العالم العربي: موجة حر تعكر الأجواء (صور)

بعض المدن لامست 50 درجة مئوية

توقعات بتكرار موجات الحرارة الشديدة بالمنطقة العربية الأيام المقبلة (أ.ب)
توقعات بتكرار موجات الحرارة الشديدة بالمنطقة العربية الأيام المقبلة (أ.ب)
TT

العالم العربي: موجة حر تعكر الأجواء (صور)

توقعات بتكرار موجات الحرارة الشديدة بالمنطقة العربية الأيام المقبلة (أ.ب)
توقعات بتكرار موجات الحرارة الشديدة بالمنطقة العربية الأيام المقبلة (أ.ب)

تجتاح موجة من الحر الشديد دولاً عربية، منذرة السكان بأيام حارة شديدة الرطوبة وليالٍ خانقة. ويشدد خبراء الطقس والمناخ على أن بعض هذه البلدان تشهد ظروف طقس قاسية جمعت ما بين ارتفاع قياسي في درجات الحرارة، وعواصف رملية كثيفة، وأمطار مفاجئة في بعض المناطق؛ ما أجبر الكثير من الناس على ملازمة منازلهم، وتسبب في تعطيل العديد من الأعمال الخارجية، وأدى إلى إيقاف بعض الفعاليات والأنشطة التي كان من المقرر إقامتها في الهواء الطلق.

ويشدد خبراء على الآثار النفسية السلبية للشعور بالحر الشديد، وتأثير ذلك على الحالة المزاجية للأفراد، وانعكاس ذلك على سلوكياتهم.

موجة ممتدة

في المملكة العربية السعودية تداخلت موجات الحرارة الشديدة مع الغبار والمطر في بعض المناطق. ونصحت هيئة الأرصاد السعودية المواطنين بعدم التعرض المباشر لأشعة الشمس وضرورة الإكثار من شرب المياه. كما تشير توقعات الأرصاد الجوية البحرينية إلى أن طقس البلاد سيكون حاراً ورطباً خلال الأيام المقبلة، وكذلك الحال في قطر؛ إذ أفادت الأرصاد الجوية هناك بأن الطقس حار إلى حار جداً مع بعض السحب. في حين حذرت الأرصاد الكويتية من توقعات طقس حار وحدوث موجة من الضباب.

توقعات بتكرار موجات الحرارة الشديدة بالمنطقة العربية الأيام المقبلة (أ.ب)

وفي مصر، أثرت كتل هوائية شديدة الحرارة على أغلب أنحاء البلاد؛ إذ سجلت القاهرة الكبرى الثلاثاء 40 درجة مئوية، في حين وصلت الحرارة في جنوب الصعيد إلى 47 درجة مئوية. وتوقعت الهيئة المصرية للأرصاد الجوية استمرار هذه الموجة حتى الجمعة، على أن تبلغ ذروتها الخميس مع ارتفاع نسب الرطوبة؛ ما يزيد من الإحساس بحرارة الطقس.

ودخل الأردن ذروة موجة حارة غير مسبوقة؛ إذ ارتفعت درجات الحرارة بمعدل فاق المعدلات الطبيعية التي تسود عادة هذا الوقت من العام بفارق يتراوح بين 10 و13 درجة مئوية. وسجلت العاصمة عمّان أكثر من 40 درجة لليوم الخامس على التوالي، في حين تقترب الحرارة في الأغوار والبحر الميت والعقبة من 50 درجة مئوية.

عراقيات يبردن أجسادهن بالماء بسبب الحرارة (أ.ب)

ودخل العراق، الاثنين، في موجة حر تقترب فيها درجات الحرارة من 50 درجة مئوية، وسط انقطاع شبه كامل للكهرباء في عدة محافظات.

وحذَّرت المديرية العامة للأرصاد الجوية في سوريا من استمرار الموجة شديدة الحرارة حتى الجمعة المقبل، وتوقعت في منشور عبر صفحتها على «فيسبوك» أن تتراوح درجات الحرارة بالمناطق الساحلية والمرتفعات الجبلية بين 34 و38 درجة مئوية، وفي المناطق الشرقية والجزيرة والبادية بين 45 و48 درجة مئوية، وفي المناطق الداخلية بين 42 و45 درجة مئوية، مشيرة إلى أن ارتفاع معدلات الرطوبة يزيد من الشعور بالحرارة.

درجات حرارة قاسية تعاني منها المنطقة العربية وأوروبا (أ.ب)

ويشهد لبنان موجة حر خانقة؛ إذ وصلت درجات الحرارة في بعض الأماكن إلى أكثر من 40 درجة مئوية، تحت وطأة الكتل الهوائية الحارة والرطبة مع درجات حرارة تفوق معدلاتها الموسمية بحدود 10 درجات في المناطق الجبلية والداخلية، كما تبقى نسبة الرطوبة مرتفعة على الساحل، حيث يزيد الشعور بالحر. ووفق هيئة الأرصاد الجوية في لبنان، فمن المتوقع أن تبدأ هذه الموجة في الانحسار تدريجياً ابتداءً من يوم الجمعة.

وعانى المغرب من حرارة شديدة يوم الثلاثاء؛ إذ صُنفت أربع من مدنه ضمن أكثر 15 مدينة حرارة على وجه الأرض، وفق أرقام منصة «Eldorado Weather» لتتبع الطقس.

كما سجلت الأحساء بالسعودية، والأهواز في إيران، وأبو سمرة في قطر، وأسوان في مصر، ارتفاعات وُصفت بأنها «مُزعجة» في درجات الحرارة، مما يُشير إلى موجة حرّ تمتد عبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ارتفاع معدلات الرطوبة

يفسر الدكتور محمد السيد شلتوت، أستاذ علوم البحار الفيزيائية والتغيرات المناخية في كلية العلوم بجامعة الإسكندرية في مصر، زيادة إحساسنا بالارتفاع الشديد في درجات الحرارة في أثناء هذه الموجة، بالزيادة الكبيرة في معدلات الرطوبة النسبية، قائلاً إن تراجع حركة الهواء هو ما أسهم في ذلك، بالإضافة إلى وجود مرتفع جوي في طبقات الجو العليا أدى إلى استمرار الزيادة في درجات الحرارة. وتوقع شلتوت تكرار مثل هذه الموجات في السنوات المقبلة بفعل ما حدث في المنطقة من تغيرات مناخية.

وكانت هيئة الأرصاد الجوية في مصر قد أعلنت قدوم موجة طقس شديد الحرارة والرطوبة، مشيرة إلى أنه من المتوقع استمرارها حتى نهاية الأسبوع الجاري. وأوضحت في تقرير صادر الثلاثاء تعرض البلاد لمرتفع جوي تسبب في زيادة نسبة الرطوبة، بالتزامن مع تأثير منخفض الهند الموسمي الذي يبلغ ذروته في شهر أغسطس (آب) من كل عام، مما ترتب عليه ارتفاع درجات الحرارة من 5 إلى 6 درجات، مقارنة بالقيم المسجلة في التوقيت نفسه من الأسبوع الماضي. ويعمل منخفض الهند الموسمي على زيادة معدلات الرطوبة النسبية لتتجاوز 95 في المائة، مما يزيد الإحساس بحرارة الطقس الشديدة.

تغيّر المزاج

يرى الدكتور أحمد عبد الله، أستاذ الطب النفسي المساعد في كلية الطب بجامعة الزقازيق، أن الحر يمكن النظر إليه كنوع من أنواع الضغوط. وكما هو الحال، فإن الضغوط أنواع مختلفة كالضغوط الاقتصادية والاجتماعية، ويمكن أن يكون هناك ضغوط طبيعية كالطقس مثلاً؛ فالطقس الحار يمكن النظر إليه على أنه نوع من الضغوط الطبيعية، مؤكداً أن استجابة الناس له تتفاوت من شخص إلى آخر؛ فقد يؤدي الشعور بالحر الشديد إلى بروز السلوكيات الضارة لدى الأفراد كالانفعال والاندفاعية وتغيّر المزاج.

يمني يلقي ابنه في مياه حمام السباحة (رويترز)

وتقول الدكتورة لينا الرياشي، أخصائية نفسية وأستاذة بالجامعة اللبنانية، إن الأبحاث العلمية تشير إلى أن الحر الشديد قد يرفع من مستويات التوتر ويزيد احتمال التصرفات الاندفاعية أو العدوانية، نتيجة ارتفاع الكورتيزول وإجهاد الجهاز العصبي. كما تقلل الحرارة المرتفعة من التركيز والانتباه وسرعة المعالجة الذهنية، مما يضعف القدرة على اتخاذ القرارات السليمة.

وتضيف أن موجات الحر مرتبطة بزيادة الشعور بالضيق، والقلق، وحتى الاكتئاب، خصوصاً إذا ترافقت مع قلة النوم.

وأوضحت أن الجسم يستهلك طاقة أكبر لتبريد نفسه، مما يزيد الإحساس بالإرهاق ويقلل الحافز للنشاط. وعادة ما تؤدي الليالي الحارة إلى نوم أقل جودة؛ ما ينعكس سلباً على المزاج والسلوك في اليوم التالي.

العراق شهد موجات حر شديدة الصيف الجاري (أ.ب)

وأكدت الرياشي أن هناك ارتباطاً مثبتاً علمياً بين ارتفاع درجات الحرارة وسوء المزاج، بل حتى زيادة السلوكيات الاندفاعية والانفعالية. فمن الناحية الفسيولوجية، يؤدي الحر إلى رفع معدل ضربات القلب ومستويات هرمون الكورتيزول، وهو ما يزيد الاستثارة الجسدية والشعور بالتوتر. كما يتأثر نشاط القشرة الجبهية الأمامية في الدماغ، وهي المسؤولة عن التحكم بالسلوك وضبط الانفعالات، مما يقلل قدرة الشخص على التهدئة أو التفكير المنطقي في المواقف الضاغطة؛ لذلك نلاحظ أن الأجواء الحارة قد تدفع بعض الأشخاص إلى الغضب أو التصرف باندفاع.


مقالات ذات صلة

القطب الشمالي يسجّل أعلى معدل حرارة سنوي بتاريخ السجلات

بيئة قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)

القطب الشمالي يسجّل أعلى معدل حرارة سنوي بتاريخ السجلات

سجّل العام المنصرم أكثر السنوات حرارة على الإطلاق في المنطقة القطبية الشمالية، وفق تقرير صادر عن وكالة أميركية مرجعية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم بحلول نهاية القرن لن يتبقى سوى 9 في المائة من الأنهار الجليدية (رويترز)

باحثون يتوقعون ذوبان آلاف الأنهر الجليدية سنوياً بحلول منتصف القرن

أظهرت دراسة حديثة أن آلاف الأنهر الجليدية ستختفي سنوياً خلال العقود المقبلة، ولن يتبقى منها سوى جزء ضئيل.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق يجد كثير من الأشخاص صعوبة في التكيف مع الطقس البارد (رويترز)

حيل بسيطة لزيادة شعورك بالدفء خلال الشتاء

هناك حيل بسيطة وفعّالة وغير مكلفة يمكن أن تساعدك على الشعور بالدفء خلال الشتاء

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الدراسة الأولى من نوعها تُثبت وجود صلة بين ارتفاع درجات الحرارة وتغير نشاط الحمض النووي في الثدييات البرية (رويترز)

دراسة: ارتفاع درجات الحرارة يظهر في الحمض النووي للدببة القطبية

أظهرت دراسة حديثة أن الدببة القطبية في إحدى أسرع مناطق القطب الشمالي ارتفاعاً في درجات الحرارة تُظهر تغيرات واضحة في سلوك حمضها النووي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك حفاظ مرضى القلب على صحتهم خلال الطقس البارد يُمثل تحدياً خاصاً (رويترز)

لمرضى القلب... 5 احتياطات ينبغي اتخاذها في الطقس البارد

إذا كنت تعاني من أمراض القلب، فإن الحفاظ على صحتك خلال الطقس البارد يُمثل تحدياً خاصاً.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«لون لا يموت»... معرض يستحضر الأساطير الشعبية في الريف المصري

إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«لون لا يموت»... معرض يستحضر الأساطير الشعبية في الريف المصري

إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

عبر أكثر من 100 لوحة في فن الجرافيك والرسم بالأبيض والأسود، وكذلك الأعمال الملونة التي ترصد تفاصيل الحياة الشعبية بالشارع المصري، استضاف متحف محمود مختار بالجزيرة (وسط القاهرة)، معرضاً استعاديّاً للفنان الراحل وحيد البلقاسي، الملقب بـ«شيخ الحفارين»، تضمن رصداً لأعماله وجانباً كبيراً من مسيرته الفنية.

المعرض الذي انطلق 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي ويستمر حتى 28 من الشهر نفسه في قاعتي «نهضة مصر» و«إيزيس» رصد مراحل فنية متنوعة للفنان الراحل، وبرزت خلاله فكرة الأسطورة الشعبية من خلال رموز بعينها رسمها ضمن اللوحات، مثل: العين الحارسة، والأجواء الأسطورية، للحكايات التي تتضمنها القرية المصرية.

وبينما تضمنت إحدى القاعات الأعمال الملونة والغرافيك المميز الذي قدمه الفنان وحيد البلقاسي، والتي تعبر عن الأسرة المصرية بكل ما تمثله من دفء وحميمية، كذلك ما يبدو فيها من ملامح غرائبية مثل القصص والحكايات الأسطورية التي يتغذى عليها الخيال الشعبي.

البورتريه الملون من أعمال الفنان وحيد البلقاسي (الشرق الأوسط)

ولد وحيد البلقاسي في محافظة كفر الشيخ (دلتا مصر) عام 1962، وتخرج في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، قسم الغرافيك عام 1986، واشتهر بأعماله في فن الغرافيك، وله عشرات المعارض الفردية والجماعية، كما أسس جماعة فنية باسم «بصمات»، وكان لها دور فاعل في الحياة الفنية عبر معارض وفعاليات متنوعة.

يقول عمار وحيد البلقاسي، منسق المعرض، نجل الفنان الراحل، إن المعرض يمثل تجربة مهمة لشيخ الحفارين وحيد البلقاسي، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «اختيار اسم المعرض للتأكيد على أن أعمال الفنان لا تموت وتظل خالدة للأبد، تحمل اسمه وتحيي أعماله الفنية»، وتابع: «قبل وفاة الفنان عام 2022 كان يتمنى أن يعرض هذه المجموعة المتنوعة من أعماله الفنية، بما فيها الحفر على الخشب في دار الأوبرا المصرية، واستطعنا أن نعرض من مجموعته 100 عمل فني تصوير، من بينها 30 عملاً فنياً بطول مترين وعرض 170 سنتمتراً، بالإضافة إلى مجموعة من الأعمال الصغيرة».

وأشار إلى أن الأعمال في مجملها ترصد القرية والحياة الريفية بمصر، وتتضمن موتيفات ورموزاً شعبية كثيرة تدل على الأصالة وعشقه للقرية والحياة الشعبية بكل ما تتضمنه من سحر وجمال.

ويصف الإعلامي المصري والفنان طارق عبد الفتاح معرض «لون لا يموت» بأنه «يعبر عن مسيرة الفنان وحيد البلقاسي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «أعدُّ الفنان الراحل فناناً عالمياً؛ لأنه جمع بين الإغراق في المحلية ومفردات التراث في لوحاته، واللوحات التي تنطق بالتعبيرية وتمثل الروح المصرية الأصيلة، واستخدم الأبيض والأسود في أغلب أعماله، لكن له مجموعة أعمال بالألوان مبهرة، ويظهر في أعماله مدى اهتمامه بالجمال والاحتفاء بالمرأة وبالمفردات الشعبية وتفاصيل القرية المصرية».

الفنان الراحل وحيد البلقاسي (الشرق الأوسط)

وتابع عبد الفتاح: «لوحات المعرض سواء الكبيرة، التي يصل ارتفاعها إلى مترين، أو الصغيرة، فيها طاقة تعبيرية تبهر المتلقي الذي ينجذب فوراً للتفاصيل الموجودة بها».

وإلى جانب أعماله الفنية المتميزة، فقد شارك وحيد البلقاسي في الحركة التشكيلية عبر أنشطة عدّة، وأُنتج فيلم تسجيلي عن مسيرته الفنية بعنوان «شيخ الحفارين»، من تأليف علي عفيفي، وإخراج علاء منصور، سجل رحلته الفنية وعلاقته بالقرية والمفردات التي استقى منها فنه.


«روح ومحبة»... احتفالات مصرية بأعياد الميلاد في «متحف الحضارة»

أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
TT

«روح ومحبة»... احتفالات مصرية بأعياد الميلاد في «متحف الحضارة»

أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)

تحت عنوان «روح ومحبة» أطلق المتحف القومي للحضارة المصرية احتفالية بمناسبة رأس السنة الميلادية وأعياد الميلاد المجيد، تضمّنت معرضاً أثرياً مؤقتاً يستمر لمدة شهرَين بالتعاون مع المتحف القبطي في القاهرة.

ورأى الرئيس التنفيذي للمتحف القومي للحضارة المصرية، الدكتور الطيب عباس، أن تنظيم هذا المعرض يأتي في إطار الدور الثقافي والمجتمعي الذي يضطلع به المتحف، مشيراً في بيان للمتحف، الجمعة، إلى أن رسالة المتحف لا تقتصر على عرض القطع الأثرية فحسب، بل تمتد إلى إبراز القيم الإنسانية والروحية التي أسهمت في تشكيل الهوية الحضارية لمصر عبر العصور. وأكد أن المعرض يعكس رسالة مصر التاريخية بوصفها حاضنة للتنوع الديني والثقافي، ومركزاً للتسامح والتعايش.

وافتُتح المتحف القومي للحضارة المصرية عام 2021 بالتزامن مع احتفالية «موكب المومياوات»، حيث نُقلت «المومياوات الملكية» من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة بالفسطاط، ويضم المتحف 1600 قطعة أثرية تحكي تاريخ مصر عبر العصور.

ويضم المعرض الأثري المؤقت مجموعة متميزة ونادرة من روائع الفن القبطي تُعرض لأول مرة، تشمل أيقونات ومخطوطات قبطية ومشغولات فنية كانت تُستخدم في الأديرة والكنائس، من أبرزها أيقونة لميلاد السيدة العذراء، ومنظر حجري يُجسّدها وهي تُرضع السيد المسيح، بما يعكس ثراء هذا التراث وقيمته الفنية والرمزية، وفق تصريحات للدكتورة نشوى جابر، نائبة الرئيس التنفيذي للمتحف القومي للحضارة المصرية.

وقالت، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعرض الأثري جاء بالتعاون مع المتحف القبطي، وهي المرة الثانية التي يتعاون فيها المتحف مع آخر، حيث تم التعاون من قبل مع المتحف الإسلامي خلال احتفالات المولد النبوي الشريف».

جانب من معرض أثري مؤقت بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)

وأكدت أن «القطع المعروضة فريدة من نوعها فلم تُعرض من قبل، ومن بينها 15 قطعة من المتحف القبطي، و8 قطع من متحف الحضارة، تعود إلى القرون الميلادية الأولى»، وأهم القطع التي تضمنها المعرض وفق نائب الرئيس التنفيذي للمتحف «أيقونة ميلاد السيدة العذراء نفسها، فالشائع والمنتشر هي أيقونات ميلاد السيد المسيح عليه السلام، ولكن من النادر وجود لوحة أيقونية تصور ميلاد السيدة العذراء. كما توجد قطعة حجرية منقوش عليها رسم للسيدة العذراء والسيد المسيح، وتُعدّ امتداداً للفن المصري القديم الذي كان يجسّد في لوحات مشابهة لإيزيس وهي تُرضع الطفل حورس».

من جانبه، أكد رئيس قطاع المتاحف في وزارة الآثار المصرية، الدكتور أحمد حميدة، أن «المعرض يُجسّد نموذجاً للتعاون المثمر بين المؤسسات الثقافية»، مشيراً إلى أن «اختيار السيدة العذراء مريم محوراً للمعرض يحمل دلالات إنسانية وروحية عميقة».

بينما أشارت مديرة المتحف القبطي، جيهان عاطف، إلى أن المعرض يُبرز تكامل الجهود بين المؤسسات الثقافية، لإظهار ثراء الموروث الحضاري المصري وتعدد روافده عبر مختلف الحقب التاريخية.

وحسب بيان للمتحف القومي للحضارة، تضمّنت الفعاليات الاحتفالية الكثير من الأنشطة، من بينها معرض للتصوير الفوتوغرافي، تضمن 22 صورة فوتوغرافية لاحتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية في مصر، وهو ما عدّته نائبة رئيس المتحف «ضمن خطة للربط بين الاحتفالات والأعياد الكبرى من جهة عرض القطع الأثرية التي تعبّر عنها، وكذلك توثيق مظاهرها الحديثة والمعاصرة وحضور هذه الأعياد ومظاهرها في الشارع المصري المعاصر للربط بين التاريخ والحاضر».

وشهدت الاحتفالية فعاليات فنية، مثل عروض لفرقة كورال «أغابي» التي قدمت مجموعة من الأغاني القبطية احتفاء بقيم المحبة والسلام، إلى جانب عروض لكورال الأناشيد بالتعاون مع كنيسة القديس بولس الرسول بمدينة العبور.

وتضمنت الاحتفالية أيضاً أنشطة تفاعلية متنوعة لتنفيذ أعمال فنية ورسم حي لأيقونات المعرض، وممارسة ألعاب تفاعلية، وتوزيع هدايا الميلاد.


شارع فيكتوري تحت بريستول… أسرار التاريخ تحت أقدامنا

يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
TT

شارع فيكتوري تحت بريستول… أسرار التاريخ تحت أقدامنا

يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)

كشفت مغامرة تاريخية جريئة عن وجود شارع فيكتوري كامل مدفون تحت إحدى المدن البريطانية، يضم محالاً تجارية وطريقاً قديماً، بعد أن قرر المؤرخ ديفيد ستيفنسون النزول إلى الأعماق لتوثيق ما عثر عليه بعدسته ومصباحه اليدوي.

على مدى سنوات، أثار الشارع الواقع أسفل منطقة «لورانس هيل» في مدينة بريستول قصصاً وشائعات عدّة، من بينها رواية عن رجل يُقال إنه سقط في حفرة بعد خروجه من إحدى الحانات ليجد نفسه فجأة في شارع «متجمد في الزمن». كما تحدثت الروايات عن بقايا واجهات محال قديمة ومصابيح غاز تعود للقرن الـ19، دون أن تتأكد صحتها.

ساعات طويلة من البحث كشفت عن زقاق يمتد تحت الأرض (إنستغرام)

لكن ستيفنسون تمكن من وضع حد للتكهنات، وعاد بمجموعة مذهلة من الصور التي أعادت إحياء ماضٍ ظل طي النسيان لعقود. ساعات طويلة من البحث كشفت عن زقاق يمتد تحت الأرض، يضم أقبية سرية وغرفاً مخفية، بينها ملهى ليلي تحت حانة «ذا باكهورس»، ومخزن استخدمه متعهدو دفن الموتى، وإسطبل قديم تابع لشركة «كو - أوب»، وموقع استُخدم ملجأً خلال الغارات الجوية في الحرب العالمية الثانية، بحسب صحيفة «ذا ميرور».

كما اكتشف ستيفنسون نفقاً تحت أحد المصارف أُغلق بعد محاولة اقتحام، وتعود أجزاء من هذه الممرات لأكثر من قرنين، إلى فترة إدارة عائلة هيراباث لمصنع الجعة المرتبط بحانة «ذا باكهورس إن»، الذي امتد من شارع «لينكولن» حتى شارع «داك ستريت».

في عام 1832، مر خط سكة حديد تجره الخيول عبر لورانس هيل، ومع توسع السكك الحديدية البخارية لاحقاً، طُمرت الحانة والمحلات المجاورة تحت الأرض بعد تشييد أقواس جديدة لدعم الطريق. باع ويليام هيراباث معظم ممتلكاته لشركة سكة الحديد مقابل 3 آلاف جنيه إسترليني، وبحلول عام 1879، رُفع مستوى الطريق واستُبدل الجسر الخشبي، ما أدى إلى اختفاء الحانة القديمة والمحلات تحت الطريق الجديد، في حين بُنيت الحانة الحالية مباشرة فوقها مع الاحتفاظ بالسلالم المؤدية إلى الموقع الأصلي.

بعد أكثر من عقدين، تذكَّر ستيفنسون مغامرته حين رفع شبكة حديدية وأنزل سلماً داخل بئر ليصل إلى الشارع المدفون. واكتشف 4 أنفاق، كان أحدها فقط ممتداً عبر الشارع بالكامل، وأُغلقت الأخرى بالطوب لمنع السرقة.

في أحد المتاجر المدفونة، عثر ستيفنسون على إطار نافذة فيكتورية قديمة، وأنقاض بناء، وأغراض متفرقة مثل حوض للخيول وكرسي متحرك مهجور. ولم تُشاهد أعمدة الإنارة خلال رحلته، إذ أُزيلت في خمسينات القرن الماضي حسب أحد تجار الخردة.

إحياءُ ماضٍ ظل طي النسيان لعقود (إنستغرام)

اليوم، أُغلقت هذه الأنفاق نهائياً نظراً لخطورتها، لكن ستيفنسون سبق أن انضم إلى بعثة منظمة لاستكشاف الغرف الواقعة أسفل الحانة، برفقة فريق متسلقين ذوي خبرة. ويستعيد ذكرياته قائلاً: «كانت خيوط العنكبوت كثيفة، والمدفأة لا تزال مغطاة بالغبار، وعارض فولاذي ضخم محفور عليه حروف (GWR) لتدعيم المبنى».

ويضيف: «الطريق أعلاه بُني أساساً للخيول والعربات. ورغم حركة المرور الكثيفة اليوم، بما في ذلك مئات الحافلات والشاحنات الثقيلة، لا يزال الطريق صامداً، ولا يدري كثيرون ما الذي يرقد تحت أقدامهم».