مساعي ترمب لعقد قمة تاريخية بين بوتين وزيلينسكي تصطدم بعراقيل الكرملين

البيت الأبيض يقترح بودابست موقعاً محتملاً للقمة... وماكرون يفضِّل جنيف... ونقاشات حول منح بوتين حصانة

ترمب مع قادة أوروبيين والأمين العام لحلف شمال الأطلسي في أثناء سيرهم خلال اجتماع حول مفاوضات لإنهاء الحرب الروسية بأوكرانيا (رويترز)
ترمب مع قادة أوروبيين والأمين العام لحلف شمال الأطلسي في أثناء سيرهم خلال اجتماع حول مفاوضات لإنهاء الحرب الروسية بأوكرانيا (رويترز)
TT

مساعي ترمب لعقد قمة تاريخية بين بوتين وزيلينسكي تصطدم بعراقيل الكرملين

ترمب مع قادة أوروبيين والأمين العام لحلف شمال الأطلسي في أثناء سيرهم خلال اجتماع حول مفاوضات لإنهاء الحرب الروسية بأوكرانيا (رويترز)
ترمب مع قادة أوروبيين والأمين العام لحلف شمال الأطلسي في أثناء سيرهم خلال اجتماع حول مفاوضات لإنهاء الحرب الروسية بأوكرانيا (رويترز)

أشارت مصادر بالبيت الأبيض إلى أن جهود ترتيب قمة تاريخية تجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، تبحث اختيار العاصمة المجرية بودابست لاستضافة هذه القمة، فيما طالب الرئيس الروسي بعقدها في موسكو، ونصح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باختيار مدينة جنيف السويسرية مكاناً مثالياً محايداً لعقد القمة.

وأبدي وزير الخارجية السويسري استعداده لمنح الرئيس بوتين «حصانة» ضد أي محاولات لاعتقاله بموجب مذكرة المحكمة الجنائية الدولية التي أدانت بوتين بارتكاب جرائم حرب. وقال المستشار الألماني فريدريش ميرتس، بإمكانية عقد القمة في غضون أسابيع.

وأعلن ترمب أن أولويته الأولى ستكون المساعدة في عقد هذه المحادثات المباشرة بين الرئيسين بوتين وزيلينسكي لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وألغى ترمب خططه للذهاب إلى منتجعه خلال عطلة نهاية الأسبوع، لمتابعة هذه الجهود مع وزير الخارجية ماركو روبيو، ومبعوث ترمب الرئاسي ستيف ويتكوف، مع مسؤولي مجلس الأمن القومي.

رفض روسي

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يتحدث إلى وسائل الإعلام (أ.ف.ب)

ورغم جهود إدارة الرئيس دونالد ترمب لترتيب هذه القمة الحاسمة فإن هذه الجهود اصطدمت بالكثير من العراقيل، حيث ردّ الكرملين صباح الأربعاء، برفض قاطع، رافضاً الالتزام بالمحادثات عالية المخاطر دون شروط مسبقة شاملة.

وقللت وسائل الإعلام الروسية من فرص عقد أي اجتماع، إذ أشار وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى أن الاجتماع يتطلب تحضيراً مكثفاً وأن مستوى التمثيل في المحادثات لن يكون أعلى مما كان عليه في الجولات السابقة، ولا يمكن عقده إلا بعد الانتهاء من صياغة جميع تفاصيل معاهدة السلام.

وقال لافروف ومسؤولون آخرون في الكرملين إن أي حوار يجب أن يتم «تدريجياً» خطوةً خطوةً بدءاً من مستوى الخبراء، وفقط بعد أن تُلبّي أوكرانيا مطالب روسيا، بما في ذلك التنازلات الإقليمية والاعتراف بمطالب موسكو في شرق أوكرانيا.

لا توجد خطط للقاء مباشر

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعهما للتفاوض على إنهاء الحرب في أوكرانيا بقاعدة إلمندورف ريتشاردسون المشتركة في أنكوريج بألاسكا 15 أغسطس 2025 (رويترز)

هذا الموقف الذي تردد صداه في التصريحات الأخيرة لمستشار الشؤون الخارجية الروسي يوري أوشاكوف، الذي نفى وجود أي خطط ملموسة للقاء مباشر بين بوتين وزيلينسكي، دفع إدارة ترمب إلى مازق دبلوماسي بعد أسابيع فقط من سعيها نحو السلام وإنهاء الحرب. ويقول المحللون إن بوتين يفضل استمرار القتال لأنه يشعر بأنه يحقق انتصارات في ساحة المعركة، وهذا يمنحه نفوذاً في المحادثات المستقبلية حتى لو كانت المكاسب ضئيلة وتسببت في خسائر فادحة في الأرواح.

ولم يقتصر الأمر على وضع العراقيل أمام عقد القمة وإنما امتدت إلى رفض روسيا الأفكار الأوروبية لإعطاء أوكرانيا ضمانات أمنية بتوفير جنود حفظ سلام لتعزيز قواتها. وصرحت روسيا بأنها سترفض أي قوة من هذا القبيل، وأعلن ترمب لقناة «فوكس نيوز»، الثلاثاء، أنه لن ينشر أي جنود أميركيين في أوكرانيا، لكنه لم يوضح ما ستقدمه الولايات المتحدة بالضبط من ضمانات أمنية سوى ما سماها «المساعدة في التنسيق» وتقديم الدعم الجوي.

أورسولا فون دير لاين وكير ستارمر والرؤساء: الفنلندي ألكسندر ستوب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأميركي دونالد ترمب والفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني والمستشار الألماني فريدريش ميرتس والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته... يلتقطون صورة جماعية في البيت الأبيض بواشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

انتكاسة لاستراتيجية ترمب

يُمثل هذا التعنت من جانب الكرملين انتكاسة كبيرة لاستراتيجية ترمب تجاه أوكرانيا، والتي وضعها حجرَ زاوية في أجندته للسياسة الخارجية، وأصبح مجرد الوصول إلى طاولة المحادثات صعباً وشاقاً ويحيطه الكثير من الشكوك. ويشير المحللون إلى تحديات أعمق، بما في ذلك إصرار روسيا على رفضها مراراً وتكراراً التنازل عن الأراضي المحتلة.

ويعرب خبراء ومحللون أميركيون، عن شكوكهم في قدرة ترمب على التغلب على هذه العقبات، محذرين من أن تفاؤل الإدارة قد يتعارض مع الحقائق الجيوسياسية. ويوضح تشارلز كوبشان، الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية (CFR)، أن خطة ترمب للسلام -التي من المرجح أن تشمل الحياد الأوكراني والاعتراف بالأراضي التي تسيطر عليها روسيا- تواجه مقاومة لا يمكن التغلب عليها من كل من كييف وموسكو.

ويضيف: «تفترض خطة ترمب أن بوتين سيرضى بقدر من الهيمنة الكاملة، لكنَّ التاريخ يُظهر خلاف ذلك»، ويؤكد كوبشان أن استبعاد فكرة فرض عقوبات على موسكو دون تنازلات واضحة -يمكن التحقق منها- قد يُشجع روسيا أكثر، ويقول إن احتمال نشر قوات أوروبية قد يردع روسيا على المدى القصير، لكنه يفتقر إلى قوة الالتزام الأميركي، مما يجعلنا نخاطر بضمانة جوفاء.

ووصف أندرو فايس، من مؤسسة «كارنيغي للسلام الدولي»، مبادرة ترمب بأنها «محكوم عليها بالفشل» نظراً إلى صعوبة حل الصراع. مشيراً إلى أن استراتيجية بوتين تتعلق بالاستنزاف المُطول، مما يجعل القمم قصيرة الأجل غير فعالة. ويقول: «يرى الكرملين أن إلحاح ترمب نقطة ضعف يُمكن استغلالها، حيث يُطالب بتنازلات لا تستطيع أوكرانيا تحملها»، مُتوقعاً أن الإدارة قد تتجه نحو صفقات أسلحة أحادية الجانب أو تُخاطر بتنفير الحلفاء الأوروبيين. وأعرب فايس عن تفاؤل حذر بشأن عرض الحصانة السويسري، محذراً من أنه قد يشجع بوتين على إملاء الشروط.

دونالد ترمب إلى جوار رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال اجتماع متعدد الأطراف مع القادة الأوروبيين في الغرفة الشرقية من البيت الأبيض بواشنطن العاصمة (إ.ب.أ)

من جانبه، قال الكاتب توماس فريدمان، في مقال بصحيفة «نيويورك تايمز»، إن رغبة ترمب الجديرة بالثناء على إنهاء الحرب الدموية في أوكرانيا تشير إلى أنه لا يفهم حقيقة هذه الحرب، ولا يشعر بتضامن حقيقي مع التحالف عبر الأطلسي، والالتزام المشترك بالديمقراطية وسيادة القانون، لذا لا عجب في أن ترمب لا يشعر بأي رغبة ملحّة في ضم أوكرانيا إلى الغرب، أو أن يفهم أن بوتين يحاول تفكيك الغرب انتقاماً من تفكيكه الاتحاد السوفياتي.

لغة القوة والضغط

وأشار السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، إلى أنه يعتقد أن الرئيس ترمب مستعد لسحق الاقتصاد الروسي بموجة جديدة من العقوبات إذا رفض الرئيس بوتين لقاء الرئيس زيلينسكي خلال الأسابيع المقبلة، ملوحاً بمشروع قانون لفرض رسوم جمركية باهظة على الدول التي تشتري النفط الروسي والغاز، وهو التشريع الذي يحظى بدعم 85 عضواً في مجلس الشيوخ. وأشار السيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنثال، إلى شكوك متزايدة وريبة في أن بوتين لم يقدم وعوداً مباشرة، ولديه حوافز للمناورة، وقال إن الطريقة الوحيدة لإقناع بوتين بالجلوس على طاولة المفاوضات هي إظهار القوة لأن ما يفهمه بوتين هو القوة والضغط.


مقالات ذات صلة

ماكرون: حلفاء كييف يجتمعون في باريس مطلع يناير لبحث الضمانات الأمنية

أوروبا الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيسان الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه العام الماضي (د.ب.أ) play-circle

ماكرون: حلفاء كييف يجتمعون في باريس مطلع يناير لبحث الضمانات الأمنية

أعلن الرئيس الفرنسي عن اجتماع لحلفاء كييف في باريس مطلع يناير (كانون الثاني) لمناقشة الضمانات الأمنية التي ستقدّم لأوكرانيا في إطار اتفاق سلام مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا جانب من استقبال ترمب لزيلينسكي في مارالاغو يوم 28 ديسمبر (أ.ب)

ترمب: جهود إنهاء حرب أوكرانيا في «مراحلها النهائية»

بدا الرئيس الأميركي دونالد ترمب متفائلاً بقرب التوصل إلى اتفاق سلام لدى استقباله نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مارالاغو، أمس، وقال أمام الصحافيين إنّ

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يمد يده لمصافحة نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي عقب محادثات في مقر إقامته في بالم بيتش (ا.ف.ب)

ترمب: سيتّضح خلال أسابيع ما إذا كان ممكناً إنهاء الحرب في أوكرانيا

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إنه تم إحراز «تقدم كبير» في المحادثات مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في منتجع مارالاغو الأحد.

«الشرق الأوسط» (فلوريدا)
الولايات المتحدة​ جانب من استقبال ترمب لزيلينسكي في مارالاغو يوم 28 ديسمبر (أ.ب)

ترمب المتفائل: زيلينسكي وبوتين جادّان

بدا الرئيس الأميركي دونالد ترمب متفائلاً بقرب التوصل إلى اتفاق سلام لدى استقباله نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مارالاغو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أرشيفية - د.ب.أ)

ترمب أجرى اتصالاً «مثمراً للغاية» مع بوتين

قال الرئيس الأميركي دونالد ‌ترمب، الأحد، ⁠إنه أجرى اتصالاً هاتفياً «جيداً ومثمراً للغاية» مع نظيره ⁠الروسي ‌فلاديمير ‍بوتين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب: سيتّضح خلال أسابيع ما إذا كان ممكناً إنهاء الحرب في أوكرانيا

ترمب يمد يده لمصافحة نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي عقب محادثات في مقر إقامته في بالم بيتش (ا.ف.ب)
ترمب يمد يده لمصافحة نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي عقب محادثات في مقر إقامته في بالم بيتش (ا.ف.ب)
TT

ترمب: سيتّضح خلال أسابيع ما إذا كان ممكناً إنهاء الحرب في أوكرانيا

ترمب يمد يده لمصافحة نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي عقب محادثات في مقر إقامته في بالم بيتش (ا.ف.ب)
ترمب يمد يده لمصافحة نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي عقب محادثات في مقر إقامته في بالم بيتش (ا.ف.ب)

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إنه تم إحراز «تقدم كبير» في المحادثات مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في منتجع مارالاغو الأحد.

وقال ترمب للصحافيين خلال مؤتمر صحافي عقده بعد اجتماعه مع نظيره الأوكراني: «نحن نقترب كثيراً، وربما نقترب جداً» من إنهاء الحرب، مشيراً إلى أن نتائج المفاوضات بشأن اتفاق سلام بين أوكرانيا وروسيا قد تُعرف في الأسابيع المقبلة.

زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي مع ترمب عقب اجتماعهما في منتجع مارالاغو الأحد (رويترز)

وأضاف ترمب: «أعتقد أننا سنعرف في غضون أسابيع بطريقة أو بأخرى» ما إذا كانت المحادثات قد أثمرت، مشيراً إلى أن المفاوضات كانت "صعبة للغاية».

ورداً على سؤال حول زيارة محتملة لأوكرانيا، لم يستبعد ترامب ذلك وقال «اقترحت الذهاب إلى هناك والتحدث أمام برلمانهم».

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين (أ.ب)

من جهتها قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، عقب مكالمة هاتفية مع الرئيس ‌الأوكراني ‌فولوديمير ‌زيلينسكي ،⁠والرئيس ​الأميركي ‌دونالد ترمب، وزعماء أوروبيين، إنه تم إحراز تقدم ملموس ⁠خلال المناقشات وشددت على ‌ضرورة تقديم ‍ضمانات ‍أمنية قوية ‍لأوكرانيا.

وكتبت على منصة التواصل الاجتماعي إكس قائلة: «​أوروبا مستعدة لمواصلة العمل مع أوكرانيا ⁠وشركائنا الأميركيين لتعزيز هذا التقدم. ويُعد تقديم ضمانات أمنية قوية منذ البداية أمراً بالغ الأهمية في هذا ‌المسعى».


مقتل شخص وإصابة آخر بجروح بتحطم مروحيتين في ولاية نيوجيرسي الأميركية

مروحية محطمة في مدينة هامونتون جنوبي ولاية نيوجيرسي الأميركية (أ.ب)
مروحية محطمة في مدينة هامونتون جنوبي ولاية نيوجيرسي الأميركية (أ.ب)
TT

مقتل شخص وإصابة آخر بجروح بتحطم مروحيتين في ولاية نيوجيرسي الأميركية

مروحية محطمة في مدينة هامونتون جنوبي ولاية نيوجيرسي الأميركية (أ.ب)
مروحية محطمة في مدينة هامونتون جنوبي ولاية نيوجيرسي الأميركية (أ.ب)

قال مسؤولون أميركيون إن شخصاً واحداً على الأقل لقي حتفه، فيما أصيب شخص آخر بجروح خطيرة إثر تحطم مروحيتين في مدينة هامونتون الواقعة جنوبي ولاية نيوجيرسي. ووصفت إدارة الطيران الاتحادية الحادث بأنه تصادم جوي.

وقال قائد شرطة هامونتون، كيفين فريل، إن فرق الإنقاذ تعاملت مع بلاغ عن حادث تحطم جوي قرابة الساعة 11:25 صباحاً بالتوقيت المحلي، اليوم الأحد، وإن الشرطة وفرق الإطفاء أخمدت لاحقاً النيران التي التهمت إحدى المروحيتين، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

ولقي شخص واحد حتفه، فيما نُقل آخر إلى مستشفى قريب وهو في حالة حرجة تهدد حياته. وأظهر مقطع فيديو من موقع الحادث مروحية وهي تدور بسرعة قبل ارتطامها بالأرض.

وذكر فريل أنه قد تم إبلاغ إدارة الطيران الاتحادية والمجلس الوطني لسلامة النقل بالحادث وسيباشران التحقيق في الحادث.


ترمب المتفائل: زيلينسكي وبوتين جادّان

جانب من استقبال ترمب لزيلينسكي في مارالاغو يوم 28 ديسمبر (أ.ب)
جانب من استقبال ترمب لزيلينسكي في مارالاغو يوم 28 ديسمبر (أ.ب)
TT

ترمب المتفائل: زيلينسكي وبوتين جادّان

جانب من استقبال ترمب لزيلينسكي في مارالاغو يوم 28 ديسمبر (أ.ب)
جانب من استقبال ترمب لزيلينسكي في مارالاغو يوم 28 ديسمبر (أ.ب)

بدا الرئيس الأميركي دونالد ترمب متفائلاً بقرب التوصل إلى اتفاق سلام لدى استقباله نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مارالاغو، الأحد، وقال أمام الصحافيين: «لدينا مقومات التوصل إلى اتفاق»، عادّاً أن «زيلينسكي وبوتين جادّان بشأن السلام» ويرغبان في التوصّل إلى اتّفاق، وأنّ الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في أوكرانيا وصلت إلى مراحلها النهائية. كما أكّد الرئيس الأميركي العمل على «اتفاق أمني قوي» لصالح كييف تُشارك فيه الدول الأوروبية، دون تقديم تفاصيل حول طبيعة الضمانات الأميركية.

ترمب وزيلينسكي يتوسّطان وفديهما خلال المحادثات في مارالاغو يوم 28 ديسمبر (أ.ف.ب)

وقبل ساعات قليلة من لقائه مع زيلينسكي، أجرى ترمب مكالمة هاتفية «جيدة جداً ومثمرة» مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول جهود إنهاء الحرب في أوكرانيا. وأكّد الكرملين أنّ الرئيسين الروسي والأميركي أجريا مكالمة هاتفية «ودية»، مشيراً إلى أنّهما سيتحدثان مجدداً بعد لقاء فلوريدا. وقال المستشار الدبلوماسي في الكرملين، يوري أوشاكوف، للصحافيين إنّ «المحادثة بأكملها دارت في جو ودي». وأضاف: «اتفق الطرفان على التحدث مجدداً عبر الهاتف بعد اللقاء بين الرئيس الأميركي وزيلينسكي».ونقل الإعلام الروسي والأميركي عن أوشاكوف قوله إن الاتصال، الذي جاء بمبادرة من الرئيس ترمب، استمرّ ساعة و15 دقيقة. وقال أوشاكوف، وفق منشور للصحافي الروسي بافيل زاروبين على «تلغرام»، إن الرئيس الأميركي وافق روسيا على أن وقف إطلاق النار في أوكرانيا لن يؤدي إلا إلى «إطالة أمد النزاع وتعريضه لخطر تجدّد الأعمال القتالية». كما تحدّث عن اتفاق موسكو وواشنطن على تشكيل مجموعات عمل لبحث ملف أوكرانيا ابتداءً من يناير (كانون الثاني).

أمل أوكراني

استقبل الرئيس الأميركي نظيره الأوكراني في مارالاغو، مقرّ إقامته الخاص في بالم بيتش، حيث يمضي الرئيس الجمهوري البالغ 79 عاماً عطلته، والذي أصبح بمثابة ملحق للبيت الأبيض. ومن المقرر أن يستضيف ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المقر عينه، الاثنين.

ويسعى زيلينسكي للحصول على موافقة الرئيس الأميركي على النسخة الأخيرة من خطة السلام الرامية إلى إنهاء الحرب المستمرة مع روسيا منذ أربع سنوات. وقال الرئيس الأميركي لموقع «بوليتيكو»، الجمعة، إن نظيره الأوكراني الذي يصل حاملاً معه أحدث مقترحاته بشأن القضية الشائكة المتعلقة بتقاسم الأراضي، «لا يملك أي شيء حتى أوافق أنا عليه». مع ذلك، بدا ترمب واثقاً في نتائج المحادثات، قائلاً: «أعتقد أن الأمور ستسير على ما يرام معه. وأعتقد أنها ستسير على ما يرام مع (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين»، الذي يعتزم التحدث معه «قريباً».

جانب من استقبال ترمب لزيلينسكي في مارالاغو يوم 28 ديسمبر (أ.ف.ب)

وبعد لقاء زيلينسكي بترمب، من المرتقب أن يجري الرئيسان مكالمة هاتفية مع الزعماء الأوروبيين، حسب ما أفاد الناطق باسم الرئاسة الأوكرانية. وقال سيرغي نيكيفوروف في تصريحات للإعلام إنه «من المرتقب إجراء مكالمة هاتفية بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الأميركي دونالد ترمب، والزعماء الأوروبيين»، بعد اللقاء الثنائي.وأعرب زيلينسكي خلال محطة له في كندا، السبت، عن أمله في أن يكون الاجتماع مع ترمب «بنّاءً للغاية»، مشيراً إلى أنه تشاور مسبقاً مع حلفائه الأوروبيين. وأكد الأوروبيون للرئيس الأوكراني «دعمهم الكامل»، وفق المستشار الألماني فريدريش ميرتس. وفي كندا، حصل زيلينسكي على حزمة مساعدات اقتصادية جديدة بقيمة 2.5 مليار دولار كندي (1.8 مليار دولار أميركي) من رئيس الوزراء مارك كارني.

بوتين يُهدّد

تأتي القمة في فلوريدا عقب اقتراح الرئيس الأوكراني نسخة جديدة من الخطة الأميركية لإنهاء الحرب، بعد تعديلها إثر محادثات مع أوكرانيا؛ وهو ما أثار استياء موسكو. ويعتقد الكرملين أن كييف تحاول من خلال هذه النسخة الأخيرة «نسف» المحادثات، بعد نسخة أولية كانت أكثر مراعاة للمطالب الروسية.

صورة وزّعها الكرملين يوم 27 ديسمبر لزيارة بوتين أحد مراكز قيادة القوات المسلحة الروسية في موقع غير محدد (رويترز)

وفي تصعيد للضغط الميداني، أعلنت روسيا، السبت، أنها سيطرت على بلدتين جديدتين في شرق أوكرانيا، هما ميرنوغراد وغوليايبول. وقال بوتين، السبت: «إذا لم ترغب السلطات بكييف في تسوية هذه القضية سلمياً، فسنحل كل المشكلات التي تواجهنا بالوسائل العسكرية». وأضاف الرئيس الروسي أن «قادة نظام كييف ليسوا في عجلة من أمرهم لحلّ هذا النزاع سلمياً». واستذكر قائلاً: «لقد تحدثت عن هذا الأمر قبل عام في خطاب ألقيته في وزارة الخارجية». وعشية الاجتماع في فلوريدا، هاجمت موسكو كييف والمنطقة المحيطة بها بمئات المسيّرات وعشرات الصواريخ؛ ما أسفر عن مقتل شخصين وانقطاع التيار الكهربائي عن أكثر من مليون منزل. وأعلنت شركة «دتيك»، أكبر مستثمر خاص في قطاع الطاقة الأوكراني، الأحد استئناف تزويد «جميع المنازل في العاصمة» بالتيار الكهربائي.ورأى زيلينسكي أن هذا الهجوم يُجسّد «ردّ روسيا على جهودنا السلمية». ولم يعد دونالد ترمب يُخفي استياءه من طول أمد المفاوضات. فقد صرّحت الناطقة باسمه كارولاين ليفيت في 11 ديسمبر (كانون الأول) أنه «يشعر بإحباط شديد من كلا الجانبين». وفي 19 ديسمبر، حثّ الرئيس الأميركي أوكرانيا على اتخاذ إجراءات لإنهاء المراوحة المستمرة.

من جهته، أكّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو ستواصل «انخراطها مع المفاوضين الأميركيين لوضع اتفاقات دائمة تعالج الأسباب الجذرية للنزاع»، مع انتقاده للأوروبيين، وفق تصريحات نقلتها وكالة «تاس» للأنباء. وقال لافروف: «بعد تغيّر الإدارة في الولايات المتحدة، أصبحت أوروبا والاتحاد الأوروبي العقبة الرئيسية أمام السلام»، عادّاً أن الأوروبيين «لا يخفون نواياهم في الاستعداد لحرب ضد روسيا». وتابع أن «طموح القادة الأوروبيين يعميهم حرفياً: فهم ليسوا غير مبالين بالأوكرانيين فحسب، بل يبدو أنهم غير مبالين أيضاً بشعوبهم».

20 بنداً

تقترح الوثيقة المكونة من 20 بنداً تجميد خطوط القتال على الجبهة، من دون التطرق إلى المطلب الروسي بسحب القوات الأوكرانية من نحو 20 في المائة من منطقة دونيتسك الشرقية التي لا تزال تحت سيطرتها. إلا أن زيلينسكي عبّر عن انفتاح مشروط على إنشاء «منطقة منزوعة السلاح» و«اقتصادية حرّة» تؤمّنها شرطة أوكرانية في دونباس، في حال وافقت روسيا على سحب قواتها.

أوكرانيون يعاينون الدمار الذي خلّفه القصف الروسي على كييف يوم 28 ديسمبر (أ.ف.ب)

كما أن النص الجديد لم يعد يتضمن أي التزام قانوني على أوكرانيا بالامتناع عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وهو مطلب رئيسي آخر للكرملين. إلى جانب مصير دونباس، المنطقة الواقعة في شرق أوكرانيا التي تطالب بها موسكو، ومصير محطة زابوريجيا النووية التي يحتلها الروس في الجنوب، من المتوقع أن يناقش الرئيسان الضمانات الأمنية التي يمكن أن تقدمها القوى الغربية في جزء من اتفاق سلام محتمل.

جانب من اجتماع زيلينسكي وكارني مع قادة أوروبيين عبر اتّصال فيديو في هاليفاكس يوم 27 ديسمبر (أ.ف.ب)

وشدّد زيلينسكي، السبت، على أن «هذه الضمانات الأمنية يجب أن تأتي بالتزامن مع نهاية الحرب». وكان الرئيس الأميركي قد أشار مؤخراً إلى أن أوكرانيا، من وجهة نظره، لديها كل المصلحة في تجميد خطوط الجبهة بأسرع وقت ممكن في مواجهة أي تقدم روسي مستقبلي، يعدّه حتمياً. وقال في الثامن من ديسمبر إن «روسيا متقدمة، ولطالما كانت كذلك». لكن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أكدت، السبت، عقب مكالمة هاتفية مع زيلينسكي، على ضرورة أن يحافظ أي اتفاق سلام على «سيادة» أوكرانيا و«وحدة أراضيها».