فوضى التعبئة والدعاية الحوثية تسقط ضحايا في صنعاء والبيضاء

جانب من مسيرة دعت إليها الجماعة الحوثية في البيضاء (إكس)
جانب من مسيرة دعت إليها الجماعة الحوثية في البيضاء (إكس)
TT

فوضى التعبئة والدعاية الحوثية تسقط ضحايا في صنعاء والبيضاء

جانب من مسيرة دعت إليها الجماعة الحوثية في البيضاء (إكس)
جانب من مسيرة دعت إليها الجماعة الحوثية في البيضاء (إكس)

في مشهد يعكس استهتار الجماعة الحوثية بحياة المدنيين، شهدت كل من مدينة رداع بمحافظة البيضاء والعاصمة المختطفة صنعاء خلال الأيام الماضية حوادث مؤلمة تُضاف إلى سجل الانتهاكات اليومية للجماعة.

ففي رداع، أُجبر طلاب المدارس على المشاركة في مسيرات دعائية تحوّلت إلى مواجهات خلّفت العديد من الجرحى، فيما تحولت شوارع صنعاء إلى ساحات خطر بعد سقوط لوحات إعلانية ضخمة نُصبت بطريقة عشوائية لخدمة الدعاية السياسية، مسببة إصابات بين المواطنين وخسائر مادية.

وحسب مصادر تربوية، شهدت عدة مدارس ثانوية في رداع (جنوب شرق صنعاء) خروج مئات الطلاب في مسيرات نظمتها الجماعة الحوثية لإحياء مناسبة طائفية، حيث جرى إخراج الطلاب بالقوة، وتحت تهديد إدارات المدارس الخاضعة لسيطرة الجماعة، وسط رفض واسع من أولياء الأمور الذين يرون أن أطفالهم يُستخدمون وقوداً لحرب فكرية لا علاقة لهم بها.

وكشفت المصادر عن أن خلافاً نشب بين المشاركين بالمسيرة بسبب محاولة مجموعة من الطلبة مغادرة الفعالية، حين اعترضهم طلاب آخرون موالون للجماعة ومسنودون بأمنيين حوثيين موكل إليهم حماية التظاهرة، لمنعهم من الانسحاب.

مسيرات طلابية في البيضاء تخدم أجندة الحوثيين (فيسبوك)

وتطور الأمر، حسب المصادر، إلى اندلاع اشتباكات مباشرة بالأيدي والعصي بين الطرفين، وأسفرت الاشتباكات عن إصابة العشرات من الطلبة والمدرسين، في حين لم تصدر وزارة التربية والتعليم الخاضعة للحوثيين أي تعليق رسمي حول الحادثة.

أحد أولياء الأمور قال: «أرسلنا أبناءنا للتعليم لا للموت. الجماعة تستغل المدارس لنشر شعاراتها وتحويل الأطفال إلى أدوات دعاية، ثم تتركهم يواجهون الرصاص».

وحسب المصادر، باشرت عناصر الأمن الحوثية، المغذي الرئيسي للمشكلة، بإطلاق الرصاص العشوائي في الهواء، مخلفةً حالةً من الهلع بين الطلاب والطالبات، كما شنت أيضاً حملة اعتقال واسعة طالت عشرات الطلبة والمدرسين، مُعظمهم ممن قرروا الانسحاب من الفعالية والعودة إلى منازلهم.

فخاخ دعائية

في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، كانت صورة الإهمال الحوثي أكثر وضوحاً، حيث شهدت عدة أحياء سقوط لوحات إعلانية ضخمة نصبتها الجماعة بشكل عشوائي خلال الأيام الماضية، ضمن حملة دعائية لإحياء ذكرى «المولد النبوي».

وطبقاً لمصادر محلية، فإن اللوحات المعدنية، التي تجاوز طول بعضها عشرة أمتار، لم تُراع فيها معايير السلامة أو ظروف الطقس، إذ ثُبتت بأعمدة حديدية هشة على جوانب الشوارع المكتظة.

ومع هبوب الرياح، أوضحت المصادر أن لوحةً تحمل صورة عبد الملك الحوثي سقطت بصورة مفاجئة ما تسبب بتضرر بعض المركبات ووقوع إصابات متفاوتة بصفوف المدنيين.

لوحة دعاية ضخمة في صنعاء تحمل صورة زعيم الحوثيين تسبب سقوطها في أضرار مادية وبشرية (فيسيوك)

وأكد شهود أن سيارات الإسعاف هرعت إلى المكان، فيما سارع عناصر من الجماعة إلى رفع اللوحة المدمرة وتغطية الحادثة دون إصدار أي بيان رسمي أو الاعتراف بالمسؤولية.

وقال أحد المارة: «هذه ليست لوحات دعاية بل أدوات قتل متنقلة». وأضاف: «الجماعة تملأ المدينة بصورها وشعاراتها ولا تفكر في أرواح الناس».

ويرى «ب.و» وهو ناشط سياسي في صنعاء أن الحادثتين في صنعاء ورداع تكشفان عن وجه واحد لسلطة الحوثي، ويقول: «سواء في التعليم أو في الفضاء العام، يُعامل المواطن أداةً. الطالب أداة تعبئة، والمواطن في الشارع مجرد متفرج على شعارات تفرضها القوة. لا قيمة لسلامته أو لمستقبله في حسابات الجماعة».



الأمم المتحدة تجدد دعوتها إلى خفض التصعيد في محافظة حضرموت

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطة سابقة أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطة سابقة أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تجدد دعوتها إلى خفض التصعيد في محافظة حضرموت

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطة سابقة أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطة سابقة أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

جدد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، السبت، دعوته لجميع أطراف الصراع إلى التحلي بضبط النفس والعمل على خفض التصعيد في محافظة حضرموت، شرقي اليمن.

جاء ذلك في بيان صادر عن مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أكد فيه أنه يتابع عن كثب التطورات الجارية في محافظتي حضرموت والمهرة.

وشدد المبعوث الأممي على أهمية جهود الوساطة الإقليمية المستمرة، مشيراً إلى مواصلته انخراطه مع الأطراف اليمنية والإقليمية دعماً لخفض التصعيد، ودفعاً نحو حل سياسي شامل وجامع للنزاع في اليمن، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وحسب البيان، جدد الأمين العام دعوته إلى ضبط النفس وخفض التصعيد واللجوء إلى الحوار، وحث جميع الأطراف على تجنب أي خطوات من شأنها تعقيد الوضع.

ويأتي ذلك في ظل تصعيد عسكري متواصل للمجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة، وسط تحركات إقليمية لاحتواء التوتر ومنع اتساع رقعة المواجهات.

وفي وقت سابق اليوم، أعلنت قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن، استعدادها للتعامل بحزم مع أي تحركات عسكرية تخالف جهود خفض التصعيد في محافظة حضرموت.

جاء ذلك استجابة لطلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، الذي دعا لاتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين من الانتهاكات التي ترتكبها عناصر مسلحة تابعة للمجلس الانتقالي.


«الانتقالي» يثمن جهود التحالف... ويجدد انفتاحه على أي «ترتيبات»

«الانتقالي» يثمن جهود التحالف... ويجدد انفتاحه على أي «ترتيبات»
TT

«الانتقالي» يثمن جهود التحالف... ويجدد انفتاحه على أي «ترتيبات»

«الانتقالي» يثمن جهود التحالف... ويجدد انفتاحه على أي «ترتيبات»

جدَّد «المجلس الانتقالي الجنوبي» انفتاحه على «أي ترتيبات» مع «تحالف دعم الشرعية»، بقيادة السعودية والإمارات، وذلك بعد ساعات من دعوة السعودية المجلس لخروج قواته من حضرموت والمهرة، وتسليمها لقوات «درع الوطن» والسلطة المحلية، وكذا إعلان التحالف الاستجابة لحماية المدنيين في حضرموت استجابةً لطلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي.

ونقل إعلام المجلس أن قادته برئاسة عيدروس الزبيدي عقدوا اجتماعاً في عدن؛ لاستعراض التطورات العسكرية والسياسية، وأنهم ثمَّنوا «الجهود التي يبذلها الأشقاء في دول التحالف، بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة؛ لإزالة التباينات وتوحيد وجهات النظر، بما يعزِّز الشراكة في إطار التحالف العربي لمواجهة التحديات والمخاطر المشتركة في الجنوب والمنطقة».

وكان وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز وجَّه خطاباً مباشراً إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، دعا فيه إلى الاستجابة الفورية لجهود الوساطة السعودية - الإماراتية، وإنهاء التصعيد في محافظتَي حضرموت والمهرة.

وقال الأمير: «إن الوقت حان للمجلس الانتقالي الجنوبي في هذه المرحلة الحساسة لتغليب صوت العقل والحكمة والمصلحة العامة ووحدة الصف، بالاستجابة لجهود الوساطة السعودية - الإماراتية لإنهاء التصعيد، وخروج قواته من المعسكرات في المحافظتين وتسليمها سلمياً لقوات درع الوطن، والسلطة المحلية».

من جهته حذَّر المتحدث الرسمي باسم قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، اللواء الركن تركي المالكي، من أن أي تحركات عسكرية تخالف خفض التصعيد، «سيتم التعامل المباشر معها في حينه»، داعياً إلى خروج قوات المجلس الانتقالي من محافظة حضرموت، وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن، وتمكين السلطة المحلية من ممارسة مسؤولياتها.

وقال المالكي إن ذلك يأتي «استجابةً للطلب المُقدَّم من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بمحافظة حضرموت؛ نتيجة للانتهاكات الإنسانية الجسيمة والمروّعة بحقهم من قبل العناصر المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي».


العليمي: لن نسمح بفرض أمر واقع بالقوة في حضرموت والمهرة

العليمي مجتمعاً مع هيئة المستشارين (سبأ)
العليمي مجتمعاً مع هيئة المستشارين (سبأ)
TT

العليمي: لن نسمح بفرض أمر واقع بالقوة في حضرموت والمهرة

العليمي مجتمعاً مع هيئة المستشارين (سبأ)
العليمي مجتمعاً مع هيئة المستشارين (سبأ)

وضع رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، خطوطاً حمراء واضحة أمام أي محاولات لفرض واقع عسكري جديد في محافظتي حضرموت والمهرة، مؤكداً أن ما يجري هناك لا يندرج في إطار خلاف سياسي، بل يمثل مساراً متدرجاً من الإجراءات الأحادية والتمرد على مرجعيات المرحلة الانتقالية.

وفي اجتماع موسّع مع هيئة المستشارين، شدد العليمي على أن حماية المدنيين مسؤولية الدولة، وأن القيادة السياسية طلبت رسمياً تدخل تحالف دعم الشرعية، الذي استجاب فوراً، لاحتواء التصعيد وحقن الدماء وإعادة الأوضاع إلى نصابها الطبيعي.

خلال الاجتماع - بحسب الإعلام الرسمي - استعرض العليمي تطورات الأوضاع في المحافظات الشرقية، لافتاً إلى أن الدولة تعاملت بـ«مسؤولية عالية» مع تصعيد وصفه بالخطير، فرضته تحركات عسكرية للمجلس الانتقالي هدفت إلى فرض أمر واقع بالقوة وتقويض مرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

وأوضح أن مسار التصعيد في حضرموت اتسع من قرارات إدارية إلى تحركات عسكرية شملت مديريات غيل بن يمين والشحر والديس الشرقية، عادّاً أن الادعاء بمحاربة الإرهاب استُخدم ذريعة لتغيير موازين السيطرة على الأرض.

موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة لحج (أ.ف.ب)

وشدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني على أن مكافحة الإرهاب مسؤولية حصرية لمؤسسات الدولة النظامية، وأن أي أعمال خارج هذا الإطار لا تحاصر التطرف، بل تفتح فراغات أمنية خطيرة تهدد السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي.

وتطرق العليمي إلى الانتهاكات الإنسانية المصاحبة للتصعيد، مشيراً إلى تقارير ميدانية وحقوقية تؤكد سقوط ضحايا مدنيين واعتداءات على ممتلكات عامة وخاصة، فضلاً عن تقويض المركز القانوني للدولة اليمنية.

تحرك التحالف ودعم الوساطة

أحاط العليمي - وفق ما ذكرته المصادر الرسمية - هيئة المستشارين بنتائج اجتماع مجلس الدفاع الوطني، الذي خلص إلى توصيف التصعيد بعدّه خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية وتمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية، مؤكداً واجب الدولة في حماية المدنيين وفرض التهدئة ومنع إراقة الدماء.

وقال إن القيادة السياسية، وبناءً على توصيات المجلس، تقدمت بطلب رسمي إلى تحالف دعم الشرعية لاتخاذ تدابير فورية لحماية المدنيين في حضرموت، وهو ما استجابت له قيادة القوات المشتركة بشكل فوري، حرصاً على حقن الدماء وإعادة الاستقرار.

العليمي اتهم المجلس الانتقالي الجنوبي بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين في حضرموت (إ.ب.أ)

وشدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني على أن أي تحركات عسكرية تخالف جهود خفض التصعيد أو تعرض المدنيين للخطر سيتم التعامل معها مباشرة، بما يضمن حماية الأرواح وإنجاح جهود الأشقاء في السعودية والإمارات، وخروج قوات المجلس الانتقالي من معسكرات حضرموت والمهرة وتسليمها لقوات «درع الوطن»، وتمكين السلطات المحلية من ممارسة صلاحياتها الدستورية.

وجدد العليمي دعمه الكامل للوساطة التي تقودها الرياض وأبوظبي، مثمناً الدور الرائد للبلدين في دعم اليمن ووحدته واستقراره، ومشيداً بتصريحات الأمير خالد بن سلمان التي عكست حرصاً أخوياً صادقاً على استعادة مؤسسات الدولة.

كما أكد أن حل القضية الجنوبية سيظل التزاماً ثابتاً عبر التوافق وبناء الثقة، محذراً من مغبة الإجراءات الأحادية التي لا تخدم سوى أعداء اليمن، ومؤكداً أهمية إبقاء قنوات الحوار مفتوحة وحشد الطاقات لمواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران.