ازدانت العاصمة اللبنانية بنشاطات فنية مختلفة في أول أسبوع من شهر أغسطس (آب) الحالي، فضجّت بحفلات غنائية هنا وهناك امتدت إلى خارج بيروت، فتنفس لبنان الصعداء وتحوّلت عاصمته وجباله إلى واحات أمل تعبق بالفرح والفن.
بدت المدينة كمن يحتفل بزفافه، فطرقاتها وشوارعها وساحاتها شاركت في هذا العرس، وازدحمت بعجقة سير خانقة عند مداخلها استمرت حتى ساعات الفجر الأولى. زحف الآلاف إلى مركز «فوروم دي بيروت» للقاء مطربهم المفضل وائل كفوري في 2 و3 أغسطس. فيما تجمّع نحو 6 آلاف شخص على الواجهة البحرية لحضور افتتاح موسم أول أيام أغسطس في حفل ناجح تداولته وسائل التواصل الاجتماعي.
أما «مهرجانات بيروت الدولية (بياف)» فشكّلت حبة الكرز التي تزين قالب الحلوى، فحضّت المدينة على خلع ثيابها السوداء عشية ذكرى انفجار 4 أغسطس، وأجّلت مظاهر الحداد لـ24 ساعة فقط، وذلك كي ترتشف آخر جرعات الفرح قبل المضي في البكاء على الضحايا.

استهلت فعاليات المهرجان سهرتها في ساحة النجمة وسط بيروت بالنشيد الوطني اللبناني. ليلقي بعدها منظمها ومؤسسها الدكتور ميشال ضاهر كلمة موجزة. وأكّد أن بيروت لا تموت. وتحت عنوان «من قلبي سلام» افتتح النسخة الـ12 للمهرجانات، وأعلن أن التكريمات التي يقدمها المهرجان هي احتفاء بـ22 قصة نجاح لشخصيات فنية واقتصادية وعلمية وغيرها، وأعرب عن سعادته لإهداء هذه النسخة للشاعر اللبناني الراحل سعيد عقل. وبعد عرض مقتطفات من حوارات أجريت مع الشاعر الراحل، أطلّ الإعلامي نيشان ديرهاروتونيان ضيف شرف ليتحدث عن أهمية عقل وما يمثّله للبنان.

وكانت الفنانة عبير نعمة قد افتتحت السهرة بغنائها «رُدَّني إلى بلادي» لفيروز. ولتتلقى أولى الجوائز التكريمية كأفضل نجمة غنائية لعام 2025. ومن ثم توالت التكريمات لتطول الممثلة تقلا شمعون والنحّات رودي رحمة والفنان الكندي اللبناني الأصل مساري وصولاً إلى الفنان غسان الرحباني. وما إن اعتلى الأخير الخشبة حتى طالب الحضور بدقيقة صمت على روح زياد الرحباني، وليعلن إثرها إهداء جائزة «بياف» التكريمية التي تلقاها لزياد الذي كان بمثابة أخ له. وكان منظمو الحفل قد قدموا تحية خجولة للموسيقي الراحل في بداية السهرة، فبدا كأن ابن عمّه غسان رغب في تعويضها بلفتة منه ترجمها بدقيقة صمت عن روحه.
عانى الحضور طوال مجريات الحفل من حرارة طقس مرتفعة، رافقتها رطوبة عالية. وتألق الساهرون بأزياء أنيقة، ووقع فساتين النساء مجموعة من المصممين المعروفين ومن بينهم جورج شقرا.
ومن التكريمات التي تركت أثرها على الحضور هي تلك التي خصّت الممثلة سينتيا كرم، فبدت سعيدة بجائزة «مهرجانات بيروت الدولية». وعبّرت عن فرحتها بتلقيها أول تكريم لها في مسيرتها الفنية من فعاليات هذا المهرجان. وأهدت جائزتها إلى «غدي» الطفل الدمية الذي رافقها في مسلسل «بالدم» الرمضاني. وتمنت أن تسهم في الحدّ من ممارسة العنف ضد المرأة ومن جرائم الشرف التي راحن ضحيتها في المسلسل «عدلة» (الشخصية التي جسدتها في العمل).
كما صفّق الحضور عند صعود الفنان المخضرم جوزف عازار إلى المسرح. وتم تكريمه بجائزة «بياف 2025» عن مجمل إنجازاته الفنية. وشاركه الساهرون الفرحة عندما أدّى أغنية «بكتب اسمك يا بلادي». وهي من كلمات وألحان الفنان الراحل إيلي شويري الذي ألّفها في عام 1973 عندما كان في رحلة سفر بين لبنان وأميركا. ومنذ ذلك الوقت لا تزال هذه الأغنية ذات شهرة واسعة في لبنان ومختلف الدول العربية.

ومن الفنانين الذين كرّمهم المهرجان الممثلة رندة كعدي وزميلاها دانييلا رحمة ومعتصم النهار. وتم منح الفنانة مايا دياب جائزة عن فنّها المتجدد دائماً. وقد أحيت السهرة من خلال أدائها أحدث أغانيها للراحلة وردة الجزائرية «حرّمت أحبك». ووعدت الحضور بمزيد من الإصدارات الغنائية الجديدة في الأيام المقبلة.
ومن الفنانين العرب الذين نالوا جائزة المهرجان العراقي سيف نبيل. وتحدّث عن سعادته في الاستقرار في لبنان منذ 8 سنوات، واصفاً لبنان ببلده الثاني الذي حضن موهبته ومشواره الفني.











