المايسترو لبنان بعلبكي... عصا من نغَم تراقص الشرق والغرب

قائد الأوركسترا اللبناني يرافق كبار الأغنية العربية ويحلم بإنشاء دار أوبرا

المايسترو لبنان بعلبكي قائد الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية (صور الفنان)
المايسترو لبنان بعلبكي قائد الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية (صور الفنان)
TT

المايسترو لبنان بعلبكي... عصا من نغَم تراقص الشرق والغرب

المايسترو لبنان بعلبكي قائد الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية (صور الفنان)
المايسترو لبنان بعلبكي قائد الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية (صور الفنان)

فيه شيءٌ من السحَرة ولاعبي الخفّة ذاك الرجل الواقف على المسرح رافعاً العصا الخشبية وملوّحاً بها. ليس لبنان بعلبكي ديفيد كوبرفيلد، لكنّ المايسترو اللبناني يقرّ بأنّ قائد الأوركسترا نصفُه موهبة موسيقية تسحر الآذان، ونصفُه الثاني «حالة بصريّة جذّابة وغامضة بالنسبة إلى الجمهور».

بالتزامن مع صيفٍ حافل بالمهرجانات والإطلالات إلى جانب كبار الفنانين، يتحدّث قائد الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية لـ«الشرق الأوسط» عن محاولة اختراع الفرح والحلم، بعد حربٍ دمّرت بيت العائلة في الجنوب وقضت على جزءٍ كبير من أغلى الذكريات.

بحركةٍ من عصاه لن يستطيع لبنان بعلبكي ترميم اللوحات والكتب والمخطوطات والصور التي مزّقتها القذائف الإسرائيلية، لكنه ما إن يحرّك أول نوطةٍ بيُمناه حتى ينتقل إلى الموسيقى، حيث كلُ شيءٍ ممكن.

قائد الأوركسترا... مزيج من السحر السمعي والبصري (صور الفنان)

لبنان وسُميّة... شقيقان في الدم والفن

قبل أسبوعين، راقصت أوركسترا بعلبكي صوت شقيقته سُميّة تحت سماء بلدة بكرزاي في جبل لبنان. «لم يكن الحفل زاخراً بالمشاعر لأنه جمعني بأختي فحسب، بل لأنه شكّل في جزءٍ منه تحيّة للفنان زياد الرحباني الذي كان قد غادرنا قبل أيام».

ليس حدثاً عادياً أن يقف المايسترو إلى جانب شقيقته، قائداً الأوركسترا المرافقة لها. «يوم غنّت سميّة للمرة الأولى على مسرح، كنت طفلاً متفرّجاً بين الجمهور»، يخبر بعلبكي. يمتزج الإعجاب الفني بالعاطفة الأخويّة، لكنّ أياً منهما لا يؤثّر على الاحترافية في العمل. يؤكد أن «تمارين الحفلات تكون على أقصى درجة من الجدّية، لكن مع سميّة يتبدّل قليلاً دور قائد الأوركسترا الذي يعطي إملاءات طيلة الوقت، وذلك احتراماً للروابط العائلية والعاطفية التي تجمعنا».

لبنان بعلبكي يراقص شقيقته سميّة خلال حفلهما الأخير في بكرزاي (صور الفنان)

لبنان وماجدة... شراكة عابرة للزمن

أما الشراكة مع ماجدة الرومي، والمتواصلة منذ 10 أعوام، فلها نكهةٌ أخرى. ارتبط اسم المايسترو لبنان بعلبكي باسمِ الفنانة اللبنانية كشريكٍ دائمٍ في الحفلات. أحدثُ تلك الإطلالات كان في حفلها ضمن «أعياد بيروت» هذا الصيف، بعد غياب طويل لها عن العاصمة اللبنانية.

لا يتردّد بعلبكي في القول إن حضوره إلى جانب ماجدة الرومي رفع من مكانته الموسيقية ومنحه خبرة كبيرة في نوع موسيقي جديد. فالمايسترو الآتي من عالم الموسيقى الكلاسيكية، التي انغمس فيها شغفاً ودراسةً، فتح باب الطرب والنغم الشرقي من خلال أعمال الرومي. لكنه لم يكتفِ بقيادة الأوركسترا وهي تعزف أغنياتٍ مثل «كلمات»، و«يا ست الدنيا يا بيروت»، وغيرها من روائع الرومي، بل وضع «رؤية توزيعية جديدة من أجل تقريب الأعمال أكثر من الناس وخدمة استمراريتها».

منذ 10 أعوام يرافق بعلبكي الفنانة ماجدة الرومي قائداً للأوركسترا الخاصة بها (صور الفنان)

يعزو بعلبكي استمرار التعاون لهذا الوقت الطويل، لكَونِه والرومي قد التقيا على «الإخلاص الكبير للعمل وعدم التسويف في الأداء». أما في التمارين والتحضيرات، فـ«ماجدة فنانة ملتزمة ومنضبطة جداً، وهذا ناتج عن وفائها لمسيرتها الموسيقية الثرية».

حفلاتٌ موسيقية أم جلسات علاج نفسيّ؟

لا يرى بعلبكي أن وقوفه المتكرر على المسرح إلى جانب نجومٍ كبار يسرق من وهجه كقائد أوركسترا. يشرح أنّ «الجمهور بات لديه وعي بدور المايسترو، كما أنّ الناس صارت تحضر إلى الحفلات لمشاهدة منتَجٍ متكامل وعرضٍ شامل، وليس من أجل الفنان النجم فحسب». لا ينكر في المقابل القلق الذي انتابه عندما بدأ بقيادة الأوركسترا إلى جانب مطربين عرب، خوفاً من أن يخسر الجانب الكلاسيكي الذي يشكّل لبّ هويّته الفنية. «لكن عندما اقتربت من الناس وشعرت بأنّ ما أقدّم يصنع نوعاً من الفرق لدى المتلقّي، كما يحاول الارتقاء بالبوب إلى مستوى يحترم العقول، استنتجتُ أنّ في تلك النقلة من الكلاسيكي إلى العربي غنىً». ويضيف بعلبكي: «اكتشفت كذلك أنّ المقاربة الأوركسترالية للموسيقى العربية لا تقلّ شأناً عن التعامل مع الموسيقى الكلاسيكية».

لا يرى بعلبكي أن وقوفه إلى جانب نجومٍ كبار يسرق من وهجه (صور الفنان)

يلفت كذلك إلى القابليّة المتزايدة لدى الجمهور لحضور حفلات موسيقية من دون مرافقة غنائية: «كثير من الحفلات ذات الطابع الكلاسيكي الهادئ يتفاعل معها الناس ويبحثون عنها للترفيه عن أنفسهم. ألاحظ أنهم يتعاملون مع هكذا حفلات كعلاج لصحتهم النفسية، وهذا يُفرحني لأنني أشعر بأني أصيب الهدف الذي أعمل عليه».

«مسرح نموذجيّ»

إذا كان جزءٌ من الهدف قد تحقّق بتقريب المسافات بين الجمهور اللبناني والموسيقى الكلاسيكية، فإنّ الجزء الثاني ما زال حلماً في البال. يطمح بعلبكي إلى إنشاء مسرحٍ نموذجيّ في وسط بيروت، يجمع ما بين دار أوبرا تستضيف الحفلات الموسيقية وخشبةٍ للأعمال المسرحيّة.

يحلم بعلبكي بإنشاء مسرح نموذجي وسط بيروت (صور الفنان)

بانتظار تحقيق الحلم الأكبر، يودّ المايسترو التركيز في المرحلة المقبلة على وضع رؤية إخراجية وموسيقية لحفلات خاصة، وعدم الاكتفاء بمرافقة فنانين كبار. «أطمح لتقديم عروض صادقة توزيعاً وعزفاً وأداءً، تحترم عقول الناس وتقدّر كل بطاقة اشتروها لحضور الحفل». ينبع ذلك من قلقٍ لديه حيال «الفراغ الكبير الذي يجتاح الموسيقى العربية حالياً، بمعنى أن لا جديدَ موسيقياً ذا ثقل، بل الاعتماد هو على تكرار المخزون القديم الذي لم يؤثّر فيه عبور الزمن، مثل ألحان إحسان المنذر، وزياد الرحباني، ومارسيل خليفة، وغيرهم». يخشى بعلبكي من ألّا يكون لدى الجيل الصاعد إرثٌ فني يستند إليه.

يصب بعلبكي تركيزه حالياً على التحضير لحفلات خاصة والتفرغ للتأليف (صور الفنان)

إلى مزيدٍ من الحفلات يتّجه المايسترو قريباً، والموعد المقبل في تونس ضمن فعاليات «مهرجان الجمّ». تلي ذلك عودة خريفية لحفلات الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية بقيادته. على الروزنامة كذلك، مواعيد كثيرة مع الذات تحفيزاً للمؤلّف الذي يسكنه، كي يبدأ بسَكب المعزوفات المقيمة في الرأس، على الورق.


مقالات ذات صلة

الأوبرا المصرية تستقبل الكريسماس بحفل عالمي في الإسكندرية

يوميات الشرق أغاني عيد الميلاد في أوبرا الإسكندرية (دار الأوبرا المصرية)

الأوبرا المصرية تستقبل الكريسماس بحفل عالمي في الإسكندرية

استقبلت دار الأوبرا المصرية احتفالات الكريسماس لهذا العام بحفل غنائي في مسرح سيد درويش «أوبرا الإسكندرية» تضمن عزف مقطوعات موسيقية من أشهر الأعمال الكلاسيكية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الوتر السادس عمرو سليم لـ«الشرق الأوسط»: أفكر في العودة إلى التلحين

عمرو سليم لـ«الشرق الأوسط»: أفكر في العودة إلى التلحين

قال الموسيقار وعازف البيانو المصري عمرو سليم إن بينه وبين المطرب مدحت صالح كيمياء خاصة جعلتهما يشكلان ثنائياً ناجحاً في الحفلات الغنائية.

انتصار دردير (القاهرة)
الوتر السادس شيراز لـ«الشرق الأوسط»: النجومية لا تكتسب بل تولد مع صاحبها

شيراز لـ«الشرق الأوسط»: النجومية لا تكتسب بل تولد مع صاحبها

في كل مرة تبتعد فيها الفنانة شيراز عن الساحة الفنية تعود بعمل يفاجئ جمهورها وتتحوّل إلى حديث الناس.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق تفاعل الجماهير في مسرح «ساوندستورم 2025» (ميدل بيست)

ختام «ساوندستورم 2025» يرسخ مفهوم المدينة الموسيقية في الرياض

أسدل مهرجان «ساوندستورم 2025» الذي تنظمه شركة «ميدل بيست» الستار على نسخة استثنائية حوَّلت أرض المهرجان في الرياض إلى مدينة موسيقية.

فاطمة القحطاني (الرياض)
يوميات الشرق تحتفي جوائز «جوي أواردز» بنجوم السينما والدراما والموسيقى والإخراج والرياضة والمؤثرين العرب (هيئة الترفيه)

انطلاق التصويت لجوائز «جوي أواردز 2026»

انطلق التصويت لجوائز صُنَّاع الترفيه «جوي أواردز 2026»، التي تُعدّ الأرقى والأضخم في المنطقة، بعد اكتمال مرحلة التسمية التي شهدت تفاعلاً واسعاً من الجمهور.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

من الألم إلى الإبداع... كيف يُعيد الفن بناء الذات؟

التعافي من مرض مزمن كان تحدياً صعباً لبيثاني ويليامز (غاليري بيثلم)
التعافي من مرض مزمن كان تحدياً صعباً لبيثاني ويليامز (غاليري بيثلم)
TT

من الألم إلى الإبداع... كيف يُعيد الفن بناء الذات؟

التعافي من مرض مزمن كان تحدياً صعباً لبيثاني ويليامز (غاليري بيثلم)
التعافي من مرض مزمن كان تحدياً صعباً لبيثاني ويليامز (غاليري بيثلم)

في بعض الأحيان، يكون الفن أكثر من مجرد إبداع؛ يكون ملاذاً، وطريقة لاستعادة الذات المفقودة بين الألم والصمت. هذا ما اكتشفته الفنانة الشابة بيثاني ويليامز، التي وجدت في ممارسة الفن وسيلة لإعادة الاتصال بنفسها تدريجياً بعد صراع طويل مع مرض مزمن.

معرضها الأول «هذا المكان البري، المؤلم حدّ الوجع، والجميل»، يعكس رحلتها الشخصية بكل تفاصيلها الدقيقة. المعرض، المعروض حالياً في لندن، ليس مجرد قطع فنية، بل هو سرد حي لتجربة إنسانية عميقة، تحكي قصة الألم، والصبر، والتعافي.

في عام 2013، شُخِّصت ويليامز بـ«الصداع اليومي المستمر الجديد»، مرض يزرع الألم في الرأس والوجه بلا هوادة. وحين دخلت في فترة هدوء مؤقتة، عاد المرض عام 2022 بأعراض أقسى، أجبرتها على ملازمة الفراش لفترة طويلة. عن تلك المرحلة الصعبة تقول: «قضيت عاماً ونصف العام طريحة الفراش، ثم بدأت أتحسن ببطء شديد، وكانت تلك المرحلة بالغة الصعوبة».

المعرض، كما تصفه، هو «رسالة حب إلى الأرض التي احتضنتني، وإلى الألم الذي غيّرني، وإلى نسخة من نفسي لم أكن أتوقع أن ألتقيها يوماً». وخلال تلك الفترة الحرجة، عادت ويليامز، الفائزة مؤخراً بجائزة مجلس الأزياء البريطاني وصندوق فوغ للمواهب الصاعدة، إلى جزيرة مان، لتجد فيها المساحة والوقت لإعادة التواصل مع إبداعها الفني واستعادة توازنها الداخلي؛ وفق «بي بي سي».

رحلتها نحو التعافي كانت مليئة بالتجارب المتنوعة؛ من العمل بالخزف إلى الانغماس في الطبيعة، وهي تقول إن هذه اللحظات «أعادتني إلى ذاتي ببطء». وأضافت: «طورنا في المعرض منحوتات ضوئية، وبما أنني كنت شديدة الحساسية تجاه الضوء، أردت استخدامه كرمز لتقدمي في التعافي».

تصاميمها استُلهمت من المناظر الطبيعية ورحلتها في التعافي (غاليري بيثلم)

المعرض، أول عرض فردي لها، يضم 3 منحوتات ضوئية نسيجية تمثل مراحل التعافي المختلفة، إلى جانب منحوتات بورسلان، ولوحات فنية، وتركيب من الأقمشة، وشاشة خشبية. وتقول ويليامز إن هذه الأعمال تختزل مسيرتها نحو الشفاء، رحلة «مؤلمة إلى حد كبير، لكنها حملت معها دروساً حياتية جميلة للغاية».

إلهامها جاء من الطبيعة الساحرة لجزيرة مان: الأحجار القائمة في العراء، والمرتفعات الشامخة، والأشجار التي شكلتها الرياح العاتية. وأضافت أن المناطق المرتفعة، حيث تنمو ثمار العليق والتنور ونبات الخلنج، كانت بالنسبة لها «منعزلة على نحو جميل».

وعن أسلوبها الفني، تقول: «كنت أسعى لخلق إحساس شبحاني، غامض وجميل في آن واحد، يشبه تلك اللحظة التي يفقد فيها الإنسان ذاته ثم يعود إليها تدريجياً». وختمت: «إنه رسالة حب إلى الأرض التي احتضنتني، وإلى الألم الذي غيّرني، وإلى النسخة من نفسي التي لم أكن أتوقع أن ألتقيها».

يستضيف «غاليري بيثلم» في لندن المعرض حالياً حتى نهاية يناير (كانون الثاني)، وسيُنقل لاحقاً إلى «بيت مانانان» عام 2027، ليبقى شاهداً حياً على رحلة فنانة استطاعت تحويل الألم إلى جمال، والفقدان إلى اكتشاف الذات.


مصر: هروب جماعي لمدمنين يثير تساؤلات بشأن طبيعة عمل المصحّات

جانب من عمليات التفتيش على منشآت علاج الإدمان (الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان)
جانب من عمليات التفتيش على منشآت علاج الإدمان (الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان)
TT

مصر: هروب جماعي لمدمنين يثير تساؤلات بشأن طبيعة عمل المصحّات

جانب من عمليات التفتيش على منشآت علاج الإدمان (الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان)
جانب من عمليات التفتيش على منشآت علاج الإدمان (الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان)

أثارت واقعة هروب جماعي لعدد من مرضى الإدمان في مصر من داخل إحدى المصحات الخاصة في محافظة الجيزة تساؤلات بشأن بروتوكول العلاج بالمصحات ومدى الالتزام بتطبيق الإجراءات العلمية المتبعة للعلاج داخلها.

وانتشر، الأحد، عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لهروب جماعي لعدد من المرضى في منطقة المريوطية بالجيزة، مع أحاديث انتشرت عبر هذه المواقع بشأن «سوء معاملة» داخلها، في حين أكدت وزارة «الصحة» المصرية أن المنشأة «غير مرخصة من الأساس، وتمارس نشاطاً غير قانوني عبر انتحال صفة (منشأة طبية)، مع التحرك الفوري لمحاسبة المسؤولين القائمين عليها وإحالة الواقعة للنيابة العامة من أجل غلقها نهائياً».

منشآت غير مرخصة

وأكدت الوزارة تشكيل لجان لتنفيذ حملات تفتيش موسعة على المنشآت الطبية غير المرخصة على مستوى الجمهورية، وبمشاركة المجلس القومي للصحة النفسية والأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، إلى جانب وزارة الداخلية، حيث أسفرت هذه الحملات خلال عام 2025 عن إغلاق مئات المنشآت المخالفة، منها 112 منشأة في 5 محافظات فقط خلال النصف الأول من العام.

وهذه ليست المرة الأولى التي تحدث فيها مشكلات داخل مراكز غير مرخصة، مع تكرار وقائع هروب المقيمين في المراكز غير المرخصة أو الحاصلة على تراخيص قانونية، التي كان منها وفاة شقيق المطرب رامي صبري بعد هروبه من مركز مماثل في المنطقة نفسها في يوليو (تموز) 2021.

توقيع مذكرة تفاهم مع «فياترس» لتطوير مجالات الرعاية الصحية بملف الصحة النفسية (الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان)

وقالت عضو لجنة الصحة في مجلس النواب، إيرين سعيد، لـ«الشرق الأوسط»، إن الواقعة تفتح الباب أمام تساؤلات عدّة حول غياب الرقابة والتفتيش المستمر على مراكز علاج الإدمان، على الرغم من تعدد الجهات التي يفترض أن تقوم بهذا الدور وفقاً للقانون، مشيرة إلى أن «الحصول على تراخيص لإقامة منشأة طبية أمر يمر عبر جهات عدّة ويستلزم استيفاء شروط وتراخيص قبل البدء في ممارسة عملها».

وأضافت أن «المراكز غير المرخصة والمنتشرة في مواقع كثيرة تفتقد للعديد من الأساسيات الواجب توافرها، ليس بالعلاج فقط، ولكن في توفير الظروف التي يمكن أن تساعد المدمن على التعافي»، مؤكدة أن «هذا الأمر يتطلب تحركاً واضحاً للعمل على إغلاقها وتوفير البدائل، خصوصاً لما يشكله هذا الأمر من خطورة داهمة».

فجوة كبيرة

المدير السابق ومؤسس وحدة الإدمان في مستشفى «العباسية للصحة النفسية»، عبد الرحمن حماد، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك فجوة عالمية بعدد الأسِرّة المتوفرة من أجل معالجة المدمنين على مستوى العالم، وليس في مصر فقط»، مشيراً إلى أن «تجهيز منشأة للعلاج النفسي يتطلب تراخيص من نقابة (الأطباء) و(المجلس القومي للصحة النفسية)، بالإضافة إلى إدارة (العلاج الحر) في وزارة الصحة، وهو أمر لا تلتزم به غالبية المصحات التي تتلقى مبالغ متواضعة مقابل علاج المرضى».

وأضاف أن «هناك مصحات كثيرة لا توفر بيئة علاجية مرتبطة بمكان جيد وطعام مناسب وإشراف طبي ونفسي واجتماعي ورياضي للمريض في رحلته للتعافي»، موضحاً أن «جزءاً من الأزمة يكون مرتبطاً برغبة الأهالي في إدخال مرضاهم لمصحة من أجل تلقي العلاج، وربما صعوبة العثور على مكان في مستشفى حكومي مع وجود حالات انتظار كثيرة يتسبب في إيداعهم بمصحات غير مرخصة».

وتابع أن «علاج الإدمان يتطلَّب معايير متعددة لا تتوافر في المصحات غير المرخصة بشكل كبير»، موضحاً أن «الحملات الرقابية التي ساهمت في إغلاق كثير منها يتم التحايل عليها بإعادة فتحها في مبانٍ جديدة مع سهولة التجهيزات التي تتطلبها من وجهة نظر القائمين عليها، والمرتبطة بتركيب أبواب حديدية وشبابيك مماثلة لمنع المرضى من الهرب».

دار غير مرخصة لعلاج الإدمان بالإسكندرية (الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان)

وهنا يشير أستاذ الطب النفسي جمال فرويز لـ«الشرق الأوسط» إلى المبالغ المالية الكبيرة التي يتطلبها إنشاء مصحة مرخصة وتجعل الشريحة الكبرى من المواطنين غير قادرة على التعامل معها من الناحية المالية، مؤكداً أن «متوسط يوم العلاج في المستشفى وفق المعايير الطبية المطلوبة لا يجب أن يقل عن 8 آلاف جنيه (الدولار يعادل 47.5 جنيه في البنوك) وهو أمر لا يناسب الشريحة الكبرى من المرضى».

طريقة قاسية

وأضاف أن «أسراً كثيرة تلجأ إلى المصحات غير المرخصة التي تتقاضى في المتوسط من الأسرة ما بين 10 إلى 15 ألف جنيه شهرياً، في مقابل احتجازه للعلاج، مؤكداً أن طرق العلاج المتبعة في داخلها تكون قاسية في كثير من الأحيان، وترتكز على منع المدمن من التعاطي، لكن من دون أي اعتبارات أخرى، وهو أمر قد تكون له تداعيات سلبية بشكل كبير على حياته بعد الخروج منها».

ووفق بيانات «صندوق مكافحة الإدمان»، فإن عددَ من تقدموا للعلاج في 2025 بلغ نحو 150 ألفاً، في حين خضع أكثر من ربع مليون فرد للكشف الإداري لبيان مدى تعاطيهم المواد المخدرة من عدمه، فيما يتبنى الصندوق التابع لوزارة «التضامن الاجتماعي» خطة وطنية لمكافحة المخدرات والحدّ من مخاطر التعاطي والإدمان، بدأ تنفيذها في 2024 وتستمر لمدة 4 سنوات.


أغنية «فصلة» تعيد التراث الموسيقي البحريني للواجهة عالمياً

الرابر البحريني حسام عاصم الشهير بـ«فليبراتشي» (إنستغرام)
الرابر البحريني حسام عاصم الشهير بـ«فليبراتشي» (إنستغرام)
TT

أغنية «فصلة» تعيد التراث الموسيقي البحريني للواجهة عالمياً

الرابر البحريني حسام عاصم الشهير بـ«فليبراتشي» (إنستغرام)
الرابر البحريني حسام عاصم الشهير بـ«فليبراتشي» (إنستغرام)

أعاد الرابر البحريني حسام عاصم الشهير بـ«فليبراتشي» التراث الموسيقي البحريني إلى الواجهة العالمية بعد النجاح اللافت الذي حققته أغنيته الشهيرة «فصلة»؛ إذ تصدرت الأغنية قوائم أكثر الأغاني نجاحاً ورواجاً في المنطقة العربية خلال الشهر الحالي عبر منصات «بيلبورد» العربية، في قوائم أفضل 100 فنان، وأفضل 100 أغنية، وأفضل 50 «هيب هوب» عربياً، كما حظيت بانتشار واسع على أبرز المنصات الموسيقية الدولية، من بينها «سبوتيفاي» في الهند التي احتلت قمتها.

صدرت أغنية «فصلة» منتصف عام 2024، من خلال تعاون «فليبراتشي» مع «الدي جي أوتلو»، بهدف مزج التراث الموسيقي البحريني القديم مع الآلات الموسيقية الحية مثل الطبول، إضافة إلى إدخال الآلات الموسيقية الهندية التقليدية، أبرزها آلة الشيناي، ليولد هذا المزج تجربة موسيقية فريدة.

ورغم جودة العمل، فإن الأغنية لم تحقق النجاح إلا في عدة دول خليجية، من بينها الكويت والإمارات والبحرين، إلى أن قرر المخرج الهندي أديتيا دهار استخدامها ضمن فيلمه الجديد «Dhurandhar» أو «البطل»، الذي عُرض في دور السينما الهندية بداية ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

الأغنية حققت نجاحاً لافتاً (إنستغرام)

ويعد فيلم «Dhurandhar» الذي صدر في 5 ديسمبر 2025 أحد أبرز الأعمال السينمائية الهندية في موسم الاحتفالات، وحقق منذ إطلاقه اهتماماً جماهيرياً واسعاً على مستوى الإنتاجات السينمائية لهذا العام. الفيلم من كتابة وإخراج أديتيا دهار، الذي شارك أيضاً في الإنتاج إلى جانب لوكيش دار وجيوتي ديشباندي تحت راية استوديوهات «Jio Studios» و«B62 Studios»، ويعد من الأعمال التي تمزج بين الحركة والتجسس والإثارة، ويضم مجموعة من أبرز نجوم بوليوود، من بينهم رانفير سينغ في الدور القيادي، إلى جانب أكشاي خانا، وسانجاي دوت، وأرجون رامبال.

بوستر الفيلم الهندي (إنستغرام)

وقد أدت هذه الخطوة إلى انفجار شعبي للأغنية على منصات التواصل، ولا سيما «تيك توك»، بعد أن قام عدد من أبرز نجوم السينما الهندية بالغناء والرقص عليها، من بينهم رانفير سينغ، وأكشاي خانا، وسانجاي دوت، وأرجون رامبال، ما ساهم في إعادة تعريف الأغنية لمستمعين عالميين. ولم تُستخدم أغنية «فصلة» في الفيلم لغرض الترويج فقط، بل دخلت في مشهد عفوي ضمن أحداث العمل؛ إذ رقص البطل أكشاي خانا على أنغام الأغنية دون أي تدريب مسبق، مما ساعد في انتشار الأغنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

تصدرت الأغنية منصة «سبوتيفاي» في الهند (إنستغرام)

وعبّر «فليبراتشي» عن سعادته بتصدر موسيقاه لأربع قوائم على «بيلبورد» العربية، واصفاً الإنجاز بأنه «أكثر من مجرد فوز، بل تذكير لبداياتنا في عالم الموسيقى». وقال عبر حسابه الرسمي على «إنستغرام»: «النجاح جاء بعد سنوات من الإيمان والتضحيات والسهر. شكراً لجمهوري، وخصوصاً في الهند، على دعمكم وحبكم الذي جعل الموسيقى تتخطى الحدود واللغات والثقافات»، مضيفاً: «ممتنون، وما زلنا متعطشين، وهذه مجرد البداية. شكراً لأنكم صنعتم التاريخ معنا».

«فليبراتشي» (إنستغرام)

من جانبه، يرى الناقد والمؤرخ الموسيقي فوزي إبراهيم أن «السر الرئيسي وراء نجاح أغنية (فصلة) يكمن في قدرة (فليبراتشي) على مزج أهم الآلات الموسيقية الهندية مع تراث البحرين واليمن الغني بالألحان والمقطوعات الموسيقية».

وقال إبراهيم لـ«الشرق الأوسط»: «التراث اليمني والبحريني غني بالعديد من الأغاني والمقطوعات الرائعة، وأغنية (فصلة) أعادت إلى الأذهان أغنية (صبوحة خطبها نصيب) التي ذاع صيتها خليجياً منتصف خمسينات القرن الماضي، وكانت جزءاً رئيسياً في الأعراس العربية آنذاك». وأضاف: «المزيج الموسيقي الذي قدمه (فليبراتشي) بالتعاون مع (أوتلو) يجعل المستمع يرقص حتى لو لم يفهم كلمات الأغنية، فالموسيقى لغة عالمية تتجاوز الحواجز. كما ساهم استخدام كلمات محببة للجمهور الخليجي مثل (كرك)، و(زين)، و(يا للحبيب)... في تعزيز تفاعل المستمعين مع الأغنية».