ما دلالة عودة ناشط موالٍ لـ«الإخوان» إلى مصر بعد «عفو رئاسي»؟

علي حسين مهدي صادر بحقه حكم «غيابي» بالسجن المؤبد

ميدان التحرير بوسط العاصمة القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
ميدان التحرير بوسط العاصمة القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

ما دلالة عودة ناشط موالٍ لـ«الإخوان» إلى مصر بعد «عفو رئاسي»؟

ميدان التحرير بوسط العاصمة القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
ميدان التحرير بوسط العاصمة القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

فيما ينظر حقوقيون مصريون بـ«إيجابية لقرار العفو الرئاسي عن الناشط الموالي لجماعة (الإخوان) علي حسين مهدي»، يرون أن «هذا الإجراء يجب أن يشمل نشطاء آخرين». وأثارت عودة مهدي إلى مصر تفاعلاً على منصات التواصل الاجتماعي، الجمعة، لأنه كان مداناً في البلاد وفق حكم قضائي «غيابي» بالسجن المؤبد (25 عاماً).

والناشط مهدي كان يقيم في الولايات المتحدة الأميركية، وصدر بحقّه حكم «غيابي» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 إثر اتهامه وآخرين بـ«الانتماء لجماعة الإخوان»، و«نشر أخبار كاذبة»، في القضية المعروفة إعلامياً بخلية «السلام الإرهابية».

وتحظر السلطات المصرية جماعة «الإخوان» منذ عام 2014، ويخضع قادة وأنصار الجماعة حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن المشدّد والمؤبّد.

وأشارت «الشبكة المصرية لحقوق الإنسان» في تقرير لها، في مارس (آذار) الماضي، إلى أن مهدي جرى توقيفه بعد آخر ظهور له عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، منتصف يناير (كانون الثاني) عام 2024، وقالت وقتها إن «مكان احتجازه غير معلوم، هل هو في الولايات المتحدة، أم جرى ترحيله إلى مصر».

الناشط علي حسين مهدي عبر حسابه الخاص على «إكس»

غير أن الناشط المصري، ظهر على حساباته على مواقع التواصل، مساء الخميس، ليعلن «عودته إلى مصر بعد حصوله على عفو رئاسي».

وروى مهدي في مقطع فيديو أنه «تم احتجازه في أحد مراكز الاحتجاز داخل مصر، لمدة عام تقريباً بعد الحكم عليه بالسجن المؤبد»، مشيراً إلى أنه «تقدم بطلب لمبادرة العفو الرئاسي، وفوجئ بقبول طلبه، وصدر اسمه ضمن قائمة من أفرج عنهم في 30 يونيو (حزيران) الماضي».

وفي أبريل (نيسان) 2022، أعاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تشكيل «لجنة العفو الرئاسي» لمراجعة ملفات عشرات من المحبوسين، حيث توالت قرارات العفو الرئاسي عن أعداد من المحتجزين على دفعات خلال الفترة الأخيرة.

وبينما ينظر عضو لجنة «العفو الرئاسي»، المحامي طارق العوضي، بـ«إيجابية لخطوة العفو عن مهدي»، يرى أن «مفهوم العفو الرئاسي يجب أن يشمل الجميع، ولا يقتصر تنفيذه على حالة شخص محدد». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «فلسفة العفو قائمة على منح فرصة لمن جرى توقيفهم، أو إدانتهم بأحكام قضائية في قضايا رأي».

ويعتقد العوضي أن مشهد العفو عن الناشط علي حسين مهدي «قد يُحدث حالة إحباط لدى مؤيدين ومعارضين، على وقع هجوم مهدي السابق ضد مصر ودعوته إلى حمل السلاح»، مشيراً إلى أن هناك «نشطاء آخرين ما زالوا محبوسين في قضايا رأي، بعد أن تم توقيفهم، إثر نشر آراء على صفحاتهم على مواقع التواصل».

وتفاعل مستخدمون على منصات التواصل الاجتماعي مع عودة مهدي، وأشاروا إلى أن «هناك شباباً مصريين في الخارج يريدون العودة لبلدهم». وأشاد الإعلامي المصري المنشق عن «الإخوان»، حسام الغمري، بقرار العفو عن مهدي وعودته إلى مصر.

عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، عصام شيحة، يرى أن «استخدام قرار العفو الرئاسي لا يجب أن يقتصر على حالات بعينها، إنما يجب أن يشمل الموقوفين في قضايا رأي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مثل هذه القرارات تعكس أن الحكومة المصرية لديها قدرة على التعامل مع مختلف الآراء، بما في ذلك المعارضون بالخارج».

الإفراج عن محبوسين مصريين بعد العفو عنهم في أبريل 2024 (الداخلية المصرية)

«تحتاج الحكومة المصرية لإجراء مصالحة مع هذا الجيل من النشطاء»، وفق شيحة، مشيراً إلى أن «المرحلة الحالية تستدعي توسيع المشاركة السياسية من مختلف الاتجاهات، خصوصاً قبل انتخابات مجلس النواب (الغرفة الثانية للبرلمان)».

وعدّ مهدي أن «تجربة احتجازه وتداعيات ما حدث بعد الحرب على غزة الحالية، غيّرت نظرته بالكامل تجاه ما كان يعتقده بشأن ممارسات الديمقراطية وحقوق الإنسان»، مشيراً إلى أن «الأحداث أسقطت كثيراً من الأقنعة وكشفت زيف الادعاءات».


مقالات ذات صلة

مصر تشجع السفارات الأجنبية على الانتقال إلى العاصمة الجديدة

العالم العربي مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية (شركة العاصمة الإدارية)

مصر تشجع السفارات الأجنبية على الانتقال إلى العاصمة الجديدة

تشجع الحكومة المصرية السفارات والبعثات الدبلوماسية بالقاهرة، للانتقال من مقراتها في القاهرة، إلى «الحي الدبلوماسي» بالعاصمة الجديدة (شرق القاهرة).

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي ارتفاعات قياسية جديدة سجَّلها المعدن الأصفر في مصر (أرشيفية - رويترز)

حمّى اقتناء المصريين للذهب لا تتراجع رغم ارتفاع أسعاره

شهدت أسواق الذهب ارتفاعات قياسية جديدة، بعدما سجَّلت أوقية الذهب أعلى مستوى في تاريخها، ورغم ذلك، فإن إقبال المصريين على شرائه زاد.

محمد عجم (القاهرة)
المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال استقباله نظيره التركي هاكان فيدان بالقاهرة أغسطس الماضي (الخارجية التركية)

وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره التركي أهمية الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة

قالت وزارة الخارجية المصرية، اليوم، إن الوزير بدر عبد العاطي أكد في اتصال هاتفي مع نظيره التركي هاكان فيدان، أهمية الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا تعديلات قانونية لمواجهة سرقة التيار الكهربائي في مصر (الشركة القابضة للكهرباء)

تباين مصري إزاء مقترح تشريعي جديد يُغلّظ عقوبة «سرقة الكهرباء»

تسبّب مقترح تشريعي لتغليظ عقوبة سرقة التيار الكهربائي في مصر، في حالة جدل واسعة.

رحاب عليوة (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التعليم المصري وسط الطلاب في جولة ميدانية (وزارة التربية والتعليم)

حوادث التحرش في مصر... زيادة مقلقة أم وقائع فردية؟

شغلت حوادث «تحرش مدرسي» الرأي العام في مصر خلال الفترة الماضية بعد ضبط «انتهاكات» في أكثر من مدرسة، وأحدثت صدمة لأولياء الأمور الذين تخوفوا على سلامة أبنائهم.

أحمد جمال (القاهرة)

برلمان تركيا يمدّد بقاء قواتها في ليبيا حتى 2028

وزير الدفاع التركي يشار غولر استقبل رئيس الأركان الليبي محمد على الحداد في أنقرة الثلاثاء غداة موافقة البرلمان على تمديد بقاء القوات التركية بليبيا (الدفاع التركية-إكس)
وزير الدفاع التركي يشار غولر استقبل رئيس الأركان الليبي محمد على الحداد في أنقرة الثلاثاء غداة موافقة البرلمان على تمديد بقاء القوات التركية بليبيا (الدفاع التركية-إكس)
TT

برلمان تركيا يمدّد بقاء قواتها في ليبيا حتى 2028

وزير الدفاع التركي يشار غولر استقبل رئيس الأركان الليبي محمد على الحداد في أنقرة الثلاثاء غداة موافقة البرلمان على تمديد بقاء القوات التركية بليبيا (الدفاع التركية-إكس)
وزير الدفاع التركي يشار غولر استقبل رئيس الأركان الليبي محمد على الحداد في أنقرة الثلاثاء غداة موافقة البرلمان على تمديد بقاء القوات التركية بليبيا (الدفاع التركية-إكس)

وافق البرلمان التركي على تمديد مهمة القوات التركية في ليبيا لمدة عامين، بدءاً من 2 يناير (كانون الثاني) المقبل، وذلك بموجب مذكرة مقدَّمة من الرئاسة لمنح الرئيس رجب طيب إردوغان الصلاحية لتمديد بقاء القوات. في غضون ذلك، أجرى رئيس الأركان الليبي، محمد على الحداد، مباحثات في أنقرة، الثلاثاء، مع وزير الدفاع التركي يشار غولر، ورئيس الأركان سلجوق بيرقدار أوغلو، تناولت التعاون العسكري بين الجانبين.

وجاء في المذكرة، التي حملت توقيع إردوغان والتي قُدمت إلى البرلمان، الجمعة الماضي، أن «الجهود التي بدأتها ليبيا عقب أحداث فبراير (شباط) 2011 لبناء مؤسسات ديمقراطية، ذهبت سُدى بسبب النزاعات المسلّحة التي أدت إلى ظهور هيكلية إدارية مجزّأة في البلاد».

البرلمان التركي وافق على تمديد بقاء القوات في ليبيا لمدة عامين (الموقع الرسمي للبرلمان)

ولفتت المذكرة، التي أقرّها البرلمان، ليل الاثنين-الثلاثاء، بعد التصويت عليها، إلى توقيع اتفاق الصخيرات في المغرب، برعاية أممية، في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2015، بعد نحو عام من المفاوضات بين جميع الأطراف الليبية، بهدف إحلال وقف إطلاق النار، والحفاظ على وحدة أراضي البلاد.

دوافع بقاء القوات

ذكرت المذكرة أن الحكومة السابقة المعترَف بها دولياً (حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج)، طلبت، في أعقاب الهجمات التي شُنّت في أبريل (نيسان) 2019 على طرابلس بهدف الإطاحة بها، الدعم من تركيا في ديسمبر من العام نفسه. وأوضحت أن تركيا أرسلت قواتها إلى ليبيا، بموجب المادة 92 من الدستور، بتاريخ 2 يناير 2020، وجرى تمديد مهامّها آخِر مرة في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

كما ذكرت المذكرة أنه في الفترة اللاحقة، جرى وقف الهجمات والاضطرابات الداخلية، مما حالَ دون جرّ ليبيا إلى الفوضى وعدم الاستقرار، اللذين مِن شأنهما أن يشكلا خطراً أمنياً على تركيا والمنطقة بأكملها، وأعاد الهدوء إلى الأرض، ومهد الطريق لوقف إطلاق النار وعملية حوار سياسي تُيسرها «الأمم المتحدة» ويقودها الليبيون أنفسهم.

جانب من أحد التدريبات التي تنفذها القوات التركية للجنود في غرب ليبيا (الدفاع التركية)

ولفتت المذكرة إلى أن تركيا تُواصل دعمها القوي للجهود، التي تُيسّرها الأمم المتحدة، وفي إطار قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة والشرعية الدولية، والرامي إلى حماية سيادة ليبيا وسلامة أراضيها ووحدتها السياسية، وإرساء وقف دائم لإطلاق النار، وتعزيز الحوار السياسي لتحقيق المصالحة الوطنية، وإجراء انتخابات نزيهة وحُرة وشفافة في جميع أنحاء البلاد، مؤكدة أن عدم الاستقرار السياسي الراهن ومشاكل الحوكمة، الناجمة عن عدم القدرة على إجراء الانتخابات في ليبيا، يهدد بتقويض الهدوء الذي تحقَّق على أرض الواقع بفضل تضحيات جسيمة، ويُشكل عائقاً خطيراً أمام تحقيق استقرار دائم.

كما أشارت المذكرة إلى أن تركيا تُواصل تقديم الدعم التدريبي والاستشاري لليبيا، في إطار مذكرة التفاهم الخاصة بالتعاون الأمني ​​والعسكري الموقَّعة، (مع رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج في إسطنبول 27 نوفمبر 2019)، وأنها تسهم بنشاط في الحفاظ على الاستقرار والهدوء على الأرض.

مذكرة تعاون

أرسلت تركيا، بموجب مذكرة التفاهم، الآلاف من جنودها إلى جانب عناصر من فصائل مُوالية لها في سوريا، إلى غرب ليبيا، كما أقامت قواعد برية وبحرية وجوية ومركز عمليات مشترك في طرابلس، وتولت تدريب جنود ليبيين، سواء في داخل ليبيا أم في قواعد الجيش التركي.

إردوغان وقَّع مع السراج مذكرة تفاهم للتعاون العسكري بين تركيا وليبيا في إسطنبول عام 2019 (الرئاسة التركية)

وأكدت المذكرة أن منع تجدد النزاعات «أمر بالغ الأهمية» لإتمام المحادثات العسكرية والسياسية، التي تُجرى تحت رعاية «الأمم المتحدة». وشددت على أن المخاطر والتهديدات الناجمة عن الوضع في ليبيا لا تزال قائمة بالنسبة للمنطقة بأسرها، بما فيها تركيا، وأنه في حال تجدد النزاعات، فإن مصالح تركيا في حوض البحر المتوسط ​​وشمال أفريقيا ستتأثر سلباً.

في سياق ذلك، أكدت المذكرة أن الهدف من إرسال قوات تركية إلى ليبيا «هو حماية المصالح الوطنية في إطار القانون الدولي، واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة ضدّ المخاطر الأمنية، التي مصدرها جماعات مسلَّحة غير شرعية في ليبيا، والحفاظ على الأمن ضد المخاطر المحتملة الأخرى، مثل الهجرات الجماعية، وتقديم المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها الشعب الليبي، وتوفير الدعم اللازم للحكومة الشرعية في ليبيا.

مباحثات عسكرية

غداة إقرار تمديد بقاء القوات التركية في ليبيا، التقى رئيس الأركان العامة للجيش التركي، سلجوق بيرقدار أوغلو، نظيره الليبي محمد علي الحداد، في أنقرة.

جانب من مباحثات وزير الدفاع التركي ورئيس الأركان الليبي في أنقرة الثلاثاء (الدفاع التركية-إكس)

وسبَق ذلك لقاء بين الحداد ووزير الدفاع التركي يشار غولر، بحضور بيرقدار أوغلو وقائد القوات البرية متين توكال، حيث جرى بحث التعاون العسكري بين الجانبين.

وكان غولر قد أكد، في تصريحات، السبت، أن الجيش التركي يواصل أنشطته في ليبيا في مجالات التدريب العسكري، والدعم والتعاون والاستشارات، في إطار الهدف المتمثل في إقامة «ليبيا موحدة»، تنعم بوحدة أراضيها وتماسكها السياسي، وتعيش في أجواء من السلام والطمأنينة والاستقرار، مشيراً إلى تحقيق تقدم ملموس نحو هدف «ليبيا الموحدة»، بفضل الحوار والجهود، التي تنخرط فيها أنقرة مع جميع الأطراف الليبية، ضمن سياسة قائمة على مبادئ واضحة.


رئيس الوزراء السوداني يطرح «مبادرة سلام» أمام مجلس الأمن

رئيس وزراء السودان كامل إدريس (إ.ب.أ)
رئيس وزراء السودان كامل إدريس (إ.ب.أ)
TT

رئيس الوزراء السوداني يطرح «مبادرة سلام» أمام مجلس الأمن

رئيس وزراء السودان كامل إدريس (إ.ب.أ)
رئيس وزراء السودان كامل إدريس (إ.ب.أ)

قال رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس أمام مجلس الأمن الدولي الليلة الماضية إن السودان يواجه «أزمة وجودية» بسبب الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، مشيراً إلى أنها تسببت في كارثة إنسانية غير مسبوقة، وزعزعة الأمن الإقليمي.

وعرض إدريس أمام مجلس الأمن مبادرة الحكومة السودانية للسلام، قائلاً إنها تستند إلى المبادئ الدولية، وتتكامل مع المبادرة السعودية-المصرية.

نازحون يستقلون عربات تجرها حيوانات عقب هجمات من «الدعم السريع» على مخيم زمزم ببلدة طويلة شمال دارفور يوم 15 أبريل 2025 (أرشيفية - رويترز)

وقال إدريس في كلمته أمام مجلس الأمن إن المبادرة السودانية تتضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار تحت رقابة مشتركة من الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، مع انسحاب «قوات الدعم السريع» من كافة المناطق التي تحتلها.

كما تتضمن المبادرة تجميع مقاتلي «الدعم السريع» في «معسكرات محددة» تحت إشراف أممي، وعربي، وأفريقي، وتسهيل عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية، والعودة الطوعية للاجئين، فضلاً عن نزع سلاح «الدعم السريع» بمراقبة دولية، مع ضمانات بعدم إعادة تدوير الأسلحة، وفقاً لرئيس الوزراء السوداني.

عائلات سودانية نازحة من الفاشر تتواصل مع عمال الإغاثة خلال توزيعهم الإمدادات الغذائية بمخيم العفد في الضبعة بولاية شمال السودان الشهر الماضي (أ.ب)

وأوضح إدريس أن مبادرة الحكومة السودانية تتضمن أيضاً تدابير بشأن مساءلة عناصر «الدعم السريع» غير المتورطة في ارتكاب جرائم حرب، أو إبادة جماعية، أو انتهاكات لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى دمج أفرادها المستوفين للمعايير المحددة في القوات النظامية للحكومة السودانية.

وقال رئيس الوزراء السوداني إن المبادرة تشمل أيضاً عملية سياسية تشهد حواراً سودانياً خالصاً «تتفق فيه القوى السياسية على كيفية إدارة الدولة، وحكم البلاد»، تليها انتخابات بمراقبة دولية.


تباين مصري إزاء مقترح تشريعي جديد يُغلّظ عقوبة «سرقة الكهرباء»

تعديلات قانونية لمواجهة سرقة التيار الكهربائي في مصر (الشركة القابضة للكهرباء)
تعديلات قانونية لمواجهة سرقة التيار الكهربائي في مصر (الشركة القابضة للكهرباء)
TT

تباين مصري إزاء مقترح تشريعي جديد يُغلّظ عقوبة «سرقة الكهرباء»

تعديلات قانونية لمواجهة سرقة التيار الكهربائي في مصر (الشركة القابضة للكهرباء)
تعديلات قانونية لمواجهة سرقة التيار الكهربائي في مصر (الشركة القابضة للكهرباء)

تسبّب مقترح تشريعي لتغليظ عقوبة سرقة التيار الكهربائي في مصر، في حالة جدل واسعة، بين من يصف التعديل التشريعي الذي قدمته الحكومة وأقره مجلس الشيوخ بـ«الرادع»، وآخرين يرون العقوبات «غير مناسبة لكل الحالات».

وسرقة الكهرباء تعني الحصول على وصلات غير شرعية من المصدر الرئيسي للطاقة في الحي الذي يقطن فيه سارق التيار، أو باستهلاك الكهرباء دون عداد، أو أن يُركب المواطن عداداً ثم يتلاعب فيه بحيث لا يحسب قيمة استهلاكه الفعلي.

وكان مجلس الشيوخ (الغرفة البرلمانية الثانية) قد وافق، الأحد، على مشروع القانون الذي أحاله مجلس النواب إليه في وقت سابق. وينتظر المشروع مجلس النواب (البرلمان) الجديد، المفترض انعقاده في يناير (كانون الثاني) المقبل، للنظر فيه بعد مناقشته في مجلس الشيوخ، والأخير رأيه استشاري.

مجلس الشيوخ المصري يقر تعديلات لتغليظ عقوبة سرقة التيار الكهربائي في مصر (وزارة الشؤون النيابية)

وبموجب التعديلات المقترحة على القانون رقم 87 لسنة 2015، تُغلّظ عقوبة تسهيل سرقة التيار الكهربائي أو التستر عليها للعاملين في الكهرباء من «الحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر، وغرامة لا تزيد على 50 ألف جنيه (الدولار يساوي نحو 48 جنيهاً)، أو إحدى هاتَين العقوبتَين» إلى «الحبس مدة لا تقل عن عام، وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، أو إحدى هاتَين العقوبتَين».

وتغلّظ التعديلات عقوبة سرقة التيار إلى «الحبس مدة لا تقل عن عام وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه أو إحدى هاتَين العقوبتَين»، بديلاً عن «الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد على سنتَين، وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه أو إحدى هاتَين العقوبتَين».

وانتقد عضو مجلس الشيوخ، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، ناجي الشهابي، التعديلات الأخيرة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «التعديل يساوي بين من يصل التيار الكهربائي إليه مضطراً في منزله، لعدم وصول الخطوط الشرعية مثلاً إلى منطقته، ومن يستولي عليه في مصنع أو نشاط تجاري، وهو أمر يفتقر إلى العدالة العقابية».

وأضاف الشهابي أنه طالب خلال الجلسة بالتميز في العقوبة بين المخالفة وما إذا كانت تقع في نطاق سكني أم تجاري أم صناعي، لكن الأغلبية وافقت على التعديلات.

وسجل عدد من النواب الاعتراض ذاته خلال الجلسة، الأحد. وقال رئيس الهيئة البرلمانية للحزب «المصري الديمقراطي» في مجلس الشيوخ، محمد طه عليوة، إن «المشروع قد يفتح الباب لفرض غرامات مالية مبالغ فيها، على مواطن بسيط في قرية أو عزبة لا يملك سوى مصباحين وثلاجة»، وفق بيان للحزب، الاثنين.

وأشار عليوة إلى أن «العدالة التشريعية تقتضي التفرقة بين سرقة التيار على نطاق واسع، وحالات الاستهلاك المحدود أو غير المقصود».

في المقابل، تدافع الحكومة عن التعديلات مع استحداث مادة خاصة بالتصالح مقابل دفع ضعفَي قيمة الاستهلاك إذا تم التصالح قبل رفع الدعوى القضائية، وثلاثة أضعافه بعد رفعها، و4 أضعاف بعد صدور الحكم.

واستناداً إلى هذه المادة أكد وزير الشؤون النيابية، محمود فوزي، أن هدف الحكومة ليس توقيع العقوبة على المخالفين، قائلاً خلال مداخلة مع برنامج «الصورة» مع الإعلامية لميس الحديدي، مساء الأحد: «لا نريد أن يذهب أحد إلى المحكمة ولا توقيع عقوبات، نريد التصالح فهو الأسرع والأفضل والأكثر تحقيقاً للعدالة».

وزير الشؤون النيابية خلال جلسة مناقشة تعديلات قانون الكهرباء في مجلس الشيوخ (وزارة الشؤون النيابية والتواصل السياسي)

الأمر نفسه كرره عضو مجلس الشيوخ عن حزب «مستقبل وطن»، عصام هلال عفيفي، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «التعديلات قُدمت بصورة ذهنية سلبية، في حين أنها تأتي في صالح المواطن الملتزم»، لافتاً إلى ما كان يحدث في السنوات الماضية من انقطاعات مستمرة في التيار، واستطاعت الحكومة التغلب عليه، فالقانون يهدف إلى «الحفاظ على هذا المرفق بدوامه واستدامته، خصوصاً أنه يرتبط بأي تنمية».

وكثيراً ما ربطت الحكومة بين أزمة انقطاعات التيار الكهربي وسرقة التيار. وسبق أن علّق رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، على السرقات المضبوطة، قائلاً، في سبتمبر (أيلول) 2024: «لو نصف هذه السرقات لم تكن موجودة، فلن تكون هناك مشكلة في أي شيء، ولن نحتاج إلى تدبير موارد إضافية للكهرباء».

وأضاف عفيفي: «نتحدث عن العقوبة وننسى أنها مرحلة تالية، لا نريد لأحد أن يُعاقب وإنما أن يكون الكل ملتزماً، ومن يأتي بهذا الجرم توجد فرصة له أن يتصالح»، مشدداً على أهمية هذا القانون في ظل الفقد الكبير في الكهرباء نتيجة السرقة.

وتبلغ نسبة الفقد في الكهرباء «20 في المائة من إجمالي الإنتاج، وينقسم إلى جزء فني طبيعي، وآخر ناتج عن السرقات يتخطى تأثيره المالي حاجز 22 مليار جنيه»، وفق نائبة وزير الكهرباء، صباح مشالي، قائلة خلال جلسة «الشيوخ» الأحد، إن «مشروع القانون الجديد لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة متابعة دقيقة للممارسات الميدانية الضارة بالشبكة القومية»، لافتة إلى تحرير نحو 3.4 مليون محضر سرقة للتيار، وفق بيان لوزارة الشؤون النيابية.

ورغم ذلك، ينتقد عضو مجلس النواب (البرلمان) إيهاب منصور، توجه الحكومة إلى «تغليظ العقوبات دون العمل على التوعية»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «البعض لا يعلم أن ما يقوم به مخالف أو تقع بناء عليه هذه العقوبات، والحكومة لا يوجد في قاموسها فكرة التوعية وإنما تهدف إلى تحصيل الأموال».

وخلافه تؤيد عضوة مجلس النواب (البرلمان) فريدة الشوباشي، سياسة «الردع»، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المُخجل أن نكون دولة تعمل على تنمية مواردها وما زلنا نتحدث عن سرقة الكهرباء... من يرتكب جُرم فعليه أن يُحاسب عليه».