شروط إسرائيل تُعقّد «هدنة غزة» وتضع الوسطاء في «اختبار صعب»

نتنياهو يريد مفاوضات «تحت النار» ويتمسك بإطلاق جميع الرهائن

فلسطينيون ينقلون أمتعتهم على عربة يجرها حمار أثناء فرارهم من حي أبو إسكندر شمال مدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون ينقلون أمتعتهم على عربة يجرها حمار أثناء فرارهم من حي أبو إسكندر شمال مدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

شروط إسرائيل تُعقّد «هدنة غزة» وتضع الوسطاء في «اختبار صعب»

فلسطينيون ينقلون أمتعتهم على عربة يجرها حمار أثناء فرارهم من حي أبو إسكندر شمال مدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون ينقلون أمتعتهم على عربة يجرها حمار أثناء فرارهم من حي أبو إسكندر شمال مدينة غزة (أ.ف.ب)

تصطدم مساعي وقف إطلاق النار في قطاع غزة، التي تنتظر رداً إسرائيلياً رسمياً على مقترح هدنة لمدة 60 يوماً، بشروط تمسَّك رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بها لإنهاء الحرب؛ من بينها نزع سلاح «حماس»، وإطلاق سراح جميع الرهائن.

تلك الشروط التي تأتي تزامناً مع إعلان أممي هو الأول من نوعه بشأن حدوث المجاعة في غزة، وتلويح باستكمال الحرب، يراها خبراء، تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»، تُعقّد أي جهود حالية يبذلها الوسيطان المصري والقطري، وتضع الوسطاء في «حرج كبير واختبار صعب» بعد نجاحهم في موافقة «حماس» على مقترح الـ60 يوماً، متوقعين أن يزداد الغضب الدولي تجاه نتنياهو دون أي ضغط حقيقي أميركي عليه، مما يزيد فرص التصعيد أكثر من التهدئة.

ونقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي، الجمعة، عن وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، قوله، عبر منصة «إكس»، إن «أبواب الجحيم» ستُفتح قريباً على «حماس» في مدينة غزة، إذا لم توافق «حماس» على شروط إسرائيل لإنهاء الحرب؛ وعلى رأسها إطلاق سراح جميع المحتجَزين، ونزع سلاح الحركة.

تلك التصريحات تأتي غداة إعلان نتنياهو، خلال تفقُّده وحدات عسكرية تُقاتل في غزة، أنه صادَقَ على خطط الجيش للسيطرة على مدينة غزة، و«هزيمة» حركة «حماس»، ووجّه ببدء مفاوضات فورية لإطلاق سراح جميع المحتجَزين، وإنهاء الحرب «بشروط مقبولة من إسرائيل».

وتحدثت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، الخميس، عن عدم وجود خطط «في هذه المرحلة» لإرسال وفد إسرائيلي إلى قطر أو مصر لإجراء محادثات حول وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن، بينما نقلت صحيفة «أكسيوس» عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله: «عند تحديد مكان المفاوضات، سيأمر رئيس الوزراء بإرسال وفد إسرائيلي للتفاوض على جميع الرهائن - الأحياء والأموات - وعلى إنهاء الحرب بشروط إسرائيل».

امرأة فلسطينية مُسنة تنتظر مع أطفالها الحصول على طعام من مطبخ خيري بخان يونس (أ.ف.ب)

شروط إسرائيل، التي تكررت على ألسنة بعض مسؤوليها، تأتي في ظل عدم إرسال رد إسرائيلي رسمي بشأن المُقترح الجزئي الذي وافقت عليه «حماس»، الاثنين الماضي، ويدعو إلى الإفراج عن 10 رهائن و18 جثماناً محتجَزين في غزة، في مرحلةٍ أولى من هدنة لمدة ستين يوماً، على أن يجري إطلاق سراح الرهائن المتبقّين في مرحلة ثانية، في موازاةِ مفاوضات من أجل تسوية أشمل، بينما تُصر إسرائيل على أن يجري إطلاق جميع الرهائن دفعة واحدة، والتصعيد في آن واحد.

وصادَقَ الجيش الإسرائيلي على المُضي في خطة السيطرة على مدن قطاع غزة، مما دعا «الخارجية المصرية»، في بيان، الخميس، للإعراب عن «استهجانها الشديد للسياسات التصعيدية الإسرائيلية، والتوسع في احتلالها الأراضي الفلسطينية»، واعتبار ذلك «يعكس تجاهلاً كاملاً من قِبل إسرائيل لجهود الوسطاء، والصفقة المطروحة لوقف إطلاق النار، وللمطالب الدولية بإنهاء الحرب».

وجدّد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الجمعة، خلال لقائه نظيره الياباني شيغيرو إيشيبا، على هامش قمة «تيكاد 9» التي تستضيفها مدينة يوكوهاما، موقف مصر الثابت الرافض لاستمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، مستعرضاً مساعي وقف إطلاق النار، وفق بيان لـ«مجلس الوزراء المصري».

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يرى أن شروط إسرائيل تعجيزية وتُعقّد فرص التوصل لهدنة في قطاع غزة، وتضع الوسطاء في اختبار صعب بين إحراجهم وإهدار مصداقيتهم، خاصة أنهم بذلوا جهوداً كبيرة لموافقة «حماس»، في اجتماعاتٍ رَعَتها القاهرة أخيراً. وقال إن نتنياهو يريد بإدارة المفاوضات «تحت النار» أن يُظهر أنه يذهب للمحادثات بصورة المنتصر، ولا يهمُّه الرهائن أو الاستقرار بالمنطقة.

في حين أوضح المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، أن التصريحات الإسرائيلية تكشف عن رغبة في عدم تنفيذ هدنة جزئية بغزة مع ضوء أخضر أميركي لاستكمال الحرب، مشيراً إلى أن التفاوض تحت «إطلاق النار» الذي يسعى له نتنياهو من أجل صفقة شاملة، مرتبط بشروط تعجيزية؛ بينها نزع سلاح «حماس»، وهذا يعني إفشال المحادثات واستمرار الحرب. ويعتقد أن الوسيطين المصري والقطري في موقف صعب، لكن اتصالاتهما، ولا سيما من الجانب المصري، تؤكد أنهما مُصران على استكمال الضغوط وتعزيز فرص التوصل لاتفاق ولو شامل؛ لكن بضمانات حقيقية.

فلسطينيون يحملون مساعدات تلقّوها من «مؤسسة غزة الإنسانية» المدعومة من الولايات المتحدة الشهر الحالي (د.ب.أ)

تلك التطورات شهدت أيضاً، الجمعة، إعلان «الأمم المتحدة» المجاعة في غزة، في أوّل إعلان من هذا النوع بالشرق الأوسط، بعدما حذّر خبراؤها من أن 500 ألف شخص باتوا في وضع «كارثي» وحمّلوا إسرائيل مسؤولية عرقلة إدخال المساعدات، وفق تقرير صادر عن هيئة خبراء أممية.

ورفضت «الخارجية الإسرائيلية»، في بيان، الجمعة، نتائج التقرير، وعَدّته يستند إلى «أكاذيب (حماس)»، وأنه لا وجود لمجاعة في غزة، بينما شكّك السفير الأميركي في إسرائيل، مايك هاكابي، في النتائج، قائلاً: «هل تعلمون مَن الذين يعانون الجوع؟ إنهم الرهائن الذين جرى خطفهم وتعذيبهم على أيدي (حماس)».

بينما طالبت حركة «حماس»، في بيان، الجمعة، بفتح المعابر، و«التحرك الفوري لوقف حرب الإبادة، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية العاجلة إلى القطاع الفلسطيني»، في حين تقول منظمة الصحة العالمية، التابعة للأمم المتحدة، في بيانات حديثة، إن 148 شخصاً تُوفوا جراء سوء التغذية في غزة، منذ يناير (كانون الثاني) الماضي.

ويرى أنور أن إعلان المجاعة في غزة، الأولى من نوعه، يعني أن رصيد نتنياهو الدولي نفد، وأن ذلك بداية ضغط دولي جديد يعزز جهود الوسطاء لإجبار إسرائيل على إبرام اتفاق يسهل من دخول المساعدات بكثافة، متوقعاً أن يذهب رئيس الوزراء الإسرائيلي لاتفاق، سواء جزئي أم شامل، بعد لقطات سينمائية تُظهره منتصراً مثل التوسع في مدينة، أو قتل قيادي عسكري مقاوم أو ما شابه. ويعتقد الرقب أن التقرير الأممي بشأن إعلان المجاعة، الذي هاجمته إسرائيل وكذلك واشنطن، تأكيد جديد بأنهما غير راغبين في إقرار حلول للاستقرار في المنطقة حالياً، لكنه سيزيد الضغوط لوقف الحرب، مؤكداً أن عدم تغير الموقف الأميركي المنحاز لنتنياهو لن يقود لنجاح أي مفاوضات أو اتفاق حالياً، مهما كانت الضغوط.


مقالات ذات صلة

«توسيع الخط الأصفر»... مخطط جديد يُهدد مسار «اتفاق غزة»

شمال افريقيا منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«توسيع الخط الأصفر»... مخطط جديد يُهدد مسار «اتفاق غزة»

تسريبات إسرائيلية جديدة تتضمن توسيع وجود قواتها بقطاع غزة من 53 إلى 75 في المائة، وسط جهود للوسطاء من أجل الدفع بالمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

محمد محمود (القاهرة)
تحليل إخباري فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

تتواصل جهود الوسطاء للدفع بالمرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مخاوف وتحذيرات مصرية

محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي مركبات للشرطة الإسرائيلية تعمل أثناء مداهمة في الضفة الغربية... 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

الشرطة الإسرائيلية: مقتل شخصين في هجوم شنه فلسطيني 

قالت السلطات الإسرائيلية ​اليوم الجمعة إن شخصين قتلا في هجوم نفذه فلسطيني بالطعن والدهس في ‌شمال ‌إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي مستوطنة إسرائيلية بالضفة الغربية (رويترز) play-circle

إسرائيل تعتبر إدانة قرارها إنشاء مستوطنات جديدة في الضفة «خطأ أخلاقياً»

رفضت إسرائيل إدانة صادرة عن 14 دولة لقرارها إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية المحتلة، ووصفت الانتقادات بأنها تنطوي على «تمييز ضد اليهود».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
TT

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)

أعلنت قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن تنفيذ ضربة جوية «محدودة» استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا.

وقال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي إنه «في يومي السبت والأحد الماضيين، رصد دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف، حيث قام طاقم السفينتين بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن (حضرموت، المهرة) بهدف تأجيج الصراع، ما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍ سلمي، وكذلك انتهاكًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216».

وأوضح اللواء المالكي أنه «استنادًا لطلب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني لقوات التحالف باتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي (حضرموت والمهرة)، ولما تشكله هذه الأسلحة من خطورة وتصعيد يهدد الأمن والاستقرار، فقد قامت قوات التحالف الجوية صباح اليوم بتنفيذ عملية عسكرية (محدودة) استهدفت أسلحة وعربات قتالية أفرغت من السفينتين بميناء المكلا، بعد توثيق ذلك ومن ثم تنفيذ العملية العسكرية بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية وبما يكفل عدم حدوث أضرار جانبية».

وأكد اللواء المالكي «استمرار قيادة التحالف في خفض التصعيد وفرض التهدئة في محافظتي (حضرموت والمهرة) ومنع وصول أي دعم عسكري من أي دولة كانت لأي مكون يمني دون التنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بهدف انجاح جهود المملكة والتحالف لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع اتساع دائرة الصراع».


«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعداد لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
TT

«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعداد لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)

دعا تحالف دعم الشرعية في اليمن، اليوم، جميع المدنيين إلى الإخلاء الفوري لميناء المكلا في محافظة حضرموت حتى إشعار آخر، مؤكدًا أن هذا الإجراء يأتي في إطار الحرص على سلامتهم.

وأوضح التحالف أن طلب الإخلاء يهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات، وذلك بالتزامن مع الاستعداد لتنفيذ عملية عسكرية في محيط الميناء، داعيًا الجميع إلى الالتزام بالتعليمات الصادرة والتعاون لضمان أمنهم وسلامتهم.

وكان المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي، قد صرح السبت الماضي، أنه استجابة للطلب المُقدم من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بمحافظة (حضرموت) نتيجة للانتهاكات الإنسانية الجسيمة والمروّعة بحقهم من قبل العناصر المسلّحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، واستمرارًا للجهود الدؤوبة والمشتركة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في خفض التصعيد وخروج قوات الانتقالي وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن وتمكين السلطة المحلية من ممارسة مسؤولياتها فإن قوات التحالف تؤكد أن أي تحركات عسكرية تخالف هذه الجهود سيتم التعامل المباشر معها في حينه بهدف حماية أرواح المدنيين وانجاح الجهود السعودية الإماراتية.

وأكد اللواء المالكي استمرار موقف قيادة القوات المشتركة للتحالف الداعم والثابت للحكومة اليمنية الشرعية، كما أنها تهيب بالجميع تحمل المسؤولية الوطنية وضبط النفس والاستجابة لجهود الحلول السلمية لحفظ الأمن والاستقرار.


«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

زاد الاعتراف الإسرائيلي الأخير بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة» من مخاوف تهجير الفلسطينيين إلى الإقليم الانفصالي وإقامة قواعد عسكرية لإسرائيل بالمنطقة المطلة على ساحل البحر الأحمر.

وحذر رئيس وزراء الصومال، حمزة عبدي بري، من «إشعال الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، بسبب خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أرض الصومال»، وقال إن هذه الخطوة «ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة من السودان والصومال وباقي البلدان».

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، الاعتراف بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة ذات سيادة»، في اعتراف رسمي هو الأول بـ«الإقليم الانفصالي» داخل الصومال، في خطوة اعتبر رئيس إقليم أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله عرو، أنها «لحظة تاريخية».

ولاقى الاعتراف الإسرائيلي إدانات عربية وإسلامية وأفريقية، وأصدرت دول عربية وإسلامية، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، بيانات أكدوا فيها رفضهم التام للخطوة الإسرائيلية.

وربط رئيس الوزراء الصومالي بين الاعتراف الإسرائيلي وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وقال في تصريحات متلفزة لقناة «القاهرة الإخبارية»، الأحد، إن «كل المؤشرات تؤكد أن نتنياهو يريد تهجير الغزيين إلى أرض الصومال»، وأكد أن «بلاده لن تقبل بهذا الأمر»، مشيراً إلى أن «الشعب الفلسطيني من حقه أن يعيش على أرضه، وأن تكون له دولته المستقلة».

ويرى بري أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» هو «جزء من خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي لإقامة ما يسمى بـ(إسرائيل الكبرى)»، وأشار إلى أن «إسرائيل تسعى لاستغلال الظروف السياسية والإقليمية الراهنة، معتبرة أن وجودها في شمال الصومال قد يتيح لها التحكم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مع إمكانية إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة».

وشددت الحكومة الصومالية، في بيان لها الجمعة، على «الرفض القاطع للاحتلال والتهجير القسري للفلسطينيين»، وأكدت أنها «لن تقبل أبداً بجعل الشعب الفلسطيني بلا جنسية»، كما أكدت «عدم السماح بإنشاء أي قواعد عسكرية أجنبية أو ترتيبات على أراضيها من شأنها جرّ الصومال إلى صراعات بالوكالة، أو استيراد العداوات الإقليمية والدولية».

اجتماع الحكومة الصومالية الجمعة بعد الخطوة الإسرائيلية (وكالة أنباء الصومال)

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي من إقليم أرض الصومال، نعمان حسن، أن «حكومة الإقليم لن تقبل بتهجير الفلسطينيين إليه»، وقال إن «السلطة في (أرض الصومال) أعلنت بوضوح رفضها التهجير، باعتبار أنه سيعرقل أي حلول سياسية أمام استكمال الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة»، منوهاً بأن «هناك رفضاً شعبياً أيضاً لهذا الطرح».

وفي الوقت ذاته، فإن حسن يرى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «حكومة (أرض الصومال) لن تمانع إقامة قواعد عسكرية إسرائيلية على أرض الإقليم، شريطة ألا تضر بدول الجوار»، وقال إن «الإقليم يحتاج أن يكون جاهزاً لأي تدخل من الخارج، على وقع التطورات الأخيرة، خصوصاً مع الرفض العربي والإسلامي للاعتراف الإسرائيلي».

ويظل الاعتراف بالاستقلال «الهدف الأساسي الذي تسعى إليه حكومة (أرض الصومال)»، وفق نعمان حسن، الذي عدّ أن «هذه الخطوة لن تضر بمصالح أي دولة أخرى».

في حين يرى المحلل السياسي الصومالي، حسن محمد حاج، أن الاعتراف الإسرائيلي «يثير مخاوف من تأثيره على إعادة تشكيل الخريطة الديمغرافية للإقليم، من خلال فتح الباب أمام التهجير للسكان المحليين أو للفلسطينيين إلى أرض الإقليم، بذرائع مثل التنمية أو إقامة مناطق أمنية ومرافق سيادية».

وأشار حاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المخاوف تتزايد من تحول الاعتراف إلى مدخل لإقامة قواعد عسكرية أو مرافق استخباراتية إسرائيلية على ساحل البحر الأحمر ومنطقة باب المندب»، عاداً أن ذلك «سيضع الإقليم في قلب صراع المحاور الدولية، ويحوله من قضية داخل الصومال إلى ساحة لتنافس إقليمي ودولي»، وأشار إلى أن «مخاطر سيناريوهات (التهجير والعسكرة) ستمتد أثرها للمحيط الإقليمي والأفريقي بتأجيج التوترات القبلية وإضعاف فرص الحلول السياسية الشاملة».

وينظر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمستشار بـ«الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية»، اللواء عادل العمدة، إلى تأثير ما يحدث في «أرض الصومال» باعتبار أنه «يرسخ لمفاهيم سلبية عن الانفصال لدى الحركات التي تشجع على ذلك، ما يعزز من مسألة التفتيت والتقسيم بين الدول الأفريقية»، وقال إن «تقسيم الصومال سيؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي؛ لارتباط هذه المنطقة بمصالح استراتيجية لغالبية دول العالم».

ويعتقد العمدة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل تريد من خطوة الاعتراف بـ(أرض الصومال)، فتح جبهة جديدة من الصراع في المنطقة، للفت أنظار المجتمع الدولي عما يحدث في قطاع غزة»، وقال إن «الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته جزء من الحفاظ على الأمن القومي العربي والمصري في منطقة البحر الأحمر».

ويعوّل الصومال على الدعم الإقليمي والعالمي لسيادته في مواجهة التحركات الإسرائيلية، وفق بري الذي قال في تصريحاته إن بلاده «تستخدم القنوات الدبلوماسية كخيار لمواجهة قرار نتنياهو»، إلى جانب «استخدام الإجراءات القانونية للدفاع عن وحدة» بلاده، لافتاً إلى أن «الدستور لا يسمح لـ(أرض الصومال) بالقيام بهذا الفعل».

ويعلن إقليم أرض الصومال انفصاله من جانب واحد عن جمهورية الصومال الفيدرالية منذ عام 1991، ولم يحظَ باعتراف دولي طوال هذه الفترة.