قصف وغارات وتقدم برّي... كأن إسرائيل بدأت «احتلال غزة»

نحو 950 ألف فلسطيني لا يجدون أمامهم أي خيار للتنقل داخل المدينة أو في شمال القطاع

موقع عسكري إسرائيلي قرب الحدود مع غزة الأربعاء (رويترز)
موقع عسكري إسرائيلي قرب الحدود مع غزة الأربعاء (رويترز)
TT

قصف وغارات وتقدم برّي... كأن إسرائيل بدأت «احتلال غزة»

موقع عسكري إسرائيلي قرب الحدود مع غزة الأربعاء (رويترز)
موقع عسكري إسرائيلي قرب الحدود مع غزة الأربعاء (رويترز)

تشير العمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة في قطاع غزة إلى أن إسرائيل بدأت فعلياً تنفيذ خطتها المتعلقة بالسيطرة على مدينة غزة بشكل أساسي، وذلك من دون أن تعلن رسمياً عن هذه الخطوة، التي بدأت تأخذ منحنى جديداً من خلال توسيع هجماتها في جنوب المدينة.

وفعلياً لليوم الرابع على التوالي، يشهد حيّا الزيتون والصبرة جنوب مدينة غزة، توسيعاً واضحاً للعمليات العسكرية، من خلال قصف أصاب مباني ومنازل وغير ذلك من المناطق، لكن الساعات الأخيرة وتحديداً فجر الخميس، بدأت القوات البرية الإسرائيلية تتقدم في (شارع 8) الرئيسي القريب من الحيين، وهو شارع يمتد من المناطق الشرقية وصولاً لشارع الرشيد الساحلي غرباً.

​فلسطينيون يسيرون فيما الدخان يتصاعد عقب غارة إسرائيلية على خان يونس الخميس (رويترز)

وبحسب مصادر ميدانية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن القوات الإسرائيلية تركز حالياً على تهجير سكان ما تبقى من حي الزيتون، خصوصاً من أجزائها الغربية، إلى جانب حي الصبرة بالكامل، بما في ذلك منطقة المجمع الإسلامي والمناطق القريبة من حي تل الهوى، حيث تسيطر نارياً على تلك المنطقة بالكامل بما فيها منطقة الكلية الجامعية.

وبينت المصادر الميدانية أن الهدف من ذلك السيطرة على طول هذه الطريق، بهدف تمكين قواتها البرية من الوصول إليها بسهولة، مشيرةً إلى أن القوات البرية الإسرائيلية فعلياً باتت توجد في أجزاء (شارع 8) الرئيسي مع حيي الزيتون والصبرة في منطقة الصالات ومحيطها، وتسيطر على الشارع نارياً من بعد حتى دوار الدحدوح في تل الهوى، الأمر الذي يؤكد بدء تنفيذ خطة السيطرة على مدينة غزة تدريجياً، بفصلها عن مناطق وسط وجنوب القطاع.

ورجحت المصادر أن تبدأ إسرائيل قريباً بالطلب من سكان حي تل الهوى، القريب من الحيين المذكورين، إلى جانب مناطق أخرى من غرب مدينة غزة، النزوح إلى وسط القطاع وجنوبه، ما يشير إلى نيتها السيطرة على أجزاء أخرى من (شارع 8) وصولاً لشارع الرشيد في مراحل مقبلة، وهو أمر يمكن أن يتحقق بسرعة أكبر في حال تم إخلاء تلك المناطق بالسكان، وهو ما تنفذه بالعادة ليس فقط بالمناشير أو الاتصالات التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي على السكان، وإنما بالقصف الجوي والمدفعي، خصوصاً الأحزمة النارية كما يجري في حيي الصبرة والزيتون خلال الأيام الماضية.

دخان يتصاعد عقب غارة إسرائيلية على خان يونس الخميس (رويترز)

ويبدو أن إسرائيل تهدف للضغط على «حماس» أكثر من خلال مثل هذه التحركات الميدانية، خصوصاً مع استئناف الاتصالات لمحاولة إحياء مفاوضات وقف إطلاق النار من جديد، ووجود وفد من الحركة في القاهرة، ووصول وفد إسرائيلي إلى الدوحة.

ويوجد في مناطق غرب مدينة غزة وجنوبها ما لا يقل عن 950 ألف فلسطيني، لا يجدون أمامهم أي خيار للتنقل داخل المدينة أو في شمال القطاع، إذ إن الأجزاء الشرقية من المدينة إلى جانب أن بلدات ومخيمات المنطقة الشمالية للقطاع باتت تحت السيطرة الإسرائيلية رغم تراجع القوات البرية منها.

وسيفرض الواقع الأمني الجديد على السكان مغادرة تلك المناطق، على عكس المرة الأولى من عملية اقتحام مدينة غزة وشمال القطاع في نهايات أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته، حيث بقي في تلك المناطق ما يقرب من نصف مليون فلسطيني تنقلوا في عدة مناطق من مكان إلى آخر مع توغل القوات الإسرائيلية في كل منطقة كانوا يوجدون فيها.

فلسطينيون يحملون جثمان قتيل قُتل بنيران إسرائيلية خارج مستشفى الشفاء بمدينة غزة الخميس (د.ب.أ)

وتتم هذه الخطوات على الأرض، تزامناً مع إلقاء طائرات مسيرة إسرائيلية، مناشير عبارة عن تقارير تحريضية ضد قيادة «حركة حماس»، تتهمها بالعيش في الأنفاق في ظروف فاخرة، بينما يعيش السكان في ظروف قاسية فوق الأرض، رغم أن إسرائيل في كل مرة تدعي أنها دمرت كل هذه الأنفاق.

ويتزامن ذلك مع استمرار الغارات في مناطق متفرقة من قطاع غزة، وهي أدت منذ فجر الخميس، إلى مقتل 15 فلسطينياً، بعضهم انتشلت جثامينهم من مناطق بحيي الزيتون والشجاعية إثر قصف وقع الأربعاء.

وبحسب إحصائية وزارة الصحة بغزة، فإن ما وصل إلى مستشفيات قطاع غزة، خلال آخر 24 ساعة (من ظهيرة الأربعاء إلى الخميس)، هو 54 قتيلاً، و831 إصابة. ما يرفع حصيلة العدوان منذ السابع من أكتوبر 2023، إلى 61776 قتيلاً، و154906جريحاً.

جنود إسرائيليون يوجهون دبابة قرب الحدود مع غزة الأربعاء (رويترز)

ومن بين مجمل الضحايا، 10251 قتلوا منذ فجر الثامن عشر من مارس (آذار) الماضي، بعد استئناف إسرائيل للحرب على غزة، في أعقاب وقف إطلاق نار مؤقت استمر نحو شهرين.

فيما بلغ عدد ما وصل إلى المستشفيات خلال الـ24 ساعة الماضية، من ضحايا منتظري المساعدات، 22 قتيلاً، و269 إصابة، ليرتفع إجمالي الضحايا ممن وصلوا إلى المستشفيات 1881 قتيلاً وأكثر من 13863 إصابة، منذ نهاية مايو (أيار) الماضي.

وسجلت مستشفيات قطاع غزة، خلال الساعات الـ24 الماضية، 4 حالات وفاة، نتيجة المجاعة وسوء التغذية، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 239 حالة وفاة، منهم 106 أطفال.


مقالات ذات صلة

قلق إسرائيلي من «تطور التسليح المصري» يجدد حديثاً عن تعديل معاهدة السلام

العالم العربي مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)

قلق إسرائيلي من «تطور التسليح المصري» يجدد حديثاً عن تعديل معاهدة السلام

جدّد قلق إسرائيلي من «تطور تسليح الجيش المصري» في سيناء الحديث عن تعديل معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، الصامدة منذ 1979.

هشام المياني (القاهرة)
العالم العربي عمال البلدية الفلسطينيون يقومون بإصلاح طريق تضرر خلال الحرب في مخيم النصيرات للنازحين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تشديد مصري على ضرورة بدء مسار إعادة إعمار غزة

اتصالات هاتفية بين وزير خارجية مصر ونظيريه السعودي والتركي تناولت تطورات الأوضاع في قطاع غزة وسط تأكيدات من القاهرة على ضرورة «بدء مسار التعافي وإعادة الإعمار»

محمد محمود (القاهرة)
خاص لقطة لمنازل مدمرة بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة يوم 19 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

خاص «ممنوع استقبال الرجال»... الإيجارات في غزة مكبلةٌ بشروط معقدة وأسعار مرتفعة

في ظل المتبقي القليل من المنازل والشقق الصالحة للسكنى في قطاع غزة، يفرض المؤجرون شروطاً بالغة التعقيد وأسعاراً باهظة على المستأجرين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة (أ.ف.ب)

«تفاهمات» جديدة لـ«إعمار غزة» أمام الوسطاء

بدأ وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مناقشات دراسة أولية بشأن إعادة الإعمار في القطاع، في أعقاب تأخر عقد مؤتمر القاهرة بشأن التعافي المبكر.

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم (الأحد)، إن حركة «حماس» الفلسطينية لا تعمل على نزع سلاحها.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الرئيس الفلسطيني: ماضون في تنفيذ برنامج إصلاحي شامل

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)
TT

الرئيس الفلسطيني: ماضون في تنفيذ برنامج إصلاحي شامل

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في بيان اليوم (الأربعاء) إن السلطة ماضية في تنفيذ برنامج إصلاحي وطني شامل يهدف إلى تطوير وتحديث المنظومة القانونية والمؤسسية.

وذكر البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية، أن البرنامج الإصلاحي يشمل «مراجعة وتحديث القوانين الناظمة للحياة السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية، وفي مقدمتها القوانين المتعلقة بالحوكمة المالية، والإدارة العامة، والقضاء، ومكافحة الفساد، وتعزيز استقلالية المؤسسات الرقابية».

وأكد عباس الالتزام باستكمال الإصلاح الدستوري والسياسي «بما في ذلك العمل على إعداد الأطر الدستورية اللازمة للانتقال المنظم من مرحلة السلطة الوطنية إلى مرحلة الدولة».

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)

كما أكد الرئيس الفلسطيني العمل على «تحديث قوانين الانتخابات، وإصدار قانون عصري للأحزاب السياسية على أسس ديمقراطية واضحة، تضمن الالتزام بالبرنامج السياسي لـ(منظمة التحرير الفلسطينية)، وبالشرعية الدولية، ومبدأ حل الدولتين، والقانون الواحد، والسلاح الشرعي الواحد».

وندد عباس في بيانه بما وصفها بأنها «نقاشات وحملات على بعض منصات التواصل الاجتماعي، وما يرافقها أحياناً من تحريض وتشويه للحقائق»، داعياً إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية وصون السلم الأهلي.

وتابع بالقول: «الحفاظ على وحدتنا الوطنية وصون السلم الأهلي والمجتمعي وحماية مؤسساتنا الشرعية، تشكل ركائز أساسية لمواجهة الاحتلال ومخططاته العدوانية، ولا يجوز السماح لأي خطاب تحريضي أو تشهيري بأن يشتت بوصلتنا الوطنية أو يضعف جبهتنا الداخلية».

وحث عباس الفلسطينيين على «التحلي بروح المسؤولية الوطنية، والالتزام بخطاب عقلاني جامع يحترم القانون والحقائق، والاحتكام إلى الأطر الشرعية والدستورية، وتغليب المصلحة الوطنية العليا فوق أي اعتبارات أخرى».


الشيباني: العلاقات السورية الروسية تدخل عهداً جديداً

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
TT

الشيباني: العلاقات السورية الروسية تدخل عهداً جديداً

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)

أكد وزير الخارجية والمغتربين السوري، أسعد الشيباني، أن العلاقات السورية الروسية تدخل عهداً جديداً مبنياً على الاحترام المتبادل.

وقال الشيباني خلال اجتماعه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو: «مستمرون في إعادة إعمار سوريا بإرادة وطنية خالصة، ونطمح إلى أن تكون علاقاتنا مع الجميع متوازنة». وأضاف: «نعمل على جلب الاستثمارات إلى داخل سوريا لتحسين الوضع الاقتصادي».

من جلسة مفاوضات بين وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف بمقر وزارة الخارجية الروسية في موسكو يوليو الماضي (د.ب.أ)

من جانبه، أشار لافروف إلى أن الاجتماع ناقش مختلف القضايا، مشدداً على أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين.


اختفاء ضابط لبناني على صلة بملف رون آراد

دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري العام الماضي (أ.ب)
دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري العام الماضي (أ.ب)
TT

اختفاء ضابط لبناني على صلة بملف رون آراد

دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري العام الماضي (أ.ب)
دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري العام الماضي (أ.ب)

قال مصدر قضائي لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن تحقيقات تجريها قوى الأمن الداخلي ترجح أن إسرائيل اختطفت النقيب المتقاعد أحمد شكر، خلال «عملية استدراج استخباراتي» للاشتباه بعلاقته بملف الطيار الإسرائيلي المفقود رون آراد، منذ 1986.

وتتركز الجهود الأمنية على كشف مصيره في منطقة البقاع (شرق لبنان)، حيث يُعتقد أن العملية نُفذت بواسطة شخصين سويديّيْن، أحدهما من أصل لبناني. ويرتبط شكر، وهو من متقاعدي الأمن العام، بعائلة ذات صلات بـ«حزب الله»، مما يعيد إثارة النزاعات حول قضية رون آراد. وقال المصدر القضائي إنه يخشى أن يكون اختفاء شكر جزءاً من مسلسل العمليات الإسرائيلية في لبنان.

وتتعدد السيناريوهات بشأن مصير الضابط المتقاعد، بين احتمال تصفيته، على غرار ما نُسب إلى جهاز «الموساد» في قضية اغتيال الصراف أحمد سرور، المرتبط بـ«حزب الله»، العام الماضي، وبين فرضية أكثر خطورة لكنها الأكثر واقعية، وهي نقله إلى خارج لبنان، أي إلى إسرائيل.

ويعيد هذا العمل الأمني الخطير فتح سجل طويل من العمليات الإسرائيلية التي استهدفت أشخاصاً على صلة مباشرة أو غير مباشرة بملف رون آراد، سواء عبر الاغتيال أو الاختطاف أو محاولات التجنيد.