السعودية تكثف جهودها لتسريع الممر الاقتصادي وتعزيز التجارة العالمية

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: المشروع يختصر الزمن والتكاليف ويضع المملكة في قلب التحول

ميناء جدة الإسلامي في السعودية (الهيئة العامة للموانئ)
ميناء جدة الإسلامي في السعودية (الهيئة العامة للموانئ)
TT

السعودية تكثف جهودها لتسريع الممر الاقتصادي وتعزيز التجارة العالمية

ميناء جدة الإسلامي في السعودية (الهيئة العامة للموانئ)
ميناء جدة الإسلامي في السعودية (الهيئة العامة للموانئ)

على مفترق طرق جغرافي واستراتيجي يربط بين آسيا وأوروبا، تتهيَّأ السعودية للعب دور محوري في مشروع اقتصادي ضخم يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا، وهو ممر اقتصادي واعد يُتوقع أن يعيد تشكيل ملامح التجارة الدولية، ويفتح آفاقاً جديدة للطاقة، والاستثمار، والخدمات اللوجستية، ضمن إطار يتماشى مع «رؤية 2030» ويعزز مكانتها بوصفها مركزاً عالمياً للنقل والتجارة.

المشروع، الذي أعلن عنه الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، خلال قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، عام 2023، بمذكرة تفاهم جمعت كلاً من السعودية، والولايات المتحدة، والهند، والإمارات، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والاتحاد الأوروبي، يهدف إلى إنشاء ممر اقتصادي يختصر الزمن والتكاليف، ويربط ثلاث قارات ببنية تحتية متقدمة تشمل سككاً حديدية، وموانئ بحرية، وأنابيب طاقة، وكابلات بيانات.

وقد أُعيد تسليط الضوء على أهمية هذا الممر، بعدما أعلن وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان منذ أيام، أن المملكة كانت المبادِرة بصياغة مشروع الممر، قائلاً: «لقد طال انتظار هذه المهمة... نحن من صاغ المشروع، ولم يتبقَّ سوى توقيع اتفاق ثنائي مع المفوضية». وأوضح أن الجهود التي بُذلت منذ توقيع مذكرة التفاهم، في سبتمبر (أيلول) 2023، أسهمت في بناء الإطار القانوني والبنية التحتية التي تمكّن من المضي قدماً نحو التنفيذ.

وأتت تصريحات الأمير عبد العزيز خلال ورشة عمل دولية في الرياض جرى خلالها توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع شركاء أوروبيين، لتصدير الكهرباء والهيدروجين الأخضر المنتَج من مصادر متجددة إلى القارة الأوروبية، مع شركة «أكوا باور» السعودية، التي حازت على إشادة من مجلس الوزراء؛ حيث أكد أن هذه الاتفاقيات تعكس الدور الريادي للمملكة في تعزيز الربط اللوجستي الدولي، وقيادتها لمشروع الممر الاقتصادي الهندي - الشرق أوسطي - الأوروبي.

فما أهمية هذا الممر؟

في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أوضح الزميل الزائر في «معهد دول الخليج العربية» بواشنطن، تيم كالين، أن المشروع «مصمَّم بوضوح لتعزيز الترابط بين الهند والخليج وأوروبا، بما يسهم في تقليل تكاليف التجارة، وتحسين الوصول إلى الأسواق، وتعزيز الاستثمار». ولفت إلى أن السعودية «تقع في قلب هذا الممر، وهي مؤهلة للعب دور محوري يتماشى مع طموحات (رؤية 2030)، التي تهدف إلى تحويل المملكة إلى مركز رئيسي للتجارة والخدمات اللوجستية، ولاعب محوري في قطاع التكنولوجيا العالمي، إضافة إلى قيادتها للتحول نحو الهيدروجين النظيف ومصادر الطاقة البديلة».

وأشار إلى أن «اتفاقيات (أكوا باور) الأخيرة مع شركات أوروبية لتصدير الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، تعكس بوضوح حجم الدور المنتظَر للسعودية في قطاع الطاقة المستقبلية، وتعزز التعاون مع شركاء المشروع في مجالات تشمل الطاقة المتجددة والنفط والغاز والبتروكيميائيات».

لكنه نبّه إلى تحديات بارزة قد تواجه المشروع، منها: «الاضطرابات الجيوسياسية في المنطقة، التي فاقمت حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي». وأشار أيضاً إلى تحدٍّ آخر يتمثل في أن المشروع قد يواجه صعوبات تمويلية لتأمين تكاليف تطوير البنية التحتية، في ظل انخفاض أسعار النفط عن مستوياتها قبل عامين، ناهيك بـ«تعقيدات لوجستية محتملة».

أهم المواقع الجغرافية

أما على الصعيد الأكاديمي، فيؤكد أستاذ الاقتصاد المساعد في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، الدكتور عبد الله المير، أن «الشرق الأوسط يُعد من أهم المواقع الجغرافية لحركة التجارة الدولية؛ حيث تمر أكثر من 12 في المائة من التجارة العالمية عبر قناة السويس، وهو ما يعزز الحاجة إلى ممر بديل وآمن يربط الهند بأوروبا مروراً بالخليج».

مدينة أوكساجون في منطقة نيوم بالسعودية (واس)

واعتبر أن المشروع سيقلل من تكلفة الشحن، ويعزّز التبادل التجاري، مشيراً إلى أن «ربط الأسواق الهندية والأوروبية عبر سكك حديدية وموانئ بحرية في المملكة سيُسهم في تعزيز حركة البضائع وتسهيل الخدمات، وأن وجود بنية تحتية متطورة، مثل (نيوم) على البحر الأحمر، و(رأس الخير) على الخليج العربي، سيزيد من كفاءة نقل الطاقة ويعزز المرونة التجارية، خصوصاً في أوقات الأزمات العالمية التي قد تؤثر على الممرات البحرية التقليدية».

وأضاف المير أن المشروع سيسهم في جذب استثمارات ضخمة في قطاعات النقل، والخدمات اللوجستية، والطاقة، ويعزز مكانة المملكة بوصفها مركزاً عالمياً للتجارة، بموجب مستهدفات «رؤية 2030»، وأن «السعودية، التي تمتلك أكبر احتياطات نفطية في العالم، تسعى إلى تنويع مصادر الطاقة، من خلال الرياح والطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر. وقد وقّعت بالفعل اتفاقيات مع شركات أوروبية لتصدير هذه الطاقة النظيفة إلى أوروبا، وهو ما يعزز استدامة الطاقة والنمو الاقتصادي العالمي».

حلول دبلوماسية

ويرى كبير مستشاري وزير النفط السعودي سابقاً، الدكتور محمد الصبان، أن «الممر يختصر الزمن والتكاليف على حركة التجارة، ويمثل تحولاً جذرياً في منظومة النقل الإقليمي والدولي»، مضيفاً أن السعودية باتت مصدّراً، ليس فقط للنفط والغاز، بل أيضاً للهيدروجين والطاقة المتجددة، مما يمنحها دوراً استراتيجياً ضمن هذا الممر الحيوي.

ونوّه الصبان بأن مرور الممر عبر مدينة حيفا يمثل نقطة حساسة، في ظل استمرار الحرب في غزة وتعنت إسرائيل، معتبراً أن هذا قد يؤدي إلى تأخير المشروع ما لم يتم إيجاد حلول دبلوماسية، أو مسارات بديلة في البحر المتوسط. وخلص إلى أن «كلما سهلت الممرات وانخفضت تكاليفها، زاد ذلك من فرص تنويع الاقتصاد السعودي، وتسريع نمو الصناعات التصديرية، وبالتالي تسريع تحقيق مستهدفات رؤية 2030».


مقالات ذات صلة

برلمان تركيا يقرّ مشروع موازنة 2026 مع توقعات بتراجع كبير للتضخم

الاقتصاد البرلمان التركي وافق على مشروع موزانة العام 2026 في خلسة عاصفة (الموقع الرسمي للبرلمان)

برلمان تركيا يقرّ مشروع موازنة 2026 مع توقعات بتراجع كبير للتضخم

توقعت الحكومة التركية انخفاض معدل التضخم السنوي خلال عام 2026 إلى ما دون الـ20 في المائة وإعادته إلى خانة الآحاد في عام 2027.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد عامل يمر أمام بوابة أحد مشروعات شركة «تشاينا فانكي» المتعثرة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)

«تشاينا فانكي» تنجو مؤقتاً من «مقصلة التخلف»

نجت شركة «تشاينا فانكي» الصينية بصعوبة من التخلف عن السداد، يوم الاثنين، بعد أن وافق حاملو السندات المحليون على خطة لتمديد فترة السماح.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي»: البنك مرتاح لتوقعات التضخم في منطقة اليورو

أعرب مسؤول السياسة النقدية في البنك المركزي الأوروبي، بيتر كازيمير، يوم الاثنين، عن ارتياح البنك للتوقعات المتعلقة بالتضخم في منطقة اليورو.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد رجل يمر في طريق قرب محطة كاشيوازاكي - كاريوا الكهربائية النووية شمال غربي العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

اليابان تتأهب لإعادة تشغيل أكبر محطة نووية بالعالم

اتخذت اليابان الخطوة الأخيرة للسماح لأكبر محطة طاقة نووية في العالم باستئناف عملياتها من خلال تصويت إقليمي يوم الاثنين

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد رجل يمر أمام شاشة تعرض سعر الين الياباني مقابل الدولار الأميركي وسط العاصمة طوكيو (أ.ف.ب)

الين الياباني يترنّح قرب أدنى مستوياته رغم تحذيرات التدخل

دخل الين الياباني أسبوعاً جديداً وهو يراوح قرب مستويات تاريخية متدنية مقابل العملات الرئيسية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

صندوق النقد يتوصل لاتفاق بشأن المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر

شعار صندوق النقد الدولي على مقره بالعاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)
شعار صندوق النقد الدولي على مقره بالعاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)
TT

صندوق النقد يتوصل لاتفاق بشأن المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر

شعار صندوق النقد الدولي على مقره بالعاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)
شعار صندوق النقد الدولي على مقره بالعاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)

قال صندوق النقد الدولي اليوم الاثنين إنه توصل ‌إلى ‌اتفاق ‌على ⁠مستوى الخبراء ​بشأن ‌المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر ضمن تسهيل الصندوق ⁠الممدد.

وأضاف ‌الصندوق في ‍بيان ‍أنه ‍توصل أيضا إلى اتفاق على مستوى الخبراء ​بشأن المراجعة الأولى لبرنامج ⁠تمويلي آخر قائم، هو تسهيل الصلابة والاستدامة.


البنك المركزي السعودي يعتمد اللائحة التنفيذية المحدثة لمراقبة شركات التمويل

البنك المركزي السعودي (ساما) (الشرق الأوسط)
البنك المركزي السعودي (ساما) (الشرق الأوسط)
TT

البنك المركزي السعودي يعتمد اللائحة التنفيذية المحدثة لمراقبة شركات التمويل

البنك المركزي السعودي (ساما) (الشرق الأوسط)
البنك المركزي السعودي (ساما) (الشرق الأوسط)

أعلن البنك المركزي السعودي (ساما) اعتماد اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التمويل المحدثة، في خطوة تستهدف تعزيز الإطار الرقابي والإشرافي على قطاع التمويل، ودعم استقراره ونموه.

وأوضح «ساما» أن التحديثات شملت تنظيم متطلبات مزاولة مختلف الأنشطة التمويلية، وتعديل سقف إجمالي التمويل الذي يمكن للشركة تقديمه، إلى جانب دعم الشركات المتقدمة بطلبات الترخيص عبر تعديل مبلغ الضمان البنكي المطلوب عند التقدم للحصول على الترخيص.

كما تضمنت اللائحة مراجعة الأحكام المتعلقة بالأطراف ذوي العلاقة، وتوضيح الحالات التي ينتهي فيها ترخيص شركات التمويل، بما يعزز وضوح المتطلبات والالتزامات التنظيمية.

بصدور اللائحة المحدثة، ألغى البنك المركزي قواعد تنظيم شركات التمويل الاستهلاكي المصغر، وقواعد ممارسة نشاط التمويل متناهي الصغر، إضافة إلى تعديل قواعد الترخيص للأنشطة المساندة لنشاط التمويل.

وأشار «ساما» إلى أن اعتماد اللائحة جاء بعد طرح مشروع التحديث في وقت سابق لاستطلاع مرئيات وملاحظات العموم والمختصين، حيث تمت دراسة الملاحظات وأخذها في الاعتبار ضمن الصيغة النهائية.

وفي سياق تعزيز دوره الرقابي وحماية العملاء، وجّه البنك المركزي السعودي، المؤسسات المالية الخاضعة لإشرافه، إلى الالتزام بـ«دليل تعرفة خدمات المؤسسات المالية» عند فرض الرسوم على الخدمات والمنتجات المقدمة للعملاء، مؤكداً أن الدليل يُلغي ما يتعارض معه من أحكام.

وأوضح «ساما» أن الخطوة تستند إلى صلاحياته بموجب نظام البنك المركزي السعودي والأنظمة ذات العلاقة، وإلى التعرفة البنكية المحدثة، وضوابط التمويل الاستهلاكي، ومبادئ وقواعد حماية عملاء المؤسسات المالية، والصيغة النموذجية لعقد التمويل الاستهلاكي للأفراد.


«الملاحة الجوية السعودية»: أبراج افتراضية لرفع الكفاءة وتمكين سعوديات من المراقبة والصيانة

مركز عمليات البرج الافتراضي - الملاحة الجوية (الشرق الأوسط)
مركز عمليات البرج الافتراضي - الملاحة الجوية (الشرق الأوسط)
TT

«الملاحة الجوية السعودية»: أبراج افتراضية لرفع الكفاءة وتمكين سعوديات من المراقبة والصيانة

مركز عمليات البرج الافتراضي - الملاحة الجوية (الشرق الأوسط)
مركز عمليات البرج الافتراضي - الملاحة الجوية (الشرق الأوسط)

تواصل السعودية تسريع وتيرة التحول الرقمي في قطاع الطيران، مع دخول تقنية أبراج المراقبة الافتراضية حيز التشغيل الفعلي، في خطوة تُعد الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط.

وأكدت شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية أن هذه التقنية تمثّل إحدى أبرز مبادراتها الرقمية الهادفة إلى رفع كفاءة المراقبة الجوية، وتعزيز جاهزية المجال الجوي السعودي لمواكبة النمو المتسارع في الحركة الجوية.

كما نجحت الشركة في تمكين سعوديات من العمل في مهنتي المراقبة الجوية وصيانة الأنظمة الملاحية، بعد اجتيازهن برامج تأهيل متخصصة.

وقال الرئيس التنفيذي للاستراتيجية والاستدامة في شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية، المهندس أحمد الزهراني، إن الشركة تبنّت عدداً من المبادرات الرقمية ضمن مسار التحول والتطوير، من أبرزها أبراج المراقبة الافتراضية التي تُعد تقنية حديثة على مستوى قطاع الملاحة الجوية عالمياً.

كاميرات عالية الدقة

وأوضح الزهراني، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن برج المراقبة الافتراضي يقوم على إحلال برج افتراضي يعتمد على كاميرات عالية الدقة مدعومة بتقنيات متقدمة لتحديد الأهداف في المطار محل البرج التقليدي. وتمكّن هذه الكاميرات المراقب الجوي من أداء مهامه دون الاعتماد على الرؤية المباشرة، كما تتيح خاصية التكبير وعرض تفاصيل دقيقة لم تكن متاحة في البرج التقليدي، بما في ذلك رقم الرحلة، وعدد الركاب، ومصدر الرحلة، ووجهتها.

ولفت إلى أن هذه التقنية لم تعد مجرد مشروع نظري؛ إذ شغّلت الشركة أول برج مراقبة افتراضي في مطار العُلا الدولي عن بُعد، وتُدار عملياته من مطار الملك عبد العزيز الدولي في مدينة جدة. ويُعد المشروع الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط. كما حاز جائزة وزارة النقل والخدمات اللوجيستية للابتكار.

تعزيز الكفاءة

وشدد الزهراني على أن أبراج المراقبة الافتراضية ترفع كفاءة المراقبين عبر مراقبة عدة مطارات من مركز واحد، وتعزز السلامة والكفاءة التشغيلية بتوفير صورة أوضح وبيانات أكثر تفصيلاً من البرج التقليدي.

وبشأن جاهزية المجال الجوي، أكد أن الحركة الجوية في المملكة تشهد نمواً مستمراً بدعم القيادة، وأن الشركة تعمل بنهج استباقي من خلال دراسات سنوية لتقدير الحركة المتوقعة وتحديد المستهدفات عبر مبادرات ومشاريع بنية تحتية تستوعب النمو وتعزز الجاهزية.

الرئيس التنفيذي للاستراتيجية والاستدامة في خدمات الملاحة الجوية السعودية المهندس أحمد الزهراني

مركزان للمراقبة

ولا تقتصر الجاهزية على التقنية وحدها، وفقاً للزهراني الذي أكد أنها تقوم على منظومة عمل مستمرة لا تحتمل الانقطاع. ففي الوقت الراهن تمتلك الشركة مركزَين أساسيين للمراقبة الجوية في الرياض وجدة، وإذا وقع خلل في أحدهما يتولى المركز الآخر إدارة المجال الجوي السعودي بالكامل دون تأثر الخدمة.

وأضاف أنه منذ انطلاقة شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية في يونيو (حزيران) 2016، وُضع هدف واضح يتمثل في أن تكون الشركة ضمن القيادات الإقليمية في إدارة الحركة الجوية، واليوم تُعد من أبرز مقدمي خدمات الملاحة الجوية على مستوى المنطقة، وتسعى بخطى ثابتة إلى تحقيق الريادة العالمية وفق طموحاتها المستقبلية.

المحاور الثلاثة

وتُعد شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية ركيزة أساسية في منظومة الطيران المدني. وقال الزهراني إن الشركة تسعى للإسهام في تحقيق مستهدفات برنامج الطيران المنبثق عن الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجيستية، عبر ثلاثة محاور رئيسية: زيادة عدد المسافرين، وتوسيع الوجهات الدولية المباشرة، ورفع حجم الشحن الجوي، موضحاً أن جميع هذه المستهدفات محورية في استراتيجية الشركة.

نمو الحركة الجوية

وفي هذا السياق، قال الزهراني إن إحصاءات الحركة الجوية لهذا العام بلغت، حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، 921095 رحلة، بمعدل نمو 5.7 في المائة مقارنة بالسنة الماضية. كما سُجل أعلى رقم قياسي يوم 19 يونيو 2025، حيث بلغ عدد الرحلات 3673 رحلة، بمعدل 153 رحلة في الساعة.

الشراكات

أوضح الرئيس التنفيذي للاستراتيجية والاستدامة في شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية أن شراكات الشركة تقوم على مسارَين: الأول مع شركات الطيران عبر لقاءات سنوية لتحديث المشاريع وفق متطلباتها، والآخر مع المُصنّعين الدوليين للأجهزة الملاحية من خلال تواصل مستمر داخل الشركة والمحافل الدولية. وأشار إلى توقيع اتفاقية أخيراً مع شركة «مايتر»، مع شراكات أخرى قيد الإعداد، مؤكداً أن الهدف هو تطوير مستوى الخدمات.

المراقبات السعوديات

وحول دور المرأة، أكد الزهراني أن الشركة نفذت عدداً من المبادرات لتأهيل وتمكين المرأة للعمل في القطاع، وأطلقت برامج من بينها برنامج المراقبة الجوية للمراقبات الجويات، وكذلك برنامج صيانة الأنظمة الملاحية. وقال إن الخريجات باشرن أعمالهن في المراكز وأبراج المراقبة بصفتهن مراقبات جويات، وكذلك في صيانة الأنظمة الملاحية، وقد أثبتن كفاءتهن وقدرتهن على أداء واجباتهن الوظيفية بكل احتراف وإتقان.

وقال إن «العنصر البشري يبقى محور العمل»، موضحاً أن «عدد موظفي شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية يقارب 2000 موظف، أكثر من 97 في المائة منهم سعوديون، فيما تصل النسبة إلى 100 في المائة في مهنة المراقبة الجوية».

الاستدامة

وفي جانب الاستدامة، أكد الزهراني أنها ركيزة أساسية في الشركة، وتُنفّذ عبر مبادرات ترتكز على ثلاثة محاور: البيئة برفع كفاءة الطاقة وخفض الانبعاثات، والمجتمع بتمكين الكفاءات الوطنية وتعزيز الوعي والمسؤولية الاجتماعية، والحوكمة بترسيخ النزاهة والشفافية وتعزيز الامتثال والرقابة.

حماية الأصول

وعن حماية الأصول الحيوية والرقمية وإدارة المخاطر السيبرانية، قال الزهراني إن الشركة ملتزمة بحماية الأصول الرقمية وفق أعلى المعايير وأفضل الممارسات الدولية، عبر مواءمة الأمن السيبراني مع أفضل الممارسات العالمية، ورفع جاهزية الكشف عن التهديدات المحتملة والاستجابة السريعة لها.

وأضاف: «حصلنا مؤخراً على اعتماد (SOC-CMM) العالمي»، وهو إطار يقيس جاهزية مراكز العمليات عبر 5 مجالات متكاملة: الأفراد، والعمليات، والتقنية، والخدمات، وتكامل الأعمال.