ماكرون يقترح تشكيل تحالف دولي: خطة غزة تنذر بكارثة

السعودية تشيد «بالإجماع الدولي الداعم لمسار تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية»

موقع عسكري إسرائيلي قرب حدود قطاع غزة الأحد (رويترز)
موقع عسكري إسرائيلي قرب حدود قطاع غزة الأحد (رويترز)
TT

ماكرون يقترح تشكيل تحالف دولي: خطة غزة تنذر بكارثة

موقع عسكري إسرائيلي قرب حدود قطاع غزة الأحد (رويترز)
موقع عسكري إسرائيلي قرب حدود قطاع غزة الأحد (رويترز)

انتقد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خطط إسرائيل لتكثيف عملياتها العسكرية في غزة، ووصفها بأنها تنذر بكارثة لم يسبق لها مثيل، واقترح تشكيل تحالف دولي بتفويض من الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في غزة.

وأعلنت أستراليا ونيوزيلندا عزمهما الاعتراف بفلسطين، وهو ما رحبت به السعودية مشيدة «بالإجماع الدولي الداعم لمسار تنفيذ حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة»، بينما أعلن صندوق الثروة السيادي النرويجي، الذي تبلغ قيمته تريليوني دولار، أنه سينهي جميع العقود مع شركات إدارة الأصول التي تتعامل مع استثماراته في إسرائيل، بسبب الوضع في غزة والضفة الغربية.

أستراليا ونيوزيلندا

أعلن رئيس الوزراء الأسترالي، أنطوني ألبانيزي، أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) المقبل، وذلك عقب سلسلة من الخطوات المماثلة من عدد من الدول.

دخان ناجم عن قصف إسرائيلي لمناطق فلسطينية في قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

وقال ألبانيزي للصحافيين في كانبيرا إن «حل الدولتين هو أفضل أمل للبشرية لكسر دوامة العنف في الشرق الأوسط، ووضع حد للنزاع والمعاناة والجوع في غزة». وأضاف: «لا يمكن للسلام إلا أن يكون مؤقتاً ما لم تتحقق دولتان إسرائيلية وفلسطينية دائمتان... أستراليا ستعترف بحق الشعب الفلسطيني في دولة له. سنعمل مع الأسرة الدولية على تحويل هذا الحق إلى واقع».

بدورها، أعلنت نيوزيلندا المجاورة لأستراليا أنها ستدرس حتى سبتمبر اتخاذ مثل هذا القرار. وإذ ندد وزير الخارجية النيوزيلندي وينستون بيترز بـ«الكارثة الإنسانية» في غزة، قال: «نعتزم تقييم المسألة والتحرك بموجب المبادئ والقيم والمصالح الوطنية لنيوزيلندا»، مشيراً إلى أن بلاده ستعلن قرارها بهذا الصدد في الأمم المتحدة في سبتمبر. وسارعت دول عربية عدة إلى الترحيب بالخطوة الأسترالية والنيوزيلندية.

وأعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة بإعلان أستراليا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإعلان نيوزيلندا دراستها الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وقالت: «وتشيد المملكة بالإجماع الدولي الداعم لمسار تنفيذ حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية. وأكدت المملكة أن المرحلة الحالية تحتم على محبي السلام الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ودعم جهود وقف الحرب التي طال أمدها، خصوصاً في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني».

فلسطينيون يراقبون سقوط مظلات تحمل مساعدات غذائية فوق مدينة غزة الجمعة الماضي (رويترز)

النرويج

أعلن صندوق الثروة السيادي النرويجي، الذي تبلغ قيمته تريليوني دولار، أنه سينهي جميع العقود مع شركات إدارة الأصول التي تتعامل مع استثماراته في إسرائيل، بسبب الوضع في غزة والضفة الغربية.

يأتي هذا الإعلان في أعقاب مراجعة عاجلة بدأت، الأسبوع الماضي، بعد أن أفادت تقارير إعلامية بأن الصندوق استحوذ على حصة في مجموعة إسرائيلية لصناعة محركات الطائرات تقدم خدمات للقوات المسلحة الإسرائيلية، بما في ذلك صيانة الطائرات المقاتلة.

وقال الصندةق: «سيتم نقل جميع الاستثمارات في الشركات الإسرائيلية التي كان يديرها مديرون خارجيون إلى الداخل وإدارتها داخلياً».

وأشار الصندوق، الذي كان يمتلك حصصا في 61 شركة إسرائيلية حتى 30 يونيو (حزيران) إلى أنه قام بتصفية حصص في 11 شركة منها في الأيام القليلة الماضية من دون أن يذكر أسماء الشركات.

والصندوق ذراع للبنك المركزي النرويجي.

وقال الصندوق: «قمنا الآن ببيع هذه الحصص بالكامل»، مضيفاً أنه يواصل مراجعة الشركات الإسرائيلية من أجل عمليات تصفية محتملة.

وأضاف البيان أن المراجعة ستؤدي أيضاً إلى تحسين العناية الواجبة.

وكان الصندوق، الذي يملك حصصاً في 8700 شركة في أنحاء العالم، يستحوذ على أسهم في 65 شركة إسرائيلية بنهاية عام 2024 بقيمة 1.95 مليار دولار، وفقاً لما تظهره سجلاته.

عربة عسكرية إسرائيلية تتحرك داخل أراضي قطاع غزة الأحد (رويترز)

وفي العام الماضي، باع حصصه في شركة طاقة إسرائيلية ومجموعة اتصالات إسرائيلية بسبب مخاوف تتعلق بالأخلاقيات، وقالت هيئة الرقابة الأخلاقية التابعة له إنها تراجع هل تمت تصفية حيازاته في 5 بنوك أو لا.

وكان البرلمان النرويجي قد رفض في يونيو (حزيران) الماضي اقتراحاً للصندوق بسحب استثماراته من جميع الشركات التي لها أنشطة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ماكرون: خطة غزة تنذر بكارثة

انتقد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خطط إسرائيل لتكثيف عملياتها العسكرية في غزة، ووصفها بأنها تنذر بكارثة لم يسبق لها مثيل، واقترح تشكيل تحالف دولي بتفويض من الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في غزة. وقال ماكرون، في تصريحات أرسلها مكتبه للصحافيين: «إعلان مجلس الوزراء الإسرائيلي توسيع عملياته في مدينة غزة ومناطق الخيام في المواصي وإعادة احتلالها ينذر بكارثة محققة لم يسبق لها مثيل، وخطوة نحو حرب لا نهاية لها». أضاف: «سيظل الرهائن الإسرائيليون وسكان غزة الضحايا الرئيسيين لهذه الاستراتيجية». ولم يرد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فوراً على طلب للتعليق. وقال، رداً على انتقادات دولية في مؤتمر صحافي عُقد، الأحد، إن إسرائيل «تستخدم القوة بحكمة». ويسعى ماكرون، من خلال اقتراحه تشكيل بعثة بتفويض من الأمم المتحدة في غزة، إلى الاستفادة من الزخم الذي أحدثه إعلانه في الشهر الماضي عن نية الاعتراف بدولة فلسطينية الذي أطلق سلسلة من التصريحات المماثلة من بريطانيا وكندا. وقال ماكرون إن مهمة بعثة الأمم المتحدة ستكون تأمين قطاع غزة، وحماية المدنيين، ودعم حكومة فلسطينية لم يحددها. وأضاف أنه يتعين على مجلس الأمن الدولي العمل على إنشاء البعثة. وأضاف: «لقد طلبت من فرقي العمل على ذلك مع شركائنا من دون تأخير».

إيطاليا تنتقد إسرائيل بقسوة

أكد وزير الدفاع الإيطالي، غويدو كروسيتو، في مقابلة نُشرت، الاثنين، أن الحكومة الإسرائيلية «فقدت الصواب والإنسانية» فيما يتعلّق بغزة، وأشار إلى انفتاحه على إمكانية فرض عقوبات على الدولة العبرية.

وقال كروسيتو لصحافية «لا ستامبا» إن «ما يحدث غير مقبول. لا نواجه عملية عسكرية تتسبب بأضرار غير مقصودة، بل هو نكران تام للقانون والقيم المؤسِّسة لحضارتنا... نحن ملتزمون فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، لكن علينا الآن إيجاد طريقة لإجبار (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو على التفكير بوضوح، تتجاوز مجرّد الإدانة».

ورداً على سؤال بشأن احتمال فرض عقوبات دولية على إسرائيل، قال كورسيتو إن «احتلال غزة وبعض الأعمال الخطيرة في الضفة الغربية يشكّلان تحولاً كبيراً ينبغي أن تُتّخذ قرارات في مواجهتها تُجبر نتنياهو على التفكير... لن تكون خطوة ضد إسرائيل، بل طريقة لحماية الناس من حكومة فقدت الصواب والإنسانية... علينا دائماً التمييز بين الحكومات والدول والشعوب ودياناتهم. ينطبق الأمر على نتنياهو و(الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين اللذين باتت أساليبهما للأسف متشابهة بشكل خطير».

وجاءت تصريحاته بعدما دافع نتنياهو عن خطته للسيطرة على مدينة غزة واستهداف ما تبقى من معاقل «حماس» والتي أثارت انتقادات من أنحاء العالم.

ورفضت إيطاليا الانضمام إلى صفوف بلدان أخرى أعلنت أنها ستعترف بدولة فلسطين. ودافع كروسيتو عن موقف بلاده بقوله إن «الاعتراف بدولة لا وجود لها يحمل خطر التحوّل إلى مجرّد استفزاز سياسي في عالم تقتله الاستفزازات».


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره التركي أهمية الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة

المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال استقباله نظيره التركي هاكان فيدان بالقاهرة أغسطس الماضي (الخارجية التركية)

وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره التركي أهمية الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة

قالت وزارة الخارجية المصرية، اليوم، إن الوزير بدر عبد العاطي أكد في اتصال هاتفي مع نظيره التركي هاكان فيدان، أهمية الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الناشطة السويدية غريتا تونبرغ بجوار عَلم فلسطين (أرشيف - رويترز)

اعتقال غريتا تونبرغ في مظاهرة داعمة للفلسطينيين بلندن

​قالت جماعة «ديفيند آور جوريز»، ​الثلاثاء، ‌إن الشرطة البريطانية اعتقلت الناشطة السويدية غريتا تونبرغ في لندن خلال مظاهرة ⁠داعمة للفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي أطفال ينظرون من ملجأ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

غزيّون تحت القصف يخشون تهجيراً جديداً شرق «الخط الأصفر»

شنّ الجيش الإسرائيلي غارات مكثفة على المناطق الشرقية من خان يونس، أي تلك الواقعة شرق الخط الأصفر، حيث يعيش عشرات آلاف الفلسطينيين في خيام أو منازل تضررت.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص ترمب في ميامي في 10 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)

خاص ترمب بين إنهاء «حروب أبدية» وتسخين جبهات باردة

لا للحروب الأبدية، هكذا بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب عهده الثاني، متعهداً بإنهاء حرب روسيا وأوكرانيا في 24 ساعة، ووضع أميركا أولاً.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي مستوطنون إسرائيليون يدعون إلى إعادة احتلال غزة خلال فعالية في سيدروت جنوب إسرائيل (رويترز) play-circle

كاتس يتراجع عن تصريحات احتلال غزة بعد «ضغوط أميركية»

تراجع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الثلاثاء، عن تصريحاته بشأن بقاء جيشه في غزة، وقال في بيان إن ⁠الحكومة الإسرائيلية ​لا ‌تنوي إقامة مستوطنات في القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب)

حمّى اقتناء المصريين للذهب لا تتراجع رغم ارتفاع أسعاره

ارتفاعات قياسية جديدة سجَّلها المعدن الأصفر في مصر (أرشيفية - رويترز)
ارتفاعات قياسية جديدة سجَّلها المعدن الأصفر في مصر (أرشيفية - رويترز)
TT

حمّى اقتناء المصريين للذهب لا تتراجع رغم ارتفاع أسعاره

ارتفاعات قياسية جديدة سجَّلها المعدن الأصفر في مصر (أرشيفية - رويترز)
ارتفاعات قياسية جديدة سجَّلها المعدن الأصفر في مصر (أرشيفية - رويترز)

«أشتري الآن أم أنتظر؟»، سؤال وجَّهه المصري محمد عبد الحميد، لرفقائه على المقهى بوسط القاهرة، خلال جلستهم نهاية الأسبوع الماضي، مستفسراً حول مناسبة الوقت الحالي لاستثمار حصيلة مدخراته المُقدَّرة بـ70 ألف جنيه (نحو 1475 دولاراً)، في شراء الذهب، بعد ارتفاعات متتالية في أسعاره طوال أيام الأسبوع، ليستقبل المهندس الأربعيني نصائح متضاربة: «اشترِ فوراً، فالسعر لن يرحم»، «انتظر، فالانخفاض قادم»، وصولاً إلى سخرية مريرة من أحدهم: «انتظر حتى يصل الغرام إلى 10 آلاف جنيه».

وبينما لم يتلقَّ المهندس الأربعيني إجابةً شافيةً لقلقه من خطوة الشراء، فإن ما شهدته أسواق الذهب المحلية والعالمية، خلال تعاملات (الاثنين)، من ارتفاعات قياسية جديدة، بعدما سجَّلت أوقية الذهب أعلى مستوى في تاريخها، جعله يحسم أمره، والتوجُّه إلى سوق «الصاغة» الشهير، لشراء سبيكة ذهبية وزن 10 غرامات بمبلغه المُدَّخر.

وأغلق سعر الذهب في مصر (الاثنين) على ارتفاع كبير ليسجِّل مستوى تاريخياً جديداً، مدفوعاً بازدياد التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأميركية بشكل أكبر، إلى جانب عودة التوترات الجيوسياسية التي تزيد من الطلب على الذهب بوصفه ملاذاً آمناً، بحسب منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات.

وارتفعت أسعار الذهب في السوق المحلية بنحو 100 جنيه للغرام، خلال تعاملات الاثنين، بينما ارتفعت خلال التعاملات الصباحية، الثلاثاء، 60 جنيهاً، ليسجل سعر غرام الذهب عيار 21 (الأكثر تداولاً في مصر) مستوى 5960 جنيهاً، وهو أعلى مستوى يسجله على الإطلاق.

زيادة أسعار الذهب لم تُثنِ المصريين عن الشراء (الصفحة الرسمية لشعبة الذهب والمجوهرات المصرية)

لم يكن عبد الحميد وحده هو مَن قصد «الصاغة»، إذ جذب بريق المعدن الأصفر العشرات غيره إلى المنطقة، حيث «تشهد السوق حركةً نشطةً، ورغم الارتفاعات القياسية في أسعار الذهب، فإن الإقبال على الشراء لا يزال قوياً، لكن مع تغيّر واضح في نمط الشراء»، وفق ما يؤكده أمير رزق، تاجر الذهب والخبير المصري في مجال المصوغات والمشغولات الذهبية لـ«الشرق الأوسط».

ويضيف: «منذ أكثر من 50 عاماً، هناك قاعدة ثابتة في السوق المصرية (كلما ارتفع سعر الذهب، زاد الإقبال عليه)، فالناس تشتري عندما ترتفع الأسعار، وتُحجم عندما تنخفض، خوفاً من الخسارة».

وبينما وصل حجم مشتريات المصريين من الذهب خلال عام 2024 إلى 50.1 طن، و32.5 طن خلال أول 9 أشهر من العام الحالي، بحسب «مجلس الذهب العالمي»، فإن رزق يشير إلى أن الإقبال على الشراء لأغراض استثمارية يشهد زخماً غير مسبوق، حيث يتركز الإقبال على السبائك الصغيرة، قائلاً: «الطلب الأكبر حالياً على السبائك ذات الأوزان الصغيرة 2، و5، و10 غرامات، أما الذهب لأجل الزينة، فلا يُشكِّل أكثر من 5 إلى 7 في المائة من المبيعات؛ بسبب ارتفاع الأسعار».

وفق بيانات «آي صاغة»، ارتفعت أسعار الذهب محلياً بنحو 45 جنيهاً خلال الأسبوع الماضي، بينما سجَّلت أسعار الذهب بالأسواق المحلية ارتفاعاً بنحو 2050 جنيهاً، منذ بداية 2025.

يتوازى مع سجال المقهى، سجال رقمي عبر منصات التواصل الاجتماعي في مصر، التي يطرح روادها أسئلةً بشكل مكثف حول مناسبة الوقت لشراء الذهب.

داخل أحد محلات الذهب بحي مصر الجديدة بالقاهرة، يوضِّح تاجر الذهب، مدحت عليش، أن الزيادات المتتابعة للذهب أدت لحالة من «التخبط» يعيشها المستهلك المصري، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الذهب يصعد، ثم يهبط، ثم يعاود الصعود... هذا التذبذب خلق حالةً من الترقب. الجميع يسأل: نشتري الآن أم ننتظر؟»، لافتاً إلى أن إجابته دوماً على هذا التساؤل هي أن «الذهب دائماً أفضل من السيولة النقدية».

ويلفت عليش إلى تحول جذري في ثقافة شراء الذهب لدى المصريين، قائلاً: «كانت (الشَّبكة) - هدية الزواج - تمثل العمود الفقري للمبيعات في العقود الماضية، لكن الطلب الآن ينصب بالكامل على السبائك والجنيهات الذهبية لأغراض الادخار فقط».

بدوره، يؤكد رئيس الشعبة العامة للذهب والمجوهرات باتحاد الغرف التجارية المصرية، هاني ميلاد، أن السوق المحلية لا تزال تشهد طلباً نشطاً، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الارتفاع في الأسعار غالباً ما يدفع الناس إلى الشراء بدافع الخوف من زيادات إضافية، فعندما يرون السعر يتحرك صعوداً، يتسابق كثيرون للشراء قبل أن يرتفع أكثر».

ويؤكد أن السوق تشهد تحولاً في نوعية الزبائن، موضحاً: «مفهوم الاستثمار في الذهب جذب شرائح جديدة من المستهلكين، لم تكن معتادة على الشراء سابقاً، حيث دخل مستثمرون كبار، إلى جانب أفراد من الطبقة المتوسطة الذين يشترون كميات صغيرة، ما وسَّع قاعدة المشترين بشكل غير مسبوق».

سلوك المصريين في الإقبال على الذهب رغم ارتفاعاته، يُرجعه الخبير الاقتصادي، عادل عامر، إلى دوافع اقتصادية واجتماعية، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «هناك دوافع اقتصادية مباشرة، أبرزها الخوف من التضخم، وتآكل القوة الشرائية للجنيه، ما يجعل الذهب ملاذاً آمناً لحفظ القيمة، كونه لا يتأثر بالتضخم بالطريقة نفسها التي تتأثر بها العملة المحلية، كما أنه في الوعي الجمعي المصري ليس مجرد سلعة، بل رمز للأمان في أوقات الأزمات».

ويتابع: «الإقبال على شراء الذهب، خصوصاً السبائك، ليس نزعة استهلاكية، بل سلوك دفاعي عقلاني في بيئة اقتصادية تتسم بعدم اليقين، لذا يستمر هذا الاتجاه رغم الارتفاعات». وهو الاتجاه الذي يؤكده الأربعيني محمد عبد الحميد، مُعللاً اتجاهه لشراء سبيكته، بقوله: «أغلى سعر اليوم... هو أرخص سعر غداً».


وزارات يمنية ترفض بيانات «الانتقالي» وتؤكد التزامها بإعلان نقل السلطة

مُوالون للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة لحج شمال عدن (أ.ف.ب)
مُوالون للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة لحج شمال عدن (أ.ف.ب)
TT

وزارات يمنية ترفض بيانات «الانتقالي» وتؤكد التزامها بإعلان نقل السلطة

مُوالون للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة لحج شمال عدن (أ.ف.ب)
مُوالون للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة لحج شمال عدن (أ.ف.ب)

رفضت وزارات في الحكومة اليمنية سلسلة البيانات المنسوبة إليها أو إلى موظفين فيها، والتي تحدثت عن انحياز مؤسسات حكومية لصالح المجلس الانتقالي الجنوبي ودعمه في إجراءات التصعيد التي ينفّذها في محافظتيْ حضرموت والمهرة.

جاءت هذه المواقف في أعقاب موجة بيانات سياسية أصدرها وزراء ونواب وزراء ووكلاء وزارات وقادة مؤسسات ومحافظون محسوبون على «الانتقالي»، أعلنوا فيها تأييدهم العلني للخطوات الأحادية التي اتخذها المجلس في شرق البلاد، فيما عدَّه رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي خروجاً واضحاً عن مبدأ الشراكة ووحدة القرار.

وفي وقت سابق، كان مصدر مسؤول بمكتب رئاسة الجمهورية قد عبّر، في بيان، عن «قلق بالغ» من «خروج بعض الوزراء والمسؤولين التنفيذيين عن مهامّهم الوظيفية»، وتحولهم إلى التعبير عن مواقف سياسية «لا تنسجم مع المرجعيات الدستورية والقانونية»، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

وحذّر البيان من استغلال المناصب الحكومية لـ«تحقيق مكاسب سياسية» خارج الأُطر الشرعية، مؤكداً أن مجلس القيادة هو الجهة الوحيدة المخوَّلة بتحديد المواقف العليا للدولة.

رفض البيانات المنسوبة

في هذا السياق، نفت وزارة الأوقاف والإرشاد أي صلة لها ببيان جرى تداوله مؤخراً، تضمّن «مضامين سياسية لا تندرج ضمن اختصاصاتها». وأكدت الوزارة أن الشرعية السياسية «المعترَف بها محلياً وإقليمياً ودولياً» تتمثل حصراً في مجلس القيادة الرئاسي، وأن أي موقف خارج هذا الإطار لا يمثلها، ولا تتحمل مسؤوليته. كما شددت على التزامها بتحييد ملف الأوقاف والحج والعمرة عن أي تجاذبات سياسية؛ حفاظاً على سُمعة اليمن ومصالح مواطنيه.

في الاتجاه نفسه، أعلنت وزارة الصناعة والتجارة رفضها القاطع أي «مواقف أو قرارات صادرة خارج الأطر الدستورية»، محذّرة من خطورة الزج بالمؤسسات الخِدمية في سياقات سياسية قد تضر بيئة الأعمال وتؤثر على مناخ الاستثمار وثقة القطاع الخاص. وجددت الوزارة أنها تعمل تحت مظلة الحكومة الشرعية وبما يخدم «الاستقرار الاقتصادي ووحدة المؤسسات».

حشود في مدينة عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)

أما وزارة الشباب والرياضة فعبّرت عن «استهجان بالغ» لنشر بيانٍ نُسب إلى موظفين فيها بعدن، وأعلنت رفضها «الزج بالمؤسسة في مواقف سياسية منحازة». وأكدت أنها ستتخذ الإجراءات القانونية والإدارية ضد كل من يثبت تورطه في إصدار أو الترويج لبيانات تنتحل صفة الوزارة، مشددة على أن التزامها سيظل كاملاً بتوجيهات رئيس المجلس الرئاسي ومرجعيات المرحلة الانتقالية.

الاتجاه نفسه اتخذته وزارة العدل، التي رأت أن البيان المنسوب إليها «تضمّن توصيفات ومسميات تتجاوز المرجعيات الدستورية»، مؤكدة أن أي استخدام للصفة الوظيفية للتعبير عن مواقف سياسية خارج إطار الشرعية يُعد «مخالفة جسيمة تستوجب المساءلة». وجدّدت الوزارة التزامها باستعادة الدولة وإنهاء انقلاب الحوثيين، مؤكدة أن مؤسسات الدولة «تمثل جميع اليمنيين ولا يجوز القفز عليها».

وفي السياق نفسه، كانت وزارة الإعلام والثقافة والسياحة قد أعلنت رفضها أي «اصطفاف سياسي أحادي»، أو استخدام للصفة الرسمية في مواقف سياسية. وشددت على أنها لن تتهاون مع أي محاولات لفرض أمر واقع إعلامي أو سياسي خارج إطار الشرعية، مؤكدة التزامها الكامل بإعلان نقل السلطة والتوافق الوطني.


صفقة يمنية ضخمة في مسقط لتبادل 2900 أسير ومحتجز

جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)
جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)
TT

صفقة يمنية ضخمة في مسقط لتبادل 2900 أسير ومحتجز

جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)
جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

في صفقة هي الأضخم خلال الحرب التي أشعلها الحوثيون، أعلن وفد الحكومة اليمنية المفاوض في ملف المحتجزين والمختطفين والمخفيين قسراً، التوصل إلى اتفاق مع الجماعة الحوثية يقضي بالإفراج عن نحو 2900 محتجز من الطرفين، في إطار الجولة العاشرة من المشاورات الإنسانية التي استضافتها العاصمة العُمانية مسقط، بحضور المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، وبمشاركة فاعلة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وفي حين أكد الحوثيون ومكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الاتفاق، أعادت الصفقة الأمل لآلاف الأسر اليمنية التي أنهكها الانتظار الطويل، كما أعادت ملف الأسرى إلى صدارة الأولويات بعد سنوات من التعثر والاتهامات المتبادلة بين الطرفين بإفشال مبدأ «الكل مقابل الكل».

وأوضح بيان صادر عن الفريق الحكومي، أن الاتفاق الموقَّع ينصّ على الإفراج عن نحو 2900 محتجز ومختطف من جميع الأطراف ومن مختلف الجبهات، وعلى رأسهم القيادي السياسي البارز في حزب «الإصلاح» محمد قحطان، إضافةً إلى كل المحتجزين من الأشقاء في التحالف، بمن فيهم الطيارون.

الوفد الحكومي اليمني المشارك في مشاورات مسقط بخصوص الأسرى (سبأ)

وأكد البيان أن الوفد الحكومي تحمّل كامل مسؤوليته الوطنية والإنسانية، وعمل بجدية والتزام كاملين لتنفيذ توجيهات القيادة السياسية في مجلس القيادة الرئاسي، التي شددت بوضوح على ضرورة الإفراج الشامل دون انتقائية أو استثناء، مشدداً على أن هذا الملف لا يحتمل المساومات السياسية.

في السياق ذاته، ثمّن الوفد عالياً الدور الذي لعبته سلطنة عُمان في احتضان هذه المشاورات، إلى جانب الجهود المحورية للمملكة العربية السعودية في دعم المسار الإنساني، إضافةً إلى الدور المهم الذي اضطلع به مكتب المبعوث الأممي والعاملون معه، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي وُصفت مساهمتها بـ«الإنسانية العظيمة والمعهودة».

ترحيب أممي

أكد مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، في بيان، أن الأطراف اليمنية اختتمت في العاصمة العُمانية مسقط، اجتماعاً استمر اثني عشر يوماً، توصلت خلاله إلى اتفاق على مرحلة جديدة من إطلاق سراح المحتجزين من جميع الأطراف على خلفية النزاع.

وأوضح المكتب أن الاجتماع عُقد ضمن أعمال اللجنة الإشرافية المعنية بتنفيذ اتفاقية إطلاق سراح المحتجزين، برئاسة مشتركة بين مكتب المبعوث الأممي واللجنة الدولية للصليب الأحمر، مشيراً إلى أن هذه الجولة تُعد الاجتماع العاشر للجنة التي أُنشئت بموجب اتفاقية استوكهولم لمتابعة التزامات الأطراف بالإفراج عن جميع المحتجزين المرتبطين بالحرب.

ورحّب المبعوث الأممي بنتائج الاجتماع، واصفاً التقدم المحقق في هذا الملف بأنه ذو أهمية إنسانية كبيرة، لما له من أثر مباشر في التخفيف من معاناة المحتجزين وأسرهم في مختلف المناطق اليمنية.

ونقل البيان عن غروندبرغ تأكيده أن التوصل إلى اتفاق بشأن مرحلة جديدة من الإفراج عن المحتجزين يمثل خطوة إيجابية ومهمة، مشدداً في الوقت ذاته على أن نجاح الاتفاق مرهون بالتنفيذ الفعلي، واستمرار انخراط الأطراف وتعاونها، إلى جانب دعم إقليمي منسق، وجهود متواصلة للبناء على هذا التقدم وصولاً إلى عمليات إفراج أوسع.

كما أعرب المبعوث الأممي عن تقديره لسلطنة عُمان على استضافتها المشاورات ودعمها المستمر لجهود الوساطة، مثمناً الدور الإنساني الذي تضطلع به اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تيسير تنفيذ الاتفاق وضمان احترام المبادئ الإنسانية ذات الصلة.

وجدد مكتب المبعوث الخاص التزام الأمم المتحدة بمواصلة تيسير وتنفيذ اتفاق تبادل المحتجزين، بما يتماشى مع المبادئ الإنسانية، باعتبار ذلك جزءاً من مساعي بناء الثقة بين الأطراف ودفع المسار الإنساني قدماً في اليمن.

كسر حالة الجمود

حسب تصريحات رئيس وفد الحكومة اليمنية يحيى كزمان، فإن الاتفاق يشمل الإفراج عن 2900 محتجز ومختطف، في حين أعلن رئيس وفد الحوثيين التوصل إلى صفقة تبادل تشمل 1700 من عناصر الجماعة مقابل 1200 من الطرف الآخر.

ويتفق الطرفان على أن الصفقة تُعد من أوسع عمليات التبادل منذ سنوات، وتشكل كسراً لحالة الجمود التي خيَّمت على الملف الإنساني، خصوصاً بعد تعثر جولات سابقة في الأردن وسويسرا، وآخرها في مسقط قبل أشهر، بسبب ما وصفته الحكومة اليمنية بـ«تعنت الحوثيين».

ويأمل مراقبون أن تمهد هذه الصفقة الطريق لاستكمال الإفراج عن بقية المحتجزين والمخفيين قسراً على خلفية أحداث الحرب، بما في ذلك تبادل الرفات وجثامين القتلى، وهو ما أشار إليه الوفد الحكومي بوصفه جزءاً من رؤية شاملة لإنهاء هذا الملف المؤلم.

وعلى مدى السنوات الماضية، اتهمت الحكومة اليمنية الجماعة الحوثية، المدعومة من إيران، بإفشال كل الجهود الرامية إلى تنفيذ مبدأ «الكل مقابل الكل»، إذ لم تسفر المساعي السابقة إلا عن إطلاق نحو 2000 محتجز من الطرفين في أكبر صفقتين رعتهما الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وتقدّر منظمات حقوقية محلية ودولية وجود آلاف المعتقلين في سجون الحوثيين منذ انقلاب الجماعة على التوافق الوطني أواخر 2014، وسط اتهامات بتعرضهم لظروف احتجاز غير إنسانية، تشمل التعذيب الجسدي والنفسي والإهمال الطبي، فضلاً عن الإخفاء القسري.

كما تحتجز الجماعة الحوثية عشرات من موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية الإغاثية، بعضهم منذ أواخر 2021، بعد توجيه اتهامات بالتجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، وهي اتهامات تنفيها الأمم المتحدة وتعدها ملفقة.

وفي حين تتخذ الجماعة من اعتقال الموظفين الأمميين وموظفي المنظمات وموظفي السفارات ورقة للابتزاز السياسي والضغط الدولي، تعوّل الأمم المتحدة على دور الأطراف الإقليمية التي تحتفظ بقنوات اتصال مع الحوثيين، لدفعهم نحو الإفراج عن هؤلاء المحتجزين، بوصف ذلك اختباراً حقيقياً لجدية الجماعة في التعامل مع الملفات الإنسانية.