السلطات الإسرائيلية تهدّد المحامين الذين يدافعون عن الأسرى الفلسطينيين

فتح ملفات جنائية ضد 52 منهم بحجة نقل معلومات محظورة إلى المعتقلين

واجهة سجن «مجدو» الإسرائيلي (أرشيفية - رويترز)
واجهة سجن «مجدو» الإسرائيلي (أرشيفية - رويترز)
TT

السلطات الإسرائيلية تهدّد المحامين الذين يدافعون عن الأسرى الفلسطينيين

واجهة سجن «مجدو» الإسرائيلي (أرشيفية - رويترز)
واجهة سجن «مجدو» الإسرائيلي (أرشيفية - رويترز)

في إطار الحصار الذي تفرضه على الأسرى الفلسطينيين في سجونها، تلاحق السلطات الإسرائيلية المحامين الذين يدافعون عنهم. فتهددهم وتصدر قرارات بمنع عدد منهم من دخول السجون ولقاء موكليهم. ومنذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فتحت مصلحة السجون 52 ملفاً جنائياً ضد محامين تتهمهم فيها بتمرير معلومات ورسائل ممنوعة إلى الأسرى.

وروى عدد من المحامين، لصحيفة «هآرتس» بعض القصص عن هذه الرسائل الممنوعة، فتبين أن إحداها ورقة ملاحظات حملها محام يهودي لطبيب من غزة أسير، تخبره فيها عائلته أنها بخير وانتقلت إلى بيت لاهيا في شمال غزة، وترجوه ألا يقلق عليها، وأن رابطة «أطباء لأجل حقوق الإنسان» التي يعمل فيها جددت صرف راتبه. لكن إدارة سجن عوفر قرب رام الله قررت معاقبته بمنعه من دخول المعتقل شهراً كاملاً. وفسرت ذلك في بيان قالت فيه إن محامياً يهودياً مشتبهاً في أنه مرر معلومات أمنية خطيرة إلى أحد الإرهابيين.

وروت المحامية إيمان عواد كيف حاولت إدخال أفراد عائلة أحد الأسرى إلى قاعة المحكمة، فاعترض مدير سجن عوفر، قائلاً لها: «إنك تساندين إرهابيين». لكن القاضي أدخلهم. فانتقم منها المدير بمنعها من دخول المعتقل طوال شهر.

أسرى فلسطينيون في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

والمعروف أن عدد الأسرى الفلسطينيين يصل إلى 10800 شخص (كان 5500 قبل 7 أكتوبر)، بينهم 50 أسيرة من النساء و3629 أسيراً إدارياً (بلا تهمة)، و450 طفلاً (أقل من 17 عاماً). ومنذ الحرب تدير مصلحة السجون سياسة جديدة، تشدد فيها القمع وتفرض حصاراً عليهم يجعلهم مقطوعين عن العالم الخارجي، وتمنع عنهم زيارات الأهل. وتخوض حركات حقوق الإنسان معركة قضائية وشعبية ضد هذه الإجراءات، بعدّها مناهضة للمواثيق الدولية.

وبحسب تقرير «هآرتس»، فإن السلطات الإسرائيلية لا تكتفي بإجراءات القمع والتنكيل للأسرى، بل تدير حملة مضايقات ضد محامي الدفاع عنهم.

ووفق تقرير لنادي الأسير الفلسطيني، صدر قبل أسبوعين، فإن زيارات المحامين التي نُفّذت في الفترة الواقعة بين الأول ومنتصف يوليو (تموز) 2025، إلى مختلف المعتقلات التي يُحتجز فيها الأسرى (عددها 23 معتقلاً)، تفيد بأن الأسرى يعانون ظروفاً بعيدة عن الإنسانية تتسم بالانتهاكات والجرائم المستمرة، ومن أبرزها: سياسة تجويع، واعتداءات جسدية، وتفشي مرض الجرب (السكابيوس) بين صفوفهم، بمن في ذلك الأطفال المحتجزون في سجني مجدو وعوفر، إضافة إلى الحرمان المنهجي من العلاج، الذي حوّل الغالبية العظمى من الأسرى مرضى بدرجات متفاوتة. وقد تضمنت إحدى الإفادات تعرُّض أسير لاعتداء تسبب بكسر في أضلاعه، كما تعمدت وحدات «الكيتر» إطفاء السجائر في جسده. كما أوردت إفادات أخرى استخدام «الفرد الكهربائي» في ضرب الأسرى، وإطلاق الرصاص المطاطي على أطرافهم.

أسرى فلسطينيون في سجن إسرائيلي (أرشيفية - مصلحة السجون)

ووفق بيان مشترك للنادي مع «هيئة شؤون الأسرى والمحررين»، فإن معتقلي قطاع غزة الذين لا يعرف عددهم الدقيق بعد (إسرائيل تعترف بوجود 2454 أسيراً من غزة، لكن هذا الرقم لا يشمل أولئك المحتجزين في معسكرات الجيش)، يتعرضون لأبشع تنكيل. ومن الشهادات التي جمعتها الهيئتان، يتضح أن العشرات منهم تُوفوا تحت التعذيب، كما عكست مجدداً مستوى الجرائم غير المسبوقة التي تعرّضوا لها خلال اعتقالهم والتحقيق معهم، بالإضافة إلى ظروف احتجازهم الحالية، وما يواجهون من جرائم طبية، وتجويع منهجي، وحرمان وسلب مستمرين داخل المعتقلات والمعسكرات. وقد حصلت الطواقم القانونية على هذه الشهادات المقتضبة خلال زيارات إلى معتقلات: النقب، وعوفر، وسديه تيمان والمسكوبية. ونقلت شهادة عن قيام السجّانين بسكب الماء الساخن على جسد أحد المعتقلين، وأخرى تحدثت عن إجبار معتقلين على خلع ملابسهم والاعتداء عليهم بالضرب المبرح. كما أفاد معتقل بتعرضه للإجبار على شرب الخمر، وآخر تعرّض لتعذيب نفسي دفعه لمحاولة الانتحار بعد أن أبلغه المحقق باستشهاد أفراد عائلته. وتبيّن خلال زيارته أن عائلته بخير. كما تعرّض معتقل آخر لهجوم من كلب بوليسي تسبب بإصابته.

ووفق تقرير «هآرتس»، تدير مصلحة السجون سياسة القمع الجديدة بروح إرشادات وزير الأمن الداخلي، إيتمار بن غفير. وبضمن هذه الإجراءات معاقبة المحامين، الذين يعدّون الصلة الوحيدة للأسرى مع العالم الخارجي.


مقالات ذات صلة

الجزائر: 3 سنوات حبساً غير نافذ لصحافي «أهان رموز ثورة التحرير»

شمال افريقيا الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)

الجزائر: 3 سنوات حبساً غير نافذ لصحافي «أهان رموز ثورة التحرير»

فرضت محكمة جزائرية، مساء الخميس، عقوبة 3 سنوات حبساً موقوفة النفاذ، وغرامة مالية قدرها مليون دينار جزائري، في حق الكاتب الصحافي المتهم الموقوف، سعد بوعقبة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبية خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)

مثول ليبي أمام «الجنائية الدولية» يقلب الطاولة على رئيس «الوحدة»

عدّ المجلس الاجتماعي «لسوق الجمعة - النواحي الأربع» في العاصمة الليبية، القبض على الهيشري، «اعتداءً سافراً على سيادة الدولة الليبية وتصفية للقضاء الوطني».

جمال جوهر (القاهرة)
أوروبا كاترينا راتشفسكا الخبيرة القانونية في «المركز الإقليمي لحقوق الإنسان» تحمل صوراً تقول إنها تُظهر أطفالاً أوكرانيين مختطفين أثناء إدلائها بشهادتها أمام لجنة في مجلس الشيوخ الأميركي يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)

كييف تتهم روسيا بإرسال أطفال أوكرانيين إلى معسكرات «إعادة تأهيل» في كوريا الشمالية

اتهمت كييف موسكو، الخميس، بإرسال أطفال أوكرانيين «مختطفين» من المناطق التي تحتلها القوات الروسية إلى «معسكرات إعادة تأهيل» في كوريا الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شمال افريقيا الصحافي الفرنسي كريستوف غليز (أ.ف.ب)

ماكرون يبدي «قلقاً بالغاً» لإدانة صحافي فرنسي في الجزائر

أعلن قصر الإليزيه، الخميس، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «تلقى بقلق بالغ نبأ الحكم بالسجن على الصحافي الفرنسي كريستوف غليز في الجزائر».

«الشرق الأوسط» (باربس)
شمال افريقيا من مظاهرة سابقة نظمها اتحاد الشغل التونسي في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

«اتحاد الشغل» التونسي يتظاهر من أجل «مزيد من الحريات»

قاد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، الخميس، مسيرة داعمة للمنظمة النقابية.

«الشرق الأوسط» (تونس)

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
TT

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)

قالت عائلة المعتقل الفلسطيني المسن من قياديي حركة «حماس» محمد أبو طير، اليوم (الجمعة)، إنها تخشى على حياته بعد اعتقاله مجدداً قبل أيام عدة وتحويله للاعتقال الإداري، وفق ما نشرت «رويترز».

وقال مصعب نجل محمد أبو طير (75 عاماً): «داهمت قوات إسرائيلية منزل العائلة في قرية دار صلاح شرق بيت لحم قبل الفجر منذ نحو ثلاثة أسابيع واعتقلت والدي الذي أمضى ما مجموعه 44 عاماً في سجون الاحتلال».

وأضاف لـ«رويترز» عبر الهاتف: «يعاني والدي من أمراض السكري والضغط والصدفية ولا نعلم إن كان يحصل على دوائه أم لا ولا نعرف سبب اعتقاله».

وأوضح مصعب أبو طير أن تحويل والده للاعتقال الإداري لأربعة أشهر يعني أن إسرائيل لم تجد تهماً توجهها إلى والده. وقال: «هذه المرة الأوضاع في السجون الإسرائيلية صعبة جداً ووضع والدي الصحي لا يتحمل هذه الظروف».

وتستخدم إسرائيل قانوناً بريطانياً قديماً يتيح لها اعتقال الفلسطينيين من دون محاكمة بين ثلاثة وستة أشهر قابلة للتجديد بدعوى وجود ملف أمني سري للمعتقل.

ولم يصدر بيان من الجهات الإسرائيلية ذات الصلة عن أسباب اعتقال أبو طير.

وقال نادي الأسير الفلسطيني، في بيان: «قرار الاحتلال بنقل المعتقل الإداري المقدسي والمسنّ محمد أبو طير إلى قسم ركيفت الواقع تحت الأرض في سجن نيتسان بالرملة، هو قرار إعدام بحقه». وعاودت إسرائيل فتح ركيفت بعد الحرب للزج بمعتقلي غزة فيه.

وأضاف النادي في بيانه: «أبو طير هو نائب سابق (في المجلس التشريعي الفلسطيني)، وقد قرر الاحتلال إبعاده عن القدس إلى جانب مجموعة من النواب المقدسيين كما أقدم الاحتلال لاحقاً على سحب هويته المقدسية».

وفاز أبو طير في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في 2006، وحصلت حركة «حماس»، التي شاركت فيها للمرة الأولى، على أغلبية مقاعد المجلس.

وتشير الإحصاءات الفلسطينية الرسمية إلى أن عدد المعتقلين إدارياً من الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بلغ 3368 حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وحذرت الرئاسة الفلسطينية «من خطورة ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات خطيرة ووحشية، تمسّ كرامتهم الإنسانية وتهدد حياتهم بشكل مخالف وسافر للقوانين والمواثيق الدولية كافة».

واستنكرت الرئاسة في بيان لها اليوم «بشكل خاص ما يتعرض له القائد الأسير مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» من اعتداءات متواصلة وإجراءات انتقامية خطيرة، محملة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن سلامته وسلامة جميع الأسرى في سجون الاحتلال».


«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
TT

«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)

وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم (الجمعة)، على تمديد عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمدة 3 سنوات إضافية، في خطوة قال مفوض الوكالة، فيليب لازاريني، إنها تعكس تضامناً عالمياً واسعاً مع اللاجئين الفلسطينيين.

وقال لازاريني، في منشور على «إكس»، إن قرار الأمم المتحدة «هو أيضاً إقرار بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات الإنسانية والتنموية للاجئي فلسطين، إلى حين التوصُّل إلى حل عادل ودائم لمعاناتهم المستمرة منذ عقود».

وزعمت إسرائيل، أوائل العام الماضي، أن 12 من موظفي «أونروا» شاركوا في الهجوم الذي شنَّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وأشعل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؛ مما دفع دولاً عدة، من بينها الولايات المتحدة إلى تعليق تمويل الوكالة.

وخلصت مراجعة، صدرت في وقت لاحق من ذلك العام أجرتها مجموعة عمل أممية، إلى أن إسرائيل لم تقدِّم أدلةً على مزاعمها بأنَّ موظفين في «أونروا» أعضاء في جماعات إرهابية.

وتأسست «أونروا» في 1949 بعد إعلان قيام إسرائيل على الأراضي الفلسطينية في العام السابق، وتقدم خدمات تعليمية وصحية، ومساعدات للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا.


تقرير: سفير أميركا لدى الأمم المتحدة يبدأ غداً جولة تشمل إسرائيل والأردن

السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)
السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)
TT

تقرير: سفير أميركا لدى الأمم المتحدة يبدأ غداً جولة تشمل إسرائيل والأردن

السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)
السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)

أوردت وكالة «بلومبرغ» أن السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، سيبدأ، غداً (السبت)، جولة في الشرق الأوسط تستمر أربعة أيام تشمل إسرائيل والأردن.

وقالت الوكالة إن والتز سيلتقي أثناء زيارته لإسرائيل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس إسحاق هرتسوغ.

ويلتقي أثناء زيارته للأردن بالملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية أيمن الصفدي لمناقشة دور الأردن في تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.