مصر: تراجع معدلات النمو السكاني لا يعالج مخاوف «الأزمات المعيشية»

مع وصول التعداد إلى 108 ملايين نسمة

الحكومة المصرية أكدت في وقت سابق أنها تستهدف خفض معدل النمو السكاني (رويترز)
الحكومة المصرية أكدت في وقت سابق أنها تستهدف خفض معدل النمو السكاني (رويترز)
TT

مصر: تراجع معدلات النمو السكاني لا يعالج مخاوف «الأزمات المعيشية»

الحكومة المصرية أكدت في وقت سابق أنها تستهدف خفض معدل النمو السكاني (رويترز)
الحكومة المصرية أكدت في وقت سابق أنها تستهدف خفض معدل النمو السكاني (رويترز)

«تراجع معدلات النمو السكاني في مصر، أخيراً، لا يعالج المخاوف الخاصة بالأزمات المعيشية والأعباء الاقتصادية والاجتماعية، التي تشكِّلها الزيادة السكانية في البلاد سنوياً»، وفق خبراء مصريين.

وارتفع عدد السكان في مصر إلى 108 ملايين نسمة في الداخل، حسب أحدث إحصاء حكومي، صادر عن «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء»، السبت.

ورغم تسجيل الإحصاءات الحكومية تراجعاً في أعداد المواليد، فإن الخبراء يرون أن «تحديات الزيادة السكانية السنوية لا تزال مستمرة، وتؤثر بشكل مباشر على معدلات التنمية والوضع الاقتصادي، ما يفرض مزيداً من الإجراءات للحدِّ منها، والوصول لمرحلة التوازن السكاني».

وزاد عدد السكان في مصر 1.48 مليون في الفترة الممتدة من 2 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حتى 16 أغسطس (آب) الحالي، حسب «جهاز الإحصاء» المصري، الذي أشار إلى أن «متوسط عدد المواليد يومياً وصل إلى 5165 مولوداً، أي بواقع 215 مولوداً كل ساعة».

وعدّ «جهاز الإحصاء» المصري أن نسبة المواليد في تراجع، استناداً إلى ازدياد الفترة الزمنية للوصول إلى 108 ملايين نسمة، ذلك أن «تسجيل آخر مليون نسمة جرى خلال 287 يوماً، في مقابل 268 يوماً في المليون السابق له، و250 يوماً خلال فترة تحقق المليون الأسبق».

وانخفض معدل المواليد السنوي في مصر من 19.4 لكل ألف من السكان عام 2023، إلى 18.5 لكل ألف عام 2024، وفق «جهاز الإحصاء» المصري.

ورغم تراجع أعداد المواليد، فإن الزيادة السكانية لا تزال تمثل تحدياً كبيراً، اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً، بحسب بيان «جهاز الإحصاء»، الذي أشار إلى أن زيادة السكان «تستنزف موارد الدولة، وتُشكِّل عائقاً أمام جهود رفع مستوى المعيشة، في ظل الأزمات التي يشهدها العالم أخيراً».

ووفق مقرر المجلس القومي للسكان المصري الأسبق، عاطف الشيتاني، فإنه «لا يعني تراجع معدل المواليد عدم وجود زيادة مرتفعة في نسب السكان السنوية، التي تُضاعِف من الأعباء المعيشية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن نسبة النمو السكاني السنوية «لا تزال مرتفعة بالمقارنة بالمعدل المطلوب لتحقيق التوازن السكاني، وهي المرحلة التي يتساوى فيها معدل الإنجاب مع معدل الوفيات».

وبلغ عدد الوفيات في مصر 610 آلاف خلال عام 2024، في مقابل 583 ألفاً عام 2023، وفق «جهاز الإحصاء».

ميدان التحرير في وسط العاصمة المصرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ويعتقد الشيتاني أن «تحقيق التوازن السكاني بخفض معدل المواليد إلى نحو 600 ألف نسمة سنوياً، يتطلب جهداً على مدار 10 سنوات على الأقل»، مشيراً إلى أن نسب الزيادة الحالية، «تُشكِّل ضغطاً على موارد وإنتاج الدولة، وتزيد من التحديات التي تواجهها الحكومة».

ولأول مرة منذ عام 2007، لم تتجاوز معدلات الإنجاب حاجز مليونَي مولود سنوياً في عام 2024، وفق وزارة الصحة المصرية، التي أشارت في إفادة لها خلال فبراير (شباط) الماضي إلى أن «عدد المواليد العام الماضي انخفض إلى مليون و968 ألف مولود، في مقابل مليونين و45 ألف مولود عام 2023 بنسبة انخفاض 3.8 في المائة».

الحكومة المصرية أكدت في وقت سابق أنها تستهدف خفض معدل النمو السكاني (رويترز)

و«تحتاج الحكومة المصرية إلى زيادة النمو الاقتصادي بمعدل 3 أضعاف معدل الزيادة السكانية حتى يشعر المواطن بعوائد التنمية»، بحسب الشيتاني، الذي أكد أيضاً أن الحكومة المصرية «في حاجة لمضاعفة نسب النمو الاقتصادي لتصل إلى 6 في المائة لتلبية احتياجات معدلات الزيادة السكانية الحالية (2.5 في المائة)».

وسجَّل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في مصر 3.5 في المائة، وفق الحكومة المصرية، في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

ويقول الخبير الاقتصادي المصري، وليد جاب الله: «تُشكِّل صعوبات المعيشة والظروف الاقتصادية الضاغطة العامل الأساسي وراء تراجع نسب المواليد»، مشيراً إلى أن «الوضع المادي لكثير من الأسر يدفع كثيرين إلى عدم الإنجاب».

وسجَّلت السنوات الخمس الأخيرة تراجعاً في أعداد المواليد، حيث أظهرت بيانات المسح الصحي للأسرة المصرية انخفاض معدل الإنجاب، من 3.5 طفل لكل سيدة عام 2014، إلى 2.85 طفل لكل سيدة عام 2021، وفق بيانات وزارة الصحة المصرية.

وأوضح جاب الله لـ«الشرق الأوسط» أن الزيادة السكانية السنوية «لا تزال تشكل عبئاً على الاقتصاد المصري»، مشيراً إلى أن «النسبة الغالبة من السكان هي من فئة الشباب، خصوصاً الشرائح التي لا تزال تبحث عن فرص عمل، ومساكن جديدة»، منوهاً بأهمية «تحقيق التوازن بين عناصر الإنتاج والموارد التي تمتلكها الدولة، والقوى البشرية»، عاداً أن معدلات الزيادة السكانية «تفوق قدرة الاقتصاد المصري».

وفي وقت سابق، عدّ رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن «الزيادة السكانية من التحديات التي تواجهها بلاده». وقال في يناير (كانون الثاني) الماضي إن حكومته تستهدف خفض معدل النمو السكاني إلى 2.1 في المائة بحلول عام 2028، بدلاً من عام 2030؛ لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين.


مقالات ذات صلة

تقرير: نتنياهو تجاهل التحذيرات بشأن الادعاءات الكاذبة ضد مصر

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

تقرير: نتنياهو تجاهل التحذيرات بشأن الادعاءات الكاذبة ضد مصر

قال مسؤولون أمنيون كبار في إسرائيل إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاهل تحذيرات الجيش الإسرائيلي و(الشاباك) بشأن تقارير كاذبة أضرت بالعلاقات مع القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا كامل الوزير بمحطة الطاقة الشمسية بقرية عمر كجع في منطقة عرتا بجيبوتي (مجلس الوزراء المصري)

مصر تعزز علاقاتها الاقتصادية بجيبوتي بالتوازي مع تطور توافقهما السياسي

تُعزز مصر علاقتها الاقتصادية مع جيبوتي، وذلك بالتوازي مع توافق البلدين السياسي في ملفات مختلفة بينها «أمن البحر الأحمر».

وليد عبد الرحمن (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان في القاهرة الشهر الحالي (الرئاسة المصرية)

مصر تشدد على توفير «ملاذات آمنة» وممرات إنسانية في السودان

شددت مصر على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته الإنسانية لضمان توفير «ملاذات آمنة» وممرات إنسانية كافية في السودان لإيصال وصول المساعدات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج داوود عبد السيد (أرشيفية - أ.ف.ب)

رحيل داوود عبد السيد مخرج «الكيت كات» عن 79 عاماً

أعلنت الصحافية والكاتبة كريمة كمال زوجة المخرج داوود عبد السيد، وفاة زوجها اليوم (السبت)، بعد صراع مع المرض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أرشيفية - د.ب.أ)

مصر: اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال» يزعزع استقرار القرن الأفريقي

أكد وزير الخارجية المصري، اليوم (السبت)، على دعم مصر الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية ومؤسساته الشرعية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

السودان: إدريس سيباشر مهامه من الخرطوم خلال الأيام المقبلة

رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في نيويورك الاثنين الماضي (الأمم المتحدة)
رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في نيويورك الاثنين الماضي (الأمم المتحدة)
TT

السودان: إدريس سيباشر مهامه من الخرطوم خلال الأيام المقبلة

رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في نيويورك الاثنين الماضي (الأمم المتحدة)
رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في نيويورك الاثنين الماضي (الأمم المتحدة)

قالت وزيرة شؤون مجلس الوزراء السودانية لمياء عبد الغفار، اليوم الأحد، إن رئيس مجلس الوزراء كامل إدريس سيباشر مهامه من العاصمة الخرطوم في «غضون الأيام المقبلة».

وذكرت وكالة الأنباء السودانية أن الوزيرة أطلعت خلال زيارة إلى العاصمة الخرطوم على «ترتيبات انتقال الوزارات إلى المقار التي تم تحديدها لاستئناف أعمالها مع بداية العام الجديد»، مؤكدة «تقديم الدعم الكامل لحكومة الولاية لاستكمال منظومة الخدمات الأساسية، بما في ذلك الكهرباء والمياه».

وأوضحت الوكالة الرسمية أن والي الخرطوم، أحمد عثمان حمزة، أطلع الوزيرة على «مجمل الأوضاع بالولاية ومدى الاستعداد لعودة الحكومة للخرطوم»، مشدداً على «استمرار العمل لمزيد من التهيئة في كافة النواحي من أجل العودة الكاملة للمواطنين والحكومة».

وأشارت الوكالة إلى أن وزيرة شؤون مجلس الوزراء ووالي الخرطوم تفقدا مطار الخرطوم ومنشآت أخرى استعداداً لعودة الحكومة للعمل من العاصمة.

وانتقلت الحكومة للعمل من مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر بشرق البلاد عقب اندلاع الحرب مع قوات الدعم السريع في أبريل (نيسان) 2023 بعد صراع على السلطة خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تفضي إلى إجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني.


استنفار عربي لمواجهة اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
TT

استنفار عربي لمواجهة اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)

يعوّل الصومال على دعم عربي وإسلامي لمواجهة اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» دولةً مستقلةً، وقد استجابت جامعة الدول العربية لطلبه بعقد اجتماع طارئ على مستوى المندوبين، اليوم.

وأكَّد السفير الصومالي في القاهرة والمندوب الدائم لدى الجامعة، علي عبدي أواري، لـ«الشرق الأوسط» أنَّ «بلاده تتحرَّك على المستويين العربي والإسلامي، لرفض ما أعلنت عنه تل أبيب، والدفاع عن السيادة الصومالية»، وقال: «من بين التحركات طلب اجتماع للجامعة العربية بشكل عاجل». وأشار إلى أنَّ «بلاده تدعو لاجتماع قمة عربية إسلامية قريباً، ضمن تحركاتها الدبلوماسية».

وحرّك الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم الانفصالي «أرض الصومال»، تحذيراتٍ من السلطة الفلسطينية و«حماس» ومقديشو، من أنَّه يحمل احتمالاً لأن يكون هذا الإقليم موطناً جديداً لاستقبال الفلسطينيين ضمن مخطط تهجير سعت إليه إسرائيلُ منذ بداية الحرب قبل نحو عامين.

وأشار خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إلى مخاوفَ من أنَّ الخطوة الإسرائيلية ستُعيد ملف التهجير للواجهة بقوة، وستعمل تل أبيب على زيادة الضغوط على الضفة وغزة لدفعهم قسراً لذلك، وسط غياب خطط تنفيذية للإعمار والاستقرار.

وسط طوفان ردود فعل على الخطوة الإسرائيلية، وبخلاف الرفض العربي، جاء موقف لافت من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إذ طغى عليه «السخرية من ذلك الإقليم». فقد أعلن ترمب عن رفضه الاعترافَ باستقلال «أرض الصومال»، متسائلاً: «هل يعرف أحدٌ ما هي أرض الصومال، حقّاً؟».


بعثة إنسانية تدخل الفاشر للمرة الأولى

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

بعثة إنسانية تدخل الفاشر للمرة الأولى

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

دخلت بعثة إنسانية أممية إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وذلك للمرة الأولى منذ سيطرة «قوات الدعم السريع» عليها، بعد حصار طويل استمرَّ لأكثر من عام، خلّف أوضاعاً إنسانية كارثية.

وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أنَّ بعثة تقييم وصلت إلى مدينة الفاشر، عادّاً هذه الخطوة «مؤشراً على انفراجة محدودة» في ملف إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة، مضيفاً أنَّ البعثة تضمُّ وفداً من «برنامج الأغذية العالمي»، وفريقاً من منظمة الصحة العالمية.

من جهته، رحَّب كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، بوصول بعثة التقييم إلى الفاشر، وقال في تغريدة على منصة «إكس»، إن هذا الوصول جاء عبر مسار يسَّرتْه الولايات المتحدة.