كيف سارت القمم السابقة بين ترمب وبوتين... وما الذي نتوقعه هذه المرة؟

جانب من لقاء بوتين بترمب في هيلسينكي يوم 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
جانب من لقاء بوتين بترمب في هيلسينكي يوم 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

كيف سارت القمم السابقة بين ترمب وبوتين... وما الذي نتوقعه هذه المرة؟

جانب من لقاء بوتين بترمب في هيلسينكي يوم 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
جانب من لقاء بوتين بترمب في هيلسينكي يوم 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

وصفت «هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)» القمة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، التي تُعقد في ولاية ألاسكا، اليوم (الجمعة)، بأنها لحظة فارقة في السياسة العالمية تُذكّر بالعديد من الاجتماعات السابقة التي لا تُنسى.

وأضافت أن هذه الأحداث لطالما تصدّرت عناوين الأخبار الرئيسية، إلى جانب لمحات من العلاقة الشخصية المثيرة للاهتمام وغير المتوقَّعة، التي تُراقب بدقة بين الرئيسين.

صورة مدمجة تجمع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

وذكرت أن إعادة النظر في الصور تُقدّم دلائل على كيفية تعاملهما مع لقائهما المباشر، اليوم، في ألاسكا، حيث سيناقشان إنهاء الحرب في أوكرانيا.

وقالت: «يتبع الرئيسان نهجَين مختلفين تماماً في الاجتماعات الخاصة، وفقاً لمسؤولين سابقين تعاملوا مع أحدهما أو كليهما خلف الأبواب المغلقة».

وذكرت أن اجتماعهما الأول عُقد، في يوليو (تموز) 2017، خلال قمة «مجموعة العشرين» في ألمانيا، وكان ذلك بعد أشهر قليلة من دخول ترمب البيت الأبيض، بينما كان بوتين يتمتع بخبرة سياسية تمتد لعقود.

وأمام كاميرات العالم، تبادل الرجلان كلمات دافئة ومصافحة ودية، مما مهَّد الطريق لعلاقة سادها الاحترام بشكل عام.

وفي السنوات التالية، عبّر الرجلان عن إعجابهما المتبادل، رغم أن ترمب صرّح مؤخراً لـ«هيئة الإذاعة البريطانية» بأنه «يشعر بخيبة أمل» من بوتين بسبب إراقة الدماء في أوكرانيا.

وفي الواقع، طُرحت قضية أوكرانيا في ذلك الاجتماع الأول، عندما سلّط ترمب الضوء على جهود روسيا لزعزعة استقرار جارتها.

وقبل ثلاث سنوات، كانت موسكو قد ضمّت شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني.

وذكرت «بي بي سي» أنه مع دخول غزو بوتين لأوكرانيا عامه الرابع، يتطلع ترمب إلى لعب دور صانع السلام، من خلال التفاوض على وقف إطلاق النار.

جانب من لقاء بوتين بترمب وزوجته ميلانيا في هيلسينكي يوم 16 يوليو 2018 (أ.ب)

وقال ترمب، يوم الأربعاء، إنه ستكون هناك «عواقب وخيمة للغاية»، إذا لم يوافق الرئيس الروسي على إنهاء الحرب. وفي أحيان أخرى، اتخذ نبرة أكثر هدوءاً، وقال إنه يتصور أن الاجتماع سيكون «مجرد تمرين استطلاعي».

ولفتت إلى أن ترمب التقى بوتين وجهاً لوجه مجدداً في عام 2017، في منتدى اقتصادي بفيتنام، وقد صُوِّرا وهما يتحدثان مع قادة عالميين آخرين. وفي إحدى الصور، بدا أن بوتين يتحدث مباشرةً في أذن نظيره.

ويُدرك ترمب قدرة بوتين على السيطرة على المحادثات، بحواراته المطوَّلة والسريعة، مما لا يمنح المتحدثين معه سوى فرص قليلة للرد، وفقاً لدبلوماسيين وصفوا أسلوب الرئيس الروسي لـ«هيئة الإذاعة البريطانية».

وعلّق السير لوري بريستو، سفير المملكة المتحدة السابق لدى روسيا، قائلاً: «كل شيء في الاجتماعات مع بوتين يدور حول السلطة: من يتحكم في التوقيت والمضمون وجدول الأعمال والنبرة. والنقطة المهمة أنك لا تعرف أبداً ما ستحصل عليه».

ونتيجة لذلك، قال: «قد يجد المترجمون الفوريون صعوبة في مواكبة الحديث»، وكان من الضروري من وجهة نظر ترمب أن يحضر مترجماً فورياً خاصاً به.

ويُزعم أن مبعوث ترمب، ستيف ويتكوف، اعتمد على مترجمين من الكرملين خلال اجتماع خاص به في وقت سابق من هذا العام.

واتفقت فيونا هيل، مساعدة ترمب السابقة، مع السير لوري، مستذكرةً في مقابلة مع صحيفة «تلغراف» تجاربها الشخصية في التعامل مع بوتين: «إنه يسخر من ترمب بالفعل. يستخدم اللغة الروسية بطريقة قد تكون ساخرة ومثيرة للسخرية، وهي تضيع تماماً في الترجمة».

ووفقاً لـ«بي بي سي»، لعل أبرز مظاهر الود العلنية بين ترمب وبوتين عندما التقيا في محادثات مغلقة في هلسنكي، فنلندا، يوليو 2018.

ودافع ترمب عن روسيا في مواجهة اتهامات التدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016، وانحاز إلى بوتين في تقييمات وكالاته الاستخباراتية، وقد أكسبته هذه الخطوة إدانة من مختلف الأطراف في الولايات المتحدة.

كما أسفر اجتماع هلسنكي عن صورة غير رسمية لا تُنسى لبوتين وهو يُهدي ترمب كرة قدم من كأس العالم للرجال الأخيرة، التي استضافتها روسيا.

وكانت هذه اللفتات من جانب بوتين دائماً مدروسة بعناية، وفقاً للسير توني برينتون، وهو سفير بريطاني سابق لدى روسيا.

جانب من لقاء ترمب ببوتين في هلسنكي يوم 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

ويتذكر السير توني أن بوتين أظهر «لباقة روسية أصيلة» خلال الاجتماعات التي حضرها في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، رغم وجود قدر من التحفّظ الكامن في ذلك، ولم يكن يوماً شخصاً عفوياً.

وأضاف: «كرات القدم والابتسامات والنكات وما شابه ذلك... ليس بطبيعته شخصاً يُرحب بالجميع، لكنه يجتهد في ذلك عندما يرى أن الأمر مهم للعلاقة».

والتقى الرجلان في قمم «مجموعة العشرين» بالأرجنتين، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، وفي اليابان، في يونيو (حزيران) 2019.

وحضر جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق لترمب، الذي اختلف معه لاحقاً، هذه القمة، وصرّح لـ«بي بي سي» بأنه اندهش من اختلاف مواقف الرجلين تجاه التفاصيل، وعزاه إلى تدريب بوتين في جهاز الاستخبارات السوفياتي.

وقال عن بوتين: «لم أره قط إلا مستعداً، هادئاً جداً، ومنطقياً جداً في عرضه، وأعتقد أن هذا جزء من تدريبه في الاستخبارات السوفياتية».

وعلى النقيض من ذلك، قال بولتون إن «أسلوب ترمب في الاجتماعات الخاصة كان مشابهاً لمؤتمراته الصحافية العلنية، حيث كان يميل إلى الإدلاء بتصريحات غير مباشرة قد تفاجئ حتى مساعديه، ولا يُعِدّ لها جيداً، لأنه لا يعتقد أنه بحاجة إلى ذلك. ولا يعتقد أنه بحاجة إلى المعلومات الأساسية، وأنا متأكد من أنهم يُعِدّون مواد إحاطية كما فعلنا دائماً، لكنه لن يقرأها».

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

قال بولتون إن ترمب كان يعتقد أن علاقة شخصية سليمة مع زعيم آخر تعني علاقة سليمة بين الدولتين – وبوتين كان يعلم ذلك، وسيستخدم تدريبه في المخابرات السوفياتية لمحاولة التلاعب بترمب. لقد فعل ذلك من قبل وسيفعله مرة أخرى.

وقلّل ترمب نفسه من شأن التوقعات قبل قمة يوم الجمعة في ألاسكا، مُعلّقاً: «أعتقد أنها ستكون جيدة، لكنها قد تكون سيئة».


مقالات ذات صلة

رئيس المجلس الأوروبي يتهم موسكو بالوقوف وراء تحليق المسيّرات في آيرلندا

أوروبا رئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا (أ.ف.ب)

رئيس المجلس الأوروبي يتهم موسكو بالوقوف وراء تحليق المسيّرات في آيرلندا

اتهم رئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا روسيا الثلاثاء بالوقوف وراء الطائرات المسيرة التي رصدت أثناء وصول طائرة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى آيرلندا.

«الشرق الأوسط» (دبلن)
أوروبا مسؤول أوكراني يقول إن السكان سيواجهون شتاء «أكثر قسوة» بسبب القصف الروسي (أ.ف.ب)

مدير أكبر شركة غاز في أوكرانيا يحذّر من «شتاء أكثر قسوة» بسبب روسيا

حذّر مسؤول في قطاع الطاقة بأوكرانيا، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، من أن السكان سيواجهون شتاء «أكثر قسوة» بسبب القصف الروسي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي (د.ب.أ) play-circle

تقرير: ترمب يمهل زيلينسكي أياماً للرد على المقترح الأميركي للسلام

أوردت صحيفة «فايننشال تايمز»، اليوم الثلاثاء، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمهل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أياماً للرد على المقترح الأميركي للسلام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - كييف)
الولايات المتحدة​ قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني عند مدخل مقر رئاسة الوزراء البريطانية في لندن الاثنين (أ.ف.ب) play-circle

اتساع الهوّة بين كييف وواشنطن وتعقيدات أوروبية تُربك مستقبل خطة ترمب لوقف الحرب

زيلينسكي يصل إلى روما لمناقشة خطة ترمب بشأن أوكرانيا مع اتساع الهوّة بين كييف وواشنطن وتعقيدات أوروبية تُربك المشهد السياسي على ضفتي الأطلسي.

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا وزارة الطاقة الأوكرانية تقول إن ما يقرب من نصف سكان العاصمة كييف يعانون من انقطاع التيار الكهربائي (د.ب.أ)

أوكرانيا: نصف سكان كييف بلا كهرباء بعد هجمات روسية

قالت وزارة الطاقة الأوكرانية، الثلاثاء، إن ما يقرب من نصف سكان العاصمة الأوكرانية كييف يعانون من انقطاع التيار الكهربائي بعد سلسلة من الهجمات الروسية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

مقتل شخص وإصابة آخر في إطلاق نار بجامعة ولاية كنتاكي الأميركية

سيارة شرطة في حرم جامعة ولاية كنتاكي بعد إطلاق النار (ا.ب)
سيارة شرطة في حرم جامعة ولاية كنتاكي بعد إطلاق النار (ا.ب)
TT

مقتل شخص وإصابة آخر في إطلاق نار بجامعة ولاية كنتاكي الأميركية

سيارة شرطة في حرم جامعة ولاية كنتاكي بعد إطلاق النار (ا.ب)
سيارة شرطة في حرم جامعة ولاية كنتاكي بعد إطلاق النار (ا.ب)

قُتل شخص وأصيب آخر بجروح خطيرة، الثلاثاء، في إطلاق نار بجامعة ولاية كنتاكي الأميركية، بحسب ما أعلنته الشرطة المحلية، مشيرة إلى أنها احتجزت من يُشتبه بأنه المهاجم.

وقالت السلطات على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرطة المحلية في فرانكفورت، عاصمة الولاية، ومسؤولي المقاطعة قاموا بتأمين الحرم الجامعي بعد فترة وجيزة من ورود تقارير عن وجود مطلق نار نشط. ولم يقدم قسم شرطة فرانكفورت مزيداً من التفاصيل.

ورفض متحدث باسم جامعة ولاية كنتاكي، وهي جامعة تاريخية للسود، التعليق، لكنه قال إن الجامعة ستصدر بياناً في وقت لاحق اليوم.

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، نقلاً عن متحدث باسم الجامعة، أن المشتبه به لم يكن طالباً، لكن القتيل والمصاب طالبان، وأن إطلاق النار وقع خارج السكن الجامعي.


تقرير: ترمب يمهل زيلينسكي أياماً للرد على المقترح الأميركي للسلام

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي (د.ب.أ)
TT

تقرير: ترمب يمهل زيلينسكي أياماً للرد على المقترح الأميركي للسلام

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي (د.ب.أ)

ذكرت صحيفة «فايننشال تايمز»، اليوم الثلاثاء، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمهل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أياماً للرد على المقترح الأميركي للسلام، الذي يطالب أوكرانيا بقبول التخلي عن أراض في مقابل ضمانات أمنية أميركية غير محددة.

وأضافت الصحيفة نقلاً عن مصادر مطلعة أن الرئيس الأوكراني أبلغ نظراءه الأوروبيين بأنه تعرض لضغوط، خلال مكالمة هاتفية استمرت ساعتين، السبت، مع المبعوث الخاص لترمب، ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي، جاريد كوشنر، لاتخاذ قرار سريع.

وقال مصدر مطلع إن ترمب يأمل في التوصل إلى اتفاق «بحلول عيد الميلاد».

وأفاد المسؤولون بأن زيلينسكي أبلغ المبعوثين الأميركيين أنه يحتاج إلى وقت للتشاور مع الحلفاء الأوروبيين الآخرين قبل الرد على اقتراح واشنطن، الذي تخشى كييف أن يُضعف الوحدة الغربية إذا مضت الولايات المتحدة قدماً دون موافقة أوروبية.

وفي مقابلة مع «بوليتيكو»، نشرت اليوم، شن الرئيس الأميركي هجوماً على أوروبا، واصفاً إياها بأنها مجموعة دول «متحللة» يقودها «أشخاص ضعفاء».

وقلل ترمب من شأن الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، متهماً إياهم بالفشل في ضبط الهجرة، وإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، كما لمح إلى أنه سيؤيد مرشحين سياسيين أوروبيين ينسجمون مع رؤيته الخاصة للقارة.

ولم يقدم ترمب أي تطمينات للأوروبيين بشأن الصراع بين روسيا وأوكرانيا، بل أعلن أن روسيا في موقف أقوى بوضوح. وفي تحد جديد للرئيس الأوكراني، الذي يواجه فضيحة فساد في بلاده، جدد ترمب دعوته لأوكرانيا إلى إجراء انتخابات جديدة.


ترمب: تشدد في ملفات أميركا اللاتينية وتفاؤل اقتصادي

صورة جماعية في البيت الأبيض تضم الرئيسين دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين 18 أغسطس 2025 بمناسبة محادثات حول أوكرانيا (رويترز)
صورة جماعية في البيت الأبيض تضم الرئيسين دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين 18 أغسطس 2025 بمناسبة محادثات حول أوكرانيا (رويترز)
TT

ترمب: تشدد في ملفات أميركا اللاتينية وتفاؤل اقتصادي

صورة جماعية في البيت الأبيض تضم الرئيسين دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين 18 أغسطس 2025 بمناسبة محادثات حول أوكرانيا (رويترز)
صورة جماعية في البيت الأبيض تضم الرئيسين دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين 18 أغسطس 2025 بمناسبة محادثات حول أوكرانيا (رويترز)

قدّم الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مقابلة موسعة مع صحيفة «بوليتيكو» رؤية متشابكة تجمع بين التصعيد الخارجي والوعود الاقتصادية والتردد في ملفات الصحة، إلى جانب رهان كبير على المحكمة العليا لتنفيذ أجندته الداخلية. وبدا ترمب في حديثه عازماً على تثبيت صورة الرئيس الحازم، وإن جاءت تصريحاته محمّلة بقدر من التناقض والغموض في أكثر من محور.

في الشق المتعلق بأميركا اللاتينية، أكد ترمب أنه رغم سعيه إلى ما سماه «أجندة سلام» عالمية، فإنه مستعد لتوسيع نطاق العمليات العسكرية ضد ما وصفه بـ«أهداف مرتبطة بتجارة المخدرات». وقد نشر بالفعل قوة عسكرية كبيرة في منطقة الكاريبي لملاحقة شبكات تهريب وإحكام الضغط على نظام نيكولاس مادورو في فنزويلا.

صورة مجمّعة للرئيسين الأميركي ترمب والفنزويلي مادورو (أ.ف.ب)

ورفض ترمب استبعاد خيار إرسال قوات برية لإسقاط حكومة مادورو، قائلاً: «لا أريد أن أحدد... ولا أريد الحديث عن الاستراتيجية العسكرية». هذا الغموض أثار تحذيرات داخل المعسكر المحافظ، حيث يرى بعض الجمهوريين أن تدخلاً برياً في فنزويلا سيخالف وعود ترمب بإنهاء الحروب الخارجية. وفي خطوة لافتة أخرى، أشار ترمب إلى أنه قد يستخدم القوة كذلك في المكسيك وكولومبيا، ما عزز المخاوف من توسع دائرة التوتر الإقليمي. كما دافع ببرود عن قراره المثير للجدل بالعفو عن الرئيس الهندوراسي السابق خوان أورلاندو هيرنانديز، المدان بتهريب المخدرات، مكتفياً بالقول إنه فعل ذلك بناءً على طلب «أشخاص جيدين جداً» من دون الكشف عنهم.

أوروبا «متحللة» يقودها «ضعفاء»

وشهدت أوروبا في الأيام الأخيرة حالة غضب عقب إصدار إدارة ترمب لاستراتيجية الأمن القومي الجديدة، التي تعهدت بمواجهة الوضع القائم في أوروبا بشأن الهجرة وغيرها من القضايا السياسية الحساسة.

شن الرئيس ترمب هجوماً على أوروبا، في مقابلة مع «بوليتيكو» نشرت الثلاثاء، واصفاً إياها بأنها مجموعة دول «متحللة» يقودها «أشخاص ضعفاء». وقلل ترمب من شأن الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، متهماً إياهم بالفشل في ضبط الهجرة، كما ألمح إلى أنه سيؤيد مرشحين سياسيين أوروبيين ينسجمون مع رؤيته الخاصة للقارة.

ترمب برفقة قادة أوروبيين لبحث حرب أوكرانيا في البيت الأبيض 18 أغسطس (رويترز)

وقال ترمب عن القادة السياسيين في أوروبا «أعتقد أنهم ضعفاء. لكني أعتقد أيضاً أنهم يريدون أن يكونوا شديدي الالتزام بما يسمى الصواب السياسي». وأضاف: «أظن أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون. أوروبا لا تعرف ماذا تفعل». وانتقد رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا إدارة ترمب بسبب استراتيجية الأمن القومي، وحث البيت الأبيض أمس على احترام سيادة أوروبا. وقال كوستا: «الحلفاء لا يهددون بالتدخل في الحياة الديمقراطية أو في الخيارات السياسية الداخلية لحلفائهم. إنهم يحترمونها».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشار الألماني فريدريش ميرتس لدى زيارة الأخير البيت الأبيض في يونيو الماضي (د.ب.أ)

غير أن ترمب لم يأبه بالانتقادات، وقال لـ«بوليتيكو» إنه سيواصل دعم مرشحيه المفضلين في الانتخابات الأوروبية، ولو على حساب إثارة حساسية شعوبها. وقال ترمب: «لقد أيدت أشخاصاً... لا يحبهم كثير من الأوروبيين. لقد أيدت فيكتور أوربان»، في إشارة إلى رئيس الوزراء المجري اليميني المتشدد الذي قال ترمب إنه معجب بسياساته في ضبط الحدود. وفي المقابلة، وصف الرئيس الأميركي مدناً مثل لندن وباريس بأنها ترزح تحت عبء الهجرة القادمة من الشرق الأوسط وأفريقيا، قائلاً إنه من دون تغيير في سياسة الحدود فإن بعض الدول الأوروبية «لن تبقى دولاً قابلة للاستمرار».

تفاؤل اقتصادي رغم الشكاوى

اقتصادياً، قدّم ترمب نفسه كرئيس حقق «نجاحاً هائلاً»، مانحاً إدارته تقييم «إيه بلس بلس بلس» (A+++) وألقى باللائمة على إدارة بايدن السابقة في ارتفاع الأسعار، قائلاً إنه «ورث فوضى كاملة». ورغم أنّ استطلاعات «بوليتيكو» تشير إلى أن نصف الأميركيين يرون تكلفة المعيشة في أسوأ مستوياتها، أصر ترمب على أن «الأسعار كلها تنخفض»، مؤكداً أنه قد يلجأ لإجراءات إضافية عبر الرسوم الجمركية للمساعدة في خفض الأسعار.

أنصار المعارضة الفنزويلية يشاركون في وقفة احتجاجية للمطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين الفنزويليين في بوغوتا بكولومبيا (رويترز)

كما لمّح إلى أنه سيجعل دعم خفض أسعار الفائدة شرطاً أساسياً لاختيار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي المقبل، وهو تصريح من شأنه أن يثير حساسية كبيرة لدى الأسواق وصناع السياسات.

في ملف الصحة، بدت ملامح الارتباك أو التردد واضحة. فالدعم الفيدرالي الإضافي لخطط التأمين الصحي ضمن «أوباما كير» سينتهي قريباً، ما ينذر بارتفاع كبير في أقساط عام 2026، لكن ترمب لم يقدّم موقفاً حاسماً بشأن تمديد هذه الإعفاءات مؤقتاً. وعندما سئل عن دعمه لتمديد محدود، قال فقط: «لا أعرف. سأرى»، قبل أن يهاجم الديمقراطيين متهماً إياهم بالكرم المفرط مع شركات التأمين. كما لم يقدّم مرة أخرى خطته الموعودة منذ سنوات لاستبدال «أوباما كير»، مكتفياً بعبارة عامة: «أريد تأميناً أفضل وبسعر أقل».

أما على صعيد المحكمة العليا، حيث يملك المحافظون أغلبية 6-3، فينتظر ترمب سلسلة أحكام مصيرية، أبرزها الطعن على حق المواطنة بالولادة. وقد قال إن منع المحكمة له من تغيير هذا الحق سيكون «مدمراً»، لكنه لم يوضح ما إذا كان سيسعى لسحب الجنسية من أشخاص ولدوا مواطنين وفق القانون الحالي. وعلى خلاف بعض الجمهوريين، أكد ترمب أنه لا يرغب برحيل القاضيين المحافظين المخضرمين سامويل أليتو وكلارنس توماس، قائلاً: «آمل أن يبقيا... إنهما رائعان».