دعوات تنظيم تحرك شعبي نحو معبر رفح تواجه انتقادات في مصر

تزامناً مع مطالبة شخصيات فلسطينية بإحالة ملف القطاع لـ«لجنة عربية» برئاسة القاهرة

معبر رفح البري مفتوح من الجانب المصري لكن دون دخول المساعدات (تصوير: محمد عبده حسنين)
معبر رفح البري مفتوح من الجانب المصري لكن دون دخول المساعدات (تصوير: محمد عبده حسنين)
TT

دعوات تنظيم تحرك شعبي نحو معبر رفح تواجه انتقادات في مصر

معبر رفح البري مفتوح من الجانب المصري لكن دون دخول المساعدات (تصوير: محمد عبده حسنين)
معبر رفح البري مفتوح من الجانب المصري لكن دون دخول المساعدات (تصوير: محمد عبده حسنين)

قوبلت دعوات، وجَّهتها «فصائل فلسطينية»، لتنظيم تحرك شعبي نحو معبر رفح بانتقادات في مصر، بوصفها «تصبُّ في صالح الاحتلال الإسرائيلي»، وتصرف الانتباه عن ممارساته في قطاع غزة بتحويل دفة الهجوم إلى القاهرة.

وجاءت هذه الدعوات تزامناً مع مطالبة شخصيات فلسطينية بإحالة ملف القطاع إلى «لجنة عربية» برئاسة مصر، ما عدَّه خبراء تحدَّثوا لـ«الشرق الأوسط» اقتراحاً «إيجابياً» يستهدف حلحلة الأزمة في ظل «انسداد الأفق السياسي».

وتضمَّن بيان حمل توقيع «فصائل العمل الوطني والإسلامي الفلسطيني»، السبت، توجيه دعوة إلى الشعب المصري لـ«التحرك وقيادة الجماهير نحو معبر رفح؛ للضغط من أجل فتحه فوراً، وإدخال المساعدات، وكسر الحصار عن غزة»، إلى جانب «دعوة الدول والشعوب العربية للقيام بواجبهم القومي والإنساني تجاه قطاع غزة، عبر التحرك الجاد لوقف العدوان وكسر الحصار، وإنقاذ سكان القطاع من الجوع والموت».

وحثَّ البيان، الذي تداولته وسائل إعلام فلسطينية، شعوب العالم الحرة، على «الخروج في مظاهرات واسعة أمام السفارات الإسرائيلية والأميركية، والمؤسسات الدولية؛ للضغط باتجاه وقف العدوان، ورفع الحصار وكسر المجاعة».

وأثارت هذه الدعوة انتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تصدَّرت «الفصائل الفلسطينية» «التريند» في مصر، وسط رفض واستنكار لصدور مثل هذه الدعوات «التي تخدم الرواية الإسرائيلية».

وانتقد المدون المصري، لؤي الخطيب، عبر حسابه على منصة «إكس»، الدعوة لتحرك شعبي نحو المعبر، وعدَّها «تحريضاً مباشراً من جانب حركة (حماس) ضد الاستقرار في مصر... وهدية لنتنياهو بعد قرار احتلال غزة لتنفيذ التهجير». كما عدَّ الإعلامي المصري، أحمد موسى، عبر حسابه على منصة «إكس»، تلك الدعوة «استمراراً لحملات التشهير والأكاذيب ضد مصر»، موجهاً انتقاداً حاداً للقيادي في حركة «حماس»، أسامة حمدان، الذي طالب في تصريحات تلفزيونية بـ«إدخال المساعدات إلى غزة حتى لو قصفتها إسرائيل».

كما انتقد الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، يوسف الحسيني، تصريحات حمدان وعدَّها، في منشور عبر حسابه على منصة «إكس»، محاولة لـ«خلق فوضى تؤدي لدخول الفلسطينيين إلى سيناء، وطبعاً توريط مصر في حرب».

فلسطينيون يراقبون تصاعد عمود من الدخان خلال غارة إسرائيلية على حي الزيتون جنوب مدينة غزة (أ.ف.ب)

ونهاية الشهر الماضي، أثارت تصريحات رئيس حركة «حماس» في غزة، خليل الحية، تساءل فيها عن دور القاهرة في «مجاعة غزة»، غضباً مصرياً على مواقع التواصل الاجتماعي، واتهم برلمانيون وإعلاميون الحية بـ«المزايدة» على دور القاهرة.

الأكاديمي المختص في الشؤون الاستراتيجية والأمن الإقليمي، العميد خالد عكاشة، أكد أن مثل هذه التصريحات والدعوات «تنم عن عدم إدراك من جانب القائمين عليها، وعدم قدرتهم على إنتاج خطاب قادر على مواجهة التحديات، لا سيما بعد إعلان إسرائيل عزمها احتلال القطاع».

وقال عكاشة إن «الإلحاح على مخاطبة منصات التواصل ووسائل الإعلام بمثل هذه الدعوات، يعكس خللاً في الرؤية، مصحوباً بأهداف خبيثة لا علاقة لها بنصرة القضية والفلسطينيين»، مشيراً إلى أن «هذه الدعوات تتجاهل الواقع على الأرض، وجهود القاهرة ودول أخرى لكسر الحصار في الأيام الأخيرة، عبر إدخال شاحنات المساعدات وعمليات الإنزال الجوي».

من جهته، وصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، هذه الدعوات بأنها «مشبوهة»، وتأتي في سياق «حملة موجهة ضد مصر؛ لإضعاف الدور المصري، ولفت الأنظار عن جرائم الاحتلال». وقال: «مثل هذه الدعوات هي أصوات نشاز تستهدف التغطية على ممارسات الاحتلال».

إسرائيل منحت ترخيصاً لمظاهرة أمام السفارة المصرية في تل أبيب لمحاولة «تحميل القاهرة مسؤولية تجويع أهل غزة» (متداولة)

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة اتهامات لمصر بـ«المشاركة في حصار قطاع غزة»، وصفتها القاهرة بـ«دعاية مغرضة»، تستهدف تشويه دورها الداعم للقضية الفلسطينية، وفنَّدها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة خلال الأيام الماضية.

في سياق متصل، طالبت شخصيات وطنية وأكاديمية ونقابية وأسرى محررون، ورجال إصلاح وعشائر من مختلف فصائل وشرائح الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حركة «حماس» بـ«الإعلان الفوري عن إحالة ملف غزة إلى لجنة عربية برئاسة مصر، وذلك لفترة انتقالية؛ تمهيداً لتولي السلطة الوطنية الفلسطينية زمام الأمور وبسط الولاية الكاملة على القطاع»، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

وأكدت هذه الشخصيات في بيان، السبت، ضمن «مبادرة الشعب والوطن أولاً - وثيقة الإنقاذ الوطني»، أن هذه الدعوة تستهدف «إنقاذ ما تبقَّى من الوطن والمواطن، وإسقاط مشروع التهجير والوطن البديل».

وأعرب الرقب عن تأييده لهذه الدعوة، التي «تأتي في إطار محاولة حلحلة الأوضاع، في ظل انسداد الأفق السياسي». وقال: «في ظل فقدان الأمل ستخرج الكثير من الدعوات، التي تستهدف نقل الإشراف على غزة مؤقتاً بغية حل الأزمة»، مؤكداً أنه «رغم الانتقادات لأداء السلطة الفلسطينية، فإنها تظل الجهة المنوط بها في النهاية تحمل مسؤولية القطاع»، في حين وصف عكاشة دعوة الشخصيات الفلسطينية بـ«الإيجابية»، معرباً عن اعتقاده أن المقصود منها «نقل ملف غزة إلى اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية، وتنحية حركة (حماس) عن المشهد بشكل يمكِّن المفاوضين من صياغة اتفاقات وإنقاذ الشعب الفلسطيني». وأشار في هذا السياق إلى أن «اللجنة الوزارية استطاعت خلال العامين الماضيين قيادة تحركات دبلوماسية أسهمت في تغيير الموقف الدولي من القضية الفلسطينية».

وقال عكاشة: «إن القضية الآن تحتاج إلى إدارة رشيدة تسهم في نقل المشهد للأمام، عبر تحركات دبلوماسية مدروسة»، منبهاً في هذا السياق إلى البيان الذي أصدرته «اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية» ضد قرار إسرائيل احتلال قطاع غزة، وتحركها لعقد جلسة في مجلس الأمن بهذا الصدد.

بوابة فرعية يمين بوابة معبر رفح تدخل منها الشاحنات في طريقها إلى معبر كرم أبو سالم (تصوير: محمد عبده حسنين)

وأعربت «اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية - الإسلامية الاستثنائية المشتركة»، بشأن التطورات بقطاع غزة، في بيان مشترك، السبت، عن «إدانتها الشديدة، ورفضها القاطع لإعلان إسرائيل نيتها فرض السيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة»، وعدّت أن «هذا الإعلان يُشكِّل تصعيداً خطيراً ومرفوضاً، وانتهاكاً للقانون الدولي، ومحاولة لتكريس الاحتلال غير الشرعي، وفرض أمر واقع بالقوة، يتنافى مع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة».

وأكدت اللجنة أن «هذا التوجه المعلن من جانب إسرائيل يأتي استمراراً لانتهاكاتها الجسيمة، القائمة على القتل والتجويع، ومحاولات التهجير القسري، وضم للأرض الفلسطينية وإرهاب المستوطنين، وهي جرائم قد ترقى لأن تكون جرائم ضد الإنسانية، كما أنها تُبدِّد أي فرصة لتحقيق السلام، وتقوِّض الجهود الإقليمية والدولية المبذولة للتهدئة وإنهاء الصراع».

وشدَّدت «اللجنة» على «ضرورة الوقف الفوري والشامل للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة»، وطالبت إسرائيل بـ«السماح العاجل وغير المشروط بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة»، كما شدَّدت على «دعم الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار، التي تبذلها كل من مصر وقطر والولايات المتحدة الأميركية»، مؤكدة «ضرورة العمل على البدء الفوري لتنفيذ الخطة العربية - الإسلامية لإعادة إعمار قطاع غزة، ورفض وإدانة أي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه بغزة والضفة الغربية». كما أكدت «ضرورة العمل على تنفيذ مخرجات المؤتمر رفيع المستوى للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية، وتنفيذ حل الدولتين، الذي انعقد في نيويورك برئاسة السعودية وفرنسا».


مقالات ذات صلة

بعد قطيعة بسبب حرب غزة... بوليفيا وإسرائيل تستأنفان العلاقات

شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

بعد قطيعة بسبب حرب غزة... بوليفيا وإسرائيل تستأنفان العلاقات

أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، أن إسرائيل وبوليفيا ستوقعان اتفاقاً لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، بعد عامين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جندي إسرائيلي يقف وسط الأنقاض في رفح جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز) play-circle

تحركات إسرائيلية لفرض منطقة عازلة جديدة في غزة

أظهرت تحركات ميدانية إسرائيلية متواصلة سعياً لفرض منطقة عازلة جديدة في قطاع غزة بعمق يقارب 3 كيلومترات غرب الأصفر الذي يفصل بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا الحكومة البريطانية تعلن استضافة مؤتمر لإنشاء صندوق دولي للسلام من أجل إسرائيل وفلسطين (إ.ب.أ)

بريطانيا تعلن استضافة مؤتمر «لبناء السلام» لفلسطين وإسرائيل في مارس المقبل

أعلنت الحكومة البريطانية، الثلاثاء، أنها سوف تستضيف في الثاني عشر من مارس (آذار) المقبل مؤتمراً هاماً لبناء السلام والمساعدة في إنشاء صندوق دولي للسلام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي فلسطينيون نازحون داخلياً بينهم أطفال يحملون أواني الطعام في أثناء تجمعهم لتلقي الطعام من مطبخ خيري في مدينة غزة أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

«يونيسف»: أعداد «صادمة» من أطفال غزة ما زالوا يعانون سوء التغذية الحاد

حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، اليوم (الثلاثاء)، من استمرار ارتفاع حالات سوء التغذية الحاد بين الأطفال في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية قوات إسرائيلية عند المعبر الحدودي الرئيسي بين الضفة الغربية والأردن (أ.ف.ب)

إسرائيل تعلن إعادة فتح معبر اللنبي مع الأردن بدءاً من الأربعاء

أعلنت إسرائيل اليوم (الثلاثاء)، عزمها على إعادة فتح معبر اللنبي (جسر الملك حسين) مع الأردن غداً (الأربعاء) لنقل البضائع والمساعدات إلى الضفة الغربية وقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تحطم طائرة عسكرية سودانية أثناء محاولتها الهبوط ومقتل طاقمها

أفراد من الجيش السوداني يسيرون بجوار مركبات عسكرية مدمرة في العاصمة السودانية الخرطوم (رويترز - أرشيفية)
أفراد من الجيش السوداني يسيرون بجوار مركبات عسكرية مدمرة في العاصمة السودانية الخرطوم (رويترز - أرشيفية)
TT

تحطم طائرة عسكرية سودانية أثناء محاولتها الهبوط ومقتل طاقمها

أفراد من الجيش السوداني يسيرون بجوار مركبات عسكرية مدمرة في العاصمة السودانية الخرطوم (رويترز - أرشيفية)
أفراد من الجيش السوداني يسيرون بجوار مركبات عسكرية مدمرة في العاصمة السودانية الخرطوم (رويترز - أرشيفية)

تحطّمت طائرة نقل عسكرية سودانية، يوم أمس (الثلاثاء)، أثناء محاولتها الهبوط في قاعدة جوية في شرق البلاد، ما أسفر عن مقتل جميع أفراد طاقمها، وفق ما أفاد مصدران عسكريان.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر عسكري، قوله إن «عطلاً فنياً تسبب في تحطم طائرة شحن تتبع للجيش من طراز إليوشن أثناء محاولتها الهبوط في قاعدة دقنه الجوية».

وأفاد مصدر عسكري آخر بـ«مقتل جميع طاقم الطائرة من طراز إليوشن 76».

ولم يكشف الجيش السوداني عدد الأفراد الذين كانوا في الطائرة العسكرية، ولم يتم إصدار أي حصيلة رسمية للضحايا.

ولطالما كانت طائرة الشحن إليوشن-76، المصممة في الاتحاد السوفياتي، بمثابة العمود الفقري للجيش السوداني وتستخدم لنقل الإمدادات والأفراد عبر خطوط المواجهة.

ويأتي هذا الحادث فيما يعاني السودان إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وأسفرت الحرب المتواصلة منذ أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان ،وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، عن مقتل عشرات الآلاف ودفعت نحو 12 مليوناً إلى النزوح داخل البلاد أو اللجوء إلى خارجها، وأدت إلى تدمير البنية التحتية.


المعارضة التونسية شيماء عيسى تواصل إضراباً عن الطعام لليوم التاسع في السجن

الناشطة السياسية شيماء عيسى (أ.ف.ب)
الناشطة السياسية شيماء عيسى (أ.ف.ب)
TT

المعارضة التونسية شيماء عيسى تواصل إضراباً عن الطعام لليوم التاسع في السجن

الناشطة السياسية شيماء عيسى (أ.ف.ب)
الناشطة السياسية شيماء عيسى (أ.ف.ب)

تواصل الناشطة السياسية التونسية في «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة، شيماء عيسى، إضراباً عن الطعام لليوم التاسع على التوالي احتجاجاً على ظروف اعتقالها. وأوقفت عيسى من جانب رجال من الشرطة بزي مدني في الأول من ديسمبر (كانون الأول) الجاري خلال مشاركتها بمسيرة للمعارضة، تطبيقاً لعقوبة صادرة بحقها من محكمة الاستئناف في قضية التآمر على أمن الدولة، وبدأت إضرابها عن الطعام فور دخولها السجن.

وسبق أن اعتقلت شيماء عيسى (45 عاماً) في فبراير (شباط) 2023، ووضعت في الإيقاف التحفظي، لكن أفرج عنها في يوليو (تموز) من العام نفسه. وحُكم عليها بالسجن 18 عاماً في المحكمة الابتدائية، ورفع الحكم إلى 20 عاماً في الاستئناف.

وبالإضافة إلى عيسى أوقفت السلطات كذلك زعيم «جبهة الخلاص الوطني»، السياسي البارز أحمد نجيب الشابي (82 عاماً)، بالقضية نفسها، وصدر ضده حكم بالسجن لمدة 12 عاماً. كما اعتقل المحامي المعارض العياشي الهمامي (66 عاماً) لتطبيق حكم بسجنه لمدة خمس سنوات بتهم بـ«الإرهاب».

وقال بسام خواجا، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة «هيومن رايتس ووتش»: «اعتقال شخصيات معارضة بارزة هو أحدث خطوة في مخطط الرئيس قيس سعيد للقضاء على أي بديل لحكمه المتفرد. وبهذه الاعتقالات، نجحت السلطات التونسية فعلياً في وضع الجزء الأكبر من المعارضة السياسية وراء القضبان».

وترفض المعارضة وجبهة الخلاص الوطني حكم الرئيس قيس سعيد، الذي يقود السلطة بصلاحيات واسعة منذ إعلانه التدابير الاستثنائية في 25 يوليو 2021، وإرسائه لاحقاً لنظام سياسي جديد، وتطالب باستعادة الديمقراطية. في المقابل، تتهم السلطة الموقوفين بمحاولة قلب نظام الحكم وتفكيك مؤسسات الدولة، فيما تتهم المعارضة النظام القائم بتلفيق تهم سياسية إلى السجناء، وإخضاع القضاء إلى أوامره.


أحزاب مصرية لاستعادة توازنها بالمنافسة في باقي «الدوائر الملغاة» بانتخابات «النواب»

ناخبون خلال التصويت في إحدى الدوائر الـ19 الملغاة (تنسيقية شباب الأحزاب)
ناخبون خلال التصويت في إحدى الدوائر الـ19 الملغاة (تنسيقية شباب الأحزاب)
TT

أحزاب مصرية لاستعادة توازنها بالمنافسة في باقي «الدوائر الملغاة» بانتخابات «النواب»

ناخبون خلال التصويت في إحدى الدوائر الـ19 الملغاة (تنسيقية شباب الأحزاب)
ناخبون خلال التصويت في إحدى الدوائر الـ19 الملغاة (تنسيقية شباب الأحزاب)

قبل انطلاق جولة الإعادة في الدوائر الثلاثين الملغاة بقرار قضائي في انتخابات مجلس النواب المصري، الأربعاء ولمدة يومين، تدخل الأحزاب السياسية مرحلة حاسمة في محاولة لاستعادة توازنها بعد «مفاجأة» أحدثها المرشحون المستقلون بالاقتراع في 19 دائرة أخرى سبق أن ألغتها الهيئة الوطنية للانتخابات.

فقد أظهرت النتائج الأولية للدوائر الـ19 التي أُبطلت نتائجها سابقاً تقدماً ملحوظاً للمستقلين على حساب المرشحين الحزبيين، ما حدا بالبرلماني والإعلامي المصري مصطفى بكري إلى توقع أنهم سيكونون «مفاجأة هذه الانتخابات»، وفق ما قال لـ«الشرق الأوسط».

في المقابل، كثفت الأحزاب الرئيسية: «مستقبل وطن» و«حماة الوطن» و«الجبهة الوطنية»، جهودها وتحركاتها الدعائية قبل بدء التصويت الجديد، وعملت على إعادة هيكلة خططها التعبوية بهدف الدخول في جولة الإعادة بدرجة عالية من الجاهزية.

وبحسب وسائل إعلام محلية، وضعت هذه الأحزاب منظومات متابعة ميدانية دقيقة داخل اللجان، مع تفعيل مجموعات عمل متخصصة لمراقبة المخالفات المحتملة وتقييم الملاحظات التي ظهرت في المرحلة السابقة.

وكانت حالة من الجدل الواسع قد شغلت الرأي العام بعدما شهدت المرحلة الأولى مخالفات واسعة النطاق دفعت الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى مطالبة الهيئة الوطنية للانتخابات بمراجعة ما جرى، وهو ما نتج عنه إلغاء نتائج 19 دائرة دفعة واحدة، ثم إبطال نتائج 30 دائرة أخرى بقرار من المحكمة الإدارية العليا.

ورسم هذا الوضع غير المسبوق ملامح معركة انتخابية متقلبة تخوضها الأحزاب وسط تحديات غير اعتيادية، أبرزها صعود قوة المستقلين وإعادة الاقتراع في عدد كبير من الدوائر.

غرفة عمليات حزب «الجبهة الوطنية» الثلاثاء (صفحة الحزب)

ويتزايد اقتناع محللين سياسيين بأن صعود المستقلين بات السمة الأبرز في هذه الانتخابات.

ويلفت الكاتب الصحافي عماد الدين حسين إلى أن المستقلين أحرزوا نتائج جيدة في الجولة الأولى، وصعدوا للمنافسة على 30 مقعداً في إعادة الدوائر الـ19؛ وهو ما يجعله يرى أن «فرصهم في حصد عدد مهم من المقاعد تبدو مرتفعة».

كما أشار في مقال له هذا الأسبوع إلى أن المرحلة الثانية نفسها تشهد استمرار الظاهرة، حيث يخوض نحو 117 مستقلاً جولة الإعادة مقابل 66 مرشحاً فقط من الأحزاب الكبرى.

وتكشف خريطة المنافسة الحالية في الدوائر الملغاة وجود 44 مرشحاً للأحزاب الكبرى في مواجهة نحو 500 مستقل، وهي معادلة تُظهر حجم التحدي الذي تواجهه الأحزاب التقليدية.

ووفق الأرقام الرسمية، يتوزع المرشحون الحزبيون على النحو التالي: «مستقبل وطن» 19 مرشحاً، و«حماة الوطن» 14 مرشحاً، و«الجبهة الوطنية» 11 مرشحاً، و«العدل» 11، و«المصري الديمقراطي» 12، و«الشعب الجمهوري» و«النور» و«الوفد» بأعداد أقل.

طابور من الناخبين خلال التصويت بإحدى الدوائر الـ19 الملغاة (تنسيقية شباب الأحزاب)

واختُتمت الثلاثاء عملية تصويت المصريين في الخارج بالدوائر الملغاة، على أن تُعلن النتائج النهائية في 18 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، فيما تُعقد جولة الإعادة بالخارج يومي 31 ديسمبر و1 يناير (كانون الثاني) المقبل، وفي الداخل يومي 3 و4 يناير، على أن تصدر النتيجة النهائية في 10 يناير 2026.

ويرصد نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، عماد جاد، صراعاً قائماً بين اتجاهين سياسيين، الأول يتمسك باستمرار العملية الانتخابية وإكمال تشكيل البرلمان، وهو موقف أحزاب الموالاة التي يرى أنها مستعدة «للتضحية بعدد من مرشحيها مقابل الحفاظ على المشهد البرلماني واستقراره»، والثاني يدعو إلى «تغيير جذري يشمل مراجعة قوانين انتخابات البرلمان».

ومن المقرر أن تنظر المحكمة الإدارية العليا، الأربعاء، 257 طعناً انتخابياً قدمها مرشحون ضد قرارات فرز الجولة الأولى من المرحلة الثانية لانتخابات النواب 2025.

ومن بين 300 طعن سبق أن نظرتها المحكمة، أُحيل 40 منها للنقض لعدم الاختصاص، ورُفضت 3 طعون، لتتبقى الطعون الجاري البت فيها.