«اليونيفيل» في لبنان: شاهد على مسار معقد بين الحرب والسلام

بدأت بوصفها قوة مؤقتة وتحولت إلى «استقرار إقليمي»

جنود من «اليونيفيل» يحتفلون بالذكرى الـ77 ليوم حفظ السلام التابع للأمم المتحدة في قاعدة مقرّ القوات بالناقورة جنوب لبنان 29 مايو 2025 (أ.ف.ب)
جنود من «اليونيفيل» يحتفلون بالذكرى الـ77 ليوم حفظ السلام التابع للأمم المتحدة في قاعدة مقرّ القوات بالناقورة جنوب لبنان 29 مايو 2025 (أ.ف.ب)
TT

«اليونيفيل» في لبنان: شاهد على مسار معقد بين الحرب والسلام

جنود من «اليونيفيل» يحتفلون بالذكرى الـ77 ليوم حفظ السلام التابع للأمم المتحدة في قاعدة مقرّ القوات بالناقورة جنوب لبنان 29 مايو 2025 (أ.ف.ب)
جنود من «اليونيفيل» يحتفلون بالذكرى الـ77 ليوم حفظ السلام التابع للأمم المتحدة في قاعدة مقرّ القوات بالناقورة جنوب لبنان 29 مايو 2025 (أ.ف.ب)

تشهد قرى الحافة الأمامية في جنوب لبنان منذ أشهر توترات متكررة تتخللها خروقات إسرائيلية جوية وبرية على وقع مواصلة قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) تنفيذ مهامها عبر الدوريات الميدانية والتنسيق مع الجيش اللبناني، وهي التي باتت جزءاً ثابتاً من المشهد الحدودي على امتداد أكثر من أربعة عقود.

التأسيس عام 1978: قوة مؤقتة بهوية خاصة

أُنشئت قوة «اليونيفيل» عام 1978 بقرار من مجلس الأمن عقب الاجتياح الإسرائيلي للجنوب، ومنذ ذلك الحين تبدلت ظروف عملها وتوسعت صلاحياتها، لكن دورها ظل محل نقاش بين مختلف الأطراف اللبنانية والدولية حول فاعليتها وحدود تأثيرها.

وكان هدف وجودها تثبيت الانسحاب الإسرائيلي، ومساعدة الدولة اللبنانية على بسط سلطتها، غير أنّ التفويض الذي نشأت بموجبه حمل خصوصية لافتة، إذ يصفه أستاذ القانون الدكتور علي مراد بأنه «فصل سادس ونصف» من ميثاق الأمم المتحدة: أي أنها ليست قوة ردع كاملة تحت الفصل السابع، ولا بعثة مراقبة محضة تحت الفصل السادس، بل هي حلّ وسط منحها صلاحيات محدودة تعتمد على موافقة الدولة اللبنانية.

آليات «اليونيفيل» عند الحدود الجنوبية (رويترز)

هذا التفويض الهجين جعلها منذ البداية قوة مراقبة أكثر منها قوة ردع. إذ يلفت مراد إلى أن القوة الدولية «لم تُفوّض بفرض السلام بل فقط برصده، وهو ما يفسر عجزها في الثمانينات والتسعينات عن وقف الاعتداءات الإسرائيلية أو ضبط نشاط الفصائل الفلسطينية المسلحة. ومع ذلك، سمحت لها مرونتها السياسية بالاستمرار، وتجنب الاصطدام بالقوى المحلية والدولة المضيفة».

وطوال الثمانينات والتسعينات، لم تستطع «اليونيفيل» منع الاجتياحات الإسرائيلية (1982، 1993، 1996)، واكتفت بتوثيق الانتهاكات. ومع ذلك، يلفت مراد إلى أن «مرونتها السياسية مكّنتها من الاستمرار بوصفها حاجزاً دولياً حال دون انفلات الوضع نحو مواجهة أوسع».

مرحلة الاحتلال والانسحاب الإسرائيلي عام 2000

بين 1978 و2000، اقتصرت مهمة «اليونيفيل» وفق مراد «على المراقبة وتوثيق الانتهاكات في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي. ومع انسحاب إسرائيل في مايو (أيار) 2000، انتقلت البعثة إلى مرحلة جديدة، إذ تولّت مهمة التحقق من الالتزام بما عُرف لاحقاً بـ(الخط الأزرق). وقد مثّل ذلك بداية انخراط مباشر لها في مسألة حساسة تتعلق بترسيم الحدود، وإن بقيت دون سلطة تنفيذية حقيقية».

القرار «1701» وتحول المهمة

شكلت حرب يوليو (تموز) 2006 نقطة تحول رئيسية في عمل القوات الدولية، حيث إن إصدار مجلس الأمن القرار «1701» غيّر طبيعة «اليونيفيل» جذرياً. ارتفع عدد عناصرها إلى نحو 15 ألف جندي من أكثر من 40 دولة، وأُنشئت قوة بحرية لمراقبة الساحل ومنع تهريب السلاح. وتحولت بذلك إلى بعثة متعددة الأذرع، لكن دورها بقي مرتبطاً بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية، ولم يُمنح لها تفويض مطلق باستخدام القوة.

رئيس بعثة وقائد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) المعين حديثاً اللواء ديوداتو أبانيارا (أ.ف.ب)

يوضح مراد أنّ «هذا التحوّل جعلها أقرب إلى بعثة حفظ سلام متكاملة الأركان، لكن ضمن خطوط حمراء واضحة، إذ لم يمنحها القرار تفويضاً مطلقاً باستخدام القوة، بل أبقى دورها مرتبطاً بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية». وهكذا، بقيت «اليونيفيل» رغم توسّعها محكومة بالمعادلة نفسها: كبيرة في الحجم، ومحدودة في القدرة على فرض قرارات مجلس الأمن.

الاستثناء اللبناني في تاريخ الأمم المتحدة

يصف مراد التجربة اللبنانية بأنها «استثناء في تاريخ (الأمم المتحدة)»، موضحاً أنّ «بعثات مشابهة مثل قوة سيناء أو بعثة كوسوفو أو تيمور الشرقية انتهت أو تبدلت بعد سنوات محدودة، بينما بقيت (اليونيفيل) أكثر من أربعة عقود». هذا الاستمرار يعكس، بحسبه، «في آنٍ واحد عجز الدولة اللبنانية عن فرض سيادتها الكاملة جنوباً، وإصرار المجتمع الدولي على إبقاء قوة تضمن الحد الأدنى من الاستقرار على خط مواجهة مفتوح بين إسرائيل و(حزب الله)».

التوترات الراهنة: بين التوثيق والردع الجزئي

منذ خريف 2023، أعادت المواجهات على الحدود إبراز دور «اليونيفيل». فهي، كما يوضح مراد، «توثّق الخروق الإسرائيلية بدقة، وتشكّل كابحاً نفسياً وسياسياً للتصعيد، لكنها عملياً أقرب إلى شاهد دولي يرفع تقارير ويؤمّن مظلة ردع جزئية، أكثر من كونها قوة قادرة على تعديل موازين القوى الميدانية». وبذلك، تبقى «اليونيفيل» قوة تعمل على امتصاص التوتر لا على حله، وتلعب دور «وسيط ميداني» أكثر منه «قوة فرض سلام».

التأثير المحلي: اقتصاد واجتماع

وجود آلاف الجنود الدوليين انعكس مباشرة على القرى الجنوبية. فقد انتعشت الأسواق المحلية بفعل الإيجارات والتجارة الصغيرة، فيما أدى الاحتكاك إلى انفتاح اجتماعي وثقافي، خصوصاً مع تعدد الجنسيات المشاركة. لكن في المقابل، ولّد هذا الوجود حساسيات بسبب الدوريات وحرية الحركة. يقول أحد سكان بنت جبيل: «(اليونيفيل) تمثل عاملاً اقتصادياً، لكن في الأمن لا يمكن الاتكال عليها».

جنود من الكتيبة الهندية في «اليونيفيل» يشاركون في تمارين يوغا مع مواطنين لبنانيين ببلدة إبل السقي الجنوبية (إ.ب.أ)

التمديد السنوي: من إجراء روتيني إلى استقرار إقليمي

لم يعد التمديد السنوي لـ«اليونيفيل» تفصيلاً إجرائياً. يوضح مراد أنّه أصبح «ساحة تجاذب دولي، فرنسا تعد (اليونيفيل) ضرورة استراتيجية لشبكة الاستقرار في المتوسط، والولايات المتحدة وإسرائيل تضغطان من أجل تحديد أفق زمني لإنهاء مهمتها، فيما يتمسك لبنان الرسمي بها بوصفها عنصراً لا بديل عنه لحماية الجنوب، وتخشى الدول العربية من فراغ أمني قد يفتح الباب أمام انفجار جديد». وبالتالي، فإن مستقبلها لم يعد شأناً تقنياً بل يعد ملفاً سياسياً يتصل مباشرة بموقع لبنان في معادلة الاستقرار الإقليمي.

شاهد على مسار معقد بين الحرب والسلام

بعد أكثر من أربعة عقود، تبقى «اليونيفيل» بحسب أحد أبناء الجنوب، «شاهداً على مسار معقد بين الحرب والسلام. لم توقف الاعتداءات الإسرائيلية، ولم تنزع سلاح (حزب الله)، لكنها أسهمت في تجنب حرب شاملة». فهي قوة مؤقتة تحولت إلى حضور مزمن، تعمل ضمن تفويض محدود، وتعكس بوجودها توازنات داخلية وإقليمية ودولية. ومع استمرار التصعيد على الحدود، يظل مستقبلها مرهوناً بالقرار «1701»، وبالتجاذب الدولي حول دور لبنان وحدود استقراره.

جنود من الكتيبة الفرنسية في «اليونيفيل» ببلدة عيتا الشعب جنوب لبنان (أرشيفية - إ.ب.أ)


مقالات ذات صلة

اعتقال 12 شخصاً بينهم ضباط مرتبط بنظام الأسد على الحدود السورية اللبنانية

المشرق العربي أرشيفية لسيارات تصطفّ لدخول لبنان بعد الإطاحة ببشار الأسد بالقرب من الحدود اللبنانية السورية (رويترز)

اعتقال 12 شخصاً بينهم ضباط مرتبط بنظام الأسد على الحدود السورية اللبنانية

ألقت وحدات حرس الحدود السورية، في وقى متأخر من يوم أمس (الجمعة)، القبض على 12 شخصاً بينهم عناصر وضباط لديهم ارتباط بالنظام السابق على الحدود السورية اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رويترز)

الحكومة اللبنانية تقرّ مشروع قانون «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات

أقرت الحكومة اللبنانية، الجمعة، مشروع قانون استرداد الودائع المالية المجمدة في المصارف منذ عام 2019، وسط انقسام بالتصويت داخل مجلس الوزراء

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دورية للجيش اللبناني قرب كنيسة متضررة جراء الحرب في بلدة الخيام بجنوب لبنان صباح عيد الميلاد الخميس (إ.ب.أ)

المؤسسة الدينية الشيعية تُهاجم الحكومة اللبنانية بسبب «حصرية السلاح»

استبقت المؤسسة الدينية الشيعية في لبنان، انطلاق المرحلة الثانية من خطة «حصرية السلاح» بيد القوى الرسمية اللبنانية، بهجوم عنيف على الحكومة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من «يونيفيل» يقدمون الرعاية الصحية لمواطنة في جنوب لبنان (يونيفيل)

العيادات النقالة... خيار سكان جنوب لبنان للحصول على رعاية طبية

يلجأ غالبية سكان قرى الحافة الأمامية والخلفية، لخيار العيادات الطبية النقالة للحصول على الرعاية الطبية، خياراً «أكثر أماناً وأقل تكلفة»

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي ‏العميد الركن غياث دلا قائد قوات الغيث (الثالث إلى من اليمين) من بين الحضور في أداء القسم الرئاسي صيف 2021

جنرالات هاربون يخططون لتمرد في سوريا من المنافي

تعكف بعض هذه القيادات السابقة على بناء حركة تمرد مسلح من المنفى، ويدعم أحدهم مجموعة تقف وراء حملة ضغط (لوبي) في واشنطن، تقدر تكلفتها بملايين الدولارات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - واشنطن)

تفجير حمص: «داعش» يتبنَّى... ودمشق تتوعَّد

عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
TT

تفجير حمص: «داعش» يتبنَّى... ودمشق تتوعَّد

عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)

في حادث جديد يُسلّط الضوءَ على التحديات الأمنية التي تواجهها الحكومة السورية، قُتل ما لا يقلُّ عن 8 أشخاص، وجُرح آخرون في انفجار وقع داخل مسجد بمدينة حمص (وسط البلاد) وتبنّته جماعةٌ تابعة لتنظيم «داعش».

وأوضح مسؤول بوزارة الصحة السورية، في تصريح نقلته الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، أنَّ حصيلة تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب بحمص بلغت 8 قتلى و18 مصاباً. وقالَ مدير مديرية الإسعاف والطوارئ بوزارة الصحة، نجيب النعسان، إنَّ الحصيلة «غير نهائية».

وفيما أعلنت جماعة «سرايا أنصار السنة» المتطرفة التابعة لـ«داعش» مسؤوليتَها عن التفجير، قائلة إنَّها استهدفت مسجداً علوياً، تعهد وزير الداخلية السوري أنس خطاب بأن تصلَ يدُ العدالة إلى الجهة التي تقف وراء التفجير «أياً كانت». ووصف استهدافَ دور العبادة بأنَّه «عمل دنيء وجبان».

ويعدّ هذا التفجير الثاني من نوعه داخل مكان عبادة منذ وصول السلطة الحالية إلى الحكم قبل عام، بعد تفجير انتحاري داخل كنيسة في دمشق في يونيو (حزيران)، أسفر عن مقتل 25 شخصاً، وتبنّته أيضاً مجموعة «سرايا أنصار السنة».

ولقيَ تفجير حمص أمس إدانات عربية واسعة، فيما شدّدت وزارة الخارجية السعودية على رفض المملكة القاطع «للإرهاب والتطرف» واستهداف المساجد ودُور العبادة وترويع الآمنين، مؤكدة التضامن مع سوريا ودعمها جهودَ حكومتها لإرساء الأمن والاستقرار.


اعتقال 12 شخصاً بينهم ضباط مرتبط بنظام الأسد على الحدود السورية اللبنانية

أرشيفية لسيارات تصطفّ لدخول لبنان بعد الإطاحة ببشار الأسد بالقرب من الحدود اللبنانية السورية (رويترز)
أرشيفية لسيارات تصطفّ لدخول لبنان بعد الإطاحة ببشار الأسد بالقرب من الحدود اللبنانية السورية (رويترز)
TT

اعتقال 12 شخصاً بينهم ضباط مرتبط بنظام الأسد على الحدود السورية اللبنانية

أرشيفية لسيارات تصطفّ لدخول لبنان بعد الإطاحة ببشار الأسد بالقرب من الحدود اللبنانية السورية (رويترز)
أرشيفية لسيارات تصطفّ لدخول لبنان بعد الإطاحة ببشار الأسد بالقرب من الحدود اللبنانية السورية (رويترز)

ألقت السلطات السورية القبض على 12 شخصاً بينهم ضباط من نظام الرئيس السابق بشار الأسد، على الحدود السورية اللبنانية .

وقالت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع السورية، في وقت متأخر من يوم أمس (الجمعة)، في بيان على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي: «ألقت وحدات حرس الحدود القبض على 12 شخصاً

بينهم عناصر وضباط لديهم ارتباط بالنظام البائد على الحدود السورية اللبنانية، سيجري تسليم الموقوفين إلى الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة».

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر في محافظة حمص قولها: «تم إلقاء القبض على 12 شخصاً بينهم ضباط برتب عليا في جيش النظام السابق وبينهم

عقيد قرب مدينة تل كلخ على الحدود السورية اللبنانية خلال عبورهم الحدود بشكل غير شرعي».

وأضافت المصادر: «كان يتم إلقاء القبض خلال الأشهر الماضية على عناصر من النظام السابق خلال هروبهم من سوريا إلى لبنان».

وتتحدث مصادر سورية عن وجود عدد كبير من النظام السابق هربوا إلى لبنان بعد سقوط النظام .


قوة الأمم المتحدة في لبنان تعلن إصابة أحد جنودها بنيران إسرائيلية

جنود تابعون لقوة الأمم المتحدة (يونيفيل) وجنود من الجيش اللبناني في نقطة قرب الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (رويترز)
جنود تابعون لقوة الأمم المتحدة (يونيفيل) وجنود من الجيش اللبناني في نقطة قرب الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (رويترز)
TT

قوة الأمم المتحدة في لبنان تعلن إصابة أحد جنودها بنيران إسرائيلية

جنود تابعون لقوة الأمم المتحدة (يونيفيل) وجنود من الجيش اللبناني في نقطة قرب الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (رويترز)
جنود تابعون لقوة الأمم المتحدة (يونيفيل) وجنود من الجيش اللبناني في نقطة قرب الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (رويترز)

أعلنت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) أن هجوماً إسرائيلياً قرب موقع لها في جنوب البلاد أسفر، الجمعة، عن إصابة أحد جنودها، مجددة دعوتها لإسرائيل إلى «الكف عن السلوك العدواني».

ويُعدّ هذا الحادث الأخير الذي أبلغت عنه قوات حفظ السلام في جنوب لبنان، حيث تعمل «اليونيفيل» كقوة عازلة بين إسرائيل ولبنان، وتتعاون مع الجيش اللبناني لدعم الهدنة القائمة منذ عام بين إسرائيل و«حزب الله».

وقالت «اليونيفيل»، في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»: «سقطت نيران رشاشات ثقيلة صباح اليوم من مواقع الجيش الإسرائيلي جنوب الخط الأزرق بالقرب من دورية تابعة لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان كانت تتفقد عائقاً على الطريق في قرية بسطرا. وجاء إطلاق النار عقب انفجار قنبلة يدوية في مكان قريب».

وأضافت «اليونيفيل»: «وبينما لم تلحق أي أضرار بممتلكات (اليونيفيل)، تسبب صوت إطلاق النار والانفجار في إصابة أحد جنود حفظ السلام بإصابة طفيفة بارتجاج في الأذن».

وأشارت «اليونيفيل» إلى حادثة أخرى، الجمعة، في بلدة كفرشوبا في جنوب لبنان، قائلة في بيانها إن دورية حفظ سلام أخرى كانت تقوم بمهمة عملياتية روتينية أبلغت عن إطلاق نار من الجانب الإسرائيلي على مقربة من موقعها.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أفادت «اليونيفيل» بأن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على قوات حفظ السلام التابعة لها في جنوب لبنان.

وفي الشهر الماضي، ذكرت «اليونيفيل» أن جنوداً إسرائيليين أطلقوا النار على قواتها في الجنوب، بينما قال الجيش الإسرائيلي إنه ظنّ خطأ أن أفراد قوات حفظ السلام «مشتبه بهم»، وأطلق طلقات تحذيرية نحوهم.

وفي أكتوبر (تشرين الأول)، أعلنت «اليونيفيل» إصابة أحد عناصرها بقنبلة يدوية إسرائيلية أُلقيت بالقرب من موقع للأمم المتحدة في جنوب البلاد، وهي الحادثة الثالثة من نوعها في غضون شهر.

ولفتت «اليونيفيل» إلى أن الهجمات على جنود حفظ السلام، أو بالقرب منهم، تُعد «انتهاكات خطيرة لقرار مجلس الأمن الدولي 1701»، في إشارة إلى القرار الصادر عام 2006 الذي شكّل أساس هدنة نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

وجددت الدعوة للجيش الإسرائيلي إلى «الكف عن السلوك العدواني والهجمات على جنود حفظ السلام العاملين من أجل السلام والاستقرار على طول الخط الأزرق أو بالقرب منهم».

وتشنّ إسرائيل هجمات منتظمة على مناطق لبنانية رغم الهدنة، وتقول إنها تستهدف مواقع وعناصر تابعة لـ«حزب الله» الذي تتهمه بإعادة التسلح. كما تبقي إسرائيل قواتها في خمس مناطق بجنوب لبنان تعتبرها استراتيجية.