إسرائيل تهدد: أبواب الجحيم ستُفتح

تصعّد العمليات بمدينة غزة والبدء فعلياً بتنفيذ خطة لحصارها

فلسطيني يحمل جثة طفلة (4 سنوات) قُتلت بقصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين في مدينة غزة الجمعة (أ.ب)
فلسطيني يحمل جثة طفلة (4 سنوات) قُتلت بقصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين في مدينة غزة الجمعة (أ.ب)
TT

إسرائيل تهدد: أبواب الجحيم ستُفتح

فلسطيني يحمل جثة طفلة (4 سنوات) قُتلت بقصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين في مدينة غزة الجمعة (أ.ب)
فلسطيني يحمل جثة طفلة (4 سنوات) قُتلت بقصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين في مدينة غزة الجمعة (أ.ب)

تواصل إسرائيل تصعيد عملياتها بمدينة غزة، من خلال تكثيف غاراتها الجوية وقصفها المدفعي على مناطق متفرقة من المدينة، التي أقرت خطة بشأن احتلالها، مع توعد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بتدمير المدينة على غرار رفح وبيت حانون.

وتمددت العمليات الإسرائيلية على الحدود الشمالية للمدينة من بلدتي جباليا البلد والنزلة، إلى منطقة أبو إسكندر في حي الشيخ رضوان، والذي شهد موجة نزوح كبيرة في أعقاب قصف مدفعي عشوائي عنيف تعرضت له المنطقة، ومن بينها مدرسة عمرو بن العاص التي تؤوي نازحين، ما أدى لمقتل ما لا يقل عن 13 فلسطينياً وإصابة العشرات، غالبيتهم من الأطفال والنساء.

طفلة تجاهد للحصول على طعام من مطبخ خيري في خان يونس بجنوب قطاع غزة الجمعة (رويترز)

وطلب الجيش الإسرائيلي عبر اتصالات ومناشير ألقاها على السكان في منطقة أبو إسكندر، وبلدتي جباليا البلدة والنزلة المجاورتين للمنطقة، بإخلائها والنزوح منها، إلا أن إصرار أعداد كبيرة من العائلات على البقاء في منازلهم ومراكز الإيواء دفع تلك القوات لاستخدام القوة النارية العنيفة في استهداف السكان، وهو أسلوب كررته في الكثير من المناطق.

وتزامن ذلك مع تكثيف الغارات الجوية والقصف المدفعي وتفجير روبوتات مفخخة في حيي الزيتون والصبرة على الحدود الجنوبية للمدينة، وسط إطلاق نار من طائرات مسيرة على كل هدف متحرك في الحيين بهدف رصد أي مقاومين أو كمائن، إلى جانب ضمان سيطرتها على الجزء الشرقي من شارع 8 الرئيسي، الذي تخطط للسيطرة عليها بالكامل في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة، لفرض حصار مشدد على مدينة غزة، بالتزامن مع عزلها والسيطرة على الشارع الذي يربط بلدتي جباليا البلد والنزلة من المنطقة الشمالية، وصولاً إلى مفترق «الصاروخ» أو ما يعرف بالاتصالات نهاية شارع الجلاء مع منطقة الصفطاوي، وبذلك تكون أطبقت حصارها على المدينة.

 

فلسطينية تحمل متاعاً وهي تسير هرباً من العملية العسكرية الإسرائيلية بمدينة غزة الجمعة (رويترز)

«أبواب الجحيم»

وأكد الجيش الإسرائيلي، الخميس، أنه بدأ إبلاغ الطواقم الطبية ومنظمات الإغاثة في شمال غزة بضرورة الشروع في إعداد خطط إجلاء، تمهيداً للعملية العسكرية.

وحذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، الخميس، من «تأثير إنساني مروع» لتوسيع إسرائيل عملياتها العسكرية. وقال إن «إجبار مئات الآلاف على التحرك جنوباً ما هو إلا كارثة جديدة وقد يعدّ نقلاً قسرياً للسكان».

فيما توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الجمعة، بتدمير مدينة غزة إذا لم تتخل حركة «حماس» عن سلاحها ولم تطلق جميع الرهائن.

وكتب عبر منصة «إكس»: «قريباً، سوف تُفتح أبواب الجحيم على رؤوس قتلة ومغتصبي (حماس) حتى يوافقوا على شروط إسرائيل لإنهاء الحرب، وهي بشكل أساسي إطلاق سراح جميع الرهائن والتخلي عن السلاح». وأضاف: «إذا لم يقبلوا، فستصبح (مدينة) غزة - عاصمة (حماس) - رفح وبيت حانون»، في إشارة إلى مدينتين تم تدميرهما بشكل كبير في أثناء العمليات الإسرائيلية في القطاع.

فلسطينيون يحملون أغراضهم وهم يسيرون مبتعدين عن منطقة أبو إسكندر في حي الشيخ رضوان التي شهدت نزوحاً كبيراً الجمعة (أ.ف.ب)

وفعلياً، تتعمد القوات الإسرائيلية تدمير أكبر قدر ممكن من المناطق في قطاع غزة، وهو ما أشارت إليه صحيفة «يديعوت أحرونوت» في تقرير نشر الجمعة، أكدت أن العملية بمدينة غزة ستحتاج إلى وقت طويل لتدمير مبانيها الشاهقة على عكس مناطق أخرى في القطاع، مشيرةً إلى أن الجيش الإسرائيلي سيضطر إلى استخدام كمية هائلة من المتفجرات، بالإضافة إلى المعدات الهندسية الثقيلة والتي أصبح بعضها معطلاً ميكانيكياً بالفعل بسبب القتال المستمر منذ فترة طويلة.

ونقلت «يديعوت أحرونوت» عن ضابط كبير يشارك في الحرب بغزة خلال الأشهر الأخيرة، قوله: «أصبح هدفنا تسوية المنازل والمباني، وليس فقط الإضرار بها لمنع استخدامها من قبل عناصر (حماس) لاحقاً».

وقتل منذ فجر الجمعة وحتى ساعات ما بعد الظهير أكثر من 63 فلسطينياً (رقم مرشح للزيادة)، إثر سلسلة من الغارات الجوية والقصف المدفعي واستهداف منتظري المساعدات في شمال ووسط وجنوب قطاع غزة.

فلسطينيون يشيعون قتلى سقطوا بالقصف الإسرائيلي في مدينة غزة الجمعة (أ.ب)

وشنت الطائرات الإسرائيلية غارات طالت منازل وخياماً للنازحين في ساعات الليل بمدينة غزة، وكذلك في خان يونس جنوبي قطاع غزة، ما أدى لمقتل العديد من الفلسطينيين، بينهم أسر كاملة مُحيت من السجل المدني مثل عائلة الأسود في مخيم الشاطئ.

فيما أعلنت وزارة الصحة بغزة، عن وصول 71 قتيلاً و251 إصابة لمستشفياتها خلال الـ24 ساعة الماضية (من ظهيرة الخميس إلى الجمعة)، لترتفع حصيلة العدوان الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى 62263 قتيلاً و157365 إصابة، منهم 10717 قتلوا منذ فجر الثامن عشر من مارس (آذار) الماضي، بعد استئناف إسرائيل للحرب في أعقاب وقف إطلاق نار مؤقت استمر نحو شهرين.

فيما سُجل مقتل 24 فلسطينياً، وإصابة 133 برصاص القوات الإسرائيلية خلال انتظارهم للمساعدات، ما يرفع مجمل ضحاياهم إلى 2060 قتيلاً، و15197 مصاباً منذ نهاية مايو (أيار) الماضي، بعد افتتاح مراكز المساعدات الإنسانية الأميركية.

كما سجلت مستشفيات قطاع غزة، خلال الساعات الـ24 الماضية، حالتي وفاة جديدتين، نتيجة المجاعة وسوء التغذية، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 273 حالة وفاة، من ضمنهم 112 طفلاً.

دخان فوق منطقة أبو إسكندر في حي الشيخ رضوان جراء غارة إسرائيلية الجمعة (أ.ف.ب)

ويتفاقم الوضع الإنساني في قطاع غزة، نتيجة استمرار نهب المساعدات الإنسانية، وعدم قدرة أي جهات بحمايتها وتأمينها وتوزيعها بشكل عادل لتصل لمستحقيها، الأمر الذي يضع الفئات الهشة في ظروف قاسية وتتسبب بوفاة العديد منهم نتيجة هذه الظروف.

وتتهم منظمة العفو الدولية إسرائيل باتّباع سياسة تجويع «متعمّدة» في غزة، وأنها «تدمّر بشكل ممنهج الصحة والسلامة والنسيج الاجتماعي لحياة الفلسطينيين».

وقالت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة إن 148 شخصاً توفوا جراء سوء التغذية في غزة منذ يناير (كانون الثاني) 2025.

فلسطينيون يحملون أكياس طحين حصلوا عليها من قافلة مساعدات في بيت لهيا (أرشيفية - أ.ب)

وحذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في أغسطس (آب) من أن الجوع وسوء التغذية في غزة وصلا إلى أعلى مستوياتهما منذ بداية الحرب، موضحاً أن «أكثر من ثلث السكان لا يتناولون الطعام لأيام متتالية»، وأن 300 ألف طفل يعيشون خطر سوء التغذية، مع تفاقم الوضع بسبب عدم السماح بدخول ما يكفي من شاحنات المساعدات إلى القطاع.

الضفة الغربية

وفي الضفة الغربية، واصلت القوات الإسرائيلية فرض حصار مشدد على قرية المغير، شمال شرقي رام الله، بدعوى بحثها عن فلسطينيين نفذوا عملية إطلاق نار، الخميس، وأدت لإصابة مستوطن بجروح طفيفة في أثناء رعيه للأغنام.

وداهمت القوات الإسرائيلية، عشرات المنازل واعتدت على السكان، وخربت الممتلكات وسرقت أموال ومصاغات ذهبية، كما اعتدت على مركبات الفلسطينيين بالتكسير والتحطيم، واعتقلت عدداً من الشبان وسط تحقيقات ميدانية ونقل آخرين لجهة مجهولة، فيما اضطر المئات من سكان القرية للمبيت في قرى مجاورة بعد أن منعتهم من العودة إليها.

وقامت جرافات إسرائيلية بشق طريق استيطاني من منطقة «الرفيد» صعوداً إلى منطقة «قلاصون»، لرسم حدود جديدة للقرية، ما تسبب بتخريب بآلاف الدونمات ومسحها بالكامل، وذلك بعد أن شرعت بتجريف السهل الشرقي للمغير، المحاذي لشارع «ألون» الاستيطاني، المزروع معظمه بأشجار زيتون.

فيما أقام مستوطنون بؤرة استيطانية جديدة على أراضي الفلسطينيين في منطقة «جبل الخربة» عند مدخل بلدة عطارة شمال غربي رام الله، ونصبوا خياماً في المكان، وذلك بعد نحو 13 يوماً من إقامة بؤرة أخرى في المنطقة نفسها وشق طريق ترابي.

يذكر أن منطقة جبل الخربة التي تبلغ مساحتها 2000 دونم، تعد منطقة أثرية يقتحمها المستوطنون باستمرار، في إطار سياسة تهدف إلى تهجير المواطنين الفلسطينيين.

يشار إلى أن المستوطنين حاولوا إقامة 15 بؤرة استيطانية جديدة منذ مطلع يوليو (تموز) الماضي، غلب عليها الطابع الزراعي والرعوي، 5 منها على أراضي محافظة الخليل، وبؤرتان في كل من: سلفيت وبيت لحم ورام الله وأريحا، وبؤرة في طوباس وأخرى في جنين.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره التركي أهمية الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة

المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال استقباله نظيره التركي هاكان فيدان بالقاهرة أغسطس الماضي (الخارجية التركية)

وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره التركي أهمية الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة

قالت وزارة الخارجية المصرية، اليوم، إن الوزير بدر عبد العاطي أكد في اتصال هاتفي مع نظيره التركي هاكان فيدان، أهمية الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم (الأحد)، إن حركة «حماس» الفلسطينية لا تعمل على نزع سلاحها.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

غزة: أسلحة جديدة في أيدي المجموعات المسلحة المناهضة لـ«حماس»

ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بنشر مقاطع فيديو وصور لأسلحة جديدة ظهرت في أيدي عناصر المجموعات المسلحة الموجودة في مناطق السيطرة الإسرائيلية داخل غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون قرب مبانٍ مدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«مشروع شروق الشمس»... هل يبصر النور لتحويل غزة إلى مدينة عصرية؟

تسوّق إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لـ«مشروع شروق الشمس» (Project Sunrise) بين الحكومات الأجنبية والمستثمرين، لتحويل ركام غزة إلى وجهة ساحلية مستقبلية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي طفل فلسطيني يعاني من سوء تغذية حاد يشرب الماء داخل خيمة عائلته بمخيم للنازحين في خان يونس (رويترز)

إسرائيل تحول الخط الأصفر إلى «مصيدة للموت» للغزيين

خلال الـ24 ساعة الأخيرة في قطاع غزة (منذ ظهر الخميس وحتى الجمعة)، قتل 4 فلسطينيين بينهم سيدة، في بلدة بني سهيلا شرق خان يونس.

«الشرق الأوسط» (غزة)

قائد الجيش اللبناني: أداء المؤسسة العسكرية بات محل ثقة الدول الشقيقة والصديقة

قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل (قيادة الجيش)
قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل (قيادة الجيش)
TT

قائد الجيش اللبناني: أداء المؤسسة العسكرية بات محل ثقة الدول الشقيقة والصديقة

قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل (قيادة الجيش)
قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل (قيادة الجيش)

جدد قائد الجيش اللبناني، العماد رودولف هيكل، التأكيد على أن الجيش بصدد الانتهاء من المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح (في جنوب الليطاني)، وأنه يجري التقييم والدراسة والتخطيط بكلّ دقة وتأنٍّ للمراحل اللاحقة، مشيراً إلى أن أداء المؤسسة العسكرية بات محل ثقة الدول الشقيقة والصديقة.

جاء حديث هيكل خلال ترؤسه اجتماعاً استثنائيًاً، حضره أركان القيادة وقادة الوحدات والأفواج العملانية وعدد من الضباط، تناول فيه آخر التطورات التي يمر بها لبنان والجيش في ظل المرحلة الاستثنائية الحالية، وسط استمرار الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية.

نهضة الوطن

واستُهل الاجتماع بدقيقة صمت استذكاراً لأرواح شهداء الجيش والوطن، وآخرهم العسكري الذي استشهد جراء غارة إسرائيلية مساء الاثنين على طريق القنيطرة - المعمرية في قضاء صيدا.

وخلال الاجتماع، هنّأ العماد هيكل الحاضرين والعسكريين جميعاً بمناسبة عيدَي الميلاد ورأس السنة، وأكد أنه «في ظلّ المرحلة الحساسة والتحديات الكبيرة التي يمر بها لبنان، فإنّ تضحيات العسكريين وجهودهم المتواصلة، على اختلاف رتبهم ووظائفهم، هي ركن أساسي في نهضة الوطن ومستقبله»، عادّاً «أنّهم يُشاركون في صنع تاريخ لبنان، انطلاقاً من المبادئ الثابتة للمؤسسة العسكرية، وأن هذه المبادئ لن تتغير مهما كانت الضغوط».

من جهة أخرى، تطرّق العماد هيكل إلى زيارته الأخيرة إلى فرنسا، لافتاً إلى «الإيجابية التي لمسها خلال اجتماعاته حيال الأداء المحترف للجيش»، مشيراً إلى أنّ «هذا الأداء أصبح محل ثقة الدول الشقيقة والصديقة، رغم اتهامات تطلَق بين حين وآخر، ومحاولات تضليل إسرائيلية تهدف إلى التشكيك في أداء الجيش وعقيدته».

مؤتمر دعم الجيش

وتحدث هيكل بشأن المؤتمر المرتقَب لدعم الجيش بداية العام المقبل، قائلاً: «أحد أهم أسباب الثقة والدعم للجيش هو وفاؤه بالتزاماته وواجباته في مختلف المناطق اللبنانية، لا سيما في الجنوب، رغم الإمكانات المتواضعة، وهذا أمر أثبتته التجربة»، مؤكداً أنّ «عناصرنا يُظهِرون أقصى درجات الإخلاص والتفاني إيماناً برسالتهم، وهذا ما رأيناه خلال مهام عدة نفذتْها الوحدات العسكرية في المرحلة الماضية، وتعرّضت خلالها لأخطار كبيرة، من دون أن يؤثر ذلك في معنوياتها وعزيمتها، وسط تضامن من جانب الأهالي، وتعاون فاعل بين المؤسسة العسكرية ولجنة الإشراف على اتفاق وقف الأعمال العدائية وقوات الـ(يونيفيل)».

وأضاف: «نطمح إلى تعزيز قدرات الجيش كي يصبح الحامي والضامن لأمن اللبنانيين، ويملك القدرة للدفاع عن أهلنا على امتداد الأراضي اللبنانية، فإيماننا بالجيش هو إيمانٌ بهذا الدور الأساسي المنوط به. يتطلب ذلك دعماً وازناً ونوعيًاً، وهو ما تدركه الدول الشقيقة والصديقة التي تتوجه إلى توفير هذا الدعم للجيش وسائر المؤسسات الأمنية».

حصرية السلاح

وجدد هيكل التأكيد على أن «الجيش بصدد الانتهاء من المرحلة الأولى من خطته»، في إشارة إلى المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني، وأنه «يُجري التقييم والدراسة والتخطيط بكلّ دقة وتأنٍّ للمراحل اللاحقة، ويأخذ مختلف المعطيات والظروف في الحسبان»، مشيداً بـ«نجاح الوحدات في مختلف المهام، بما في ذلك حفظ الأمن ومراقبة الحدود وحمايتها في ظل التنسيق القائم مع السلطات السورية».


نائب الرئيس الفلسطيني التقى الصفدي في عمّان لمناقشة أوضاع غزة والضفة

جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)
جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

نائب الرئيس الفلسطيني التقى الصفدي في عمّان لمناقشة أوضاع غزة والضفة

جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)
جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)

قال حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني، إنه التقى، الثلاثاء، وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، وأجريا محادثات ركزت على جهود تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ووقف التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية.

وأضاف عبر منصة «إكس»: «أكدنا خلال اجتماعنا في عمّان ضرورة أولوية وقف إطلاق النار في غزة والالتزام بكل بنود اتفاق وقف إطلاق النار والتقدم نحو المرحلة الثانية من الاتفاق وفق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وربط جهود تحقيق الاستقرار بأفق سياسي واضح لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين».

وشدد الجانبان على أن مستقبل قطاع غزة يجب أن يستند إلى وحدته وارتباطه بالضفة الغربية، وأن تتولى السلطة الوطنية الفلسطينية مسؤولية القطاع وفق قرار مجلس الأمن رقم 2803.

وذكر نائب الرئيس الفلسطيني أنه ناقش مع الصفدي أيضاً «التدهور الخطير في الضفة الغربية المحتلة»، وأكدا ضرورة تكاتف كل الجهود الإقليمية والدولية «لوقف الإجراءات الإسرائيلية اللاشرعية التي تدفع نحو تفجر الأوضاع وتقوض فرص تحقيق السلام العادل والدائم على أساس حل الدولتين».

في غضون ذلك، أدانت السلطة الفلسطينية، الثلاثاء، خطة إسرائيل لإنشاء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، واصفة إياها بأنها «خطوة خطيرة» تهدف إلى «إحكام السيطرة الاستعمارية على الأرض الفلسطينية بأكملها».

وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان إنّ هذه الخطة هي «امتداد مباشر لسياسات الأبارتهايد والاستيطان والضمّ، بما يقوّض حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، ويدمّر أي أفق حقيقي للاستقرار».

وكانت السلطات الإسرائيلية قد أعلنت الأحد موافقتها على إنشاء 19 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة، وهو إجراء تقول إنه يهدف إلى «منع إقامة دولة فلسطينية».


لبنان: سلام يستبق لقاء ترمب - نتنياهو لإسقاط ذرائعه بتوسعة الحرب

آلية للجيش اللبناني في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان تعبر قرب أبنية متضررة جراء الحرب (أرشيفية - رويترز)
آلية للجيش اللبناني في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان تعبر قرب أبنية متضررة جراء الحرب (أرشيفية - رويترز)
TT

لبنان: سلام يستبق لقاء ترمب - نتنياهو لإسقاط ذرائعه بتوسعة الحرب

آلية للجيش اللبناني في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان تعبر قرب أبنية متضررة جراء الحرب (أرشيفية - رويترز)
آلية للجيش اللبناني في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان تعبر قرب أبنية متضررة جراء الحرب (أرشيفية - رويترز)

يترقب اللبنانيون، مع بدء التحضير لانطلاقة المرحلة الثانية من الخطة التي أعدتها قيادة الجيش لاستكمال تطبيق حصرية السلاح، والتي كشف عنها رئيس الحكومة نواف سلام لـ«الشرق الأوسط»، وتقع بين ضفتي نهر الليطاني جنوباً والأولي شمالاً، رد فعل «حزب الله».

فهل يصرّ الحزب في تفسيره لوقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، على أن حصريته تبدأ وتنتهي في جنوب الليطاني، ولا تمتد إلى المناطق الأخرى حتى الحدود الدولية للبنان مع سوريا، أم أنه سيعيد النظر في موقفه؛ كون تنفيذ الخطة يأتي في سياق بسط سلطة الدولة على أراضيها كافة تطبيقاً للقرار 1701؟

التفسير الأحادي

فالتفسير الأحادي لـ«حزب الله» يتعارض كلياً مع تأييده تطبيق القرار 1701؛ لأن التزام لبنان بوقف الأعمال العدائية ليس محصوراً ببسط سلطة الدولة على جنوب الليطاني، وإلا لما نص الاتفاق على أن يبدأ من جنوبه ليشمل لاحقاً الأراضي اللبنانية كافة، لا سيما أن الاتفاق أتى على ذكر هذا القرار 7 مرات ومعطوفاً، كما يقول مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط»، على القرارات السابقة لمجلس الأمن، وتحديداً الـ1559 الذي ينص على نزع سلاح جميع الميليشيات، وعلى الـ1680 المتعلق بضبط الحدود اللبنانية - السورية لمكافحة التهريب، وترسيمها براً وبحراً.

الحكومة اللبنانية ملتئمة برئاسة رئيس الجمهورية جوزيف عون (الرئاسة اللبنانية)

وسأل المصدر الوزاري عن الأسباب التي تكمن وراء إصرار الحزب على تفسيره للاتفاق، بخلاف الآخرين؟ مع أن ممثلَيه الوزيرَين علي حمية ومصطفى بيرم في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، كانا أيداه ولم يسجلا اعتراضاً عليه، رغم أنه، أي ميقاتي، نأى بنفسه عن الدخول طرفاً في المفاوضات التي تولاها رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالإنابة عن نفسه وبتفويض من الحزب، وقيل في حينه بأن الأخير يحتفظ بكلمة السر ولا يبوح بها إلا لـ«أخيه الأكبر»، على حد قول أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، بينما يحجبها عن ميقاتي.

بري (يمين) يصافح هوكستين في بيروت خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية 2022 (رويترز)

ولفت إلى أن بري لم يتصرّف من تلقاء نفسه عندما توافق مع الوسيط الأميركي آنذاك أموس هوكستين على اتفاق لوقف النار بالتشاور مع الحزب لقطع الطريق على تفلته لاحقاً من الاتفاق.

وكشف عن أنه كلف معاونه السياسي النائب علي حسن خليل التواصل مع نظيره في الحزب حسين خليل، وكانت حصيلته تأييد «الثنائي الشيعي» للاتفاق. وقال إن الحزب كان أول من تسلم من «أخيه الأكبر» نسخة عنه، بالتلازم مع تبنّيه ورعايته من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا.

وتوقف أمام قول قاسم بأن حصرية السلاح تبدأ وتنتهي في جنوب النهر. وسأل، كيف يوفّق بين مشاركته في حكومة سلام بالوزيرين الطبيبين محمد حيدر وراكان نصر الدين والتي تبنّت خطاب القسم باحتكار الدولة السلاح وأدرجته في بيانها الوزاري، وبين تفلّته من تعهّده متهماً رئيسها بارتكاب خطيئة بموافقته على حصريته؟

محاكاة البيئة

ورأى المصدر أنه يتفهم خلفية الموقف الذي اتخذه قاسم في محاكاته لبيئته لإخراجها من الإرباك، لكن تمسكه باستراتيجية الصبر لن يقدّم أو يؤخر؛ لأن شراءه للوقت ليس في محله، ويرفع من منسوب الضغط بالنار الذي تتبعه إسرائيل، في حين يفتقد الحزب لمن يقف إلى جانبه سوى بري الذي لن يتركه وحيداً ويصرّ على استيعابه للإمساك بيده للانخراط في التسوية لتحرير الجنوب.

وأكد أن الحزب، وإن كان يطالب بعدم التسليم مجاناً بسيطرة الجيش على جنوب الليطاني من دون أي مقابل بإلزام إسرائيل بالقيام بخطوة في مقابل إخلائه جنوب النهر، يتفق مرحلياً، في هذا الخصوص، مع رئيسي الجمهورية العماد جوزيف عون والحكومة نواف سلام، وأيضاً مع الرئيس بري، لكنهما سرعان ما يفترقان مع الحزب على خلفية احتفاظه بسلاحه، كما قال قاسم، لو اطّبقت السماء على الأرض.

وأضاف أن عون يتّبع سياسة النفَس الطويل في حواره مع «حزب الله»، وإنما لبعض الوقت، في حال لم يؤدّ إلى إحداث تقدّم يوحي باستعداده لمراجعة حساباته وصولاً للوقوف فعلاً لا قولاً خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي.

جنود في الكتيبة الإيطالية بـ«يونيفيل» خلال مهمة مشتركة مع الجيش اللبناني (يونيفيل)

وقال إن حوار عون و«حزب الله» ممثلاً برئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» محمد رعد لم ينقطع، وإن كان متقطعاً، لكنه لم يتطور إيجابياً ولا يزال محصوراً بتواصل المستشار الرئاسي العميد المتقاعد أندريه رحال برعد وفريقه المكلف الحوار.

سياسة الإنكار

وأكد أن قيادة الحزب توكل أمر التفاوض على سلاحها لإيران بدلاً من أن تُقدم على خطوة شجاعة بوضعه بعهدة الدولة لتقوية موقفها في المفاوضات التي ترعاها لجنة الـ«ميكانيزم»، وهذا ما يحتّم عليها مراعاتها المزاج الشيعي الذي يتوق لعودة النازحين إلى قراهم، بدلاً من اتباعه سياسة الإنكار لما حل به من خسائر لا تقدّر سياسياً ومادياً.

كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد بالقصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)

وقيل للمصدر بأن تفرّد سلام بالكشف عن التحضير للمرحلة الثانية قوبل برفض «صامت» من «حزب الله»، يُفترض أن يظهر للعلن، بذريعة أنه يبيع مواقف مجانية لواشنطن، وكان جوابه بأنه لم يحدد موعداً لانطلاقة هذه المرحلة وربط تحديده بتقييم مجلس الوزراء للإنجاز الذي حققه الجيش في جنوب النهر، بموازاة ما ستقرره الـ«ميكانيزم» في اجتماعها في السابع من الشهر المقبل.

التعهد الأميركي

ولفت إلى أن ما قاله سلام لا يشكّل تفرداً في موقفه، وإنما جاء انسجاماً مع الخطة التي أعدتها قيادة الجيش وتبنّتها الحكومة ومحصورة بتطبيق حصرية السلاح على مراحل، وبالتالي لا نية لديه لإلزام الحكومة بموقف من خارج بيانها الوزاري. وقال بأن الرؤساء على موقفهم بإلزام إسرائيل القيام بخطوة مماثلة لسيطرة الجيش على جنوب النهر، وهذا ما يضع الإدارة الأميركية أمام تعهدها بتطبيق تلازم الخطوات قبل أن تتراجع عنه بذريعة عدم تجاوب إسرائيل.

واستبعد اتهام سلام بحرق المراحل. وقال بأنه اختار الوقت المناسب لإعلام المعنيين دولياً وإقليمياً بضرورة أن ينعم لبنان بالاستقرار، وأن الحكومة ملتزمة بحصرية السلاح ولن تتراجع عنها، ولا بد من تنفيذها، متمنياً على «حزب الله» إعادة النظر في سلوكه لإسقاط ما تتذرع به إسرائيل، وإن كانت ليست في حاجة إلى الذرائع لتواصل خروقها.

التوقيت المناسب

وأكد المصدر أن سلام اختار التوقيت المناسب لتمرير رسالة الحكومة، وأن لا مشكلة بينه وبين عون. وقال بأنه أراد من توقيته أن يحاكي الرئيس دونالد ترمب استباقاً لاستقباله رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في 29 الحالي؛ لعله يضغط لضبط أدائه ولجم تهديده بتوسعة الحرب، ما دام أنه صامد على التزامه باستكمال تطبيقه لحصرية السلاح. ورأى أنها تتلازم مع استعداده للانتقال للمرحلة الثانية من خطة الجيش، وهو يراهن على حث أصدقاء لبنان للتدخل لدى ترمب لإلزام نتنياهو القيام بخطوة، في مقابل صمود عون والحكومة أمام تعهدهما بحصريته.

كما أن توقيت سلام، حسب المصدر، يأتي في سياق تمرير رسالة للدول التي شاركت في الاجتماع التحضيري لدعم الجيش الذي استضافته باريس بإصرار حكومته على تطبيق حصرية السلاح بما يتيح للبنان تحديد مكان وزمان انعقاده بعد أن تبنّت عقده في شباط (فبراير) المقبل، من دون أن يعفي «حزب الله» من مسؤوليته بتسهيل تطبيق حصريته، وأن تحفّظه يبقى تحت سقف تسجيل موقف لاسترضاء بيئته بتكرار قوله باستعادته لقدراته العسكرية، على أن يمتنع حتى إشعار آخر عن استخدامها في ظل الخلل في ميزان القوى. وإلا ما هو تفسير قاسم بطمأنته للمستوطنات في شمال فلسطين بأن لا خطر عليهم؟ وما المانع من أن تنسحب طمأنته على اللبنانيين الذين هم بأمس الحاجة لعودة الاستقرار إلى بلدهم من بوابة الجنوب؟