احتفى ملتقى النقد السينمائي السعودي بتجربة «عمّروها»، التي مزجت بين السينما والتأريخ العمراني، في جلسة نوقش فيها صانع التجربة المخرج والمنتج والكاتب علي السمين.
واحتضنت مدينة «أبها»، الخميس، أولى فعاليات النسخة الثالثة من «ملتقى النقد السينمائي»، وتحدث خلالها السمين عن الحلقات التي ترصد قصة العمارة في المملكة والتغيرات التي مرت بها، ما بعد الطفرة النفطية، عبر استعراض المتغيرات والمستجدات التي طرأت على فن العمارة محلياً.
وخلال الجلسة التي أدارها الناقد والكاتب محمد البشير، تطرق السمين إلى السينما الوثائقية ودورها في رصد تاريخ المعمار السعودي، مشيراً إلى أن الاهتمام بالمكان من العوامل المؤثرة في الأعمال الفنية المختلفة.
وأكد أن تنوع الأماكن في الأعمال الفنية يساعد على تنوع القصص التي تقدم. ما يميز الأعمال الفنية التي تصور في مواقع مختلفة بما يخدم فكرتها، مشيراً إلى تنوع المدارس الفنية في البناء بالمملكة.
وافتتح الملتقى، الذي تنظمه «هيئة الأفلام»، ويشمل 3 جولات، تبدأ من «أبها» ثم «القطيف» وأخيراً بالرياض، في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بحديث المشرف العام على الملتقى، مشاري الخياط، الذي أكد أن الدورة الماضية استقطبت أكثر من 10 آلاف زائر، وشارك فيها 42 متحدثاً من 30 دولة، بما عزز من مكانته بين الفعاليات النقدية حول العالم.

وأضاف أن الاستمرار في إقامة الملتقى يعكس قناعتهم الراسخة بأن صناعة السينما الوطنية لا يمكن أن تكتمل من دون نقد سينمائي، مع السعي إلى تحويل الملتقى ليكون جسراً بين صناع الفيلم والجمهور.
وتركز النسخة الجديدة من الملتقى على العلاقة بين السينما والعمارة، مع إبراز كيفية إبراز العمارة، ضمن السرد البصري المقدم في الأعمال الفنية.
وعدّ الناقد السعودي أحمد العياد استمرار الملتقى في اختيار موضوعات تخصصية، ومناقشتها بشكل أكثر تفصيلاً ضمن دوره في السعي نحو تقديم فهم أعمق للسينما وإثراء النقاش بين الجمهور والمختصين، ما يحقق هدف نشر الثقافة السينمائية.
وأضاف العياد لـ«الشرق الأوسط» أن «عمّروها» تعد من التجارب المميزة والملهمة التي تتسق مع موضوع هذا العام، مشيراً إلى قدرة المخرج علي السمين على تقديمها بشكل متميز، مزج بين إبراز مكانة العمارة من جهة، وبين الجانب الإنساني والاجتماعي من جهة أخرى.
وقال علي السمين لـ«الشرق الأوسط» إنه أوشك على الانتهاء من مشروع مشابه لـ«عمّروها» يحمل اسم «حكايا مبنية» وهو حلقات تلفزيونية توثق العمارة في السعودية من الستينات إلى التسعينات في القرن الماضي الميلادي، عبر توثيق قصة 20 مبنى في الرياض والدمام وجدة.

وأضاف أن «المشروع الذي دخل مرحلة المونتاج بعد الانتهاء من تحضيراته وتصويره ركّز على المباني الأيقونية التي بنيت خلال تلك الفترة من معماريين أجانب وسعوديين، من بينها مبنى جامعة الملك فهد، ومبنى التأمينات الاجتماعية، وكذلك مبنى نادي الفروسية بحي الملز في الرياض».
وأوضح أن الحلقات الجديدة تتطرق إلى قصة كل مبنى ومخطط تنفيذه، وغيرها من التفاصيل، بما فيها أعمال التطوير التي شهدها، لافتاً إلى أن «عملية الاختيار استغرقت وقتاً طويلاً لاختيار مبانٍ لا تزال تحافظ على الهوية التي بنيت بها، فجرى اختيار الـ20 مبنى من بين نحو 80 تم اختيارهم في البداية».

وأكّد أنهم «كانوا حريصين على التنوع في تسليط الضوء على مبانٍ تقدم خدمات مختلفة، ما بين مبانٍ حكومية ومنشآت رياضية أو تعليمية وثقافية». لافتاً إلى أنه «من بين الصعوبات التي واجهتهم الحصول على مخططات المباني الأولية، وتواصلهم مع الشركات الأجنبية المنفذة، فضلاً عن محاولتهم استضافة مصممي هذه المباني، التي حال تقدم بعضهم في العمر أو رحيل البعض الآخر دون حضورهم».


