انطلاق عملية تسليم السلاح الفلسطيني إلى الجيش اللبناني

بدأتها «فتح» وفصائل «منظمة التحرير» في مخيم برج البراجنة... والفصائل ترفض

عناصر من الجيش اللبناني ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش اللبناني ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت (أ.ف.ب)
TT

انطلاق عملية تسليم السلاح الفلسطيني إلى الجيش اللبناني

عناصر من الجيش اللبناني ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش اللبناني ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت (أ.ف.ب)

بدأت حركة «فتح»، الخميس، تسليم سلاحها الثقيل والمتوسط في مخيم برج البراجنة ببيروت للجيش اللبناني.

وأُبلغت القيادات الفتحاوية المعنية بوجوب التسليم صباحاً بعد اجتماعها بالوفد الفلسطيني الذي يرأسه ياسر عباس، نجل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والذي وصل إلى بيروت قبل أيام.

عناصر أمنية فلسطينية ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت (أ.ف.ب)

وسادت حالة من الصدمة في صفوف هذه القيادات والضباط الفلسطينيين الذين لم يكونوا يتوقعون هذه السرعة في اتخاذ القرار وتنفيذه، خصوصاً أنه كان من المفترض أن تبدأ هذه العملية منتصف يونيو (حزيران) الماضي، لكنها جُمدت من دون إعطاء أي أسباب.

وتزامن ذلك مع إعادة ترتيب «البيت الفتحاوي» وإعادة هيكلته، ما أدّى إلى إعفاء الرئيس الفلسطيني لسفير السلطة الفلسطينية في بيروت أشرف دبور، من مهامه نائباً للمشرف العام على الساحة اللبنانية.

وأفيد وقتها بأن التشكيلات والإقالات طالت المعترضين على تسليم السلاح، وكذلك على التصريحات التي أدلى بها الرئيس محمود عباس خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت في مايو (أيار) الماضي، التي أكد فيها، في بيان مشترك مع الرئيس اللبناني، التزامهما بـ«مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية»، وإيمانهما بأن «زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية قد انتهى».

وأعلن رئيس لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني، السفير رامز دمشقية، الخميس، أن «المرحلة الأولى من مسار تسليم الأسلحة من داخل المخيمات الفلسطينية تبدأ الخميس، انطلاقاً من مخيم برج البراجنة في بيروت؛ حيث ستُسلَّم دفعة أولى من السلاح، وتُوضَع في عهدة الجيش اللبناني»، على أن تكون «خطوة أولى تُستكمل بتسلّم دفعات أخرى في الأسابيع المقبلة في مخيم برج البراجنة وبقية المخيمات».

وأوضح دمشقية في بيان أن «عملية التسليم هذه تأتي تنفيذاً لمقررات القمة اللبنانية-الفلسطينية بتاريخ 21 مايو 2025 بين الرئيسين جوزيف عون ومحمود عباس، التي أكدت سيادة لبنان على كامل أراضيه، وبسط سلطة الدولة، وتطبيق مبدأ حصرية السلاح. كما تأتي تنفيذاً لمقررات الاجتماع المشترك للجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني بتاريخ 23 مايو 2025 برئاسة رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلّام، وبمشاركة ممثلين عن السلطات اللبنانية والفلسطينية؛ حيث جرى الاتفاق على وضع آلية تنفيذية وجدول زمني واضح لمعالجة ملف السلاح الفلسطيني».

ورحب رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام ببدء علمية تسليم السلاح.

«فتح» و«منظمة التحرير»

وحسب مصادر فلسطينية واسعة الاطلاع، فان «عملية تسليم السلاح تشمل راهناً حركة (فتح) وفصائل (منظمة التحرير)، باعتبار أن (حماس) والفصائل الأخرى القريبة منها لا تزال ترفض تسليم السلاح، والاتفاق الذي حصل في الساعات الماضية لا يشملها، وهذا ما يزيد الاستياء والنقمة لدى عدد كبير من مسؤولي (فتح) في لبنان».

لكن مصدراً قيادياً في الحركة قال لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يحصل هو تطبيق لما اتفق عليه الرئيسان عون وعباس لجهة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية»، لافتاً إلى أن «العملية ستتم على مراحل، وستشمل كل الفصائل».

ولعل ما يؤكد التخبط الحاصل في ملف تسليم السلاح هو خروج قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، اللواء صبحي أبو عرب، من مخيم برج البراجنة ليقول إن السلاح الذي يتم تسليمه دخل المخيم قبل 48 ساعة، وهو «سلاح غير شرعي»، وإن الفصائل ليست بصدد تسليم سلاحها.

وأفادت المعلومات بأن السلاح الذي يتم تسليمه راهناً يعود لوحدة الحماية التابعة للسفارة الفلسطينية، التي كان يرأسها شادي الفار الذي قبضت عليه مخابرات الجيش اللبناني مساء الأربعاء، بعد ملاحقته بتهم تجارة سلاح وإطلاق نار وغيرهما من الملفات.

يأتي انطلاق عملية تسليم السلاح الفلسطيني قبل أسبوع من انتهاء الموعد المُحدد للجيش اللبناني لوضع خطة لتسلم سلاح «حزب الله»، يفترض أن يقرها مجلس الوزراء ويبدأ تطبيقها على مراحل، على أن تكون قد أُنجزت قبل نهاية العام الحالي. إلا أن اعتراض «حزب الله» قد يعوق تقدم الملف من دون اتضاح الخطوات التي ستتخذها السلطتان السياسية والعسكرية لتطبيق قراراتهما وخططهما.

رفض الفصائل

ومساء أصدرت «الفصائل الفلسطينية» بياناً قالت فيه: «تداولت بعض الجهات الإعلامية أخبارًا عن نوايا لتسليم السلاح داخل المخيمات الفلسطينية، وخاصة في مخيم برج البراجنة. يهمّنا نحن الفصائل الفلسطينية في لبنان أن نؤكد بشكل قاطع أنّ هذه الأخبار عارية تمامًا عن الصحة ولا تمتّ إلى الواقع بصلة».

وأضافت أن «ما يجري داخل مخيم برج البراجنة هو شأن تنظيمي داخلي يخصّ حركة (فتح)، ولا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بمسألة السلاح الفلسطيني في المخيمات. نحن الفصائل الفلسطينية في لبنان، إذ نؤكد حرصنا الدائم على أمن واستقرار مخيماتنا وجوارها، فإننا نعيد التشديد على التزامنا الكامل بالقوانين اللبنانية واحترامنا لسيادة الدولة ومؤسساتها، مع الحرص على تعزيز العلاقات الأخوية بين شعبنا الفلسطيني وأهلنا في لبنان».وتابعت: «كما نؤكد أن سلاحنا لم يكن ولن يكون إلا سلاحًا مرتبطًا بحق العودة وبالقضية الفلسطينية العادلة، وهو باقٍ ما بقي الاحتلال جاثمًا على أرض فلسطين، ولن يُستخدم إلا في إطار مواجهة العدو الصهيوني حتى يتحقق لشعبنا حقه في العودة والحرية وإقامة دولته المستقلة على أرضه».


مقالات ذات صلة

هل يستطيع لبنان الانتقال عملياً لسحب السلاح شمال الليطاني؟

تحليل إخباري مقاتلون من «حزب الله» خلال مناورة في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)

هل يستطيع لبنان الانتقال عملياً لسحب السلاح شمال الليطاني؟

ينتظر الجيش اللبناني قراراً سياسياً يفترض أن تتخذه الحكومة للانتقال مطلع العام لتنفيذ المرحلة الثانية من الخطة التي كان قد وضعها لحصرية السلاح.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي ضبط صواريخ من نوع «سام 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

رجحت مصادر أن تكون الجهة التي كان من المفترض تهريب دفعة صواريخ «سام 7» إليها عبر الأراضي السورية هي «حزب الله» بلبنان، الذي كان يقاتل أيضاً إلى جانب نظام الأسد.

موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي الحكومة اللبنانية ملتئمة برئاسة رئيس الجمهورية جوزيف عون (الرئاسة اللبنانية)

لبنان: سلام يدافع عن «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات الواسعة

دافع رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام عن مشروع قانون استرداد الودائع المصرفية المجمدة منذ عام 2019، واصفاً إياه بـ«الواقعي» و«القابل للتنفيذ».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مودعون يرفعون لافتات اعتراضية على مشروع قانون استعادة الودائع خلال تحركات شعبية على طريق القصر الجمهورية (الشرق الأوسط)

انطلاقة «غير آمنة» لمشروع قانون الفجوة المالية في لبنان

كشف توسّع موجة الاعتراضات على مشروع قانون «الفجوة» المالية، حجم العقبات التي تعترض الوصول إلى محطة تشريع القانون في البرلمان.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي ضابط في الجيش اللبناني إلى جانب ضابط إيطالي ضمن عديد «اليونيفيل» خلال مهمة مشتركة في جنوب لبنان (اليونيفيل)

إيطاليا تطلب رسمياً من لبنان إبقاء قواتها في الجنوب بعد انسحاب «اليونيفيل»

طلبت إيطاليا رسمياً من لبنان، إبقاء قوات لها في منطقة العمليات الدولية جنوب الليطاني بجنوب البلاد بعد انسحاب «اليونيفيل» منها، وهو مطلب رحب به لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

غزيّون تحت القصف يخشون تهجيراً جديداً شرق «الخط الأصفر»

أطفال ينظرون من ملجأ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
أطفال ينظرون من ملجأ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

غزيّون تحت القصف يخشون تهجيراً جديداً شرق «الخط الأصفر»

أطفال ينظرون من ملجأ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
أطفال ينظرون من ملجأ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

في بلدة بني سهيلة بجنوب قطاع غزة، لا تجد أم أحمد قديح جواباً لأطفالها الذين يرتجفون خوفاً مع كل غارة إسرائيلية، ويسألونها: لماذا لا يغادرون للنجاة نحو غرب خان يونس، حيث تتركز حركة النزوح؟

خلال الأسبوع الأخير، شنّ الجيش الإسرائيلي غارات مكثفة على المناطق الشرقية من خان يونس، أي تلك الواقعة شرق الخط الأصفر، حيث يعيش عشرات آلاف الفلسطينيين في خيام أو منازل تضررت جراء حرب ضروس استمرت لعامين.

تقول قديح (40 عاماً)، المقيمة مع أطفالها في خيمة إلى جوار منزلها المدمر: «لا ننام طوال الليل بسبب الخوف لتواصل القصف في المنطقة الشرقية»، مضيفة أنّ أطفالها يسألونها: «لماذا لا ننزح من المنطقة، أصوات الانفجارات لا تتوقف، إلى أين سنذهب؟ وأنا لا أملك جواباً؛ لأنه فعلياً لا يوجد بديل حقيقي»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

صورة لرضيع متوفى في مستشفى ناصر نتيجةً لسياسة إسرائيلية مستمرة تُقيّد بشدة الوصول إلى الأدوية وحليب الأطفال والمعدات الطبية الأساسية وأنظمة التدفئة (د.ب.أ)

وتتابع أن «منطقة المواصي (غرب خان يونس) ممتلئة بالكامل بالخيام»، مشيرة إلى أن البقاء قرب المنزل المدمر «أهون علينا من المجهول».

وفي شمال شرقي خان يونس، يقول عبد الحميد الفرا (70 عاماً) إن عائلته تقيم على أنقاض منزلها المدمر جزئياً، مؤكداً أن «بقاءنا هنا (...) ليس لأننا بأمان، بل لأننا لا نجد مكانا آخر»، قبل أن يضيف بنبرة من التحدي: «لن نخرج من هنا (...) هذه أرضنا مهما اشتد القصف سنبقى، والتهجير لن يكون حلاً لنا، بل مأساة جديدة».

وحسب الفرا، لم تعد المواصي قادرة على استيعاب مزيد من النازحين، بينما يرى أن استمرار نسف المنازل في المناطق الشرقية يهدف إلى «إفراغ المنطقة بالكامل من شرق الخط الأصفر».

والخط الأصفر الخاضع لسيطرة إسرائيل، وهو خط ترسيم بموجب هدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» دخلت حيّز التنفيذ منذ 10 أكتوبر (تشرين الأول).

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، وصف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زمير الخط الأصفر بأنه «الحدود الجديدة» مع إسرائيل.

وقال الجيش إن ضرباته تعود إلى «تهديدات» الفصائل الفلسطينية.

وأوضح في بيان إلى «وكالة الصحافة الفرنسية» أن عملياته «الحالية في غزة وانتشاره على وجه الخصوص في منطقة الخط الأصفر، تتمّ لمواجهة تهديدات مباشرة من منظمات إرهابية في غزة».

«لا خيام ولا طعام ولا دواء»

اندلعت الحرب في غزة في السابع من أكتوبر 2023، عقب هجوم غير مسبوق شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، وأسفر عن مقتل 1221 شخصاً، حسب إحصاء لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

ومنذ اندلاع الحرب، قُتل أكثر من 70 ألف شخص في غزة، وفق وزارة الصحة في القطاع، في حين نزح معظم سكانه البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، وكثيرون منهم مرات عدة.

ومنذ سريان وقف إطلاق النار، يتبادل الطرفان بانتظام الاتهامات بخرقه.

وحسب المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل، فإن بعض السكان يغادرون منازلهم بسبب القصف، لكن الأعداد تبقى محدودة؛ ذلك أن «لا خيارات أمام المواطنين، كثيرون يفضّلون البقاء رغم مخاطر الموت بسبب القصف، ولا مكان آمناً في القطاع».

ويشير بصل إلى أن الجيش الإسرائيلي «كثَّف في الأسابيع الأخيرة القصف الجوي والمدفعي يومياً على خان يونس ومناطق أخرى في القطاع لترحيل الناس؛ لتبقى المناطق الشرقية خالية أمام الاحتلال».

سيدات ينتظرن استلام حصص غذائية مُتبرع بها في مطبخ خيري بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

يصف رئيس بلدية خان يونس علاء البطة القصف الإسرائيلي بأنه «خروق لاتفاق وقف إطلاق النار»، عادَّاً أنّه يهدف إلى «تهجير الناس من مناطقهم»، وطالب بتدخل عاجل لوقف تلك الخروق؛ إذ إن «مئات آلاف النازحين يفتقرون لأبسط مقومات الحياة لا خيام ولا طعام ولا دواء».

وفي بلدة خزاعة، يقول محمود بركة (45 عاماً) إن القصف المدفعي «لا يتوقف» في المناطق الشرقية، وإن أصوات الانفجارات «قريبة جداً».

يسير الناس وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ويلفت بركة إلى أن الجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات نسف يومية للمنازل «وكأننا في ساحة حرب. هدف الاحتلال إخافتنا».

ويردف: «لا ننام طوال الليل. أطفالي ما زالوا يرتجفون من الخوف وأيضاً من البرد، نحن نعيش مأساة حقيقية، لكن فعلياً لا يوجد خيار ولا بديل أمامنا إلا البقاء هنا».

ويأمل بركة بانتهاء هذا الوضع مع بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي، مؤكداً: «نحاول استرجاع حياتنا بالتدريج؛ فنحن تعبنا جداً».

وتتبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بشأن تأخير بدء مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق، الذي ينص على انسحاب القوات الإسرائيلية من مواقعها الحالية، وتولي سلطة مؤقتة إدارة القطاع بدلاً من حكومة حركة «حماس»، إضافة إلى نشر قوة استقرار دولية.


هل يستطيع لبنان الانتقال عملياً لسحب السلاح شمال الليطاني؟

مقاتلون من «حزب الله» خلال مناورة في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
مقاتلون من «حزب الله» خلال مناورة في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

هل يستطيع لبنان الانتقال عملياً لسحب السلاح شمال الليطاني؟

مقاتلون من «حزب الله» خلال مناورة في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
مقاتلون من «حزب الله» خلال مناورة في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)

ينتظر الجيش اللبناني قراراً سياسياً يفترض أن تتخذه الحكومة للانتقال مطلع العام لتنفيذ المرحلة الثانية من الخطة التي كان قد وضعها لحصرية السلاح.

وقد أتت تصريحات رئيس الحكومة نواف سلام عبر «الشرق الأوسط» ليعلن الانتقال قريباً لحصر السلاح بين نهري الليطاني والأولي، لتؤكد أن الأسابيع الأولى من العام الجديد ستكون حاسمة في هذا المجال. إلا أن تشدد «حزب الله» ورفضه رفضاً قاطعاً تسليم سلاحه شمال نهر الليطاني يطرح علامات استفهام كبيرة حول خطة الدولة للتعامل معه، علماً أن مقربين منه عدّوا موقف سلام الأخير «خطوة تنازلية جديدة يسعى إليها لبنان الرسمي من دون أي خطوة مقابلة من الطرف الإسرائيلي».

ويبدو واضحاً أن تعامل الحزب مع ما وصفها بـ«الخطوات التنازلية» التي اضطر للرضوخ إليها جنوب الليطاني، سواء من خلال استلام الجيش سلاحه ومواقعه العسكرية أو امتناعه عن الرد على الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة أو تعيين مدني في الوفد الذي يفاوض إسرائيل، لن يكون مماثلاً لتعامله مع احتمال التوسع لتطبيق خطة حصرية السلاح شمال الليطاني دون موافقته على ذلك.

عناصر من الجيش اللبناني بمحاذاة شاحنة تعرَّضت لغارة إسرائيلية في ساحل جبل لبنان الجنوبي الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

ويربط الحزب أي خطوة في هذا الاتجاه، بمجموعة شروط، أبرزها انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، وإعادة الأسرى ووقف الاعتداءات والشروع في إعادة الإعمار، علماً أنه يربط مصير سلاحه شمال النهر بـ«استراتيجية دفاعية وطنية» يتم التفاهم عليها داخلياً.

الواقع العسكري

وحسب المعلومات، فإن عناصر وضباط الجيش التزموا طوال الفترة الماضية خلال مهماتهم بحصر السلاح جنوب الليطاني بتعليمات واضحة بعدم الاقتراب من مواقع شمال الليطاني، علماً أن مصادر أمنية تؤكد أنه وبالتوازي مع المهام الميدانية التي كانت تحصل جنوب النهر كانت هناك إجراءات حاسمة تتخذ شمالاً، أي على مختلف الأراضي اللبنانية، وبالتحديد لجهة منع نقل السلاح كما التصدي لأي محاولات تهريب له على الحدود اللبنانية - السورية.

وعما إذا كان الجيش جاهزاً لاستكمال تنفيذ الخطة التي وضعتها القيادة، وبالتالي الانتقال إلى المنطقة الواقعة بين نهري الليطاني والأولي، تقول المصادر الأمنية لـ«الشرق الأوسط»: «الخطة وُضعت لتُنفَّذ، والانتقال إلى هذه المرحلة يتطلب قراراً سياسياً»، لافتة إلى أن «تشدد (حزب الله) ورفضه التسليم يعني وضع الجيش بمواجهة مع عناصره؛ ما قد يهدد السلم الأهلي، وهو ما يُعدّ خطاً أحمر بالنسبة لرئاسة الجمهورية وقيادة الجيش».

محاذير سحب السلاح بالقوة

ويستبعد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور هلال خشان انتقال الدولة اللبنانية لتطبيق قرارها حصرية السلاح شمال الليطاني بالقوة، عادَّاً أن «لبنان دولة ناعمة، وهناك دائماً بالنسبة إليها ثغرة بين اتخاذ القرار وتنفيذه».

ويرى خشان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ألا خيارات أمام الدولة، «وهي تحاول أن تماطل وتطالب بتمديد المهلة المعطاة لها لحصر السلاح حتى أواخر عام 2026».

جنود في الجيش اللبناني يسيرون في نفق حفره «حزب الله» في منطقة زبقين بجنوب لبنان في وقت سابق وسيطر عليه الجيش بعد الحرب (أرشيفية - أ.ب)

ويؤيد خشان وجهة النظر القائلة بأن محاولة سحب السلاح بالقوة «ستؤدي إلى حرب أهلية وانفراط عقد الجيش وانشقاق الضباط الشيعة»، موضحاً أن «الجيش بتركيبته وعقيدته لا يحارب طائفة أو مجموعة وازنة».

أما عن موقف «حزب الله»، فيرجّح خشان أن يتعاطى الحزب مع أي محاولات لمواجهته بالقوة وفق المنطق القائل «عليّ وعلى أعدائي»، متحدثاً عن «مزاج عام مسيطر لدى الشيعة في لبنان برفض تسليم السلاح؛ لأن ذلك يعني الإطاحة بكل الإنجازات التي تحققت للطائفة خلال أكثر من 40 عاماً». ويضيف: «كما أن الحزب غير مهتم بطروحات تقول بإعطائه امتيازات سياسية مقابل السلاح، فهو الذي بقي مسيطراً على الحياة السياسية في لبنان طوال السنوات الماضية، يُدرك أن امتيازات كهذه لا تدوم».

ويرى خشان أن الحزب وبطرحه الاستراتيجية الدفاعية، «يحاول شراء الوقت لعلمه بأن أي نقاشات داخلية لا يمكن أن تصل إلى نتائج في هذا الملف، وهو ما اختبرناه لسنوات طويلة»، مرجحاً أن «يؤدي هذا الواقع لتصعيد إسرائيلي غير واضح إذا ما كان سيرتقي لحرب».

الحزب يرفض

ويؤكد الكاتب السياسي الدكتور قاسم قصير المطلع من كثب على موقف «حزب الله» أن الحزب «يرفض مطلقاً الانتقال لحصر السلاح شمالي الليطاني ويعدّ أن المسؤولية اليوم أمام الدولة والجيش اللبناني والحكومة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وإنهاء الاحتلال وإطلاق الأسرى»، لافتاً إلى أنه «من غير الواضح بعد كيف ستتم ترجمة عملية الرفض، خاصة بعدما قال الشيخ نعيم قاسم بوضوح في آخر خطاب له إن السلاح مثل الروح والأرض ولن يتم التخلي عنه».

وعما إذا كان الحزب قد يقبل في مرحلة ما مبادلة سلاحه بامتيازات سياسية، يقول قصير لـ«الشرق الأوسط»: «الحزب لا يطالب بامتيازات سياسية مقابل السلاح، لكنه يطالب بوقف الاعتداءات الإسرائيلية، والاحتلال الإسرائيلي، وإطلاق الأسرى، وإعادة الإعمار، ويعلن الاستعداد للحوار حول الاستراتيجية الدفاعية أو القومية... وغير ذلك لا توجد مطالب لدى الحزب».


الشيباني وأبو قصرة في موسكو لإجراء مباحثات

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق في موسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق في موسكو (أ.ب)
TT

الشيباني وأبو قصرة في موسكو لإجراء مباحثات

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق في موسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق في موسكو (أ.ب)

وصل وفد سوري يضم وزيري الخارجية والدفاع إلى العاصمة الروسية موسكو اليوم الثلاثاء، وفق ما أعلنت إدارة الإعلام بوزارة الخارجية والمغتربين السورية.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن الإدارة قولها إن وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني ووزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة ومسؤولون في الاستخبارات العامة وصلوا إلى موسكو لإجراء مباحثات مع المسؤولين الروس.

وفي يوليو (تموز) الماضي، التقى أبو قصرة نظيره الروسي أندريه بيلوسوف في موسكو بحضور كل من الشيباني ورئيس الاستخبارات العامة حسين سلامة، حيث شهد اللقاء مباحثات بشأن عدد من القضايا العسكرية المشتركة.
وأكد الشيباني، خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، آنذاك، أن «الحوار مع روسيا خطوة استراتيجية تدعم مستقبل سوريا»، موضحاً أن «سوريا تتطلع إلى تعاون وتنسيق كامل مع روسيا لدعم مسار العدالة الانتقالية فيها، كما أن التعاون مع روسيا يقوم على أساس الاحترام».