اكتشف باحثون من جامعة ميشيغان الأميركية أن النمل يمكن أن يلعب دوراً مهماً في تحسين زراعة القهوة، وذلك من خلال السيطرة البيولوجية على بعض الآفات والطفيليات، غير أن هذا الدور يعتمد على تفاعلات بيئية معقدة.
وأوضح الباحثون أن النتائج التي نُشرت الاثنين، بدورية «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم»، تفتح آفاقاً جديدة لاستخدام النمل بوصفه عاملاً طبيعياً للتحكم في آفات مزارع القهوة، وتقليل الاعتماد على المبيدات الكيميائية.
ويلعب النمل دوراً حيوياً في مزارع القهوة، إذ يُعد من أهم العوامل البيولوجية التي تساعد في مكافحة الآفات التي تهدد المحصول، حيث يتغذّى على الحشرات الضارة التي تهاجم نباتات البن. وتعيش أنواع عدة من النمل في هذه البيئات، وتتفاعل فيما بينها في علاقات معقدة تؤثر في توازن النظام البيئي للمزرعة. وبفضل قدرته على التحكم في أعداد الحشرات الضارة، يُسهم النمل في تعزيز صحة نباتات البن وزيادة إنتاجيتها بشكل طبيعي، مما يقلل الحاجة إلى استخدام المبيدات الضارة بالبيئة.
وعلى مدى 3 عقود، درس الفريق البحثي تفاعلات النمل في بيئة زراعية لمزارع البن في بورتوريكو، بهدف المساعدة في تطوير أساليب زراعية أكثر استدامة، مؤكدين أن ذلك يتطلّب أولاً فهم القواعد التي تحكم النظم البيئية الزراعية.
وشملت الدراسة 3 أنواع من النمل تعيش في المزرعة، بالإضافة إلى ذبابة مفترسة ظهرت مؤخراً وتتغذّى على النوع السائد من النمل. ووجد الباحثون أن تفاعل هذه الأنواع الأربعة (3 أنواع من النمل وذبابة مفترسة) لا يتبع نمطاً ثابتاً، بل يجمع بين سلوك بيئي يُعرف بـ«الحلقة غير الانتقالية»، حيث يتغلّب نوع على آخر في سلسلة دورية، وسلوك آخر يسمى «التعايش بوساطة المفترس»، حيث يؤثر وجود المفترس على النوع المهيمن، مما يسمح ببقاء الأنواع الأخرى.
وتخلق هذه التفاعلات تقلبات غير متوقعة في سيطرة الأنواع؛ بحيث يمكن لأي من الأنواع الأربعة أن يصبح المهيمن في أي وقت، مما يعني أن النظام البيئي معقد ودائم التغير دون استقرار طويل الأمد.
ووفق الباحثين، فإن فهم هذه التفاعلات بين النمل والكائنات الأخرى في النظم الزراعية يمكن أن يساعد المزارعين والعلماء على تطوير ممارسات زراعية تعتمد على التنظيم الطبيعي للبيئة، بعيداً عن الاستخدام المكثف للمبيدات الكيميائية. كما أن الاعتماد على النمل بوصفه عاملاً طبيعياً لمكافحة الآفات يُسهم في تقليل الأضرار البيئية وتحسين صحة الإنسان.
وشدد الفريق على أهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي داخل النظم الزراعية، إذ يُسهم وجود تنوع في الأنواع الحشرية في الحفاظ على التوازن البيئي وتعزيز قدرة النظام على مقاومة الآفات بشكل طبيعي.
وأشار الباحثون إلى الحاجة لأبحاث طويلة الأمد لفهم هذه الديناميكيات المعقدة، بهدف توجيه السياسات الزراعية نحو تبني نظم إنتاج تراعي التوازن البيئي وتشجع الممارسات الزراعية الصديقة للبيئة والمستدامة.






