عودة الانتقادات لـ«البكالوريا» كبديل للثانوية العامة في مصر

رغم نفي «التعليم» إجبار الطلاب على النظام الجديد

نظام البكالوريا من المقرر تطبيقه اختيارياً في مصر (وزارة التربية والتعليم)
نظام البكالوريا من المقرر تطبيقه اختيارياً في مصر (وزارة التربية والتعليم)
TT

عودة الانتقادات لـ«البكالوريا» كبديل للثانوية العامة في مصر

نظام البكالوريا من المقرر تطبيقه اختيارياً في مصر (وزارة التربية والتعليم)
نظام البكالوريا من المقرر تطبيقه اختيارياً في مصر (وزارة التربية والتعليم)

عادت الانتقادات لنظام «البكالوريا» الذي تعتزم الحكومة المصرية، البدء في تطبيقه اختيارياً بوصفه نظاماً بديلاً لـ«الثانوية العامة»، ابتداء من العام الدراسي المقبل، الذي سينطلق في سبتمبر (أيلول).

وتأتي الانتقادات، بعد تداول شكاوى من أولياء أمور، تفيد بإجبار المدارس الطلاب على الالتحاق بالنظام الجديد، بدلاً من نظام الثانوية العامة، وهو ما نفته وزارة التربية والتعليم في إفادة لها، الخميس.

غير أن برلمانيين وخبراء، أشاروا إلى أن تكرار الشكاوى من أولياء الأمور في أكثر من محافظة، «يعكس عملية توجيه غير مباشر لإجبار الطلاب على الالتحاق بالبكالوريا»، وأشاروا إلى أن «مقياس نجاح النظام الجديد، ليس بكم الملتحقين به، وإنما بجودة التعليم الذي سيقدمه للطلاب».

وتبدأ الحكومة تطبيق «نظام البكالوريا»، بعد إقراره داخل مجلس النواب المصري (البرلمان) الشهر الماضي، ليكون نظاماً بديلاً للثانوية العامة، على أن يكون الالتحاق به اختيارياً.

ويختلف نظام «البكالوريا» بشكل كامل عن نظام الثانوية العامة الحالي الذي يمهد للالتحاق بالجامعات، في كونه يمنح الطالب فرصتين للامتحان كل عام، على أن يكون دخول الفرصة الثانية بمقابل لكل مادة بحد أقصى 200 جنيه (الدولار يساوي 48.45 جنيه في البنوك) مع إمكانية دراسة الطالب لمواد إضافية في أي مستوى حال رغبته في تعدد المسارات بعد انتهاء المسار الأساسي وتحديد الحد الأقصى لسنوات الدراسة للمرحلة الرئيسية ليكون 4 سنوات.

وتداولت صحف محلية، ومنصات التواصل الاجتماعي في مصر، شكاوى من أولياء أمور، تفيد بـ«إجبار بعض المدارس الأسر على اختيار نظام البكالوريا لأبنائهم، أو نقلهم لمدارس أخرى ستكون مخصصة لنظام الثانوية».

غير أن المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم المصرية، شادي زلطة، نفى في إفادة له الخميس، «إجبار الطلاب على اختيار نظام بعينه في المرحلة الثانوية»، وقال إن «القانون يكفل للطالب حق الاختيار بين شهادة البكالوريا المصرية، وشهادة الثانوية العامة»، مشيراً إلى أن «دور المدرسة يقتصر على التوعية وتوضيح تفاصيل كل نظام».

ونفت التعليم المصرية، ما تردد عن «تخصيص مدارس لنظام البكالوريا، وأخرى للثانوية»، وقالت إن ذلك الأمر «غير قانوني»، كما أكدت أن «البكالوريا معترف بها دولياً».

بينما يرى عضو مجلس النواب المصري، فريدي البياضي، أن «هناك توجيهاً غير مباشر لدفع الطلاب للالتحاق بنظام البكالوريا»، وقال إن «هناك شكاوى متكررة من أولياء أمور من محافظات مختلفة، بتوجيه المدارس للآباء بإلحاق أبنائهم بالنظام الجديد، ما يعكس هذا التوجه».

«ومن الصعب التكهن بمدى نجاح تجربة نظام البكالوريا قبل تطبيقه»، وفق البياضي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «نجاح النظام الجديد، ليس بعدد الملتحقين به، بل بجودة التعليم الذي سيقدمه»، مشيراً إلى «توقعات بأن يزيد النظام الجديد، من ظاهرة الدروس الخصوصية، ولن يلغيها كما يتوقع مسؤولو وزارة التعليم، استناداً إلى عدد مراحل التحسين الذي ينص عليه النظام الجديد».

ولا تختلف مناهج نظام البكالوريا عن مناهج نظام الثانوية العامة، وفق وزارة التعليم المصرية، التي أكدت أن «المواد الدراسية للصف الأول الثانوي تعد هي المواد نفسها الدراسية في النظامين (البكالوريا المصرية والثانوية العامة)»، أما فيما يتعلق بالصفين الثاني والثالث الثانوي «فتعد المناهج هي نفسها التي تخضع لإطار عام ثابت عدا بعض الاختلافات البسيطة في مواد المستوى الرفيع في الصف الثالث الثانوي بشهادة البكالوريا المصرية التي لا تتجاوز نسبتها 20 في المائة».

وتعتمد «البكالوريا» على مرحلتين؛ الأولى هي المرحلة التمهيدية بالصف الأول الثانوي، التي يتم تدريس 9 مواد فيها موزعة بين 6 مواد أساسية و3 مواد تكون خارج المجموع، فيما تنقسم المرحلة الرئيسية على عامين بالصفين الثاني والثالث الثانوي، ويشترط نجاح الطالب بمادة التربية الدينية التي تدرج مادة أساسية لكن خارج المجموع بحد أدنى 70 في المائة.

بينما يقلل أستاذ المناهج بجامعة عين شمس، حسن شحاتة، من تأثير الشكاوى الخاصة بإجبار الطلاب على الالتحاق بنظام البكالوريا، وقال إن «بعض المستفيدين من نظام الثانوية يروجون مثل هذه الأحاديث».

ويعتقد شحاتة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن نظام البكالوريا، «يمكن أن يكون نظاماً جاذباً للطلاب ويتلافى مشكلات النظام القديم»، وقال إن النظام الجديد، «يسهم في تقليل الأعباء النفسية المرتبطة بمرحلة الثانوية، بسبب قلة عدد المواد الدراسية التي يدرسها الطالب»، كما أنه «يتيح للطالب أربع فرص للتحسين، بما يمكنه من الالتحاق بالكلية التي يرغب في الالتحاق بها في مرحلة الجامعة».


مقالات ذات صلة

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

العالم العربي وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم التي صاحبت تعيين الوزير محمد عبد اللطيف.

رحاب عليوة (القاهرة)
العالم العربي توقيع اتفاقية ثلاثية لدعم التعليم في اليمن بتمويل سعودي قدره 40 مليون دولار (سبأ)

40 مليون دولار دعم سعودي إضافي للتعليم في اليمن بشراكة أممية

شهدت الرياض، الخميس، توقيع اتفاقية شراكة ثلاثية بين وزارة التربية والتعليم اليمنية، والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، ومنظمة اليونيسكو، بـ40 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق من مراسم توقيع مذكرة التفاهم بين هيئة الموسيقى السعودية وشركة «ستاينواي آند صنز» (وزارة الثقافة)

هيئة الموسيقى السعودية تُعزِّز تطوير القطاع مع «ستاينواي آند صنز»

أبرمت هيئة الموسيقى السعودية مذكرة تفاهم مع شركة «ستاينواي آند صنز» العالمية المتخصصة بصناعة البيانو؛ لدعم تطوير قطاع الموسيقى في البلاد، وتعزيز برامجه المهنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق طفلان يكتبان بالقلم (بيكساباي)

لماذا يستمر الآباء في تعليم أطفالهم الكتابة اليدوية وسط التطور الرقمي؟

في هذه الأيام، يتعجب بعض الأطفال من ضرورة تعلمهم الكتابة يدوياً، في حين أن كل شيء يُكتب عادة على لوحة المفاتيح أو يُملى على الهاتف.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا وزارة التربية والتعليم المصرية اتخذت إجراءات صارمة ضد مدرسة دولية جديدة بالإسكندرية (الوزارة)

مصر: اتهامات متعاقبة بـ«التحرش» تُصعّد الانتقادات للتعليم الخاص

بعد اتهامات متعاقبة بوجود وقائع «تحرش جنسي» داخل مدارس خاصة ودولية في مصر، تصاعدت الانتقادات الموجهة لهذه النوعية من المدارس.

أحمد جمال (القاهرة)

الاتفاق مع بريطانيا بعد اعتذار ألمانيا عن عدم تحليل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي

الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)
الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الاتفاق مع بريطانيا بعد اعتذار ألمانيا عن عدم تحليل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي

الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)
الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، اليوم (الجمعة)، أن ألمانيا اعتذرت عن عدم إجراء تحليل لبيانات الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة، التي كانت تقل رئيس الأركان محمد الحداد ومرافقيه، لعدم توفر الإمكانات الفنية اللازمة للتعامل مع هذا النوع من الطائرات.

وأكدت الوزارة، في بيان على موقع «فيسبوك»، أنه تم الاتفاق مع تركيا على اختيار بريطانيا كجهة «محايدة» لاستكمال الإجراءات الفنية اللازمة بشأن الطائرة التي تحطمت يوم الثلاثاء، بعد نصف ساعة من إقلاعها من مطار أنقرة.

وقالت الوزارة إنه تقرر نقل جثامين القتلى صباح غد إلى مدينة طرابلس.

كانت الطائرة تقل رئيس الأركان محمد الحداد وعدداً من مرافقيه، وكانت قد أعلنت حكومة الوحدة الوطنية الليبية الاتفاق مع السلطات التركية على إرسال الصندوق الأسود للطائرة إلى ألمانيا لضمان التحليل الفني الدقيق.


ما تأثيرات اعتراف نتنياهو بـ«أرض الصومال» على الصراع بين إسرائيل والحوثيين؟

نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
TT

ما تأثيرات اعتراف نتنياهو بـ«أرض الصومال» على الصراع بين إسرائيل والحوثيين؟

نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)

في خطوة لافتة تحمل أبعاداً تتجاوز بعدها الدبلوماسي، جاء اعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ«جمهورية أرض الصومال» دولة مستقلة وذات سيادة، ليُشعل تساؤلات واسعة حول توقيته ودلالاته، خاصة في ظل الصراع المحتدم بين إسرائيل وجماعة الحوثي، والتوتر المتصاعد في البحر الأحمر.

هذا الاعتراف، الأول من نوعه على هذا المستوى، عدّه محللون في حديث لـ«الشرق الأوسط»، رسالة ضغط مباشرة وطوقاً دبلوماسياً على رقاب الحوثيين، ومحاولة لإعادة رسم خرائط النفوذ قرب واحد من أكثر الممرات البحرية حساسية في العالم، وسط تباين في تقدير مآلاته بين من يحذّر من ترتيبات أمنية وعسكرية جديدة، ومن «يقلّل من فرص تحول الخطوة إلى مواجهة مفتوحة».

وأرض الصومال هو إقليم أعلن استقلاله من جانب واحد 1991، ولم تعترف به أي دولة، وتعارض الحكومة الصومالية مطلب استقلال أرض الصومال عنها، وعلى مدار عام 2024، نشبت أزمة بين أديس أبابا ومقديشو بسبب مساعي إثيوبيا لإبرام اتفاق للوجود على المنفذ البحري لأرض الصومال، وسط رفض مصري وعربي، وتدخلت تركيا بوساطة لإيقاف إثيوبيا عن هذا المسار.

تطويق للحوثيين

ويُعد أرض الصومال منطقة جوار لليمن، حيث تقع على الضفة المقابلة لخليج عدن، وتطل على مضيق باب المندب، وهو ممر مائي عالمي حيوي لعبور الملاحة الدولية بين آسيا وأوروبا، وهذا الممر شهد هجمات صاروخية وطائرات دون طيار من الحوثيين في السنوات الأخيرة، مما أثر على التجارة العالمية وأمن الملاحة، وفق ما يرى المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، مؤكداً أن الاعتراف مهم وله دلالات.

ويعطي الاعتراف إسرائيل «طوقاً دبلوماسياً في موقع جغرافي يمكن أن يكون بديلاً أو مكملاً لعملياتها في البحر الأحمر، خصوصاً إذا زاد الحوثيون هجماتهم على سفن أو طرق الملاحة»، وفق تقدير بري، موضحاً أن «إسرائيل ترى ذلك ليس فقط فرصة دبلوماسية، بل ركيزة استراتيجية لمراقبة الممرات المائية والإسهام في أمنها، وتعزيز تموضعها ضد النفوذ الإيراني والحوثي والضغط عليهما وتقليل قدرة الحوثيين على تهديد المصالح البحرية الإسرائيلية».

ويؤكد الباحث اليمني، أشرف المنش، ذلك، موضحاً أن اعتراف نتنياهو يأتي في سياق بحث إسرائيل عن قاعدة عسكرية قبالة اليمن لمواجهة ميليشيات الحوثي واعتراض تهديداتها لخطوط الملاحة، وذلك نظراً إلى تمتع «أرض الصومال» بموقع استثنائي يمتد على ساحل بطول 740 كيلومتراً على خليج عدن، وموقع استراتيجي عند نقطة التقاء المحيط الهندي مع البحر الأحمر في منطقة القرن الأفريقي.

ويرى مراقبون أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» سيكون له تأثير على باب المندب، وقد يقيّد أي إمدادات تأتي إلى الحوثيين، لكن في المقام الأول سيهدد الملاحة والأمن في البحر الأحمر وسيزيد التوتر.

رئيس أرض الصومال يهاتف نتنياهو خلال التوقيع (الحكومة الإسرائيلية)

وتسعى إسرائيل لخلق ما يشبه «كماشة» أمنية لمحاصرة النشاط العسكري الحوثي من جهة الشرق الأفريقي، وذلك بعد تحول السواحل الصومالية قبالة اليمن إلى نقاط تهريب نشطة للحوثيين ساعدهم في ذلك تحالفهم الوثيق مع «حركة الشباب الإرهابية» برعاية من «الحرس الثوري» الإيراني، وفق الخبير اليمني أشرف المنش.

ويعتقد رئيس مركز «جهود للدراسات» في اليمن، عبد الستار الشميري، أن الاعتراف من إسرائيل محاولة لوجود أكبر في القرن الأفريقي والبحر الأحمر، والتموضع على ضفة القرن الأفريقي من خلال أرض الصومال وأيضاً الضفة اليمنية من خلال مهاجمة الحوثيين، وهذا سينعكس سلبياً على البحر الأحمر.

في المقابل، قلّل المحلل السياسي من أرض الصومال، عبد الكريم صالح، من المخاوف من العلاقات بين هرغيسا وتل أبيب، مؤكداً أن الاعتراف لن يؤثر على الصراع مع الحوثيين؛ إذ تربط إسرائيل علاقات دبلوماسية بالعديد من الدول العربية والإسلامية والدولية ولم يحقق ذلك شيئاً، مؤكداً أن الاعتراف مهم في سلسلة الاعترافات الدولية ليس أكثر من ذلك.

ورغم أن الضربات الإسرائيلية ضد الحوثيين بدأت في يوليو (تموز) 2024، فإن عام 2025 شهد زخماً أكبر من الاستهداف في عام 2025، بـ14 استهدافاً على الأقل، وقصف متكرر لميناء الحديدة، قبل الهجوم الكبير الذي استهدف حكومة الحوثي وقيادات عسكرية بارزة لديها في أغسطس (آب) الماضي.

إنشاء القواعد

وفي ضوء ذلك الاعتراف وهذا التصعيد الإسرائيلي ضد الحوثيين، لا يستبعد بري أن يتم احتمالات تعاون أمني، وبحث أفكار حول قاعدة أو تعاون عسكري في المستقبل، وهو بمثابة جزء من استراتيجية مواجهة تهديدات الحوثيين.

ويخلص إلى أن وجود عسكري إسرائيلي طويل المدى في أرض الصومال ليس مؤكداً اليوم، لكن القاعدة قد تتوسع إلى تعاون أمني أقوى إذا رأى الطرفان فائدة استراتيجية من ذلك، خصوصًا في مواجهة الحوثيين مقابل زخم الاعترافات.

وعن توقعاته لردود فعل الحوثيين، يعتقد بري أن التهديدات والهجمات من الحوثيين قد تتصاعد بوصفها رد فعل على أي شكل من أشكال وجود عسكري أو تعاون أمني مع إسرائيل قرب السواحل اليمنية، مستدركاً: «لكن حتى الآن، لا توجد مؤشرات رسمية من الحوثيين على كيفية ردهم مباشرة على الاعتراف الصوري فقط الذي لم يشمل التوسيع العسكري بإقليم مثل أرض الصومال».

بنيامين نتنياهو خلال التوقيع (الحكومة الإسرائيلية)

ولا يستبعد أشرف المنش أيضاً -في ضوء التقاء المصالح بين إقليم أرض الصومال الساعي للحصول على اعتراف دولي وإسرائيل- أن تتجه المصالح الإسرائيلية إلى بناء منشأة عسكرية واستخباراتية لـ«تعزيز العمق الاستراتيجي» في القرن الأفريقي.

بينما يؤكد مراقبون أن وجود إسرائيل في الإقليم الانفصالي سيترتب عليه وجود عسكري لا محالة، لأن أي علاقات تسمح بمذكرات تفاهم تشمل نشر قواعد عسكرية وما شابه.

في المقابل، يرى عبد الكريم صالح أن المحادثات والوثائق المتبادلة بين الجانبين لم تتطرق إلى أي مسائل عسكرية. وأفاد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنهم سيتعاونون بشكل مكثف مع أرض الصومال في مجالات الزراعة والصحة والتكنولوجيا والاقتصاد، دون أي حديث عن تعاون عسكري أو استخباراتي.

وبعد شائعات نفاها إقليم أرض الصومال في 2025، بشأن أن يكون الإقليم إحدى البقاع التي تستقبل الفلسطينيين من غزة، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، في حسابه على منصة «إكس»، الجمعة، إنه خلال العام الماضي، وعلى أساس حوار شامل ومتواصل تشكّلت العلاقات بين إسرائيل وأرض الصومال. وأضاف: «عقب قرار رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، ورئيس جمهورية أرض الصومال عبد الرحمن محمد عبد الله، وقّعنا على اعتراف متبادل وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة، تشمل أيضاً تعيين سفراء وافتتاح سفارات»، مؤكداً أن إسرائيل ستكثّف التعاون مع أرض الصومال في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والزراعة والصحة.


مصر ترفض اعتراف إسرائيل بـ«إقليم أرض الصومال»

الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر ترفض اعتراف إسرائيل بـ«إقليم أرض الصومال»

الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)

رفضت مصر إعلان الحكومة الإسرائيلية الاعتراف بـ«إقليم أرض الصومال» دولة مستقلة. كما عبّرت عن رفضها «أي محاولات لفرض كيانات موازية تتعارض مع وحدة الدولة الصومالية».

وجاء الموقف المصري في اتصالات لوزير الخارجية بدر عبد العاطي، الجمعة، مع نظرائه في الصومال وتركيا وجيبوتي. وحسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، أكد الوزراء «الدعم الكامل لوحدة الصومال وسيادته»، إلى جانب «دعم مؤسسات الدولة الصومالية الشرعية».

الرفض المصري المدعوم بمواقف دول أخرى، جاء بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، اعتراف إسرائيل رسمياً بـ«إقليم أرض الصومال» دولة مستقلة ذات سيادة، وهي أول دولة تعترف بـ«الإقليم الانفصالي» في الصومال دولة مستقلة.

وقال بيان صادر عن «الخارجية المصرية»، الجمعة، إن الوزير عبد العاطي تلقى اتصالات من نظرائه: الصومالي عبد السلام عبدي، والتركي هاكان فيدان، والجيبوتي عبد القادر حسين عمر، وشددوا على «الرفض التام وإدانة اعتراف إسرائيل»، إلى جانب «الدعم الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية».

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، يعتقد أن دعم إسرائيل «أرض الصومال» «سيفتح الباب لدول أخرى للاعتراف بهذا الإقليم». ورجح أن «تلجأ إثيوبيا إلى تفعيل اتفاقها مع (أرض الصومال)، للحصول على منفذ بحري لها، مقابل الاعتراف الرسمي به دولة».

وسيؤثر الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» استراتيجياً على مصالح الدولة المصرية في جنوب البحر الأحمر، وفق حليمة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود إسرائيل في هذه المنطقة سيعني حصولها على موضع قدم في جنوب البحر الأحمر وشماله في إيلات»، مشيراً إلى أن هذا التحرك «سيلقى معارضة شديدة من الدول العربية والأفريقية؛ لأن من مبادئ الاتحاد الأفريقي احترام حدود الدول وعدم المساس بها».

وسبق أن عارضت مصر توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) 2024 اتفاقاً مبدئياً مع «إقليم أرض الصومال»، تحصل بموجبه أديس أبابا على منفذ بحري يتضمن ميناءً تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة. وعدّت القاهرة الاتفاق «مخالفاً للقانون الدولي، واعتداء على السيادة الصومالية».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الصومالي بعد توقيع اتفاق «الشراكة الاستراتيجية» في القاهرة يناير الماضي (الرئاسة المصرية)

وأكد عبد العاطي، الجمعة، أن الاعتراف باستقلال أجزاء من أراضي الدول «سابقة خطيرة، وتهديد للسلم والأمن الدوليين ولمبادئ القانون الدولي»، وقال إن «احترام وحدة وسيادة وسلامة أراضي الدول يمثّل ركيزة أساسية لاستقرار النظام الدولي».

كما شدد على «الرفض القاطع لأي مخططات لتهجير أبناء الشعب الفلسطيني خارج أرضه»، وقال إن «هذا المخطط ترفضه الغالبية العظمى لدول العالم بشكل قاطع».

ولن يغيّر الاعتراف الإسرائيلي الوضعية القانونية لـ«إقليم أرض الصومال» بعدّه جزءاً من أرض الصومال، وفق عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، عصام هلال، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ما اتخذته إسرائيل خطوة أحادية تخالف المبادئ الأساسية للقانون الدولي».

ويرى هلال أن الدعم الإسرائيلي للإقليم الصومالي «يعدّ تحولاً دبلوماسياً، سينعكس على توازن القوى في منطقة القرن الأفريقي». وأكد ضرورة «تكثيف الجهود الدبلوماسية لحماية الأمن والاستقرار الإقليمي في هذه المنطقة».

ودائماً ما تؤكد مصر أن «أمن البحر الأحمر قاصر فقط على الدول المتشاطئة وليس مقبولاً أي وجود عسكري به»، وتكررت هذه التصريحات بعد أن أعلنت إثيوبيا طموحها لإيجاد منفذ بحري على ساحل البحر الأحمر.

و«إقليم أرض الصومال»، الذي يملك ساحلاً بطول 740 كيلومتراً على خليج عدن، يحتل موقعاً استراتيجياً عند نقطة التقاء المحيط الهندي مع البحر الأحمر في منطقة القرن الأفريقي، ولا يحظى باعتراف دولي منذ انفصاله عن جمهورية الصومال الفيدرالية عام 1991.

ووقّع نتنياهو ووزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، ورئيس «إقليم أرض الصومال»، عبد الرحمن محمد عبد الله، إعلاناً مشتركاً، وقال إن «إسرائيل تخطط لتوسيع علاقاتها مع الإقليم من خلال تعاون واسع في مجالات الزراعة والصحة والتكنولوجيا والاقتصاد».