخفاضاً لافتاً في درجات الحرارة الشهر الماضي، حتى باتت، لبرهة، أبرد من كوكب المريخ نفسه.

وأوضح خبير الأرصاد الجوية في «أكيو ويذر»، برايان لادا، أن موجة صقيع ضربت المدينة في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، دفعت درجات الحرارة للانخفاض بمقدار 10 درجات تحت المعدل التاريخي. وسجَّلت المدينة درجات حرارة عظمى تراوحت بين 20 و30 درجة فهرنهايت، في أبرد فترة تمرُّ بها منذ فبراير (شباط) الماضي، لسكانها البالغ عددهم نحو 430 ألف نسمة.

وفي المقابل، وعلى بُعد نحو 225 مليون ميل، رصدت مركبة «كيوريوسيتي» التابعة لـ«ناسا» درجات حرارة نهارية بلغت نحو 30 درجة فهرنهايت على سطح الكوكب الأحمر، وفق «الإندبندنت». وفي حين هبطت درجات الحرارة ليلاً في منيابوليس إلى ما بين العشرينات والمراهقات (فهرنهايت)، فإنها سجَّلت على المريخ درجات حرارة قاربت 100 درجة تحت الصفر. وقال لادا إنّ ذلك «تذكير بأنه رغم تقارب درجات الحرارة النهارية أحياناً، فإنّ الكوكب الأحمر يظلّ عالماً مختلفاً تماماً».

ولكن، لماذا يكون المريخ بارداً إلى هذا الحد؟ الإجابة البديهية هي أنه في الفضاء، وهو كذلك أبعد عن الشمس من الأرض، فضلاً عن أنّ غلافه الجوّي الرقيق لا يحتفظ بالحرارة بكفاءة، وفق «ناسا».

فالأرض تدور على بُعد 93 مليون ميل من الشمس، في حين يقع المريخ على بُعد نحو 142 مليون ميل. كما أنّ غلافه الجوّي لا يُشكّل سوى نحو 1 في المائة من كثافة الغلاف الجوّي للأرض عند السطح، وفق «مرصد الأرض» التابع للوكالة. وهذا يعني أنّ درجة الحرارة على المريخ يمكن أن تنخفض إلى 225 درجة فهرنهايت تحت الصفر، وهي درجة قاتلة. فالبشر قد يتجمّدون حتى في درجات حرارة أعلى من 32 فهرنهايت، وهي درجة تجمُّد الماء. وأشار لادا إلى أنّ غياب بخار الماء في الغلاف الجوّي للمريخ يُسرّع فقدان الحرارة فور غروب الشمس.

لكن ذلك لا يعني غياب الطقس على الكوكب الأحمر. ففي بعض الجوانب، يتشابه طقس المريخ مع طقس الأرض، إذ يشهد كلاهما فصولاً ورياحاً قوية وسحباً وعواصف كهربائية. وتتكوَّن سحب المريخ على الأرجح من بلورات جليد الماء، لكنها لا تدرّ مطراً بسبب البرودة القاسية. وقال علماء «ناسا»: «إنّ الهطول على الأرجح يتّخذ شكل الصقيع. فسطح المريخ يكون عادة أبرد من الهواء، خصوصاً في الليالي الباردة الصافية، مما يجعل الهواء الملامس للسطح يبرد وتتجمَّد الرطوبة عليه». وقد رصدت مركبة «فايكينغ 2» هذا الصقيع على السطح في بعض الصباحات خلال سبعينات القرن الماضي.

وتُواصل مركبة «كيوريوسيتي» تتبُّع الطقس المريخي منذ وصولها إلى فوهة غيل عام 2012، وهي تقع في نصف الكرة الجنوبي قرب خطّ الاستواء. وفي الأول من ديسمبر (كانون الأول)، سجَّلت المركبة درجة حرارة عظمى بلغت 25 درجة فهرنهايت، بينما هبطت الصغرى إلى 96 درجة تحت الصفر.


أصغر تمثال في التاريخ... فنان بريطاني يصنع عملاً بحجم خلية دم

الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
TT

أصغر تمثال في التاريخ... فنان بريطاني يصنع عملاً بحجم خلية دم

الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)

قال فنان متخصّص في الأعمال الميكروسكوبية إنه حطَّم رقمه القياسي العالمي السابق بعد ابتكار أصغر تمثال مصنوع يدوياً في التاريخ.

ووفق «بي سي سي»، أوضح ديفيد أ. ليندون، من مدينة بورنموث في مقاطعة دورست البريطانية، أنّ عمله الأخير الذي أطلق عليه «الوجه الأصفر المبتسم» هو «غير مرئي للعين البشرية»، إذ لا تتجاوز أبعاده 11.037 ميكرون طولاً و12.330 ميكرون عرضاً.

وأشار ليندون إلى أنّ عمله الفنّي «يعيش» فوق طابع بريد من الدرجة الأولى، على نقطة دقيقة جداً موضوعة فوق صورة عين الملكة الراحلة.

ونجح العمل في تحطيم الرقم القياسي السابق للفنان نفسه لأصغر تمثال مصنوع يدوياً، وهو «قطعة الليغو».

ويُعرَف ليندون، الحاصل على 12 رقماً في «موسوعة غينيس»، بأعماله الفنّية شديدة الصغر، من بينها 3 نسخ ميكروسكوبية من لوحات فان غوخ الشهيرة، نفَّذها داخل آلية ساعة، وبيعت مقابل 90 ألف جنيه إسترليني. أما «قطعة الليغو الحمراء» فبلغت أبعادها 0.02517 ملم طولاً و0.02184 ملم عرضاً.

في مساحة بحجم ذرّة يصنع الفنان عالماً كاملاً (ديفيد أ. ليندون)

وقال الفنان: «قطعة الوجه الأصفر المبتسم تُعادل نصف حجم (قطعة الليغو الحمراء)، التي كانت بدورها أصغر بـ4 مرات من الرقم القياسي السابق». وأوضح أنّ حجم العمل الجديد يُعادل حجم خلية دم بشرية، أو جراثيم العفن، أو البكتيريا، أو بودرة التلك، أو قطرة ضباب.

ومن أعماله الأخرى مجسَّمات مجهرية لحيوانات دقيقة يصنعها داخل ثقب الإبرة، بدءاً من الحوت الأزرق وصولاً إلى فراشة الطاووس الرقيقة. وأضاف مازحاً: «ربما أكون قد فقدتُ عقلي تماماً».

ويجري تثبيت الطابع الذي يحمل «الوجه الأصفر المبتسم» على برج زجاجي داخل صندوق زجاجي مُحكَم الإغلاق. وأعرب ليندون عن امتنانه للدكتورة سارة إليوت وجاك روز من جامعة بورنموث على قياس العمل الجديد، واعتماده على هيئة رقم قياسي عالمي.


ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
TT

ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)

أصدر النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو تحذيراً للممثلين الشباب، موضحاً سبب رفضه عروضاً ضخمة في بداية مسيرته الفنية الحافلة.

وأكد دي كابريو، البالغ من العمر 51 عاماً، أن الإفراط في الظهور قد يضر بالممثل الطموح الذي يتطلع إلى النجاح في هوليوود، وفقاً لشبكة «فوكس نيوز».

وقال نجم فيلم «تايتانيك»: «أكثر ما يمكنني قوله هو إنه إذا كنت تحب هذه المهنة، إذا كنت تحب التمثيل، فعليك أن تدرك أنها أشبه بماراثون، وليست سباقاً قصيراً».

وأضاف: «هذا لا يعني أن هذه كلها خيارات مصيرية. لا تجرّبوا شيئاً تجارياً. لا تفعلوا هذا مبكراً جداً.. يتعلق الأمر بفكرة النظر إلى مسيرتكم المهنية بعد 20، 30، 40، 50 عاماً من الآن، ووضع هذه العناصر معاً لضمان استمراريتها».

وتابع: «ربما يكون الإفراط في التعرض مضراً... أعتقد، إن لم يكن هناك أي شيء، أنني كنتُ أملك حدساً مبكراً بشأن الإفراط في التعرض. صحيحٌ أن ذلك كان زمناً مختلفاً. كان زمناً شاهدتُ فيه ممثلين اختفوا عن الأنظار، ولم نكن نعرف الكثير عنهم. أما الآن، فقد اختلف الأمر كثيراً مع وسائل التواصل الاجتماعي. لكنني لم أتمكن من معرفة الكثير عنهم إلا ما رأيته على الشاشة».

أشار دي كابريو إلى أن الزمن تغير بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، لكن مشاهدة ممثلين آخرين يبنون ببطء أعمالاً قوية أثّرت على قراراته المهنية.

وشرح: «رأيتهم يبنون أعمالاً رائعة مع مرور الوقت. لم أُغمر بفيضٍ هائل من أفلامهم في عام أو عامين. هذا لا يعني أنه لا يجب عليك قبول العمل عندما يُعرض عليك، ولكن الفكرة هي توزيعه، أو ربما مجرد اختيار الأفلام التي تضم شخصيات ثانوية رائعة ومثيرة للاهتمام وتترك بصمتك في هذا المجال».

اشتهر دي كابريو برفضه دوراً في فيلم «هوكس بوكس»، وهو أعلى أجر كان سيحصل عليه آنذاك. وبدلاً من ذلك، قبل دور «ما الذي يزعج جيلبرت جريب»، الذي نال عنه أول ترشيح لجائزة الأوسكار. وصرح الممثل أن نقطة التحول في مسيرته كانت فيلم «تايتانيك»، الذي مكّنه من اختيار أفلامه بنفسه.

وأوضح: «كنت محظوظاً جداً في البداية. وكما ذكرتُ مع فيلم (تايتانيك)، كانت تلك نقطة التحول الحقيقية، عندما أتيحت لي فرصة اختيار أفلامي بنفسي. ولكن حتى ذلك الحين، كنتُ أشارك في العديد من الأفلام المستقلة. كنتُ أختار الشخصية التي أجدها الأكثر إثارة للاهتمام، والتي أستمتع بها».