قدمت وزارة الاستخبارات الإيرانية رواية شاملة عن حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل، وإحباط ما وصفتها بـ«مخططات متعددة لاستهداف الأمن القومي، وإسقاط نظام الحكم، وتقسيم البلاد»، مشيرة إلى اعتقال 20 شخصاً بين جواسيس وعناصر عملياتية وداعمة لجهاز «الموساد» الإسرائيلي في مختلف المحافظات الإيرانية.
ونشر التلفزيون الرسمي الإيراني بياناً مفصلاً من وزارة الاستخبارات يتناول مجريات الصراع الاستخباراتي الأمني الذي دار بالتوازي مع العمليات العسكرية التي بدأت في 13 يونيو (حزيران) الماضي، واستمرت حتى وقف إطلاق النار فجر 24 يونيو، بوساطة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب.
يأتي البيان بعد نحو أسبوع من إعلان نواب في البرلمان الإيراني التوقيع على مذكرة لاستدعاء وزير الاستخبارات، إسماعيل خطيب، لمساءلته بشأن الأوضاع الأمنية. وأثارت الحرب الأخيرة تساؤلات عن مدى الاختراق في إيران.
ورفض وزير الاستخبارات الإيراني، إسماعيل خطيب، الكشف عن عدد الجواسيس المعتقلين دفعة واحدة، عادّاً ذلك ضاراً بالأمن القومي. وأكد أن السلطات اعتقلت المئات بتهم عدة منها التجسس ودعم إسرائيل خلال الحرب الأخيرة، مشيراً إلى أن الأعداد ستعلن تدريجياً. وأوضح أن الأجهزة الأمنية كثّفت جهودها لمواجهة التسلل، داعياً الإيرانيين إلى التعاون مع الاستخبارات للحفاظ على الأمن الوطني.
وفي وقت لاحق، أعلن رئيس القضاء، غلام حسين محسني إجئي، اعتقال نحو ألفي شخص خلال الحرب للاشتباه في التجسس لمصلحة إسرائيل.

وقالت الوزارة في البيان إن «الأجهزة الأمنية الإيرانية خاضت (معركة صامتة) ضد (حلف الناتو الاستخباري) خلال الحرب». وقال البيان إن «الحرب لم تكن مجرد عملية عسكرية محدودة، بل خطة شاملة تضمنت حرباً سيبرانية واغتيالات وتخريباً داخلياً، بإشراف الولايات المتحدة، وتنفيذ إسرائيل، وبمشاركة أطراف أوروبية وجماعات معارضة ومتشددة».
وأضافت الوزارة أن البيانات الاستخباراتية تشير إلى أن الخطة كانت تهدف إلى «إخضاع إيران وإسقاط نظامها وتقسيم أراضيها».
واتهم بيان الوزارة «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» بـ«إصدار قرارات غير قانونية»، وعدّ القرارَ الصادرَ من «مجلس محافظي الوكالة الدولية» بشأن عدم امتثال إيران لمعاهدة حظر الانتشار، جزءاً من «التحضيرات للهجوم».
وجاء في البيان أن التحضيرات للهجوم الأخير لم تقتصر على الجوانب العسكرية والتسليحية، بل شملت كذلك خطة متكاملة تضمنت محاولات لإطلاق مفاوضات، واستغلال منظمات دولية لتوجيه اتهامات بانتهاك الالتزامات النووية.
ولفت إلى أن القوات الإيرانية «واجهت هجمات معقدة شملت استخدام تقنيات متقدمة في الأقمار الاصطناعية والتنصت والحرب الإلكترونية»، إلى جانب «محاولات لإثارة الفوضى عبر شبكات اجتماعية وحملات دعائية مكثفة».
وزعم البيان أن كوادر الاستخبارات «تصدوا لتلك الهجمات بعمليات دفاعية وهجومية، أسفرت عن إحباط خطط تفجير واغتيال، واعتقال عملاء أجانب، وتفكيك شبكات تجسس وإرهاب في الداخل والخارج».
وأشار البيان إلى تنفيذ «هجوم استخباري مركب غير مسبوق» ضد أهداف في الأراضي الإسرائيلية، دون الكشف عن تفاصيل إضافية لدواعٍ أمنية.
وأعلنت وزارة الاستخبارات الإيرانية، في تقرير موسع عن الحرب التي استمرت 12 يوماً، أنها نفذت عمليات استخبارية وأمنية واسعة ضد ما وصفتها بأنها شبكات مسلحة ومعارضة مدعومة من أطراف خارجية. وقالت الوزارة إن عناصرها، الذين أشارت إليهم بـ«جنود الإمام المهدي المجهولون»، خاضوا مواجهات سرية مع «حلف الناتو الاستخباراتي الأمني الغربي» والكيان الإسرائيلي، أسفرت عن إحباط مخططات، واعتقال أو تصفية عملاء أجانب، مع سقوط قتلى وجرحى في صفوفها.
وأوضح البيان أن القوات الأمنية أحبطت خططاً لجماعات مسلحة «متشددة وانفصالية» كانت تستعد لشن هجمات داخل إيران، وأن العمليات شملت اعتقال 3 من الموصوفين بـ«أمراء (داعش)» و50 عنصراً آخرين، وضبط سترات ناسفة وأسلحة حربية، إضافة إلى منع دخول 300 مقاتل أجنبي من الحدود الجنوبية الشرقية. كما أشار إلى إحباط محاولات تسلل من سوريا والعراق وتدمير مستودعات أسلحة واعتقال متورطين.
وأضافت الوزارة أنها وجهت ضربات لخلايا مرتبطة بجماعات معارضة في طهران وبلوشستان وكردستان، وأنها صادرت كميات كبيرة من الأسلحة، بما في ذلك قاذفات «آر بي جي7»، ورشاشات كلاشنيكوف، ومسدسات، وقنابل يدوية، وذخائر متنوعة. كما أعلنت تعطيل شبكة لتهريب الأسلحة واعتقال اثنين من أبرز المتورطين، مع مصادرة عشرات القطع من الأسلحة الحربية، بينها بنادق «إم4» و«إم16» الأميركية، وقاذفات قنابل، وأجهزة لاسلكية.
وقالت الوزارة في بيانها إن عمليات الرصد أظهرت أن جماعات مسلحة كانت تستعد لتنفيذ هجمات بالتزامن مع ما سمتها «الساعة صفر» خلال الحرب الأخيرة.
ووفق البيان، فقد جرى إحباط ما وصفتها الوزارة بمحاولات «إسقاط النظام وصناعة بدائل»، التي تضمنت مخططاً لإنشاء «حكومة في المنفى» بقيادة رضا بهلوي بدعم من «عناصر مرتبطة بإسرائيل»، إضافة إلى خطط لإثارة اضطرابات في طهران بالتزامن مع هجوم على سجن «إيفين»، حيث اعتقل 122 شخصاً في 23 محافظة قبل تنفيذ أي عمليات. كما فككت الاستخبارات شبكات مرتبطة بأنصار الشاه وممولة بالعملات الرقمية، واعتقلت 65 شخصاً على صلة بها.

وأشار البيان إلى اعتقال 53 شخصاً يشتبه في ارتباطهم بشبكة «تبشيرية» مدعومة من جهات خارجية وضبط أسلحة في مقارها، إلى جانب إحباط محاولات لتجنيد شخصيات إعلامية وفنية ورياضية في فعاليات خارجية، واعتقال شخص مزدوج الجنسية. كما تحدثت الوزارة عن مراقبة شبكة «المواطن - الصحافي» التابعة لقناة «إيران إنترناشيونال» واعتقال واستدعاء 98 من عناصرها.
ودعا رضا بهلوي، وليُ العهد الإيراني السابق، خلال مؤتمر بعنوان: «التعاون الوطني لإنقاذ إيران» عقد في ميونيخ السبت، القوى السياسيةَ إلى الالتفاف حول برنامجه لـ«مرحلة انتقالية تمهد لانتخابات حرة»، عادّاً أن الجمهورية الإسلامية «أضعف من أي وقت خلال العقود الماضية» وأن «الفرصة سانحة لإحداث تغيير سياسي».
على الصعيد الاجتماعي، أفادت وزارة الاستخبارات الإيرانية بأنها رصدت محاولات لاستغلال الأوضاع الاجتماعية خلال الحرب الأخيرة، مشيرة إلى أن ما وصفتها بـ«جهات معادية» حاولت إثارة الاضطرابات عبر أساليب متعددة قبل وأثناء وبعد النزاع.
وأوضحت الوزارة أنها نفذت آلاف «الإجراءات الوقائية في مختلف المحافظات، التي شملت توعية المجتمعات المستهدفة، وردع الأنشطة التحريضية»، إضافة إلى «تعزيز الحماية حول المراكز الخدمية والمجمعات الإنتاجية... والتصدي لمحاولات افتعال نقص في السلع الأساسية عبر الاحتكار ونشر الإشاعات لخلق حالة من السخط العام».


