البنتاغون يسعى لإنشاء قواعد عسكرية في الخارج لمحاربة «داعش»

تستخدم في جمع المعلومات وتنفيذ الهجمات ضد التنظيم الإرهابي في أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط

جنود وضباط أميركيون في قاعدة التاجي الجوية بالعراق (نيويورك تايمز)
جنود وضباط أميركيون في قاعدة التاجي الجوية بالعراق (نيويورك تايمز)
TT

البنتاغون يسعى لإنشاء قواعد عسكرية في الخارج لمحاربة «داعش»

جنود وضباط أميركيون في قاعدة التاجي الجوية بالعراق (نيويورك تايمز)
جنود وضباط أميركيون في قاعدة التاجي الجوية بالعراق (نيويورك تايمز)

في الوقت الذي تتصارع فيه أجهزة الاستخبارات الأميركية مع التوسع المطرد لتنظيم داعش خارج مقره في سوريا، تقدمت وزارة الدفاع الأميركية بخطة جديدة إلى البيت الأبيض لبناء سلسلة من القواعد العسكرية في أفريقيا، وجنوب غربي آسيا، والشرق الأوسط.
ويمكن استخدام القواعد الجديدة في جمع المعلومات الاستخبارية وتنفيذ الهجمات ضد التنظيم الإرهابي والأذرع البعيدة الموالية له.
ولقد أدى نمو الأذرع الموالية للتنظيم الإرهابي - وهي ثماني جماعات متطرفة على الأقل من التي تعهدت بالولاء لقادة التنظيم حتى الآن - إلى نشوء الجدل داخل الإدارة الأميركية حول كيفية التمييز بين الأذرع الموالية التي تشكل أقرب التهديدات خطورة على الولايات المتحدة وأوروبا والآخرين من ذوي الاهتمامات الإقليمية. والجماعات الإقليمية، كما يقول بعض المسؤولين الأميركيين، ربما قد انتهزت الفرصة لاعتماد شعار وأسلوب «داعش» في العمل لتعزيز النفوذ المحلي الذي تتمتع به، بالإضافة إلى المكانة العالمية.
وفي خضم الجدل القائم، أخبر كبار المسؤولين العسكريين البيت الأبيض أن شبكة القواعد العسكرية الجديدة سوف تكون بمثابة مراكز لعمليات القوات الخاصة وعملاء الاستخبارات الذين قد ينفذون عمليات الاستخبارات المضادة في المستقبل المنظور. ومن شأن الخطة المقترحة ضمان استمرار ما يسميه مسؤولو البنتاغون «الوجود العسكري الأميركي المستدام» في بعض من أكثر مناطق العالم اضطرابا وسخونة.
وقال مسؤولون في الإدارة الأميركية أن الاقتراح لنظام بناء القواعد الجديدة، والمقدم إلى البيت الأبيض من قبل الجنرال مارتن إي. ديمبسي خلال أيامه الأخيرة كرئيس لهيئة الأركان المشتركة، لم يكن مقصودا منه أن يبدو كمقترح محدد من قبل وزارة الدفاع الأميركية لمحاربة الأذرع الموالية لتنظيم داعش، والمعروف كذلك اختصارا باسم (ISIS) أو (ISIL). وقال المسؤولون إن المقصود من الخطة المقدمة بالأساس هو إعادة النظر في الكيفية التي ترى المؤسسة العسكرية ذاتها من خلالها في مواجهة مهام مكافحة الإرهاب المستقبلية، ولكن المخاوف المتزايدة من تهديدات تنظيم داعش المتفاقمة قد ألقت بطابع ملح جديد على المناقشات الحالية.
هذا وقد رفض البيت الأبيض التعليق على المداولات الداخلية المستمرة. ولقد لاقت الخطة المقترحة بعض المعارضة من جانب مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية والمعنيين بالمزيد من الوجود العسكري الأميركي في أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، وفقا لبعض المسؤولين الأميركيين من ذوي الاطلاع والدراية على المناقشات. ولقد حذر الدبلوماسيون المخضرمون من نزعة العسكرة المستمرة للسياسة الخارجية الأميركية في الوقت الذي طورت فيه وزارة الدفاع علاقات جديدة مع الحكومات الأجنبية الطامحة في الحصول على المساعدات العسكرية.
وقال المسؤولون إن المقترح المقدم ظل قيد المناقشة لفترة من الوقت، بما في ذلك الأسبوع الحالي أثناء رئاسة الرئيس باراك أوباما لاجتماع مجلس الوزراء في البيت الأبيض. وبعد فترة وجيزة من تقاعد الجنرال ديمبسي في سبتمبر (أيلول)، أشار السيد آشتون كارتر، وزير الدفاع الأميركي، إلى الخطة في خطاب موجز ألقاه في واشنطن. حيث صرح قائلا: «نظرا لصعوبة التنبوء بالمستقبل، فإن تلك القواعد الإقليمية - من مورون في إسبانيا حتى جلال أباد في أفغانستان - سوف توفر لنا مراكز متقدمة للاستجابة حيال مجموعة من الأزمات الإرهابية وغيرها. كما أنها سوف تمكن من الاستجابة لأحادية للأزمات، وتنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب، أو توجيه الضربات للأهداف عالية القيمة».
ولا يرى المخططون في البنتاغون المقاربة الجديدة مكلفة بشكل كبير على الميزانية الأميركية وفقا للمعايير العسكرية. حيث قدر أحد المسؤولين أنها قد تتكلف عدة ملايين من الدولارات، والموجهة بالأساس لسداد رواتب الجنود، والمعدات، وبعض التحسينات في القواعد.
ولكي تتاح فرص النجاح للمقاربة الجديدة، كما يقول المحللون، فإن القادة الإقليميين الأميركيين، إلى جانب الدبلوماسيين والجواسيس سوف يعملون عن كثب سويا مع واشنطن - وهو الأمر الذي لا يحدث كثيرا الآن - وذلك لمواجهة التهديدات التي لا تعترف بالحدود. يقول فيكرام جيه سينغ، وهو مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأميركية ووزارة الخارجية، ويشغل حاليا منصب نائب رئيس شؤون الأمن القومي والسياسة الدولية لدى مركز التقدم الأميركي: «لا يمكننا ترك ذلك الأمر لقيادة حاملات الطائرات».
ويقول المسؤولون إن البنتاغون تقدمت بهيكل جديد للقواعد ذلك الذي يتضمن أربعة «محاور» - بما في ذلك توسيع القواعد الحالية في جيبوتي وأفغانستان - وقواعد أخرى «مصغرة» أو منشآت أساسية، في الدول التي قد تتضمن النيجر والكاميرون، والتي تجري الولايات المتحدة فيها حاليا عمليات مراقبة بالطائرات من دون طيار، أو سوف تبدأ في تنفيذها قريبا.
وقال مسؤولون في البنتاغون إن المحاور المذكورة سوف تتراوح من حيث الحجم لاستيعاب نحو 500 إلى 5 آلاف جندي، وأن التكلفة المحتملة سوف تقترب من عدة ملايين من الدولارات في العام، وأغلبها في نفقات المجندين. كما أن الأمر سوف يستلزم كذلك موافقة الدولة المضيفة.
تمتلك المؤسسة العسكرية الأميركية في الوقت الراهن ما يكفي من القواعد لتنفيذ التوسع المرتقب. وعبر السنوات العشر الماضية أو نحوها، عملت وزارة الدفاع الأميركية ما كان يُعرف بقاعدة للفيلق الأجنبي الفرنسي في جيبوتي، في منطقة القرن الأفريقي، إلى مقرات للقيادة العسكرية الأميركية تلك التي تستوعب ألفين جندي أميركي للعمليات العسكرية في شرق أفريقيا واليمن.
وبالمثل، كان الجيش الأميركي يستخدم كوكبة من مهابط الطائرات في أفريقيا، بما في ذلك إثيوبيا وبوركينافاسو، في عمليات المراقبة بواسطة الطائرات من دون طيار أو الطائرات العسكرية فائقة السرعة التي تبدو مثل طائرات الركاب المدنية، في عمليات جمع الاستخبارات حول الجماعات المسلحة عبر الأجزاء الشمالية من القارة. كما أن هناك محورا عسكريا أميركيا في الشرق الأوسط، يحتمل أن يكون مقره في أربيل بشمال العراق حيث يوجد 3500 جندي أميركي في العراق.
ومن شأن المقاربة الجديدة محاولة وضع سلسلة من القواعد الموجودة بالفعل ضمن نظام موحد ومتماسك يكون مؤهلا لمواجهة التهديدات الإقليمية من تنظيم داعش، على نحو ما قال أحد المسؤولين البارزين في البنتاغون إن المقترح الجديد لا يزال في طور المناقشات التمهيدية، مع أن عدد من المسؤولين يدعون إلى إقامة سلسلة كبيرة من القواعد الجديدة في غرب أفريقيا، وغيرها من البلدان، إدراكا منهم للمخاوف حيال الوجود العسكري الأميركي الكبير في القارة السمراء، حيث قالوا إن المحور الأساسي لعمليات غرب أفريقيا يمكن نقله إلى جنوب أوروبا. وأن العدد الإجمالي الذي يقترحونه لأية قاعدة عسكرية أميركية في أفريقيا يجب ألا يتجاوز 500 جندي على أكثر تقدير.
* خدمة: «نيويورك تايمز»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».