ترحيب ليبي بـ«خريطة» أممية من 3 مراحل لإجراء الانتخابات

صالح يؤكد دعمه لتشكيل «حكومة جديدة»... والدبيبة يطالب بـ«قوانين قابلة للتنفيذ»

المبعوثة الأممية في جلسة لمجلس الأمن الدولي (البعثة الأممية في ليبيا)
المبعوثة الأممية في جلسة لمجلس الأمن الدولي (البعثة الأممية في ليبيا)
TT

ترحيب ليبي بـ«خريطة» أممية من 3 مراحل لإجراء الانتخابات

المبعوثة الأممية في جلسة لمجلس الأمن الدولي (البعثة الأممية في ليبيا)
المبعوثة الأممية في جلسة لمجلس الأمن الدولي (البعثة الأممية في ليبيا)

رحب قادة ليبيون بـ«خريطة الطريق» التي أعلنتها المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، أمام مجلس الأمن، على أن «تنفذ عبر عملية تدريجية متسلسلة، وفق إطار زمني يتراوح ما بين 12 و18 شهراً»، وشريطة «توفر حسن النيات والتقارب بين الأطراف».

وقدمت تيتيه إحاطة أمام «مجلس الأمن»، مساء الخميس، اقترحت فيها خريطة مستندة إلى ثلاث ركائز أساسية، تشمل تنفيذ إطار انتخابي سليم من الناحية الفنية بهدف إجراء انتخابات عامة، وتوحيد المؤسسات من خلال «حكومة جديدة موحدة»، وحوار يتيح المشاركة الواسعة لليبيين لمعالجة القضايا المهمة.

المنفي والدبيبة في لقاء سابق بطرابلس الأسبوع الماضي (المجلس الرئاسي الليبي)

وسارع محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب، ورئيس الحكومة المكلفة منه أسامة حمّاد، بالترحيب بـ«الخريطة»، وأبدى كل واحد منهم رأيه بشأن نقطة تميزها ورؤيته لجهة تنفيذها، في حين رأى عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، أنها تؤكد «ما سبق أن قاله بشأن القوانين الانتخابية».

من جهته، رأى المتحدث باسم البعثة، محمد الأسعدي، أن الخريطة «تمثل خطة متكاملة من خطوات متدرجة ومتزامنة، تهدف إلى إيصال ليبيا نحو انتخابات وطنية وتوحيد المؤسسات».

وقال الأسعدي في تصريح نشره موقع البعثة، الجمعة، إن المفاوضات الخاصة بتشكيل حكومة جديدة موحدة «لن تكون بالأمر اليسير، لكنها ضرورية وملحّة»، وأشار إلى أنه «لا يمكن فرض جدول زمني صارم لهذه الخطوة»، مبرزاً أن الاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة «سيأتي بعد الانتهاء من الخطوة التأسيسية، المتمثلة في إعادة هيكلة المفوضية العليا للانتخابات، عبر استكمال تشكيل مجلس إدارتها، وضمان استقلاليتها المالية، وقدرتها التشغيلية»، إلى جانب «تعديل الأطر القانونية المنظمة للعملية الانتخابية، بحسب توصيات اللجنة الاستشارية بالخصوص، في غضون شهرين كحد أقصى».

المتحدث باسم البعثة الأممية في ليبيا محمد الأسعدي (البعثة)

وبيّن الأسعدي أن ما يميز هذه الخريطة هو «المشاركة الواسعة، وانخراط عدد كبير من الأطراف السياسية، بهدف تحقيق توافق ودعم قوي لأي حكومة مقبلة».

وأكدت تيتيه خلال عرض الخطوط العريضة لخريطة الطريق أنها تسعى إلى إنهاء المراحل الانتقالية، ومساعدة الليبيين على الدخول في مرحلة من الاستقرار واليقين. وشددت على أنه «لا يمكن تحديد إطار زمني غير واقعي»، لكنها رأت أن «فترة زمنية تتراوح بين 12 و18 شهراً كافية لتنفيذ خريطة الطريق، شرط توفر حسن النيات والتقارب بين الأطراف».

وانتهت تيتيه محذرة بأن «البعثة ستراقب أي محاولات لعرقلة التنفيذ»، مع «إمكانية لجوء مجلس الأمن إلى فرض عقوبات على المعرقلين».

ورحب المنفي بـ«الجهود الصادقة» التي تبذلها المبعوثة الأممية، لا سيما في ما يتعلق بـ«قراءتها الدقيقة» للمشهد السياسي، وتأكيدها على «ضرورة وضع إطار زمني واضح، يُلزم المجلسين (البرلمان والأعلى للدولة) بالتوافق على معالجة ما تبقى من نقاط خلافية».

وقال المنفي عبر حسابه على منصة «إكس»: «لقد آن الأوان لإعطاء الشعب كلمة الفصل في تقرير مصيره، بداية بالاستفتاء على المواد الخلافية في القوانين الانتخابية، وعلى المسار البديل في حال استمرار عدم التوافق بين المجلسين».

بدوره، رحب صالح بالدعوة التي وجهتها تيتيه إلى تشكيل «حكومة جديدة موحدة»، تتولى الإعداد لانتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة، وعدّ ذلك «خطوة أساسية نحو توحيد السلطة التنفيذية، وتعزيز وحدة الصف»، مؤكداً «دعمه الكامل» لدعوة تشكيل الحكومة «بما يضمن توحيد مؤسسات الدولة، وصون السيادة الوطنية، وتحقيق تطلعات الشعب الليبي في الأمن والتنمية والازدهار»، مذكّراً بأن حكومة حمّاد «هي الحكومة الشرعية المنبثقة عن مجلس النواب، والتي نالت ثقته».

صالح مستقبِلاً حمّاد في لقاء سابق (مجلس النواب الليبي)

من جانبها، أبدت حكومة حمّاد ترحيبها بـ«الخريطة الأممية» لجهة الدعوة إلى تشكيل سلطة تنفيذية جديدة موحدة لكامل التراب الليبي «بما يضمن قيادة المرحلة المقبلة، وتوحيد المؤسسات العامة للدولة، وصولاً إلى إنجاز الاستحقاقات الانتخابية العامة والبلدية».

وجددت الحكومة «التزامها الثابت بمطالب الليبيين»، مؤكدة وقوفها مع «إرادة الشعب، الداعية إلى تشكيل سلطة تنفيذية جديدة موحدة، بما يحقق تطلعاته في بناء دولة مستقرة، تقوم على مبدأ التداول السلمي للسلطة، من خلال انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة»، كما أكدت استعدادها للتعاون مع الأطراف الوطنية والدولية كافة «بما يخدم مصلحة ليبيا العليا، ويحفظ سيادتها واستقرارها».

من جهته، رأى الدبيبة أن «الخريطة الأممية» لامست ما كان يطالب به من قبل بخصوص القوانين الانتخابية، وقال موضحاً: «منذ البداية أكدتُ أن القوانين الانتخابية هي العائق الذي عطّل مسار الانتخابات منذ 2021، وكررتُ ذلك أكثر من مرة، واليوم جاءت إحاطة المبعوثة لتؤكد ما قلناه، وتجعل معالجة هذه النقطة أولوية أساسية للانطلاق، ضمن خريطة الطريق التي أُعلنت ملامحها المبدئية اليوم، وهو أمر نرحّب به وندعمه».

واعتبر الدبيبة أن أي خريطة طريق تدفع نحو الانتخابات، وتوحيد جميع المؤسسات دون استثناء «تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح»، وقال إن «الرهان الحقيقي يبقى على وعي الليبيين وإرادتهم الحرة، وهو ما نعمل على ترجمته عملياً عبر استعلام وطني شامل يضمن أن يكون صوت كل الليبيين حاضراً في هذا الاستحقاق».

من جلسة سابقة لمجلس الأمن حول ليبيا (البعثة)

وتحدث الدبيبة عما أسماه بـ«موقفه الثابت»، وقال إن «الذهاب المباشر إلى الانتخابات، على أساس قوانين قابلة للتنفيذ، هو الحل الوحيد لإنهاء الانقسام السياسي وتحقيق إرادة الليبيين»، معتبراً أن «التوافق على إنهاء الأجسام الموازية، وفق مرجعية الاتفاق السياسي وملاحقه، أمر مرحّب به، ويدعم مسار التوحيد، لكنه لا يجب أن يكون ذريعة لتأخير الانتخابات، أو تعطيل إرادة الشعب».

وانتهى الدبيبة إلى أن «الليبيين يتطلعون إلى مجلس الأمن لمساندة مسار الانتخابات، ومحاسبة المعرقلين؛ حتى يكون صوت المجتمع الدولي داعماً لتطلعات شعبنا نحو دولة موحدة، مستقرة، مزدهرة، وحكومة يختارها بنفسه».

ولم يعلّق المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» على «الخريطة الأممية» حتى مساء الجمعة، لكن مقربين من سلطات شرق ليبيا يرون أن «تغيير السلطة التنفيذية في طرابلس هو الرهان الحقيقي، ومن ثمّ فإنها تدعم ما ذهبت إليه المبعوثة الأممية».


مقالات ذات صلة

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

شمال افريقيا صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

تنتظر المفوضية العليا للانتخابات الليبية أحكام المحاكم المختصة في 7 طعون بالبلديات التي أجريت بها عملية الاقتراع السبت الماضي؛ لإعلان النتائج الأولية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

حمّاد لا يرى حلاً للأزمة الليبية عبر «تدخلات الخارج»

دعا أسامة حمّاد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب «أبناء الوطن كافة إلى الالتحاق بركب التنمية بعيداً عن أي تدخلات أو إملاءات خارجية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس يتفقون على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق» بشأن الأزمة الليبية (وزارة الخارجية المصرية)

مصر والجزائر وتونس تجدد دعمها لإجراء الانتخابات الليبية

اتفق وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق في إطار الآلية الثلاثية» بما يسهم في دعم الشعب الليبي لتحقيق تطلعاته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال افتتاح «المتحف الوطني» في طرابلس الذي أثار انتقادات عدد كبير من الليبيين (رويترز)

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

هيمنت أزمة نقص السيولة على المشهد الليبي؛ في ظل اصطفاف المواطنين أمام المصارف لساعات طويلة، إلى جانب نقاشات موسعة مع خبراء ومسؤولين حول سبل المعالجة.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا افتتاح «الحوار المهيكل» في ليبيا (أرشيفية - البعثة الأممية)

مصراتة تنتفض لـ«حل الأجسام المسيطرة» على المشهد الليبي

دافعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، مجدداً، عن «الحوار المهيكل» الذي ترعاه في العاصمة طرابلس، رغم الجدل المثار حول إمكانية نجاحه.

خالد محمود (القاهرة )

مصرع سائحة إيطالية بحادث تصادم بين مركبين سياحيين في جنوب مصر

الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل
الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل
TT

مصرع سائحة إيطالية بحادث تصادم بين مركبين سياحيين في جنوب مصر

الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل
الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل

قضت سائحة إيطالية، الأحد، إثر حادث تصادم بين مركبين سياحيين في محافظة الأقصر بجنوب مصر، وفقاً لوزارة النقل المصرية ووسائل إعلام إيطالية.

وأكدت وزارة النقل المصرية في بيان تصادم فندقين عائمين بنهر النيل في محافظة الأقصر بجنوب مصر أثناء إبحارهما بين مدينتي الأقصر وأسوان السياحيتين و«وفاة إحدى النزيلات».

وأشار البيان إلى «تهشم 3 كبائن» في أحد الفندقين العائمين وتضرر الآخر، بينما تمت إحالة الواقعة إلى النيابة.

https://www.facebook.com/MinistryTransportation/posts/في المائةD8في المائةA8في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة86-في المائةD8في المائةA7في المائةD8في المائةB9في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة85في المائةD9في المائة8A-في المائةD9في المائة85في المائةD9في المائة86-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة87في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA6في المائةD8في المائةA9-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةB9في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةA9-في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة82في المائةD9في المائة84-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة87في المائةD8في المائةB1في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA7في المائةD8في المائةB9في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD8في المائةAA-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة87في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA6في المائةD8في المائةA9-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةB9في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةA9-في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة82في المائةD9في المائة84-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة87في المائةD8في المائةB1في المائةD9في المائة8A-في المائةD9في المائة81في المائةD9في المائة8A-في المائةD8في المائةA8في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA7/1174605321503189/?locale=ar_AR

وأفادت وكالة «أنسا» الإيطالية للأنباء بمقتل سائحة إيطالية تبلغ 47 عاماً بعد نقلها للمستشفى عقب إصابتها في الحادث.

وتعتبر محافظتا الأقصر وأسوان (أكثر من 600 كيلومتر جنوب القاهرة) وجهتين سياحيتين بارزتين، بينما تحاول الحكومة المصرية تنشيط قطاع السياحة الذي عانى من الأزمات الاقتصادية والجائحة العالمية في السنوات الأخيرة.

وتساهم السياحة بـ10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المصري ويعمل في هذا القطاع نحو مليوني شخص، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأعلنت الحكومة المصرية الشهر الماضي نمو نشاط الفنادق بنسبة 13 في المائة مقارنة بالعام السابق، بالتزامن مع افتتاح المتحف المصري الكبير في بداية نوفمبر (تشرين الثاني).

وأعلن وزير السياحة المصري شريف فتحي الأسبوع الماضي ارتفاع أعداد السائحين إلى نحو 19 مليون، مقارنة بنحو 15 مليون عام 2024.


توتر بين «الدعم السريع» وقوات جنوب السودان

صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

توتر بين «الدعم السريع» وقوات جنوب السودان

صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

بينما أكدت تقارير في جوبا حدوث توتر بين «قوات الدعم السريع» وقوات دفاع جنوب السودان، في منطقة هجليج النفطية بولاية جنوب كردفان، نفت «الدعم السريع» وقوع أي اشتباكات مسلحة بين الجانبين.

وأفادت صحيفة «جوبا بوست» بأن توتراً حادّاً حدث ليل السبت - الأحد بين القوات الجنوبية الموكَلة إليها حماية حقول النفط في هجليج - باتفاق ثلاثي بين جوبا وبورتسودان ونيالا - و«قوات الدعم السريع» التي سيطرت على المنطقة، بعد انسحاب الجيش السوداني منها إلى الدولة الجارة.

لكن الباشا طبيق، مستشار قائد «الدعم السريع»، قال في تغريدة على «فيسبوك» إن ما تناولته صحفٌ ووسائل إعلام سودانية موالية للجيش بشأن وقوع «اشتباكات في هجليج لا أساس له من الصحة». من جهة أخرى، تواصلت عمليات إجلاء العاملين في المنظمات الإنسانية والأممية من كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» بالاشتراك مع حليفتها «قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان - تيار عبد العزيز الحلو».


تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
TT

تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)

جدد مجلس الأمن الدولي ولايةَ «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر (كانون الأول) 2026، وسط مسار سلام يراوح في مكانه رغم تعدد الاتفاقات، مع عودة العنف مجدداً إلى صدارة المشهد.

هذه الخطوة الدولية، التي تضمنت دعوات إلى انسحاب حركة «23 مارس (إم 23)» المتمردة من مناطق احتلتها، يراها خبير في الشؤون الأفريقية، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، دفعةً لجهود السلام في شرق الكونغو الذي يعاني صراعات على مدى عقود عدة، موضحاً أن «غيابها يعني مزيداً من الفوضى؛ لكن مع التمديد يمكن تقديم دعم إضافي لمسار السلام المتعثر حالياً، على الرغم من الاتفاقات؛ لأسباب مرتبطة بعدم وجود تفاهمات حقيقية على الأرض».

وتتصدر أزمة شرق الكونغو، الممتدة منذ 3 عقود، الاهتمامات الأفريقية. وبحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره الرواندي، أوليفييه أندوهونجيريهي، في لقاء بالقاهرة، سبلَ إرساء الاستقرار والسلم والأمن في منطقة شرق الكونغو، مؤكداً دعمَ مصر الكامل الجهودَ كافة الرامية إلى تثبيت الأمن والاستقرار، وفق بيان من «الخارجية المصرية» الأحد.

وجاء اللقاء عقب قرار مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر 2026، مع الحفاظ على سقف القوات المصرح به عند 11 ألفاً و500 فرد عسكري، و600 مراقب عسكري وضابط أركان، و443 فرد شرطة، و1270 فرداً من وحدات الشرطة المشكّلة، ومطالبة رواندا بوقف دعمها حركة «إم 23» المتمردة.

ويرى المحلل السياسي التشادي الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، أن تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» يمكن أن يشكل دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو، «إذا اقترن بتغييرات عملية في أسلوب عملها، وتعاون حقيقي مع السلطات المحلية والمجتمعات المتضررة... فالوجود الأممي يوفر غطاء دولياً لحماية المدنيين، ودعماً لوجيستياً ومؤسساتياً للجيش والشرطة، كما يساهم في مراقبة حقوق الإنسان، وتهيئة بيئة أفضل أمناً للعمل الإنساني والحوار السياسي. لكن نجاح التجديد لا يعتمد على الاستمرار الشكلي، إنما على معالجة أسباب الصراع المزمنة، مثل ضعف الدولة، وتعدد الجماعات المسلحة، والتنافس على الموارد، وانعدام الثقة بين السكان والبعثة»، وفق عيسى.

وإذا ركزت «مونوسكو» على «دعم حلول سياسية محلية، وتعزيز المصالحة، وبناء قدرات مؤسسات الدولة، والاستجابة لمطالب السكان بشأن الحماية والشفافية، فقد ينعكس التجديد إيجاباً على الاستقرار»؛ يضيف عيسى، موضحاً: «أما إذا استمر الشعور بعدم الفاعلية أو غياب التنسيق، فقد يحد ذلك من أثرها... لذلك؛ يكون التجديد فرصة حقيقية للسلام عندما يُستثمر لإصلاح الأداء وتوجيه الجهود نحو جذور الأزمة».

ويسلط القرار الدولي الضوء على «الأزمة الأمنية والإنسانية المتدهورة بسرعة» في شرق الكونغو الديمقراطية بسبب هجوم حركة «23 مارس» في شمال وجنوب كيفو «بدعم وبمشاركة مباشرة من قوات الدفاع الرواندية»، وفق بيان «المجلس».

وقالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، جنيفر لوسيتا، مساء الجمعة، إن «المفاوضات التي تقودها تعطلت مرة أخرى بسبب تقدم حركة (23 مارس) المدعومة من قوات الدفاع الرواندية».

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو 3 عقود، وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتَين في الإقليم. وشنّت «23 مارس»، بدعم من رواندا، هجوماً جديداً في بداية ديسمبر الحالي بإقليم جنوب كيفو شرق البلاد على طول الحدود مع بوروندي، وأحكمت سيطرتها على بلدة أوفيرا الاستراتيجية في 11 ديسمبر الحالي.

وجاء التقدم الأخير للحركة في شرق الكونغو الغني بالمعادن بعد أسبوع من لقاء الرئيسَين؛ الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي والرواندي بول كاغامي الرئيسَ الأميركي دونالد ترمب في واشنطن خلال وقت سابق من هذا الشهر، وأكدا التزامهما اتفاق سلام توسطت فيه الولايات المتحدة.

ووسط أنباء عن انسحاب الحركة من المنطقة المحتلة حديثاً، قال مسؤولون في «الصليب الأحمر»، الخميس الماضي، إن «شهر ديسمبر هو الأعلى حدة في النزاع».

ويعدّ الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية بواشنطن في مطلع ديسمبر الحالي هو الأحدث ضمن سلسلة «تفاهماتٍ بإطار» أُبرمت خلال يونيو (حزيران) الماضي في واشنطن، إضافة إلى «إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة»، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في قطر، استكمالاً لاتفاقٍ يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن المطالب الدولية بانسحاب «23 مارس» من المناطق التي سيطرت عليها في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، تعبر عن ضغط سياسي ودبلوماسي متصاعد، «لكنها لا تعني بالضرورة أن الانسحاب يمكن تحقيقه قريباً». وأوضح أن «الحركة» ما زالت «تمتلك قوة عسكرية على الأرض، وتستفيد من تعقيدات المشهد الإقليمي، وضعف سلطة الدولة في بعض المناطق؛ مما يجعل استجابتها للضغوط وحدها أمراً غير مضمون».

وأضاف: «كما أن تجارب سابقة أظهرت أن بيانات الإدانة والمطالب الدولية لا تتحول سريعاً إلى واقع ميداني ما لم تُدعم بآليات تنفيذ واضحة، مثل عقوبات فعالة، أو ضغط إقليمي من الدول المؤثرة، أو تقدم حقيقي في المسارات التفاوضية».

في المقابل؛ قد يصبح الانسحاب ممكناً، وفق صالح إسحاق عيسى، «إذا ترافقت هذه المطالب مع تحرك منسق من (الاتحاد الأفريقي)، ومع ضمانات أمنية وسياسية تعالج دوافع الحركة، إضافة إلى تعزيز قدرات الدولة الكونغولية على بسط سيطرتها بعد أي انسحاب؛ لتفادي فراغ أمني». لذلك؛ «يبقى تحقيق الانسحاب القريب مرتبطاً بمدى جدية المجتمعَين الدولي والإقليمي في الانتقال من المطالبة إلى الفعل، وبإيجاد تسوية أوسع تعالج جذور الصراع»؛ وفق ما خلص إليه عيسى، وسط تفاقم الأزمة بشرق الكونغو.