جدد حادث التحرش بعدد من الفتيات كن يقدن سيارة عبر «طريق الواحات»، بمحيط مدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة المصرية، الحديث عن قضايا التحرش في مصر، وسادت حالة من الغضب على «السوشيال ميديا»، وتصدّر الحادث الترند مع إشارات لضرورة مواجهة تلك الظاهرة بقوة.
وتضمن الحادث قيام 3 شباب كانوا يقودون 3 سيارات أخرى بمطاردة الفتيات على الطريق بشكل شديد الخطورة، مما أدى لاصطدام سيارة الفتيات بشاحنة، وقام أحد المواطنين بتصوير الحادث، وانتشر الفيديو بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعدّ نشطاء الواقعة بمثابة «دليل جديد على استهتار البعض بأرواح الآخرين من خلال مطاردات عبثية لإشباع رغبتهم المريضة في الاستعراض»، مطالبين بـ«حساب المتورطين في تلك الواقعة بصرامة وحسم حتى يكونوا عبرة»، على حد تعبير بعض المتابعين.
واستنكر الدكتور هشام ربيع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، «محاولة البعض تبرير تلك الجريمة بأن ملابس الفتيات لم تكن شديدة الاحتشام»، واصفاً هذا التبرير بأنه «مسوغ شيطاني»، على وحد وصفه.
وأكد في منشور عبر صفحته بموقع «فيسبوك» أن «التحرش بالقول أو الفِعْل جريمةٌ محَرمة شرعاً، وكبيرةٌ مِن الكبائر؛ لما فيه مِن الاستطالة على الحرمات والأعراض»، لافتاً إلى أن «قصر التهمَة في جريمة التحرش على نوع ملابس المرأة هو تبرير واهم لا يَصْدُر إلَّا عن ذوي النفوس المريضة والأهواء الدنيئة».
واعتبر الكاتب والباحث الدكتور خالد منتصر أن «بعض ردود الفعل حول الحادث تكشف عن ثقافة ذكورية تعكس نفاقاً اجتماعياً مريضاً»، لافتاً في تعليق عبر «فيسبوك» إلى أن «البعض ما زال يمارس (سياسة لوم الضحية) ويصنع مزايدات أخلاقية مكشوفة».
وقامت فتاتان بتقديم بلاغ بينما لم تقم صديقة لهما بتحرير المحضر. وقالت وزارة الداخلية إنه «من خلال تتبع كاميرات المراقبة وفحص البلاغ المقدم من إحدى الفتاتين، تم تحديد هوية المتهمين، حيث تبيّن أنهم ثلاثة طلاب، أحدهم يعمل سائقاً بإحدى شركات النقل الذكي، وبالقبض عليهم ومواجهتهم بالأدلة، اعترفوا بارتكاب الواقعة على النحو الذي ظهر في الفيديو».
وأضافت الوزارة، في بيان رسمي، أنه «خلال استجوابهم، أقر المتهمون بأنهم لاحقوا سيارة الفتاتين بغرض المعاكسة، وأنهم حاولوا إجبارهما على التوقف بالقوة، مما أدى إلى وقوع الحادث».
ومن ناحيتها، قررت النيابة العامة حبس المتهمين 4 أيام على ذمة التحقيقات، كما أمرت بـ«عرضهم على مصلحة الطب الشرعي لأخذ عينة من الدم لإجراء تحليل مخدرات؛ لبيان ما إذا كان أي أحد منهم يتعاطى أي مخدر من عدمه»، كما طالبت بـ«سرعة الحصول على تحريات المباحث النهائية بشأن الواقعة».
ويرى أستاذ الطب النفسي، الدكتور محمد طه، أن «ظاهرة التحرش الجنسي بالمرأة في المجتمعات الشرقية هي محصلة أفكار ومعتقدات عديدة تمارس الوصاية بحق حواء وتختصرها في الجسد وتسوغ انتهاك حقوقها وتبرر ضربها وتعنيفها»، لافتاً في تعليق عبر «فيسبوك» إلى أن «علاج تلك الظاهرة يتطلب العودة بشكل جذري إلى الأسباب العميقة الدفينة وهو ما سوف يحتاج إلى سنوات طويلة».
ويصف الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، التحرش بأنه «جريمة متكاملة الأركان»، ويشير إلى أن منبعها «النظرة المتدنية للمرأة والتي تعتبرها غنيمة مستباحة يحق للذكر التنكيل بها كما يشاء»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «التطبيق غير الحازم لقوانين عقوبات التحرش، والمدى الزمني الكبير الذي يستغرقه التقاضي في هذه النوعية من البلاغات، يسهمان في توغل الظاهرة وانتشارها».
وتلقى مكتب شكاوى المجلس القومي للمرأة المصرية عام 2023 نحو 3205 شكاوى تتعلق بالعنف الجسدي ضد المرأة، «بما في ذلك التحرش والاغتصاب، وهتك العرض والضرب والاختطاف والختان وإسقاط الحبلى»، بحسب إحصائية رسمية للمجلس.
وطبقاً لقانون العقوبات المصري، فإن جريمة التحرش الجنسي تعرّف بأنها «كل فعل أو قول أو إشارة ذات مدلول جنسي، يمس جسد أو عرض أو حياء الشخص الآخر، سواء كان ذلك في مكان عام أو خاص، أو عبر وسائل الاتصال المختلفة، بما في ذلك وسائل التقنية الحديثة».
وتعاقب المادة الـ306 مكرر من قانون العقوبات بـ«الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تتجاوز سنتين، وبغرامة لا تقل عن 3 آلاف جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعرض لفتاة وقام بمعاكستها، أما إذا اقترنت الواقعة بأفعال ترقى إلى التحرش الجنسي، فإن العقوبة قد تصل إلى 5 سنوات».
وتحفل الذاكرة المصرية بعدد من الوقائع الصادمة على صعيد التحرش الجنسي، أبرزها قضية «فتاة العتبة» عام 1992 والتي تعرضت لاعتداء في ميدان «العتبة» بالقاهرة، ثم التحرش بالفنانة دينا في أثناء حضورها العرض الافتتاحي لفيلمها «عليا الطرب بالتلاتة» بإحدى دور العرض وسط القاهرة 2006.




