عودة الانتقادات لـ«البكالوريا» كبديل للثانوية العامة في مصر

رغم نفي «التعليم» إجبار الطلاب على النظام الجديد

نظام البكالوريا من المقرر تطبيقه اختيارياً في مصر (وزارة التربية والتعليم)
نظام البكالوريا من المقرر تطبيقه اختيارياً في مصر (وزارة التربية والتعليم)
TT

عودة الانتقادات لـ«البكالوريا» كبديل للثانوية العامة في مصر

نظام البكالوريا من المقرر تطبيقه اختيارياً في مصر (وزارة التربية والتعليم)
نظام البكالوريا من المقرر تطبيقه اختيارياً في مصر (وزارة التربية والتعليم)

عادت الانتقادات لنظام «البكالوريا» الذي تعتزم الحكومة المصرية، البدء في تطبيقه اختيارياً بوصفه نظاماً بديلاً لـ«الثانوية العامة»، ابتداء من العام الدراسي المقبل، الذي سينطلق في سبتمبر (أيلول).

وتأتي الانتقادات، بعد تداول شكاوى من أولياء أمور، تفيد بإجبار المدارس الطلاب على الالتحاق بالنظام الجديد، بدلاً من نظام الثانوية العامة، وهو ما نفته وزارة التربية والتعليم في إفادة لها، الخميس.

غير أن برلمانيين وخبراء، أشاروا إلى أن تكرار الشكاوى من أولياء الأمور في أكثر من محافظة، «يعكس عملية توجيه غير مباشر لإجبار الطلاب على الالتحاق بالبكالوريا»، وأشاروا إلى أن «مقياس نجاح النظام الجديد، ليس بكم الملتحقين به، وإنما بجودة التعليم الذي سيقدمه للطلاب».

وتبدأ الحكومة تطبيق «نظام البكالوريا»، بعد إقراره داخل مجلس النواب المصري (البرلمان) الشهر الماضي، ليكون نظاماً بديلاً للثانوية العامة، على أن يكون الالتحاق به اختيارياً.

ويختلف نظام «البكالوريا» بشكل كامل عن نظام الثانوية العامة الحالي الذي يمهد للالتحاق بالجامعات، في كونه يمنح الطالب فرصتين للامتحان كل عام، على أن يكون دخول الفرصة الثانية بمقابل لكل مادة بحد أقصى 200 جنيه (الدولار يساوي 48.45 جنيه في البنوك) مع إمكانية دراسة الطالب لمواد إضافية في أي مستوى حال رغبته في تعدد المسارات بعد انتهاء المسار الأساسي وتحديد الحد الأقصى لسنوات الدراسة للمرحلة الرئيسية ليكون 4 سنوات.

وتداولت صحف محلية، ومنصات التواصل الاجتماعي في مصر، شكاوى من أولياء أمور، تفيد بـ«إجبار بعض المدارس الأسر على اختيار نظام البكالوريا لأبنائهم، أو نقلهم لمدارس أخرى ستكون مخصصة لنظام الثانوية».

غير أن المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم المصرية، شادي زلطة، نفى في إفادة له الخميس، «إجبار الطلاب على اختيار نظام بعينه في المرحلة الثانوية»، وقال إن «القانون يكفل للطالب حق الاختيار بين شهادة البكالوريا المصرية، وشهادة الثانوية العامة»، مشيراً إلى أن «دور المدرسة يقتصر على التوعية وتوضيح تفاصيل كل نظام».

ونفت التعليم المصرية، ما تردد عن «تخصيص مدارس لنظام البكالوريا، وأخرى للثانوية»، وقالت إن ذلك الأمر «غير قانوني»، كما أكدت أن «البكالوريا معترف بها دولياً».

بينما يرى عضو مجلس النواب المصري، فريدي البياضي، أن «هناك توجيهاً غير مباشر لدفع الطلاب للالتحاق بنظام البكالوريا»، وقال إن «هناك شكاوى متكررة من أولياء أمور من محافظات مختلفة، بتوجيه المدارس للآباء بإلحاق أبنائهم بالنظام الجديد، ما يعكس هذا التوجه».

«ومن الصعب التكهن بمدى نجاح تجربة نظام البكالوريا قبل تطبيقه»، وفق البياضي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «نجاح النظام الجديد، ليس بعدد الملتحقين به، بل بجودة التعليم الذي سيقدمه»، مشيراً إلى «توقعات بأن يزيد النظام الجديد، من ظاهرة الدروس الخصوصية، ولن يلغيها كما يتوقع مسؤولو وزارة التعليم، استناداً إلى عدد مراحل التحسين الذي ينص عليه النظام الجديد».

ولا تختلف مناهج نظام البكالوريا عن مناهج نظام الثانوية العامة، وفق وزارة التعليم المصرية، التي أكدت أن «المواد الدراسية للصف الأول الثانوي تعد هي المواد نفسها الدراسية في النظامين (البكالوريا المصرية والثانوية العامة)»، أما فيما يتعلق بالصفين الثاني والثالث الثانوي «فتعد المناهج هي نفسها التي تخضع لإطار عام ثابت عدا بعض الاختلافات البسيطة في مواد المستوى الرفيع في الصف الثالث الثانوي بشهادة البكالوريا المصرية التي لا تتجاوز نسبتها 20 في المائة».

وتعتمد «البكالوريا» على مرحلتين؛ الأولى هي المرحلة التمهيدية بالصف الأول الثانوي، التي يتم تدريس 9 مواد فيها موزعة بين 6 مواد أساسية و3 مواد تكون خارج المجموع، فيما تنقسم المرحلة الرئيسية على عامين بالصفين الثاني والثالث الثانوي، ويشترط نجاح الطالب بمادة التربية الدينية التي تدرج مادة أساسية لكن خارج المجموع بحد أدنى 70 في المائة.

بينما يقلل أستاذ المناهج بجامعة عين شمس، حسن شحاتة، من تأثير الشكاوى الخاصة بإجبار الطلاب على الالتحاق بنظام البكالوريا، وقال إن «بعض المستفيدين من نظام الثانوية يروجون مثل هذه الأحاديث».

ويعتقد شحاتة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن نظام البكالوريا، «يمكن أن يكون نظاماً جاذباً للطلاب ويتلافى مشكلات النظام القديم»، وقال إن النظام الجديد، «يسهم في تقليل الأعباء النفسية المرتبطة بمرحلة الثانوية، بسبب قلة عدد المواد الدراسية التي يدرسها الطالب»، كما أنه «يتيح للطالب أربع فرص للتحسين، بما يمكنه من الالتحاق بالكلية التي يرغب في الالتحاق بها في مرحلة الجامعة».


مقالات ذات صلة

«التعليم المصرية» تستنفر مبكراً للحد من أساليب غش مبتكرة بـ«الثانوية العامة»

شمال افريقيا ضبط منظومة الامتحانات أولوية حكومية في مصر مع تعدد أساليب الغش المبتكرة (وزارة التربية والتعليم)

«التعليم المصرية» تستنفر مبكراً للحد من أساليب غش مبتكرة بـ«الثانوية العامة»

قبل ما يقرب من 6 أشهر على انطلاق امتحانات «الثانوية العامة» في مصر (شهادة البكالوريا) تعددت اللقاءات على مستويات تنفيذية عليا استعداداً لها

أحمد جمال (القاهرة)
العالم العربي وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم التي صاحبت تعيين الوزير محمد عبد اللطيف.

رحاب عليوة (القاهرة)
العالم العربي توقيع اتفاقية ثلاثية لدعم التعليم في اليمن بتمويل سعودي قدره 40 مليون دولار (سبأ)

40 مليون دولار دعم سعودي إضافي للتعليم في اليمن بشراكة أممية

شهدت الرياض، الخميس، توقيع اتفاقية شراكة ثلاثية بين وزارة التربية والتعليم اليمنية، والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، ومنظمة اليونيسكو، بـ40 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق من مراسم توقيع مذكرة التفاهم بين هيئة الموسيقى السعودية وشركة «ستاينواي آند صنز» (وزارة الثقافة)

هيئة الموسيقى السعودية تُعزِّز تطوير القطاع مع «ستاينواي آند صنز»

أبرمت هيئة الموسيقى السعودية مذكرة تفاهم مع شركة «ستاينواي آند صنز» العالمية المتخصصة بصناعة البيانو؛ لدعم تطوير قطاع الموسيقى في البلاد، وتعزيز برامجه المهنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق طفلان يكتبان بالقلم (بيكساباي)

لماذا يستمر الآباء في تعليم أطفالهم الكتابة اليدوية وسط التطور الرقمي؟

في هذه الأيام، يتعجب بعض الأطفال من ضرورة تعلمهم الكتابة يدوياً، في حين أن كل شيء يُكتب عادة على لوحة المفاتيح أو يُملى على الهاتف.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (برلين)

«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
TT

«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)

حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، اليوم الثلاثاء، من وجود «مستويات غير مسبوقة وخطيرة» من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور في غرب السودان.

وقالت المنظمة، في بيانٍ نشره موقع أخبار الأمم المتحدة، إن مسحاً حديثاً أظهر أن أكثر من نصف الأطفال الذين جرى تقييمهم في محلية أم برو بالولاية يعانون سوء التغذية الحادّ، «في ظل استمرار القتال وقيود شديدة على وصول المساعدات الإنسانية المُنقذة للحياة».

ووفقاً للمسح، الذي أجرته «اليونيسف»، في الفترة بين 19 و23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يعاني واحد من بين كل ستة أطفال من «سوء التغذية الحاد الوخيم»، وهي حالة تهدد الحياة ويمكن أن تُودي بحياة الطفل في غضون أسابيع إذا لم يجرِ علاجها.

وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة كاثرين راسل إن «كل يوم يمر دون وصول آمن ودون عوائق يزيد خطر ضعف الأطفال ومزيد من الوفيات والمعاناة من أسباب يمكن الوقاية منها تماماً».

ودعت «اليونيسف» كل الأطراف إلى السماح بوصول المساعدات بشكل فوري وآمن ودون عوائق، وحضّت المجتمع الدولي - بما يشمل الدول التي لها نفوذ على أطراف الصراع - على تكثيف الضغط الدبلوماسي والسياسي، بشكل عاجل، لضمان الاتفاق على هدنة إنسانية واحترامها.

وتابعت المنظمة: «دون هدنة إنسانية يمكن التنبؤ بها واحترامها، لن يكون بوسع عمال الإغاثة إيصال الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الطبية وخدمات الحماية بأمان، ويستمر الأطفال في دفع الثمن الأكبر».


«الدعم السريع» تعلن سيطرتها على منطقة استراتيجية في جنوب كردفان

عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تعلن سيطرتها على منطقة استراتيجية في جنوب كردفان

عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلنت «قوات الدعم السريع»، الثلاثاء، سيطرتها على منطقة «التقاطع» الاستراتيجية في ولاية جنوب كردفان، ونشر عناصر تابعون لها مقاطع مصورة تُظهر انتشارها هناك.

ولم يصدر أي تعليق من الجيش السوداني بهذا الخصوص، مع استمرار تمدد «الدعم السريع» وحليفتها «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، في مناطق واسعة من الإقليم.

وقالت «الدعم السريع»، في بيان نشر على منصة «تلغرام»، إن «قوات تأسيس» المتحالفة معها بسطت سيطرتها بالكامل على المنطقة الواقعة بين مدينتي كادوقلي والدلنج، وإن هذه الخطوة تأتي «ضمن عمليات الانفتاح العسكري وتأمين الخطوط المتقدمة»، كما أنها تمكنت من «تسلم عدد من المركبات العسكرية والأسلحة والذخائر».

وأوضح البيان أن «هذا الانتصار يمثل خطوة أساسية نحو تحقيق أهداف استراتيجية في الولاية».

وتخضع مدن ولاية جنوب كردفان، خصوصاً العاصمة كادوقلي ومدينة الدلنج، لحصار خانق تفاقمت حدته عقب استيلاء «الدعم السريع» على مدينة بابنوسة، وبلدة هجليج النفطية، بولاية غرب كردفان، وانسحاب قوات الجيش التي كانت في تلك البلدات إلى دولة جنوب السودان.

من جهة ثانية، أفادت مصادر بأن الجيش السوداني شن هجمات بالطائرات المسيّرة الانتحارية والقتالية، على مواقع عدة لتمركزات «قوات الدعم السريع» حول مدينتي كادوقلي والدلنج، في محاولة لإيقاف تقدمها بالولاية.

نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)

وتجدد القتال بضراوة في مناطق واسعة من ولاية جنوب كردفان خلال الأشهر الماضية بعد انضمام «الحركة الشعبية» إلى «قوات الدعم السريع»، وفصائل عسكرية أخرى، ضمن «تحالف السودان التأسيسي (تأسيس)».

بدورها، قالت «الحركة الشعبية»، في بيان الثلاثاء، إنها سيطرت على حامية عسكرية تابعة للجيش السوداني في منطقة تقاطع البلف، على طريق الدلنج - كادوقلي. وأضافت أن قواتها تواصل التقدم الميداني في إطار عمليات تهدف للوصول إلى العاصمة كادوقلي.

والأسبوع الماضي سيطرت «قوات تأسيس» على بلدة برنو، التي تبعد نحو 30 كيلومتراً من مدينة كادوقلي، وبدأت تتوغل في المناطق الجبلية المحيطة بها.

وكانت منصات «الدعم السريع» قد تحدثت في الأيام الماضية عن تحشيد كبير لقواتها في مناطق بالقرب من كادوقلي بهدف تكثيف الضغط على الجيش والقوات المتحالِفة معه، وتعزيز مواقعها في مناطق استراتيجية بهدف تمهيد الطريق لمهاجمة المدينة.

وفي وقت سابق سيطرت «الحركة الشعبية» على منطقتي الكرقل والدشول، الواقعتين على الطريق الرئيسية المؤدية إلى الدلنج؛ ثانية كبرى مدن الولاية، واتهمت الجيش السوداني والقوات المتحالفة بـ«عدم السماح للمدنيين بالمغادرة واستخدامهم دروعاً بشرية».

ومنذ أشهر تفرض «قوات تأسيس» طوقاً محكماً على كل المناطق حول مدن جنوب كردفان، وتقطع طرق وخطوط الإمداد لقوات الجيش السوداني المحاصَرة داخل كادوقلي.


«رواتب العسكريين» تصطدم بالخلاف السياسي بين أفرقاء ليبيا

صورة وزعتها مفوضية الانتخابات للقاء رئيسها السايح مع البرعصي
صورة وزعتها مفوضية الانتخابات للقاء رئيسها السايح مع البرعصي
TT

«رواتب العسكريين» تصطدم بالخلاف السياسي بين أفرقاء ليبيا

صورة وزعتها مفوضية الانتخابات للقاء رئيسها السايح مع البرعصي
صورة وزعتها مفوضية الانتخابات للقاء رئيسها السايح مع البرعصي

دخل المشهد السياسي الليبي مرحلة جديدة من التصعيد والتجاذب بين المؤسسات عقب جلسة مجلس النواب، الاثنين، التي استُكملت الثلاثاء، ولا سيما بعد الجدل الذي أثاره إقرار البرلمان زيادة مرتبات العسكريين بنسبة 150 في المائة، وهي خطوة قوبلت بمعارضة من المجلس الأعلى للدولة في غرب البلاد، في ظل انقسام سياسي وعسكري مزمن تعيشه ليبيا منذ أعوام.

وتزامن ذلك مع اتساع دائرة الخلاف لتشمل مجلسي النواب والدولة، والسلطة القضائية، إضافة إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، في وقت تتواصل فيه الاحتجاجات الشعبية في العاصمة طرابلس ضد حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في غرب البلاد.

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (رويترز)

وبعد ساعات من إقرار مجلس النواب زيادة مرتبات العسكريين، نشرت وسائل إعلام محلية جدولاً جديداً لمرتبات منتسبي «الجيش الوطني»، أظهر زيادات تصل إلى 150 في المائة، إذ قفز أعلى راتب إلى 12 ألفاً و850 ديناراً لرتبة المشير، في حين بلغ أقل راتب 800 دينار للطلاب العسكريين بمراكز التدريب، وفق ما أوردته تلك الوسائل. (الدولار = 5.40 دينار في السوق الرسمية و8.78 دينار في السوق الموازية).

غير أن المجلس الأعلى للدولة سارع إلى رفض قرار زيادة الرواتب العسكرية، عاداً إياه «إرهاقاً للميزانية العامة في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة»، مؤكّداً في المقابل تمسكه بجدول رواتب موحد، يحقق العدالة بين المدنيين والعسكريين دون تمييز. وحذّر المجلس، في بيان له، من أن مثل هذه الخطوات الأحادية من شأنها تقويض التوافق السياسي، وتعميق الانقسام، وإرباك المسار السياسي، داعياً إلى الالتزام بالاتفاقات، والعمل المشترك من أجل بناء دولة المؤسسات والقانون.

وأثار تصويت مجلس النواب على زيادة مرتبات العسكريين تبايناً في مواقف المراقبين، بين من أبدى حماسه للقرار، وآخرين عبّروا عن رفضهم له. ومن بين المؤيدين للقرار عبد الله عثامنة، مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، الذي عدّ هذا النهج ضمن «تحولات استراتيجية نوعية وطنية، وغير مسبوقة في تاريخ المؤسسة العسكرية».

في المقابل، تساءل أستاذ الاقتصاد بجامعة مصراتة، عبد الحميد الفضيل، قائلاً: «أليس المتقاعدون وأصحاب المعاشات الأساسية هم الأحق بإنصافٍ يقي مآسيهم، والذين لا يملكون سوى صبرهم على شظف العيش؟»، وذلك في منشور عبر صفحته الرسمية على موقع «فيسبوك».

وفي سياق قريب، وفيما بدا أنه انحياز نسبي واصطفاف مؤسسي مع مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح، دافعت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عن شرعية الإجراءات المتخذة، والاكتفاء بملء المقاعد الشاغرة في مجلس المفوضية، دون حله بشكل كامل.

من اجتماع سابق للمجلس الأعلى للدولة (المجلس)

وفسّرت المفوضية، في بيان صدر الثلاثاء، موقفها بالقول إن «شغل المقاعد الشاغرة تم وفقاً للمادة (10) من قانون إنشائها لسنة 2013، ولا علاقة له بالاتفاق السياسي، الذي تحاول أطراف إقحامه لأغراض تخدم أجنداتها، وتُبعد الاستحقاقات الانتخابية عن مطالب الشعب الليبي».

وحرص مجلس المفوضية في بيانه على التأكيد أنه «أثبت قدرته على إدارة العملية الانتخابية بنجاح»، لا سيما من خلال تنفيذ انتخابات المجالس البلدية في مختلف مناطق البلاد، وتجاوز التحديات والعراقيل، ورفض الخضوع لما وصفه بضغوط صادرة عن «أطراف متنفذة فقدت مصالحها».

وسبق أن رفض المجلس الأعلى للدولة أيضاً تصويت مجلس النواب على استكمال تعيينات المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

من جلسة سابقة لأعضاء مجلس النواب الليبي (المجلس)

وفي تأكيد على استمرار هذا التصعيد المؤسسي المتداخل، أعرب قضاة ليبيون عن بالغ قلقهم إزاء «تصاعد الخطاب والممارسات، التي تمس هيبة القضاء ومكانته الدستورية»، محذّرين في بيان أعقب اجتماعاً طارئاً للجمعية الليبية لأعضاء الهيئات القضائية، من أن «استمرار هذا المسار قد يقود إلى انقسام السلطة القضائية»، التي ظلت «موحّدة ومتماسكة ومحايدة رغم سنوات الصراع سواء السياسي أو العسكري».

وفي رد ضمني على دعوة رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، إلى إقالة رئيس محكمة النقض، عبد الله أبو رزيزة، وعدّه «خصماً سياسياً غير محايد»، شددت الجمعية على أن وحدة القضاء واستقلاله «خط أحمر»، داعية إلى «احترام مبدأ الفصل بين السلطات، وعدم التدخل في شؤون القضاء، أو التعرض له قولاً أو فعلاً».

كما أعلنت الجمعية أنها في حالة انعقاد دائم، وأنها أجرت سلسلة من الاتصالات والمشاورات مع جهات قضائية عدة، مشيرة إلى قرب الإعلان عن «المبادرة الوطنية لوحدة السلطة القضائية»، الهادفة إلى صون استقلال القضاء، وتجنيبه أي مظاهر انقسام أو تجاذب سياسي.

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (المجلس)

ويعكس هذا التصعيد توتراً غير مسبوق بين السلطتين التشريعية والقضائية، في وقت تتواصل فيه الجهود الأممية والدولية لإعادة إطلاق العملية السياسية، وسط مخاوف كبيرة من أن يؤدي هذا التوتر إلى مزيد من الانسداد وعدم الاستقرار، وتقويض فرص التوافق والانتقال نحو انتخابات طال انتظارها.

ويتزامن هذا التصعيد المؤسسي مع استمرار الجهود الأممية لإنهاء الجمود السياسي القائم منذ عام 2021، عبر توحيد المؤسسات وإجراء الانتخابات، إلى جانب تحركات احتجاجية في الشارع، حيث شهدت العاصمة طرابلس، الاثنين، ولليوم الرابع على التوالي، مظاهرات احتجاجاً على «الفساد»، واستمرار حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

وأشعل المتظاهرون مجدداً النيران وأغلقوا الطريق أسفل كوبري المدار بوسط المدينة، فيما رصدت وسائل إعلام محلية اشتعال سيارة عسكرية، تتبع اللواء 444 قتال، التابع للحكومة، وسط غياب أي توضيح رسمي من الجهات المختصة.