مباحثات سويسرا السودانية... اختراق أميركي أم مناورة لـ«جس النبض»؟

مستشار ترمب التقى البرهان وأنباء عن اجتماع مع حميدتي لبحث مخرج للأزمة


مستشار الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس (أ.ف.ب)
مستشار الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس (أ.ف.ب)
TT

مباحثات سويسرا السودانية... اختراق أميركي أم مناورة لـ«جس النبض»؟


مستشار الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس (أ.ف.ب)
مستشار الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس (أ.ف.ب)

ينشغل المراقبون والسياسيون والعسكريون في السودان، هذه الأيام بما دار في لقاء جمع في سرية تامة مستشار الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في سويسرا، وما تبعه من تسريبات متعددة، ذهبت إلى حد الحديث عن مسار أميركي لوقف الحرب الكارثية في السودان.
وزاد الغموض بعد تسريبات أخرى عن لقاء آخر جمع المسؤول الأميركي بقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» بعد ساعات من اجتماع البرهان. ولا توجد تأكيدات رسمية عنه، بينما ذكرت تقارير محلية وإقليمية أن الرجل وصل سراً هو الآخر إلى جنيف، استناداً إلى تتبع حركة طائرة خاصة يرجح أنها نقلته إلى هناك، لذلك يبقى الخبر مرجحاً وليس مثبتاً. وأثيرت التساؤلات حول هذه اللقاءات وهل هي اختراق أميركي جدي لوقف الحرب أو مجرد «جس للنبض» للتعرف على مواقف أطراف الحرب.

رئيس مجلس السيادة السوداني خلال زيارة إلى منطقة المصورات الأثرية شمال البلاد (مجلس السيادة - فيسبوك)

وكالات أنباء رئيسية ووسائل إعلام موثوقة أكدت أن اجتماع البرهان وبولس جرى الاثنين 11 أغسطس (آب) 2025، واستمر نحو ثلاث ساعات، وبحث مقترحاً أميركياً لوقف شامل لإطلاق النار، وتسهيل مرور المساعدات الإنسانية، وامتنعت الخارجيتان الأميركية والسودانية عن التعليق عليه. أما لقاء حميدتي مع بولس، فقد تم بعد ساعات من مغادرة البرهان، وفقاً لتقارير محلية وإقليمية أفادت بوصوله، ولم تؤكد جهات رسمية هذا الأمر.

ماذا بعد؟

لم تكن إدارة الرئيس الأميركي مهتمة بشكل كبير بملف الحرب السودانية سابقاً، لكنها فجأة كثفت اهتمامها وأعلنت عن تشكيل المجموعة الرباعية الدولية بشان النزاع السوداني، قبل أن تؤجل اجتماعاتها دون موعد جديد. وقبل ذلك، كانت واشنطن تكتفي بالعقوبات على طرفي الحرب، إذ فرضت عقوبات على حميدتي في 7 يناير (كانون الثاني) 2025، ثم عقوبات مثيلة على البرهان بعد ذلك بتسعة أيام، لاستخدام الجيش أسلحة كيماوية.

ويتوقع المحللون والمتابعون عدة سيناريوهات، من بينها الوصول لهدنة تتضمن وقفاً لإطلاق نار محدد زمنياً وجغرافياً، في الخرطوم وكردفان والنيل الأزرق، وفتح ممرات لإيصال المساعدات مراقبة دولياً، فضلاً عن تشكيل آلية تحقق لمتابعة التزام طرفي الحرب. أو يتم توقيع اتفاق إعلان مبادئ موسع، يتضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار، وابتدار مسار سياسي مدني، وفترة انتقالية، تعقبها انتخابات، مقابل «جزرة تخفيف العقوبات» للالتزام بما قد يتفق عليه، أو عصا العقوبات المشددة.

أطفال السودان ضحايا الحرب وكوارثها (أ.ف.ب)

بينما يخشى محللون آخرون، أن يتعامل طرفا الحرب مع المبادرة الأميركية، كونها «مناورة» دعائية، تتمثل باجتماعات متطاولة وضجيج إعلامي بلا آليات تنفيذية، تمكنهما من استعادة أنفاسهما استعداداً لمرحلة جديدة من القتال. ويحذرون من استمرار تصاعد الخطاب العدائي بين طرفي القتال الذي أعقب لقاء البرهان، واحتمالات تصلب بعض القادة العسكريين المتطرفين، وارتفاع أصوات الفساد وتجار الحرب، ما قد يعرقل أي هدنة محتملة.

أثر الإسلاميين

المحلل السياسي حاتم إلياس يرى أن الإسلاميين يسيطرون على مفاصل الجيش والدولة، ويرون في استمرار الحرب وسيلة للحفاظ على وجودهم السياسي، بينما أي خطوة في طريق السلام تمثل تهديداً مباشراً لمكانتهم، لذلك فهم حتماً سيعملون على عرقلة أي اتفاق سلام. ويضيف: «لو ذهب البرهان باتجاه السلام، فسيكون ذلك بمثابة معجزة سياسية».
لكن إلياس قطع في إفادته لـ«الشرق الأوسط» بأن «قوات الدعم السريع» تمتلك مرونة وقدرة أكبر على التفاوض، لأنها لا تواجه تعقيدات تنظيمية مثل تلك التي تواجه الجيش، ولا تعاني من أي تأثيرات تنظيم داخلي يرهن وجوده باستمرار الحرب.

ووفقاً لـ«إلياس» فإن الإسلاميين يمكن أن يدفعوا الضباط الموالين لهم للضغط على البرهان لاتخاذ مواقف تفاوضية متصلبة، ويمكن أيضاً أن يحركوا واجهاتهم المدنية والأمنية للتأثير على الرأي العام، كذلك يمكن أن يحركوا تحالفاتهم الإقليمية للتأثير على اتجاهات التفاوض أو إبطائه.
وعلى النقيض من رؤية إلياس، فإن محللين آخرين يرون أن بعض التيارات البراغماتية داخل الحركة الإسلامية، وتحت الضغط العسكري الميداني والاقتصادي، والخوف من العقوبات والتصنيفات الدولية، قد تدفع التنظيم إلى قبول مشاركة مشروطة، تترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية اختراق سياسي جزئي أو كامل لصالحهم.

المحلل السياسي محمد لطيف يقول لـ«الشرق الأوسط» إن الاهتمام الأميركي المفاجئ بالملف السوداني ينطلق من دوافع إقليمية واستراتيجية، تنطلق من تأثير عدم استقرار الإقليم، وخطة واشنطن «الشرق الأوسط الجديد»، ومصالح حلفائها، واحتمالات أن يشكل استمرار الحرب تهديداً لهذه المخططات.
ويوضح لطيف أن واشنطن تتعامل مع الملف السوداني على غرار تجاربها السابقة في مناطق النزاعات (الهند، باكستان، الكونغو، رواندا)، وبناء على موقف «أخلاقي» إحساساً بأن عليها دوراً في تهدئة النزاعات والانتقال من الحروب إلى الحلول الدبلوماسية.

ويرى أن نقاط ضعف المبادرة الأميركية، التي قد تقلل من فرص نجاحها، تكمن في عدم توفر الإرادة المطلوبة لدى الطرفين، ويقول: «الدعم السريع قد لا تكون متأثرة بشكل كبير بضغوط خارجها، ولا تأثير للدولة الداعمة عليها يتعارض مع مصالحها، لكنها تحتاج لتحسين وضعها العسكري، بالتمدد في كردفان والفاشر، وإحكام الطوق على الوسط، ما قد يؤثر على إرادتها التفاوضية».

ويستطرد: «كذلك هي بحاجة لإحكام تأسيس الحكومة التي أُعلن عنها بشكل جاد، بما يقوى موقفها التفاوضي، لذا قد تبدو غير متعجلة للتفاوض، دون حوافز ومغريات ملموسة تحقق مصالحها، كأن تعود لوضعها جزءاً من ترتيبات ما بعد الحرب».

مناورة دبلوماسية

اجتماع البرهان مع بولس يمثل محاولة ضغط أولى، لكنه غير كافٍ من دون توفير مراقبين وضمانات إقليمية، وفي حالة الاكتفاء بمجرد المبادرة، فإن احتمالات التحويل لـ«مناورة» لصالح الجيش هي الأرجح.
أما لقاء حميدتي، إن تحقق، فقد يظهر رغبة واشنطن في إيصال رسالة قوية للطرفين، لكن غياب التأكيد الرسمي يجعل الحكم النهائي مرتبطاً بالمؤشرات والأيام المقبلة.

متطوعون سودانيون يعِدون وجبات لبعض سكان مدينة الفاشر التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» في دارفور (أ.ف.ب)

لطيف وإلياس اتفقا على أن غياب الإرادة السياسية المستقلة لدى الجيش بسبب تأثير الإسلاميين يجعل أي مبادرة أميركية محفوفة بالمخاطر، كذلك اتفقا على أن «الدعم السريع» يمثل اللاعب الأكثر مرونة وواقعية، ويملك القدرة على دفع المباحثات إذا توافرت الحوافز المناسبة.
ووفقاً لمتابعات وتحليلات في منصات التواصل الاجتماعي السوداني، فإن الطريق إلى وقف إطلاق نار قابل للقياس لمدة محددة، مع إيجاد مراقبين دوليين يملكون أدوات متابعة تشمل طائرات وأقماراً اصطناعية، وتوفير الحوافز المالية المشروط، وإشهار عصا العقوبات بمواجهة الخروقات، والتفاهم مع اللاعبين الإقليميين للحد من خطوط التسليح والتمويل، تعد عوامل فعالة لإنجاح المبادرة. فإذا ظهرت هذه المؤشرات الأسابيع المقبلة، يمكن عدّ الاجتماعات خطوة نحو تهدئة إنسانية وعسكرية، أما في غيابها فستظل مجرد مناورة لا تغيّر المعادلة الميدانية.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: نقدم مساعدات للفارين من الفاشر بالسودان رغم التحديات

شمال افريقيا سيدة سودانية أصيبت في معارك الفاشر بالسودان تجلس في خيمتها مخيم طويلة (أ.ب)

الأمم المتحدة: نقدم مساعدات للفارين من الفاشر بالسودان رغم التحديات

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه يقدم مساعدات للفارين من العنف في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور في السودان «رغم التحديات الهائلة».

«الشرق الأوسط» (دارفور)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

أعرب بدر عبد العاطي عن اعتزاز مصر بـ«الشراكة الاستراتيجية» مع روسيا، التي تمثل إطاراً حاكماً للتعاون الثنائي في مختلف القطاعات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا نازحون سودانيون فروا من الفاشر بعد سقوط المدينة في قبضة «قوات الدعم السريع» في 26 أكتوبر (أ.ف.ب) play-circle

تقارير: «الدعم السريع» تحتجز ناجين من الفاشر للحصول على فِدى

قال شهود لـ«رويترز» إن «قوات الدعم السريع»، التي حاصرت مدينة الفاشر في دارفور قبل اجتياحها، تحتجز ناجين من الحصار، وتطلب فدى لإطلاق سراحهم.

«الشرق الأوسط» (الطينة (تشاد))
شمال افريقيا 
صورة متداولة تبيّن جانباً من الدمار الذي ألحقته مسيَّرات «الدعم السريع» بمدينة الأُبيّض في إقليم كردفان play-circle

بعد بابنوسة «النفطية»... ما الهدف التالي لـ«الدعم السريع»؟

بعد قتال شرس استمر لأكثر من عامين، أعلنت «قوات الدعم السريع» الاثنين الماضي، سيطرتها «بشكل كامل» على مدينة بابنوسة... فما الهدف التالي؟

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار يناقش في لقاء سابق مع نظيره السوداني هيثم إبراهيم عوض الله تقديم الدعم اللازم (وزارة الصحة المصرية)

مرضى سودانيون في مصر رهن مبادرات الإغاثة

يعيش عشرات الآلاف من المرضى السودانيين في مصر، بعد فرارهم من الحرب السودانية، رهن مبادرات إغاثة دولية «محدودة»، وجهود حكومية مصرية لرعايتهم، في ظل ظروف صعبة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

توجيه رئاسي بـ«عقوبات مشددة» للمتورطين في «الغش» بامتحانات «الثانوية المصرية»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)
TT

توجيه رئاسي بـ«عقوبات مشددة» للمتورطين في «الغش» بامتحانات «الثانوية المصرية»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)

وجَّه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بـ«تشديد العقوبات المُوقَّعة على مَن يثبت تورطهم في الغش بامتحانات الثانوية العامة»، في خطوة تستهدف ضمان تأمين منظومة الامتحانات مع استحداث نظام «البكالوريا» الذي يتم تطبيقه للمرة الأولى على المرحلة الثانوية هذا العام.

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، السفير محمد الشناوي، إن السيسي «شدَّد على ضرورة التعامل بحزم مع حالات الغش في (الثانوية)»، وذلك خلال اجتماع عقده، السبت، مع وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، محمد عبد اللطيف.

وتواجه وزارة التربية والتعليم المصرية انتقادات عدة؛ نتيجة استمرار وقائع «الغش» و«تسريب الامتحانات»، ولم تعلن الوزارة خلال امتحانات العام الماضي أعداد الطلاب الذين تمَّ ضبطهم بتهمة «الغش»، غير أنها أعلنت في امتحانات الثانوية العامة عام 2024 إحالة 425 طالباً إلى جهات التحقيق؛ بسبب مخالفة قانون أعمال الامتحانات، بعد أن تم عمل محاضر غش لهم خلال أدائهم الامتحانات.

وخلال السنوات الماضية تمكَّنت «جروبات للغش» عبر تطبيقات عدة، من بينها «تلغرام»، من نشر أوراق الامتحانات خلال خوضها أو قبلها، وتعلن «التربية والتعليم» إحالة عدد من الطلاب للتحقيق، في بيانات رسمية تصدرها عقب الانتهاء من كل امتحان.

وفرض قانون «مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات» عقوبات مغلظة على جرائم الغش أو الشروع فيه، وتصل العقوبة إلى «الحبس سنتين ولا تزيد على 7 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه (الدولار يساوي 47.50 جنيه تقريباً بالبنوك المصرية) ولا تزيد على 200 ألف جنيه على كل مَن طبع أو نشر أو أذاع أو روَّج، بأي وسيلة، أسئلة الامتحانات أو أجوبتها أو أي نظم تقييم في مراحل التعليم المختلفة المصرية والأجنبية بقصد الغش أو الإخلال بالنظام العام للامتحانات».

ويُعاقَب على الشروع في ارتكاب الغش بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 50 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وهي عقوبات يتم تطبيقها على المشاركين في أعمال الامتحانات وليس الطلاب.

في حين يعاقب القانون الطالب الذي يرتكب غشاً أو شروعاً فيه بالحرمان من أداء الامتحان في الدور الذي يؤديه والدور الذي يليه من العام ذاته، ويعدّ راسباً في جميع المواد، وفي حالة الامتحانات الأجنبية يُحرَم الطالب من أداء امتحانات المواد اللازمة للمعادلة وفقاً للنظام المصري دورَين متتاليَين.

وزير التعليم المصري وسط الطلاب في جولة ميدانية داخل إحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم)

عضو لجنة التعليم بمجلس النواب المصري (البرلمان)، جيهان البيومي، أكدت أن «تغليظ العقوبات على الطلاب والتأكد من تطبيق القانون يعدّ أمراً مهماً للحد من ظاهرة الغش في امتحانات الثانوية العامة، والمشكلة تبدو على نحو أكبر تجاه اللوائح التنفيذية لقوانين مكافحة الغش، التي يترتب عليها قصور في إحالة أي طالب تورط في الغش للتحقيقات وعمل محضر فوري له».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن التوجيهات الرئاسية تستهدف الحدَّ من السلوكيات السلبية داخل لجان الامتحانات، والتأكيد على ضرورة تفعيل العقوبات مع بدء تطبيق منظومة «البكالوريا» لأول مرة هذا العام.

وبدأت وزارة التربية والتعليم المصرية تطبيق منظومة «البكالوريا» بشكل اختياري على طلاب المرحلة الثانوية هذا العام، وهي نظام تعليمي يمتد لـ3 سنوات يركز على تنويع المسارات التعليمية والتقييم المستمر مع فرص امتحانية متعددة (بما فيها فرص تحسين المجموع).

واستعرض وزير التربية والتعليم خلال لقائه الرئيس السيسي، مزايا منظومة «البكالوريا» مشيراً إلى «أن هذا النظام ينهي امتحان الفرصة الواحدة في نظام الثانوية العامة»، موضحاً «ازدياد إقبال الطلبة على نظام (البكالوريا)، حيث تجاوزت نسبة الالتحاق به في العام الدراسي الحالي 90 في المائة من إجمالي عدد طلاب المرحلة الأولى من الثانوية».

ووجَّه السيسي بـ«فرض الانضباط وترسيخ القيم الأخلاقية والإيجابية داخل المنظومة التعليمية، وعدم التهاون في هذا الأمر، مع اتخاذ إجراءات محاسبة عاجلة وحاسمة تجاه أي تجاوز أو انفلات».

وأكد خبير التعليم والاستشاري في «استراتيجية التعليم والتحول الرقمي»، تامر عبد الحافظ، أن العقوبات التي تقرها وزارة التربية والتعليم بشأن «الغش» تكفي لضبط منظومة الامتحانات، وأن التركيز يمكن أن ينصب بشكل أكبر على إجراءات عقد الامتحانات وتدريب المراقبين والملاحظين على مواجهة أساليب الغش الحديثة، وتدشين حملات توعية وطنية لأولياء الأمور والطلاب بخطورة هذه الممارسات على المجتمع بوجه عام.

وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود أنظمة إحصائية لمراجعة درجات الطلاب، والتيقن ما إذا كانت نتيجة لمحاولات غش أم بمجهودهم الفردي، يمكن أن تستفيد منها وزارة التربية والتعليم، وفي حال ثبوت «الغش» فإنه يمكن إلغاء الامتحان بوجه عام أو إلغاؤه في بعض اللجان ومعاقبة المتورطين في تلك المخالفات.

وفي كل عام تحدد وزارة التربية والتعليم المصرية قائمة من المحظورات خلال فترة أداء امتحانات الثانوية العامة، ومنها عدم اصطحاب أجهزة التابلت والهواتف المحمولة إلى لجان الامتحانات، وإن كانت مغلقة، وعدم ارتداء ساعات ذكية أو سماعات لاسلكية (بلوتوث).


ليبيا: عمليات إجلاء وتحذيرات رسمية للمواطنين من سيول محتملة

تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)
تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)
TT

ليبيا: عمليات إجلاء وتحذيرات رسمية للمواطنين من سيول محتملة

تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)
تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)

تشهد عدة مناطق في ليبيا أحوالاً جوية صعبة نتيجة الأمطار الغزيرة، في ظاهرة غير مسبوقة منذ سنوات، ضربت مدن الشرق والغرب، فيما أجلت الجهات العسكرية والأمنية والإغاثية عائلات متضررة، وسط دعوات رسمية للمواطنين بتوخي الحذر، والابتعاد عن مجاري السيول.

وأجلت الوحدة البحرية للضفادع البشرية، التابعة للقوات الخاصة بالجيش الوطني، مساء الجمعة، عائلات عالقة في بعض أحياء مدينة بنغازي التي غمرتها مياه الأمطار، بالإضافة إلى فرق مديرية أمن بنغازي وفرق الهلال الأحمر الليبي، التي أجلت أيضاً عدداً من العائلات من منازلها في منطقة الكيش القديم، بعد تسرب مياه الأمطار التي ارتفع منسوبها.

عناصر عسكرية مشاركة فى إجلاء العالقين بسبب أمطار بنغازي (إعلام محلي)

وقال المسئول بجهاز الإسعاف والطوارئ بالمنطقة الشرقية، أنور صالح، إن الجهات الأمنية والإغاثية نقلت الأسر المتضررة إلى أماكن أكثر أماناً، لافتاً إلى إجلاء 6 عائلات من منزل واحد نتيجة ارتفاع منسوب المياه. فيما أعلنت مديرية أمن بنغازي الكبرى إخراج عدد من العائلات من منازلهم إلى مواقع أكثر أماناً، تحسّباً لأي طارئ قد يُهدد سلامتهم، بالتنسيق مع الجهات المختصة وفرق الطوارئ.

وأظهرت مقاطع مصورة متداولة معاناة عدد من العائلات في المنطقة من دخول مياه الأمطار إلى منازلهم؛ حيث شهدت عدة شوارع بمدينة بنغازي ارتفاعاً ملحوظاً في منسوب مياه الأمطار جرّاء التقلبات الجوية. كما استجابت دوريات جهاز الحرس البلدي لبلاغات سكان حي الشعبية بمنطقة توكرة شرق المدينة.

وطبقاً لمسؤول الإعلام بجهاز الحرس البلدي، العقيد صلاح الساحلي، فقد باشرت دوريات الجهاز بالتعاون مع هيئة السلامة الوطنية وشركة المياه والصرف الصحي، التعامل مع مياه الأمطار التي غمرت بعض البيوت والشوارع بالمنطقة، مشيراً إلى إجراء عمليات الشفط للمياه لضمان وصول الخدمات، وتقديم الدعم للعائلات المتضررة.

غرق مناطق في بنغازي (وسائل إعلام محلية)

وبسبب غرق عدد من مناطق مدينة بنغازي، وإغلاق الطرق السريعة، بالإضافة إلى تضرّر مداخل عدد من المدارس وامتلائها بالمياه، بما يعوق دخول الطلبة، أعلنت وزارة التربية والتعليم بحكومة «الاستقرار» تعليق الدراسة، حفاظاً على سلامة الطلبة، وحرصاً على حمايتهم من أي مخاطر صحية أو بيئية.

بدورها، أعلنت وزارة الكهرباء بالحكومة، إعادة التيار الكهربائي إلى 3 مناطق في مدينة بنغازي، بعد انقطاع بسبب العواصف المطرية، التي تسببت في أضرار وأعطال واسعة في الشبكة.

وكررت وزارة الموارد المائية تحذيراتها لمستخدمي الطرق من المخاطر الناتجة عن الأمطار الغزيرة التي هطلت على عدد من المناطق، وما خلّفته من تجمعات كبيرة للمياه وسط الطرق وعلى أطرافها، ولا سيما في الطرق السريعة خارج المدن، وكذلك داخل مدينة بنغازي، مشيرة إلى أنها لاحظت أوضاعاً قد تُشكّل خطورة مباشرة على مستخدمي الطرق.

وطالبت المواطنين بتوخي أقصى درجات الحيطة والحذر والالتزام بالتعليمات، والابتعاد عن مواقع تجمع المياه حفاظًا على سلامتهم. كما دعت الوزارة إلى تجنب الأودية وتقليل السرعة على الطرقات، مشيرة إلى أنه من المتوقع سقوط أمطار متوسطة إلى غزيرة على الساحل من سرت حتى مساعد، حتى يوم الثلاثاء المقبل.

وكانت الوزارة قد حذرت مستخدمي الطرق الممتدة من أجدابيا حتى المخيلي من التقلبات الجوية الشديدة التي قد تترافق مع هطول أمطار غزيرة، وجريان السيول، وانخفاض مستوى الرؤية. لكنها طمأنت المواطنين بأن السدود في المناطق التي تشهد تقلبات جوية آمنة تماماً، ولا تُشكل أي خطر، مؤكدة أن كميات المياه الواردة إليها من الأمطار تحت السيطرة.

ونقلت «وكالة الأنباء الليبية» عن مدير إدارة السدود أن الجريان المسجل في الوديان يقع على الطرق الرئيسية، ولا علاقة له بالسدود.

شفط مياه الأمطار في عدد من أحياء طرابلس (شركة المياه)

بدوره، أعلن «جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة»، التابع لحكومة «الاستقرار»، رفع درجة حالة الطوارئ القصوى في جميع الوحدات والأجهزة الأمنية والخدمية، مشيراً إلى تسيير الدوريات وتقديم المساندة والدعم اللوجيستي والتنسيقي لجميع الأجهزة الأمنية والخدمية لضمان حماية المواطنين، وتوفير كل ما يلزم خلال هذه الظروف.

كما رفعت الهيئة الليبية للإغاثة والمساعدات الإنسانية درجة الطوارئ إلى المستويات القصوى في كل فروعها بمختلف المدن، وأكدت أن فرقها الميدانية وفرق الاستجابة السريعة باشرت تنفيذ خطط الطوارئ المعتمدة للتعامل مع أي أضرار محتملة، مع رفع الجاهزية لتقديم الدعم والإغاثة للأسر المتضررة، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.

ودعت الهيئة المواطنين إلى توخي الحيطة، ومتابعة تعليمات السلامة الصادرة عن الجهات المختصة، مؤكدة استمرارها في متابعة الأوضاع أولاً بأول حتى انتهاء الظروف الجوية الحالية

في المقابل، أصدرت وزارة الموارد المائية بحكومة «الوحدة المؤقتة»، تحذيراً مماثلاً من تقلبات جوية تشهدها البلاد، استناداً إلى توقعات المركز الوطني للأرصاد الجوية. وأوضحت الوزارة أن التوقعات تُشير إلى أجواء باردة على مختلف مناطق البلاد، مع استمرار فرصة هطول أمطار من حين لآخر على مناطق الشمال الغربي، ما قد يؤدي إلى تجمع المياه في الأماكن المنخفضة.

ودعت المواطنين إلى توخي الحيطة والحذر والابتعاد عن مجاري الأودية، والمناطق المعرضة لتجمع المياه، واتباع الإرشادات الصادرة عن الجهات المختصة.

وبدأت فرق الشركة العامة للمياه والصرف الصحي إزالة مياه الأمطار المتراكمة في عدد من المناطق بالعاصمة طرابلس، لتحسين الظروف البيئية، والتخفيف من الأضرار الناتجة عن الأمطار الغزيرة.

وأوضحت الشركة أن قسم خدماتها في غرب طرابلس تعامل مع تجمعات المياه في عدة مناطق، بما في ذلك تشغيل مضخة ثابتة لنزح المياه المتراكمة في منطقة السراج، بهدف تسهيل حركة المركبات، وفتح المسارات أمام حركة المرور.

وأظهرت لقطات مصوّرة لوسائل إعلام محلية محاولات قوة العمليات المشتركة إنقاذ الأسر العالقة في سياراتها جرّاء الأمطار الغزيرة، التي أغرقت شوارع مدينة مصراتة بغرب البلاد.


الأمم المتحدة: نقدم مساعدات للفارين من الفاشر بالسودان رغم التحديات

سيدة سودانية أصيبت في معارك الفاشر بالسودان تجلس في خيمتها مخيم طويلة (أ.ب)
سيدة سودانية أصيبت في معارك الفاشر بالسودان تجلس في خيمتها مخيم طويلة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة: نقدم مساعدات للفارين من الفاشر بالسودان رغم التحديات

سيدة سودانية أصيبت في معارك الفاشر بالسودان تجلس في خيمتها مخيم طويلة (أ.ب)
سيدة سودانية أصيبت في معارك الفاشر بالسودان تجلس في خيمتها مخيم طويلة (أ.ب)

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، السبت، إنه يقدم مساعدات للفارين من العنف في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور في السودان «رغم التحديات الهائلة».

ودعا المكتب الأممي، عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى توفير إمكانية الوصول الآمن والمستدام لتقديم المساعدات الإنسانية في شتى أنحاء السودان من دون عوائق.

وتسيطر «قوات الدعم السريع» الآن على إقليم دارفور بالكامل في غرب السودان، بعدما أعلنت سيطرتها على مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور عقب حصارها مدة 18 شهراً، بينما يسيطر الجيش على النصف الشرقي من البلاد.