التوترات الإقليمية تقوِّض آمال لبنان بموسم سياحي واعد

ازدحام الطائرات بالمغتربين لا يملأ الفنادق

لافتة على طريق مطار بيروت الدولي تروج للسياحة في لبنان (أ.ب)
لافتة على طريق مطار بيروت الدولي تروج للسياحة في لبنان (أ.ب)
TT

التوترات الإقليمية تقوِّض آمال لبنان بموسم سياحي واعد

لافتة على طريق مطار بيروت الدولي تروج للسياحة في لبنان (أ.ب)
لافتة على طريق مطار بيروت الدولي تروج للسياحة في لبنان (أ.ب)

​رغم المشهد الذي بدا للوهلة الأولى واعداً في مطار رفيق الحريري الدولي؛ حيث تكدّست الطائرات القادمة من مختلف الوجهات، فإن الواقع السياحي في لبنان خلال صيف 2025 لم يرقَ إلى مستوى التوقعات.

وبين مؤشرات الإشغال المرتفعة على متن رحلات «طيران الشرق الأوسط» من جهة، وشكوى أصحاب الفنادق من تراجع ملحوظ في نسب الحجوزات من جهة أخرى، بدا الموسم منقسماً بين أرقام متفائلة وصورة ميدانية أكثر تعقيداً.

إشغال جوي تخطى الـ95 في المائة

وأكد أحد القيمين في الدائرة التجارية بشركة «طيران الشرق الأوسط» (الناقلة الجوية اللبنانية) أن الحركة الجوية نحو لبنان شهدت نشاطاً ملحوظاً خلال الصيف؛ حيث تخطّت نسب الإشغال على بعض الخطوط 95 في المائة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ذروة الموسم، حسب الحجوزات، بدأت في النصف الثاني من يوليو (تموز) 2025، وتستمر حتى مطلع أغسطس (آب) المقبل، وشهدنا إقبالاً لافتاً على الرحلات القادمة من أوروبا؛ خصوصاً من المدن الكبرى، بنسبة إشغال راوحت بين 90 و95 في المائة، رغم الأوضاع الأمنية في المنطقة».

طائرة تُقلع من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت (أرشيفية - أ.ب)

كما أشار إلى أن الرحلات القادمة من مصر سجّلت نسب إشغال تجاوزت 92 في المائة، في حين تراوحت النسب من الأردن والعراق بين 88 و93 في المائة. أما من الخليج العربي، فسُجّلت نسب إشغال فاقت 90 في المائة من السعودية والإمارات والكويت والبحرين.

ورأى أن هذه النتائج التشغيلية «فاقت التوقعات مقارنة بصيف العام الماضي»، مشدداً على أن أداء الشركة بقي مرتفعاً رغم التحديات السياسية والأمنية.

هوّة بين الجوّ والأرض

وبينما تشير حركة الطيران إلى موسم مزدهر من حيث عدد الرحلات والوافدين، يكشف الواقع الفندقي والاقتصادي هشاشة القطاع السياحي في لبنان، الذي يتأرجح بين الآمال والخسائر، ويواجه ضغوطاً متزايدة في ظل أزمات متراكمة إقليمية ومحلية. وإذا كان صيف 2025 قد حمل بعض المؤشرات الإيجابية، فإن التحديات البنيوية والأمنية لا تزال تشكّل عقبة حقيقية أمام استعادة القطاع عافيته. فالصورة المتفائلة من الجوّ، لم تجد ما يوازيها على الأرض.

وعليه، عدَّ رئيس نقابة أصحاب الفنادق في لبنان، بيار الأشقر، أن صيف 2025 جاء دون التوقعات. وقال لـ«الشرق الأوسط»: إنّ «نسبة الإشغال في الفنادق تراجعت بنسبة 30 في المائة عن التوقعات التي كانت تتراوح بين 80 و85 في المائة. الفارق كبير بين الأرقام الرسمية المعلنة، والواقع الفعلي في السوق».

جانب من عرض فني في قلعة بعلبك الأثرية شرق لبنان مساء الجمعة (أ.ف.ب)

وأشار الأشقر إلى أن الحرب الإيرانية- الإسرائيلية انعكست مباشرة على حركة الوافدين من السياح غير اللبنانيين، قائلاً: «مع بداية التصعيد في المنطقة، توقّفت الهبّة الأولى من الحجوزات، ولم نشهد تحسّناً إلا في أواخر يوليو، ولكنه لم يبلغ مستوى التعافي الكامل».

وتحدث الأشقر عن ضعف السياحة خارج بيروت، موضحاً أن نسبة الإشغال في مناطق مثل جبل لبنان لم تتجاوز 40 في المائة. كما لفت إلى أن «متوسط مدّة الإقامة انخفض إلى أقل من 15 يوماً، بعد أن كان يتخطى الشهر، ما أثّر بشكل مباشر على العائدات».

وأضاف: «الناس ترى الطائرات ممتلئة، ولكن الواقع مختلف تماماً. هناك تراجع في الإنفاق، وفي عدد الزوار الفعليين، وهذا ما ينعكس سلباً على القطاع برمّته».

المغتربون لا يكفون

ومع أن حركة الوصول إلى المطار مرتفعة، فإن القسم الأكبر من هؤلاء هم من المغتربين اللبنانيين الذين يمضون الصيف مع عائلاتهم. ويقول محمد بزي -وهو صاحب أحد الفنادق في لبنان- إن الموسم السياحي لم يلبِّ التوقعات. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نسبة الإشغال في فندقي لم تتجاوز 67 في المائة، رغم التقديرات التي كانت تشير إلى إمكانية بلوغ 90 أو حتى 100 في المائة في بعض الفترات. المؤشرات كانت واعدة، ولكن الحرب الإيرانية– الإسرائيلية والوضع الداخلي غير المستقر قلب المعادلة».

وشدّد بزي على أن الاعتماد الكبير بات على السياحة الداخلية والمغتربين الذين يشكّلون 50 إلى 60 في المائة من الحجوزات. وقال: «رغم هذه الحركة، فإن قدرتهم الشرائية محدودة مقارنة بالسائح الأجنبي أو الخليجي. كما أن التكاليف التشغيلية المرتفعة، وخصوصاً فيما يتعلق بالطاقة، تجعل هامش الربح ضعيفاً جداً».

وأشار إلى أن بعض الفنادق كانت قد وصلت إلى إشغال تام قبل اندلاع التصعيد الإقليمي، ولكن الأوضاع الأمنية دفعت كثيراً من السيّاح إلى تغيير وجهتهم. وختم قائلاً: «نحتاج إلى خطة وطنية واضحة لتحفيز السياحة. لا يمكننا البناء فقط على حركة الطيران أو على المغتربين. المطلوب بيئة مستقرة وخريطة طريق فعلية».

جان عبود: فقدنا السائح الخليجي

بدوره، رأى رئيس نقابة أصحاب مكاتب السياحة والسفر في لبنان، جان عبود، أن اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل أثّر سلباً على مزاج السيّاح، وأحدث تردداً واسعاً، ما انعكس مباشرة على الحركة؛ خصوصاً لجهة السياح الخليجيين الذين «كنا نعوّل عليهم بشكل كبير».

وأوضح عبود -في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»- أن «الوافدين من دول الخليج، كانوا قد بدأوا التوافد إلى لبنان منذ شهر مايو (أيار)، وشهدنا نسبة ملحوظة من الزوار الخليجيين خلال تلك الفترة، ولكن اندلاع الحرب قطع هذا المسار وأدى إلى خسارة مؤكدة لهذه السوق التي تُعد الأكثر أهمية فيما يتعلق بمردود السياحة الاقتصادية».

ورغم هذا التراجع، أشار عبود إلى أن «حركة المطار لا تزال نشطة جداً، مع تسجيل نحو 105 رحلات يومياً، ووصول ما بين 17 و18 ألف وافد في اليوم، ولكن السواد الأعظم منهم هم من اللبنانيين المقيمين في الخارج، أو المغتربين العائدين لقضاء الصيف في بلدهم، الذين لا يحدثون إنفاقاً كبيراً كما يفعل السائح غير اللبناني، ما يُحدث فرقاً في العائدات الاقتصادية».


مقالات ذات صلة

استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

المشرق العربي أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

في وقت يستكمل فيه الجيش اللبناني عملية تسلُّم السلاح من المخيمات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية، تُطرح الأسئلة حول مصير سلاح حركة «حماس» في لبنان

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يعودون إلى الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 نوفمبر 2024 إثر دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (أرشيفية - إ.ب.أ)

تجمّع سكني لـ«حزب الله» في شرق لبنان يطرح تساؤلات أمنية وسياسية

تقدمت النائبة غادة أيوب بسؤال إلى الحكومة «حول قيام (حزب الله) بإنشاء هذا المجمع خارج أي إجراء رسمي واضح» في وقت لا تزال فيه المعلومات بشأنه ساكنيه غير واضحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مستقبلاً رئيس الحكومة نواف سلام (رئاسة البرلمان)

تحييد لبنان وحصرية السلاح يتصدران الحراك السياسي نهاية العام

تشهد الساعات الأخيرة من عام 2025 حراكاً سياسياً يتمحور بشكل أساسي حول تحييد لبنان جولة جديدة من الحرب واستكمال خطة حصرية السلاح.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الضابط المتقاعد من «الأمن العام اللبناني» أحمد شكر الذي خُطف من شرق لبنان (أرشيف العائلة - الشرق الأوسط)

أدلة جديدة تعزز فرضية خطف «الموساد» الضابط اللبناني المتقاعد أحمد شكر

يوماً بعد يوم، تتعزز الأدلة المستقاة من التحقيقات الأمنية والقضائية التي ترجّح خطف جهاز «الموساد» الإسرائيلي النقيب اللبناني المتقاعد أحمد شكر.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي (أرشيفية)

وزير خارجية لبنان يدعو نظيره الإيراني إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات

دعا وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي، في رسالة لنظيره الإيراني عباس عراقجي، اليوم الثلاثاء، إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مسؤولان يمنيان لـ«الشرق الأوسط»: قرارات العليمي لحماية سيادة الدولة

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
TT

مسؤولان يمنيان لـ«الشرق الأوسط»: قرارات العليمي لحماية سيادة الدولة

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)

أكَّد مسؤولانِ يمنيان أنَّ القرارات الأخيرة الصادرة عن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، تمثل تحولاً سياسياً مفصلياً يهدف إلى حماية المركز القانوني للدولة ومنع تفكّكها، في لحظة إقليمية وأمنية بالغة الحساسية.

وقالَ بدر باسلمة، مستشار رئيس المجلس، إنَّ اليمن يشهد محاولة جادة لـ«هندسة عكسية» تعيد للدولة زمام المبادرة بدعم إقليمي، وفي مقدمته الموقف السعودي.

من جهته، شدّد متعب بازياد، نائب مدير مكتب رئيس الوزراء اليمني على أنَّ القرارات استندت إلى صلاحيات دستورية لمواجهة أخطار داهمة تهدّد وحدة البلاد، محذراً من تكرار نماذج استخدام السّلاح خارج إطار الدولة.

وأكّد بازياد أنَّ دعم السعودية يأتي في سياق حماية الاستقرار، وخفض التصعيد، وصون الأمن يمنياً وإقليمياً، بما يتَّسق مع مخرجات الحوار الوطني ومسار السلام.


استكمال رئاسة برلمان العراق

أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
TT

استكمال رئاسة برلمان العراق

أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)

أنهى البرلمان العراقي سريعاً أزمة سياسية، أمس، بعد استكمال انتخاب رئيسه ونائبيه، وذلك بالتصويت للنائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني فرهاد الأتروشي، نائباً ثانياً لرئيس البرلمان، بعد جولة ثالثة من التصويت.

جاء الحسم عقب استبدال الحزب الديمقراطي مرشحَه السابق شاخوان عبد الله، الذي أخفق خلال جولتين متتاليتين في نيل الأغلبية المطلقة.

واكتمل عقد رئاسة المجلس، بعد انتخاب هيبت الحلبوسي رئيساً للبرلمان بـ208 أصوات، وفوز عدنان فيحان بمنصب النائب الأول بـ177 صوتاً.

وعقب إعلان النتائج، تسلَّمتِ الرئاسة الجديدة مهامَّها رسمياً، وأعلن الحلبوسي فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، إيذاناً ببدء الاستحقاقات الدستورية التالية التي تنتهي بمنح الثقة لرئيس الحكومة الذي من المقرر أن يختاره تحالف الإطار التنسيقي الشيعي، الذي أعلن نفسه، رسمياً، الكتلة الكبرى في البرلمان.


الجيش الإسرائيلي يعلن قتل رجل حاول دهس جنود في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن قتل رجل حاول دهس جنود في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، أنه قتل رجلاً حاول دهس مجموعة من الجنود بسيارته في شمال الضفة الغربية المحتلة.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قال الجيش، في بيان: «ورد بلاغ عن إرهابي حاول دهس جنود من الجيش الإسرائيلي كانوا ينفّذون نشاطاً في منطقة عينابوس»، مضيفاً أنه «ردّاً على ذلك، أطلق الجنود النار على الإرهابي وتم تحييده».

ولم يقدّم البيان تفاصيل إضافية عن الحادث الذي وقع بعد أيام من إقدام مهاجم فلسطيني على قتل رجل وامرأة إسرائيليين دهساً وطعناً، قبل أن يُقتل، في الضفة الغربية المحتلة.

وعقب ذلك الحادث، الذي وقع الجمعة، نفّذ الجيش عملية استمرت يومين في بلدة قباطية، التي ينحدر منها المنفّذ، واعتقل عدداً من سكانها، بينهم والده وإخوته.

وارتفعت وتيرة العنف في الضفة الغربية المحتلة بعد اندلاع الحرب في قطاع غزة إثر الهجوم الذي شنّته «حماس» على جنوب الدولة العبرية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ومذاك، قُتل ما لا يقل عن 1028 فلسطينياً، بينهم مسلحون، على أيدي جنود أو مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، وفق أرقام وزارة الصحة الفلسطينية.

ومنذ بداية الحرب في غزة، قُتل ما لا يقل عن 44 شخصاً، بينهم أجنبيان، في هجمات نفّذها فلسطينيون أو خلال عمليات عسكرية إسرائيلية، وفق إحصاء لوكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى أرقام رسمية.