«هدنة غزة»: جهود مصرية - قطرية متسارعة لتفادي انهيار المفاوضات

السيسي وعبد الرحمن آل ثاني يرفضان إعادة الاحتلال العسكري للقطاع

السيسي يستقبل محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بدولة قطر (الرئاسة المصرية)
السيسي يستقبل محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بدولة قطر (الرئاسة المصرية)
TT

«هدنة غزة»: جهود مصرية - قطرية متسارعة لتفادي انهيار المفاوضات

السيسي يستقبل محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بدولة قطر (الرئاسة المصرية)
السيسي يستقبل محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بدولة قطر (الرئاسة المصرية)

حراك مصري قطري يتواصل بحثاً عن التوصل لاتفاق جزئي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط إعلان القاهرة عن وفود فلسطينية قطرية توجد بمصر لوضع حد للحرب، وتأكيد مصادر أنها قد تكون «محاولةَ الفرصة الأخيرة» في ظل مساعٍ لاحتلال كامل غزة.

ذلك الزخم الذي سيشهد أيضاً، حسب حديث قطري، لقاءً بين رئيس الوزراء الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني ووفد من حركة «حماس» بالقاهرة، يؤكد حسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» تسارع الجهود من مصر وقطر للتوصل لاتفاق، مرجحين أنه رغم احتمال موافقة الحركة على الاتفاق، وما يشكل ذلك من ضغوط على إسرائيل، فإن الأخيرة قد لا تنصاع وتفرض عراقيل جديدة لتنفيذ مخطط احتلال كامل قطاع غزة.

يأتي ذلك وسط تأكيد مصدر من حركة «حماس»، في تصريح مقتضب لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحركة تسلمت من الوسطاء مقترحاً وتدرسه»، في مقابل تصريحات صحافية من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، يؤكد خلالها أنه «لا عودة للرهائن دون تدمير تلك الحركة الفلسطينية».

فلسطينيون يتجمعون لاستلام وجبات طعام مطبوخة من مركز توزيع أغذية في مدينة غزة (أ.ف.ب)

وسط ذلك المشهد الضبابي، أعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى من أمام معبر رفح الحدودي مع القطاع، أن «هناك وفوداً فلسطينيةً وقطريةً موجودةً حالياً على الأراضي المصرية، وتعمل على بذل جهود مكثفة لوقف عمليات القتل والتجويع الممنهجة».

وأكد أنه «يجرى حالياً مفاوضات على أساس مقترح (المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف الذي يشمل هدنة لمدة 60 يوماً)، يتضمن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين على دفعتين على أن يتم استغلال فترة الهدنة للتفاوض حول تحقيق استدامة لوقف إطلاق النار»، مضيفاً: «نحن مع أي حل شامل لوقف الحرب لكن يتعين أن يتم ذلك وفقاً لشروط معقولة وليست تعجيزية».

وزير الخارجية المصري يكتب رسالة تضامن من مصر لأهالي غزة على صندوق مساعدات (الخارجية المصرية)

كما أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الاثنين، على «جهودهما المتواصلة، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، من أجل التوصل إلى اتفاق يضمن الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة»، وفق بيان للرئاسة المصرية.

وشدد الجانبان في اللقاء الذي عُقد بمصر بحضور اللواء حسن رشاد، رئيس المخابرات العامة، وخلفان الكعبي، رئيس جهاز أمن الدولة القطري، على أهمية أن يتيح الاتفاق «إدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل ودون عوائق، إلى جانب الإفراج عن الرهائن والأسرى».

وأكد البيان المصري «الرفض القاطع لإعادة الاحتلال العسكري للقطاع، ولأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم»، وضرورة «إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية».

المحادثات المصرية - القطرية أكدت الرفض القاطع لإعادة الاحتلال العسكري لغزة ولأي محاولات لتهجير الفلسطينيين (الرئاسة المصرية)

يأتي هذا المجهود المصري والقطري، مع تسلّم وفد حركة «حماس» الموجود حالياً في القاهرة «مقترحاً جديداً يستند لمقترح ويتكوف من الوسطاء المصريين والقطريين بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة».

ويستند المقترح في ظل وجود فصائل فلسطينية، بينها «حماس» و«الجهاد» و«الجبهة الشعبية»، منذ الأربعاء بمصر، إلى «وقف إطلاق نار مؤقت لـ60 يوماً يتم خلالها إطلاق سراح عشرة إسرائيليين أحياء، وتسليم عدد من الجثث (جثث الرهائن المتوفين)، على أن تكون هناك مفاوضات فورية لصفقة أشمل، بما يضمن التوصل إلى اتفاق بشأن اليوم التالي لانتهاء الحرب والعدوان في قطاع غزة بوجود ضمانات»، وفق ما أفاد مصدران فلسطينيان لوكالة الصحافة الفرنسية الاثنين.

ودفع الهجوم المزمع على مدينة غزة، مصر وقطر، اللتين تتوسطان لوقف إطلاق النار، إلى تكثيف الجهود، فيما قال مصدر مطلع على المحادثات في القاهرة إنها قد تكون «محاولة الفرصة الأخيرة»، وفق «رويترز» الاثنين.

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية وزير الخارجية المصري الأسبق السفير محمد العرابي، يعتقد أن الجهود المصرية القطرية ستستمر بغض النظر عن النيات الإسرائيلية التي يبدو أنها لديها خط آخر غير متفق مع الخط المصري القطري المتسارع في جهوده الذي مال لاتفاق جزئي مع إحساسه بصعوبة التوصل لاتفاق شامل حالياً.

ويعتقد العرابي أن صدور موافقة من «حماس» على المقترح قد تشكل نوعاً من أنواع الضغوط على إسرائيل التي اعتادت ألا تنصاع لمثل هذه الضغوط.

نازحون فلسطينيون يحاولون ملء خزانات المياه في منطقة مواصي خان يونس (أ.ف.ب)

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أن «هناك مسعى مصرياً - قطرياً، وربما إقليمياً أوسع، للوصول إلى صيغة هدنة جزئية تمتد 60 يوماً مقابل الإفراج عن عشرة من الجنود الإسرائيليين الأسرى».

وأكد أن «هناك رغبة من القاهرة لاستئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها (قبل أسابيع)»، مرجحاً أن «تميل الحركة إلى التعامل بشكل إيجابي مع المقترح رغم الملحوظات بشأنه التي خضعت لمداولات معمّقة مع الفصائل الفلسطينية، شرط أن يتضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار لمدة 60 يوماً وانسحاب الاحتلال وفق خرائط متفق عليها».

يأتي الزخم الحالي وسط تأكيد إعلام قطري، الاثنين، أن وفداً قيادياً من حركة «حماس» سيلتقي في القاهرة رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وأن الحركة سترد على هذا المقترح الذي تسلمه بوجود ممثلين من الفصائل في وقت لاحق الاثنين.

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية عن مسؤول مشارك في المفاوضات قوله إنه جرى إبلاغ أقارب الرهائن بإمكانية تجاوز «الخطوط الحمراء» الإسرائيلية إذا وافقت «حماس» على اتفاق جزئي، مؤكداً أن إسرائيل «تركز رسمياً على اتفاق شامل»، لكنها قد توافق على اتفاق جزئي إذا كانت الشروط مقبولة.

وقالت القناة الإسرائيلية إن «إسرائيل لم تتسلم بعد أي مسودة من الوسطاء، بينما تحاول مصر وقطر تسريع العملية»، وذلك بعد يومين من إعلان مكتب رئيس الوزراء، السبت، أن إسرائيل تسعى فقط إلى اتفاق شامل يتضمن إطلاق جميع الرهائن دفعة واحدة، في أعقاب تقارير عن استعداد «حماس» لمناقشة ترتيبات جزئية.

فيما بدأت بعض العائلات الفلسطينية، الاثنين، مغادرة المناطق الشرقية من مدينة غزة التي تتعرض لقصف إسرائيلي متواصل، إلى نقاط في الغرب خشية وقوع هجوم إسرائيلي قريب، فيما يفكر آخرون في التوجه إلى الجنوب.

ويستبعد العرابي أن يكون هناك اتفاق قريب بشأن غزة في ظل مساعي إسرائيل لتنفيذ مخططاتها بشأن احتلال القطاع والتهجير.

وينبه المدهون إلى أن «الخشية الكبرى، سواء لدى الفلسطينيين أو لدى القاهرة، تكمن في احتمال إقدام إسرائيل على اجتياح واحتلال مدينة غزة، وهو ما يعني استمرار سياسة الإبادة والتهجير. وتعريض مليون فلسطيني لخطر الإبادة، لهذا يسعى الجميع للوصول إلى تهدئة عاجلة، في حين يظل الاحتلال الطرف الوحيد الذي يماطل ويراوغ، ويتنكر لوقف ما يجري من مجازر تُرتكب على مرأى ومسمع العالم أجمع».

ويرى أن «السؤال الأهم يبقى: هل ستتجاوب إسرائيل مع هذا الطرح، خصوصاً وهي حتى الآن لم تُبدِ أي قبول واضح، بل يبدو أنها غير معنية أصلاً بالوصول إلى اتفاق»، موضحاً أنه «إذا تحقق وقف الإبادة وتراجع الاحتلال عن اجتياح مدينة غزة، وعاد إلى النقاط التي جرى التوافق عليها سابقاً، فقد نكون أمام فرصة جدية. إلا أن الموقف الإسرائيلي لا يزال ضبابياً وغير محسوم».


مقالات ذات صلة

استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

المشرق العربي أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

في وقت يستكمل فيه الجيش اللبناني عملية تسلُّم السلاح من المخيمات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية، تُطرح الأسئلة حول مصير سلاح حركة «حماس» في لبنان

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي المتحدث الجديد باسم «كتائب القسّام» الذي اعتمد اسم سلفه الراحل أبو عبيدة (أ.ف.ب)

«كتائب القسّام» تؤكد عدم التخلي عن السلاح قبيل لقاء ترمب ونتنياهو

جدّدت «كتائب عز الدين القسام»، الجناح المسلّح لحركة «المقاومة الإسلامية» (حماس)، الاثنين، تأكيدها عدم التخلي عن سلاحها، وهي قضية رئيسية.

«الشرق الأوسط» (غزة (الأراضي الفلسطينية))
خاص المقدم أحمد زمزم اغتيل برصاصات عدة أطلقها مسلحون على سيارته (المركز الفلسطيني للإعلام)

خاص «حماس» تعدم شخصاً أدانته بقتل أحد ضباطها

أعدمت حركة «حماس»، الأحد، فلسطينياً اعتقلته وأدنته بالمشاركة في قتل أحمد زمزم، الضابط في جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة الحركة، في هجوم وقع وسط غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية 53 % من الشركات أبلغت عن زيادة في طلبات نقل الموظفين الإسرائيليين (أ.ف.ب)

تقرير إسرائيلي: زيادة عدد الراغبين في العمل بالخارج

أظهر تقرير صدر اليوم (الأحد) أن عدد طلبات انتقال إسرائيليين يعملون في شركات متعددة الجنسيات في إسرائيل إلى الخارج، ارتفع العام الماضي نتيجة الحرب على غزة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
أوروبا رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (أ.ف.ب)

إيطاليا تعتقل 9 للاشتباه في تمويلهم «حماس» عبر جمعيات خيرية

قال الادعاء العام الإيطالي إن السلطات ألقت القبض على تسعة أشخاص للاشتباه في تمويلهم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (​حماس) عبر جمعيات خيرية مقرها إيطاليا.

«الشرق الأوسط» (روما)

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
TT

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

دعا محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، جميع أبناء المحافظة المنخرطين مع المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الدعم الأمني، إلى العودة صوب منازلهم، أو الالتحاق بإخوتهم في «درع الوطن»، متعهداً باستيعابهم واستقبالهم وترتيب أوضاعهم.

وكشف الخنبشي -في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»- أن القوات التابعة للإمارات بدأت فعلياً الانسحاب من جميع المواقع التي كانت تتمركز فيها، سواء في حضرموت أو شبوة.

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

وأوضح أن صفارات الإنذار دوَّت، مساء الثلاثاء، بمطار الريان، تمهيداً لسحب القوات الإماراتية الموجودة هناك، لافتاً إلى أن قوات أخرى انسحبت أيضاً من بلحاف في شبوة.

وأوضح المحافظ أن للإمارات وجوداً محدوداً في منطقتي الربوة والضبة بحضرموت بأعداد قليلة، ويقتصر على خبراء وقادة يتولون الإشراف على قوات الدعم الأمني التابعة للمجلس الانتقالي.

وأفادت مصادر متطابقة بأن القوات الإماراتية في محافظة شبوة، وتحديداً في معسكر مُرَّة، بدأت يوم الثلاثاء فعلياً تفكيك أجهزة الاتصالات، في إطار استعدادها لمغادرة البلاد، بناءً على طلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي.

وشدَّد محافظ حضرموت على أن الحلَّ الوحيد لإنهاء الأزمة الحالية يتمثَّل في انسحاب جميع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة، بشكلٍ سلمي. وقال إن «الباب ما زال مفتوحاً، ونتمنى أن يستغل الإخوة في (الانتقالي) هذه الفرصة، لتجنيب أنفسهم وحضرموت وكل البلاد أي اقتتال أو مواجهة عسكرية، وأن يعودوا من حيث أتوا، بعدها يمكن الدخول في حوار سياسي حول أي تشكيل مستقبلي، ولكن من دون فرض أمر واقع بالقوة».

ولفت الخنبشي إلى جهوزية قوات «درع الوطن» التي يشرف عليها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، واستعدادها للانتشار في حضرموت والمهرة، وفقاً لإعلان حالة الطوارئ الذي أصدره الرئيس العليمي.

وأضاف أن هناك أيضاً قوات من أبناء حضرموت تُقدَّر بنحو 3 آلاف عنصر، كانوا يخدمون في المنطقة العسكرية الأولى، وهم جاهزون لمساندة إخوانهم في «درع الوطن».

وأوضح محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، أن مستوى التنسيق مع السعودية في أعلى مستوياته. وأضاف أن المملكة «تنظر إلى حضرموت والمهرة بوصفهما عمقها الأمني الاستراتيجي؛ إذ تجمعنا حدود تتجاوز 700 كيلومتر، ومن هنا فإن أمن واستقرار حضرموت والمهرة يُعدَّان جزءاً من الأمن الاستراتيجي للمملكة»؛ مشيراً إلى أنهما «يمثلان أيضاً عمقاً بشرياً وتاريخياً وإنسانياً، وتجمعنا أواصر القربى والأخوة»، مؤكداً الحرص على «ألا تتحول حضرموت والمهرة إلى بؤرة خطر تهدد أمن المملكة».

ووفقاً للخنبشي، فإن القرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي ومجلس الدفاع الوطني جاءت في توقيتٍ مناسب، بهدف تفويت الفرصة على كل من سعى إلى استغلال الوضع، على حدِّ تعبيره.


مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية، وذلك من خلال الاتصالات المكثفة التي تجريها على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة مع الأطراف المعنية كافة.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد ثقتها التامة في حرص الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على التعامل بحكمة مع التطورات الحالية في اليمن، وذلك في إطار إعلاء قيم الأخوة بين البلدين الشقيقين، وصون وحدة الصف والمصير العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق والمنطقة.

وتعرب جمهورية مصر العربية في هذا السياق عن تقديرها البالغ لحكمة القيادتين السعودية والإماراتية في التعامل البنّاء مع تطورات الأوضاع في اليمن، والحرص على تحقيق الاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ومصالح شعبه الشقيق.

وتؤكد جمهورية مصر العربية أنها لن تألو جهداً في مواصلة اتصالاتها المستمرة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومع الجانب اليمني، وباقي الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للعمل على خفض التصعيد، وبما يمهد إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن، تحقق طموحات وتطلعات الشعب اليمني الشقيق المشروعة في مستقبل آمن ومزدهر وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.


العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
TT

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

حذّر الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من خطورة التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية، مؤكداً أنها تُمثل تهديداً مباشراً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية الذي يرفضه المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال لقائه، الثلاثاء، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، حيث خُصص اللقاء لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، الأمر الذي استدعى اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، حمايةً لأمن المواطنين، وصوناً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه.

وفي مستهل اللقاء، رحّب الرئيس بالسفراء، مثمّناً وحدة مواقف دولهم الداعمة للشعب اليمني في أصعب مراحله، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ومؤكداً أن ما تشهده المحافظات الشرقية لا يندرج في إطار خلاف سياسي داخلي، بل يُشكّل مساساً خطيراً بأسس الدولة ووحدة مؤسساتها.

وأوضح الرئيس العليمي أن القيادة اليمنية بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً مكثفة للتهدئة وخفض التصعيد، واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة تحالف دعم الشرعية، غير أن هذه المساعي قوبلت - حسب تعبيره - بالتعطيل والإصرار على فرض الأمر الواقع.

وأشار إلى أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وتمت الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات «درع الوطن» من ثلاث مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل. كما كشف عن تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، إلا أن تلك الجهود لم تلقَ استجابة.

وشدّد الرئيس العليمي على أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلها المتعمد، مفنداً في الوقت ذاته ما وصفها بالسرديات المضللة التي تحاول تبرير فرض الأمر الواقع بالقوة تحت لافتة مكافحة الإرهاب. وقال إن مكافحة الإرهاب «قرار دولة ومؤسسات شرعية، وليست ذريعة سياسية»، مذكّراً بالإنجازات التي حققتها المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية، بدعم شركائها، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية.

وفي ملف القضية الجنوبية، جدّد الرئيس العليمي التأكيد على الموقف المبدئي والثابت من معالجتها، وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض قاطع لفرض أي حلول بقوة السلاح أو الأمر الواقع.

وعدّ أن اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها ويقوّض فرص الحل السياسي المستدام، ويلحق الضرر بأبناء الجنوب قبل غيرهم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يتطابق مع ما أكدته المملكة العربية السعودية من أن القضية الجنوبية لا تُحل إلا عبر الحوار وفي إطار تسوية سياسية شاملة.

وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة يعرّض أولويات المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة للخطر، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار والعيش الكريم.

وأكد أن أي اضطراب في حضرموت والمهرة سينعكس مباشرة على تصدير النفط، ودفع المرتبات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويقوّض الثقة مع مجتمع المانحين.

وتطرق الرئيس العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة، مؤكداً أن اليمن لا ينكر ما قدمته دولة الإمارات من أدوار ومساهمات في مراحل سابقة، لكنه شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحاً كاملاً، والنأي بالنفس عن دعم أي مكون خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية. وقال إن أي ضغوط لدفع قوات محلية إلى تحركات عسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، وتتعارض مع الأسس التي قام عليها التحالف.

وأضاف أن المطالبة بمغادرة القوات التي خرجت عن تلك الأسس «مطلب سيادي طبيعي»، لا يستهدف العلاقات الثنائية ولا ينكر التاريخ، بل يهدف إلى حماية فكرة التحالف ذاتها.

وفي ختام اللقاء، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدول الراعية للعملية السياسية إلى موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مع ممارسة ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة سلطاتها الحصرية، وترجمة ذلك داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية وفق القانون الدولي.

وختم الرئيس العليمي بالتأكيد على أن سقوط منطق الدولة في اليمن يعني غياب أي استقرار يمكن البناء عليه أو الاستثمار فيه، محذراً من تحويل اليمن إلى نموذج جديد لتفكك الدول، ومشدداً على أن الشعب اليمني يستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة.