«حزب الله» يركّز سهامه على سلام ويتجنب مواجهة عون

علاقة «باردة» بين الطرفين وصلت إلى اتهامه بـ«المشروع الإسرائيلي»

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام مستقبلاً في وقت سابق وفداً نيابياً من «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد (أرشيفية - رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام مستقبلاً في وقت سابق وفداً نيابياً من «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد (أرشيفية - رئاسة الحكومة)
TT

«حزب الله» يركّز سهامه على سلام ويتجنب مواجهة عون

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام مستقبلاً في وقت سابق وفداً نيابياً من «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد (أرشيفية - رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام مستقبلاً في وقت سابق وفداً نيابياً من «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد (أرشيفية - رئاسة الحكومة)

أتى السجال الذي اندلع قبل أيام بين رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام و«حزب الله» ليكشف حجم الشرخ المتزايد بين الطرفين بعد مرحلة من «المساكنة» داخل الحكومة لم تصمد طويلاً.

فالقرار الحكومي بحصرية السلاح وتكليف الجيش اللبناني بوضع خطة لتنفيذ هذا القرار قبل نهاية العام الحالي فجّر العلاقة بين سلام و«حزب الله» الذي اتهم أمينه العام الشيخ نعيم قاسم بإطلالته الأخيرة الحكومة بـ«خدمة المشروع الإسرائيلي»، محملاً إياها «كامل المسؤولية لأي فتنة يمكن أن تحصل كما مسؤولية أي انفجار داخلي وأي خراب للبنان».

وجاء رد سلام على قاسم في مقابلة مع «الشرق الأوسط» سريعاً ومباشراً، اعتبر فيه كلام أمين عام الحزب «تهديداً مبطناً بالحرب الأهلية، وهذا مرفوض تماماً».

تاريخ العلاقة بين الطرفين

ولطالما كانت العلاقة بين سلام و«حزب الله» غير سوية، حيث اعتبر الحزب ومنذ قرار تكليف نواف سلام بتشكيل الحكومة أنه تعرض لـ«كمين». علماً بأنه كان قد وافق في عام 2023 على ما عُرفت وقتها بـ«المبادرة الفرنسية» التي طرحت انتخاب مرشح «حزب الله» و«حركة أمل»، رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، رئيساً للجمهورية، مقابل انتخاب سلام رئيساً للحكومة.

رئيس الحكومة نواف سلام خلال مقابلة مع «الشرق الأوسط»

وحصل سلام على 84 صوتاً نيابياً، مقابل 9 أصوات لرئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي؛ و35 «لا تسمية» (أبرزها أصوات الثنائي الشيعي) خلال الاستشارات الملزمة التي أجراها رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون وأدت لتكليف سلام تشكيل الحكومة.

وقاطعت كتلتا «الوفاء للمقاومة» (15 نائباً) التابعة لـ«حزب الله» و«التنمية والتحرير» (15 نائباً) التابعة لـ«حركة أمل» الاستشارات النيابية غير الملزمة التي أجراها سلام لتشكيل الحكومة، علماً بأن الطرفين عادا ووافقا على المشاركة بهذه الحكومة وتمثلا بأربعة وزراء هم: المال والعمل والزراعة والبيئة.

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم خلال خطاب متلفز (رويترز)

ورغم «المساكنة» الحكومية، ظلت العلاقة باردة بين الطرفين. وسُجلت زيارة يتيمة لوفد من كتلة الحزب النيابية برئاسة النائب محمد رعد مطلع يونيو (حزيران) الماضي لسلام في السراي الحكومي.

جهوزية للحوار والنقاش

وتقول مصادر رسمية مطلعة من كثب على علاقة الطرفين إنه «أصلاً لا علاقة بينهما وإن التواصل ظلّ دائماً بحدوده الدنيا»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن اللقاءات التي عُقدت مع مسؤولين في الحزب لا يتجاوز عددها عدد أصابع اليد الواحدة.

ويعتبر الكاتب السياسي الدكتور قاسم قصير المطلع من كثب على موقف «حزب الله» أن «العلاقة بين سلام والحزب مرت بعدة مراحل، ورغم الإشكالات التي حصلت خلال اختياره تم تجاوز ذلك بعد تشكيل الحكومة وأعطى الحزب الثقة للحكومة وحصل حوار وتعاون مع سلام، لكنّ أداءه مؤخراً هو الذي أدى لتوتر العلاقة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «ورغم ذلك فالحزب جاهز للحوار والنقاش».

العلاقة مع عون

وبخلاف العلاقة مع سلام، حرص «حزب الله» على الحفاظ على علاقة جيدة مع رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون. فصوّت نواب الحزب لصالحه في جلسة انتخابه بعد دعمهم لأشهر طويلة انتخاب سليمان فرنجية، حتى إن قيادة الحزب بدأت حواراً معه بعيداً عن الأضواء بخصوص ما عُرف بـ«استراتيجية الأمن الوطني» التي كان يفترض أن تؤدي لحصرية السلاح بيد الدولة.

الرئيس اللبناني جوزيف عون (أ.ب)

لكن مصادر معنية بالملف قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الحوار لم يتقدم بالسرعة المطلوبة، واعتمد (حزب الله) إلى حد كبير المماطلة في إعطاء الأجوبة التي طلبتها الرئاسة الأولى، ما عطّل إلى حد كبير هذا المسار».

ولم يدم تركيز سهام الحزب على سلام وتحييد عون طويلاً، بحيث إنه ورغم تفادي نواب ومسؤولي الحزب تسمية الرئيس عون وانتقاده بالمباشر كما يحصل مع رئيس مجلس الوزراء، فإن وسائل إعلام وإعلاميين محسوبين على الحزب فتحوا النار عليه بقوة بعد قرارات الحكومة الاخيرة باعتبار أنه كان يرأس الجلستين اللتين تم خلالهما اتخاذ هذه القرارات.

وتشير المصادر إلى أن «الحزب ورغم امتعاضه واستيائه الكبير فإنه لا يزال يسعى لعدم وصول العلاقة إلى مرحلة لا رجوع عنها مع الرئاسة الأولى».

رئيس كتلة «حزب الله» النائب محمد رعد يلقي كلمة في القصر الجمهوري بعد لقاء سابق مع الرئيس جوزيف عون (أ.ف.ب)

ويصف قاسم قصير العلاقة بين الحزب وعون بـ«الجيدة جداً رغم بعض التباينات»، لافتاً إلى أن «الحزب حريص على أفضل العلاقات مع عون، لكن الأمور مرهونة بالمرحلة المقبلة وبأدائه في الحكم».


مقالات ذات صلة

لبنان: سلام يدافع عن «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات الواسعة

المشرق العربي الحكومة اللبنانية ملتئمة برئاسة رئيس الجمهورية جوزيف عون (الرئاسة اللبنانية)

لبنان: سلام يدافع عن «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات الواسعة

دافع رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام عن مشروع قانون استرداد الودائع المصرفية المجمدة منذ عام 2019، واصفاً إياه بـ«الواقعي» و«القابل للتنفيذ».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مودعون يرفعون لافتات اعتراضية على مشروع قانون استعادة الودائع خلال تحركات شعبية على طريق القصر الجمهورية (الشرق الأوسط)

انطلاقة «غير آمنة» لمشروع قانون الفجوة المالية في لبنان

كشف توسّع موجة الاعتراضات على مشروع قانون «الفجوة» المالية، حجم العقبات التي تعترض الوصول إلى محطة تشريع القانون في البرلمان.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي من اعتصام سابق لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أرشيفية - الشرق الأوسط)

صمت مالك سفينة «النيترات» يراكم تعقيدات التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

لم تحقق مهمة المحقّق العدلي في ملفّ انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار غايتها في العاصمة البلغارية صوفيا، إذ لم يتمكن من استجواب مالك الباخرة روسوس.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب) play-circle

ثلاثة قتلى بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في جنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الاثنين، قصف عدة أهداف تابعة لـ«حزب الله» في صيدا بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان في مايو 2023 (د.ب.أ)

سيناتور أميركي يتهم «حزب الله» بإعادة تسليح نفسه

اتهم عضو مجلس الشيوخ الأميركي، ليندسي غراهام، «حزب الله» بالسعي إلى إعادة تسليح نفسه

«الشرق الأوسط» (بيروت)

لبنان: انطلاقة «غير آمنة» لمشروع «استعادة الودائع»

مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)
مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)
TT

لبنان: انطلاقة «غير آمنة» لمشروع «استعادة الودائع»

مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)
مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)

عكستِ الاعتراضات على مشروع قانون استعادة الودائع المجمدة منذ عام 2019 في لبنان، انطلاقةً غير آمنةٍ له، إذ بدأتِ الحكومة بمناقشة المسودة، بالتزامن مع اعتراضات سياسية من قوى ممثلة بالحكومة وخارجها، وانتقادات عميقة من قبل «جمعية المصارف»، فضلاً عن تحركات شعبية نُظمت بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء.

وأكد الرئيس اللبناني جوزيف عون أنّه لا يقف مع أي طرف ضدّ آخر، وأنّ النقاش يجب أن يتم تحت قبة البرلمان، فيما دافع رئيس الحكومة نواف سلام عن المسودة، وشدّد على أنَّ مشروع قانون الفجوة المالية واقعي وقابل للتنفيذ، مؤكداً أنَّ أي تأخير في إقراره قد يضر بثقة المواطنين والمجتمع الدولي.

وبرزتِ اعتراضات قانونية على إدراج مواد ذات «مفعول رجعي» لضرائب واقتطاعات وتعديلات في القيم الدفترية للمدخرات المحوّلة بعد عام 2019، والعوائد المحصّلة على الودائع في سنوات سابقة.


مواجهات في حلب توقع قتلى وجرحى

نقل المصابين إلى مشفى الرازي  جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)
نقل المصابين إلى مشفى الرازي جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)
TT

مواجهات في حلب توقع قتلى وجرحى

نقل المصابين إلى مشفى الرازي  جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)
نقل المصابين إلى مشفى الرازي جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)

قتل شخصان وأصيب 6 مدنيين بينهم امرأة وطفل بجروح جراء اشتباكات اندلعت في مدينة حلب شمال سوريا بين القوات الحكومية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، تزامنت مع زيارة وفد تركي إلى دمشق، في وقت توشك مهلة تنفيذ بنود اتفاق 10 مارس (آذار) بين «قسد» والسلطات على الانتهاء.

وفي حين تبادل الطرفان الاتهامات بالتسبّب في اندلاع الاشتباكات، أفادت مصادر في واشنطن لـ«الشرق الأوسط»، بأن المبعوث الأميركي توم برّاك وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، يجريان اتصالات لتهدئة الاشتباكات لمنع تصعيد يستفيد منه «داعش»، وقوى إقليمية معادية.

واتهمت أنقرة ودمشق «قسد» بالمماطلة في تنفيذ الاتفاقية الموقعة في 10 مارس الماضي، وأكدتا رفض أي محاولات للمساس بوحدة سوريا واستقرارها.

جاء ذلك في مؤتمر صحافي بدمشق ‌بعد محادثات بين وفد تركي رفيع المستوى ‌والرئيس السوري ​أحمد الشرع ‌ووزير الخارجية أسعد الشيباني وآخرين، وقال الشيباني إن دمشق لم تلمس «أي مبادرة أو إرادة جادة» من «قسد» لتنفيذ الاتفاق، لكنها اقترحت في الآونة الأخيرة عليهم طريقة أخرى لدفع العملية قدماً.


ائتلاف السوداني يطرح مبادرة لحسم رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
TT

ائتلاف السوداني يطرح مبادرة لحسم رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

يعتزم ائتلاف «الإعمار والتنمية»، الذي يترأسه محمد شياع السوداني، رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية، طرحَ «مبادرة سياسية شاملة» لحسم منصب رئاسة الوزراء.

وذكر إعلام «تيار الفراتين»، الذي يتزعمه السوداني، في بيان، أمس، أنَّ ائتلاف «الإعمار» يعمل على «بلورة مبادرة سياسية متكاملة» تهدف إلى كسر حالة الانسداد السياسي، مشيراً إلى أنَّ تفاصيلها ستُطرح أمام قوى «الإطار التنسيقي» في اجتماعه المرتقب.

إلى ذلك، قال العضو في ائتلاف «الإعمار والتنمية» قصي محبوبة لـ«الشرق الأوسط» إنَّ «المبادرة ستكون عبارة عن شروط الائتلاف لاختيار رئيس الوزراء»، دون ذكر تفاصيل.

من ناحية ثانية، رحب مارك سافايا، مبعوث الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إلى العراق، في تدوينة عبر منصة «إكس» بإعلان بعض الفصائل المسلحة استعدادها لبحث نزع سلاحها، لكنَّه شدّد على «أن يكون نزع السلاح شاملاً، وغير قابل للتراجع».