«العفو الدولية» تحذر من تقييد الحريات في العراق

دعت البرلمان إلى رفض أو تعديل قانون جدلي

قوات أمن في ساحة التحرير وسط بغداد (أ.ف.ب)
قوات أمن في ساحة التحرير وسط بغداد (أ.ف.ب)
TT

«العفو الدولية» تحذر من تقييد الحريات في العراق

قوات أمن في ساحة التحرير وسط بغداد (أ.ف.ب)
قوات أمن في ساحة التحرير وسط بغداد (أ.ف.ب)

حذّرت منظمة العفو الدولية البرلمان العراقي من تمرير مشروع قانون «حرية التعبير والتظاهر»، مشيرة إلى أن تمريره قد «يشكّل انتكاسة خطيرة للحريات العامة في البلاد».

ويتخوف ناشطون وصحافيون عراقيون من استخدام الأحزاب المتنفذة في البلاد مواد القانون لخنق الحريات العامة ووسائل النشر المكفولة وحق التظاهر.

ودعت المنظمة الدولية المشرعين العراقيين إلى «رفض القانون أو تعديله» بما ينسجم مع الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها العراق.

وكان أول دستور عراقي صدر عام 1925، الذي أُطلق عليه القانون الأساسي للعراق، قد نصّ على أن «للعراقيين حرية التعبير عن الآراء ونشرها والالتقاء بها، وتكوين الجمعيات والمشاركة فيها ضمن القانون».

رجل يلوّح بالعلم العراقي بساحة التحرير في بغداد (أ.ف.ب)

ومنذ سنوات، ينشغل الفضاء العام العراقي بمقترح التشريع الجديد الذي بات بمثابة «خط تماس» بين اتجاهات ومنظمات مدنية وحقوقية تطالب بقانون خالٍ من القيود التي تعيق حرية التعبير والتظاهر، وبين اتجاهات حزبية وحكومية لا ترغب في منح «هامش كبير» من الحريات العامة، قد تستثمر لاحقاً للتأثير على صنّاع القرار المتهمين بسوء الإدارة والفساد على نطاق شعبي واسع.

وتعود جذور الخلافات حول بنود القانون إلى عام 2011، قبل أن ينجح البرلمان، بعد قيامه بتعديلات على القانون، في قراءته للمرة الأولى عام 2022، وقراءة ثانية عام 2023.

وقالت منظمة العفو الدولية، في أحدث تقرير لها عن مقترح القانون، إنه «قد يفرض قيوداً غير مبررة على حرية التعبير والتجمع السلمي، وإنه يهدد بمزيد من تقييد الفضاء المدني، ويضفي الطابع الرسمي على ممارسات القمع المتزايدة التي تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة».

ونقل التقرير عن الباحثة في شؤون العراق بالمنظمة، رزاوز صالحي، القول، إن «على مجلس النواب التصويت ضد أي تشريع يضيف أدوات جديدة للسلطات تقوض حرية التعبير أو التجمع».

ورغم عدم إتيان تقرير المنظمة على ذكر المواد التي تعترض عليها في مشروع القانون، فإن صالحي شدّدت على أن «مشروع القانون بصيغته الحالية يتعارض مع التزامات العراق الدستورية والدولية».

وأضافت صالحي أن «الصحافيين والنشطاء في العراق يواجهون بالفعل تهديدات ومضايقات واعتقالات تعسفية، على خلفية تعبيرهم عن آراء مشروعة».

وتحدثت عن أن «السلطات تعتمد على مواد غامضة في قانون العقوبات، مثل التشهير والمساس بالنظام العام لقمع الأصوات المعارضة».

ورغم أن اللجان النيابية أجرت خلال السنوات الماضية كثيراً من اللقاءات مع ناشطين ومنظمات مهتمة بتشريع القانون، فإن تقرير المنظمة ذكر أن «عملية إعداد مشروع القانون جرت في أجواء من السرية، دون مشاورات حقيقية مع المجتمع المدني، وأن عدم الشفافية في هذا المسار التشريعي يُنذر بفرض مزيد من القيود، خاصة أن النص القانوني لا يوفّر ضمانات فعلية لحماية الحريات الأساسية».

ولفتت المنظمة إلى أن «تعديل عنوان القانون إلى (قانون التظاهر السلمي)، بعد أن كان يتضمن صراحة (حرية التعبير)، يمثل تراجعاً واضحاً عن مبدأ حماية الرأي، وهذ الخطوة قد تكون محاولة لتقليص نطاق الحقوق، التي يُفترض أن يحميها القانون».

ودعت المنظمة مجلس النواب العراقي إلى «إعادة النظر بالنصوص المطروحة، وحذف أي بنود أو تعابير فضفاضة، مثل (الإخلال بالآداب العامة) أو (المساس بالنظام العام)، التي يمكن تأويلها بطرق تُتيح إسكات الأصوات المعارضة».

فقدان الثقة

ورغم إقراره بـ«التعديلات الإيجابية» التي طرأت على مشروع القانون في النسخة الجديدة، يرى رئيس «جمعية الدفاع عن حرية الصحافة»، مصطفى ناصر، أن «فقدان الثقة بطريقة التصويت على القانون أهم تحدٍّ نواجهه اليوم، إذ يمتد إلى مساحة شعبية واسعة».

وقال ناصر لـ«الشرق الأوسط» إن «النسخة الحالية لمشروع القانون تبدو إيجابية، وجرى عليها كثير من التعديلات، لكن الخشية أن يقوم البرلمان بإجراء تعديلات سلبية على مادة أو مادتين، ومن ثم التصويت على القانون».

ويفضّل ناصر «عدم تمرير القانون في هذه المرحلة، لأننا حيال متغيرات تبدو سريعة، ومن الأفضل تأجيله لحين معرفة ما قد يحدث محلياً وإقليمياً».

ويرى ناصر أن «نسخة المشروع بصيغته الجديدة خضعت لتعديلات ممتازة، وهي مقبولة بنسبة كبيرة، باستثناء فقرة طلب الإذن من رئيس الوحدة الإدارية، في حالة رغبة مجموعة من الناس في التظاهر».

متظاهرون في ساحة التحرير وسط بغداد في أكتوبر 2019 (أ.ف.ب)

لا خوف من القانون

وتؤكد لجنة حقوق الإنسان النيابية التعديلات الإيجابية التي أجريت على نصّ مشروع قانون حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي.

وقالت عضوة لجنة الحقوق النيابية، نيسان الزاير، في تصريحات صحافية، إن «التغييرات التي أُجريت من قبل اللجنة تهدف إلى حماية المتظاهرين وحق التعبير عن الرأي».

وأضافت أن «التعديلات التي أُدخلت على القانون تسهم في الحدّ من سلوكيات الحكومة، وتوفر الحماية اللازمة للمتظاهرين، والقانون يكفل حرية التعبير ويوفر الحماية للصحافيين والمؤسسات الإعلامية».

وشدّدت الزاير على أنه «لا يوجد أي تخوف من قانون حرية التعبير عن الرأي، وأن اللجنة تتابع عن كثب تنفيذ ومراقبة الإجراءات التي ستصدر من قبل الحكومة، بعد إقرار القانون في البرلمان ونشره في الجريدة الرسمية».

كانت «الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحافيين» اتهمت البرلمان بـ«تعمد» عدم نشر مشروع قانون حرية التعبير، الذي تم وضعه على جدول أعمال مجلس النواب.


مقالات ذات صلة

الحكومة العراقية الجديدة مفتوحة على المفاجآت

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

الحكومة العراقية الجديدة مفتوحة على المفاجآت

توتر سياسي واسع داخل المعسكر الشيعي الحاكم في العراق بعد التراجع عن إدراج «حزب الله» اللبناني وجماعة «الحوثي» اليمنية على قوائم الإرهاب.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مقاتلون حوثيون خلال استعراض في صنعاء باليمن 21 سبتمبر 2024 (رويترز)

الرئاسة العراقية تنفي علمها بقرار اعتبار «حزب الله» والحوثيين «جماعتَين إرهابيتَين»

نفت رئاسة الجمهورية العراقية علمها أو مصادقتها على قرار اعتبار جماعتَي «أنصار الله (الحوثيين)»، و«حزب الله» اللبناني إرهابيَّتين، وتجميد أصولهما وأموالهما.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

في غضون ساعات، تراجع العراق عن وضع «حزب الله» وجماعة «الحوثي» على قائمة إرهاب، بعد ارتباك وذهول بين أوساط حكومية وسياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي مناصرون يحملون أعلام «حزب الله» اللبناني في بيروت (رويترز)

السوداني يوجه بالتحقيق في خطأ يتعلق بقائمة لتجميد أموال شملت «حزب الله» و«الحوثيين»

وجَّه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الخميس، بتحقيق عاجل ومحاسبة المقصرين بشأن الخطأ بقرار لجنة تجميد الأموال.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
TT

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)

قالت عائلة المعتقل الفلسطيني المسن من قياديي حركة «حماس» محمد أبو طير، اليوم (الجمعة)، إنها تخشى على حياته بعد اعتقاله مجدداً قبل أيام عدة وتحويله للاعتقال الإداري، وفق ما نشرت «رويترز».

وقال مصعب نجل محمد أبو طير (75 عاماً): «داهمت قوات إسرائيلية منزل العائلة في قرية دار صلاح شرق بيت لحم قبل الفجر منذ نحو ثلاثة أسابيع واعتقلت والدي الذي أمضى ما مجموعه 44 عاماً في سجون الاحتلال».

وأضاف لـ«رويترز» عبر الهاتف: «يعاني والدي من أمراض السكري والضغط والصدفية ولا نعلم إن كان يحصل على دوائه أم لا ولا نعرف سبب اعتقاله».

وأوضح مصعب أبو طير أن تحويل والده للاعتقال الإداري لأربعة أشهر يعني أن إسرائيل لم تجد تهماً توجهها إلى والده. وقال: «هذه المرة الأوضاع في السجون الإسرائيلية صعبة جداً ووضع والدي الصحي لا يتحمل هذه الظروف».

وتستخدم إسرائيل قانوناً بريطانياً قديماً يتيح لها اعتقال الفلسطينيين من دون محاكمة بين ثلاثة وستة أشهر قابلة للتجديد بدعوى وجود ملف أمني سري للمعتقل.

ولم يصدر بيان من الجهات الإسرائيلية ذات الصلة عن أسباب اعتقال أبو طير.

وقال نادي الأسير الفلسطيني، في بيان: «قرار الاحتلال بنقل المعتقل الإداري المقدسي والمسنّ محمد أبو طير إلى قسم ركيفت الواقع تحت الأرض في سجن نيتسان بالرملة، هو قرار إعدام بحقه». وعاودت إسرائيل فتح ركيفت بعد الحرب للزج بمعتقلي غزة فيه.

وأضاف النادي في بيانه: «أبو طير هو نائب سابق (في المجلس التشريعي الفلسطيني)، وقد قرر الاحتلال إبعاده عن القدس إلى جانب مجموعة من النواب المقدسيين كما أقدم الاحتلال لاحقاً على سحب هويته المقدسية».

وفاز أبو طير في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في 2006، وحصلت حركة «حماس»، التي شاركت فيها للمرة الأولى، على أغلبية مقاعد المجلس.

وتشير الإحصاءات الفلسطينية الرسمية إلى أن عدد المعتقلين إدارياً من الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بلغ 3368 حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وحذرت الرئاسة الفلسطينية «من خطورة ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات خطيرة ووحشية، تمسّ كرامتهم الإنسانية وتهدد حياتهم بشكل مخالف وسافر للقوانين والمواثيق الدولية كافة».

واستنكرت الرئاسة في بيان لها اليوم «بشكل خاص ما يتعرض له القائد الأسير مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» من اعتداءات متواصلة وإجراءات انتقامية خطيرة، محملة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن سلامته وسلامة جميع الأسرى في سجون الاحتلال».


«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
TT

«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)

وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم (الجمعة)، على تمديد عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمدة 3 سنوات إضافية، في خطوة قال مفوض الوكالة، فيليب لازاريني، إنها تعكس تضامناً عالمياً واسعاً مع اللاجئين الفلسطينيين.

وقال لازاريني، في منشور على «إكس»، إن قرار الأمم المتحدة «هو أيضاً إقرار بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات الإنسانية والتنموية للاجئي فلسطين، إلى حين التوصُّل إلى حل عادل ودائم لمعاناتهم المستمرة منذ عقود».

وزعمت إسرائيل، أوائل العام الماضي، أن 12 من موظفي «أونروا» شاركوا في الهجوم الذي شنَّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وأشعل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؛ مما دفع دولاً عدة، من بينها الولايات المتحدة إلى تعليق تمويل الوكالة.

وخلصت مراجعة، صدرت في وقت لاحق من ذلك العام أجرتها مجموعة عمل أممية، إلى أن إسرائيل لم تقدِّم أدلةً على مزاعمها بأنَّ موظفين في «أونروا» أعضاء في جماعات إرهابية.

وتأسست «أونروا» في 1949 بعد إعلان قيام إسرائيل على الأراضي الفلسطينية في العام السابق، وتقدم خدمات تعليمية وصحية، ومساعدات للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا.


تقرير: سفير أميركا لدى الأمم المتحدة يبدأ غداً جولة تشمل إسرائيل والأردن

السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)
السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)
TT

تقرير: سفير أميركا لدى الأمم المتحدة يبدأ غداً جولة تشمل إسرائيل والأردن

السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)
السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)

أوردت وكالة «بلومبرغ» أن السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، سيبدأ، غداً (السبت)، جولة في الشرق الأوسط تستمر أربعة أيام تشمل إسرائيل والأردن.

وقالت الوكالة إن والتز سيلتقي أثناء زيارته لإسرائيل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس إسحاق هرتسوغ.

ويلتقي أثناء زيارته للأردن بالملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية أيمن الصفدي لمناقشة دور الأردن في تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.