​​لبنان: محاذير تواكب استراتيجية الحكومة لاستعادة الانتظام المالي

الموازنة العامة «الرقمية» للعام المقبل ترتفع إلى 6 مليارات دولار

مقر وزارة المالية اللبنانية (الوكالة الوطنية للإعلام)
مقر وزارة المالية اللبنانية (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

​​لبنان: محاذير تواكب استراتيجية الحكومة لاستعادة الانتظام المالي

مقر وزارة المالية اللبنانية (الوكالة الوطنية للإعلام)
مقر وزارة المالية اللبنانية (الوكالة الوطنية للإعلام)

تنهمك الإدارات المختصة في وزارة المال اللبنانية على استخلاص القوائم النهائية للإنفاق العام والإيرادات المرتقبة، بغية إنجاز الصياغة المكتملة لمشروع قانون الموازنة العامة للعام المقبل بحلول نهاية الشهر الحالي، تمهيداً لإدراجه على جدول أعمال مجلس الوزراء لإقراره وإحالته إلى مجلس النواب ضمن المهل الدستورية، واستهداف تشريعه خلال الدورة الخريفية.

ويتوقّع مسؤول مالي معني في اتصال مع «الشرق الأوسط»، تسجيل زيادة وازنة ومتساوية في المصروفات والموارد برقم إجمالي يصل إلى 6 مليارات دولار، أي بزيادة تناهز المليار دولار عن موازنة العام الحالي التي تم إقرارها بمرسوم حكومي بسبب نفاد مهلة التشريع، جراء الصعوبات الناشئة عن تبعات الحرب خلال الخريف الماضي، وانصراف الهيئة العامة لمجلس النواب إلى مواكبة استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية، ومن ثم تشكيل الحكومة الجديدة.

البرلمان اللبناني منعقداً في جلسة عامة (إعلام مجلس النواب

وتتوخى الزيادات الرقمية والقائمة على تجنّب تسجيل أي عجز، وتعزيز الفوائض الأولية في حسابات الخزينة، تخصيص مبالغ إضافية لتعزيز الإنفاق الاستثماري وتحسين مخصصات القطاع العام، مقابل الحرص على عدم فرض أي ضرائب جديدة، واستبدالها بواسطة تحسين الجباية ومكافحة التهرّب الضريبي والتهريب والأنشطة الاقتصادية غير الشرعية، مما يحرم الخزينة من موارد تصل إلى 5 مليارات دولار سنوياً. فضلاً عن الموارد الإضافية المتأتية عن توسيع شبكة المكلفين، والضبط المحكم لإيرادات الجمارك، ربطاً بتشغيل أجهزة كشف (سكانر) متطورة.

لكن، وانسجاماً مع الحرص الشديد على تكريس معادلة «لا مصروفات جديدة من دون إيرادات مقابلة»، يرتقب إقدام وزارة المال على تضمين التعديلات الضريبية، مادة تقضي بتشريع إعادة تفعيل الضريبة المقطوعة على استهلاك المحروقات، التي يجري توجيه حصيلتها إلى تغطية المنح المالية للعسكريين العاملين والمتقاعدين، ويستمر صرفها شهرياً، رغم تعليق سريانها بقرار صادر عن «مجلس شورى الدولة».

مجلس الوزراء مجتمعاً لدراسة مشروعات قوانين الإصلاح المالي (رئاسة الحكومة اللبنانية)

ورغم التوازن الشكلي الذي ستتضمنه أرقام الموازنة في جانبي الإنفاق والواردات، فإن الاستمرار بإغفال البند الحيوي المتعلق باستحقاقات الدين العام، خصوصاً موجبات سندات الدين الدولية (اليوروبوندز)، يعكس، حسب مصادر قانونية ومصرفية، استمرار التردّد والتباطؤ من قبل المرجعية المالية والسلطة التنفيذية، في تحديد استراتيجية التصدي للنواة الصلبة التي أودت إلى انفجار الأزمات البنيوية العاصفة بركائز الاقتصاد والنقد والقطاع المالي، والتي تشرف على ختام عامها السادس، على التوالي.

وتعوّل وزارة المال، على تحقيق تقدم خلال الشهرين المقبلين في إنجاز الصيغة النهائية لمشروع قانون إعادة الانتظام المالي (الفجوة)، بعد استحصال اللجنة الوزارية التي يرأسها رئيس الحكومة نوّاف سلام على قاعدة البيانات الإحصائية (الداتا) من قبل حاكمية «البنك المركزي»، ما يمكنها من تحديد الإطارات القانونية والعملانية التي سيجري اعتمادها وتشريعها لمعالجة مجمل الأزمات المالية والنقدية، وبما يشمل مشكلة الدين العام ومساهمة الدولة في إعادة التوازن إلى ميزانية «مصرف لبنان»، والمتضمنة أيضاً ديوناً وتمويلاً لصالح القطاع العام.

مصرف لبنان (الشرق الأوسط)

وبالتوازي، تعكف وزارة المال على إعداد الإطار المالي متوسط الأجل (MTFF)، عن الفترة الممتدة حتى عام 2029 الذي سيشكل أداة رئيسية لترجمة استراتيجيات الإصلاح وفق مسار مالي مستدام، يضمن الاستخدام الأمثل للموارد وتوجيهها نحو الأولويات الوطنية. وهو ما يشكل المسار القانوني والتشريعي للإصلاحات المالية الهيكلية المنشودة والمطلوبة من قبل المؤسسات المالية الدولية.

ويأخذ هذا الإطار في الاعتبار، حسب إبلاغ وزير المال ياسين جابر للوزارات كافة ولمؤسسات القطاع العام، السياق الاقتصادي الكلي من حيث خطط النمو، وتوقعات التضخم، ومسار ميزان المدفوعات المرتقب، والسياسات النقدية المرجوة، لا سيما فيما يخص سعر الصرف. كما يسعى إلى تنسيق السياسات المالية والخطط الإصلاحية البنيوية، واستراتيجيات القطاعات الإنمائية في سبيل تحقيق التعافي وتعزيز النمو، وخلق فرص العمل، وتحسين سبل العيش.

ويؤمل أن تجيب هذه التوجهات في حال تسريع وتيرة إقرارها تنفيذياً وتشريعياً، وفق مصادر مالية متابعة، على حقيقة تعاظم «الخيبة» في أوساط مجتمع الأعمال اللبناني، من طول المراوحة في حال «عدم اليقين»، وتمديد زمن «الفترة الانتقالية» لإنضاج المعالجات والحلول الاقتصادية، طبقاً لمندرجات الخطاب الرئاسي وبيان الثقة الحكومي، ولا سيما مع اقتراب استحقاق الانتخابات النيابية بمواعيدها المحدّدة في الربيع المقبل، وما يليها تلقائياً من الاستقالة الحكمية للحكومة القائمة وتأليف خليفتها، مما يفرض تلقائياً التأجيل الإضافي لاستحقاقات داهمة وحيوية.

وزير المال اللبناني ياسين جابر (الوكالة الوطنية للإعلام)

وتركز الشكاوى غير الخفية، التي يتم طرحها مع كبار المسؤولين، على المحاذير القابلة للتحول إلى مخاطر جدية، جراء التمّهل الحكومي المشهود في الإفصاح عن استراتيجية استعادة الانتظام المالي، والتحديد النهائي للفجوة المالية التي تشكل نواة الأزمات البنيوية التي يعانيها الاقتصاد والمالية العامة، نظير انهماكها الإيجابي في مقاربة مشكلات سياسية مزمنة ومستعصية، وفي مقدمتها قرار «حصرية السلاح»، والمؤثر حكماً في مجمل الملفات السيادية والمالية والاقتصادية، وفي إعادة هيكلة حضور الدولة وهيبتها في سائر المهام والمسؤوليات.

وثمة خشية ظاهرة في الأوساط الاقتصادية والمالية، من تمديد زمني إضافي يوجب تأجيل صياغة مشروع القانون الارتكازي الذي يحدّد الرقم النهائي لهذه الفجوة المستقرة على تقديرات الحكومة السابقة برقم يتعدّى 73 مليار دولار، تضاف إليه نحو 11 مليار دولار بحصيلة مادية لخسائر الحرب الأخيرة.

11 مليار دولار أميركي التكلفة المقدرة لإعادة الإعمار (أرشيفية - أ.ب)

ويفترض أن يقود هذا التشريع حال إقراره، وحسب مسؤول مالي معني، إلى تبيان سبل معالجة الفجوة المالية، والوصف النهائي لماهيتها بين ديون قابلة للسداد وفقاً لبرنامج يراعي التدفقات النقدية لدى الجهات المعنية، أو خسائر محققة، توجب إعداد مخطّط مرفق يتضمن التوزيع المقترح للأحمال والمسؤوليات بين رباعي الدولة و«البنك المركزي» والجهاز المصرفي والمودعين. في حين سيكفل القانون عينه، بدء تطبيق مندرجات التشريع الناجز لإصلاح أوضاع المصارف، الذي تم إقراره من قبل مجلس النواب بنهاية شهر يوليو (تموز) الماضي، وتضمينه مواد تقضي بتعليق تنفيذ بنود أساسية إلى حين إقرار ونشر قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع.


مقالات ذات صلة

لبنان: «قانون الودائع» يضاعف الهواجس من الالتزام بالتمويل

المشرق العربي لبنانية تعتصم أمام مبنى «جمعية المصارف» في بيروت بعد الأزمة المعيشية في 2019 (أرشيفية - أ.ب)

لبنان: «قانون الودائع» يضاعف الهواجس من الالتزام بالتمويل

أثار مشروع قانون «الاستقرار المالي واسترداد الودائع»، الذي أقرته الحكومة اللبنانية، الجمعة، موجة من الهواجس التي ترافق إحالته المرتقبة إلى البرلمان

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

اعتداءات «متزامنة» من إسرائيل وسكان محليين على «اليونيفيل» في جنوب لبنان

تعرّضت قوات حفظ السلام الأممية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، لاعتداءين منفصلين خلال 24 ساعة، أحدهما من إسرائيل، والآخر من سكان لبنانيين محليين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دورية للجيش اللبناني في موقع استهداف إسرائيلي لسيارة في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

لبنان يواكب قمة ترمب - نتنياهو والعين على ابتعاد شبح الحرب

تحظى القمة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، المنعقدة في 29 الحالي في فلوريدا، باهتمام لبناني.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)

لبنان «يدير المخاطر» وسط تهديدات إسرائيلية وغياب الضمانات

يتحرّك لبنان سياسياً في التعامل مع التهديدات الإسرائيلية، ضمن هامش ضيّق ترسمه توازنات خارجية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رويترز)

الحكومة اللبنانية تقرّ مشروع قانون «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات

أقرت الحكومة اللبنانية، الجمعة، مشروع قانون استرداد الودائع المالية المجمدة في المصارف منذ عام 2019، وسط انقسام بالتصويت داخل مجلس الوزراء

«الشرق الأوسط» (بيروت)

السعودية ضمن أكبر 10 دول مستثمرة في تونس بأكثر من 375 مليون دولار 

بندر الخريف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي خلال كلمته في ملتقى الأعمال بالرياض (الشرق الأوسط)
بندر الخريف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي خلال كلمته في ملتقى الأعمال بالرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية ضمن أكبر 10 دول مستثمرة في تونس بأكثر من 375 مليون دولار 

بندر الخريف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي خلال كلمته في ملتقى الأعمال بالرياض (الشرق الأوسط)
بندر الخريف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي خلال كلمته في ملتقى الأعمال بالرياض (الشرق الأوسط)

شهدت الاستثمارات السعودية في تونس نمواً متنامياً خلال الأعوام الأخيرة؛ حيث تعد المملكة ضمن أكبر 10 دول مستثمرة، بإجمالي يتجاوز 375 مليون دولار بنهاية عام 2024.

جاءت هذه المعلومات خلال ملتقى الأعمال السعودي التونسي، الذي عُقد في الرياض، الاثنين، على هامش الدورة الثانية عشرة للجنة السعودية التونسية المشتركة؛ وذلك لمناقشة فرص تعزيز الشراكات الاستثمارية بين البلدين، بحضور وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر بن إبراهيم الخريف، ووزير الاقتصاد والتخطيط في الجمهورية التونسية الدكتور سمير عبد الحفيظ.

ويأتي انعقاد الملتقى بتنظيمٍ من وزارة الصناعة والثروة المعدنية بالتعاون مع وزارة الاستثمار واتحاد الغرف السعودية، وبمشاركة وفود رسمية وأكثر من 300 ممثلٍ للقطاعين الحكومي والخاص من الجانبين.

الزيارات المتبادلة

وفي كلمته الافتتاحية لأعمال الملتقى، أكّد الوزير الخريف على متانة العلاقات السعودية التونسية الراسخة التي تستمد عمقها التاريخي من الرؤى السديدة لقيادتي البلدين، والزيارات المتبادلة رفيعة المستوى التي شكّلت حجر الزاوية في دعم الحراك الاقتصادي والنمو الملموس في حجم التبادل التجاري مؤخراً، مشيراً إلى أن ملتقى الأعمال السعودي التونسي يشكّل محطة مهمة لتعزيز الشراكات الاستثمارية بين البلدين الشقيقين، وتحويل الفرص الواعدة إلى مشروعات ذات أثرٍ ملموس.

وأضاف: «نراهن اليوم على المستثمرين ورجال الأعمال وقادة القطاع الخاص في البلدين لقيادة قاطرة النمو في قطاعاتٍ واعدة، تشمل الصناعات المتقدمة، والسياحة، والطاقة المتجددة، والثروة المعدنية، فدورنا كحكومات هو التمكين والتشريع وتيسير الإجراءات، ودور القطاع الخاص يتمثّل في البناء والابتكار وتحويل هذه الممكنات إلى مشروعات منتجة وفرص عمل، وقصص نجاح مشتركة تعكس جدوى الشراكة وعمقها، نحو تكامل اقتصادي شامل بالاستفادة من المزايا التنافسية لكلا البلدين».

المقومات الاستثمارية

من جانبه، نوه وزير الاقتصاد والتخطيط التونسي الدكتور سمير عبد الحفيظ بأن ملتقى الأعمال السعودي التونسي يمثل منصة عملية لتعزيز الشراكات الاستثمارية بين البلدين، مشيراً إلى تنامي الاستثمارات السعودية في تونس خلال الأعوام الأخيرة، حيث تعد المملكة ضمن أكبر 10 دول مستثمرة، بإجمالي حجم استثمارات يتجاوز 375 مليون دولار بنهاية عام 2024.

ولفت عبد الحفيظ إلى امتلاك بلاده مقومات استثمارية تنافسية، تشمل وفرة الكفاءات الهندسية والتقنية، وقدرتها على استيعاب المشروعات الكبرى، لا سيما في قطاعات الطاقات المتجددة، وصناعة مكونات السيارات والطائرات، والصناعات الدوائية، والصناعات الغذائية.

سلاسل الإمداد

وفي سياق متصل، أشار رئيس مجلس الأعمال السعودي التونسي الدكتور عمر العجاجي إلى أهمية دور القطاع الخاص في تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، مبيناً أن الملتقى يلعب دوراً مهماً في تمكين مجتمعي الأعمال من استكشاف الفرص الواعدة في البلدين، وفتح آفاق أوسع للتكامل في القطاعات الواعدة، خاصة في الصناعة والتقنية وسلاسل الإمداد.

وخلال مشاركته بكلمة في الملتقى، لفت رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية الدكتور سمير ماجول إلى ضرورة تهيئة البيئة التنظيمية المحفزة للاستثمارات، وبناء شراكات استراتيجية مستدامة تسهم في زيادة التبادل التجاري والاستثماري بين المملكة والجمهورية التونسية.

ويعكس ملتقى الأعمال السعودي التونسي، الرؤى المشتركة للبلدين في بناء شراكات استثمارية فاعلة تفتح آفاقاً أوسع للتعاون والتكامل الاقتصادي، وتسهم في تنمية التجارة البينية، بما يتماشى مع مستهدفات «رؤية السعودية 2030»، ويحقق مستهدفات التنمية الشاملة والمستدامة لكلا البلدين.


«يو بي إس» يرفع توقعاته للذهب إلى 5000 دولار للأونصة في 2026

عُقود ذهبية معروضة داخل صالة مجوهرات في مومباي بالهند (رويترز)
عُقود ذهبية معروضة داخل صالة مجوهرات في مومباي بالهند (رويترز)
TT

«يو بي إس» يرفع توقعاته للذهب إلى 5000 دولار للأونصة في 2026

عُقود ذهبية معروضة داخل صالة مجوهرات في مومباي بالهند (رويترز)
عُقود ذهبية معروضة داخل صالة مجوهرات في مومباي بالهند (رويترز)

رفع بنك «يو بي إس»، يوم الاثنين، توقعاته المستهدفة لأسعار الذهب، مرجّحاً أن يبلغ المعدن الأصفر مستوى 5000 دولار للأونصة، خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2026، قبل أن يتراجع، بشكل طفيف، إلى نحو 4800 دولار للأونصة مع نهاية العام نفسه، مقارنةً بتوقعاته السابقة التي كانت تشير إلى مستوى 4300 دولار للأونصة.

وأوضح البنك أن الطلب على الذهب يُتوقع أن يواصل ارتفاعه بشكل مطّرد حتى عام 2026، مدعوماً بانخفاض العوائد الحقيقية، واستمرار القلق حيال آفاق الاقتصاد العالمي، إضافةً إلى الغموض المتزايد الذي يكتنف المشهدين السياسي والمالي في الولايات المتحدة، ولا سيما في ظل اقتراب انتخابات التجديد النصفي وتصاعد الضغوط على المالية العامة.

وفي مذكرة بحثية، أشار بنك «يو بي إس» إلى أن تفاقم المخاطر السياسية أو المالية قد يدفع أسعار الذهب إلى مستويات أعلى، مرجّحاً إمكانية وصولها إلى 5400 دولار للأونصة، مقارنةً بتقدير سابق عند 4900 دولار، ما يعكس الدور المتنامي للذهب كأداة تحوط رئيسية في بيئة تتسم بارتفاع عدم اليقين.

وارتفع سعر الذهب بنحو 72 في المائة منذ بداية العام، مدعوماً بمزيج من العوامل شمل تحوّل السياسة النقدية الأميركية نحو مزيد من المرونة، وتراجع الدولار، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، إلى جانب مشتريات قوية ومتواصلة من البنوك المركزية.


«جيه إل إل»: نمو متسارع في الرياض بمشاريع بيانات 6 غيغاواط وإنشاءات بـ100 مليار دولار

جانب من العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
TT

«جيه إل إل»: نمو متسارع في الرياض بمشاريع بيانات 6 غيغاواط وإنشاءات بـ100 مليار دولار

جانب من العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

تشهد العاصمة السعودية الرياض نمواً متسارعاً مدفوعاً باستثمارات كبرى تشمل مخططات لإنشاء مركز بيانات بقدرة تصل إلى 6 غيغاواط، إلى جانب سوق إنشاءات تُقدّر قيمته بنحو 100 مليار دولار، حسب شركة «جيه إل إل» الاستشارية. وتأتي هذه التطورات في إطار التحول الهيكلي الذي تشهده السوق العقارية، مدعوماً بتنفيذ برامج «رؤية 2030» وتنوع الفرص عبر مختلف القطاعات.

وجاء ذلك خلال الفعالية السنوية التي نظّمتها «جيه إل إل»، حيث ناقش قادة القطاع المشهد الاقتصادي الكلي للمدينة وأبرز التوجهات المؤثرة في القطاعات العقارية، بما يشمل المساحات المكتبية والوحدات السكنية والتجزئة والضيافة، بالإضافة إلى القطاعات الناشئة مثل بنية الذكاء الاصطناعي والتنمية الموجّهة نحو دعم النقل العام.

وقال المدير الإقليمي، رئيس أسواق المال في «جيه إل إل» بالسعودية، سعود السليماني، إن الرياض تتصدّر جهود تحقيق «رؤية 2030» بما توفره من فرص استثنائية وغير مسبوقة للمستثمرين والمطورين، في ظل استمرار الحكومة في تحديث الأولويات الوطنية وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص. وأوضح أن الإصلاحات التنظيمية، ومنها رسوم الأراضي البيضاء وتجميد زيادة الإيجارات، تهدف إلى ترسيخ استقرار السوق، مما يدفع نحو تركيز أكبر على تطوير أصول عالية الجودة، في وقت تُسهم فيه التغيرات في تكاليف البناء بإعادة رسم ملامح السوق وتسريع وتيرة التطوير.

وسلّطت الفعالية الضوء على الأثر الكبير لمشاريع البنية التحتية، حيث استعرضت رئيسة قسم الاستشارات في «جيه إل إل» لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، ميراي عزّام فيدجن، ملامح ثورة النقل، مشيرة إلى أن مترو الرياض، باستثمارات بلغت 25 مليار دولار، يمتد على طول 176 كيلومتراً عبر 6 خطوط و84 محطة، موفراً تغطية جغرافية واسعة. وبيّنت أن هذا المشروع يفتح آفاقاً واسعة أمام التنمية الموجّهة نحو دعم النقل العام، مع إمكانية تحقيق علاوات سعرية للعقارات القريبة من مراكز النقل، بدعم من الحوافز التنظيمية، بما يُسهم في تحسين جودة الحياة وتعزيز نموذج «مدينة الخمس عشرة دقيقة».

وفي سياق متصل، ناقشت الفعالية النمو المتسارع لقطاع بنية الذكاء الاصطناعي؛ إذ أشار الرئيس التنفيذي للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات في «جيه إل إل»، غوراف ماثور، إلى أن السعودية تخطط لإنشاء مركز بيانات بقدرة تصل إلى 6 غيغاواط، مما يعزّز مكانة تخطيط الأراضي والطاقة بوصفها ركيزة للبنية التحتية الوطنية. ويُنظر إلى هذا التوسع بوصفه محفزاً اقتصادياً يدعم نمو قطاعات متعددة، من بينها الخدمات اللوجيستية والمكاتب والضيافة والوحدات السكنية، ويعزّز موقع المملكة بوصفه مركزاً إقليمياً للحوسبة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.

من جهته، أوضح رئيس خدمات المشاريع والتطوير في «جيه إل إل» بالسعودية، مارون ديب، أن سوق الإنشاءات في المملكة تتمتع بمحفظة مشاريع مستقبلية كبيرة، حيث قُدّرت قيمة القطاع بنحو 100 مليار دولار في عام 2025، مع توقعات بنمو سنوي يبلغ 5.4 في المائة حتى عام 2029. وأشار إلى أن القطاع يتعامل بمرونة مع تحديات العمالة وتكاليف المواد وسلاسل التوريد، مستفيداً من نمذجة معلومات البناء لرفع الكفاءة، مع الحفاظ على نظرة مستقبلية إيجابية، خصوصاً في الرياض، بدعم من مشاريع كبرى وفعاليات عالمية وإصلاحات تشريعية وشراكات مع القطاع الخاص.

وأكدت «جيه إل إل» أن الاستثمارات الاستراتيجية في البنية التحتية والتقنيات المتقدمة، إلى جانب الأطر التنظيمية الداعمة والتركيز على الابتكار والاستدامة، ترسم مساراً يعزّز مكانة الرياض بوصفه مركزاً عالمياً للتطوير العقاري ووجهة جاذبة لرؤوس الأموال العالمية، بما يمهد لمرحلة جديدة من النمو المتسارع والفرص الاستثمارية الواسعة.